logo

logo

logo

logo

logo

البراكين

براكين

-

البراكين

عبد الرحمن السفرجلاني

التوزع الجغرافي للبراكين أنواع البراكين
أجزاء البركان أهم الأشكال الناجمة عن النشاط البركاني
الحمم البركانية إمكان التنبؤ بثوران البركان
 

لفظ البركان volcan معربة عن اللاتينية، وكان الرومان يطلقون اسم Vulcanus على إله النار والمعادن؛ فقد كانوا يعتقدون أن جبل فيزوف Vesuvius الذي يشرف على خليج نابولي في إيطاليا ما هو إلا مدخنة لأتون كبير يوقده هذا الإله.

تمثل البراكين المنافذ الطبيعة التي تتوزع على سطح الأرض؛ تندفع منها صهارة سليكاتية تدعى المهل (الماغما) magma مصدرها جوف الأرض وتخرج على هيئة حمم بركانية أو لابة (لافا) lava وهي مقذوفات حطامية ترافقها غازات وأبخرة كثيفة، وقد ترافقها في بعض الأحيان انفجارات بركانية هائلة وشديدة.

انصب اهتمام عدد كبير من العلماء المختصين في علم البراكين طوال القرن الماضي على وضع العديد من النظريات التي تتناول أسباب تشكل الصهارة وأنواعها ومراحل تفاضلها، بيد أن جلّ اهتمام هؤلاء تركز في العقود الثلاثة الأخيرة على دراسة العلاقة بين تشكل الصهارة ونشوء البراكين وانتشارها وتوزعها على سطح الكرة الأرضية مع حركة الصفائح التكتونية، وتمخضت تلك الدراسات المكثفة عن تأكيد الافتراض أن تيارات الحمل الحراري المنتشرة في جوف الأرض في نطاق الوشاح (الغلاف) mantle (الشكل1)؛ تتسبب في حركة دؤوبة للصفائح التكتونية الرئيسة، القارية منها والمحيطية، وتنشأ عنها قوى ديناميكية مختلفة الاتجاهات تعمل على تباعد الصفائح التكتونية بعضها عن بعض، بالشد والفصل؛ أو تقاربها، بالضغط والتصادم والتراكب (الشكل 2 ).

الشكل (1) تيارات الحمل الحراري المتقاربة والمتباعدة في الوشاح.

وتؤدي هذه القوى إلى تشكل نطاقات ضعيفة ضمن الصخور المنتشرة في الأجزاء العليا من الأجزاء السفلى من القشرة الأرضية والوشاح؛ وتشكل شبكة من الشقوق أو الكسور أو الصدوع التي قد تمتد إلى أعماق كبيرة ضمن الوشاح، وتعمل على خفض الضغط الواقع على صخور تلك النطاقات الضعيفة مما يقود إلى خفض درجة حرارة انصهارها مكونة صهارة غنية ببخار الماء والغازات، ونتيجة الفرق بين كثافة الصهارة وكثافة الصخور المحيطة بها تصعد الصهارة خلال شبكة الشقوق نحو الأعلى وتتجمع ضمن تجاويف في الأجزاء العليا من الوشاح والأجزاء السفلى من القشرة الأرضية يطلق عليها غرف الصهارة magma chambers. ومع تزايد ضغط الصهارة على مناطق الضعف التي تعلوها في القشرة الأرضية تتوسع شبكة الشقوق وتندفع الصهارة حتى تصل إلى السطح الخارجي لليابسة أو سطح قاع المحيط وتنقذف أو تسيل على شكل حمم تسمى اللابة، و تجدر الإشارة هنا إلى أن كلمة لافا lava اللاتينية مشتقة من مصطلح اللابة باللغة العربية.

الشكل (2) توزع الصفائح التكتونية الرئيسة في الكرة الأرضية، والقوى المؤثرة فيها.

