logo

logo

logo

logo

logo

التصوير الإلكتروني الفلكي (أجهزة-)

تصوير الكتروني فلكي (اجهزه)

Electronic imaging devices (astronomy) -

التصوير الإلكتروني الفلكي (أجهزة-)

مصطفى صائم الدهر

تطور التصوير الإلكتروني

أهم أنواع التصوير الإلكتروني

تطورات مستمرة في التصوير الإلكتروني 

 

أجهزة التصوير الإلكتروني الفلكي astronomical electronic imaging devices هي أجهزة تسمح بتحويل الضوء إلى إلكترونات، ولها استخدامات مهمة في الفضاء، وغالباً ما يقصد بها منظومة مكونة من حساس (مُحِس) موضوع خلف عدسة مصورة أو مقراب لتحويل الصورة إلى إشارة إلكترونية يمكن تخزينها بغية استرجاعها أو معالجتها. وتعتمد دراسة الفلك على التطورات التقانية؛ فالمقاريب والمراصد الفلكية على سبيل المثال سواء أكانت على سطح الأرض أم في الفضاء تستخدم أجهزة إلكترونية متطورة وحديثة من أجل جمع كل أشكال الضوء وتحليله.

وقد اعتمد الإنسان منذ القدم على العين المجردة وبعض الأدوات البسيطة في الرصد الفلكي لتحديد التوقيت وفصول السنة؛ لأغراض خاصة بالزراعة وبالطقوس الحياتية المختلفة. ومع تطور العلوم والصناعة تمكن الإنسان في القرن السابع عشر من بناء مقاريب (تلسكوبات) telescopes مؤلفة من مجموعة عدسات أو مرايا، فتطورت معها إمكانات الرصد الفلكي. ونجح الإنسان في القرن التاسع عشر في استخدام ألواح التصوير الفوتوغرافي لتسجيل الصور الفلكية، واستخدام موشور زجاجي لدراسة الطيف القادم من النجوم. ثم بُنيَت مقاريب كبيرة الحجم تضمنت مرايا تصل أنصاف أقطارها إلى بضعة أمتار، فأتاحت القيام بقياسات فلكية دقيقة. وأدى إدخال الحواسيب في عملية التحكم في المقاريب الفلكية وإجراء القياسات ومعالجة الصور -في النصف الثاني من القرن العشرين- إلى إغناء البيانات الفلكية. كما أدى تطور صناعة أنصاف النواقل والكواشف الإلكترونية إلى ظهور وسائل جديدة دقيقة للتصوير الإلكتروني وتخزين الصور والبيانات الفلكية.

تطور التصوير الإلكتروني

ازدادت الاكتشافات الفلكية مع تصنيع مقاريب ذات أحجام كبيرة، حفزت على تطوير أجهزة دقيقة للتصوير وتسجيل القياسات، ومع نهاية القرن التاسع عشر أصبح استخدام أفلام التصوير شائعاً، فأتاح ذلك معالجةً كميةً للقياسات الفلكية على الرغم من أن هذه القياسات كانت تُحلَّل بالعين المجردة في ذلك الوقت. ومع تطور الكواشف الإلكترونية والحواسيب في نهاية القرن العشرين تطور الرصد الفلكي ليشمل مجالات من الطيف الكهرطيسي غير المجال المرئي، ومن الجسيمات الأولية وغيرها، منها:

- الإشعاع الكهرطيسي ابتداءً من أشعة غاما حتى الأمواج الراديوية؛ إذ يحتل المجال المرئي من الضوء مجالاً صغيراً فقط (من 390 إلى 780 نانومتر). يبين الشكل (1) مجال الأمواج الكهرطيسية. ويعطى الطول الموجي بالعلاقة (1).

الشكل (1) مجال الأمواج الكهرطيسية.

حيث c سرعة الضوء في الخلاء، وf التردد (التواتر) frequency.

- الإشعاع الكوني؛ وهو جسيمات من مكوِّنات الذرات ذات طاقة عالية.

- جسيمات النترينو neutrino؛ وهي جسيمات معتدلة الشحنة وذات كتلة صغيرة جداً، ويتوافر عدد من المراصد الفلكية لرصد النترينو في العالم، من أشهرها مرصد في داكوتا الجنوبية South Da kota في الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل أحد باحثيه ريموند ديفيس جونيور Raymond Devis Jr عام 2002 على حصة من جائزة نوبل لرصده النترينو الشمسي عام 1969.

- الأمواج الثقالية؛ وهي اضطرابات في حقل الثقالة، تُسبِّب اختلافات صغيرة في بنية الزمكان space - time بحسب النظرية النسبية، ولم تُرصد مباشرة حتى الآن. ولكن هناك أكثر من مشروع قائم لرصد هذه الأمواج، مثل مرصد مقياس التداخل الليزري للأمواج الثقالية Laser Interferometer Gravitational wave Observatory (LIGO) في ولايتي لويزيانا وواشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأ تشغيله في عام 2002.

تُرصد -على سطح الأرض- الطاقة التي تصل من النجوم والكون على شكل إشعاع أو جسيمات، وتسمى الإشعاعية radiance (أو القدرة الإشعاعية). فعلى سبيل المثال؛ تقدر القدرة (الاستطاعة) power التي تطلقها الشمس على شكل ضوء وأشكال أخرى من الإشعاع بقيمة واط (جول/ثانية) تقريباً، وتسمى القدرة الإشعاعية الساقطة على المتر المربع الكثافة الإشعاعية irradiance، وتقاس بـ واط/م2، وتتناسب عكساً مع مربع البعد عن المصدر. ففي حالة متوسط بعد الأرض عن الشمس تتلقى الأرض كثافة إشعاعية بمقدار 1366 واط/م2 خارج الغلاف الجوي الأرضي وتبلغ الكثافة الإشعاعية عند سطح الأرض قرابة 1000 واط/م2 في يوم صافٍ عند الظهر في أشهر الصيف. وتشمل القياسات التي تجري على الإشعاع الكهرطيسي:

- اتجاه الإشعاع وزمن وصوله.

- شدة الإشعاع في حالة الأطوال الموجية المختلفة.

- استقطاب الحقول الكهربائية والمغنطيسية في الإشعاع.

- الطور phase أو العلاقة بين الأمواج.

ويمكن أن تختلف هذه المقادير مع الزمن، وتُقاس بدرجات متفاوتة من الوضوح. ويعطي توزع الكثافة الإشعاعية في حالة طول موجي محدَّد على مجال رؤية محدَّد الصورةَ التي تلتقط للمصدر. وتغني هذه المعلومات الملتقطة المعرفة بالكون.

أهم أنواع التصوير الإلكتروني

اعتمدت بدايات الرصد الفلكي على الرؤية بالعين المجردة، لكن المجال المرئي -حتى مع استخدام المناظير الفلكية- لا يمثل سوى جزء صغير جداً من طيف الإشعاع الكهرطيسي.

وقد تطوَّرت طرائق التصوير الفلكي مع استخدام الألواح الفوتوغرافية، ثم أَحدثت الحساسات المختلفة والطرائقُ الرقمية الحديثة قفزةً نوعية في تخزين الصور الفلكية ومعالجتها، فسمحت بتغطية مجالات أوسع من الطيف الكهرطيسي والجسيمات.

أ- الحساسات الضوئية:

استُخدمت ألواح التصوير الضوئي (الفوتوغرافي) photography منذ اختراعها في الرصد الفلكي. وتعتمد هذه الألواح على بعض مركبات أملاح الفضة، وهي على شكل حبيبات تمتص الضوء وتأخذ اللون الأسود. وتمتلك ألواح التصوير الفوتوغرافي الحديثة حساسية لمجال واسع من الطيف الكهرطيسي يمتد من المجال فوق البنفسجي إلى المجال تحت الأحمر القريب، لكن هذه الأفلام لا يمكنها تمييز النصوع brightness كما هي الحال في طرائق التصوير الإلكتروني.

ب- المضاعِفات الضوئية (الفوتونية) photomultipliers:

مع بداية القرن العشرين بيَّن بلانك Planck أن طاقة الإشعاع الكهرطيسي تتألف من مقدار مكمَّم quantum يعطى بالعلاقة (2):

حيث تمثل ν تردد الإشعاع، وh ثابتة بلانك التي تساوي .

وفي عام 1905 فسَّر آينشتاين Einstein هذه الظاهرة التي أصبحت تعرف بالمفعول الكهرضوئي photoelectric effect على أساس أن الموجة الكهرطيسية (الضوء) مؤلفة من فوتونات، وتسلك هذه الفوتونات سلوك الجسيمات؛ أي إنها تملك طاقةً واندفاعاً، ويمكن أن تقتلع إلكترونات من الذرات في بعض المواد. ووَجَدَ أن سقوط حزمة من الإلكترونات على سطح بعض المواد يؤدي إلى إصدار فوتونات من الضوء (عملية الفسفرة phosphorescence). وقادت هذه الاكتشافات إلى اختراع المدفع الإلكتروني electronic gun وأنبوب الأشعة المهبطية Cathode Ray Tube (CRT) والصمامات المضخِّمة ثم المذياع (الراديو) والتلفاز.

