الخليج العربي في العصور الإسلامية والكلاسيكية
خليج عربي في عصور اسلاميه وكلاسيكيه
-
الخليج العربي
الخليج العربي في العصور الكلاسيكية
الخليج العربي في العصر الإسلامي
الخليج العربي في العصور الكلاسيكية:
أراد الإسكندر المقدوني السيطرة على شبه جزيرة العرب؛ لأنها مصدر التّمر واللبان والبَخور والقرفة والطيب والتوابل وغيرها من المواد التي كانت تتاجر بها موانئ الخليج الصالحة لرسو أسطوله. وقد أشار أريانوس Arrianus إلى أن الإسكندر أمضى آخر أيامه وهو يجهّز جيشه وأسطوله، ويُعدّ الخطط للسيطرة على شبه جزيرة العرب، فقام بإرسال عدة حملات لاكتشاف الخليج وتعرف سواحله ومراسيه، وعادات السكان وتقاليدهم؛ منها الحملة التي قادها هيرون Hieron، ووصل فيها إلى مكان يدعى ماكيتا Maketa، وهو موضع رأس مسندم في ساحل عُمان الشمالي؛ ومنها رحلة أرخياس Archias التي وصلت إلى تيلوس Tylos (البحرين حالياً)؛ ورحلة أندروسثينس Androsthenes الذي دار حول شبه جزيرة العرب ووصل إلى هيروبوليس في مصر Heropolis (السويس حالياً)؛ ثم رحلة القائد نياركوس Nearchus سنة 325ق.م بمرافقة ٤٧ سفينة وكان معه المؤرخ أونيسيكريتوس Onesicritus؛ قاد الأسطول بسلامة من مصب نهر السند حتى مصب نهري دجلة والفرات في الخليج. تذكر المراجع أن الإسكندر أسس ٣٤ مدينة من بينها «خاراكس Charax» (في الأهواز عند مصب نهر دجلة) وأسماها الإسكندرية؛ التي أعاد أنطيوخوس[ر] الرابع تعميرها سنة ١٦٥ق.م بعد أن هدمها فيضان النهر.
اهتم السلوقيون [ر] حكام سورية بتوطيد نفوذهم على الطريق التي تصل بين اليونان وبين أنطاكية والخليج عن طريق شمال سورية والفرات؛ وذلك لمنافسة الطريق الدولية الأخرى عبر البحر الأحمر وصولاً إلى اليمن التي كان يسيطر عليها خصومهم البطالمة [ر] حكام مصر، كما أقاموا بعض المستوطنات في منطقة الخليج وكان قد بدأ بها الإسكندر؛ أهمها جزيرة فيلكا (إيكاروس Ikaros)؛ علاوة على تسعة موانئ (لم يعثر على أي منها بعد)؛ ومنها ميناء أنطاكية في موقع بوشير، فيما نشطت المراكز التجارية على شاطئ الخليج وخصوصاً جرها (ربما كانت الجرعاء في الأحساء) التي ذكرها سترابون Strabon، وكانت مركز تجارة الطِّيب والبخور. كان سكان الخليج يعتمدون في حياتهم على الصيد؛ والارتزاق من البحر؛ واستخراج اللولؤ والمرجان، وقد عُرف كثير منهم ولاسيما العُمانيون بأسطولهم الكبير في النشاط التجاري العالمي بين كلّ من الشرق والغرب.
اهتم الرومان بالخليج العربي ولكن اهتمامهم تركّز نحو طريق البحر الأحمر بعد أن ساءت علاقتهم بالفرس الذين كانوا يسيطرون على بلاد الرافدين، فصار الخليج بحراً شرقياً سادته العرب والفرس، وازدهرت تجارتهم مع الهند والصين، وكانت مواد الاتّجار هي المنتوجات الزراعية والتمور والحلي والمجوهرات والتوابل والأفاويه والرقيق. أسهم التجار التدمريون في النشاط التجاري بين الدولة الرومانية وبين الشرق، وقد عرفت جالية تدمرية تعمل في التجارة في ميسان (عاصمتها كرخة) الخليجية التي زارها الامبراطور تراجان (١١٧-١٩٨م)، ورأى سفينته ذاهبة إلى الهند، فتأسف لكبر سنه الذي منعه من السفر إلى تلك الرُّبوع.
خلال العصر البيزنطي تراجع الاهتمام بمنطقة الخليج، وأخذ دور العرب يظهر أكثر في كيان امبراطوريتين عظيمتين متخاصمتين؛ هما: الساسانية الفارسية والرومية البيزنطية. شجّع الساسانيون [ر] الملاحة في الخليج، وأسسوا عدة موانئ نهرية، كما سعوا إلى اقتناء المراكب؛ وإنشاء أسطول خاص بهم. وفي القرن ٦م عادت الحركة الملاحية لتزدهر أكثر، وكان أحدَ أسبابها الحركةُ التبشيرية التي كان يقوم بها الكهنة الفرس، ووصلت إلى جزيرة سيلان، فكان الفرس هم الوسطاء في تجارة الحرير بين الصين والغرب، ولكن مع نهاية القرن ٦م تراجع هذا الدور مع تجدد الصراع بين الفرس وبين الروم.
الواقع أن منطقة الخليج كانت شرياناً لانتقال المراكب التجارية والأساطيل الحربية، وميداناً لتبادل المنافع، ومسرحاً لغارات الجيوش والقراصنة في آن واحد. روى المؤرخ الأنطاكي اللاتيني أميانوس ماركلينوس Ammianus Marcellinus (325 - 391م) أن الخليج العربي كان يعج بالملاحة، وأن السفن البحرية كانت تختم رحلاتها في تيريدون عند مصب الفرات. وذكر أن العرب المجاورين كانت لهم عدة موانئ محمية ومراسٍ، وأنهم قادرون على استغلال ثروات البر والبحر معاً.
الخليج العربي في العصر الإسلامي:
مع ظهور الإسلام وانضواء القبائل تحت لوائه استطاع الرسول الكريم ^ أن يؤسس الدولة العربية الإسلامية الفتية في شبه جزيرة العرب، ومن ضمنها بلاد الخليج، ومركزها المدينة المنورة، وأن يضع القواعد الأساسية لتنظيمها، فتوطدت دعائم مجتمع إسلامي جديد.
خضع الخليج مثل شبه الجزيرة العربية للدول الإسلامية المتتابعة؛ الراشدية فالأموية ثم العباسية. وقد عاشت منطقة الخليج أواخر العصر الراشدي؛ ثم العصر الأموي حركة اضطرابات وثورات مناهضة للأمويين، مما دفعها إلى اتخاذ إجراءات رادعة، فأتبعت أقاليم الخليج لواليي العراق أو البصرة، وبدأ الخليج عصراً جديداً، وازدهرت التجارة البحرية عبر خليج عُمان وبحر العرب، ووصل التجار المسلمون إلى الهند وسائر مناطق الشرق الأقصى؛ حاملين معهم بضائعهم وثقافتهم ودينهم.
استمر استخدام طرق التجارة التي كانت تمر عبر كلّ من الخليج العربي والبحر الأحمر حتى سنة ١٠٠هـ/٧١٨م؛ إذ تم الاعتماد على الطريق البحري المار بالخليج العربي شمالاً عبر الفرات، وذلك بعد أن قام الامبراطور جستنيانوس [ر] Justinianus الثاني (685-295م) و(705 - 711 م) بنقض الصلح مع الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان سنة 74هـ/693م، وقيام حلفائه من بعده باتخاذ إجراءات اقتصادية غايتها توجيه طرق التجارة والبضائع المستوردة لمصلحة الامبراطورية البيزنطية، بعد قيام عبد الملك بصك الدنانير الذهبية المعربة؛ وإزالة الرموز المسيحية من أوراق البردي؛ وتعريبه الدواوين، وقد أدى ذلك إلى تنشيط الطريق الملاحي الذي يمر بالخليج العربي وازدهار الموانئ على سواحله.
أثّر انتقال مركز الحكم إلى بغداد في العصر العباسي إيجاباً في النشاط التجاري عبر الخليج. وقد ساعد الانتعاش الاقتصادي والتجاري في الخليج على ظهور كثير من المدن والمراكز التجارية على سواحله، وأصبحت لها شهرة واسعة، مثل: البصرة والبحرين والقطيف؛ وعُمان ومدنها: صحار ومسقط وقلهات وسيراف وقيس وهرمز. ويذكر الإصطخري في «المسالك والممالك» «أن صحار في عُمان كانت أكثر المدن عمارة ومالاً»؛ ويصفها ياقوت الحموي في «معجم البلدان» أنها «دهليز الصين، وخزانة الشرق والعراق، ومغوثة اليمن». أما البصرة فنظراً إلى موقعها شمال الخليج فقد كانت تصلها تجارة الولايات العربية الإسلامية، ثم تقوم بتوزيعها على سائر المناطق. ومن المراكز التجارية المهمة خلال هذا العصر: داران في البحرين، والقطيف شرقي الجزيرة، وكان أهم ما يجلب إليهما من الهند الياقوت والمسك والكافور والعنبر والتوابل والحديد (الذي تُصنع منه سيوف اليمن)؛ وكذلك السيوف الهندية، والرماح وخشب الساج وخشب النارجيل (جوز الهند)، وكانوا يصدرون إلى الهند الفاكهة كالتفاح والكمثرى والسفرجل؛ والتمور والزيت واللوز والزيتون؛ والأقمشة القطنية والحريرية؛ والخيول العربية.
تحوّل الازدهار التجاري في الخليج العربي إلى نوع من الركود إثر الغزو الأجنبي للشرق ابتداء من الغزو المغولي في القرن ٧هـ/ ١٣م؛ مروراً بالغزو التيموري وغيره، وهو ما أدى إلى اضطراب حركة التجارة عبر الخليج، وظل الأمر كذلك حتى وصول البرتغاليين إلى الخليج الذين حاولوا القضاء على نشاط العرب وموانئهم.
مع تباشير العصر الحديث وعصر الاكتشافات الجغرافية نهاية القرن ٩هـ /١٥م ومطلع القرن ١٠هـ/١٦م، واكتشاف فاسكو دي غاما طريق رأس الرجاء الصالح، ثم طريق الهند بمساعدة الملاح والجغرافي ابن ماجد، ووصول السفن البرتغالية وعلى متنها المغامرون والتجار؛ تعاقبت على الخليج العديد من القوى الطامعة التي تصارعت للسيطرة عليه؛ على الرغم من وقوف سكان الخليج بشجاعة في وجه المطامع الأجنبية.
خَلَفَ ألفونسو ألبوكرك البحّار دي غاما في إمارة الأسطول البرتغالي، وقام إثر وصوله بكثير من الأعمال الوحشية في الخليج، وحوّل المنطقة الواقعة بين رأس المد ورأس مسندم إلى حطام، فأغرق السفن بتجارها، وأحرق كثيراً من المدن والموانئ العربية، ومثّل بأهلها ومنها مسقط وصحار وخورفكان، ثم احتل عدداً من الموانئ وجعل من هرمز قاعدة الاستعمار البرتغالي في الخليج؛ والذي استمر بلا منازع طوال القرن ١٠هـ/١٦م. أنشأ البرتغاليون خلاله على جانبيه عدّةَ قلاع حصينة لحماية أملاكهم وسيادتهم على البحر؛ منها قلعة قرين التي تقابل ميناء الشويخ في الكويت، كما بنوا مركزاً لهم في البصرة، وهيمنوا هيمنة تامة على الطريق التجارية الممتدة من جزر إندونيسيا والهند حتى أوربا. ولم تفلح محاولات المماليك، ومن بعدهم العثمانيون - الذين كانوا قد استولوا على بغداد سنة ٩٤١هـ/ ١٥٣٤م- في الحد من النفوذ البرتغالي على الرغم من محاصرة أسطولهم جزيرة هرمز، لكن النفوذ البرتغالي بدأ يتلاشى نهاية القرن ١٠هـ/١٦م مع بروز منافسين جدد؛ هم الهولنديون والإنكليز والفرنسيون، في حين ظل العثمانيون مستقرين في مناطق البصرة والكويت والأحساء على ساحل الخليج حتى أواخر الحرب العالمية الأولى.
بدأ صراع إنكليزي هولندي فرنسي للسيادة على الخليج على الرغم من ظهور بعض الأسر العربية القوية التي حكمت بدءاً من سنة ١١٩٨هـ/ ١٧٨٣م؛ ولاسيما في البحرين وقطر والكويت. وقد دخلت بريطانيا إلى الخليج بقوة مع نهاية القرن ١٢هـ /١٨م؛ وأوائل القرن ١٣هـ /١٩م، وعقدت معاهدة صداقة مع سلطان مسقط ١٢١٢هـ/١٧٩٧م؛ أبعدت من خلالها العُمانيين عن الفرنسيين الذين كانوا قد وقعوا اتفاقية مع السلطان سنة ١٢٠٠هـ/١٧٨٥م؛ جعلت من مسقط مركزاً للأسطول الفرنسي. كما وقعت الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية مع سلطنة مسقط سنة ١٢٤٩هـ/١٨٣٣م، وحاول الألمان مع الروس توفير محطات تموين لأساطيلهم في الخليج نهاية القرن ١٣هـ/١٩م، وهذا ما دفع فرنسا وبريطانيا للاتفاق ومواجهة هذا التهديد.
استفادت بريطانيا خلال القرن ١٣هـ/١٩م من الانقسامات المذهبية في الخليج، وأسهمت في تشجيعها، فوقّعت معاهدات صداقة وحماية مع عشائره أدت إلى تفرّدها بالسلطة؛ وبعد ذلك مع آل خليفة في البحرين؛ ثم مع آل ثاني في قطر أوائل القرن ١٤هـ/٢٠م. وعندما كان الإنكليز يخفقون في بسط نفوذهم سلماً كانوا يلجؤون إلى استخدام القوة، كما فعلوا عندما حطم أسطولهم قلاع القواسم على ساحل عُمان الشمالي (الشاطئ المهادن)، وهو الآن شاطئ الإمارات العربية المتحدة ولا سيما دبي سنة ١٢٢٥هـ/١٨١٠م. مع بداية القرن ٢٠م أصبح النفوذ البريطاني الاقتصادي والسياسي والعسكري هو الأكثر أهمية في الخليج، وقد ركزت بريطانيا جهودها منذ اكتشاف النفط في ثلاثينيات القرن ٢٠م على إيجاد أنظمة حكم سياسية على امتداد السواحل العُمانية الشمالية ولاسيما في «أبو ظبي» وقطر، فقامت باقتراح إيجاد تسع إمارات هي: البحرين وقطر وأبو ظبي ودبي والشارقة وأم القيوين وعجمان ورأس الخيمة والفجيرة؛ بغية المحافظة على المصالح النفطية البريطانية بعد انسحابها من المنطقة سنة ١٩٧١م؛ ولاسيما أن نواة ثورة كامنة بدأت تظهر في إمارة عُمان الداخلية ذات الاستقلال الداخلي، فقامت بريطانيا باحتلال عاصمتها نزوى والقسم التابع لها من البريمي.
تدل الاكتشافات الأثرية على قيام كثير من المراكز العمرانية والحضارية المزدهرة على امتداد سواحل الخليج وجزره؛ من فيلكا شمالاً مروراً بجزر البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان جنوباً، وكذلك في المناطق الشرقية من السعودية في مناطق الأحساء والقطيف وواجهة البريمي وجبال حفيت.
لفتت مئات آلاف المدافن من نوع التلال Tumuli - إضافة إلى آثار الخليج الأخرى- أنظار الرحّالة وضباط القوات الأوربية العاملة في المنطقة، فَجَرت العديد من المحاولات لتعرف تلك المدافن وطبيعتها ومقتنياتها، بيد أن الدراسات المنهجية العلمية كانت قد بدأتها بعثة دنماركية مطلع خمسينيات القرن 20م في البحرين، وشدّت نتائجها انتباه الباحثين والمؤسسات العلمية العالمية، فبدأت ترد بعثات تنقيب إنكليزية وأمريكية وفرنسية. كما عملت بعثات عربية - بدعم من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم- في مدافن سار في البحرين، وشارك علماء آثار سوريون وأردنيون وعراقيون وتونسيون ومغاربة في أعمال التنقيب في البحرين والإمارات.
1 - المواقع الأثرية في البصرة - شط العرب
حينما نزل القائد خالد بن الوليد موقع البصرة في العصر الراشدي في عهد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب ؛ بعث الصحابي المثنى بن حارثة في أثر المجوس في مطاردة عنيفة، فانتصر عليهم واستولى على الحصون الفارسية الباقية، كما وضع خالد حاميات على شط العرب تحقيقاً للأمن والاستقرار. ثم بُدئ بإنشاء مدينة البصرة بتوجيه من الخليفة الفاروق، على الضفة الغربية من شط العرب؛ وذلك في سنة 14هـ/ 635م على يد عتبة بن غزوان، لتكون مشتى للجيش الاسلامي في تلك الثغور. من أهم مبانيها الأثرية: جامع البصرة؛ وهو أول جامع بُني في العراق، وسوق المربد، ودار الإمارة، وأضرحة للصحابة والتابعين، ومساجد متعددة أخرى؛ كمسجد الزبير بن العوام وغيره.
