امراض قلب رضيه
traumatic heart diseases - maladies cardiaques traumatiques



أمراض القلب الرضّية

حسين الكنج

رضوض القلب المغلقة

رضوض القلب النافذة

 

 

تعدُّ أمراض القلب الرضّية (الرضحية) traumatic heart diseases من الأسباب المهمة لوفيات الأطفال والبالغين تحت سن الخامسة والثلاثين، وتحدث الوفاة في الغالب قبل وصول المصابين بالرضوض إلى المستشفى. ويعتمد البقاء على قيد الحياة على طبيعة الإصابة وشدتها، وعلى المدة المنقضية بين وقوع الحادث وإنعاش المصاب، وعلى حالته السريرية حين وصول غرفة الإسعاف.

تبلغ نسبة الوفيات بجروح القلب النافذة نحو 80% من المصابين قبل وصولهم المستشفى. وتتفاوت نسبة من يصلون أحياء بين 15% و50%، وذلك تبعاً لطبيعة الحادث المسبب للإصابة.

وتبلغ نسبة الوفاة بين المصابين برضوض مغلقة سببت تمزقاً في القلب نحو 90% قبل الوصول إلى المستشفى، ويمكن إنقاذ 90% من المصابين برض قلب مغلق إذا وصلوا أحياء إلى المستشفى، وترتفع نسبة الوفاة حينما ترافق رضوضَ القلب إصاباتٌ أخرى.

المبادئ العامة في تدبير رضوض القلب

إن هذه المبادئ هي نفسها المتبعة في تدبير الرضوض بوجه عام وأهمها توفير طرق هوائية حرة من أجل التهوية، وفتح وريد لإعطاء الدم والسوائل، وتطبيق صدمة كهربائية على القلب أو ضربة بقبضة اليد على عظم القص إذا أصيب القلب بالرجفان، والسيطرة على النزف الخارجي، وتفجير الصدر في حال الانصباب الهوائي، ووضع قثطرة وريدية مركزية لقياس الضغط الوريدي.

يجب فتح أيسر الصدر (أمامي جانبي بالورب الخامس) في غرفة الإسعاف لكل مصاب لديه توقف قلب، أو انخفاض شديد في الضغط ويشك في حدوث رض القلب لديه. كما يجب نقل المرضى غير المستقرين من الناحية الهيموديناميكية مع علامات اندحاس (سطام) tamponade أو نزف داخل الصدر إلى غرفة العمليات مباشرة، وبالتخدير الموضعي يمكن إجراء فتحة تحت عويكشة القص وفتح التأمور لإفراغ الدم المسبب للاندحاس ريثما يتم فتح الصدر واستقصاء القلب. أما ذوو الحالة السريرية المستقرة ولديهم جرح نافذ، فينبغي نقلهم إلى غرفة العمليات وإجراء بزل التأمور؛ فإذا كان إيجابياً وجب حينئذ فتح الصدر واستقصاء القلب والمنصف.

ويجب في الرضوض المغلقة إجراء فحص بالصدى للقلب، وفي حال وجود دم في التأمور لابد من اللجوء إلى فتح الصدر. أما إذا اقتصرت الإصابة على تكدُّم العضلة القلبية فمن الواجب مراقبة المريض.

أولاً- رضوض القلب المغلقة

يتعرض القلب للرض بطرق مختلفة تؤدي إلى حدوث التسارع في القلب أو التباطؤ، وإلى الانضغاط وبالتالي ارتفاع الضغط داخل الصدر أو البطن على نحو مفاجئ.

ومن أهم أسباب رضوض القلب المغلقة حوادث الطرقات التي تؤلف النسبة العظمى، والسقوط من أمكنة مرتفعة، والتعرض للانهيارات، وحوادث الرياضة، وإصابات العمل وغيرها.

تسبب رضوض الصدر المغلقة إصابات مختلفة في القلب مثل كدمة العضلة القلبية، وتمزق الصمامات والحجاب بين البطينين، وإصابة الأوعية الإكليلية والتأمور.

المظاهر السريرية وتقييم حالة المريض:

من العسير تشخيص إصابة رض القلب في غرفة الإسعاف عند المريض الذي يصل ولديه رضوض متعددة؛ إذ إن الألم الصدري شائع جداً في رضوض الصدر، ويمكن أن يوجه الطبيب إلى إصابة القلب. ومن الملاحظ أن نحو 50% ممّن يتعرضون لإصابة القلب لا تظهر عندهم بالفحص علامات خارجية. وهناك عدة علامات تزيد الشك في الإصابة القلبية، وخصوصاً بعد حوادث السيارات أو الرض المباشر ومنها:

- وجود آثار لرض خارجي مثل الكدمات والمضض فوق القص والأضلاع، أو مشاهدة كسر في القص أو في الضلع الأول، أو تمزق الحجاب الحاجز.

- علامات انصباب تأمور أو اندحاس يبدو فيها المصاب غير واعٍ أو غير مرتاح (جوع للهواء). وتلاحظ علامات الصدمة مع انخفاض الضغط وتسرع القلب وضعف النبض المحيطي، كما يلاحظ اتساع الأوردة الوداجية في الاندحاس.

- انصباب جنب كبير أو متكرر.

- تغيرات تخطيطية بموجة T، أو نقص ڤولطية أو حصار.

- وجود نفخة حديثة وعلامات قصور قلب تدل على إصابة صمامية.

إذا كانت حالة المصاب مستقرة هيموديناميكياً يجب إجراء صورة صدر لتقدير الإصابات مثل كسور الأضلاع وكدمة الرئة واسترواح الصدر وانصباب الجنب وتمزق الحجاب الحاجز. ولتقييم حالة المريض المستقرة ينبغي إجراء تخطيط كهربائية القلب عدة مرات لتشخيص كدمة القلب، ومعايرة الكرياتينين كيناز، ودراسة القلب بالصدى.

أما إذا كانت الحالة غير مستقرة وأظهر الفحص السريع استرواح الصدر أو انصباب الجنب؛ فيجب الإسراع في وضع مفجر في الصدر. وإذا وجدت علامات الاندحاس يجب تفجير التأمور قبل إجراء صورة الصدر؛ فالصورة لا تفيد هنا إذ من المألوف أن يؤدي تجمع 200 مل من الدم إلى الاندحاس من دون أي مظاهر شعاعية.

التدبير:

من الشائع وفاة المصاب برض مغلق ولديه تمزق في القلب قبل بلوغه المستشفى. ولكن إذا وصل إلى غرفة الإسعاف مصاباً بتوقف قلب أو هبوط ضغط شديد؛ وجب فتح الصدر مباشرةً. وحين وجود علامات انصباب تأمور سريرياً أو بالصدى؛ يجب فتح عويكشة القص في غرفة العمليات بشكل يسمح بإجراء الاستقصاءات الأخرى إن وجدت ضرورة لها. أما إذا شوهدت علامات نقص تروية بسبب إصابة الشرايين الإكليلية؛ فمن الواجب إجراء قثطرة قلبية لتقييم الإصابة وإجراء المجازات اللازمة.

الإصابات القلبية الخاصة

1- كدمة العضلة القلبية:

وجدت كدمة العضلة القلبية في نحو 15% من المتوفين بسبب رضوض الصدر بعد تشريح الجثة، وفي نحو 40% من المصابين برض على جدار الصدر الأمامي، وتأتي في مقدمة الإصابات الحشوية المسببة للوفيات بعد الرضوض، ويجب أن تتبادر هذه الإصابة إلى الذهن والشك فيها حين حدوث أي رض على جدار الصدر الأمامي وفي حوادث الآليات.

تتفاوت شدة الإصابة بين نزوف سطحية خفيفة وبين إصابة كامل الجدار. وعموماً يتماشى المظهر نسيجياً واحتشاء العضلة القلبية عدا زيادة انطلاق الكريات الحمر في الرضوض وحدوث انفتاح في ألياف الخلايا العضلية في مدة الـ 24 ساعة التالية للرض، وهذا ما لا يحدث في الاحتشاء.

المظاهر السريرية: تبدو المظاهر السريرية مضللة بسبب تعدد الإصابات المرافقة. وفي الإصابة الخفيفة يكون المريض عادة غير عرضي، أو يتوجع من ألم صدري خفيف. أما في الإصابات الشديدة فيشتكي المصاب من ألم صدري خناقي، واضطراب نظم، وعلامات قصور قلب، ومتلازمة نقص نتاج القلب. ويجب ألا يغيب هذا التشخيص عن البال في أي مريض لديه رض صدر مع علامات خارجية أو من دونها، علماً أن تأكيد التشخيص عسير لأن الحالة هي تشريحية مرضية.

الاستقصاءات:

- تخطيط كهربائية القلب: تلاحظ تغيرات تخطيطية في نحو 30% من الحالات، وقد تظهر هذه التغيرات في تسرع قلب جيبي، وضربات أذينية أو بطينية هاجرة، وتغيرات في Q وST وT، وتلاحظ هذه التغيرات عادة في مدة 24 ساعة بعد التعرض للرض. كما يحدث ارتفاع الكرياتينين كيناز في تموت العضلة القلبية. ويساعد هذا الارتفاع بعد رض الصدر على تشخيص الكدمة القلبية.

- الصدى: أفضل طريقة لتقييم حركية الجدار؛ إذ يمكنه كشف الإصابات المرافقة كالفتحة بين البطينين، وتمزق الصمامات وأمهات دم البطين الأيسر. وحينما يكون الصدى طبيعياً تستبعد إصابات العضلة القلبية، ويجب تكراره عدة مرات لمراقبة توسع الإصابة أو تراجعها.

- المسح بالنوكليدات المشعة radionuclides: يؤكد هذا الفحص تشخيص نقص حركية الجدار.

- تصوير الشرايين الإكليلية: وهو اختبار مهم لتشخيص سبب نقص التروية القلبية، ولكن فائدته محدودة جداً في تشخيص كدمة القلب.

إن العلامات التشخيصية المهمة هي التغيرات التخطيطية وارتفاع الإنزيمات، والتغيرات الصدوية.

التدبير: يتوجه تدبير الحالة أولاً إلى إبقاء الطرق الهوائية سالكة، ثم الدعم الدوراني. وتعتمد درجة المراقبة على نتائج الاستقصاءات؛ فعندما تشخص كدمة في القلب مع ميل إلى حدوث اللانظميات أو نقص في نتاج القلب؛ يجب وضع المريض تحت المراقبة المشددة (مراقبة تخطيطية قلبية مستمرة ومعايرة الإنزيمات كل 6 ساعات مدة 24 ساعة، ودراسة الصدى حين القبول وبعد 24 ساعة)، ووضع خطة التدبير بناء على النتائج. فإذا كانت الاستقصاءات والفحوص طبيعية في مدة 24 ساعة يمكن إيقاف المراقبة المشددة والاستمرار في مراقبة التخطيط حتى 72 ساعة. أما إذا ظهرت اضطرابات في التخطيط في مدة 24 ساعة؛ فمن الواجب الاستمرار في المراقبة المشددة حتى زوالها. ويمكن إعطاء مضادات اضطراب النظم كالليدوكائين أو غيره، وقد كانت تعطى في السابق وقائياً.

لا يفيد الديجوكسين في تخفيف التسرع الأذيني، بل يفيد في الرجفان الأذيني مع تسرع القلب. ومن المألوف بقاء الجريان في الشرايين الإكليلية طبيعياً في كدمات القلب مالم يكن هناك تمزق في الشريان. ولا تفيد الموسعات الإكليلية في تخفيف الألم الصدري، ولذلك فاستعمالها غير مستطب؛ كما أن المميّعات قد تزيد النزف، ولذا فهي غير مستطبة أيضاً. وفي وجود علامات قصور قلب يجب استعمال المدرّات والديجوكسين ولكن من المهم إعادة تقييم حالة المريض لتشخيص السبب، وخاصة إصابة الصمامات. ويجب تحديد الفعالية الفيزيائية مدة 2-4 أسابيع.

الإنذار جيد للناجين، كما تشفى الكدمة السطحية حتى العميقة المحددة من دون عقابيل. غير أن بعض الحالات تسبب بعد الشفاء أم دم، أو التهاب تأمور، أو ناسوراً شريانياً، في فترة تراوح بين أسابيع وأشهر.

2- تمزق القلب:

تمَّ أول إصلاح لتمزق القلب بنجاح عام 1956، ويعدّ التمزق مسؤولاً عن 5% تقريباً من الوفيات الناجمة عن حوادث الطرقات. إن ما يقرب من 90% من الحالات مميتة بعد الإصابة مباشرة، في حين تبقى نسبة 10% على قيد الحياة فترة تتفاوت بين 30 دقيقة حتى 3 أيام.

وتبدو أذية معظم المصابين الذين يعيشون فترة طويلة في تمزق الأذينة. وينجم التمزق عن إصابة شديدة في جدار الصدر ويرافق غالباً إصابات أخرى غير قلبية. والسبب الأكثر شيوعاً في ذلك هو حوادث الطرقات، ويليه السقوط من أمكنة شاهقة الارتفاع.

يحدث تمزق القلب نتيجة لانضغاط القلب بين القص والعمود الفقري، أو نتيجة لزيادة مفاجئة في الضغط داخل الصدر. وتصيب معظم حالات التمزق البطين الأيمن، يليه البطين الأيسر ثم الأذينة اليمنى فاليسرى. وقد تصاب الصمامات والحجاب بين البطينين، كما يمكن حدوث التمزق في عدة أجواف معاً.

المظاهر السريرية: تعتمد على مكان التمزق في القلب وعلى تمزق التأمور أو بقائه سليماً. يعطي تمزق الصمامات مظاهر قصور قلب ناجم عن قصور الصمامات، ويتظاهر تمزق الحجاب بين البطينين بقصور قلب. أما تمزق الجدار الحر ضمن التأمور السليم فيعطي علامات وأعراض اندحاس (هبوط ضغط مع انتباج الأوردة الوداجية). أما إذا كان التأمور متمزقاً فينصب الدم في الجنب وتظهر بالتالي أعراض الصدمة النزفية.

التشخيص: يجب أن يوضع في الحسبان تشخيص تمزق القلب في حالات رضوض مع أي من الأعراض المذكورة سابقاً. ويجب بزل التأمور أو فتح تحت العويكشة بالتخدير الموضعي سريعاً لكل مصاب تبدو لديه أعراض اندحاس، وذلك لتأكيد تشخيص التمزق لأن الكدمة قد تسبب الاندحاس.

التدبير: إذا وصل المصاب بتوقف قلب إلى المستشفى يجب فتح الصدر مباشرة في قسم الإسعاف لتصحيح إصابات الأذينة، ثم نقله إلى غرفة العمليات لإجراء ما يلزم. يجري تصحيح إصابات البطين بقطب متفرقة، ويوضع الإصبع على التمزق لإيقاف النزف. ومن الضروري تحضير منطقة الفخذ من أجل استعمال دارة القلب الصناعي إذا دعت الحاجة. إن الإصابة التي تؤدي إلى تمزق الأجوف عن الأذينة صعبة الإصلاح ويجب استعمال دارة القلب الصناعي فيها. ويعالج تمزق الصمامات أو الحجاب بين البطينين طبياً أولاً بالمدرات والأدوية الداعمة للقلب، فإذا استقرت حالة المصاب يُلجأ إلى القثطرة القلبية لاحقاً لتشخيص الإصابة. أما في تدهور الحالة فيجب إجراء قثطرة إسعافية، وتشخيص الإصابة، وإعطاء العلاج المناسب.

3- الفتحة بين البطينين الرضّية:

قد تكون الفتحة بين البطينين بعد الرضوض إصابة وحيدة، ولكنها تنجم غالباً عن رضوض شديدة وترافقها إصابات أخرى. يسبب انضغاط القلب بين القص والعمود الفقري تمزق الحجاب حينما يكون البطين ممتلئاً والصمامات مغلقة. وقد توجد بعض الحالات المتأخرة الناتجة من أذية الشرايين الإكليلية. وعندما تكون الفتحة كبيرة تظهر سريعاً أعراض نقص نتاج القلب، وارتفاع الضغط الرئوي مع سماع نفخة انقباضية. أما إذا كانت الفتحة صغيرة فيشتكي المريض من زلة تنفسية خفيفة، ويتطور لديه أحياناً قصور قلب، وتعطي صورة الصدر مظهر وذمة الرئة، ويتم التشخيص بالصدى أو بتصوير البطين.

تتدبر الفتحات الصغيرة دوائياً في البداية لتخفيف الأعراض والسماح للنسج بالتندب جيداً. كما يستطب التداخل الجراحي في الفتحات الصغيرة إذا استمرت أعراض قصور القلب مع تحويلة أكبر من 1:2، ويستمر العلاج الطبي في الفتحات الصغيرة عند غير العرضيين إذا كانت التحويلة لديهم أقل من 1:2. وتعالج الفتحات الكبيرة جراحياً على نحو إسعافي لتخفيف نسبة الوفيات العالية.

4- تمزق الصمامات القلبية الرضّي:

حدوثه نادر جداً؛ إذ شوهد بنسبة تقل عن 5% من المتوفين برضّ صدر مغلق. ويجب الاشتباه في حدوث تمزق الصمامات وتشخيصه في أي مصاب برضّ صدر مغلق ظهرت لديه نفخة حديثة أو شكا أعراض قصور قلب.

يحدث تمزق الصمام الأبهري في السقوط وفي حوادث المركبات على الطرق، أو إثر رض مباشر للصدر. كما قد ينجم تمزق الوريقات أيضاً عن ارتفاع الضغط داخل الصدر. ويتم تأكيد التشخيص بالصدى.

يؤدي تمزق الصمام إلى قصور أبهري يسبب وذمة رئة حادة، وهنا يستطب العلاج الجراحي على نحو إسعافي. أما في التمزق الصغير فالقصور قليل، وقد يكون المصاب غير عرضي أو تتطور لديه علامات قصور قلب تدريجي. ويستطب العلاج الجراحي بتبديل الصمام إذا بدأت وظيفة البطين بالتدهور أو في حال وجود أعراض قصور قلب.

يتمزق الصمام التاجي حينما يرتفع الضغط في البطين في نهاية الانبساط والبطين ممتلئ. ويمكن أن يصيب التمزق العضلات الحليمية أو الأوتار أو الوريقات مسبباً قصوراً في الصمام. ويسبب تطور قصور القلب وتمزق العضلات الحليمية قصوراً حاداً وبالتالي صدمة قلبية، ويعتمد العلاج هنا على الجراحة الإسعافية مع خطورة عالية. ويؤدي تمزق الأوتار إلى قصور بسيط في الصمام التاجي، وبالتالي أعراض قصور قلب خفيفة. ويتم التشخيص بالصدى أو بالقثطرة القلبية. ويستند العلاج إلى تبديل الصمام أو تصنيعه عندما يتوسع البطين أو تتطور الأعراض تدريجياً.

5- إصابة الشرايين الإكليلية الرضّية:

حدوثها نادر جداً في رضوض الصدر المغلقة، وتؤدي إصابة البطانة إلى تشنج الشريان المصاب أو تخثر الدم فيه، وبالتالي حدوث متلازمة نقص تروية قلبية غير مستقر أو احتشاء العضلة القلبية. إن أكثر الشرايين إصابة هو الشريان الأمامي النازل، كما يؤدي تمزق الشرايين الإكليلية إلى اندحاس القلب. وإذا كان الشريان المصاب صغيراً أمكن ربطه؛ أما إذا كان كبيراً فيجب إجراء مجازات إكليلية بعد تأكيد التشخيص بالقثطرة القلبية.

6- تمزق التأمور الرضّي:

يدل تمزق التأمور على أن الإصابة شديدة، وحينما ترافقه إصابة قلبية ينصبّ الدم في الجنب؛ الأمر الذي يخفف الاندحاس، وبالتالي يساعد على وصول المصاب إلى المستشفى حياً.

يمكن أن يسبب تمزق التأمور انفتاق القلب. ويؤدي الانفتاق لليسار إلى هبوط الضغط وتسرع القلب. أما الانفتاق لليمين فيؤدي إلى انتباج الأوردة الوداجية وزرقة النصف العلوي للجسم مع هبوط ضغط. ويعتمد العلاج حين حدوث الانفتاق على الجراحة الإسعافية لتصحيح الإصابة. وينجم عن تمزق التأمور الحجابي حدوث اتصال بين جوفي الصدر والبطن، وبالتالي انفتاق الأحشاء البطنية للصدر الذي قد يسبب اختناق الأمعاء أو ضغطاً على القلب.

يتم التشخيص بصورة الصدر التي تظهر أحشاء ملأى بالهواء ضمن جوف الصدر ويؤكد التشخيص باللقمة الباريتية. أما العلاج فيعتمد على المداخلة الجراحية لمنع حدوث الانفتاق وبالتالي اختناق الأمعاء.

ينتج التهاب التأمور بعد الرض من تفاعل التهابي للدم الموجود يتظاهر بترفع حروري مع ألم صدري وسعال وزلة وتعب وآلام عضلية ومفصلية. ويعالج التهاب التأمور الرضّي باستعمال مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية.

والتهاب التأمور العاصر نادر الحدوث بعد تجمع الدم في التأمور، ويحدث عادة نتيجة انخماج السائل الموجود في التأمور. يشكو المريض زلة وتعباً مع توسع أوردة الرقبة ووذمات محيطية. ويستطب العلاج الجراحي باستئصال التأمور عندما يشتكي المريض أعراضاً شديدة.

ثانياً- رضوض القلب النافذة

تعدُّ رضوض القلب النافذة من الأسباب المهمة للوفيات في المدن، وتقدَّر نسبة الوفيات قبل الوصول إلى المستشفى بـ 70-80%. وهي تسبب طيفاً واسعاً من الإصابات التشريحية مثل: تمزق الشرايين الإكليلية، وتمزق العضلة القلبية، وفتحة بين البطينين أو الأذينتين، وقصور الصمامات، واضطرابات النقل، ونواسير بين الأبهر والشرايين الإكليلية، ونواسير بين البطينات والشرايين الأكليلية.

إن أكثر أجزاء القلب إصابة هو البطين الأيمن (35%) والبطين الأيسر (25%)، تليهما الأذينة اليمنى ثم اليسرى. وتشاهد إصابة عدة أجزاء في ثلث الحالات، وقلّما تحدث إصابة الأذينات وحدها. وقد ترافق الإصابات في 50% من الحالات تقريباً إصاباتٌ في البطن.

المظاهر السريرية:

يجب أن يوضع احتمال إصابة القلب لدى أي مصاب بجرح نافذ في الرقبة أو الصدر أو أعلى البطن. وتعتمد الأعراض على شدة النزف وفيما إذا سبب اندحاس القلب أو نزفاً داخل الصدر، وعلى نوعية الإصابات المرافقة في القلب أو مجاوراته.

ويجب أن تتبادر إلى الذهن إصابة القلب إذا كان لدى المريض هبوط ضغط لا يتحسن بإعطاء السوائل، وخاصة إذا رافقه انتباجُ أوردة الرقبة (اندحاس). وقد يصل المصاب إلى المستشفى فاقد الوعي وبنبض غير مجسوس، وضغط لا يقاس، أو يكون مصاباً بهياج مع زلة تنفسية. وإذا رافق الإصابةَ تمزق التأمور حدث لدى المصاب هبوط ضغط مع خفوت الأصوات التنفسية. وتظهر صورة الصدر انصباب جنب من دون انتباج أوردة الرقبة.

توقف القلب أو تدهور الحالة السريرية السريع:

إن المريض الذي يصل إلى قسم الإسعاف فاقد الوعي أو في حالة نصف فقد الوعي، وبضغط لا يمكن قياسه، أو في حالة صدمة شديدة؛ يجب أن يُعدَّ مريضاً لديه إصابة قلبية.

إذا لم يستجب المصاب للإنعاش بنقل السوائل والتنبيب وتفجير الصدر، يجب إجراء فتح الصدر بشق أمامي جانبي أيسر في غرفة الإسعاف لإزالة الاندحاس والسيطرة على مكان النزف. وإذا كان القلب متوقفاً فمن الواجب إجراء تمسيد القلب باليد. ومن الممكن تصحيح بعض الحالات في غرفة الإسعاف، وإلا وجب نقل المصاب إلى غرفة العمليات.

المصاب في حالة غير مستقرة:

إذا كانت الحالة السريرية غير مستقرة مع إصابة نافذة جانب القلب، يجب اللجوء إلى إنعاش المصاب بإعطاء السوائل ووضع أنبوب تفجير الصدر إذا كان هناك استرواح صدر أو انصباب جنب. أما في ازدياد تدهور الحالة السريرية - وخاصة في استمرار النزف من أنبوب تفجير الصدر- فيجب نقل المريض إلى غرفة العمليات. وإذا تم تشخيص الاندحاس وجب تفريغ التأمور بشق تحت العويكشة.

المصاب في حالة مستقرة:

يجب هنا إجراء صورة الصدر لتشخيص انصباب الجنب. وفي حال وجود هذا الانصباب يجب تفجير الصدر. وتعتمد الحاجة إلى فتح الصدر على كمية الدم الموجودة في الجنب وعلى استمراريته. أما إذا وجد توسع في المنصف فيتجه الشك إلى إصابة أحد الأوعية. وتبين صورة الصدر أيضاً الأجسام الأجنبية التي لا تزال موجودة ضمن الصدر.

وحين تشخيص انصباب التأمور يمكن الاستقصاء بشق تحت العويكشة ضمن غرفة العمليات.

الطلقات المستقرة:

قد تستقر الطلقة ضمن المنصف أو في أحد أجواف القلب حرة، أو تكون ضمن جدار القلب أو ضمن التأمور، ويمكنها أن تسبب التهاب شغاف أو لانظميات. ويحتمل في الطلقة المستقرة ضمن الأجواف اليمنى أن تنطلق إلى الرئة مسببة صِمَّة رئوية أو خُراج رئة. أما الطلقة التي تستقر في الأجواف اليسرى فقد تنطلق مسببة صِمَّات جهازية. وإضافة إلى ذلك، يعاني المصاب بطلقة مستقرة ضمن القلب قلقاً شديداً.يجب البحث عن الطلقة المستقرة في الصدر أو القلب حين فتح الصدر لتصحيح الإصابات. أما إذا لم يتم تصوير الصدر قبل الجراحة الإسعافية فمن المألوف أن تبقى الطلقة في مكانها. وينطبق هذا أيضاً على الطلقات الصغيرة التي لا يمكن مشاهدتها في أثناء الجراحة، وخاصة إذا كانت ضمن العضلة القلبية أو ضمن أحد الأجواف. ويتم التداخل الجراحي إذا سببت الطلقة أعراضاً عند المصاب، أو إذا كانت ضمن أحد أجواف القلب لمنع حدوث المضاعفات.

 

- التصنيف : قلبية - النوع : قلبية - المجلد : المجلد الثالث - رقم الصفحة ضمن المجلد : 264 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1