دار
House -

 

الدار

الدار في العصر الأمويالدار في العصر الأيوبي
الدار في العصر العباسيالدار في العصر المملوكي
الدار في العصر السلجوقيالدار في العصر العثماني
 

 

يطلق لفظ الدار على البيوت أو المنازل السكنية، وتشترك جميع البيوت التقليدية في عدة مواصفات؛ بسبب تشابه المناخ والعادات والتقاليد، ولأنها تستمد طرازها المعماري من ثقافة مواطني البلد وتقاليدهم وعاداتهم. وقد أظهرت التنقيبات الأثرية دوراً سكنية في مواقع عصور البرونز، تتألف غالبيتها من فناء داخلي تحيط به مجموعة حجرات، ويتم الدخول إليها مباشرة من الطريق، وكان يتم الدفن غالباً تحت الفناء أو في أرضية إحدى الغرف. ومن العصرين الروماني والبيزنطي ثمة مجموعة من الدور المبنية حول فناء داخلي يضم حفرة لجمع مياه الأمطار النازلة من السقوف، أو الدور السكنية التي تتألف من طبقتين، وتأخذ جانباً من الفناء الذي يحيط به سور عالٍ من الحجارة الضخمة، مثل الدور الريفية في المدن المنسية.

مخطط لمجموعة من الدور في خراب سيار
 
أحد الدور في خراب سيار

وقد أكدت الشريعة الإسلامية أن تأمين الدار من أهم ضرورات الحياة، بل عدّها الإسلام واحدة من الاحتياجات الرئيسية كالماء والغذاء والكساء. وقد جاءت الدار الإسلامية معبرةً عن التعاليم الإسلامية التي حددت العلاقة بين الأسرة والمجتمع، فجاءت واجهات الدور الخارجية مقفلة قليلة الفتحات، وكانت مداخلها منكسرةً لستر داخل الدار عن عابري السبيل في الشارع، وخُصِّص للزوار جناح استقبال يكون الوصول إليه سهلاً ومباشراً من المدخل، وخُصّص للنساء جناح بعيد عن أماكن الاستقبال، ومفتوح على الفناء الداخلي.

البركة والإيوان المملوكي في بيت العقاد في دمشق

الدار في العصر الأموي: نتيجة لتطور المدن وتحديثها لم يصل اليوم من العصر الأموي نماذج لدور الناس العاديين؛ ولكن هناك مجموعة من القصور التي بناها الخلفاء أو أفراد الأسرة الأموية في البادية، وكان كل منها مكوّناً من فناءٍ داخلي تحيط به الأروقة، التي يتوصل منها إلى باقي أجنحة القصر السكنية والمسجد والحمام والبستان؛ مثل قصر الحير الشرقي [ر]، وقصر الحير الغربي [ر]، والرصافة [ر]، وخربة المفجر [ر]، ودار الخليفة عمر بن عبد العزيز التي تحولت إلى الخانقاه السميساطية [ر]، وغيرها.

الدار في العصر العباسي: أظهرت التنقيبات في موقع خراب سيار [ر] - في محافظة الرقة- العائد للقرن ٣هـ/٩م مجموعة من الدور السكنية التي تضم نوعين من المداخل؛ الأول: يتألف من دهليز طويل مغطىً بقبوة نصف أسطوانية، والثاني منكسر بزاوية ْ٩٠. ويفضي المدخل إلى فناء داخلي تحيط به الغرف والخدمات، وتتوسط الفناءَ بئرُ ماء أو أكثر، وقد كسيت جدران بعض الغرف بوزرة من الزخارف الجصية المعروفة بزخارف سامراء.

ومن القصور العباسية: قصر الخليفة هارون الرشيد في الرقة، ويعود وفق المسكوكات التي عثر عليها في الموقع إلى سنة ١٨٦هـ/٨٠٢م، وهو ذو مخطط مستطيل الشكل، ويتكون من فناء داخلي مكشوف محاط من ثلاث جهات بمجموعة من الغرف المزينة بالزخارف الجصية، وقد بنيت الجدران باللبن الطيني، ودعمت الخارجية منها بالأبراج للحماية. وفي مدينة سامراء [ر] تم الكشف عن مجموعة من القصور كدار الخلافة وقصر الجعفرية وقصر العاشق والمعشوق وقصر الجص، ومجموعة من دور القادة، مثل دار أشناس ودار بغا وغيرها.

بيت الغندور في القاهرة

 الدار في العصر السلجوقي: لم يتبقَّ من دور السلاجقة وقصورهم سوى الدور السلطانية في الموصل المعروفة بقصر قره سراي ( القصر الأسود): وينسب بناؤه إلى الأتابك عماد الدين زنكي وأولاده من بعده، وكان قصراً كبيراً يمتد من القلعة حتى باب المشرعة؛ وهو أحد أبواب السور، وقد قام الوزير بدر الدين لؤلؤ بتجديد عمارة القصر وتحصينه، وما يزال يوجد قاعتان من القصر تطلان على نهر دجلة، وفوقهما قاعتان تساقط الكثير من جدرانها.

بيت السادات في القاهرة

الدار في العصر الأيوبي:لم يصل إلينا من الدور الأيوبية إلا ما ذكرته المصادر التاريخية، كدار نجم الدين أيوب والد السلطان صلاح الدين الأيوبي التي تحولت إلى المدرستين الظاهرية والعادلية، ودار الأمير أسامة الجبلي التي تحولت إلى المدرسة البادرائية في دمشق، ودار الوزير التي تحولت إلى المدرسة الخاتونية في حماة، ودار ابن لقمان في المنصورة في مصر، التي سجن فيها الملك الفرنسي لويس التاسع.

بيت البناني

الدار في العصر المملوكي: على الرغم من كثافة المباني الدينية المملوكية في مدن الشام إلا أن هناك ندرة بالدور، وما تبقى من الدور المملوكية في دمشق يضم قاعة وإيواناً موجودين في بيت العقاد[ر]

(المركز الثقافي الدانماركي) في حي الشاغور الجواني، ويتميز هذا الإيوان بارتفاعه الشاهق، وسقفه العجمي المصندق الذي يؤطره إفريز خشبي من ثلاثة صفوف من المقرنصات الخشبية، كما تتميز قاعته الرئيسة بواجهة مملوكية رائعة ما تزال محافظة على جميع عناصرها المعمارية والزخرفية.

مكتب عنبر في دمشق (بيت القوتلي)

أما في القاهرة فثمة ثلاثة أنواع من الدور كما في جميع المدن الإسلامية؛ غير أنها تختلف في التفاصيل:

- دور العامة: وهي متعددة الطبقات، وتعرف بالأرباع (جمع ربع)، وتشبه الفنادق؛ إذ يتوسطها فناء داخلي تتوزع حوله باقي وحدات الدار، ويمكن أن يضم الطابق الأرضي إيواناً مقبواً أو أكثر لاستقبال الزوار.

- دور الطبقة الوسطى: وهي منازل خاصة، يتوسطها الفناء الداخلي المكشوف، الذي تتوزع حوله القاعات والغرف.

- دور الطبقة العليا: وهي شبيهة بالقصور، وتتألف من طابقين أو ثلاثة، والطابق العلوي منها مخصص للحريم، مثل بيت الهراوي وبيت الأميرة زينب خاتون اللذين يعود بناؤهما إلى سنة ٨٩١هـ/١٤٨٦م.

بيت الأميرة زينب خاتون في القاهرة

ويتكون بيت الأميرة زينب خاتون من فناء داخلي مستطيل من دون مسطحات مائية، ويحيط به من الجنوب مجلس لصاحب الدار، ثم قاعة كبيرة ذات طزرين، ويوصل الشمالي منهما إلى قاعة أصغر، وهي ذات طزرين أيضاً، وتليها شمالاً باحة خلفية يصعد منها درج إلى الطابق الثالث، وينتهي البناء غرباً بحمام من ثلاث قاعات.

الزخارف الخشبية في بيت زينب خاتون في القاهرة

الدار في العصر العثماني: ترجع معظم الدور الأثرية في سورية إلى العصر العثماني، وإن بعض الدور العثمانية المتأخرة (القرن ١٣هـ /١٩م) متأثرة بطراز الباروك والروكوكو. وهذه الدور متشابهة في مخططها من حيث وجود الدهليز الطويل والباحة السماوية والإيوان والقاعات الشتوية في الجهة الجنوبية.

 

بيت السحيمي في القاهرة

بيت الغندور في القاهرة

وأصبحت الدور الكبيرة في هذا العصر تتألف من ثلاثة أقسام، هي: قسم الاستقبال (السلملك)، وقسم الحريم (الحرملك)، وقسم الخدمة (الخدملك)، ويضم كل قسم فناءه الخاص الذي تنفتح عليه مكونات هذا القسم المعمارية، وباتت كل الدور تحتوي على إيوان شمالي مخصص لاستراحة صاحب الدار وأسرته. وكانت العناية في الدور السكنية مركزة على داخل البناء؛ إذ تتميز أكثر الدور بمظهر خارجي بسيط، ماعدا دور الأمراء والولاة، كما هي الحال في قصر العظم بدمشق [ر].

 

المسقط الأفقي للطابق الأرضي في بيت زينب خاتون في القاهرة

وثمة شواهد كثيرة على الدور العثمانية مازالت ماثلة، مثل: مكتب عنبر (بيت القوتلي) [ر]  وبيت العقاد وبيت السباعي [ر] وبيت نظام [ر] وبيت العظم [ر] وغيرها في دمشق وقصر الزهراوي [ر] وبيت فركوح [ر] وغيرهما في مدينة حمص، وقصر العظم[ر] في حماة، وبيت غزالة [ر] وبيت أجقباش [ر] وبيت الدلال [ر] وغيرها في حلب.

 
 قصر العظم في دمشق

 

كما أُطلقت الدار على دُور تعليم القرآن الكريم، والأمثلة عنها في دمشق كثيرة، مثل دار القرآن الجزرية [ر]: أنشأها الحافظ الإمام محمد بن محمد ابن محمد بن الجزري (ت٨٣٣هـ/١٤٢٩م) ودار القرآن الخيضرية [ر]: بناها محمد بن عبد الله بن خيضر الخيضري (ت٨٩٤هـ/١٤٨٨م)، ودار القرآن الدلامية[ر]: بناها أحمد بن المجلس الخواجكي زين الدين دلامة (ت٨٥٣هـ/١٤٤٩م).

البيت الدمشقي

البيت الدمشقي

البيت الدمشقي

البيت الدمشقي

وأُطلق اسم «الدار» على دور تعليم الحديث النبوي، ومن أمثلتها في دمشق: دار الحديث النورية [ر] التي عمَّرها نور الدين محمود بن زنكي (ت٥٦٩هـ/١١٧٣م)، وتُعد أول دار حديث أُنشئت في بلاد الإسلام، ودار الحديث الأشرفية [ر]: بناها الملك الأشرف موسى بن العادل سنة ٦٢٨هـ/١٢٣٠م، ودار الحديث النفيسية: بناها النفيس إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد الحراني الدمشقي (ت٦٩٦هـ/١٢٩٦م).

وأُطلقت الدار أيضاً على دور صك العملة أو ضرب العملة، التي كانت تضرب الدنانير الذهبية والدراهم الفضية والفلوس النحاسية، وفي العصر الأموي كانت أول دار لصك العملة في دمشق، وفيها ضُربت أول عملة إسلامية في دمشق متمثلة بالدينار الأموي بعد أن كانوا يتعاملون بالعملة الذهبية البيزنطية، والعملة الفضية الساسانية.

البيت اللبناني - جبيل

وأُطلقت الدار على دور الأيتام، وربما تعود فكرة إنشاء دور الأيتام للخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك إذ أنشأ سنة ٨٨هـ/٧٠٧م داراً خاصة لرعايتهم وخصص لهم الرواتب، وقال لهم: «لا تسألوا الناس»، وبنى نور الدين محمود بن زنكي دوراً كثيرة للأيتام ووقف عليها الأوقاف.

البيت الفلسطيني
البيت الفلسطيني
البيت الفلسطيني

عمار النهار

 

مراجع للاستزادة:

- أحمد السراج، العمارة الإسلامية خصائص وآثار (جامعة الأقصى، غزة، فلسطين ٢٠١٥م).

- غزوان ياغي، المعالم الأثرية للحضارة الإسلامية في سورية (منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الرباط، المغرب ٢٠١١م).

- عفيف بهنسي، الشام لمحات آثارية وفنية (دار الرشيد، بغداد ١٩٨٠م).


- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد السابع مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق