الاتفاقيات الدولية المعنية ب-الآثار
اتفاقيات دوليه معنيه باثار
International agreements on Cultural Heritage - Accords internationaux sur le Patrimoine Culturel
الاتفاقيات الدولية المعنية بالآثار
أيمن سليمان
اتفاقية حماية الممتلكات الثقافية في حال نزاع مسلح "اتفاقية لاهاي"
اتفاقية لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي
اتفاقية يونيدروا بشأن الممتلكات الثقافية والمصدرة بطرق غير مشروعة
اتفاقية التراث الثقافي المغمور بالمياه
يوجد على الصعيد الدولي مجموعة من الاتفاقيات والتوصيات التي أقرَّتها منظمة اليونسكو للتربية والعلوم والثقافة أو أُقرت تحت رعايتها، وهي تنص على القواعد التي تنظم حماية التراث الثقافي.
وبعض هذه الاتفاقيات والتوصيات يُعنى على نحو أوثق بالعلاقات الدولية؛ فهو ينص على القواعد التي يُتوقع من الدول أن تراعيها في علاقاتها فيما بينها سوا ً في زمن الحرب أم في وقت السلم، ومثالاً على ذلك وثائق اليونسكو بشأن حماية التراث الثقافي في حالة نزاع مسلَّح، وبشأن حظر استيراد الممتلكات الثقافية على نحو غير مشروع، وبشأن تقديم المساعدة الدولية في حماية التراث العالمي الثقافـي والطبيعـي، وبشأن التعاون الدولي باستعادة الثروات الثقافية المسروقة أو المصدرة على نحو غير شرعي؛ كذلك حماية التراث المغمور بالمياه.
إن التراث الثقافي الذي يزخر به العالم قد يتعرض للسرقة والنهب والتدمير والإهمال زمن السلم، ومن هنا جا اهتمام منظمة اليونسكو بالتراث الثقافي بعدّه أولاً وقبل كل شي تراثاً ثقافياً إنسانياً؛ وذلك عن طريق الاتفاقيات الدولية التي تضع القيود التي تمنع، وتَحدُّ من سرقة الممتلكات الثقافية وتدميرها واستيرادها ونقلها بطرق غير مشروعة.
وفي زمن الحروب؛ فإن الممتلكات الثقافية والتراث الثقافي بمختلف أشكاله يتعرضان في الدول الفقيرة للنهب والسرقة والنقل خارج حدود مواطنها الأصلية.
وكثيراً ما تعجز الدول الفقيرة عن استرجاع ما سُلب من ممتلكاتها الثقافية؛ وبالتالي فإن ملاذ هذه الدول هو الاستنجاد بمنظمة اليونسكو ومرجعياتها القانونية، والمُتمثلة في الاتفاقيات الدولية التي سنَّتها هذه المنظمة خلال النصف الأخير من القرن الماضي، وبدايات القرن الحالي.
في هذا البحث سيتم إلقا الضو على نحو موجز على أهم الاتفاقيات الدولية التي تُعنى بحماية التراث الثقافي وإدارته في العالم.
أولاً- اتفاقية حماية الممتلكات الثقافية في حال نزاع مسلح "اتفاقية لاهاي" عام 1954م:
تُعدّ هذه الاتفاقية مكملة للاتفاقية الرابعة لعام 1907 بشأن قوانين الحرب البرية وأعرافها، والتي أقرت لأول مرّة شكلاً بدائياً من أشكال الحماية الدولية للمباني المخصَّصة للفنون والعلوم والآثار التاريخية.
وهي تشتمل على أحكام لحماية الممتلكات المنقولة والثابتة التي تتسم بأهمية كبيرة بالنسبة إلى التراث الثقافي في العالم، وتجعل من احترام تلك الممتلكات أمراً إلزامياً. واحترام الممتلكات المشمولة بالحماية أمر ملزم في أوقات النزاع المسلح للدولة التي توجد في أراضيها ولأعدائها على السوا .
ويقتضي احترام الممتلكات المشمولة بالحماية على هذا النحو من الدول الأطراف في الاتفاقية أن تمتنع عن أي استخدام لها للتدمير، وعن أي عمل عدائي موجه ضدها، وتتعهد تلك الدول أيضاً بأن تحظِّر؛ وتمنع عند الضرورة أي شكل من أشكال السرقة أو النهب أو الاختلاس أو التخريب يُقترف ضد الممتلكات الثقافية.
وتنص الاتفاقية على واجب الدول الأطراف أن تُرسل إلى المدير العام لليونسكو مرّة على الأقل كل أربع سنوات تقريراً عن أي تدابير يجري اتخاذها أو إعدادها أو النظر فيها عملاً بالاتفاقية أو لائحتها التنفيذية.
-1 المحاور الرئيسية للاتفاقية:
وزِّعت نصوص الاتفاقية على سبعة أبواب وفصل خاصّ بالأحكام الختامية، وقد تَضمَّن الباب الأول الأحكام العامة بشأن الحماية، وفيه تعريف الممتلكات الثقافية مهما كان أصلها أو مالكها، فهي:
أ- الممتلكات المنقولة أو الثابتة ذات الأهمية الكبرى لتراث الشعوب الثقافي.
ب- المباني المخصَّصة بصفة رئيسية وفعلية لحماية الممتلكات الثقافية المنقولة وعرضها.
ج- المراكز التي تحتوي مجموعة كبيرة من الممتلكات الثقافية.
بموجب هذه الاتفاقية على الدولة المتعاقدة التي تحتل جز اً من أراضي إحدى الدول المتعاقدة الأخرى أو كلّها أن تعمل على تقوية جهود السلطات الوطنية المختصة في المناطق الواقعة تحت الاحتلال بقدر استطاعتها في سبيل وقاية ممتلكاتها الثقافية والمحافظة عليها، وأن تُدرج في وقت السلم - في اللوائح والتعليمات الخاصة بقواتها العسكرية - أحكاماً تضمن تطبيق هذه الاتفاقية، وتضمَّن الباب الثاني أحكاماً في الحماية الخاصة، حيث يجوز أن يوضع تحت الحماية الخاصة عدد محدود من المباني المخصَّصة لحماية الممتلكات الثقافية المنقولة، والممتلكات الثقافية الثابتة ذات الأهمية الكبرى على أن تكون على مسافة كافية من أي مركز صناعي كبير أو أي هدف حربي مهم يعدّ نقطة حيوية، وألا تستعمل لأغراض حربية، وتُمنح الحماية الخاصة للممتلكات الثقافية بقيدها في "السجل الدولي للممتلكات الثقافية الموضوعة تحت نظام الحماية الخاصة"، وأوجبت الاتفاقية وضع الشعار المميز الخاص بهذه الاتفاقية على الممتلكات الثقافية الموضوعة تحت نظام الحماية الخاصة، وفي حال مخالفة أحد الأطراف المتعاقدة للالتزامات المذكورة أعلاه؛ فإن الطرف المعادي بات غير مقيد بالتزامه حصانة الممتلكات المذكورة مادامت المخالفة مستمرة.
وتضمَّن الباب الثالث الأحكام الخاصة بنقل الممتلكات الثقافية الخاضعة للحماية الخاصة حيث يتم النقل بإشراف ذي طابع دولي، كذلك النقل في الحالات العاجلة، حيث يجوز لأي طرف عضو في الاتفاقية أن يستعمل الشعار الذي أقرته الاتفاقية إذا ارتأى أن سلامة بعض الممتلكات الثقافية تتطلب نقلها على عجل. ويجب بقدر الإمكان إخطار الطرف المعادي بهذا النقل نظراً لتعهد الأطراف المتعاقدة - بقدر استطاعتها- اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية عمليات النقل والتي تحمل الشعار من أي أعمال عدائية موجهة ضدها.
وفي الباب الرابع نصت الاتفاقية على وجوب احترام الموظفين المكلفين حماية الممتلكات الثقافية والسماح لمن يقع منهم في يد الطرف المعادي بالاستمرار في تأدية واجبه.
وشعار الاتفاقية كما تم وضعه بالباب الخامس درع مدبب من أسفل مكون من قطاعات منفصلة بألوان الأزرق والأبيض (وهذا الدرع مكون من مربع أزرق اللون يحتل إحدى زواياه القسم المدبب الأسفل ويقع فوق هذا المربع مثلث أزرق اللون، وكلاهما يحدد مثلثاً أبيض من كل جانب) وحدد الباب السادس نطاق تطبيق الاتفاقية فهي واجبة التطبيق في حالة إعلان حرب أو نشوب نزاع مسلح بين طرفين أو أكثر من الأطراف المتعاقدة، وفي جميع حالات الاحتلال الكلي أو الجزئي لأراضي أحد الأطراف المتعاقدة، وترتبط جميع هذه الأطراف بهذه الاتفاقية فيما يختص بعلاقاتها المتبادلة حتى لو اشتبكت في نزاع مسلَّح مع دولة لم تكن طرفاً بها كذلك تطبَّق الاتفاقية في المنازعات التي ليس لها طابع دوليّ.
