البراق (حائط-)
براق (حايط)
-
عماد الدغلي
حائط البراق أو كما يعرف بالحائط الغربي للمسجد الأقصى المبارك، يقع ضمن مدينة القدس القديمة، بين باب السلسلة الواقع أسفل «باب المغاربة»- أحد أبواب الحرم القدسي الشريف [ر] - والقاعة الأيوبية أسفل مبنى المدرسة التنكزية.
منظر عام لحائط البراق |
سُمِّي هذا القسم من الجدار الغربي نسبة إلى دابة «البراق، الفرس المجنح»، التي حملت النبي محمد ﷺ ليلة الإسراء والمعراج حين أُسرِي به من مكة إلى القدس.
اشتقت كلمة البراق من البرق لسرعته، وقيل: إنه سمي بذلك لشدة صفائه وبريقه وتلألئه، وقيل لكونه أبيض. وقال القاضي عياض: «يحتمل أنه سُمّي بذلك لكونه ذا لونين، ويقال شاة برقاء إذا كان في خلال صوفها الأبيض طاقات سود، ووُصف في الحديث بأنه أبيض وقد يكون من نوع الشاة البرقاء، وهي معدودة في البيض».
والمعروف عند أهل القدس بالتواتر والتوارث أنه هناك محل يسمى البراق، وهو عند باب المسجد الأقصى المسمى «باب المغاربة»، وهناك مسجد يسمى «مسجد البراق» أيضاً يلاصق الجدار الغربي للمسجد الأقصى، وقد هدمه الصهاينة حين احتلالهم للقدس سنة ١٩٦٧م فيما هدموه من مساجد وآثار وأبنية.
يُعدُّ حائط البراق الذي يمتد حالياً بطول ٣٠م جزءاً لا يتجزأ من الحائط الغربي للحرم القدسي الشريف الذي يزيد طوله عن ١٠٠م، وعلوه على ٢٠م، وعمقه نحو ٧م تحت مستوى سطح الأرض، ويضم خمسة وعشرين مدماكاً من الحجارة، والسفلية منها هي الأقدم. ويختلف المسلمون مع اليهود على هذا الجزء؛ الذي يمتد أمامه رصيف لا يمكن الوصول إليه من الطرف الشمالي إلا بوساطة زقاق ضيق، يبدأ من شارع «باب السلسلة».
وفي سنة ١٣٤٨هـ/١٩٢٩م فُتح باب عند الطرف الجنوبي من الحائط يؤدي إلى عدد من البيوت والمساجد، فيما يقوم عند الطرف الشمالي من الرصيف حائط يفصل هذه الجهة عن الفناء الكائن أمام مقر مفتي القدس.
الزاوية الشمالية للحائط |
الزاوية الجنوبية للحائط |
ومن الجدير ذكره أن حائط البراق يقع ضمن حرم الوقف المغربي في القدس، وكان الوصول إليه حتى شهر حزيران/ يونيو ١٩٦٧م عبر أزقة حارة المغاربة وممراتها التي كانت تقود إلى الجزء المكشوف من الحائط، بلغ طول هذا الجزء من الحائط في حينه ٢٨م، وكان يتقدمه ممشى مرصوف بالحجر، لم يزد عرضه على 3.3م. يتكوّن هذا الجزء من حائط البراق من أربعة وعشرين مدماكاً ذات أحجام مختلفة، ويبلغ ارتفاعه نحو ١٨م من مستوى أرضية الممشى، ونحو ٦م من مستوى أرضية الحرم القدسي الشريف، وإن جميع مداميك الحائط هي من العهود الإسلامية المختلفة؛ إذ يعود الجزء السفلي منها إلى العصر الأموي (٤١-١٣٢هـ/٦٦١-٧٥٠م)؛ في حين تعود المداميك العلوية إلى العصر المملوكي (٦٥٨-٩٢٢هـ/١٢٦٠-١٥١٦م)، أما المداميك العلوية الأخيرة فقد أضيفت بعد سنة ١٣٨٧هـ/١٩٦٧م من قِبَل دائرة الأوقاف الإسلامية.
هُدِمت حارة المغاربة المجاورة لحائط البُراق مباشرة بعد حرب حزيران سنة ١٣٨٧هـ/١٩٦٧م، وكان الهدم كاملاً وشمل المباني التاريخية المتاخمة لحائط البراق؛ ولا سيما تلك الممتدة باتجاه الجنوب، وسُوِّيت المباني القائمة أمام هذا الحائط بالأرض فأنتجت ساحة كبيرة عُرفت باسم ساحة الحائط الغربي، وأدَّى هذا الهدم- إضافة إلى ما أُطلق عليه «حفريات الحائط الغربي»- إلى توسع القسم الظاهر من الجدار وكشف أجزاء سفلية منه، ومنها قناة للمياه عبر نفق طويل؛ عُرف لاحقاً باسم نفق الحائط الغربي.
حائط البراق ذو أهمية دينية إسلامية كبيرة، وهو بناء إسلامي؛ وكان من الطبيعي أن يستعمل المسلمون في بنائه حجارة مبانٍ هُدِمت قبل الفتح الإسلامي، وتم هذا في عصور مختلفة؛ أهمها العصران الأموي والمملوكي. وحائط البراق جزء أساسي من الحرم القدسي الشريف من الناحيتين المعمارية والدينية، ويُطبَّق عليه ما يُطبَّق على الحرم القدسي الشريف ومكوناته من اعتبارات تشريعية ودينية.
وقد انتهت لجنة دولية- تشكلت بموافقة عصبة الأمم- وتكونت من ثلاثة أعضاء من السويد وسويسرا وهولندا إلى قرار أصدرته في ١٤/١/١٩٣٠م؛ ومفاده أن حائط البراق ملك إسلامي عربي خالص، وليس جزءاً من أي مبانٍ قديمة كالهيكل المزعوم الذي يدعيه اليهود.
مراجع للاستزادة: - مجير الدين الحنبلي، الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل (عمان ١٩٧٣م). - غزوان ياغي، عبقرية التخطيط والبناء في قبة الصخرة، الندوة الدولية القدس عبر التاريخ، بمناسبة احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية لعام ٢٠٠٩م. - عبد اللطيف الطيباوي، «حائط البراق والأوقاف الإسلامية»، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد ٢، العدد٥٥، ١٩٨٠م، ص ٢٦٦- ٢٨٧. |
- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد الثالث مشاركة :