وفي بداية الخمسينيات من القرن العشرين تطورت أنابيب مضاعفات الفوتونات Photomultipliers Tubes (PMT)، التي انتشرت بصفتها أداةً دقيقةً لرصد ضوء النجوم. فعندما يصطدم الفوتون بمواد معينة - في مثل هذه الأدوات - تقوم المواد بإصدار الإلكترونات إذا كانت طاقة الفوتون أكبر من حد معين يسمى بتابع العمل للمادة ، ثم تقوم هذه الإلكترونات باقتلاع إلكترونات أخرى وهكذا. أما إذا كان تردد الفوتون أقل من تردد العتبة فلا يمكن للفوتون التغلب على تابع العمل واقتلاع الإلكترون.

يحتوي مضاعف الفوتونات -كما هو مبيَّن في الشكل (2)- على صفائح مصنوعة من مواد معينة موضوعة ضمن أنبوب مفرَّغ من الهواء، وعندما يسقط الفوتون على الصفيحة الأولى يَقتلع إلكتروناً، يُسرَّع هذا الإلكترون بوجود حقل كهربائي قوي (من رتبة 150 فولط بين صفيحتين متتاليتين)، ويصطدم بالصفيحة الثانية حيث يَقتلع عدداً أكبر من الإلكترونات، التي تصطدم بدورها بصفيحة ثالثة، وهكذا تتكرر العملية عدداً من المرات المتتالية لتتلقى الصفيحة الأخيرة نبضة مؤلفة من عدد كبير من الإلكترونات Q متولدة عن فوتون واحد. ويكون حيث q عدد الإلكترونات الصادرة عن الصفيحة و n عدد الصفائح. ويجري عدُّ هذه النبضات لفاصل زمني معين وتحديد معدل الفوتونات الساقطة، ويخضع هذا العد لإحصاء بواسون Poisson، والخطأ فيه من مرتبة .

الشكل (2) مخطط مضاعف الفوتونات.

تصل كفاءة مضاعفات الفوتونات في بعض الحالات إلى عشرة أضعاف أفلام التصوير الضوئي، وتتيح إمكان التركيز على إشارة ضوئية ضعيفة مدة طويلة، ومن ثَمّ رصد النجوم الخافتة. وكذلك تتيح قياس شدة الإشعاع خلافاً لأفلام التصوير الضوئي. وتُصنع مضاعفات الفوتونات في الوقت الحالي من نصف الناقل أرسنيد الغاليوم GaAs الذي يستجيب استجابة جيدة للمجال فوق البنفسجي من 100 إلى 400 نانومتر وكذلك يستجيب للمجال تحت الأحمر حتى 900 نانومتر. أما المثلب الوحيد لها فيتمثل في عدم إمكان أخذ صورة بانورامية مثل الكاميرا، وإنما يجري التركيز على حيز ضيق من السماء.

ج- الديود الضوئي:

يُعدُّ الديود الضوئي (الثنائي الضوئي) photodiode أحد الأجهزة السهلة التصنيع، وتتناسب شدة التيار الكهربائي المار في الأداة مع شدة الضوء الساقط عليها. ويمتاز هذا الديود بأنه رخيص التكلفة وسهل التصنيع، ويستهلك كمية قليلة من الطاقة، وذو كفاءة عالية؛ إذ يتحول من 80 إلى 90% من الفوتونات الساقطة عليه إلى تيار، مقارنةً بـ 40% في أحسن الأحوال في عملية التصوير الفوتوغرافي. ويمكن أن يُستخدم هذا النوع من الكواشف المصنوعة من السليكون لتغطية مجال الأشعة تحت الحمراء البعيدة إلى الحمراء، خارج مجال رؤية العين وبحساسية عالية. وتكمن صعوبة استخدام الديود الضوئي أداةً للتصوير الإلكتروني في صعوبة تصنيع مصفوفات متراصة من دون أي فراغات بينها من الديودات، لكن يمكن تصنيع بعض المجموعات الأحادية البعد أو المؤلفة من صفين من الديودات للاستخدام في أجهزة التحليل الطيفي الفلكية. وقد استُخدمت مثل هذه الكواشف في أجهزة الجيل الأول من مقراب هبل Hubble.

د- تجهيزات قرْن شِحني (نبيظة نقل الشخنة):

في نهاية السبعينيات من القرن العشرين ظهر جهاز للتصوير الإلكتروني تفوَّق على جميع منافسيه؛ هو تجهيزة قرن شحني Charged Coupled Device (CCD)، وهو مصفوفة من أجزاء صغيرة جداً مربعة الشكل حساسة للضوء، مرتبة على شكل شبيه برقعة الشطرنج. تسمى المربعات الحساسة للضوء بكْسِلات pixels (عناصر الصورة)، وتُشكَّل مباشرة على قطعة من السليكون صغيرة جداً لا ترى بالعين المجرَّدة. وكان لاستخدام هذه الأجهزة تأثير كبير ليس فقط في الرصد الفلكي في المجال المرئي، بل في مجال الأشعة تحت الحمراء، ومجال الأشعة السينية أيضاً.

وطُوِّر هذا النوع من الكواشف في مخابر بل Bell labs (وهو المكان ذاته الذي اخترع فيه الترانزستور) لتطبيقات الاتصالات المرئية، ولكن كان له تأثير كبير في القياسات الفلكية والعلمية الأخرى. تستجيب تجهيزة القرن الشحني خطياً للضوء، وهي مستقرة وحساسة للغاية على مجال واسع جداً من الأطوال الموجية. وهي سهلة التصنيع لكونها تعتمد على السليكون الذي يُصنع على نطاق واسع لتطبيقات مختلفة. وتتدرج تطبيقات عناصر القرن الشحنية في الوقت الحالي من كاميرات التصوير العادي مروراً بكاميرات الفيديو المنزلية والاحترافية والاستشعار من بُعد، وصولاً إلى الطب وغيره من العلوم.

يبيّن الشكل (3) مقارنة الفاعلية الكمومية، وهي نسبة عدد الإلكترونات الضوئية الناتجة إلى عدد الفوتونات الساقطة على الأداة لعدد من الكواشف.

 

الشكل (3) مقارنة الفاعلية الكمومية لعدد من الكواشف.

تتمثل إحدى الميزات المهمّة لعناصر القرن الشحني في إمكان استخدامها في كشف الأشعة السينية والمجال فوق البنفسجي، وهذا ما أدى إلى شيوع استخدامها في المقاريب والسواتل التي ترصد إصدارات الأشعة السينية في الكون.

وتُستخدم التقنيات المذكورة في مجالات عدة من الرصد الفلكي، وفي أدوات رصد متنوعة، مثل الكاميرات ومقاييس التحليل الطيفي spectrometers ومقاييس الاستقطاب polarimeters ومقاييس التداخل interferometers والكواشف الضوئية والحرارية؛ وأدى ذلك إلى تطور هائل في الرصد الفلكي في العقود الأخيرة.

تطورات مستمرة في التصوير الإلكتروني

بعد أن تطورت تقنية تجهيزة القرْن الشِحني إلى حالة شبه مثالية يجري العمل الآن على عدة محاور في التصوير الإلكتروني، منها:

- تصنيع مصفوفات ضخمة مؤلفة من غيغا بكسل gigapixels لاستخدامها في مشاريع الرصد المستقبلية.

- تطوير أدوات مشابهة لرصد المجال تحت الأحمر القريب near infrared.

- تطوير أدوات تصوير إلكتروني للرصد الفلكي تعتمد على تقانة معدن- أكسيد- نصف ناقل متتام Complementary Metal Oxide Semiconductor (CMOS) الشائع استخدامها في أجهزة الهواتف النقالة مما يجعل ميزها أفضل من عنصر قرن شحني، وسهولة تعاملها رقمياً.

- حددت جمعية علوم التصوير وتقاناته Society for Imaging Science and Thachnology (IS&T) معايير عالمية تتناول تقانات التصوير الإلكتروني الرقمي digital and electronic photography فيما يخص جودة الصور سواء أكانت ملونة أم بالأبيض والأسود, وما إذا كانت ثنائية أو ثلاثية البعد 3D، والرؤية المتقابلة وشاشة العرض.

مراجع للاستزادة:

- H. M. J. Boffin, et al, Astronomy at High Angular Resolution: A Compendium of Techniques in the Visible and Near-Infrared, Springer, 2016.

- I. S. McLean, Electronic Imaging in Astronomy: Detectors and Instrumentation, Springer, 2008.

- C.R. Kitchin, Astrophysical Techniques, CRC Press, 2020.


التصنيف : تقانات الفضاء والفلك
النوع : تقانات الفضاء والفلك
المجلد: المجلد الثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1048
الكل : 58491212
اليوم : 63726

أثر باشن ـ باخ

تقع المدرسة الأحمدية في حي الجلوم الكبرى في زقاق بني الجلبي، "جادة عبد الله سلام" حالياً أمام باب جامع البهرمية الشرقي في حلب، منطقة عقارية (7) محضر (3064). أنشأها أحمد أفندي بن طه زادة الشهير بالجلبي سنة 1165هـ/1751م وفقاً للكتابات الموجودة فوق بابيها (الخارجي والداخلي) وفوق باب القبلية.

المزيد »