حيوانات في عصور تاريخيه
-

 الحيوانات  الحيوانات في العصور ا الحيوانات
الحيوانات في العصور التاريخية
الحيوانات في الأعمال الفنية
 الحيوانات في النصوص
 

الحيوانات في العصور التاريخية

من المعلوم أن الإنسان بدأ بتدجين الحيوانات منذ العصر الحجري الحديث (النيوليت) قرابة الألف العاشر ق.م، وقد ترافق ذلك ومجموعة من الإنجازات الحضارية التي تحققت خلال هذا العصر وأهمها الزراعة. وكان من أهم الحيوانات التي دجنها الإنسان البقر والخنازير والخراف والماعز والكلاب وغيرها، والتي استخدمها في سبيل تلبية احتياجاته المتزايدة إلى الأكل والجر والحراسة.

 
صيد الأسود في نينوى 
 

وفي العصور التاريخية التي تبدأ مع نهاية الألف الرابع قبل الميلاد فإن الوضع من حيث الأنواع المدجنة لم يتغير تقريباً؛ إلا بدخول أنواع جديدة لم تكن قد دُجنت في العصور السابقة أهمها الخيول التي بدأت ملاحظتها بصورة متزايدة مع الألف الثاني ق.م، والجِمال التي بدأت بالظهور في منطقة المشرق العربي القديم مع نهاية الألف الثاني ق.م، مع أن هناك دراسات حديثة تُعيد ذلك إلى فترات أقدم من ذلك بكثير.

وإلى جانب الاستخدامات السابقة بدأت تظهر استخدامات جديدة للحيوانات خلال العصور التاريخية؛ فقد بدأ استخدام بعضها في الأعمال الحربية ولا سيما الثيران التي استخدمت لجر العربات وأدوات الحصار، والخيول التي بدأ استخدامها على نطاق واسع مع منتصف الألف الثاني ق.م لتحل محل الثيران في جر العربات لأنها توفر سرعة أكبر من الثيران نظراً لخفتها، وبدأ استخدامها أيضاً فرقاً مستقلة في الجيوش، والتي يُطلق عليها سلاح الفرسان. وأما الصنف الثالث الذي بدأ استخدامه في المعارك في هذه العصور فهو الجِمال التي كانت تستخدم على نحو من قبل سكان البوادي خاصة، فهي توفر نقلهم إلى ساحة المعركة من ناحية ومشاركتهم فيها على نحو فعال.

 
أسد عين دارة 
 

الحيوانات في الأعمال الفنية:

بدأ تصوير الحيوانات في الأعمال الفنية منذ عصور ما قبل التاريخ، وقد شوهدت صور الثيران على جدران المغارات التي عُثر عليها في فرنسا وإسبانيا وغيرها من الأماكن، كما صُورت الحيوانات على الأواني الفخارية؛ فظهرت على هذه الأواني مثلاً الأسماك وغيرها. وقد تطور هذا الأمر في العصور التاريخية وازدادت الأعمال الفنية التي تظهر فيها الحيوانات، وتنوعت طبيعة هذه الأعمال، فهناك مثلاً المشاهد الحربية، ومن الأمثلة المبكرة عليها ما يُسمى بنصب العقبان الذي يُصور انتصار حاكم لجش إياناتوم على حاكم أوما، وتعود الأحداث التي يرويها المشهد إلى نحو القرن الخامس والعشرين ق.م، وقد سُمي هذا النصب بهذا الاسم لتصوير العقبان فيه، وهي تنهش جثث القتلى من مدينة أوما. وهناك المشاهد على الأختام الأسطوانية التي تضمّن الكثير منها مشاهد لحيوانات، ولعل من أهمها- والذي تكرر كثيراً- مشهد شجرة الحياة الذي تُصوِّر فيه شجرة وعلى جانبيها حيوانان من الماعز أحياناً يهاجمهما حيوان مفترس غالباً ما يكون الأسد، وأحياناً واقفان على قوائمهما الخلفية. وهناك الموضوع الذي استمر فترة زمنية طويلة أيضاً، وهو موضوع الصراع بين الحيوانات ويمثل حيوانات مفترسة تهاجم قطعان الماشية والحراس يدافعون عن ماشيتهم، وتظهر على بعض الأختام أيضاً مشاهد تُمثل الملك وهو يصطاد أنواعاً مختلفة من الحيوانات؛ فعلى ختم من العصر الآشوري الوسيط صورة لملك يصطاد طيور النعام.

