logo

logo

logo

logo

logo

الأجنحة المتكيفة

اجنحه متكيفه

Adaptive wings - Ailes adaptatives

الأجنحة المتكيّفة

 خالد داغستاني 

الجناح ومواصفاته الديناميكية الهوائية

المبادئ النظرية لتقنية الجناح المتكيّف

طرائق تصميم الأجنحة المتكيّفة

تطبيقات الأجنحة المتكيّفة

البحوث الحالية والآفاق المستقبلية

 

يُعدُّ الجناح السطح الرئيسي المولِّد لقوى الرفع اللازمة لتحليق الطائرات. وتُعرّف الأجنحة المتكيّفة adaptive wings -التي تُدعى أيضاً بالأجنحة الذكيّة أو المتوافقة، أو المتغيرة، أو المركّبة، أو المتحكم فيها - أنها أسطح الرفع التي يمكنها تغيير شكلها العام في أثناء رحلة بهدف تحقيق الأداء الأمثل، بسرعات مختلفة وعلى ارتفاعات متفاوتة باختلاف الظروف المحيطة خلال الرحلة.

الجناح ومواصفاته الديناميكية الهوائية:

يتألف الجناح التقليدي من عارضة  spar أو أكثر، ممتدة من جذر الجناح  wing root إلى طرفه  wing tip، وتتوضع عمودياً على العارضة سلسلة من الأضلاع ribs التي تمتد من مقدمة الجناح (حافة الهجوم أو الحافة الأمامية leading edge) حتى مؤخرته (حافة الفرار أو الحافة الخلفية  (trailing edge كما هو موضح بالشكل (1). ويمتد جناح الطائرة إلى الخارج من كل جانب من جانبي الطائرة كما هو مبيّن بالشكل (2)

الشكل (2) طائرة البوينغ 747 (جامبو)ء الشكل (1) بنية الجناح الداخلية والخارجية

ويتميز شكل المقطع العرضي للجناح   airfoil بانسيابية ديناميكية هوائية  aerodynamic  تسمح نتيجة مرور التيار الهوائي حوله بتوليد قوة رفع ديناميكية هوائية lift (L) ، ترتبط شدتها بسرعة الطائرة (أو سرعة التيار الهوائي البدائي للجناح)، وتتأثر مباشرةً بشكل المقطع العرضي للجناح (بروفايل) كما هو مبين في الشكل (3)، وبمواصفات الجريان الخارجي (كثافته) وبزاوية الهجوم  angle of attack (α) التي يصنعها هذا الجريان مع خط وتر chord المقطع العرضي. ومن ثم لا توجد قوة الرفع إذاً إلا بوجود كثافة للجريان (أي الهواء). ويزداد الرفع بازدياد زاوية الهجوم α حتى الوصول إلى قيمة عظمى محدَّدة موافقة للرفع الأعظمي Lmax، تختلف باختلاف المقطع العرضي للجناح وباختلاف الشروط البدائية الفيزيائية للجريان. ومع ازدياد زاوية الهجوم على هذه الزاوية يبدأ الرفع بالانخفاض نتيجة لبداية انفصال الجريان عن السطح العلوي للجناح في نقطة تقع أمام حافة فراره. وتستمر نقطة الانفصال بالتقدم على السطح العلوي للجناح حتى تصل (من أجل قيمة محددة لزاوية الهجوم) إلى حافة الهجوم فيحدث عندها ما يسمى بانهيار كلي للجريان عن السطح العلوي للجناح الذي يستمر مع ازدياد زاوية الهجوم على هذه القيمة الموافقة للانهيار (الشكل 4). ويؤدي ذلك إلى انعدام الرفع على الجناح، ومن ثم تعرض الطائرة للانهيار والسقوط الكارثي، ويقال آنذاك إن الجناح فقد فعاليته كلياً. وتسمى الزاوية الموافقة لحدوث الانهيار الكلي بزاوية الانهيار stall angle.

الشكل (4) الرفع الأعظمي وزاوية الانهيار الشكل (3) مقطع عرضي للجناح 
 
الشكل (5) تغير معامل الرفع بوصفه تابعاً لزاوية الهجوم من أجل مقطعي جناح مختلفين 

 

وتنشأ أيضاً من طيران الطائرة قوة تسمى بقوة الكبح drag D المتولدة من الجناح. وتمانع هذه القوة تقدم الطائرة، وكلما ازدادت قوة الكبح ازداد استهلاك الطائرة من الوقود لكي تحقق طيراناً بسرعة محددة وعلى ارتفاع محدد عن سطح البحر. من جهةٍ أخرى يسمح ازدياد الرفع للجناح بحمولة مفيدة أكبر للطائرة. وتُعدُّ تغيرات قوتي (أو مركبتي) الرفع والكبح للجناح ونسبتيهما - بوصفهما تابعين لتغير زاوية الهجوم - من مواصفات الطيران الأساسية لأي جناح إضافة إلى قيم الرفع الأعظمي وزاوية الهجوم الموافقة له مع زاوية الانهيار لهذا الجناح.

يبيِّن الشكل (5) تغيُّر مواصفات الطيران من حيث قوى الرفع، لمقطعي جناح مختلفين هندسياً.

يضاف إلى الأجنحة مجموعة من القلابات flaps، والقلاب جزء متحرك على الجناح يسمح بالتحكم في الرفع والكبح الناجمين عن الجناح ومن ثَمّ تغيير مواصفاته. وتوفر القلابات زيادة الرفع عند الإقلاع والهبوط مع إمكان خفض السرعة اللازمة لهما، وزيادة الكبح عند الهبوط. ويبيِّن الشكل (6) توزع قلابات من نوع فاولر Fowler على طول حافة الفرار للجناح.

تمكن القلابات من نمط «فاولر» من زيادة طول الوتر للمقطع العرضي للجناح وتغيير شكله وزاويته. كما يمكن تغيير المقطع العرضي للجناح وزيادة وتره بإضافة قلابات إلى حافة الهجوم يُطلق عليها اسم مناقير sslat كما هو مبين في الشكل (7)

وقد أثبتت تجارب الطيران على أجنحة مزودة بقلابات لحافة الفرار على طائرة الإيرباص «A320» مدى فاعلية هذه القلابات بتوفير مواصفات جديدة للجناح عند استخدامها، وعلى الأخص ازدياد نسبة الرفع للكبح للجناح نفسه كما هو مبيَّن في الشكل (8.(

 
  على طول حافة الفرار للجناحFowler الشكل (6) توزع قلابات من نوع فاولر   
 
   

A320 الشكل (8) تحسن نسبة الرفع للكبح في مواصفات الطيران لجناح الإيرباص
مع تغير هندسة حافة الفرار بواسطة تحريك قلاب حافة الفرار
الشكل (7) قلاب أو منقار على حافة هجوم الجناح   

 

المبادئ النظرية لتقنية الجناح المتكيّف:

اعتمد تصميم الطائرات التقليدية على استخدام أجنحة ثابتة بأشكال مختلفة وبأبعاد مختلفة أيضاً، ولكنها محددة وثابتة لكل طائرة ومصنوعة أساساً من إشابات alloys الألمنيوم، في حين صُنعت بعض الأجزاء من مواد مركبة (ألياف زجاجية وألياف كربونية وبوليمرات). وقد لاحظ الباحثون كيفية استخدام الطيور لأجنحتها وكيفية تكيفها هندسياً خلال مراحل طيرانها المختلفة بهدف تحقيق استهلاك طاقة أمثلي (الشكل 9).

بدأ العمل على تعديل الجناح في منتصف القرن العشرين مع استخدام آلية على جذر الجناح تسمح بتعديل زاوية تراجع الجناح sweep angle، حيث تكون هذه الزاوية قريبة من 0ْ من أجل السرعات المنخفضة وتزداد الزاوية مع زيادة سرعة الطائرة وهذا ما يحسن أداء الجناح الديناميكي الهوائي (الشكل 10)

الشكل (10) تعريف زاوية التراجع للجناح   الشكل (9) الأجنحة المتحركة للطيور وهندستها المتغيرة 

ثم دُرِس تغيير هندسة الجناح بوساطة تغيير المقطع العرضي للجناح باستخدام أجنحة متكيّفة يمكنها تعديل حافة الفرار وحافة الهجوم (ومن ثَمّ التقوس والطول) للحصول على جناح جديد مكافئ للجناح القديم مضافاً إليه قلابات عند حافة الهجوم وحافة الفرار (الشكلان 11-أ و11-ب)

الشكل (11-أ) تغير شكل المقطع العرضي  للجناح حافة الفرار وحافة الهجوم ومن ثم طول الوتر وتقوس المقطع العرضي 
 
الشكل (12) تغيير تقوس الجناح من خلال التحكم بحافتي الفرار والهجوم   الشكل (11-ب) محاكاة جناح متكيف مكافئ لجناح تقليدي ومزود بقلابات مع بنية داخلية خاصة   

وقد اختُبر أول جناح متكيّف عملياً (اعتماداً على تغيير تقوس المقطع العرضي) على طائرة مقاتلة أمريكية من طراز     F-111 وذلك في بداية الثمانينيات من القرن العشرين (الشكل 12). وأثبتت هذه التجربة انخفاضاً في الكبح ومن ثَمّ تحسناً في الأداء، لكن التقانة المستخدمة حينذاك أدت إلى إضعاف متانة الأجنحة وصلابتها، وهذا ما أدى إلى انخفاض الحمولة المفيدة لها وزيادة وزنها، وعوق تطوير البرنامج.

الشكل (13) تغير هندسة الجناح طولياً وعرضياً بواسطة التحكم بتغيير شكل حافة الفرار على امتداد الجناح
 
white knight الشكل (14) جناح متكيف مركب أسفل طائرة من نوع
المسيرة بهف إخضاعه لاختبارات طيران لتحديد أدائه الديناميكي الهوائي الحقيقي 

لم تتوقف الأبحاث عند ذلك بل طُورت مفاهيم وتقانات جديدة مرتبطة بتغيير شكل الجناح ليس فقط طولياً على امتداد وتر الجناح chordwise بل عرضياً أيضاً على امتداد باع الجناح spanwise، وترافق ذلك مع تطور علم المواد وظهور الأشابات ذات الذاكرة الشكلية، إضافة إلى تقانات أخرى ميكانيكية وكهربائية. وغدا بالإمكان التحكم في حافة فرار الجناح على طول امتداده، ومن ثَمّ تغيير هندسة المقطع العرضي طولياً وتغيير هندسة الجناح عرضياً بوساطة ليّ twisting الجناح كما هو مبين في الشكل (13)

طرائق تصميم الأجنحة المتكيّفة:

يُعتَمَد في تصميم الأجنحة المتكيّفة على خطوات متسلسلة تطابق في معظمها تلك المتعلقة بجناح تقليدي (ثابت)، من أهمها:

أ- مرحلة التصميم الأولي: وتعتمد على مقاطع عرضية مشهورة ومعتمدة من قبل اللجنة الاستشارية الوطنية للطيران  National Advisory Committee for Aeronautics (NACA) التي حلت مكانها في العام 1958م إدارة الفضاء والطيران الوطنية NASA الأمريكية. وتُجرى اعتماداً عليها الحسابات الأولية باستخدام برامج هندسية نصف تجريبية - مثل برنامج ميسدات MISDAT - للجناح الثلاثي البعد المثبت على الطائرة.

ب- مرحلة التصميم: وتعتمد أساساً على النمذجة والمحاكاة العددية باستخدام طرائق عددية متطورة، كالحجوم المنتهية والعناصر المنتهية ضمن برمجيات معروفة باسم ديناميك الموائع الحسابي computational fluids dynamics (CFD)، ومن أكثرها شيوعاً برمجية FASTRAN وبرمجية FLUENT. كما تُستخدم برمجية NASTRAN للحسابات الإنشائية والمعتمدة على طريقة العناصر المنتهية. وتختص البرمجيات المذكورة بالحسابات الساكنة التصميمية؛ لذا يتوجب الأخذ بالحسبان أيضاً الحسابات الديناميكية التي اشتُهرت كثيراً في تحديد المواصفات الإنشائية المرتبطة بتداخل مرونة الجناح مع القوى الديناميكية الهوائية (المرونة الهوائية)  aeroelasticity، وتُستخدم لهذه الغاية برمجية MSC/PATRAN.

ج- مرحلة التصميم الدقيق :design point وتعتمد بداية على اختبارات الأنفاق الهوائية لنموذج مصغر للجناح (المستقل ثمّ المركَّب على الطائرة)، ثم تنتهي باختبار طيران حقيقي للجناح المصمَّم وحده ومن بعدها للطائرة مع هذا الجناح. ويبيّن الشكل (14) جناحاً متكيّفاً مركباً أسفل طائرة من نوع White Knight المسيرة بهدف اختبار أدائه.

تصنيع الأجنحة المتكيّفة:

تعتمد عملية تصنيع الأجنحة المتكيفة على استخدام غلاف قشري للجناح مؤلف من قطع قاسية (ألياف كربونية أو صفائح أشابات) مجزأة ومتمفصلة بعضها مع بعض قابلة للتحريك ومتصلة بأجزاء أخرى قابلة للامتطاط أو بأجزاء أخرى مرنة أو بكليهما معاً، ويوفر ذلك إمكان تغيير الشكل وخاصةً فيما يتعلق بحافتي الفرار والهجوم وتقوس الجناح وزيادة طول الوتر.

أما فيما يتعلق بمنظومة التفعيل actuation system لتغيير شكل الجناح فقد اعُتمدت منظومات مختلفة مثل المخدمات الكهربائية والهوائية ومحركات التخديم servomotors، ثم تطورت إلى منظومات كهرضغطية piezoelectric، وأخيراً استقرت هذه المنظومات على استخدام أشابات ذات ذاكرة شكلية  shape memory alloy (SMA) كالنيكل- تيتانيوم NiTi وعلى البوليمرات ذات الذاكرة الشكلية shape memory polymer (SMP) والتي تُعرف أيضاً بالمنظومات الذكية. ويبين الشكل (15) أمثلة على هذه المنظومات.

الشكل (15) منظومات الذكية لتحريك الجناح المتكيف

تطبيقات الأجنحة المتكيّفة:

بدأت أولى تطبيقات الأجنحة المتكيّفة على الطائرات المقاتلة، لكنها واجهت عقبات عديدة منها صعوبة استخدامها في هذه الطائرات لضعف مقاومتها الإنشائية وضعف تحملها، إضافة إلى زيادة وزن الجناح نتيجة احتوائه على تقانات التحريك. وأدى تطور المواد المستخدمة في هذه الأجنحة وتطور منظومات التحكم فيها إلى تحقيق مواصفات ديناميكية هوائية عالية تعوض زيادة الوزن، وتزيد من متانة الجناح إنشائياً. وقد استُخدمت هذه التقانة في بناء الطائرات المسيرة  unmanned aerial vehicle (UAV) ، وصُممت فعلاً عدة نماذج لطائرات مسيرة بأجنحة متكيّفة بحسب المهمة    mission adaptive wings (MAW)، وقد صُنّعت واختُبرت بنجاح.

والجناح المتكيّف بحسب المهمة هو جناح متكيف يُتَحَكم في شكله آنياً بحسب سرعة الطائرة وارتفاعها لتحقيق أفضل مواصفات ديناميكية هوائية، وبحيث يكون أداؤه أمثلياً على طول مجال الطيران، وليس في مجال محدد فقط، كما هو الحال مع الأجنحة التقليدية الثابتة فوق الحرجة supercritical wing والمستخدمة في الطائرات، والتي يعتمد تصمم الجناح فيها على تحقيق أداء أمثلي عند ارتفاع وسرعة محددين. فعلى سبيل المثال، إذا صُمِّم الجناح لطيران الطائرة على ارتفاع 10000 قدم وبسرعة 800 كم/سا وبمواصفات أمثلية لهذه الشروط فهذا الجناح لا يكون أمثلياً في حالتي الإقلاع والهبوط أو خارج هذا المجال المحدَّد للطائرة نفسها، أي تكون المواصفات الديناميكية الهوائية أقل.

البحوث الحالية والآفاق المستقبلية:

تجري البحوث الحالية والمستقبلية في محورين؛ يقوم الأول على الاستبدال بالقلابات الخلفية لأجنحة الطائرات أجنحة متكيّفة بحافة فرارها بحيث تحقق نتائج أفضل من حيث سلاسة التحكم والمواصفات الديناميكية الهوائية وأداء الطيران.

في حين يعتمد الثاني على الاستعاضة عن أجنحة الطائرات بأجنحة متكيّفة بكل أبعادها (تقوس- وتر- امتداد) (الشكل 16).

أما المنظور المستقبلي الأشمل فيتمثل في الوصول إلى طائرة متكيّفة بحسب المهمة ليس فقط من حيث الجناح بل من حيث كامل الجسم (الشكل 17).

الشكل (17) الطائرة المتكيفة المستقبلية الشكل (16) الجناح المتكيف المستقبلي

 

مراجع للاستزادة:

- F. D. Anderson & Scott Eberhardt, Understanding Flight, Mcgraw-Hill, 2001.

- P. Flick & D. Paul, Mission Adaptive Compliant Wing, Design, Fabrication and Flight Test, Air Force Research Laboratory Dayton, Ohio, U.s.a - 2006.

- Soo-Chan Jee, Development of Morphing Aircraft Structure Using Smp Thesis, Department of The Air Force Air University, Ohio Usa - March 2010.

- B. Bernard Wongui, Morphing Unmanned Aerial Vehicles, Master Thesis, Aalto University School of Science and Technology, Helsinki, Finland, 2010.


التصنيف :
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 292
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1040
الكل : 58492860
اليوم : 65374

البستنة في الدفيئات

التنوير (عصر ـ)   التنوير enlightment اتجاه ثقافي ساد أوربة الغربية في القرن الثامن عشر بتأثير طبقة من المثقفين والمفكرين، عُرفوا باسم الفلاسفة philosophers، وكانوا صحفيين وكتاباً ونقاداً ورواد صالونات أدبية أمثال فولتير، ديدرو، كوندورسيه، هولباخ، بيكاريه، ولكن هؤلاء المفكرين أخذوا عن الفلاسفة العقليين ديكارت واسبينوزا وليبتنز ولوك الذين طبعوا القرنين السابع عشر والثامن عشر بطابعهم الثقافي حتى أُطلق على هذه الفترة عصر العقل age of reason، وكان التنوير نتاجه.
المزيد »