ونصَّ الباب السابع على كيفية تنفيذ الاتفاقية حيث تحدد اللائحة التنفيذية - والتي تُعدّ جز اً لا يتجزأ من الاتفاقية - كيفية تطبيقها، كما نصَّ على تعهد الأطراف المتعاقدة بالعمل على نشر نص الاتفاقية ولائحتها التنفيذية على أوسع نطاق ممكن في أراضيها، سوا ً في وقت السلم أم في حالة نزاع مسلَّح، وتُقدم إلى المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة مرّة على الأقل كل أربعة أعوام تقريراً يشمل المعلومات التي تراها مناسبة عن الإجرا ات التي اتخذتها أو أعدتها أو التي نفذتها تطبيقاً للاتفاقية ولائحتها التنفيذية .
وتتعهد تلك الأطراف في نطاق تشريعاتها الجنائية بأن تتخذ جميع الإجرا ات التي تكفل محاكمة الأشخاص الذين يخالفون أحكامها، أو يأمرون بما يخالفها.
ثانياً- اتفاقية بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر استيراد ملكية الممتلكات الثقافية وتصديرها ونقلها بطرق غير مشروعة (تشرين الثاني/نوڤمبر- باريس 1970):
الغرض من هذه الاتفاقية إقرار المبادئ والمعايير التي نصَّت عليها، والتي اعتمدها المدير العام في سنة 1964، وجعلها ملزمة للدول الأطراف فيها، فالممتلكات الثقافية لا تُحمى لأسباب تاريخية أو فنيِّة فقط بل لصالح العلم أيضاً.
وإن نقل الملكية والاستيراد والتصدير ليس محظوراً بصورة تلقائية بالنسبة إلى جميع الممتلكات المشمولة بهذا التعريف، إذ إن على كل دولة طرف في الاتفاقية أن تقر لوائح تنظيمية بشأن العمليات التي تمس الممتلكات الواقعة في أراضيها وتقرر أيُّها مشروع وأيُّها غير مشروع.
أقرَّ هذه الاتفاقية المؤتمر العام لليونسكو في دورته السادسة عشرة المنعقدة في باريس في 14تشرين الثاني/نوڤمبر 1970، وقد دخلت حيِّز التنفيذ في 24 نيسان/أبريل 1972.
-1 نصوص الاتفاقية:
تضمنت الاتفاقية ستاً وعشرين مادة تمحورت حول الأحكام والنصوص التالية:
أ- تعريف الممتلكات الثقافية: طوَّرت هذه الاتفاقية تعريف "الممتلكات الثقافية" الوارد في اتفاقية لاهاي لعام 1954؛ حيث باتت تعني "الممتلكات الثقافية" لأغراض هذه الاتفاقية: الممتلكات التي تقرر كل دولة -لاعتبارات دينية أو علمانية - أهميتها لعلم الآثار، أو ما قبل التاريخ، أو الأدب، أو الفن، أو العلم، التي تدخل في إحدى الفئات التالية:
- (1) المجموعات والنماذج النادرة في مملكتي الحيوان والنبات.
- (2) الممتلكات المتعلقة بالتاريخ .
- (3) نتاج الحفائر الأثرية والاكتشافات الأثرية.
- (4) الآثار التي مضى عليها أكثر من مئة عام.
- (5) الأشيا ذات الأهمية الاثنولوجية.
-(6) الممتلكات ذات الأهمية الفنية.
ب- أوجبت هذه الاتفاقية على الدول الأطراف فيها أن تعترف بأن استيراد ملكية الممتلكات الثقافية وتصديرها ونقلها بطرق غير مشروعة هي من الأسباب الرئيسية لإفقار التراث الثقافي في المواطن الأصلية لهذه الممتلكات؛ وبأن التعاون الدولي هو من أجدى وسائل حماية الممتلكات الثقافية في كل بلد من جميع الأخطار الناجمة عن ذلك، ولهذه الغاية تتعهد الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بمناهضة تلك الأساليب بكل الوسائل المتوافرة لديها واستئصال أسبابها.
ج- حددت الاتفاقية الممتلكات التي تُشكّل وفقاً لأغراض هذه الاتفاقية جز اً من التراث الثقافي لكل دولة، ولضمان حماية الممتلكات الثقافية من عمليات الاستيراد والتصدير ونقل الملكية بطرق غير مشروعة تتعهد الدول الأطراف بأن تُنشئ في أراضيها دائرة وطنية أو أكثر لحماية التراث الثقافي وتقوم بجملة مهام ذكرتها الاتفاقية لضمان الحماية اللازمة للممتلكات الثقافية؛ وأن تقوم بوضع شهادة مناسبة تُبيِّن الدولة المصدرة بموجبها أن تصدير الملك الثقافي مرخص به، وأن تُحظّر تصدير الممتلكات الثقافية من أراضيها ما لم تكن مصحوبة بشهادة تصدير قانونية.
وتتعهد الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بأن تتخذ كل التدابير اللازمة لمنع المتاحف والمؤسسات المماثلة القائمة في أراضيها من اقتنا ممتلكات ثقافية واردة من دولة أخرى طرف في هذه الاتفاقية ومصدرة بطرق غير مشروعة بعد العمل بهذه الاتفاقية في الدولتين المعنيتين، وأن تحظر استيراد الممتلكات الثقافية المسروقة من متحف أو مبنى أثري عام.
وأن تعمل عن طريق التربية والإعلام على الحد من حركة انتقال الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، من أي دولة طرف في هذه الاتفاقية؛ وأن تسعى إلى غرس الوعي وتنميته بين أفراد الشعب بقيمة الممتلكات الثقافية وبما تمثّله السرقات والحفائر السرية والتصدير غير المشروع من خطر على التراث الثقافي؛ وأن تمنع بكل الوسائل عمليات نقل ملكية الممتلكات الثقافية التي من شأنها أن تشجع استيراد هذه الممتلكات أو تصديرها بطرق غير مشروعة وأن تحرص على تعاون دوائرها المختصة لتسهيل إعادة الممتلكات الثقافية المصدرة بطرق غير مشروعة إلى صاحبها الشرعي بأسرع ما يمكن؛ وأن تقبل دعاوى استرداد الممتلكات الثقافية المفقودة أو المسروقة التي يقيمها أصحابها الشرعيون أو تُقام باسمهم، كذلك أن تعترف لكل دولة طرف في هذه الاتفاقية بحقها غير القابل للتقادم في تصنيف ممتلكاتها الثقافية أو استردادها، وتتعهد الدول الأطراف بأن تُقدم للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة والعلم والثقافة تقريراً عن كيفية تطبيقها للاتفاقية.
ثالثاً- اتفاقية لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي:
تستهدف تعميم تطبيق الممارسات السابقة للمنظمة فيما يتعلق بالتعاون الدولي من أجل حماية التراث الثقافي للبشرية وتجميع هذه الممارسات على نحو ما كما أنها توسع نطاق هذا التعاون؛ ليشمل التراث الطبيعي الذي زادت ضرورة حمايته على نحو واضح من حيث إن التلوث البيئي قد تفاقم إلى حد كبير.
وتُقر الاتفاقية مبدأين أساسيين، أولهما: أن كل دولة طرف في الاتفاقية تعترف بأن واجب كفالة صون عناصر التراث العالمي الواقع في أراضيها إنما يقع على عاتقها في المقام الأول، وتتعهد بالعمل في سبيل هذه الغاية بأقصى ما تتيحه لها مواردها الخاصة. والمبدأ الثاني هو أن جميع الدول المتعاقدة تعترف بأن من واجب المجتمع الدولي في مجموعه أن يتعاون في تأمين صون التراث الذي يتسم بطابع عالمي.
ولهذا الغرض يُطلب من كل دولة طرف في الاتفاقية أن تعدّ قائمة بالممتلكات التي تشكل جز اً من التراث الثقافي والطبيعي الواقع في أراضيها والذي يستحق الحماية بموجب الاتفاقية، وعلى أساس هذه القوائم تعيّن لجنة التراث العالمي البنود التي يُمكن أن تستفيد- بوصفها جز اً من التراث العالمي- من تدابير الحماية والدعم التي تنص عليها هذه الاتفاقية التي أقرها المؤتمر العام لليونسكو في دورته السابعة عشرة المنعقدة في باريس في 16تشرين الثاني/نوڤمبر 1972 ودخلت حيز التنفيذ في 17كانون الأول/ديسمبر 1975.
- 1نصوص الاتفاقية:
تضمنت الاتفاقية ثماني وثلاثين مادة تمحورت حول الأحكام والنصوص تضمنت:
أ- تعريف "التراث الثقافي" لأغراض هذه الاتفاقية:
> الآثار: الأعمال المعمارية وأعمال النحت والتصوير على المباني والعناصر أو التكاوين ذات الصفة الأثرية والنقوش والكهوف ومجموعات المعالم التي لها جميعاً قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم.
> المجمعات: مجموعات المباني المنعزلة أو المتصلة التي لها بسبب عمارتها أو تناسقها أو اندماجها في منظر طبيعي قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم .
> المواقع: أعمال الإنسان أو الأعمال المشتركة بين الإنسان والطبيعة.
ب- "التراث الطبيعي": هو المعالم الطبيعية المتآلفة من التشكلات الفيزيائية أو البيولوجية أو من مجموعات هذه التشكلات التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة النظر الجمالية أو العلمية، والتشكيلات الجيولوجية أو الفيزيوغرافية والمناطق المحددة بدقة مؤلفة موطن الأجناس الحيوانية أو النباتية المهددة والمواقع الطبيعية أو المناطق الطبيعية التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر العلم أو المحافظة على الثروات أو الجمال الطبيعي.
ج- نصت الاتفاقية في مجال الحماية الوطنية والحماية الدولية للتراث الثقافي والطبيعي أن تعمل كل دولة من الدول الأطراف في الاتفاقية على تعيين التراث الموجود في أراضيها وحمايته والمحافظة عليه ونقله للأجيال القادمة، وبالتالي عليها العمل وضمن حدود إمكاناتها على ما يلي:
- (1) اتخاذ سياسة عامة تستهدف جعل التراث الثقافي الطبيعي يؤدي وظيفة في حياة الجماعة وإدماج حماية هذا التراث في مناهج التخطيط العام .
- (2) تأسيس دائرة أو عدة دوائر في إقليمها لحماية التراث الثقافي وعرضه.
- (3) تنمية الأبحاث العلمية والتقنية في هذا المجال.
- (4) اتخاذ التدابير اللازمة لتعيين هذا التراث وحمايته والمحافظة عليه.
- (5) دعم إنشا مراكز التدريب الوطنية والإقليمية أو تنميتها في مضمار حماية التراث الثقافي والطبيعي والمحافظة عليه وعرضه.
وتعترف الدول الأطراف في هذه الاتفاقية بأهمية التراث الثقافي والطبيعي الذي يُمثل تراثاً عالمياً تستوجب حمايته تعاوناً دولياً، وتتعهد بأن تقدم مساعدتها وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية في هذا الشأن .
د- أنشأت هذه الاتفاقية لجنة دولية حكومية لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي ذي القيمة العالمية الاستثنائية عرفت باسم (لجنة التراث العالمي).
هـ- كما ألزمت كل دولة طرف في هذه الاتفاقية أن ترفع إلى لجنة التراث العالمي جرداً بممتلكات التراث الثقافي والطبيعي الواقع في إقليمها والتي تصلح لأن تُسجل في "قائمة التراث العالمي" بعد تطبيق المعايير التي تتخذها للقيمة العالمية الاستثنائية. كما أنه لا يُدرج بند في قائمة التراث العالمي؛ إلا بموافقة الدولة المعنية، ولا يؤثر إدراج ملك واقع في أرض تكون السيادة أو الاختصاص عليها موضوع مطالبة عدة دول على حقوق الأطراف في المنازعة.
و- أنشأت الاتفاقية صندوقاً لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي ذي القيمة العالمية الاستثنائية عُرف باسم "صندوق التراث العالمي".
ومنحت الحق لكل دولة طرف فيها أن تطلب عوناً دولياً في مصلحة ممتلكات التراث الثقافي أو الطبيعي ذي القيمة العالمية الاستثنائية الواقعة في إقليمها.
رابعاً- اتفاقية يونيدروا بشأن الممتلكات الثقافية والمصدرة بطرق غير مشروعة:
المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص (اليونيدروا) : هو منظمة حكومية تتكون من 59 عضواً، ومقرّه روما، وقد استعانت منظمة اليونسكو بهذا المعهد في عام 1984 عندما أثارت اتفاقية اليونسكو لعام 1970 عدة تساؤلات تتعلق بالقصور التشريعي في بعض جوانبها، وعدم وضوح القواعد والتشريعات الوطنية الخاصة بحماية حسن نوايا المشتري مثلاً، وغياب بعض الشروط التي تتعلق بالالتزام العام في الاتفاقية نحو احترام قوانين التصدير في الدول الأخرى، وقد تسببت هذه العقبات بإعاقة بعض بنود اتفاقية اليونسكو لعام 1970. لذا توجهت منظمة اليونسكو إلى رئيس المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص الذي قدَّم نصَّاً نهائياً في العام 1995، وعلى إثره دعت الحكومة الإيطالية إلى عقد مؤتمر دبلوماسي في روما حضره ممثلو سبعين دولة تبنَّت في هذا المؤتمر اتفاقية دولية عُرفت فيما بعد باتفاقية اليونيدروا.
والجدير ذكره أن اتفاقية اليونسكو لعام 1970 المتعلقة بالاتجار غير المشروع في الممتلكات الثقافية قد حددت العلاقة بين الحكومات فيما يخص هذا النوع من الاتجار غير المشروع، وأغفلت وقتئذٍ - وعن غير قصد- العلاقة بين مالك القطعة المسروقة أو المُدعى سرقتها وقانونية استرجاعها إلى أصحابها الأصليين أو موطنها الأصلي مع ملاحظة استحالة استرجاعها خاصةً عند إعادة بيعها إلى طرف ثالث أو رابع في أحد المزادات الدولية، أما النقطة الأساسية الثانية التي لم تُشر إليها اتفاقية عام 1970، في حين أشارت إليها اتفاقية يونيدروا؛ فهي إعادة القطعة المسروقة إلى أصحابها الأصليين سوا كان مالكها علم أم لم يعلم بأن القطعة أو القطع تم سرقتها، وحتى مبدأ التعويض عن استرجاع القطعة لم يكن وارداً في اتفاقية يونيدروا؛ إلا في حالة ما إذا كان مالكها يجهل أن القطعة التي بحوزته مسروقة، وبهذا فإن اتفاقية يونيدروا قد أكملت النقص الموجود في اتفاقية اليونسكو لعام 1970.
-1 نصوص الاتفاقية:
تضمَّنت الاتفاقية إحدى وعشرين مادة وزّعت على خمسة فصول تمحورت حول الأحكام والنصوص التالية:
أ- مجال تطبيق هذه الاتفاقية على المطالبات ذات الطابع الدولي المتعلقة بما يلي:
- (1) رد الممتلكات الثقافية المسروقة.
- (2) إعادة الممتلكات الثقافية المنقولة من أراضي الدولة المتعاقدة على نحو غير مشروع، وذلك بهدف حماية تراثها الثقافي.
ولأغراض هذه الاتفاقية تُعدّ في عداد الممتلكات الثقافية الممتلكات التي تتسم بالأهمية لاعتبارات دينية أو دنيوية، بالنسبة إلى علم الآثار أو علم ما قبل التاريخ أو علم التاريخ أو الأدب أو الفن أو العلم والتي تندرج في إحدى الفئات المذكورة في ملخص هذه الاتفاقية.
ب- إعادة الممتلكات الثقافية المسروقة:
- (1) على كل من بحوزته ممتلك ثقافي مسروق أن يردَّه.
- (2) لأغراض هذه الاتفاقية يُعدّ قطعة مسروقة أي ممتلك ثقافي يُستخرج عن طريق عمليات تنقيب غير مشروعة أو يُستخرج بطريقة غير مشروعة، ويحتفظ به بطرق غير مشروعة طبقاً لأحكام الدولة التي تجري فيها أعمال التنقيب.
- (3) تُقدم المطالبة برد أي ممتلك ثقافي في غضون فترة أقصاها ثلاث سنوات بد اً من التاريخ الذي يعلم فيه المُطالب بمكان وجود الممتلك وهوية حائزه. وفي جميع الحالات تقُدم المطالبة في غضون فترة أقصاها خمسون سنة بد اً من تاريخ حدوث السرقة.
- (4) ومع ذلك فإن المطالبة برد أي ممتلك ثقافي لا تخضع لتحديد زمني سوى فترة ثلاث سنوات بد اً من التاريخ الذي يعلم فيه المطالب بمكان وجود الممتلك الثقافي وهوية حائزه.
- (5) استثنا من أحكام الفقرة السابقة يجوز لأي دولة متعاقدة أن تعلن أن المطالبة يجب أن تُقدم في غضون مهلة أقصاها 75 سنة أو أي مهلة أطول من ذلك ينص عليها قانونها.
- (6) لأغراض هذه الاتفاقية يُقصد بعبارة "مجموعة مقتنيات عامة" أي مجموعة من الممتلكات الثقافية تكون قد أُعدت بها قائمة حصر أو تم تحديدها بطريقة أخرى، وتكون ملكاً للدولة المتعاقدة أو سلطة إقليمية أو محلية لدولة متعاقدة أو مؤسسة دينية في دولة متعاقدة أو مؤسسة منشأة أساساً لغرض ثقافي أو تربوي أو علمي في دولة متعاقدة.
ج- يحق لكل من بحوزته ممتلك ثقافي مسروق -وعليه أن يعيده - أن يتلقى عند رده تعويضاً عادلاً معقولاً شريطة ألا يكون قد علم أو ما كان له في حدود المعقول أن يعلم أن الممتلك الذي بحوزته مسروق، وأن يمكنه أن يثبت أنه كان قد اتخذ عند اقتنائه ما يلزم من الاحتياطات.
د- وفيما يتعلق بإعادة الممتلكات الثقافية التي صُدرت بطرق غير مشروعة؛ فإن للدولة المتعاقدة أن تطلب من المحكمة أو من أي سلطة مختصة أخرى في دولة متعاقدة أخرى أن تأمر بإعادة ممتلك ثقافي صُدِّر من أراضي الدولة الطالبة بطرق غير مشروعة.
هـ- لحائز الممتلك الثقافي الذي اقتناه بعد تصديره بطريقة غير مشروعة أن يتلقى من الدولة الطالبة عند إعادة الممتلك تعويضاً عادلاً ومعقولاً شريطة ألا يكون قد علم أو ما كان بالإمكان له في حدود المعقول أن يعلم عند اقتنائه الممتلك أن هذا الممتلك قد صُدِّر بطريقة غير مشروعة، وتتحمل الدولة الطالبة النفقات المترتبة على إعادة الممتلك الثقافي وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية.
و- على الرغم من أحكام التقادم التي نصَّت عليها هذه الاتفاقية على المطالبة بالممتلكات الثقافية المسروقة أو المصدرة على نحو غير شرعي؛ فإنها - استثنا من تلك الأحكام- قد نصت على أنه لا يحول أي من أحكام هذه الاتفاقية دون قيام أي دولة متعاقدة بتطبيق أية قواعد أخرى غير القواعد المنصوص عليها في هذه الاتفاقية يمكن أن تكون أكثر ملا مة لرد ممتلكات ثقافية مسروقة أو مصدرة بطريقة غير مشروعة أو إعادتها.
ز- لا تسري أحكام النصوص المتعلقة بإعادة الممتلكات الثقافية المسروقة المنصوص عليها في هذه الاتفاقية إلا بشأن الممتلكات الثقافية التي تُسرق بعد تاريخ نفاذ هذه الاتفاقية بالنسبة إلى الدول التي تتلقى طلباً بخصوص هذه الممتلكات وذلك شريطة ما يلي:
- (1) أن يكون الممتلك قد سُرِق من أراضي دولة متعاقدة بعد تاريخ نفاذ هذه الاتفاقية بالنسبة إلى هذه الدولة.
- (2) أن يكون الممتلك موجوداً في دولة متعاقدة بعد تاريخ نفاذ هذه الاتفاقية بالنسبة إلى هذه الدولة.
خامساً- اتفاقية التراث الثقافي المغمور بالمياه:
التراث الثقافي المغمور بالمياه: هو تراث شأنه في ذلك شأن الأنواع الأخرى من التراث الثقافي الإنساني المادي وغير المادي، وعلى الرغم من أن هذه الاتفاقية لم تشر على نحو تفصيلي إلى ماهية "التراث الثقافي" وطرق صونه واستغلاله أو تملكه، والتصرف فيه؛ فإنها تضمنت أحكاماً عامة لقانون البحار. كما أشارت إلى أن القطع الأثرية والتاريخية التي يُعثر عليها يجب صونها والمحافظة عليها والتصرف فيها لمصالح الإنسانية.
وقد جا ت اتفاقية اليونسكو للتراث الثقافي المغمور بالمياه لعام 2001 استكمالاً للنقص في الاتفاقية الدولية المتعلقة بعلوم البحار كما أنها أرست قواعد محكمة للتعاون الدولي في مجالات التنسيق والحماية وتبادل المعلومات والخبرات، وشدّدت على أهمية التدريب واستخدام التقنيات الحديثة في الكشف عن التراث المغمور بالمياه، وأشارت إلى عدم جواز تفسير أي من نصوصها بما يمس حقوق الدول وواجباتها بمقتضى القانون الدولي بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار كما أنها لا تمس القواعد الخاصة بالقانون الدولي في المسائل التي تخص الحصانات السيادية.
