حنبلي (مجير دين)
-

 الحنبلي

 الحنبلي (مجير الدين -)

مصادر الترجمة للقاضي العليمي

مؤلفاته

 

هو الفقيه الحافظ قاضي القضاة الباحث المؤرخ مجير الدين أبو اليمن، عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الذي ينتهي نسبه إلى عبد الله بن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب العدوي القرشي العمري العليمي.

وقد أورد هذا النسب القاضي العليمي نفسه في ترجمته سيرة والده في كتابه «الأنس الجليل».

وما يهم في نسبه هو أنه عربي من عرب بلاد الشام، وأنه من أسرة رجال علم ودين توارثت علوم الدين أباً عن جد طوال عدة قرون، وأنه من رجال المذهب الحنبلي.

ولد عبد الرحمن سنة ٨٦٠هـ/١٤٥٥م، وكان والده قاضياً في مدينة الرملة، ثم صار قاضياً بالقدس الشريف، ثم ولي قضاء صفد.

وتبعاً لتقاليد ذلك العصر حين كانت طبقة رجال الدين تهتم بتربية أبنائها تربية دينية في سن مبكرة؛ فقد حرص والده على تعليمه القراءة والكتابة وتلاوة القرآن الكريم؛ وعلى السعي الحثيث لحصوله على إجازات مبكرة لابنه حينما كان يصطحبه للاستماع إلى الشيوخ في المسجد الأقصى أو في مجالس العلماء في المدرسة الصلاحية أو في زوايا الصوفية.

وفي سنة ٨٧٣هـ/١٤٦٨م- وقبل وفاة والده- أجازه الشيخ ابن أبي شرف قطعة من كتاب «المقنع» في الفقه على مذهب الإمام أحمد بعد أن عرضه عليه قبل ذلك وحضر عليه مجالسه في الدروس والإملاء بالمدرسة الصلاحية والمسجد الأقصى، وحَصّل الإجازة منه غير مرة خاصة وعامة.

بدأ تحصيله العلمي الحقيقي الذي يؤهله ليصبح عالماً وقاضياً وشخصية مرموقة لدى بلوغه الثامنة عشرة من العمر؛ إذ يقول إنه في سنة ٨٧٨هـ/١٤٧٤م قرأ على الشيخ علي بن إبراهيم البدرشي قطعة من كتاب الخرقي في مذهب الإمام أحمد قراءة بحث وفهم، ثم قرأ عليه قطعة من أول كتاب المقنع قراءة بحث وفهم، ثم قرأ عليه في النحو.

في سنة ٨٨٠هـ/١٤٧٥م رحل إلى مصر لاستكمال دراسته، ومكث فيها نحو عشر سنين، وعاد إلى القدس وقد بلغ التاسعة والعشرين.

تولى قضاء مدينة الرملة وأقام بها قاضياً سنتين، ثم أضيف إليها قضاء القدس والخليل ونابلس، وظل في منصبه حتى قيام الدولة العثمانية سنة ٩٢٢هـ/١٥١٦م التي أجرت في بلاد الشام ومصر تعديلات في مناصب الحكم والإدارة والقضاء، وكانت مدة ولايته القضاء في القدس إحدى وثلاثين سنة ونصف السنة بلا انقطاع. وفي سنة ٩٠٠هـ/١٤٩٤م شرع في تأليف كتابه «الأنس الجليل» الذي جمع فيه خلاصة تواريخ القدس، وأضاف إليه نبذة من الحوادث والوفيات. وفي سنة ٩٠٨هـ/١٥٠٢م حجّ إلى بيت الله الحرام.

مصادر الترجمة للقاضي العليمي:

هناك مصدران أوليان لا غنى عنهما للترجمة لهذا العالم الجليل:

أولهما: ما ترجمه لوالده ولنفسه في ثنايا مؤلفيه المهمين المخطوطين المطبوعين، وهما: «الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل» و»المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد»، وما ورد فيهما في ثنايا أحاديثه عن أسرته وشيوخه وفي تراجم معاصريه وفي مشاركاته في أحداث عصره. وهي معلومات كثيرة متناثرة في صفحات كتابيه؛ كافية ووافية للتعرف إليه وإلى عصره.

وثانيهما: ما ترجمه له العلاّمة نجم الدين محمد الغزي العامري الدمشقي؛ صاحب «الكواكب السائرة بمناقب أعيان المئة العاشرة» (٩٧٧-١٠٦١هـ/١٥٧٠-١٦٥١م)، وهي أول ترجمة مهمة معاصرة دونت بعد عدة عقود قريبة من وفاته للتعرف إلى هذه الشخصية وإلى عصر هذين العالمين الجليلين؛ أي نهاية عصر السلطنة المملوكية وبداية عصر السلطنة العثمانية.

وفيما يلي ثبت بأسماء بعض ممن ترجموا أيضاً للقاضي العليمي:

١- الشيخ جار الله محمد بن عبد العزيز الهاشمي المتوفى سنة ٩٥٤هـ/١٥٤٧م.

٢- مصطفى بن عبد الله القسطنطيني الرومي الحنفي الشهير بالملا كاتب؛ والمعروف بحاجي خليفة (١٠١٧-١٠٦٧هـ/١٦٠٨-١٦٥٦م) صاحب «كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون».

٣- صاحب كتاب «هدية العارفين في أسماء المؤلفين وآثار المصنفين من كشف الظنون» إسماعيل باشا بن محمد أمين بن مير سليم الباباتي البغدادي (ت ١٣٣٩هـ/١٩٢٠م).

٤- محمد كرد علي الذي تحدث في المجلد السادس من «مجلة المقتبس» (ص ٨٣/٨٧) تحت عنوان مخطوطات ومطبوعات عن كتابه الشهير «المنهج الأحمد..».

غير أن ازدهار حركة التحقيق والنشر في النصف الثاني من القرن العشرين والأحداث السياسية العاصفة التي مر بها المشرق العربي في أعقاب هزيمة سنة ١٣٨٧هـ/١٩٦٧م، وسقوط مدينة القدس في أيدي المستعمرين الصهاينة ومحاولاتهم تهجير أهلها ومحو معالمها وتشويه تاريخها؛ دفع بالغيورين على مصير القدس ومستقبل فلسطين إلى الاهتمام بالعليمي مصدراً مهماً من مصادر دراسة تاريخ القدس ومعالمها وأوابدها وعلمائها.

وهكذا قام المحقق محمود الأرناؤوط وصحبه بتحقيق كتاب طبقات حنابلة العليمي المسمى «المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد»، وصدر عن دار صادر في بيروت ودار البشائر بدمشق سنة ١٩٩٧م. كما قام أبو تبانة ومحمود الكعابنة بتحقيق كتاب «الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل»؛ وهو كتاب عن بلدات فلسطين ومدنها وما حولها على غرار «تاريخ دمشق» لابن عساكر و »تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي.

مؤلفاته:

أشار نجم الدين الغزي إلى مؤلفات العليمي التي كانت معروفة ومتداولة في عصره؛ أي بعد نصف قرن من وفاته فقال:

«وقفت له من المؤلفات على تفسير جليل على القرآن العظيم يشبه تفسير القاضي البيضاوي، «وعلى التاريخ الحافل الذي سماه الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل؛ الحاوي لكل فائدة وغريبة ولتراجم أعيان البلدين». «وله الطبقات المشهورة التي سماها المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد، والتي لم يسمح الزمان بمثالها ولم ينسج ناسج على منوالها» «وتاريخ جليل ابتدأ فيه من سيدنا آدم إلى سنة ست وتسعين وثمانمائة مرتباً على السنين ذاكراً فيه الحوادث العجيبة والوقائع الغريبة على وجه الاختصار».

«وله غير ذلك من التأليف والفوائد وكلها عليها الرونق والبهجة لحسن إخلاصه ومزيد اختصاصاته».

ونسب إليه صاحب كتاب «هدية العارفين» كتاباً أسماه «إتحاف الزائر وإطراف المقيم المسافر» وسمّاه الأستاذ الأرناؤوط «إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر» في زيارة النبي ^، وهو لمجير الدين أبي اليمن عبد الصمد بن عبد الوهاب بن عساكر.

كما ذكر الأستاذ الأرناؤوط كتباً أخرى له، هي:

- «الدر المنضد في ذكر أصحاب الإمام أحمد»، وقد اختصر به المنهج الأحمد.

- «التفسير الوجيز» وهو مختصر التفسير الكبير فتح الرحمن.

- «تصحيح الخلاف المطلق في المقنع».

- «الإتحاف» مختصر الإنصاف للماوردي لم يعمل منه إلا النصف.

وفاته:

تذكر معظم المصادر التي ترجمت له بأنه مات في بيت المقدس سنة ٩٢٨هـ/١٥٢١م، وذكر آخرون بأنه مات سنة ٩٢٧هـ/١٥٢٠م، ودفن في مقبرة ماملا التاريخية (مأمن الله) التي دنسها الصهاينة سنة ٢٠١٤م.

زهير ناجي

مراجع للاستزادة:

- ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب (دار المسيرة، بيروت ١٩٧٩م).

- محمد جميل الشطي الحنبلي، مختصر طبقات الحنابلة (مطبعة الترقي، دمشق ١٩٢١م).

- عبد الرحمن العليمي الحنبلي، المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد، تح: الأرناؤوط ورفاقه (دار البشائر، دمشق، ودار صادر، بيروت ١٩٩٧م).

- نجم الدين محمد الغزي، الكواكب السائرة في أعيان المائة العاشرة، تح: جبرائيل جبور (بيروت ١٩٧٩م).


- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد السادس مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق