أدواء الحبل الشوكي
ادواء حبل شوكي
diseases of the spinal cord - maladies de la moelle épinière
أنس سبح
في أسباب اعتلالات النخاع الشوكي
الحبل الشوكي spinalcord هو جزء من الجملة العصبية المركزية، يمتد من الثقبة العظمى foramen magnum حتى الفقرة القطنية الأولى أو الثانية في الراشدين adults. وعلى ذلك؛ فهو يشغل الثلثين العلويين من العمود الفقاري، في حين يشغل ذيل الفرس cauda equina ثلثه السفلي. والحبل الشوكي هو صلة الوصل بين الدماغ والجملة العصبية المحيطية. ويحتوي الألياف العصبية النازلة المحركة والاستقلالية، والألياف الحسية الصاعدة (الشكل 1).
(الشكل رقم1) رسم توضيحي لمقطع عرضاني للنخاع (= الحبل) الشوكيوالسبل الأكثر أهمية فيه. |
وفي الحبل الشوكي مقر العصبونات المحركة في القرون الأمامية، وعصبونات السلسلتين الودية والشوكية المهادية في القرون الخلفية. وعلى ذلك تسبب أذية واحدة أو أكثر من تلك العناصر مظاهر سريرية تحت مستوى الآفة النخاعية، تتجلى بأعراض وعلامات تشمل جانبي الجسم، مع سلامة الأزواج القحفية، يطلق عليها مصطلح فضفاض هو "اعتلال النخاع" myelopathy.
وفيما يلي عرض للجوانب السريرية لاعتلالات النخاع المختلفة.
أولاً- مقاربة مريض بأذية نخاعية:
-1 المظاهر السريرية الموجهة لإصابة نخاعية، وهي ثلاثة:
أ- وجود مستوى حسي sensory level في الصدر أو البطن، واضح الحدود، يفصل بين جزأين من الجسم: جزء ينقص الحس تحته، وأخر سليم فوقه. ووجود مستوى حسي هو المظهر السريري الأكثر أهمية يستدل منه على وجود أذية نخاعية. وقد يشاهد افتراق حسي sensory dissociation في توزع قِطعي segmental distribution في الصدر أو البطن في متلازمة الحبل الشوكي المركزية central cord syndrome، كما سيرد.
من المستويات التشريحية الواصمة في الجذع التي يستدل منها على القطعة النخاعية المؤوفة: الحلمتان (ظ4)، والسرة (ظ10). كما تؤدي أذية في مستوى ظ9 وظ10 إلى شلل العضلات البطنية السفلية، مع سلامة العلوية منها؛ مما يؤدي إلى حركة السرة نحو الأعلى عند تقبض الجدار البطني (عند السعال؛ على سبيل المثال).
ب- ضعف قاصٍ تشنجي متناظر لأذية السبيلين القشريين الشوكيين (السبيلين الهرميين). وقد يصف العليل إصابته بـ "التيبس" stiffness.
ج- كثيراً ما تؤدي أذيات الحبل الشوكي إلى خلل عمل المصرتين، قد تكون باكرة أحياناً، أو متأخرة أحياناً أخرى.
-2 نمط البدء والتطور:
تُعدّ أذيات الحبل الشوكي الحادة حالات إسعافية بالغة الأهمية. فقد يكون اضطراب الوظائف العصبية عكوساً في الفترة الحادة جداً (أي في الـ 24 ساعة الأولى من الإصابة)؛ ليصبح عكوساً جزئياً أو لاعكوساً بعد مرور تلك المدة الزمنية. ولذلك تقسم أدواء الحبل الشوكي إلى ثلاثة نماذج سريرية بحسب نمط البدء والتطور:
أ- الأذيات النخاعية الحادة، تحدث في دقائق إلى ساعات، شأن ما يصادف في أذية النخاع التالية لكسر فقرة وتشظي sequestration قطعة منها إلى داخل القناة الفقارية في الآفات الرضية، أو انهدامها تلقائياً بوجود نقائل ورمية metastases فقارية أو في تخلخل العظام osteoporosis أحياناً. وقد يرافق الكسر الرضي المنشأ حدوث انفتاق قرصي، أو ورم دموي، أو خلع جزئي فقاري لتأذي الأربطة الفقارية. وقد تصادف الأذيات النخاعية في التهاب النخاع وفي العلل الوعائية النخاعية؛ أيضاً. كما تشاهد بوجود خراج داخل القناة الفقارية أحياناً، أو لورم دموي تلقائي خارج الأم الجافية نادراً. وقد يطرأ تدهور مفاجئ في سياق انضغاط نخاعي تحت الحاد أو المزمن، كما يشاهد في الخراج أو الورم النقيلي.
ب- أما الأذيات النخاعية تحت الحادة؛ فهي التي تتزايد شدتها لمدة أيام أو أسابيع. وتنجم عن ورم نقيلي خارج النخاع، أو خراج، أو ورم دموي فوق الجافية، أو فتق قرصي رقبي غالباً أو ظهري نادراً. كما قد يشاهد في اعتلال النخاع الرقبي cervical myelopathy لتضيق القناة الشوكية الرقبية، وفي التنكس المشترك تحت الحاد بعوز الڤيتامين B12.
ج- الأذيات النخاعية المزمنة: وهي التي تتفاقم خلال أشهر إلى سنوات. ولها أسباب كثيرة كما سيرد. ومن الآفات الضاغطة المهمة في الكهول والشيوخ؛ التنكس الفقاري. إذ قد تتشكل نوابت عظمية osteophytes ضمن القناة الشوكية الرقبية تنقص قطر القناة الشوكية، وتعوق حركة النخاع؛ ولاسيما بوجود تضيق خلقي أو مكتسب (كضخامة الرباط الأصفر أو بوجود فتق قرصي) يفاقم التضيق. وتكمن أهمية الحالة في أنها قد تؤدي إلى شلل في الأطراف غير قابل للتحسن ما لم تعالج جراحياً في مرحلة باكرة من سير الداء.
تشاهد الأذيات المزمنة في سوء التشكل الشرياني الوريدي، وفي الأورام خارج النخاع بطيئة النمو أيضاً.
ويبدو مما تقدم أن العلل الضاغطة - ولاسيما الحادة البدء منها - هي من أهم أسباب الأذيات النخاعية؛ لأنها تتطلب التشخيص السريع والمعالجة لتحسين الإنذار. وتجدر الإشارة إلى ما يلي في انضغاط النخاع:
> ينجم عن آفات من خارج النخاع extramedullary lesions أو من داخله intramedullary lesions. والأولى منها هي الأكثر شيوعاً. وقد يكون الانضغاط حاد البدء، أو تحت الحاد، أو مزمناً.
> قد يسبب الخلع الجزئي الفهقي المحوري والتشوهات القحفية الرقبية أذية نخاعية حادة أو تحت حادة أو مزمنة.
> قد تتأذى الجذور الشوكية بالعلل التي تضغط الحبل الشوكي، ومنها الألم الوربي أو الألم في توزع القطاع الجلدي في الأطراف.
> كما قد تتأذى الشرايين الدقيقة المغذية للحبل الشوكي؛ مما يفضي إلى احتشاء نخاع مرافق يعقد الأذية المسببة، ويجعلها لاعكوسة.
- 3تعرّف نموذج المتلازمة السريرية:
يؤدي نمط التوزع التشريحي للآفة ضمن النخاع الشوكي إلى نماذج مختلفة من المشاهد السريرية، المعروفة بالمتلازمات النخاعية. فيستدل منها على القطعة النخاعية المؤوفة والسبل الصاعدة والنازلة المتأذية، كما سيرد لاحقاً.
-4 ما يجب تحريه في السيرة المرضية والفحص السريري الموجهين:
على الطبيب أن يتحقق من الأمور المبينة في الجدول (1).
| ||
(الجدول رقم1) ما يجب على الطبيب التحقق منه في مقاربة مريض مصاب بأذية نخاعية |
ثانياً- متلازمات الحبل الشوكي:
تتجلى أذية الحبل الشوكي بإحدى المتلازمات التالية:
-1 متلازمة الحبل الشوكي الإجمالية :total cord syndrome
يتأثر المشهد السريري لقطع الحبل الشوكي بعدة أمور: مستوى الأذية؛ ومقدار اكتمالها (جزئية هي أم كاملة؟)؛ وصفاتها الزمنية. كما هو مبين فيما يلي:
القطع الكامل: يؤدي قطع الحبل الشوكي الكامل في القسم العلوي الرقبي إلى ما يلي:
> قصور تنفسي، فعضل الحجاب الحاجز يتعصب من مستوى القطعة النخاعية الرقبية الرابعة.
> شلل رباعي.
> بطلان المنعكسات في الأطراف.
> بطلان الحس تحت مستوى القطاع الجلدي للقطعة النخاعية المؤوفة.
> متلازمة هرنر (إطراق ptosis جزئي، وتقبض البؤبؤ miosis، وزوال التعرق anhidrosis).
> صدمة دورانية، عصبية المنشأ neurogenic shock: وتشاهد هذه في أذية النخاع الشوكي في أي مستوى أعلى من القطعة النخاعية الظهرية الخامسة. فتتجلى بهبوط الضغط، مع بطء نسبي في النبض (لسلامة التعصيب اللاودي (نظير الودي) بوساطة العصب المبهم)، وتنخفض حرارة الجسم لتعذر تنظيم الحرارة.
> زوال مقوية tone المثانة والمستقيم في المرحلة الحادة) لأذية السبيلين الهرميين.
> تطبل البطن لاحتباس البول والغائط ولحدوث الشلل المعوي وتأخر إفراغ المعدة.
يطلق على هذه المجموعة من المظاهر الحادة مصطلح الصدمة الشوكية spinal shock؛ لزوال التأثير المنظم لعمل العصبونات في الحبل الشوكي. وبعد ذلك تأتي المرحلة تحت الحادة باستعادة تلك العصبونات بعضاً من نشاطها الذاتي.
أما إصابة القسم السفلي للحبل الشوكي الرقبي؛ فتؤدي إلى مظاهر مماثلة؛ لكن مع سلامة عضل التنفس. في حين تسبب الأذية في الجزء العلوي من الحبل الشوكي الظهري (فوق القطعة النخاعية ظ 5) شللاً نصفياً سفلياً paraplegia (لا شللاً رباعياً)، مع الأعراض الاستقلالية autonomic؛ ولكن دون متلازمة هرنر. في حين لا يُشاهد في آفات الناحية الظهرية السفلية من الحبل الشوكي الاضطراب الدوراني (لسلامة الألياف الودية) مع شلل المصرتين.
أما في المرحلة تحت الحادة؛ فتزول الرخاوة flaccidity المشاهدة في المرحلة الحادة (وهي مرحلة الصدمة الشوكية)؛ لاسترجاع العصبونات الشوكية نشاطها الذاتي intrinsic activity بمدة ثلاثة أسابيع من الأذية. فتزداد المقوية، ويحدث التشنج spasticity، مع حدوث المنعكسين الأخمصيين بالانبساط الصريح. وقد تتأخر هذه المرحلة بوجود تعقيدات طبية، كحدوث خمج بولي أو رئوي، أو قروح الإضجاع، على سبيل المثال. ويبقى الشلل الرباعي وبطلان الحس تحت مستوى الأذية. كما يزول نقص الضغط الشرياني، مع بقاء هبوط الضغط الوضعي postural hypotension. وتؤدي كل إصابات النخاع الشوكي فوق مستوى القِطع القطنية العجزية إلى احتباس البول أول الأمر كما سبق ذكره، ثم يصبح عمل المثانة تلقائياً: إذ تفرغ جزءاً مما تحتويه تلقائياً؛ فتعرف بالمثانة التشنجية spastic bladder أو المثانة التلقائية automatic bladder. في حين تبقى المثانة رخوة بالإصابة المباشرة للقِطع القطنية العجزية التي يقع فيها مركز منعكس التبول. فيحتبس البول في المثانة، وقد يتقاطر. وهذا هو أسر البول الفيضي retention overflow = dribbling incontinence.
إضافة إلى ما تقدم؛ قد يصادف في المرحلتين تحت الحادة والمزمنة فرط المنعكسات الاستقلالية autonomic hyperreflexia أيضاً. وتتصف هذه بحدوث انفراغات شديدة في العصبونات الودية؛ ومنها فرط إفراز الكتيكولامينات catecholamines من الكظر. تثار هذه الانفراغات انعكاسياً بامتلاء المثانة أو المستقيم أو بتنبيه المستقيم بالحقن الشرجية. كما قد تثار بتقلص الرحم في أثناء ولادة المريضة المشلولة، وبالتنبيه الجلدي المؤلم أو بالمنبهات الباردة. فيرتفع الضغط الشرياني ليتجاوز 300 مم زئبقية؛ مما قد يفضي إلى تخليط ذهني، وبطء قلب انعكاسي، ونزف دماغي فالوفاة.
تعالج حالات رضوض الحبل الشوكي دوائياً أو جراحياً؛ بحسب السبب. وفي الرضوض النخاعية توصي معظم الهيئات الطبية بالعلاج بالستيروئيدات الوريدية في ثماني الساعات الأولى من رضح الحبل الشوكي؛ فيعطى methylprednisolone بمقدار 30 ملغ/كغ بمدة 15 دقيقة؛ جرعة بدئية. وبعد 45 دقيقة من الانتهاء من إعطاء الجرعة الأولى؛ يتابع العلاج بالعقار تسريباً بالوريد بجرعة 5.4 ملغ/كغ/سا، مدة 23 ساعة. ثم يوقف. ويعادل هذا أكثر من 10غ تقريباً من methylprednisolone خلال 24 ساعة؛ لشخص وزنه 70 كغ.
- 2متلازمة الحبل الشوكي الأمامية anterior cord syndrome:
تنجم عن احتشاء الشريان الشوكي الأمامي anterior spinal artery، ومنه حدوث شلل نصفي سفلي تحت مستوى الآفة (في أسفل الحبل الظهري غالباً)، مع بطلان حسي الألم والحرارة، وسلامة أحاسيس كل من اللمس، والاهتزاز والأوضاع (لسلامة العمودين الخلفيين اللذين يرتويان من الشريانين الشوكيين الخلفيين (posterior spinal arteries. وتسبب هذه المتلازمة: الرضوض، وأم الدم الأبهرية المسلخة، وتصوير الشريان الأبهري aortography، والتهاب الشرايين العَقِد polyarteritis nodosa، ونقص الارتواء بنقص الضغط، وداء المعقدات المناعية immune complex disease.
-3 متلازمة الحبل الشوكي المركزيةcentral cord syndrome (=متلازمة المادة البيضاء الصوارية الأمامية المركزية (central white matter commissural syndrome:
تتصالب الألياف الناقلة لحسي الألم والحرارة - أمام القناة المركزية للحبل الشوكي - في المادة البيضاء الصوارية الأمامية. ويؤدي تأذي هذه الألياف إلى بطلان قِطَعي متناظر غالباً لحسي الألم والحرارة، مع سلامة الأحاسيس الأخرى، كحس اللمس (الذي يصعد نصف الألياف العصبية الناقلة له في العمود الخلفي دون أن تتصالب هناك؛ في حين يصعد النصف الآخر في السبيل الشوكي المهادي الأمامي بعد تصالبها؛ شأنها شأن الألياف الناقلة لحسي الألم والحرارة). فيسلم بذلك حس اللمس بأذيات المادة البيضاء الصوارية الأمامية نظراً لوجود سبيل آخر لنقل حس اللمس (أحدهما يتصالب في الحبل الشوكي، والآخر لا يتصالب هناك). ويسلم معه حس الاهتزاز والأوضاع الذي يصعد في العمود الخلفي أيضاً. يعرف هذا النموذج من اضطراب الحس بالتفارق (التباين) الحسي sensory dissociation. ويستدل منه على وجود علة داخل النخاع، أمام القناة المركزية. يصادف هذا النموذج من الاضطراب في تجوف النخاع (تكهف) syringomyelia على سبيل المثال. ويُشبَّه توزعه السريري بآفات القِطـَع النخاعية الرقبية C4-C6 ما يستره دثار الكتفين (أو "الشال أو الكاب " or cape shawl، وهو رداء من دون كُمّيـن يطرح على الكتفين)؛ فيشمل الناحية الأمامية للعنق، والكتفين، والعضدين. ولا تتأذى الألياف الصاعدة من ناحية السرج؛ لأنها تكون قد تصالبت في مستوى أدنى من الحبل الشوكي قبل صعودها في السبيل الشوكي المهادي الخلفي. وإذا امتد الجوف syrinx نحو الأمام والجانبين، شمل القرنين الأماميين أيضاً؛ ومنهما الضعف والضمور العضلي والتقلصات الحزمية fasciculation وبطلان المنعكسات في الطرفين العلويين. وبامتداده إلى أحد الجانبين، تتأذى الألياف الودية النازلة من الوطاء hypothalamus، ومنها حدوث متلازمة هرنر Horner. لاحظ أن الضعف العضلي في تجوف النخاع هو في الطرفين العلويين، ولا يتأذى الطرفان السفليان إلا في المراحل المتقدمة من امتداد العلة في النخاع. يبدأ الداء في الحبل الشوكي الرقبي غالباً، ثم يمتد إلى النخاع الظهري والبصلة.
من أسباب تجوف النخاع: العيوب التطورية developmental defects، والتهاب العنكبوتية arachnoiditis، وجراحة سابقة على العمود الفقاري. وقد يرافق تجوف النخاع النموذج الأول من تشوه أرنلد- كياري Arnold-Chiari I malformation.
أما أسباب متلازمة الحبل الشوكي المركزية؛ فتشمل تجوف النخاع، واستسقاء (مَوْه) النخاع الشوكي hydromyelia وتلو الرضوض. ومن أسبابه أيضاً: النزف النخاعي، والأورام ضمن النخاع، وورم بطانة القناة المركزية للحبل الشوكي.
-4 متلازمة العمود الخلفي (للحبل الشوكي) المنعزلة :isolated posterior cord syndrome
لا يصاب العمودان الخلفيان وحدهما إلا نادراً. وتنجم هذه الحالة إما عن جرح نافذ في الظهر؛ وإما عن فرط بسط يكسر القوسين الفقاريتين الخلفيتين. وتؤدي إلى بطلان حسي الاهتزاز والأوضاع، مع سلامة حسي الألم والحرارة.
-5 متلازمة جانب الحبل الشوكي lateral cord syndrome (=متلازمة براون - سيكوار Brown-Séquard syndrome = قطع شقّ الحبل الشوكي (cord hemisection:
يتأذى فيها العمود الخلفي والسبيل الشوكي المهادي والسبيل القشري الشوكي؛ ومنها:
> شواش الحس مع بطلان حسي الاهتزاز والأوضاع (الحس العميق) وخزل تحت مستوى الآفة، في الجانب الموافق من الجسم؛ (وقد يسلم العمود الخلفي أحياناً، فلا يفقد الحس العميق).
> بطلان حس الألم والحرارة تحت مستوى الآفة في قطعة نخاعية أو قطعتين، في الجانب المقابل من الجسم.
> سلامة حس اللمس في الجانبين.
> ولا يتأثر عمل المصرتين؛ نظراً لإصابة الألياف الاستقلالية النازلة في جانب واحد فقط.
تصادف هذه الحالات في اعتلالات النخاع؛ الحادة منها acute myelopathies، كما هي الحالة في احتشاء النخاع على سبيل المثال، والمزمنة، شأن الحال في الأورام داخل النخاع أو خارج النخاع داخل السحايا.
-6 متلازمات حركية صرفة:pure motor syndromes قد يتأذى:
> السبيلان القشري الشوكي، ومنهما ظهور متلازمة العصبون المحرك العلوي في الجانبين، أي: الخزل التشنجي في الطرفين السفليين أو العلويين أو جميعها مع اشتداد المنعكسات الوترية وحدوث المنعكسين الأخمصيين بالانبساط.
> العصبونات المحركة السفلية في القرون الأمامية في الجانبين، ومنها متلازمة العصبون السفلي؛ أي: خزل رخو مع زوال المنعكسات وظهور التقلصات الحزمية وضمور العضل.
> خليط من المتلازمتين.
تشاهد المتلازمة الحركية الصرفة في اعتلالات النخاع الشوكي المزمنة غالباً؛ باستثناء الخمج بڤيروس التهاب سنجابية النخاع الأمامية anterior poliomyelitis الحاد.
تصادف الحالات المزمنة في:
> العدوى بالڤيروس HTLV-1 (النموذج 1 من الڤيروس الأليف للمفاويات البشرية التائية human T-cell lymphotropic virus type).
> الشلل النصفي السفلي التشنجي الوراثي hereditary spastic paraplegia.
> التصلب الجانبي الأولي primary lateral sclerosis.
> اعتلال النخاع الرقبي cervical myelopathy.
> التصلب الجانبي الضموري amyotrophic lateral sclerosis.
> الضمور العضلي المطّرد progressive muscular atrophy.
> متلازمة تلو التهاب سنجابية النخاع post-polio syndrome.
> اعتلال النخاع بالصدمة الكهربائية electric shock induced myelopathy.
-7 متلازمتا المخروط النخاعي conus medullaris وذيل الفرس :cauda equina
ينتهي الحبل الشوكي في مستوى الفقرة ق1/ ق2. وتؤدي أذية في نهاية الحبل الشوكي إلى متلازمة النخاع المخروطي. في حين تؤدي أذية دونها إلى متلازمة ذيل الفرس. ويتشابه المشهد السريري في هاتين المتلازمتين. ففي كل منهما يصاب الطرفان السفليان بضعف عضلي غير متناظر غالباً، يشمل العضل الإليّ gluteal muscles، مع شلل المصرتين ونقص الحس في توزع القطاعات الجلدية العجزية: أي في ناحية السرج، ويمتد في الوجه الخلفي لكل من الطرفين السفليين. في الجدول (2) أوجه الاختلاف بين هاتين المتلازمتين المتشابهتين.
| ||||||||||||
الجدول رقم(2) أوجه الاختلاف بين متلازمتي ذيل الفرس والمخروط النخاعي |
من أسباب هاتين المتلازمتين: الرضوض، والأورام، وفتق النواة اللبية المركزي والتشوهات الخلقية ونقص التروية النخاعية. وتُعدّ متلازمة ذيل الفرس حالة جراحية عصبية إسعافية، تتطلب تدخلاً سريعاً لتحسين الإنذار السيئ.
-8 متلازمات اعتلال الجذور :radiculopathy syndromes
يصاب الجذر الحسي غالباً، مع الجذر الحركي أو من دونه. ويصادف في علل الحبل الشوكي؛ ولاسيما ما كان منها خارج المحور العصبي داخل القناة الشوكية. يتظاهر اعتلال الجذر الخلفي بالألم وشواش الحس في القطاع الجلدي dermatomal distribution للجذر الحسي المؤوف. ويزداد هذا الألم بالوسائط التي يزداد فيها ضغط السائل الشوكي (كالسعال والعطاس ومناورة ڤالسالڤا Valsalva manoeuvre).أما أذية الجذر الأمامي؛ فتؤدي إلى شلل رخو في توزع القطاع العضلي myotomal distribution.
ثالثاً- في أسباب اعتلالات النخاع الشوكي:
تسبب أدواء كثيرة اعتلالات نخاعية، تشمل ما يلي:
-1 الشذوذات التطورية :developmental anomalies
وتشمل هذه تشوهات العمود الفقاري الخلقية congenital vertebral abnormalities المختلفة. وترافقها أمارات (سمات) جسدية stigmata)، ف = (stigma غالباً. فتبدو هذه جلية كنقرة dimple أو كلُمّة شعر hair tuft أو ورم شحمي في جلد الظهر الذي يغطي الفقرة المؤوفة؛ على الخط المتوسط.
ومن العلل التطورية ما يتأخر تظاهره حتى مرحلة ما بعد الطفولة، كتجوف النخاع على سبيل المثال. ويتصف هذا بالتباين الحسي كما سبق ذكره. ويستدل من القطاعات الجلدية المؤوفة على موقع التجويف ضمن الحبل الشوكي. ومن العلل التطورية التي قد يتأخر تظاهرها السريري: الحبل الشوكي (النخاعي) المشدودtethered spinal cord وبعض الأدواء الوراثية أيضاً.
-2 الأدواء النخاعية الوراثية:
وهي أدواء جينية الإمراض، قد يتظاهر بعضها في مراحل باكرة من العمر، أو قد تتأخر. وتؤدي إلى تنكس منظومة واحدة أو أكثر systems degeneration. ويستدل من المشهد السريري على نمط التوزع التشريحي الانتقائي للآفة. فعلى سبيل المثال:
أ- في رَنَح فريدرايخ Friedreich s ataxia (التنكس الشوكي المخيخي spinocerebellar degeneration) يتأذى السبيل الشوكي المهادي خاصة، وتصحب الأذية السريرية باعتلال ضخامي لعضلة القلب hypertrophic cardiomyopathy؛ ومظاهر أخرى.
ب- ضمور العضل شوكي المنشأ spinal muscular atrophy، فتصاب العصبونات المحركة في القرون الأمامية انتقائياً، كما في داء وردنغ - هوفمان Werdnig- Hoffman الذي يصيب الرضع، وداء Kugelberg-Welanderالذي يصيب الأطفال والمراهقين، وأدواء أخرى ترد في بحوث أخرى.
ج- الشلل النصفي السفلي التشنجي أو الأسري hereditary spastic paraplegia (HSP) = familial spastic paraparesis (FSP): وهي مجموعة من الأدواء الجينية تؤدي إلى تنكس الأجزاء القاصية من السبيل الهرمي خاصة. وتختلف فيما بينها بنمط الوراثة، والعمر حين البدء (قبل عمر 35 عاماً أو بعده)، والمشهد السريري والإنذار. فقد يكون داءً صرفاً pure form، أو أنه يتخذ شكلاً معقداً complicated form بوجود مظاهر عصبية أخرى، كأذية العصب البصري، والصرع واعتلال أعصاب محيطية وسواها، على سبيل المثال.
-3 الرضوض:
تنجم عن الرضوض التي تؤدي إلى فرط ثني العمود الفقاري أو إلى فرط بسطه، وانضغاط الحبل الشوكي بشظايا عظمية من فقرة مكسورة؛ أو بفتق قرصي حاد أو بنزف خارج الجافية أو بخلع فقاري. وقد تنجم عن طعن stab أو أذية مباشرة بطلق ناري قد يؤدي إلى تشظي العظم ضمن القناة الفقارية. وقد تؤدي الجروح النافذة إلى تمزق السحايا (ومنه التهاب السحايا الحاد) أو إلى ورم دموي في القناة أيضاً.
-4 المرامي النارية :projectile wounds
عندما تمر رصاصة ذات سرعة عالية (مطلقة من بندقية حربية) في الجسم؛ فإنها قد تسبب نموذجين من الأذية: إحداهما مباشرة، والأخرى لا مباشرة. تنجم الأذية المباشرة عن مرور القذيفة عبر الحبل الشوكي أو القناة الفقارية أو كليهما مسببة أذية مباشرة للحبل الشوكي أو الجذور أو كليها (تكدم contusion، أو تهتك(laceration ، مع تهتك الأم الجافية غالباً. ويُكشف عن هذا النموذج من الأذية بالتصوير بالرنين المغنطيسي (MRI). أما الأذية العصبية اللا مباشرة؛ فتنجم إما عن وجود شظايا عظمية ضمن القناة الفقارية وإما عن موجات صادمة shock waves تنبعث من الرصاصة فائقة السرعة، فتؤذي النسج (بما فيها النسيج العصبي) من دون المرور عبر القناة الشوكية، ومن دون أن تسبب تغيرات مرئية في صور الحبل الشوكي بالرنين المغنطيسي؛ إذ يطلق هذا النموذج من الرصاصات ما تحمله من طاقة حركية kinetic energy في النسج؛ لتحدث فيه جوفاً مؤقتاً يصل قطره الأعظمي 30 مثل قطر القذيفة. ومن ثم يصدر عن "جدران الجوف" أصداء ارتدادية reverberations تستمر مدة 5-10 ميلي ثانية. وتسري هذه الاهتزازات في النسج المجاورة (بما فيها من أوعية دموية وأعصاب) وصولاً إلى نسج أبعد؛ محدثة أذية بليغة في مساحة واسعة تمتد إلى ما وراء مسار القذيفة.
-5 الاضطرابات الوعائية :vascular disorders
تروية الحبل الشوكي هي الأكثر تعقيداً في الجسم (الشكلان 2 و 3). ولا بد من معرفة بعض من جوانبها لفهم مغبة اضطراباتها. إذ يرتوي بسلسلة معقدة من الشُّرينات، تشمل الشريان الشوكي الأماميanterior spinal artery والشريانين الشوكيين الخلفيينposterior spinal arteries. ويصل بين الشرينات الطولانية الثلاثة ضفيرة من الأوعية الدقيقة تقع في الأم الحنونpia mater، تحيط بالحبل الشوكي، وتدعى الأوعية الإكليلية vasa corona. وهي تكفي لمعاوضة انسداد الشريانين الخلفيين فقط؛ ولكنها لا تكفي لمعاوضة انسداد الشريان الشوكي الأمامي.
الشكل رقم(2) منشأ الشريان الجذري أو الشوكيspinal artery. |
(الشكل رقم3) مصادر تزود الحبل الشوكي بالدم عبر الشريان الشوكي الأمامي.لاحظ اتجاه جريان الدم في الحبل الشوكي (الأسهم المعقوفة). ولاحظ أيضاً: أ- الحبل الشوكي الرقبي والجزء العلوي من الحبل الظهري (الصدري): ويتزود بالدم عبر الفروع الجذرية للشرايين: الفقاريان، والرقبيان الصاعدان ascending cervical، والفروعالوربية العلوية superior intercostal arteriesوعلى ذلك، فتروية الحبل الرقبي مع القسم العلوي من الحبل الشوكي الظهري هي جيدة ومن مصادر متعددة. ب- البقعة الحدودية الفاصلة watershed area بين تروية قطاعين شريانيينن: العلوي منهما نازل، والسفلي صاعد. فهي ضئيلة الارتواء لبعدها عن منشأيهما، مما يعرضها للأذية بنقص التروية. وتقع في منتصف العمود الظهري في القطع النخاعية (ظ4 - ظ6). ج- القسم السفلي من الحبل الشوكي الظهري: التروية كافية ولكنها من شريان واحد فقط هو شريان آدمكيويكز Adamkiewicz الذي ينشا من الجانب الأيسر على مستوى الفقار ظ9 - ظ11 د- ترتوي الناحية الظهرية القطنية من شريان كبير ينشأ قرب الحجاب الحاجز. أما ذيل الفرس، فيرتوي من الأوعية القطنية السفلية، والحرقفية القطنية iliolumbar، والعجزية السفلية. |
تتغذى ضفيرة الأوعية الإكليلية بشرايين جذرية radicular arteries، أكبرها وأهمها شريان آدمكيويكز Adamkiewicz الذي ينشأ من شريان وربي (بين الضلعين) intercostal artery (انظر الشكلين 2 و3) من الجانب الأيسر من العمود الفقاري غالباً (في 80% من الناس)؛ في مستوى الفقار الظهرية (الصدرية) السفلية (ظ9 - ظ12 في 75% من الناس)، أو بين ظ 5 - ظ8 (في 15%)، أو بين ق1- ق2 (في 10%).
تتفاوت المظاهر السريرية لنقص تروية الحبل الشوكي. فمنها العابر، ومنها متوسط الشدة، ومنها الكارثي. كما أن انسداد شريان في مكان ما قد يؤدي إلى أذية عصبية في بقعة بعيدة في الحبل الشوكي.
> قد يصادف احتشاء في المنطقة الحدودية watershed zone من الحبل الشوكي (أي في القطع النخاعية الظهرية ظ4 - ظ6) عندما تتأذى الشرايين الجذرية (ولا سيما شريان آدمكيويكز)، كما يحدث في الرضوض أو بوجود أم دم مسلخة. أو تلو قثطرة الشريان الأبهري، أو تلقائياً. فيصاب ثلثا النخاع الأماميان، مع سلامة الحبلين الخلفيين.
> لا يسبب انسداد شريان نخاعي خلفي واحد أعراضاً عصبية لوجود تفاغرات شريانية جيدة بينه وبين الأوعية الإكليلية.
> تُعدّ البقعة المركزية للنخاع الشوكي منطقة حدودية قليلة الارتواء، تقع بين مناطق الارتواء من الشريان الشوكي الأمامي والشريانين الشوكيين الخلفيين. وعندما يحدث نقص ارتواء تلو هبوط الضغط الشديد طويل الأمد؛ تتأذى الألياف الشوكية المهادية التي تتصالب أمام القناة المركزية، ومنها متلازمة الحبل الشوكي المركزية، مع إصابة السبيلين الهرميين أو من دون ذلك.
- 6اعتلالات النخاع :myelopathies
وهي أدواء مكتسبة، تقسم إلى ثلاثة نماذج، بحسب نمط الحدوث، ومقر الاعتلال ضمن القناة الشوكية: أي إما في الحبل الشوكي (النخاع) وإما خارجه (الجداول 3 و 4 و 5). وجاء ذكر معظمها في أبحاث أخرى. ولا مجال للتفصيل فيها.
| ||||||||||||||||||||||||||||||
(الجدول رقم3)اعتلالات حادة داخل النخاع الشوكي acute intramedullary myelopathy
| ||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||
(الجدول رقم4) اعتلالات حادة خارج النخاع الشوكي acute extramedullary myelopathy
| ||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||
(الجدول رقم5) اعتلالات النخاع الشوكي تحت الحادة والمزمنة subacute/chronic myelopathy |
- التصنيف : الجهاز العصبي - النوع : الجهاز العصبي - المجلد : المجلد الثاني عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 401 مشاركة :