  
الحصان الصيني بابل 
  
طبعة ختم رافدي من أوروك (٤٠٠٠ - ٣١٠٠ ق.م) تمثل استخدام الحيوان في الزراعة تاج عمود رخامي على شكل رأسي ثورين
من القرن ٥ ق.م
 
 

ومن المشاهد المهمة التي تظهر فيها الحيوانات مشهد لوحة تنصيب الملك زمري - لم ملك ماري والتي عثر عليها على جدران قصره؛ حيث تظهر في أحد المشاهد الربة عشتار وهي تضع قدمها على ظهر أسد، وفي مشهد آخر ربة الينبوع وهي تحمل إناءً يتدفق منه الماء وتسبح فيه الأسماك.

في الألف الأول ق.م ظهرت الحيوانات بكثرة في الأعمال الفنية ولا سيما في المواقع الآشورية المختلفة؛ فمن بوابات بلاوات - إلى جانب مشاهد كثيرة - مشهد يُصور الملك شلمنصر الثالث (٨٥٩–٨٢٦ ق.م) راكباً عربته الحربية تجرها الخيول، وفي القصر الشمالي في نينوى مشهد للملك آشور - بانيبال (٦٦٨–٦٢٦ ق.م) وهو يصطاد الأسود، ولعل من أكثر المشاهد شهرة من العصر البابلي الحديث ما يُعرف ببوابة عشتار والتي كانت مزينة بمجموعة من صور اللبوات.

ومن الأمثلة على نحت الحيوانات الضخمة من هذه الفترة واجهة قصر تل حلف (جوزن الآرامية)، والتي تتمثل برجلين وامرأة؛ يقف الرجلان على ثور وأسد؛ في حين تقف المرأة على لبوة، ويبلغ ارتفاع هذه الحيوانات ١.٥٥سم، ويوجد ما يشبه هذا العمل الفني في العاصمة الآرامية شمأل (زنجرلي حالياً، عند منابع نهر قره صو عند سفوح الأمانوس) حيث عثر على تمثال ضخم يبلغ ارتفاعه ثلاثة أمتار، وقاعدته بازلتية منحوتة على شكل أسدين بينهما رجل واقف. وفي مدينة أرسلان طاش (خداتو) الحالية تُرى بوابات المدينة الثلاث محروسة من قبل الأسود المنحوتة من الحجر البازلتي، ويُشار هنا إلى المنحوتات واللوحات الحجرية الجدارية التي عُثر عليها في مواقع متعددة من سورية (جوزن وخداتو وعين دارة) ومن المواضيع الأساسية التي نُحتت عليه هذه اللوحات كان الأسد ، إضافة إلى وجود عضادات من البازلت استخدمت قواعد للجدران، وزينت هذه القواعد بمشاهد للأسود وأبي الهول.

ولابد من الإشارة إلى ظهور ما يسمى بالحيوانات الخرافية في الأعمال الفنية، وهي أشكال لحيوانات لا وجود لها في الواقع وبدأت هذه المشاهد بالظهور مع بداية العصور التاريخية في مواقع متعددة من سورية وبلاد الرافدين، ولعل من أشهر هذه النماذج في فن النحت من الألف الأول ق.م مشهد الأسد المجنح ومشهد أبي الهول (رأس إنسان وجسد أسد).

