اوزاعي (مسجد ومقام)
-

الأوزاعي (مسجد ومقام -)

زكريا كبريت

المسجد الأصلي «القديم»

 

مسجد الإمام الأوزاعي ومقامه بناء أثري بُني في العهد العباسي، وما يزال قائماً إلى اليوم في ضاحية بيروت بالقرب من شاطئ البحر، وهو المسجد الوحيد الذي حُفِظ في بيروت منذ ذلك الزمن، وهو جامع «حنتوس». وحنتوس قرية قديمة، دُرست وانمحت آثارها، ونشأت مكانها ضاحية تعرف اليوم باسم «محلة الأوزاعي»؛ نسبة إلى مقام الإمام الأوزاعي المدفون في الجهة القبلية من الجامع.

وقد أقام الإمام أبو عمرو عبد الرحمن بن عمر الأوزاعي في ذلك المكان، ودفن به سنة 157هـ/774م. وقام بالتدريس في زاوية معروفة باسمه بسوق الطويلة، هُدمت في فترة الاستعمار الفرنسي. وقد ألحق بالزاوية سبيل أقامه سليمان الصوباشي الكاتب ببيروت سنة 935هـ/1529م.

وهذا المبنى الأثري مؤلف من جزأين: أصلي «قديم» (مسجد الأوزاعي وتربته)؛ ومضاف بالجهة الشرقية (مصلّى آل الرفاعي وتربتهم) فيه لوح رخام عليه نص من خمسة أسطر، مثبت في أعلى المحراب بالحائط الجنوبي:

«هذا مقام إمام أهل الشام المجتهد المطلق أبي عمرو عبد الرحمن بن عمر /ابن يحمد الأوزاعي ولد ببعلبك سنة 88هـ (707م) ثمان وثمانين للهجرة وسكن بيروت/ وتوفي بها، ودفن في قبلة المصلى الذي كان مسجداً لقرية حنتوس /العامرة وقتئذ على باب بيروت سنة 157هـ (774م) سبع وخمسين ومائة رحمه الله. تقدم بهذا الأثر لأعتاب هذا الإمام من العبد الضعيف حسين حشمت محاسبجي لبنان وكتبه الفقير محمد بن عمر البربير البيروتي سنة 1320هـ (1902- 1903م)».

أما المسجد الجديد فقد أُنشئ سنة 1375هـ/1954م بمساعي جمعية الخدمات الاجتماعية. كما دُفن في المقبرة التابعة للمقام كبار الشخصيات الدينية: كالمفتين ونقباء الأشراف وأصحاب الطرق الصوفية والعلماء والمشايخ والشخصيات السياسية: كآل العظم وسلام والصلح وأرسلان... والاجتماعية: كآل البراج وعيتاني وشاتيلا وغيرهم.

يتضمن الموقع الأثري المسجد الأصلي «القديم»، وتربة الإمام الأوزاعي، والمصلى الشرقي، وتربة آل الرفاعي، والمقبرة الخارجية، والمئذنة.

منظر عام للمسجد

المسجد الأصلي «القديم»:

بُنيت حوائطه من الحجر الرملي غير المنتظم القياسات، وهو ذو مسقط مستطيل بأبعاد 20*7.50م؛ القسم الشرقي «الرئيسي» منه 13*5.10م، مغطى جزؤه الأوسط بقبو متقاطع مدبب، يكتنفه على الجانبين قبوان أسطوانيان مدببان أيضاً. يفتح في منتصف جداره الشمالي المدخل الرئيسي للمسجد الذي يتقدمه عدة درجات صاعدة، ويفتح على جانبي المدخل شباكان كبيران معقود كل - منهما مثل فتحة باب المدخل - بعقد مدبب. ويتوسط المحراب الحائط الجنوبي للمسجد على شكل حنية معقودة بعقد مدبب. ويوجد شباك ذو عتب مستقيم على كلٍّ من جانبي المحراب بأبعاد 1.6*0.7م، وهو موضوع ضمن قوصرة معقودة بعقد وتري.

و يتوصل إلى القسم الغربي من هذا المسجد عبر ست درجات صاعدة (1.20م). وهو ذو مسقط مربع بأبعاد 5.40*5.40م، مغطى بقبة، وقد تم الانتقال من المسقط المربع إلى المسقط الدائري للقبة عن طريق مثلثات كروية في الأركان.

الواجهة الغربية للمسجد

وفي الحائط الشمالي لهذا الجزء الغربي خزانتان جداريتان، كل خزانة منهما قوصرة معقودة بعقد وتري. وبالحائط الجنوبي (حائط القبلة) هناك محراب يماثل المحراب بالقسم الشرقي- وعلى كل جانب من جانبي المحراب شباك أبعاده 0.80*1.60م، له عتب مستقيم، ويقع الشباك في مقابل الخزانة بالحائط الشمالي. كذلك فإن الشباك موضوع أيضاً في قوصرة معقودة بعقد بشكل جزء من دائرة. وفي الحائط الغربي شباكان يماثلان الشباكين بالحائط الجنوبي المذكور.

منظر داخلي للمسجد القديم

المصلى الشرقي:

يقع إلى الشرق من المسجد القديم «الأصلي»، ويتوصل إليه عبر مدخل موضوع في قوصرة معقودة بعقد مدبب يفتح في الجدار الشمالي، ويدخل منه مباشرة إلى المصلى المكون من مساحة مربعة تقريباً، مغطاة بقبة محمولة على أربعة مثلثات ركنية.

وعن يسار الداخل قاعة مستطيلة ترتفع أرضيتها عن أرضية غرفة الدخول بدرجة واحدة. وهي تفضي عبر باب شرقي في جدارها الجنوبي إلى تربة الرفاعي.

ويُلفى بالحائط الجنوبي للمصلى محراب صغير، عن يمينه باب أبعاده 0.65*1.80م، وهو معقود بعقد نصف دائري أمامه درج يؤدي إلى تربة الإمام الأوزاعي.

التغطية الخشبية لمقام الإمام الأوزاعي

تربة الإمام الأوزاعي:

التربة هي حُجرة أبعادها 3*6م، مغطاة بقبو متقاطع مدبب، وتقع التركيبة الرخامية للضريح بالركن الشمالي الشرقي، وعن جانبيه الشرقي والغربي شاهدان، كُتب على الشاهد الغربي نص مؤرخ في سنة 1262هـ/1845-1846م. ويحيط بالتركيبة الرخامية حاجز من الخشب الخرط. وهناك شباك صغير علوي في حائطي الغرفة الشرقي والجنوبي، وخزانة جدارية في الحائط الغربي.

منظر داخلي لتربة آل الرفاعي

تربة آل الرفاعي:

هي قاعة مستطيلة أبعادها 8*4.20م، مسقوفة بقبوين متقاطعين مدببين. فيها شباكان علويان، أحدهما في الحائط الغربي الملاصق لتربة الإمام الأوزاعي، والآخر في الحائط الجنوبي. وهناك باب في الحائط الشرقي، يعلوه شباك معقود بعقد وتري، يؤدي إلى المقبرة المحيطة بالمقام، والمدفون فيها بعض من كبار الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية.

الواجهة الجنوبية لتربة آل الرفاعي

المئذنة:

أُقيمت المئذنة في سنة 1356هـ/1937-1938م بالركن الشمالي الشرقي من المبنى، ويبلغ ارتفاعها فوق سطح المبنى نحو 18م. والجزء السفلي من سطح المبنى إلى الشرفة يبلغ ارتفاعه 12.50م. وهو ذو مسقط دائري به فتحات صغيرة للإنارة، وينتهي بشرفة دائرية. وتستمر المئذنة فوق الشرفة ذات المقطع الدائري بارتفاع 2.50م، ثم تنتهي بمخروط ارتفاعه 3م. وهي تشابه في شكلها العام المآذن العثمانية.

مراجع للاستزادة:

--حسان حلاق، بيروت المحروسة في العهد العثماني (الدار الجامعية، بيروت 1987م).

- صالح مصطفى لمعي، مساجد بيروت (بيروت 1978م).

- طه الولي، تاريخ المساجد والجوامع الشريفة (دار الكتب، بيروت 1973م).


- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد الثاني مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق