logo

logo

logo

logo

logo

البنوك الحيوية البشرية

بنوك حيويه بشريه

Biological Banks Genbanks -

البنوك الحيوية البشرية

مجد الجمالي

أنواع البنوك الحيوية

التحديات

 

البنوك الحيوية البشرية human biobanks هي مراكز جمعٍ وحفظٍ وتوزيعٍ لخلايا أو نسج أو أعضاء إنسانية لاستخدامها في المستقبل، ومن أمثلتها بنوك الدم وبنوك العظام وبنوك العيون وبنوك النطاف وبنوك النسج وغيرها. يضم البنك الحيوي البيانات المتعلقة بمحتوياته والتي تتم أرشفتها بشكل يَسهُل من خلاله الوصول إليها. ولا قيمة لعينات البنوك الحيوية من دون بياناتها.

شهد العقد الأخير زيادةً مطردةً في عدد البنوك الحيوية biobanks، فقد تم خلاله تأسيس أكثر من 180 بنكاً حيوياً للعيّنات البشرية في الولايات المتحدة وحدها، مع وجود أكثر من 350 ألف مُعِطٍ donor للعيّنات. وتم تطوير تلك البنوك لغايات عدّة تنوّعت بين خدمية وبحثية. وعلى الرغم من الاختلافات المهمة فيما بينها تهدف كلها إلى تزويد المستفيدين من خدماتها بمصادر مستدامة من العينات مع حماية خصوصية المتبرعين بها والحرص على موثوقية المعلومات، كما تلتزم أيضاً بأن جميع عمليات الجمع والحفظ والنقل والاعتيان والاستعمال والتخلص من العينات والمعلومات يتم على نحو علمي، وبما يتوافق مع التشريعات القانونية والأطر الأخلاقية الوثيقة الصلة.

أنواع البنوك الحيوية

تعد البنوك الحيوية البشرية أهم أنواع البنوك الحيوية على الإطلاق، ويمكن معرفة ذلك بسهولة بالاطلاع على العدد المتنوع للبنوك الحيوية البشرية التي تأسست في العقد الأخير، حيث تؤلف ما يزيد على 90% منها، في حين تبلغ نسبة البنوك الحيوية النباتية والحيوانية نحو 10% فقط. وعموماً يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع للبنوك الحيوية، هي:

1- البنوك الحيوية الخدمية Service Bio Banks:

يهدف هذا النوع من البنوك الحيوية إلى توفير العينات -البشرية بمعظمها- لمجتمع المستفيدين stakeholders، الذين ربما لديهم حالات مَرَضية يمكن معالجتها من خلال تعويض الخلايا والنسج التالفة لديهم بعينات سليمة تم حفظها في هذه البنوك. وتندرج ضمن هذه المجموعة بنوك الدم المحيطي ودم الحبل السريumbilical cord وبنوك نقي العظم والخلايا الجذعية stem cells والسائل المنوي وبنوك الأعضاء المخصصة للاستعمال السريري، وتعد بنوك الخلايا الجذعية مثالاً مهماً على هذا النوع من البنوك الخدمية، إذ إنها شاعت مؤخراً وشهدت إقبالاً كثيفاً من متبرعي العينات الذين يعتقدون بأهمية تلك الخلايا في التطبيقات المستقبلية للطب التجديدي regenerative medicine، بحيث يمكن أن يفيد المتبرع من عينة خلاياه الجذعية، أو من عينات متبرعين آخرين توافق خلاياه نسيجياً، فيما لو تعرَّض المتبرع لحوادث أو كسور أو أصيب بمرض مزمن تمكن معالجته بتلك الخلايا. كما استهدف إنشاء بنوك حيوية خدمية أخرى تطبيقات الطب الشرعي مثل بنوك الدنا DNA التي تساعد على كشف هويّات المشتبه بهم في جرائم القتل والسرقة والاغتصاب.

2- بنوك التنوع الحيوي Biodiversity BioBanks:

يمثّل الحفاظ على الحيوانات والنباتات والمنظومات البيئية ecosystems المعرضة للانقراض أحد أهم التحديات البيئية التي تواجه العديد من المناطق الجغرافية، وذلك بسبب التغيرات الشديدة في الظروف البيئية ومن أهمها تلك المتعلقة بظاهرة الاحتباس الحراري والجفاف الناجم عنه. كما أن النقصان في الأراضي الزراعية الخصبة لحساب الزيادة المطردة في مساحة المدن قد أثار جدياً مشكلة الحفاظ على التنوع البيئي الذي ساد ربما على مدى الألفيات الماضية. لمواجهة ذلك تم إنشاء العديد من البنوك الحيوية المعنيّة بحفظ عينات من البذور والأرومات النباتية وأجنة الحيوانات لمعاكسة تأثير التطور في التنوع الحيوي الذي يمكن أن يهدد بعض الأنواع البرية النباتية والحيوانية في منطقة ما بالانقراض. ويمكن أن تضم هذه المجموعة أيضاً نوعاً خاصاً من البنوك الحيوية البشرية يهتم بالدراسات التطوّرية التي تبيّن التنوع الوراثي في المجتمعات من دون أن تستهدف التحرّيات السريرية.

3- البنوك الحيوية البحثية Research BioBanks:

تعد هذه البنوك -وهي من أكثر البنوك الحيوية تنوّعاً وعدداً- ملتقى الباحثين في مجال الرعاية الصحية والقائمين عليها، حيث تمثّل مجموعات العينات التي تحتويها تلك البنوك اليوم، وسائل بالغة الأهمية تفيد في اكتشاف واسمات حيوية جديدة novel biomarkers تستخدم في تطوير أساليب تشخيص الأمراض diagnosis ومراقبتها monitoring، كما تقدّم تلك العينات نماذج اختبار مبتكرة لدراسة استجابة المرضى للمعالجات الدوائية المختلفة. وأخيراً فإن لهذه البنوك أهميّة واضحة في مجال الاستشارة الوراثية genetic counseling بحيث يمكنها أن تحسّن من خيارات التشخيص والمعالجة لطيف واسع من الأمراض الوراثية، إضافةً إلى مقاربتها للمواضيع الأخلاقية والقانونية والمجتمعية الوثيقة الصلة بالعاملين في هذا الحقل. ويمكن تمييز نوعين من الدراسات القائمة في البنوك البحثية البشرية حسب اعتمادها إمّا على عينات تمثّل كامل المجتمع population-based biobanks، وإما على عينات تمثّل جمهرة المصابين بمرض معيّن دون غيرهم disease-oriented biobanks.

وترمي الأبحاث الجارية في بعض البنوك الحيوية البشرية إلى بلورة رؤية معيّنة حول المكونات الوراثية للمرض، التي قد تؤدي إلى اتخاذ منحى فردي للرعاية الصحية عبر اختيار أدوية أكثر فعالية وأماناً ضمن معالجات فردية personalized therapies أكثر نجاعةً تربط تأثيرات الأدوية بالمكونات الوراثية لمستقبلات تلك الأدوية لدى المرضى، وهو ما أطلق عليه حديثاً اسم علم الوراثة الدوائي pharmacogenetics. فعلى سبيل المثال يمكن إثر اعتيان الدم المحيطي الاحتفاظ بعينات الدم الكامل كما هي، أو استخلاص العديد من مكوّنات الدم كجزيئات الدنا DNA والرنا RNA والبروتينات، وحفظ تلك المكونات وأرشفتها إلى حين تحليلها واستنباط العلاقات التي تربطها بالإمراضيات أو بالاستجابات الدوائية لدى المرضى (الشكل1).

الشكل (1) بعض أنواع مكوّنات العينات التي يمكن حفظها في البنوك الحيوية.

إن من أهم ميزات البنوك الحيوية العدد الكبير للعينات، وهو أمر لا غنىً عنه لإيجاد العلاقات المهمة والمعقّدة بين التكوين الوراثي لها مع الإمراضيات والاستجابات الدوائية، خاصةً لدى دراسة البروتينات المتورّطة في إحداث الأمراض. وبالمقارنة مع الخرائط الوراثية تعد الخرائط البروتينية proteome maps أكبر بمئات المرات بسبب تمثيلها لكمّ التعبير عن المورثات وزمنه إضافةً إلى التكوين الوراثي؛ مما يتطلب دراسة أعدادٍ كبيرةٍ من العينات لربط وظائف البروتينات مع السبل الكيميائية الحيوية الموجودة داخل الخلايا، ودراسة تآثر البروتينات بعضها مع بعض. من جهةٍ أخرى يعد الدنا مادة ثابتة كيميائياً، في حين أن البروتينات وجزيئات الرنا RNA تتدرك بدرجات مختلفة في السوائل الحيوية، وهو ما يسبب تحدياً حقيقياً لتأسيس البنوك الحيوية التي ترمي إلى حفظ هذا النوع من العينات. وبصورة عامة فإن للاعتيان وتحضير العينات وبروتوكولات معالجة العينات أهمية كبيرة في الحفاظ على نوعية العينات المخزّنة.

التحديات

لاشك في أن هنالك دعماً شعبياً قوياً للاختراقات العلمية المؤدية إلى تشخيص الأمراض والعلل وتوفير معالجة أفضل لها. وفي هذا السياق تبدو المعلومات المتوقع أن تقدمها البنوك الحيوية ذات أهمية كبرى في تقدم أساليب الرعاية الصحية والحفاظ على التنوع الحيوي. مع ذلك يواجه إنشاء البنوك الحيوية تحدياتٍ عدة، من أهمها تلك المتعلّقة بخصوصية المعلومات والتمويل وأرشفة العدد الكبير للعينات، إضافةً إلى التحديات التقنية المذكورة آنفاً، المتعلقة بطرائق حفظ العينات.

1- خصوصية المعلومات: هنالك قلق حول الفقدان المتزايد لخصوصية المعلومات واحتمال استخدامها للتفرقة بين مكونات المجتمع اعتماداً على التكوين الوراثي؛ وبسبب ذلك أثارت البنوك الحيوية كثيراً من النقاش حول التأثيرات الأخلاقية والقانونية والمجتمعية التي تكتنف استعمال العينات والمعلومات، وخصوصاً تلك المرتبطة بموثوقية المعلومات وسرِّيتها وعدم شيوعها وتجنب استخدامها الخاطئ.

2- حفظ العينات والأرشفة: ويعد ذلك من أهم التحديات؛ إذ يفرض العدد الكبير من العينات- والذي قد يصل إلى مئات الآلاف- ضرورة استخدام أساليب متطورة في أرشفة العينات والمعلومات المتعلقة بها وأتمتة الوصول السهل إلى تلك العينات عند الحاجة، إضافةً إلى الحفاظ على موثوقية تلك المعلومات وتجنب الأخطاء التي تتواتر عند التعامل مع حجم العينات الكبير. من أجل ذلك تستخدِم معظم مؤسسات البنوك الحيوية برمجيات خاصّة تمكّن العاملين فيها من إنشاء قواعد البيانات التفصيلية المتعلّقة بالعينات، واستخدام أكثر من جملة تعريف أحادية وثنائية الأبعاد للتأكد التام من موقع العينات، وربط كل ذلك بمنظومة متكاملة لإدارة المعلومات المخبرية تمكّن من تلافي أي أخطاء قد تحصل في أرشفة تلك العينات، أو ربطها بالبيانات الصحيحة المرافقة (الشكل 2).

 

الشكل (2) البروتوكولات المستخدمة في حفظ العينات في البنوك الحيوية

3- التكلفة المرتفعة: يراوح حجم البنوك الحيوية بين تلك البنوك التي تُؤسَّس في مشافٍ أو مؤسسات أكاديمية صغيرة، وتلك المعنية بحفظ مجموعات كبيرة من العينات تمثّل المجتمع كله. وعلى الرغم من أن الكثير من المشافي والمؤسسات الصحية تقوم حالياً بإنشاء بنوكها الحيوية الخاصة بها واستخدامها، تتميز معظم البنوك الحيوية بدرجة عالية من التعقيد وبأن إنشاءها يتطلب تكاليف باهظة؛ لذلك كان لا بد من توفير مجال واسع للاستثمار المجدي لدى تأسيس مثل هذه البنوك بناءً على مجتمع المستفيدين الذي يتغاير حسب طبيعتها، وتتنوّع معه مصادر التمويل. فالبنوك البشرية الخدمية مثلاً تتلقّى المؤسسة المشرفة على البنك مبالغ من المستفيدين مباشرة- وهم غالباً المرضى ذاتهم- لقاء حفظ عيناتهم ومعاملتها وأرشفتها. ومثال ذلك المؤسسات الصحية الساعية إلى تأسيس بنوك الخلايا الجذعية ودم الحبل السري، وهي في معظمها تتلقّى أجوراً لقاء معاملة تلك العينات وتخزينها ونقلها. أما البنوك الحيوية البحثية فعادةً ما تقوم الشركات الصيدلانية الكبرى بدعم العديد من تلك البنوك المعنية بتخزين الآلاف من عينات الخلايا و/أو النسج المحضّرة من المرضى، وهو ما يمثّل كنزاً دفيناً من المعلومات التي يطمح العاملون في تلك البنوك لاستخدامها بغية اكتشاف أدوية جديدة وتصميمها أو مقايسة تأثيراتها الدوائية، مستفيدين بذلك من التقدم المطرد في التقانات المستخدمة. وتعد شركات التقانات الحيوية المعنيّة بتصنيع طواقم الكواشف المستخدمة في التشخيص مصدراً آخر مهماً لتمويل البنوك البحثية.

وسيشهد العقد القادم- على الرغم من التحديات والتعقيدات التي تواجهها البنوك الحيوية- زيادة لن تقتصر على عدد تلك البنوك وأنواعها وحسب، بل على التطبيقات المباشرة للمعلومات التي ستوفرها، والتي ستغني ميادين شتى من العلوم عموماً، وميدان الرعاية الصحية للإنسان على وجه الخصوص.

مراجع للاستزادة:

-Biobanking; biodiversity banking and offset scheme. Department of environment and climate change, Sydney South, Australia, 2007.

-Biobanks for research, German National Ethics Council, Nationaler Ethikrat, Berlin, Germany, 2004.

-Guidelines for human biobanks, genetic research databases and associated data. Office of Population Health Genomics, Department of Health, Government of Western Australia, Australia, 2010.

-A.K. Hawkins, Biobanks: Importance, implications and opportunities for genetic counselors, J. Genet Counsel., 2010.

-B. Malin, C. Loukides, K. Benitez, E.W. Clayton, Identifiability in biobanks: models, measures, and mitigation strategies, Hum. Genet, 2011.

-G. Sandusky, C. Dumauald, L. Cheng, Human Tissues for Discovery Biomarker Pharmaceutical Research: The Experience of the Indiana University, Simon Cancer Center–Lilly Research Labs Tissue/Fluid BioBank. Vet. Pathol. 46:2–9, 2009.

-Specimen Central. Global directories of biobanks, tissue banks, and biorepositories, 2012. http://specimencentral.com/biobank-directory.aspx.

-A . Vegvari, C. Welinder, H. Lindberg, T.E. Fehniger, G. Marko-Varga, Biobank resources for future patient care: development, principles and concepts, Journal of Clinical Bioinformatics, 2011.

 


التصنيف : الوراثة والتقانات الحيوية
النوع : الوراثة والتقانات الحيوية
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1047
الكل : 58491293
اليوم : 63807

البستنة في الدفيئات

التنوير (عصر ـ)   التنوير enlightment اتجاه ثقافي ساد أوربة الغربية في القرن الثامن عشر بتأثير طبقة من المثقفين والمفكرين، عُرفوا باسم الفلاسفة philosophers، وكانوا صحفيين وكتاباً ونقاداً ورواد صالونات أدبية أمثال فولتير، ديدرو، كوندورسيه، هولباخ، بيكاريه، ولكن هؤلاء المفكرين أخذوا عن الفلاسفة العقليين ديكارت واسبينوزا وليبتنز ولوك الذين طبعوا القرنين السابع عشر والثامن عشر بطابعهم الثقافي حتى أُطلق على هذه الفترة عصر العقل age of reason، وكان التنوير نتاجه.
المزيد »