الدخان (خان-)
دخان (خان)
-
|
يقع خان الدخان في مدينة اللاذقية على مقربة من البحر في محلة المينا، ضمن حي الكاملية، إلى الشمال من جامع المرفأ الأثري، على الخط البحري بعيداً عن مركز مدينة اللاذقية القديم. يحدّ الخان من الشمال شارع عدنان المالكي؛ ومن الغرب شارع الأندلس؛ ومن الجنوب شارع القدس، حيث تُقابله مدرسة الكرمل الفرنسية.
مسقط الطابق الأرضي | منظر عام (١٩٣٠) |
مسقط الطابق الأول | منظر علوي |
بُني الخان في القرن ١١ هـ/١٧م في العصر العثماني، وعند حلول سنة ١٣١٦هـ/١٨٩٨م أصبح الخان مقراً لشركة حصر التبغ (الريجي)، حيث يُجمَّع فيه الدخان الذي انتشرت زراعته في سهول اللاذقية قبل تصديره أو تصنيعه، بناء عليه عُرف الصرح المعماري بخان الدخان. كما عُرِف لاحِقاً بـ «دار المندوبية» زمن الانتداب الفرنسي؛ إذ بُني في الزاوية الجنوبية-الغربية من العقار التابع للخان منزل المندوب الفرنسي، وعُرِف لاحقاً العقار بأكمله مع ما يحيط به من حدائق بدار «المندوبية» وأصبح ملكاً للدولة الفرنسية.
في النصف الثاني من القرن ١٣هـ/ ١٩م كان البناء الأثري مع العقار الذي يقوم عليه ملكاً لقنصل روسيا القيصرية في اللاذقية. وبعد وفاته في سنة ١٢٨٧هـ/١٨٧٠م باع ابنه العقار مع البناء إلى أحد التجار. عندما بدأت الحرب العالمية الأولى جعلته السلطات التركية مقراً للمتصرف. وفي سنة ١٣٣٧هـ/١٩١٨م، وبعدما دخلت الجيوش الفرنسية اللاذقية استولت على الدار المذكورة، ثم اشترتها الحكومة الفرنسية في سنة ١٣٣٨هـ/ ١٩١٩م.
قامت بلدية اللاذقية بشراء البناء من الحكومة الفرنسية سنة ١٩٧٨م، وفي وقت لاحق انتقلت ملكية الخان إلى المديرية العامة للآثار والمتاحف التي بدأت أعمال ترميم المبنى التاريخي وتأهيله مع مطلع سنة ١٩٨٣م، جرى خلالها إزالة جميع الإضافات التي لا تعود إلى أصل المبنى في الطابق العلوي وجدران الطابق الأرضي الذي لم يبقَ منه إلا الدعائم والأسقف ذات العقود المتصالبة. حالياً يُستخدم الخان متحفاً وطنيّاً لمدينة اللاذقية، افتُتِح في سنة ١٩٨٦م، وتحولت حديقته إلى متحف في الهواء الطلق يحوي بعض المنحوتات والتماثيل الرخامية وآثاراً حجرية تعود إلى العصرين الكلاسيكي والإسلامي، ونقوشاً وزخارفَ كتابية، وأعمدة وقبوراً حجرية، كما تقف فيها أشجارٌ باسقةٌ عملاقة يزيد عُمرها على مئات السنين.
الرواق الشرقي | الواجهة الغربية |
تبلغ المساحة الكلية لبناء خان الدَّخان ٢٥٩٦م٢، يشغل خان الدخان مع حديقته مساحة تُقارب ١١٩٧٥م٢. ويتضمن المبنى عشرين مخزناً تتحلق حول الفناء الذي يتخذ شكلاً مستطيلاً بأبعاد تبلغ نحو ٢٨×٢٢م، كما تتوسطه بركة ماء مضلّعة.
يتألف البناء من طابقين: بُني الطابق الأرضي في القرن ١٢هـ/ ١٨م، أمّا الطابق العلوي فقد أُضيف في أواخر العصر العثماني سنة ١٩٠٤م. ويتضمن الطابق الأرضي للخان إيوان الدخول؛ حيث تمتاز بوابة خان الدخان ببساطة التشكيل والخلو من الزخارف؛ يتقدّمها رواق أمامي يتألّف من سلسلة من العقود واجهتها على شكل أقواس مدببة تستند إلى ست دعائم مربعة الشكل من الحجر الرملي، تغطيه قبوات متصالبة.
الرواق الغربي |
وفي الجدار الشرقي باب ينفتح على سلم حجري مؤلف من ٢٢ درجة، تتقدمه فسحة صغيرة مربعة الشكل يعلوها عقد مزين بحجر منقوش، أما السلم فمسقوفٌ بعقدٍ ذي مقطع نصف دائري. والمدخل الثاني الشمالي كان مخصصاً لإدخال البضائع الآتية من المناطق الجبلية. ويُصعد إلى غرف الطابق العلوي عبر درجٍ منفصلٍ.
الجزء الجنوبي من الطابق الأرضي تشغله ست قاعات مستطيلة الشكل، مسقوفة بقبوات أسطوانية ومتقاطعة مدببة، وهي لا تحوي نوافذ؛ تُستخدم حالياً لعرض مُقتنيات المتحف.
الفناء الداخلي | الرواق وخلفه القاعات |
يتألف الطابق الأول من شرفةٍ واسعة ماتزال تحتفظ بأرضيتها الأصلية تتوسطها فسقية ماء، وإلى جنوبها موزعٌ تُحيط به تسع غرف مختلفة الأحجام والأشكال. وفي الجهة الشمالية أربع غرف مغطاة بأسقف خشبية مستوية تطل على الفناء الداخلي، وتنفتح شرقاً على شرفة ثانية.
اتّسم الخان بالبساطة، فلم تزدان بوابته أو أقسامه الداخلية بالزخارف، مع بعض الاستثناءات في الطابق العلوي، حيث زُيّنت الأقواس، وأخذت واجهاتها شكل بروزات موشورية متجاورة، أو زُيّنت بشريط من البروزات النباتية النافرة والمتدلية، كما زوّدت بعض النوافذ في أعلاها بجبهات مثلثية، أما الأقواس الموجودة فهي إما أقواس مدببة؛ وإمّا نصف دائرية. في حين تتنوع أشكال الأبواب في خان الدخان؛ منها: أبوابٌ ذات ساكف أفقي، وأبواب ذات قوس هلاليّة، وأبواب ذات قوس مدبّبة، وأبواب تعلوها جبهة مثلثية.
تتألف الواجهة الغربية الرئيسية للخان من طابقين. يتوسط واجهة الطابق الأرضي إيوان الدخول المعقود بعقد حجري مدبب، يتقدمه رواق ذو واجهة تتألف من ستة عقود مدببة تستند إلى ست دعائم حجرية مربعة، تعلوها واجهة الطابق الأول المؤلفة من ستة عقود نصف دائرية زخرفية ترتكز على أعمدة أسطوانية، تتوسطها نافذتان مستطيلتان تعلوهما جبهة مثلثية الشكل تضم فتحتين دائريتين. والجزء الشمالي من الواجهة الرئيسية يتألّف من سلسلة من العقود المدببة، هي واجهة القبوات المتصالبة التي تشكل الرواق الغربي، تستند إلى سبع دعائم حجرية مربعة ضخمة.
وأما الواجهة الشمالية فهي تشابه الواجهة الغربية في عقودها ودعائمها، وتتألف بدءاً من الغرب من أربعة عقود ترتكز على خمس دعائم مربعة، يليها جدار مصمت؛ في حين أن الواجهة الجنوبية حجرية مصمتة.
وفي سنة ٢٠١٦م اكتُشف سرداب في الفناء يتجه نحو شاطئ البحر بارتفاع نحو ٤م.
هلا أصلان
مراجع للاستزادة: ـ جبرائيل سعادة، «من كنوز اللاذقية المجهولة: قصة بناء أثري»، مجلة التراث العربي، العدد الثالث، السنة الأولى، تشرين الأول ١٩٨٠م، ص١١٥-١٣١. |
- المجلد : المجلد السابع مشاركة :