التوزع الجغرافي للبراكين

ثمة نحو 1800 بركان نشط في العالم اليوم، نحو 85 % منها منتشرة في المحيط الهادئ، وتتوزع على امتداد الأطراف الهامشية للصفائح التكتونية، فيما يعرف باسم حزام النار لشدة نشاط هذه المناطق بالبراكين والزلازال (الشكل 3). يمتد حزام النار على طول السواحل الشرقية للمحيط الهادئ من جبال الأنديز Andes في أمريكا الجنوبية إلى أمريكا الوسطى والمكسيك فمرتفعات غربي أمريكا الشمالية فجزر ألوشيان Aleutian Islands ومنها إلى السواحل الشرقية لقارة آسيا وأرخبيل اليابان والفيليبين وإندونيسيا ونيوزيلندا. ويتوزع الجزء المتبقي من البراكين النشطة (نحو 15 %) في المناطق الرئيسة التالية: مناطق جنوبي أوربا المطلة على البحر المتوسط، وأهمها بركان ڤيزوڤ Vesuvio، وبركان أتنا Etna في جزيرة صقلية، وفولكانو Volcano في الجزيرة الإيطالية التي تحمل اسمه، وسترومبولي Stromboli في البحر التيراني Tyrrhenian sea، وبراكين مرتفعات غربي آسيا، وأهمها جبال آرارات Ararat، وبراكين نطاق الفالق الأفروآسيوي، ومن أهمها جبل كلمنجارو Kilimanjaro وبراكين البحر الأحمر واليمن وبراكين شبه الجزيرة العربية وأهمها كُشيب ورَهط، والبراكين المنتشرة شمالي الأردن وجنوب غربي سورية (حقل شامه البركاني)، وأخيراً البراكين الموزعة ضمن الصفائح التكتونية المحيطية، وتتغذى بصهارة مرتبطة غالباً بما يسمى بالبقع أو البؤر الساخنة hot spots، ومن أهم أمثلتها براكين جزر هاواي وخاصة مونا لوا Mauna Loa

الشكل (3) الحدود بين الصفائح التكتونية الخطوط الملونة المتعرجة ومواقع توزع البراكين النشطة النقط الحمراء وحلقة النار ذات النشاط البركاني والزلزالي العاليين.

تجدر الإشارة هنا إلى الحقائق العلمية التالية:

  • يرتبط التركيب الكيميائي للصهارة بموقع تكونها بالنسبة إلى الصفائح التكتونية. وترتبط طبيعة البركان وشكله وشدته ونسبة العناصر الكيميائية الرئيسة والثانوية والنادرة ووفرتها وشكل توزعها في الصهارة بالتركيب الكيميائي للمهل وموقع ثورانها وتدفقها بالنسبة إلى الصفائح التكتونية، كما ترتبط سرعة صعود الصهارة من باطن الأرض نحو السطح بطبيعة تركيبها الكيميائي أيضاً. ويؤدي صعود الصهارة المرتفعة الحرارة جداً إلى انصهار الصخور المضيفة لها وتحولها إلى لابة تمتد من بضع عشرات الأمتار إلى بضع مئات من الكيلومترات.

    أجزاء البركان

    يتألف البركان عادة من ثلاثة أجزاء رئيسة هي: عنق البركان أو رقبته، وفوهته، ومخروطه (الشكل 4).

    الشكل (4) أجزاء البركان.

    1- عنق البركان volcanic neck: أورقبته أو قناته volcanic channel، ويشتمل على ممرات تتسرب الصهارة خلالها، وتمتد من فوهة البركان الرئيسة حتى الحجرات أو المستودعات التي تتجمع فيها الصهارة في باطن الأرض، قد يكون للمخروط البركاني الواحد في كثير من الأحيان عدة قنوات تغذية فرعية تنتهي بفوهات بركانية ثانوية.

    2- فوهة البركان: يتكون الشكل النهائي لفوهة البركان crater volcanic في المراحل النهائية من ثورته وهدوئه. وتبدو الفوهة عادةً على شكل تجويف دائري في قمة المخروط البركاني، يراوح اتساعه (قطره) بين عشرات الأمتار وعدة كيلومترات. تنبثق من فوهة البركان مقذوفاته الصلبة والسائلة والغازية جميعها. وقد يكون للبركان إلى جانب فوهته الرئيسة فوهات ثانوية تتوزع على جوانبه كما هي الحال في بركان كيلاوايا KÏlauea النشط بجزيرة هاواي (الشكل 5).

    الشكل (5) بركان كيلاوايا النشط، له ثلاث فوهات بركانية تنبعث منها الغازات البركانية.

    تتأثر فوهات البراكين الخامدة بعمليات التجوية المختلفة فتتآكل وتندثر، وقد يمتلئ بعض الفوهات بمرور الزمن بمياه الأمطار مكونة بحيرات بركانية جميلة جداً، يمكن الاستفادة منها في تربية الأسماك والاستجمام (الشكل 6).

    الشكل (6) بحيرة ضمن فوهة بركانية.

    3- المخروط البركاني volcanic cone: يمثل الجزء الرئيس الذي يتكون منه جسم البركان، ويتألف من مجموع المسكوبات والحمات أو المقذوفات الحطامية التي تخرج من فوهة البركان وتتراكم حوله.

    الحمم البركانية

    تقذف البراكين من فوهاتها الرئيسة والثانوية كميات ضخمة من المواد الصخرية المنصهرة (الحمم). تتدفق تلك الصهارة على شكل مسكوبات أو صبات لابية تتبرد تدريجياً وتتصلب مكونة صخوراً نارية متنوعة. كما تقذف كميات ضخمة من المقذوفات الصلبة المختلفة الأبعاد والأحجام، تتراكم في محيط فوهة المخروط البركاني أو قريباً منه مكونة ما يسمى صخوراً بركانية حطامية pyroclastic rocks أو حرّات. كذلك تنفث أغلب البراكين من فوهاتها كميات هائلة من الغازات. ويمكن تقسيم المقذوفات البركانية بحسب طورها إلى مقذوفات غازية وسائلة وصلبة:

    أ- المقذوفات الغازية: تؤدي الأبخرة والغازات المرافقة للصهارة قبل انطلاقها دوراً مهماً في التأثير في ظروف التحريك الحراري (الترموديناميك) لعمليات الانصهار وشروط توازن الجمل الطورية لتشكل المعادن؛ كذلك في عمليات التفاضل المجزأ للصهارة وتبلور مكوناتها المعدنية وغيرها، فعند ثوران البركان يتم نفث كميات هائلة من الغازات تتألف أساساً من بخار الماء
    (35-90 %) وغاز ثنائي أكسيد الكربون (5-50 %) وثنائي أكسيد الكبريت وكبريت الهدروجين(2-30 %)، إضافة إلى عدد من الغازات الأخرى التي توجد بنسبة ثانوية ومحدودة كالميتان والهدروجين والكلور والفلور والآزوت (النتروجين) والهليوم والأرغون. والجدير بالذكر أن تحديد التركيب الكيميائي للمنفوثات الغازية بدقة من المسائل الصعبة والشائكة في أبحاث علوم البراكــين، وذلك نتيجة تلوثها وتفاعلها وارتباطها بغازات الغلاف الجوي مباشرةً فور انطلاقها من الفوهات البركانية. كما تجدر الإشارة إلى أن بعض البراكين يقتصر نشاطها فقط على انبعاث للمنفوثات الغازية من دون أي انبعاث للحمم أو اللابات أو الطفوح والمسكوبات الصهارية. عند اختلاط هذه الغازات البركانية بالرماد البركاني تتكون سحب بركانية داكنة اللون.

    ب- المقذوفات السائلة: تسمى المصهورات السليكاتية الدفينة في جوف الأرض الصهارة أو المهل، وتسمى عند خروجها من الفوهات البركانية وتدفقها وسيلانها على سطح الأرض صبات أو حمم أو لابة lava flood .

    تتوقف سرعة انسياب اللابة على درجة لزوجتها ودرجة حرارتها، وبالتالي على تركيبها الكيميائي. ومع أن الصهارة تتألف من أكاسيد العناصر الكيميائية بنسب متفاوتة، فإن درجة لزوجتها viscosity index أو سيولتها ترتبط بمحتواها من السليكا SiO2، فكلما ازدادت نسبة السليكا في الماغما ارتفعت درجة لزوجتها (الشكل 7).

    الشكل (7) بعض أشكال انسياب اللابة (الحمم) البركانية من فوهة البركان،

    ج- المقذوفات الصلبة: عندما تكون لزوجة الصهارة المتدفقة عالية جداً فإنها تحبس داخلها كميات هائلة من الأبخرة والغازات، ومع اقترابها من الفوهة المركزية للبركان ينخفض الضغط الواقع عليها مما يؤدي إلى حدوث انفجار هائل تتطاير نتيجته الأجزاء العليا من البركان وفوهته، وتنطلق الصهارة في الهواء وتتبرد بسرعة وتتصلب مكونةً رماداً ومواد حطامية
    pyroclastic تسمى التفرا tephra. تصنف المواد الحطامية النارية عادةً تبعاً لأبعادها، تراوح حجومها بين الدقائق الصغيرة التي تقل أبعادها عن 2مم، وتضم الغبار البركاني volcanic dust والرماد البركاني
    volcanic ash، والمتوسطة الحجم التي تراوح أبعادها بين 2- 64مم وتضم الرمل والحصى البركاني lapilli، والكبيرة الحجم التي تزيد أبعادها على 64 مم وتشتمل على الكتل والمقذوفات ذات الأشكال البيضاوية المغزلية.

    تندفع الحمم البركانية الصلبة متطايرة في الغلاف الجوي فتبرد جزئياً وتبدأ بالتصلب ويخف اندفاعها فتهبط بفعل الجاذبية الأرضية بالقرب من فوهة البركان، وبسبب الحرارة السائدة هناك يلتحم بعضها مع بعض وتكوّن جسم البركان المخروطي، في حين تحمل الرياح جزءً كبيراً من الرماد والغبار، فور انطلاقه، مسافات بعيدة جداً تصل عدة مئات أو عدة آلاف الكيلومترات.

    يتشكل الطَّفَل البركاني عادةً عند تراكم الرماد البركاني بعضه فوق بعض، في حين ينتج الطفح البركاني الموحل عند اختلاط الرماد البركاني بالماء الناتج من ذوبان التوضعات الجليدية أو مياه الأمطار، فتتكون جداول مائية مدمرة تتميز بدرجة حرارتها العالية وسرعة جريانها التي قد تتجاوز مئة كيلومتر في الساعة.

    أنواع البراكين

    يصنف العلماء البراكين إلى أنواع استناداً إلى مجموعة من المعايير أهمها:

    أ- الشكل الخارجي للبركان: يتحدد شكل البركان وحجمه وأبعاده تبعاً للتركيب الكيميائي لحممه ومسكوباته، وعليه تم تحديد كل من الأنواع الثلاثة الرئيسة التالية:

    - براكين درعية shield volcanoes: تتكون نتيجة تراكم مسكوبات وطفوح اللابة القاعدية بازلتية التركيب الغنية بالحديد والمغنزيوم والفقيرة إلى السليكا. وهي منخفضة اللزوجة؛ أي أن درجة سيولتها مرتفعة نسبياً مما يساعد على تدفقها مسافات كبيرة مبتعدة عن مصدرها - فوهة البركان - قبل أن تبرد وتتصلب، وتغطي مساحات كبيرة. تتوضع الصبات البازلتية بعضها فوق بعض مكونةً تلالاً وهضاباً وقباباً متوسطة الارتفاع متسعة القاعدة عريضة القمم خفيفة الانحدارات لا يزيد ميلها على بضع درجات. تتميز هذه البراكين عادةً بتعدد قنوات تغذيتها وتعدد فوهاتها.

    تثور معظم براكين الدروع في قيعان المحيطات مئات وآلاف المرات. يخرج مع كل ثوران بركاني لابات بازلتية تمتد مسافات كبيرة محدودة الثخانة ولا يتجاوز سمكها المتر الواحد، وقد يؤدي تكرار الثورات البركانية أحياناً إلى تشكل براكين شاهقة الارتفاع، مثل بركان مونا لوا، أحد براكين هاواي، الذي يرتفع نحو 5 كم عن سطح البحر، ونحو 10 كم عن قاع المحيط . ويبلغ قطر قاعدته نحو 100 كم. ومن الأمثلة النموذجية للبراكين الدرعية أيضاً بركان مونا كيا Mauna Kea وكيلاوايا (الشكل 8).

     الشكل(8) بركان مونا كيا.

    - براكين حطامية pyroclastic volcanoes: وتعد من البراكين الانفجارية ذات الصهارة اللزجة والتركيب الحامضي، ويؤدي تراكم المقذوفات الحطامية البركانية «التفرا» حول فوهة البركان إلى تكون تلالٍ أو جبالٍ مخروطية الشكل متوسطة الانحدار، من أهم أمثلتها بركان باريكوتين في المكسيك وبرومو في إندونيسيا وريد هيل Red Hill في كاليفورنيا (الشكل 9).

    الشكل (9) مخروط بركان ريد هيل في كاليفورنيا.

    - براكين مركبة أو معقدة complex-volcanoes: تتكون نتيجة تناوب وتتابع وتراكم كل من تدفقات الحمم والمسكوبات والطفوح الصهارية الأنديزيتية- الريوليتية، المتوسطة إلى الحامضية التركيب، مع المقذوفات الحطامية البركانية «التفرا». تتراكم هذه التدفقات متوضعة على جسم المخروط البركاني وحول فوهة البركان على هيئة طبقات متعاقبة، لذلك يطلق على هذا النوع من البراكين، في كثير من الأحيان، اسم البراكين المتطبقة stratovolcanoes. تشكل البراكين المركّبة جبالاً مرتفعة مخروطية الشكل شديدة الانحدارات (الشكل 10). ينبعث في أثناء ثورة البراكين المركّبة كميات هائلة من الغازات، ومن أهم أمثلتها بركان ڤيزوڤ وإتنا في إيطاليا، ومايون Mayon وبيناتوبو Pinatubo في الفيليبين، وسانت هيلينز St. Helens في واشنطن، وبركان كوتوباكسي Cotopaxi في الإكوادور، وفوجي Fuji في اليابان، وكراكاتاو Krakatau في إندونيسيا، ونجاوروهوا وروبيهو في نيوزيلندا، وبوبوكاتبيتل في المكسيك.

    الشكل (10) بركان جبل فوجي.

    ب- درجة نشاط البركان: تصنف البراكين تبعاً لدرجة نشاطها في ثلاثة أنواع رئيسة هي:

    - البراكين النشطة: هي البراكين التي ما زالت ثائرة حتى الوقت الحالي أو التي تثور من وقت إلى آخر على فترات قصيرة (عدة سنوات). تنتشر البراكين النشطة في جنوبي إيطاليا ومنطقة شرقي البحر المتوسط وأمريكا الوسطى، من أهم أمثلتها: بركان سترومبولي في الجزر الإيطالية إلى الشمال من صقلية.

    - البراكين الهادئة أو المتقطعة: هي البراكين التي لا تبدي أي مظهر من مظاهر النشاط البركاني، لكنها من الممكن أن تصبح نشطة في أي وقت من الأوقات من دون سابق إنذار، وهي غالباً ما تكون قد ثارت أكثر من مرة خلال عشرة الآلاف سنة الأخيرة، من أهم أمثلتها بركان إتنا وبركان ڤيزوڤ.

    - البراكين الخامدة أو الهامدة: هي البراكين التي لم تبدِ أي مظهر من مظاهر النشاط البركاني منذ أكثر من عشرة آلاف سنة، تمتلئ فوهاتها عادة بمياه الأمطار ويطلق عليها حينئذ اسم البحيرات البركانية أو كلديرا caldera (الشكل 11).

    الشكل (11) بركان خامد بدأت عمليات الحت تؤثر فيه.

    ج- شدة انفجار البركان: ترتبط درجة انفجار البركان وعنفه بطبيعة التركيب الكيميائي للصهارة المتدفقة من أعماق الأرض، وعليه صنفت البراكين إلى:

    - براكين انفجارية: هي أيضاً براكين حطامية، تتميز بصهارة لزجة حامضية التركيب، لها قدرة عالية على حبس الأبخرة والغازات، مما يؤدي إلى عرقلة حركة الصهارة ضمن قناة البركان، إلى أن يزداد حجم الغازات إلى درجة تؤدي إلى انفجار فوهة البركان وجزء من قناة البركان أو كاملها (الشكل 12).

    الشكل (12) بركان انفجاري عنيف.

    - براكين غير انفجارية: هي البراكين ذات الصهارة القاعدية البازلتية غير اللزجة، والحرارة المرتفعة نحو 1400°س والفقيرة إلى الغازات، بحيث لا يوجد ما يعرقل حركتها ضمن قناة البركان، تنبثق صهارتها من فوهة البركان وتسيل إلى مسافات كبيرة. تأخذ البراكين غير الانفجارية عادةً شكل التضريس الأصلي وعندما تواجه جروفاً فإنها تكوِّن شلالات من مواد منصهرة حارة، من أهم أمثلتها براكين جزر هاواي (الشكل 13).

     الشكل(13) بركان في جزر هاواي واللابة المتدفقة على شكل شلال.

    د- النموذج البركاني: تحدد البراكين في أربعة نماذج رئيسة مختلفة هي:

    - نموذج هاواي: نسبة إلى براكين جزر هاواي، صهارته قاعدية بازلتية التركيب قليلة اللزوجة، تصل درجة حرارتها إلى 1400°س، تتدفق اللابات البازلتية عند ثورانه وتسيل من فوهته على سفوحه مسافات كبيرة إلى أن تبرد وتتصلب (الشكل 13). يكوِّن نموذج هاواي براكين درعية، تتميز بسعة امتدادها وقلة ارتفاعها وانحداراتها اللطيفة التي لا تزيد على 15°.

    - نموذج سترومبولي: نسبة إلى بركان سترومبولي في البحر التيراني شمال جزيرة صقلية، تتميز صهارته بتركيبها الحامضي وبلزوجتها العالية، وتبلغ درجة حرارتها نحو 1000°س، يصاحب براكين هذا النموذج حدوث انفجارات بركانية هائلة متتالية يفصل بينها فترات هدوء النشاط البركاني، يرافقها انطلاق كميات ضخمة من المقذوفات الغازية والحطام البركاني، مما يؤدي إلى تكوين مخاريط بركانية حطامية، متوسطة إلى شاهقة الارتفاع، ذات انحدارات شديدة تراوح بين 45-30° (الشكل 14).

    الشكل (14) بركان سترومبولي.

    - نموذج ڤيزوڤ: نسبة إلى بركان ڤيزوڤ، ويعدُّ من أشهر البراكين الحديثة في الكرة الأرضية. تنتشر براكين هذا النموذج بكثرة على سطح الأرض مقارنة بالنماذج الأخرى. يتشابه النموذج الڤيزوڤي كثيراً مع البراكين الانفجارية، وتتميز صهارته بتركيبها المتعادل إلى الحامضي، أنديزيتية إلى ريوليتية التركيب. ترافق ثورات براكين هذا النموذج انفجارات هائلة تندفع نتيجة لها كميات هائلة من المقذوفات البركانية الحطامية مكونة سحباً بركانية ضخمة (الشكل 15)، يتساقط منها وابل من الرماد البركاني، كما يمكن أن تتدفق الصهارة عبر قنوات البركان الثانوية.

     الشكل (15) بركان ڤيزوڤ ترافقه سحابة بركانية هائلة.

    - نموذج مونت بيليه: نسبة إلى بركان مونت بيليه Mount Pelée في جزر المارتينيك، وهو أحد أنواع البراكين الانفجارية، صهارته ذات طبيعة حامضية لزجة جداً، تصعد ببطء شديد عبر قناة البركان، لذلك فهي تتبرد وتتصلب وتشكل في كثير من الأحيان مسلات بركانية مركزية تسد قناة البركان الرئيسة وترتفع فوق فوهته، تتراكم تحتها كميات هائلة جداً من الأبخرة والغازات البركانية، يستمر ذلك إلى مرحلة يستطيع معها الضغط المتزايد الناتج من تراكم هذه الأبخرة والغازات فتح القناة المركزية للبركان وتحطيمها محدثاً انفجارات بركانية ضخمة جداً، تنطلق الأبخرة والغازات البركانية محملة بالرماد والغبار البركاني مكونةً سحباً سوداء (الشكل 16)، يتسبب الرماد الملتهب المتساقط على المناطق المجاورة في حدوث حرائق هائلة.

    الشكل (16) بركان مونت بيليه ، ترتفع مسلته المتصلبة ضمن قناته المركزية محاطة بتوضعات بركانية حطامية.

    أهم الأشكال الناجمة عن النشاط البركاني:

    أ- اللابة الحبلية Rope lava: وتعرف أيضاً باسم باهويهوي Pahoehoe والكلمة مأخوذة من اللغة الأصلية لسكان جزر هاواي، تتميز اللابة القاعدية بأنها بازلتية التركيب (الشكل 17).

     الشكل (17) اللابة الحبلية

    ب- اللابة الناتئة: تسمى أيضاً آه-آه ah- ah والكلمة مأخوذة أيضاً من اللغة الأصلية لسكان جزر هاواي، تتميز اللابة والطفوح بنتوءات بارزة حادة، ويبدو أن الاسم جاء من كونها توخز من يمشي عليها حافياً (الشكل 18).

    الشكل (18) الطفوح البازلتية المتصلبة ذات النتوءات البارزة الحادة.

    ج- الأعمدة السداسية Columnar lava: نتيجة تبريد الطفوح البازلتية الرباعية يحدث فيها انكماشات وتقلصات وتشققات تؤدي إلى تشكل فواصل عمدانية متعددة الأضلاع (الشكل 19).

    الشكل (19) الأعمدة المضلعة السداسية البازلتية.

    د- اللابة الوسادية pillow lava: تتشكل في قاع البحار والمحيطات عندما تخرج الصهارة من فوهة البركان فتلامس الماء البارد فتبرد حوافها بسرعة فائقة وتتقلص وتشكل أجساماً كروية إلى بيضوية ذات سطوح ملساء، بازلتية التركيب غالباً فيطلق عليها اسم البازلت الوسائدية pillow basalt (الشكل 20).

    الشكل(20) شكل اللابة الوسادية.

    هـ- المسلات البركانية: عند تجوية الطفوح البركانية المتراكمة وتعريتها على جوانب المخروط البركاني تبرز صخور قناة البركان المركزية القاسية، التي تبردت ببطء شديد، على شكل وتدٍ (أسفين) يطلق عليه المسلة البركانية (الشكل 21).

    الشكل (21): مسلة بركانية.

    إمكان التنبؤ بثوران البركان

    لا يمكن التنبؤ بمعظم الثورات البركانية، لذلك عمد العلماء إلى وضع مراصد مزودة بأجهزة إنذار مبكر على منحدرات البراكين تقيس بعض الظواهر التي عادة ما تسبق ثوران البركان، مثل:

    - تمدد مخروط البركان تمدداً طفيفاً نتيجة تجمع المهل في قناته المركزية.

    - حدوث زلازل محدودة القوى عند صعود المهل من الغرف المهلية باتجاه قناة البركان.

    - ارتفاع درجة حرارة المناطق المجاورة لمخروط البركان، ويمكن الاستدلال عليها من التصوير بالأشعة تحت الحمراء.

    - حدوث تغير في قوة المجالات المغنطيسية والكهربائية للأراضي المجاورة للبركان واتجاهاتها.

    - تغير الصفات الفيزيائية لمياه الينابيع الحارة والفوارات الأرضية والبحيرات البركانية.

    - استعمال الأقمار الصناعية لتحديد أي تغير في التراكيب الجيولوجية نتيجة تدفق الصهارة نحو القناة البركانية.

    - توتر في سلوك بعض الحيوانات.

    - انطلاق أبخرة وسحب غازية من فتحة البركان.

    مراجع للاستزادة:

    - R. E. B. Andrew & A. Gudmundsson, Kurzfassung und Vortrag. Interaction between active volcanoes in Iceland. Geophysical, Research Abstracts, 10, EGU. 2008.

    -H. Bahlburg & C. Breitkreuz, Grundlagen der Geologie, 411 S., Spektrum Akademischer Verlag, 2007.

    - M. G. Best, Igneous and Metamorphic Petrology, 2nd edn. Blackwell, Oxford. 2003.

    - W. Frisch & M. Meschede, Plattentektonik, Kontinent- Verschiebung und Gebirgsbildung, Primus Verlag, 2009.

    - H. U. Schmincke, Vulkanismus, 2. Auf., 264 S., Wissenschaftliche Buchgesellschaft, Darmstadt. Deutschland. 2000.

    - G. P. L. Walker, Explosive Volcanic Eruptions - a New Classification Scheme. 62:431–446S., Geol. Rundsch., Verlag. 1973.


التصنيف : علوم البيئة والتنوع الحيوي
النوع : علوم البيئة والتنوع الحيوي
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1045
الكل : 58491579
اليوم : 64093

أثر شتارك

الإشعاع بالتألق   الإشعاع بالتألق radiation by luminescence هو الضوء الذي يصدره جسم درجة حرارته عادية، وهو في صدوره عند درجة الحرارة العادية يختلف عن الضوء المرئي الذي يصدره جسم متوهج في درجة حرارة عالية مثل الخشب المحترق أو الحديد المصهور أو سلك المصباح المتوهج [ر. الإشعاع الحراري]. وقد لوحظ إشعاع التألق منذ القدم فجاء ذكره في القصص والأغاني وبهرت الإنسان ألوانه الزاهية التي تصدرها أرومات الأشجار الرطبة وبعض الحشرات مثل اليراعة والدودة المضيئة.
المزيد »