أحياء البصرة القديمة |
دخلت البصرة تحت حكم الخلافة الأموية وولاتها؛ كالحجاج سنة 75 هـ/ 694م؛ ويزيد بن المهلب سنة 101هـ/719م، ثم دخلت تحت حكم الخلافة العباسية، ودُعيت البصرة بـ «قبة الإسلام» فقد كانت مساجدها ومدارسها تعجّ بالعلماء والأدباء، وقد زادوا في عمارتها وشادوا فيها الصروح والمقاصير والمساجد والأبنية الجميلة. تراجعت البصرة عن دورها العلمي والثقافي تحت سيطرة المغول، ولكنها بقيت ميناءً تجارياً رئيسياً، ثم أصبحت في العصر العثماني عاصمة لولاية البصرة، وشُيّدت فيها العمائر؛ ومن أهمها جامع المقام سنة 1168هـ/1754م في عهد السلطان عثمان خان الثالث.
مسجد الزبير بن العوام - البصرة | جامع المقام - البصرة |
2 - المواقع الأثرية في الكويت
تعد فيلكا أهم المواقع الأثرية الكويتية حيث أظهرت أعمال التنقيب أن تاريخ السكن فيها يعود إلى الألف الثالث ثم إلى الألفين الثاني والأول ق.م، بيد أن أهميتها ازدادت خلال العصر الهلنستي؛ إذ عُرفت باسم إيكاروس، وكانت مدينة محاطة بسور دفاعي مدعّم بأبراج مربعة عند كل زاوية، وفيها مبانٍ سكنية وساحات مكشوفة ومعبدان؛ أحدهما مخصص لربة المدينة أرتميس الذي ربما شيده أنطيوخوس الأول (توفي سنة٢٦١ ق.م)؛ وقد عُثر فيه على كثير من اللَّقَى، منها قوالب من الآجُر لصنع تماثيل للإسكندر، ولربة النصر «تيكه»، وربة الرماية والصيد والخصوبة «أرتميس»، علاوة على نقود يحمل بعضها اسم الإسكندر وصورته؛ صُكّت في عهد سلوقس نيكاتور ٣١١-٢٨١ق.م وعهد خلفائه. وهناك نقشان كتابيان: الأول مقدم من مواطن أثيني اسمه تيلوس والجنود إلى زيوس؛ وإلى بوسيدون وأرتميس، والثاني مؤلف من ٤٤ سطراً كتب سنة ٢٣٩ق.م؛ ويفيد أن الملك بعث برسالة إلى أهل إيكاروس بخصوص عزمهم إقامة معبد في تلك الجزيرة وتعيين كُهّان لها؛ وتبين موافقة الملك والأجور والنفقات وحقوق الحكومة في الواردات وكيفية الجباية، وهذا الأمر يدل على وجود حامية يونانية في الجزيرة.
بوابة سور الكويت |
من المواقع المهمة في الكويت جزيرة عكاز التي كان فيها سبعة تلال أثرية لم يبقَ منها إلا تل واحد، وقد أثبتت التحريات الأثرية أن الجزيرة سُكنت منذ نحو ١٥٠٠ق.م مروراً بالعصور الكلاسيكية والساسانية والإسلامية. وقد أجرت بعثات كويتية وأردنية وفرنسية أعمال تنقيب في التل المتبقي بدءاً من سنة ١٩٧٨م حتى ١٩٩٩م؛ كشفت عن أبنية سكنية تحتوي على مخازن، وأسوار تحصينية، وبقايا كنيسة من العصر العباسي، وبعض اللقى، ومنها أعداد كبيرة من الجرار البيضوية الشكل؛ وجرار التخزين؛ والأنوال الطينية؛ وقطع نقدية ترجع إلى الخليفة أبي جعفر المنصور صُكّت سنة ١٥٧هـ/٧٧٣م.
كشك الشيخ مبارك - الكويت |
جُعل للكويت في العصور الإسلامية سور يحيط بها، ولكنه هدم مؤخراً، وبقيت بواباته الخمس معالم تذكارية، كما أُنشئ حصن الكوت بالقرب من ساحلها في القرن ١١هـ/١٧م. وما زالت البيوت التي أنشئت في بداية القرن ١٣هـ/١٩م شاهدة على نسيجها العمراني الأثري؛ مثل بيت جاسم؛ وبيت البدر الذي أنشئ في سنة ١٢٣٥هـ/١٨٣٧م. كذلك أنشئت دور الحكم وقصور حاكمها في نهاية القرن ١٣هـ /١٩م، ومنها: كشك الشيخ مبارك المؤلف من طابقين؛ والذي كان مقراً لحكمه منذ ١٣١٤هـ /١٨٩٦م، والقصر الأحمر الذي بُني في السنة نفسها، وقصر مشرف؛ وهو قصر التنزه من سنة ١٣١٨هـ/١٩٠٠م؛ وقصر السيف الذي بُني في سنة ١٣٢٢هـ/١٩٠٤م ليكون مقراً للحكم، وقصر دسمان وهو منزول آل الصباح من السنة نفسها أيضاً.
٣- المواقع الأثرية في شرقي السعودية
تعد مدينة ثاج من أهم المواقع الأثرية التي تعود إلى العصر الهلنستي، وهي تبعد عن ساحل الخليج نحو ١٥٠كم غرب الظهران، وتقع على الطريق التجاري الهفوف- البصرة، وقد أظهرت التنقيبات أنها مدينة مسورّة ومحصّنة. تبلغُ أبعاد الموقع الأثري ٩٩٠×٨٢٥م، وسمك الطبقات الأثرية فيها ٦م، تحتوي على بقايا معمارية وسكنية وقبور وأوانٍ فخارية، مصدر بعضها أتيكا في اليونان، وهناك أوانٍ مزججة ومصقولة؛ إضافة إلى دمى طينية آدمية وحيوانية، وهي تشابه مثيلاتها في أنطاكية وصالحية الفرات (دورا أوروبوس) وسور وفيلكا وقلعة البحرين وتاروت، ويعود تاريخها إلى الفترة الواقعة بين القرن ٣ق.م والقرن ١م. كما عُثر في ثاج والقطيف وعين جاوان ورأس تنورة على مجموعة نقوش (الأحسائية) كتبت بالكتابات العربية الجنوبية تعود إلى القرنين ٥ و٦م؛ كذلك هناك نقشان آراميان؛ ونقوش كتبت باليونانية؛ ومن أهمها النقش التذكاري الفريد الذي جاء من القطيف. كما أظهرت التنقيبات وجود مدافن وحلي ونقود ولقى مختلفة وبقايا معمارية جنوبي مطار الظهران؛ والمنطقة الممتدة بين مدينتي الظهران والدمام. في تاروت والهفوف وعين دار ومنجم الملح وجبل كنزان عُثر فيها على أوانٍ فخارية من نوع صحون السمك المصقولة، وكذلك مسلة دفن صغيرة مزخرفة بوردة تعود كلها إلى العصر الهلنستي. كما عثر على مجموعة من الفخاريات التي تعود إلى ما قبيل العصر الإسلامي (العصر الروماني والبيزنطي) في ثاج وتاروت وجزيرة عين جاوان وجبل كنزان والشعبة(شمال شرقي الهفوف). كما ظهرت بقايا كنيسة نسطورية صغيرة قرب جبل بري.
مسجد جواثا في الأحساء | مسجد القبة في قصر إبراهيم - الأحساء | بوابة سوق القيصرية بالأحساء |
في العصر الإسلامي المبكّر أُنشئت قرية إلى جانب مدينة الدمام في مطلع القرن ٢هـ/٦٢٣م، كما كان بنو عبد القيس قد أنشؤوا مسجد «جواثا» شمال شرقي الهفوف؛ في سنة ٧هـ/٦٢٨م. ومن المعالم الإسلامية الأثرية المهمة المتبقية في الأحساء: سوق القيصرية الذي بُني في العصر العثماني سنة ١٢٧٩هـ/١٩٦٢م في حي الكوت بمحافظة الأحساء، والمدرسة الأميرية، وقصر محيرس شمالي المبرز، وقصر إبراهيم ومسجد القبة فيه.
قصر محيرس شمالي المبرز بالأحساء |
٤- المواقع الأثرية في البحرين
أجريت تنقيبات في قلعة البحرين التي بناها المسلمون في القرن ٨هـ/١٤م في موقع استراتيجي حصين يسمح بمراقبة الملاحة؛ ويحيط بها خندق عميق حُفر في الصخر الطبيعي، وجعلوا لها سورين وأربعة أبراج ركنية وأبراجاً دائرية وقاعات للجند والذخيرة، ثم قام البرتغاليون بتحصينها في منتصف القرن ١٠هـ/١٦م بإضافة أربعة أبراج مربعة ومقر للقائد. تعود الطبقة السفلية في القلعة إلى الفترة الهلنستية، حيث عثر على أوانٍ فخارية (أطلق على صانعيها اسم شعب رقائق الذرة) تتضمن كؤوساً بأشكال وأحجام مختلفة؛ وأمفورات صغيرة مزججة؛ وفخاراً إغريقياً مصقولاً أسود اللون. أما الطبقتان العلويتان فيمتد تاريخهما من القرن ١م إلى القرن ١هـ/٧م إثر الفتح الإسلامي. كما تم العثور على كنز من النقود الفضية (تترا دراخما) الهلنستية تعود إلى القرنين ٣ و٢ ق.م. وعثر في الموقع على نقش تدمري يرجع تاريخه إلى سنة١٣١م. وإلى الشمال من المستوطنة الهلنستية، تم الكشف عن قصر مربع الشكل له أبراج مستديرة، يعتقد أن تاريخه يعود إلى أواخر العصر البيزنطي والعصر الإسلامي المبكر. ومن المواقع التي تعود إلى العصر الهلنستي موقع الشاخورة، إضافة إلى عدد من المقابر على جانبي الطريق البديع. كذلك ثمة مواقع تعود إلى العصر الساساني، منها قرية دير الواقعة غرب المحرق، وكانت مقراً لأحد الأديرة النسطورية في القرون ٥-٦-٧م.
مسجد الخميس - البحرين | قلعة عراد - البحرين |
قلعة بو ماهر - البحرين | مسجد وبيت سيادي - البحرين |
في العصور الإسلامية المبكّرة وخلال العصرين الراشدي والأموي كانت البحرين حافلة بالاستيطان البشري؛ وخصوصاً في جزيرة المحرق التي كانت عامرة بالبيوت التراثية وأزقتها الضيقة، وقد عُثر فيها على آثار قصر ومسجد. وقد شُيّد في البحرين مسجد «الخميس» في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز في سنة ٧٣هـ/٦٩٢م، وعثر حوله على آثار لمبانٍ من العصر العباسي.
حصل ازدهار تجاري في العصر العباسي بين سنة ١٩٥هـ/٨١٠م وبين سنة ٣١٧ هـ/٩٢٩م، صاحبه إنشاء دور لصكّ العملة؛ وإنشاء مسجد «سبسب» ومسجد «بابار»، وبناء ثلاثة قصور.
في العصرين السلجوقي والأيوبي في فترة الدولة العيونية (٤٧٠ -٦٣٧هـ/١٠٧٧-١٢٣٩م) تمّ بناء قلعة وقرية وسوق وجامع. كما تمّ اكتشاف عملة نحاسية في بداية العصر المملوكي تحمل اسم «ابش خاتون» بنت الأتابك سعد السلغري (٦٦٣ – ٦٨٥هـ/١٢٦٤-١٢٨٦م)، ومن الآثار المتبقية من نهاية هذا العصر قلعة عراد (القرن ٩هـ/ ١٥م).
مدرسة الهداية الخليفية - البحرين | قلعة الرفاع - البحرين |
في العصر العثماني تم إنشاء قلعة «بو ماهر» في سنة ١٢٥٦هـ/١٨٤٠م، وهي المدخل البحري للبحرين، تقع عند مرفأ قوارب الصيد. ومن المعالم الأثرية المتبقية من الفترة العثمانية: مسجد وبيت «سيادي» وبيت الشيخ عيسى بن علي من القرن ١٣هـ/١٩م، وبيت الجسرة من سنة ١٣٢٥هـ/ ١٩٠٧ م، ومدرسة الهداية الخليفية من سنة ١٣٣٨هـ/١٩١٩م، وقلعة الرفاع (الشيخ سلمان).
٥ - المواقع الأثرية في قطر
يذكر هيرودت أن القبائل الكنعانية أول من سكن قطر، ويرد اسم قطر في خريطة بطلميوس (١٤١م) باسم قطرا، كما يذكرها بلينيPliny باسم قطراي. ويعتقد أن موقع قطرا كان في خرائب مدينة الزبارة على الساحل الغربي لقطر.
أجرت بعثة فرنسية بعض التحريات الأثرية ما بين عامي 1976-1978م في عدة مواقع إسلامية متأخرة في الحوز وسميسمة، كما تعرفت عدة مواقع أهمها: العقدة والبحث والحويلة، الجساسية؛ وموقع الزبارة وهي مدينة كانت مسوّرة بسورين. في مدينة الحويلة كُشِفت أباريق وقدور فخارية ومصابيح وقدور مزججة ذات لونين أخضر وأزرق؛ وتعود إلى الفترة الإسلامية من القرن 12هـ/18م. كما عُثر على دير للرهبان في جزيرة خرج؛ يضم كنيسة واسعة تعود إلى فترات السيطرة الأوربية.
سوق واقف في الدوحة - قطر | قلعة الكوت في الدوحة - قطر |
وعثر على قطع خزفية وحجرية وزجاجية وأدوات صيد في منطقة يوغبي تعود إلى العصر الأموي خلال القرنين ١-٢هـ/٧-٨ م. ومن المواقع الأثرية المهمة قلعة «الزبارة» التي أُنشِئت في القرن ١١هـ/١٧م، وقلعة «زكريت» وحصن «الثقب» في القرن ١٢هـ/١٨م، كذلك أُنشئ سوق واقف التاريخي في وسط الدوحة، كما أُنشِئت مدينة الوكرة وأسواقها التراثية في جنوبي قطر، ومثلها في مدينة الخور شمال الدوحة، كذلك شُيّدت قلعة الوجبة في بداية القرن ١٣هـ/١٩م، وقلعة الكوت في الدوحة سنة ١٢٩٨هـ/١٨٨٠م، كما شُيّدت قلعة «أم صلال محمد» وبرج برزان في أواخر القرن ١٣هـ/١٩م.
قلعة برزان - قطر |
٦ - المواقع الأثرية في الإمارات العربية المتحدة
قامت بعثة عراقية بدءاً من سنة 1971م بإجراء إحصاء (مسح) وتحريات أثرية في دولة الإمارات، وقد تمكنت البعثة من تعرف 82 موقعاً أثرياً من ضمنها الحصون، التي كانت مستخدمة قبل عصر النفط، والمدافن الحجرية والمستوطنات التي يرجع تاريخها إلى عصور تمتد من عصر جمدة نصر (نهاية الألف الرابع ق.م) حتى العصور الإسلامية المتأخرة. تتوزع تلك المواقع كما يأتي: 9 في أبو ظبي و3 في دبي، و33 في الشارقة، و16 في رأس الخيمة، و9 في أم القيوين، و6 في عجمان، و 6 في الفجيرة.
في إمارة أبو ظبي عثر على فخاريات تعود إلى العصر الأموي، كما عُثر على موقع أثري يضم أقدم مسجد في العين من العصر العباسي وعدة مبانٍ أثرية حوله، وهناك أيضاً في جلفار بيوت وفخاريات تعود إلى العصر نفسه بدءاً من القرن 4هـ/10م. في وسط مدينة أبو ظبي شيّدت قلعة الحصن المغطاة باللياسة والكياسة البيضاء؛ في سنة 1208هـ/1793م في ليوا في المنطقة الغربية، شُيّد حصن مزيرعة الرائع على يد قبيلة القبيسات في بداية القرن ١٣هـ/١٩م، وفي ليوا في المنطقة الغربية شُيّد حصن مزيرعة الرائع على يد قبيلة القبيسات في بداية القرن ١٣هـ/١٩م. أما في مدينة العين فقد شُيدت قلعة مريجب في سنة ١٢٣٢هـ/١٨١٦م، ثمّ شُيدت قلعة الجاهلي في مدينة العين - وهي من أضخم قلاعها- في سنة ١٣١٦هـ/١٨٩٨م.
تعرفت البعثة العراقية عدة قلاع في إمارة «أبو ظبي»؛ منها قلعة مدينة «أبو ظبي»، وقلاع منطقة العين، وقلاع وأبراج في المقطع وواحة ليوا.
أقدم مسجد عباسي في العين - أبو ظبي | حصن مزيرعة - أبو ظبي |
في إمارة دبي في الطرف الجنوبي الغربي منها موقع حجيرة، تبلغ أبعاده ٢ ×٠,٥كم، ويتكون من مجموعة تلال أثرية عملت فيها بعثة الجامعة الأمريكية في بيروت بإدارة ديمتري برامكه؛ ثم بعثة عراقية سنة ١٩٧٤م بإدارة طارق مظلوم. ويعود تاريخ الموقع إلى الفترة الساسانية (قرن ٥ و٦م) والعصر الأموي. عُثر فيه على ثلاث منشآت معمارية، أهمها مقر الوالي؛ وهو مبنى ضخم له مدخل يحيط به برجان بشكل ربع دائري، وقربه مبنى السوق، ثم بيت الصيد وهو بناء ضخم ذو شكل مستطيل.
قلعة الحصن - أبو ظبي |
كما تعرفت البعثة العراقية عدة مواقع أثرية في دبي، منها الجميرة والكصيص، وعدد من القلاع والأبراج التي كانت تقوم بحراسة إمارة دبي؛ مثل قلعة الفهيدي (١٢٠٢هـ/١٧٨٧م) وبيت حشر وبرج النهار. ومدينة دبي القديمة عامرة بالبيوت التراثية الرائعة كالموجودة في منطقة البستكية والجميرة؛ ومن بيوتها المشهورة بيت الشيخ سعيد آل مكتوم الذي يعود إلى سنة ١٣١٤هـ/١٨٩٦م. وكذلك تشتهر بمساجدها التراثية كمسجد الشيوخ (١٣١٥هـ/١٨٩٧م)، ومساجد المر بن حريز والعتيبات والملا.
قلعة الفهيدي - دبي |
في إمارة الشارقة يعد موقع مليحة ٢٠كم جنوب منطقة الزيد أهم المواقع، وفيه عدة تلال، وقد أجرت البعثة العراقية فيه أسباراً اكتشفت فيها قصراً ومدفناً وفخاريات؛ منها عروة جرة عليها طبعة ختم تتوسطه زهرة اللوتس (رودوس) محاطة بكتابة يونانية، كما عثر على سهام حديدية وسيوف وبقايا خشبية وزجاجية ونسيجية وعاجية. تحفل الشارقة بمعالمها الإسلامية الأثرية كالبيوت والمساجد والأسواق والقلاع كقلعة الذيد التي أُنشئت في سنة ١١٦٤هـ/١٧٥٠م، وحصن الشارقة المشيّد سنة ١٢٣٩هـ/١٨٢٣م. أما مساجدها فهناك مسجد العقروبي المشيد سنة ١٣٢٢هـ/١٩٠٤م، ومسجد الدليل الذي يحتضن مجموعة من المباني التراثية وتجاوره الأسواق والميناء.....
حصن الشارقة | مسجد العقروبي - الشارقة |
في إمارة عجمان ينتشر عدد من المواقع الأثرية مثل الزوره وليواره وحذف، وعدد كبير من القلاع والحصون والأبراج من العصر الإسلامي كحصن المرير، وحصن عجمان الذي كان خط الدفاع الأول عن عجمان؛ والذي شُيّد في أواخر القرن ١٢هـ/١٨م، وكذلك شيّد مسجد بن سلطان في سنة ١٢٣١هـ/١٨١٥م.
حصن المرير - عجمان | حصن عجمان | مسجد بن سلطان - عجمان |
في إمارة أم القيوين تم تعرف العديد من المواقع، أهمها: الدور الذي يضم قلعة ترجع إلى العصر الهلنستي، محصنة بسور كبير وأبراج في الزوايا الأربع، وقد عُثر فيها على أوانٍ فخارية وتماثيل ونقود. كما تم الكشف عن طبقات أثرية تتضمن بقايا استيطان يمتد من القرن ١ حتى ٤م، منها بقايا معبد وعدد من المباني العامة والمدافن والمساكن، إضافة إلى قطع نقدية، وكؤوس زجاجية وجرار للتخزين؛ وفخار السيجلاتا الروماني؛ والفخار الأحمر الهندي المصقول؛ والأواني الفرثية المزججة بالأخضر؛ ودمى أنثوية من الطين ونقش آرامي. في الإمارة مواقع أخرى؛ منها: تل الأبراك والملحية وجزيرة السبتيه التي عثر فيها على قطعة نقدية ساسانية، وهناك سلسلة من القلاع والأبراج من العصر الإسلامي؛ أهمها حصن فلج المعلا المشيّدة سنة ١٢٥١هـ/١٨٣٥م، وقربها يقع مسجد فلج المعلا أو مسجد الحصن.
حصن فلح المعلا - أم القيوين |
في إمارة رأس الخيمة تنتشر أعداد كبيرة من الأبراج والقلاع وعدد من المواقع الأثرية؛ أهمها مدينة الدربحانية التي تقع على الساحل، وتمتد نحو ٥كم بعرض يبلغ ٢٥٠م، وتتألف من عدة تلال، وقد أظهرت التنقيبات أواني خزفية عليها رسومات هندسية وحيوانية؛ وثمة مسكوكات نحاسية تعود إلى القرن ١٠هـ/١٦م. من مواقع رأس الخيمة في العصر الإسلامي: قصر الزباء، حصن الزباء، حصن ضايه، موقع خت، وادي الفاق، قبور وادي كدي وقبور بطحاء المحانة وجزيرة الحيلية التي عثر فيها على فخاريات مزججة. كما تحوي هذه الإمارة كثيراً من المعالم الأثرية الإسلامية كمسجد رأس الخيمة الكبير المشيّد سنة ١٢٣٦هـ/١٨٢٠م؛ ومسجد العريبي المشيّد نحو سنة ١٢٨٢هـ/١٨٦٥م، وكذلك عدة قلاع أخرى كقلعة الرمس وقلعة المربعة؛ وقلعة رأس الخيمة (متحف حالياً) المشيدة ما بين سنوات ١٢٢٤هـ/١٨٠٩م و ١٢٣٥هـ/١٨١٩م.
قلعة الرمس - رأس الخيمة |
في إمارة الفجيرة، تم تعرف عدة مواقع: منها ضدنة ديه، كحام مسعود، الخيول، دمع، ملاح، إلى جانب المعالم الأثرية الإسلامية المؤلفة من مجموعة من الحصون الكبيرة والقلاع والأبراج والمساجد؛ كقلعة الفجيرة التي بنيت في سنة ٩٥٧هـ/١٥٥٠م وهي أضخم قلعة في الفجيرة؛ وقلعة البثنة المشيّدة سنة ١١٤٨هـ/١٧٣٥م؛ وقلعة أوحلة؛ وحصون الحيل ومسافي ودبا. كما يبرز مسجد البديّة فيها الذي يُعدّ من أقدم المساجد الإماراتية الباقية إلى اليوم، والذي أُنشئ في سنة ٨٥٣ هـ/١٤٤٦م؛ وتغطيه أربع قباب عريقة وفريدة ومتميزة.
قلعة الفجيرة | مسجد البديّة - الفجيرة | قلعة البثنة - الفجيرة |
٧ - المواقع الأثرية في سلطنة عُمان
السلطنة غنية بمواقعها الأثرية القديمة وبالحصون والقلاع والمخلفات الحضارية الأخرى التي تعود إلى العصور الكلاسيكية والإسلامية؛ من أهمها: مدينة سمهرم في منطقة خور روري بولاية صلالة في ظفار، وقد شُيدت في نهاية القرنين ٤ و٥م، وهي من أكثر المستوطنات أهمية في فترة ما قبل الإسلام، وتتوسط مناطق إنتاج اللبان، وذكرت في نقوش يونانية تعود إلى القرنين الأول والثاني الميلاديين، كما أظهرت التنقيبات أنها كانت محصنة ومزدهرة، وكانت لها علائق متينة ببلاد البحر المتوسط والهند والخليج العربي.
حصن نخل - عُمان |
من المواقع المهمة في ولاية عبري في محافظة الظاهرة موقع بات الذي يحتوي على نحو ١٠٠ مدفن تتخذ شكلاً يشبه خلية النحل، وقد بنيت في القرن ٣ ق.م؛ موقعا مليحة وعرجا المميزان بكونهما مركزين لمناجم النحاس وتعدينها.
في ساحل الباطنة هناك موقع بندر صحار عثر فيه على الفخار الهندي الأحمر المصقول؛ والذي يعود إلى بداية العصور الميلادية، ويحكى عن كنز في صحار اكتشف سنة ١٠١٠هـ/١٦٠١م يتضمن عدداً كبيراً من النقود الذهبية التي صكها تيبريوس Tiberius قيصر (42ق.م-37م)، وقد ذكره البرتغالي أنطونيو بوكار في كتابه «دولة الهند الشرقية»، يبدو أن الكنز قد صُهر وتحول إلى سبائك. وفي صحار كثير من الآثار التي تعود إلى العصرين الساساني والإسلامي الباكر.
أما مدينة شصر (موقع أوبار) فقد عُثِر فيها على شواهد أثرية تعود إلى العصرين الحديدي والإسلامي، وكانت مركزاً لإنتاج اللبان وتجارته.
في وادي السمد عثرت بعثة ألمانية على آلاف القبور التي شُيّد بعضها خلال عصر الحديد، وأعيد إستخدامها في العصور اللاحقة.
بيوت قلهات - عُمان | قلعة بهلاء - عُمان |
أما موقع ميسر فيتضمن مجموعة تلال أثرية كشفت التنقيبات فيها عن سور مستدير يحيط بالموقع. وفي موقع مغاير الشاق تم العثور على عدد كبير من القبور الفردية التي احتوت على لقى؛ منها حلي وفلك مغازل وأوانٍ فخارية، وأسلحة، ورؤوس سهام حديدية، وأجزاء من دمى وأحصنة برونزية.
في العصور الاسلامية كانت سلطنة عُمان موطناً لصناعة الحلي وتجارتها في العالم الإسلامي، وموقعاً لتصدير اللبان والبخور والخيول العربية، وموطناً للمهارة في التعدين منذ القِدم وخصوصا النحاس؛ نظراً لوفرة خام النحاس في جبالها. كانت عُمان وما تزال تزخر بمدنها وموانئها ومناطقها العريقة؛ مثل سمهرم، وصحار التي بلغت أوج ازدهارها في القرن 4هـ/ 10م، ومسقط وشصر (أوبار) وقلهات وولاية بوشر ونزوى، وبهلاء في محافظة الداخلية وغيرها.
حصن بيت المراح - عُمان | تربة بيبي مريم - عُمان |
من المواقع المهمة أيضاً مدينة البليد الأثرية في صلالة (تبعد نحو 1000كم جنوب مسقط) في محافظة ظفار التي تبلغ مساحتها 64 هكتاراً، وكانت مركزاً لتصدير اللبان إلى الصين وروما. استوطنها المنجويون في القرن 4هـ/10م، وأُعيد بناؤها سنة 618هـ/1221م بأسلوب معماري متقدم؛ فيه الأسوار الدفاعية التي تدعمها الأبراج الضخمة. وقد تم فيها الكشف عن بقايا معمارية سكنية وتجارية وأبنية عامة وجامع كبير؛ وذلك لما تحويه من معالم أثرية إسلامية؛ كالحصون والقلاع والأبراج والأسوار والبوابات والمساجد والترب والقصور والبيوت وحاراتها والأسواق.
محمود حمود، زكريا كبريت
- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد السادس مشاركة :