أقر هذه الاتفاقية المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة الذي اجتمع في باريس في الفترة من 15 تشرين الأول/أكتوبر إلى تشرين الثاني/نوڤمبر 2001 في دورته الحادية والثلاثين، واعتمدت في اليوم الثاني من شهر تشرين الثاني/نوڤمبر 2001.
1- نصوص الاتفاقية:
تضمنت الاتفاقية 35 مادة تمحورت حول المواضيع والنصوص التالية:
أ- تعريف "التراث الثقافي المغمور بالمياه" بأنه جميع آثار الوجود الإنساني التي تتسم بطابع ثقافي أو تاريخي أو أثري والتي ظلت مغمورة بالمياه جزئياً أو كلياً بصورة دورية أو متواصلة لمدة مئة عام على الأقل. وقد هدفت هذه الاتفاقية إلى حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه وحث الدول الأطراف على اتخاذ التدابير المناسبة.
ب- منحت هذه الاتفاقية كل دولة طرف فيها الحق باستخدام أفضل الوسائل الممكنة عملياً من أجل منع أي آثار ضارة يمكن أن تنشأ من أنشطة تدخل في مجال اختصاصها، وتؤثر بطريقة عرضية على التراث الثقافي المغمور بالمياه أو تخفيفها.
ج- بهدف حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه في المنطقة الاقتصادية الخالية وفي منطقة الرصيف القاري؛ فإنه لا يجوز منح أي ترخيص بإجرا أنشطة تستهدف التراث الثقافي المغمور بالمياه الموجود في المنطقة الاقتصادية الخالصة أو في منطقة الرصيف القاري إلا بما يتفق وأحكام هذه الاتفاقية. كما تتحمل الدول الأطراف المسؤولية عن حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه الموجود في قاع البحار وقاع المحيطات وباطن أرضها، وخارج حدود ولايتها الوطنية وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية وللمادة (149) من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. ويجوز لجميع الدول الأطراف أن تتخذ كلّ التدابير العملية بما يتفق مع أحكام هذه الاتفاقية، حتى قبل إجرا أي مشاورات إذا اقتضى الأمر؛ وذلك لدر أي خطر مباشر يتعرض له التراث الثقافي المغمور بالمياه. كما تتخذ الدول الأطراف التدابير اللازمة لمنع دخول قطع التراث الثقافي المغمور بالمياه المُصدَّرة أو المنتشلة على نحو غير مشروع إلى إقليمها أو الاتجار بها أو حيازتها؛ إذا كانت عملية انتشالها قد تمت على نحو مخالف لأحكام هذه الاتفاقية، وتتخذ كل دولة طرف التدابير اللازمة لضبط التراث الثقافي المغمور بالمياه الموجود في أراضيها والذي تم انتشاله بطريقة لا تتفق وأحكام هذه الاتفاقية، وتقوم كل دولة طرف بتسجيل التراث الثقافي المغمور بالمياه الذي تمّ ضبطه بموجب هذه الاتفاقية وحمايته، وتبلغ الدول الأطراف بأي عملية ضبط قامت بها بموجب هذه الاتفاقية للتراث المغمور بالمياه، وتتعاون وتتبادل الدول الأطراف المساعدة من أجل حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه وإدارة شؤونه.
وتتخذ كل دولة طرف جميع التدابير المناسبة لرفع مستوى الوعي لدى الجمهور بقيمة التراث الثقافي المغمور بالمياه، وبأهمية حماية هذا التراث على النحو الوارد في هذه الاتفاقية.
وتنشئ الدول الأطراف سلطات مختصة أو تقوي السلطات الموجودة بهدف وضع قائمة حصر للتراث الثقافي المغمور بالمياه وإدارة شؤونه وحمايته.
وقد أتُبعت الاتفاقية بقواعد ملحقة تشكل جز اً لا يتجزأ منها.
مراجع للاستزادة: - الاتفاقيات والتوصيات التي أقرتها اليونسكو بشأن حماية التراث الثقافي، منشورات منظمة اليونسكو للتربية والثقافة والعلوم (طبعة 1985). - محمود المبروك الدقداق، التراث والممتلكات الثقافية في اتفاقيات اليونسكو الواقع والتطبيق (الطبعة الأولى). |
- التصنيف : عصور ما قبل التاريخ - النوع : اتفاقيات وقوانين - المجلد : المجلد الأول - رقم الصفحة ضمن المجلد : 163 مشاركة :