الحيوانات في النصوص:

ظهر ذكر الحيوان في نصوص الشرق القديم في مناسبات عدة ولتحقيق أغراضٍ مختلفةٍ، فظهرت الحيوانات أحياناً في أثناء ذكر ممتلكات المعبد أو القصر، وذكرت في أثناء تخصيص عدد معين وصنف معين من الحيوانات كتقدمات في معابد الآلهة المختلفة، وذكرت في أثناء ذكر الجزيات التي فُرضت على المنهزمين في المعارك، وورد ذكرها أيضاً في أثناء الحديث عن الغنائم التي جمعتها الجيوش المنتصرة من تلك المهزومة.

 
عربة إله الطقس يجرها ثور - معبد قلعة حلب 
 

وورد في محفوظات إيبلا أعداد ضخمة من المواشي منها؛ ٨٢ ألف رأس غنم ملكاً للملك إلى جانب ١٥ ألف رأس ثور، وأما الرقم المسمارية التي عُثر عليها في تل الشيخ حمد في محافظة دير الزور (دور كاتليمو من العصر الآشوري الوسيط) فيرد فيها ألواح لقطعان من البقر أو الماشية أو الحمير تم تسليمها إلى أناس معينين لتربيتها. وفي أحد النصوص من المحفوظات الإيبلائية ذكر لمخصصات بعض الآلهة من التقدمات الشهرية فبعضها خُصص بخروف واحد وبعضها الآخر خُصص بخروفين اثنين، وهذه التقدمات كان يجب أن تقدم في مدينة دريب من المدن التابعة لإيبلا.

 
دمى طينية لكلاب من نينوى (العصر الآشوري الحديث) 
 

وقد ذُكرت الحيوانات أكثر ما ذُكرت ضمن الجزيات التي فرضت على المهزومين أو من بين الغنائم التي أخذت منهم، ولعل النصوص الآشورية العائدة إلى الدولة الحديثة هي الأغنى في هذا المجال. فمثلاً ذكر شلمنصر الثالث (٨٥٩–٨٢٤ ق.م) استلامه أعداداً كبيرة من رؤوس الأغنام والأبقار جزيةً من الإمارات السورية؛ فأخذ من بيت أجوش[ر] ٥٠٠٠ رأس من الغنم و٥٠٠ رأس من الثيران، ومن خيانو- حاكم شمأل- ٣٠٠٠ رأس من الغنم و٣٠٠ رأس من الثيران، ومن سانجارا- حاكم كركميش- أيضاً ٥٠٠٠ رأس من الماشية و ٥٠٠ رأس من الثيران، وأخذ من شمأل- في مرة ثانية- ٥٠٠ رأس من الثيران.

  
لوح من الطين لرجل يسير مع كلب كبير
 (تل أبو حوبة - العصر البابلي القديم)
 
نحت بارز للملك سرجون الثاني
 مع أيل من قصور خورسباد - نينوى
 
 

وورد ذكر الخيول في أحد النصوص العائدة إلى محفوظات ماري الملكية؛ فملك قطنا أشخي أدد أرسل إلى ملك ماري حصانين، ويبدو أن أمله خاب من السعر الذي أُرسل إليه لقاءهما، وعبَّر عن ذلك في رسالة أخرى بعثها إلى ماري. وحصل الملوك الآشوريون على أعداد كبيرة منها من الإمارات السورية المختلفة؛ فآشور-ناصربال الثاني أخذ من بيت زمان [ر] (في منطقة ديار بكر حالياً) ٤٦٠ حصاناً مدرباً مع عدتها، وأخذ شاروكين الثاني (٧٢٢–٧٠٥ق.م) من ملك حماة إيلو بيدي - بعد معركة قرقار الثانية [ر] (٧٢٠ ق.م) - ٦٠٠ حصان. وإلى جانب هذه الحيوانات الرئيسة فإن المشاهد الفنية والنصوص حفلت بتصوير وذكر أصناف أخرى عديدة منها ولا سيما الطيور.

جباغ قابلو

 


- التصنيف : العصور التاريخية - المجلد : المجلد السادس مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق