logo

logo

logo

logo

logo

البلورات (علم-)

بلورات (علم)

Crystallography -

البلُّورات (علم -)

موفق رقية

أسس علم البلُّورات

علاقة علم البلُّورات بالعلوم الأخرى

 

علم البلُّورات Crystallography هو العلم الذي يدرس البلُّورات من حيث شكلها الخارجي وبنيتها الداخلية وطرائق نموها growth وخواصها الفيزيائية. والبلُّورة crystal جسم متجانس من مركّب كيميائي أو عنصر، تكونت بفعل عوامل طبيعية، تحت ظروف مناسبة من الضغط ودرجة الحرارة، تحدها خارجياً أسطح مستوية تسمى أوجهاً بلُّورية، يتمثل فيها الترتيب الذري الداخلي المنتظم.

إن أصل كلمة بلُّورة يوناني krystallos؛ ويعني «التجميد بالجليد»، حيث اعتقد اليونانيون قديماً أن الصخور وبلورة الكوارتز quartz تحديداً (أكسيد السليكون) تنتج من التحويل بوساطة التبريد بالجليد. بدأ علم البلُّورات نظرياً بوصفه فرعاً من علم الفلزات (المعادن) mineralogy، وانطلق فيما بعد ليشمل الحالة البلورية لأكثر المواد شيوعاً. ثم أصبح علماً مستقلاً في منتصف القرن التاسع عشر؛ إذ اعتقِد منذ زمن طويل أن الشكل الخارجي للبلورات ينبع من ترتيب منتظم داخلي للمادة. ووُجدت الدلالات الأولى لهذا الترتيب الداخلي في أعمال جوهان كبلر Johannes Kepler عام 1619 وروبرت هوك Robert Hooke عام 1665 ثم كريستيان هويغنز Christian Huyghens عام 1690. وقد اكتشف العالم الدنماركي نيلز ستينسن Nils Steensen القانون الكمي الأول في علم البلُّورات -وهو قانون الزوايا الثابتة- عام 1669، وذلك من خلال قياسه للزوايا بين أوجه بلورات الكوارتز. واستنتج رينه-جَسْت هوي René-Just Haüy القانون الثاني المسمى قانون قرائن الأوجه بالنسب الصحيحة law of rational indices عام 1774. قاد هذا القانون إلى فكرة أن البلُّورات تتكون بدءاً من متوازي سطوح parallelepiped متماثل، وهذا بدوره أدى إلى ترميز الأوجه البلورية بثلاثة أعداد صحيحة. طور ميلر W. H. Miller هذه الرموز، وقدم طرائق هندسية تحليلية في علم البلُّورات، واقترح رموزاً مازالت تستخدم حتى هذا اليوم. كانت مساهمة أوغست برافيهAuguste Bravais في علم البلُّورات كبيرة؛ إذ قدم عام 1849 في كتابه «البنى الشبكية البلُّورية» المسلَّمة التالية التي تُعدّ بحق أساس علم البلُّورات: «يكون ترتيب المادة حول نقطة ما في بلورة مشابهاً لأي نقطة في وسط غير مستمر وغير منتهٍ في الاتجاهات الثلاثة في فضاء من النقاط». نجم عن هذه المسلَّمة كل مفاهيم الشبكة البلُّورية ثلاثية الأبعاد وكل مسائل التناظر الناجمة عنها وعيّن الأنظمة البلورية الممكنة التي تسمى باسم شبكات برافيه (الجدول 1).

الجدول (1) شبكات برافيه.

كذلك اقترح برافيه مفهوم الشبكة العكسية. وطُوِّرت فيما بعد العديد من مسائل التناظر في البلُّورات من قبل علماء الرياضيات عبر نظرية الزمر؛ وعلى الأخص مسألة عدد الزمر الفضائية وتصنيفها، وكان ذلك من قبل العالمين شونفليز Schönflies وفدوروف Fedorov. وبالتوازي مع تطور الدراسات النظرية؛ طوِرّت تقنياً تجهيزات القياس في علم البلُّورات. فصمم كارانجوت Carangeot عام 1782 أول مقياس زوايا goniometer، وطوَّر كل من بابينت Babinet وولستون Wollaston هذا المقياس؛ ليصبح دائرياً. كما صمم ولف Wulff أيضاً مقاييس الزوايا الأولى المصممة من دائرتين والتي طورها فدوروف فيما بعد بين عامي 1853 و1919.

عُدّ علم البلُّورات حتى مطلع القرن العشرين من العلوم التي تعتمد على البديهيات فقط، في حين أدت التجارب الأولى لانعراج الأشعة السينية عام 1912 من قِبَل العالمين فريدرخ W. Friedrich وكينبينج P. Knipping وأفكار فون لاو M. von Laue ثم أعمال براغ الأب W. Bragg وبراغ الابن L. Bragg إلى إثبات مسلَّمة برافيه. كما أعطت قياسات الانعراج أيضاً الدليل التجريبي المباشر عن الطبيعة الدورية الداخلية والمرتبة في البنى البلورية وقرائن ميلر.

أدى ابتكار تقنيات تجريبية جديدة في الانعراج إلى التطور السريع في علم البلُّورات، فمنذ عام 1960 استخدمت البرامج الحاسوبية في معالجة البيانات التجريبية للانعراج عن البلُّورات. وفي الوقت الحاضر يمكن تحديد البنى البلورية لمواد لاعضوية أو عضوية بسيطة في بضعة أيام محدودة في مختبر مجهز تجهيزاً جيداً بجهاز انعراج أشعة سينية مع كواشف وحوامل متعددة مختلفة موصولة بجهاز حاسوب مع جهاز تحضير بلّورة وحيدة من المادة المدروسة أو مسحوق منها؛ إضافة إلى وصل الحاسوب ببنك معلومات؛ كي تقارن النتائج مع نتائج مواد معروفة أو تركيب منها. وأصبح من الممكن أيضاً في السنوات العشرين الماضية استنتاج البنى البلورية لمواد لا يمكن الحصول على بلورة أحادية منها باستخدام تقنية انعراج المسحوق، وصار بالإمكان الآن تحديد البنى البلورية للجزيئات الضخمة من البروتينات والذي فتح آفاقاً جديدة لعلم البلُّورات في علوم الحياة.

أسس علم البلُّورات:

كانت البلُّورات تُصنف بحسب تماثل أشكالها الخارجية، وهذا بدوره وضع الأسس لدراسة علم البلُّورات عن طريق المشاهدة والتجارب المخبرية الملموسة. إذ تمتلك بلُّورة المادة سطوحاً مستوية وزوايا متساوية بين السطوح المتشابهة. ولكل مادة سطوح وزوايا تميزها من المواد الأخرى؛ مما يعني امتلاكها خواص مميزة في طريقة ترتيب الذرات والإيونات والجزيئات المكونة لها. نشأ في البداية علم البلُّورات باسم علم دراسة الأشكال البلّورية الجهرية macroscopic، وكلمة «بلُّورة» تعبير عُرّف تقليدياً من ناحية تركيب هذه الأشكال وتناظرها. أدّى اختراع مقياس الزوايا إلى اكتشاف القوانين الأساسية الثلاثة في علم البلُّورات:

- تنمو البلُّورات طبيعياً بوجوه مستوية.

- الزوايا بين الوجوه مميزة للتركيب الكيميائي للمادة ولأطوارها البلُّورية.

يُستعمل مقياس الزوايا للتمييز بين أطوار المادة، على سبيل المثال: يملك أحياناً المركّب الكيميائي نفسه عِدّة أشكال بلّورية (كما في حالة الذي له عدة أشكال بلُّورية: الطور والطور من الكوارتز والكريستوباليت cristobalite والتريديميت tridymite). فيتميز كل شكل بلوري من هذه الأشكال بزوايا مختلفة بين الأوجه البلورية.

- قانون القرائن بالنسب الصحيحة law of rational indices .

إن اختيار أيّ ثلاث حافات كمحاور إحداثية لا تقع في مستوٍ واحد من بلورة وتعيين أطوال الواحدة على هذه المحاور الثلاثة يعيّن كل الأوجه البلورية بمواقع أصولية منسوبة إلى مبدأ هو نقطة تلاقي المحاور. وهذا يعني أن تقاطعات هذه الأوجه مع الحافات الثلاث تقاس بوساطة ثلاثة أعداد منسوبة إلى أطوال الواحدة على هذه المحاور. تدعى المحاور الثلاثة بالمحاور البلورية، ويرمز لها بـ a,b,cعُني هذا العلم بعد اكتشاف انعراج الأشعة السينية X-ray diffraction بدراسة الترتيبات الذرّية في المواد البلّورية، وأصبح تعريف البلُّورة الذي اقترحه بيرغر Buerger عام 1956 كالتالي: «هي منطقة من المادة تكون فيها الذرّات مرتّبة في نمط انسحابي دوري ثلاثي الأبعاد». يُعرف هذا الترتيب المنظّم في المادّة البلُّورية بالبنية البلُّورية crystal structure، وأصبح علم البلُّورات المستخدم للأشعة السينية X-ray crystallography يتناول وصف هذه البنية البلورية، حيث تُعدّ تقنية انعراج الأشعة السينية أداة تحليلية فعّالة وضرورية في علم البلُّورات.

تتلخص المفاهيم الأساسية في علم البلُّورات التي يتطلبها تفسير معطيات تقنية انعراج الأشعة السينية وفهمها بالآتي:

1- وصف البنية البلّورية: تشبه البنية البلّورية تصميم ورق جدران ثلاثي الأبعاد ذي تكرار لانهائي لنقش motif ما. يكون النقش في البنى البلورية ذرّة أو مجموعة من الذرّات أو الجزيئات. يخضع بناء النقش في الفضاء الثلاثي لعمليات تناظر الزمر النقطية point groups من دوران rotation وانعكاس reflection وعكس (ارتكاس) inversion. ويخضع بناء البنية البلورية لعمليات تناظر الزمر الفضائية space group والتي تنتج من انسحاب (مع دوران أو انعكاس أو بدونهما) للنقش من أجل بناء التركيب الكامل.

2- رموز الشبكة: الشبكة هي مخطط تخيلي من النقاط (أو العقد) بحيث تملك كل نقطة (أو عقدة) بيئة محيطة مماثلة لأي نقطة (أو عقدة) في المخطط. يبين الشكل (1) الرموز المستخدمة لوصف نقاط الشبكة وصفوفها ومستوياتها في جمل إحداثية مبنية بحسب النظم البلورية المعروفة. يُرمز للنقاط بثلاثة أعداد صحيحة من دون أقواس، أما المستويات البلورية؛ فيرمز لها باستخدام قرائن ميلر، وهي مقلوب الأعداد التي تعطي نقط تقاطع المستوي مع المحاور البلورية مقيسة بأعداد صحيحة من واحدة كل محور. ويلاحظ في هذا الشكل المستوي البلوري القاطع للمحور a في النقطة 100 والمحور b في النقطة والمحور c في النقطة. فتحسب قرائن ميلر لهذا المستوي: بأخذ مقلوب الأعداد، أي 1/1(c),1/1(b),1/1(a) ثم توحيد مقاماتها واختزال المقام المشترك؛ لتعطي الأعداد الصحيحة ،1(c),2(b),2(a) التي تكتب رمزاً للمستوي ضمن قوسين كالتالي (221).

الشكل (1) رموز النقاط والصفوف والمستويات الشبكية.

إذا أدّت الحسابات إلى قرائن مع وجود عامل مشترك يُختزل، أي إذا وُجِد مستوىً آخر تقاطعاته تؤدي إلى ؛ فإن القرائن تختزل لمجموعة الأعداد الصحيحة الأبسط أي. هذا يعني أن قرائن ميلر تُشير إلى عائلة من المستويات البلورية المتوازية معرّفة بمسافة انسحابية ثابتة في اتجاه عمودي على المستوي. وإذا كانت التقاطعات في الاتجاهات السالبة للمحاور؛ فيضاف خطّ فوق القرينة السالبة مثل . تُحصر عائلات المستويات المتعلقة بتناظر النظام البلّوري بين قوسين كبيرتين . على سبيل المثال، في النظام الرباعي tetragonal يُشير الرمز إلى مجموعات المستويات البلورية الأربع و و
و، ويرمز لها بصورة عامة .

3- المسافة بين المستويات البلُّورية: يرمز للمسافة العمودية التي تفصل بين المستويات البلُّورية المتجاورة بالرمز حيث قرائن ميلر لهذا المستوي. يمثل الشكل (2) عدّة عائلات مستويات بلُّورية والمسافات d فيما بين كل منها. إن المحورين a وc في مستوي الورقة، وb عمودي على مستواها، يلاحظ كون القرينة المقابلة له معدومة. تعطى قيم المسافات d -في الحالة العامة- بحسب الأنظمة البلّورية المختلفة بدلالة قرائن ميلر.

الشكل (2) المسافات بين المستويات البلُّورية.

4- التناظر في البلُّورات:

ينتج نمط pattern الانعراج المميز للبلُّورة من تكرار ترتيب الذرّات (أو النقش) في البنية البلّورية، لهذا فإن هذا النقش يُحدد بوساطة «حل» نمط الانعراج في علم البلُّورات. إذا لم يكن هناك أي تكرار أو ترتيب (كما في المواد غير البلُّورية أو غير الشكلية amorphous)؛ فإنه ليس هناك نمط انعراج. يُعرّف تكرار النقش في الشبكة بتناظراته. ويمكن تعريف عملية التناظر بأنها العملية التي إذا طبقت على شكل جسم ما؛ فسيظهر الشكل نفسه بعد العملية بالضبط تماماً كما كان عليه قبلها. وهناك ثلاثة أنواع من عمليات التناظر الرئيسة: دوران وانعكاس وعكس.

  • الدورانات (يرمز لها بـ حيث يُشير العدد إلى عدد مرات تكرار ظهور النقش نفسه بتناظراته خلال الدوران بزاوية قدرها 360°). إن الدورانات الخماسي 5 والسباعي 7 والثماني 8 غير ممكنة في البلُّورات؛ وذلك لتركها مناطق فراغ بعد جمع الأشكال كما في حالة الشكل (3) التي تملك محوري دوران 5 و8، أما الأجسام التي تملك محور دوران 7، فإن الأشكال تتراكب بعضها فوق بعض عند جمعها، وهذا بدوره يتنافى مع دورية البلُّورات الانسحابية. من الجدير بالذكر أن هذه الدورانات المحظورة في البلُّورات تكون ممكنة في ما يسمى شبه البلُّورات quasicrystal، وهي باختصار البنى المرتبة لكنها غير دورية.

  • الشكل (3) الدورانان 5 و 8 غير الممكنين في البلُّورات.
  • الانعكاس (يرمز له بـm يتكرر النقش بانعكاس بالمرآة عبر مستوٍ).

  • العكس (يرمز له بـ i يتكرر النقش بأخذ المناظر لكل نقطة منه بالنسبة إلى نقطة العكس وفق المستقيم الواصل بينهما؛ تُعرّف هذه النقطة مركز التناظر).

  • عكس الدوران هي عملية دوران متبوعة بعملية عكس (يرمز له برمز الدوران فوقها إشارة -).

  • الانسحابات وهي أي حركة جانبية تؤدي إلى تكرار النقش على طول محور خطيّ ما.

    تُولد عمليات الدوران والعكس والانعكاس نقاط الشبكة في الفضاء ثلاثي الأبعاد، حيث تشكل عناصر التناظر هذه زمراً نقطية. تتضمّن الانسحابات انسحاباً خطياً بسيطاً وانسحاباً خطياً مقترناً مع عملية مرآة (مستوي انزلاق glide)؛ أو انسحاباً خطيّاً مقترناً مع عملية دوران (محور لولبي screw). تُولد هذه الانسحابات باستعمال 32 زمرة نقطية 230 زمرة فضائية مختلفة. تُؤدّي الطبيعة التكرارية للبنى البلّورية إلى وجود الذرات في تجمعات صفوف مستوية. تستخدم قياسات المسافات البينية بين هذه الصفوف d (الجدول 2) واختلاف شدات الانعراج الناجمة عنها كـ «بصمة إصبع» مميزة للبلُّورة المدروسة، ويُعدُّ هذا الأمر من أسس علم البلُّورات.

    علاقة علم البلُّورات بالعلوم الأخرى:

    يضم علم البلُّورات الفروع الرئيسية الثلاثة الآتية، وقد يهتم علم ما بأحدها أكثر من اهتمامه بالفرعين الآخرين:

    1- علم البلُّورات الهندسي: يُركز على طرائق دراسة البلُّورات هندسياً من حيث شكلها الخارجي، وذلك عن طريق قياس الزوايا بين الوجوه وتحديد تناظراتها فراغياً؛ أو من حيث بنية البلُّورات الداخلية؛ إذ يدرس تحليل البنية الشبكية الفراغية الداخلية للبلُّورات ومواقع الذرات ضمن الخلية الواحدة.

    2- علم البلُّورات الفيزيائي: يهتم بدراسة الصفات الفيزيائية للبلُّورات وعلاقة هذه الصفات بخواصها الهندسية التي ترتبط بدورها بالخصائص البنيوية الهندسية لبنيتها الداخلية. تغلب في فرع فيزياء البلُّورات دراسة الصفات الميكانيكية والكهربائية والمغنطيسية للبلُّورات.

    3- علم البلُّورات الكيميائي: يتضمن هذا الفرع الدراسات النظرية والعملية في منشأ البلُّورات ونموها، ويبحث في تأثير البنية الداخلية والعوامل الخارجية في سرعة نمو البلُّورات، ويدرس التركيب الكيميائي للبلُّورات. ويؤلف هذا الفرع واحداً من أهم دعائم الجيوكيمياءgeochemistry؛ وذلك بكشفه عن منشأ الفلزات، ومنها فلزات المكامن المعدنية وغيرها.

    يستوجب علم المواد materials science وعلم طبقات الأرض geology فهماً أساسياً وضرورياً لعلم البلُّورات، وكذلك الأمر في حالة فيزياء الجسم الصلب والكيمياء وعلم الفلزات وأيضاً حديثاً في علوم الحياة. ففي:

    1- علوم المواد: يستخدم علم البلُّورات بوصفه أداة فعالة لتعرّف ما يعكسه الشكل الخارجي الطبيعي في البلُّورات الأحادية والذي يمكن ملاحظته جهرياً من ترتيب بلُّوري داخلي للذرّات. يمكن- علاوة على ذلك- التحكم في الخواص الفيزيائية للبلُّورات في أغلب الأحيان عن طريق إدخال العيوب البلّورية حيث يتم الفهم العميق لما يحدث بدءاً من البنى البلُّورية. يمكن أيضاً دراسة المواد التي لا تتبلور في بلُّورات أحادية (أي إنها تتبلور على شكل متعددة البلُّورات) بوساطة طريقة انعراج المسحوق. تؤدّي هذه التقنية حديثاً دوراً أكثر أهمية في تحديد البنى البلُّورية لمثل هذه المواد. تكمن فائدة علم البلُّورات في تحديد هوية الأطوار البلورية لمادة مجهولة، حيث من المفيد أن تُكتشف المركّبات والأطوار المختلفة؛ وذلك عند إخضاعها لتأثير ما. تستخدم في هذه الحالة تقنيات الانعراج المختلفة. يغطي علم البلُّورات حساب أنماط التناظر الناجمة عن ترتيب الذرات في البلُّورات، ولهذا السبب هناك علاقة بين نظرية الزمر والهندسة.

    الجدول (2) قيم المسافات البينية للمستويات البلُّورية للأنظمة البلُّورية المختلفة.

    النظم البلُّورية

    المكعبي

    الرباعي

    المعيّني المستقيم

    المسدسي

    سداسية الإسناد

    ثلاثية
    الإسناد

    أحادي الميل

    ثلاثي الميل

    2- الكيمياء: قاد علم البلُّورات إلى فهم أفضل لكل الروابط الكيميائية والتأثيرات اللاتساهمية بين الذرات. كذلك حددت الدراسات الأولية لعلم البلُّورات أنصاف الأقطار النموذجية للذرات، وأكدت العديد من النماذج النظرية للروابط الكيميائية مثل ارتباط رباعي الوجوه للكربون في بنية الألماس والارتباطات ثمانية الوجوه لبعض المعادن. كذلك بينت دراسات علم البلُّورات الروابط الطنينية (التجاوبية) في بعض مركّبات الكربون والمواد ذات الجزيئات العطرية. تُعدّ المسافة بين ذرتين مرتبطتين ذات حساسية ملاحظة لطول الرابطة ومرتبتها. سمحت الدراسات المستنتجة من علم البلُّورات باكتشاف حتى الأنواع الغريبة للارتباط في الكيمياء اللاعضوية، مثل الروابط المضاعفة والروابط الرباعية بين معدن-معدن والروابط ثلاثية المركز وثنائية الإلكترون. أخيراً كان لعلم البلُّورات الدور الرائد في تطوير كيمياء الجزيئات الفائقة supramolecule خصوصاً بنى تاج الإتر ومبادئ كيمياء المضيف-الضيف.

    3- الجيولوجيا: إن الطريقة الرئيسية منذ عام 1920 في تعيين ترتيب الذرات في الفلزات والمعادن هي تقنية انعراج الأشعة السينية. بدأ تطبيق علم البلُّورات في علم الفلزات مع اكتشاف بنية الغارنت garnet ذي الصيغة العامة التي استنتجها مينزر Menzer عام 1924. حدث التطبيق الأول لعلم البلُّورات في علم المعادن على النمط نفسه في منتصف العشرينيّات من القرن العشرين. أهم البنى المكتشفة هي بنية لينوس باولين Linus Pauling لخلائط والتي قادت إلى نظريته في بنية البلُّورات الإيونية المعقدة واستقرارها.

    4- البيولوجيا: يُعدّ علم البلُّورات المستعمل للأشعة السينية الطريقة الأساسية لتحديد التشكيلات conformations الجزيئية للجزيئات البيولوجية الضخمة، خصوصاً البروتين والحموض النووية مثل الدنا DNA والرنا RNA. وفي الحقيقة؛ استُنتجت البنية الثنائية ذات الالتفاف الحلزوني لـلدنا من بيانات علم البلُّورات. حُلّت البنية البلُّورية الأولى لجزيء ضخم عام 1958، وحُصل على نموذج ثلاثي الأبعاد من جزيئة غلوبين العضلات myoglobin بتحليل الأشعة السينية. ويمكن الآن الدخول مجاناً إلى بنك بيانات البروتينات Protein Data Bank (PDB) من خلال الشابكة (الإنترنت)، والذي يسمح بالوصول بحرية إلى بنى بروتينات الجزيئات البيولوجية الضخمة الأخرى. يُستعمل علم البلُّورات المستخدم للأشعة النترونية في أغلب الأحيان للمساعدة على تصفية refinement البنى التي حُصل عليها بطرائق الأشعة السينية أو لكشف رابطة معيّنة؛ تُعدّ هذه الطرائق في أغلب الأحيان طرائقاً مكمِّلةً، حيث تكون الأشعة السينية حسّاسة لمواقع الإلكترونات، والتبعثر يكون في أشده من أجل الذرّات الثقيلة، في حين تكون النترونات حسّاسة لمواقع النوى، والتبعثر يكون في أشده من أجل النظائر المشعة الخفيفة، مثل الهدروجين والهدروجين الثقيل. يُستعمل علم البلُّورات المستخدم للأشعة الإلكترونية (المجاهر الإلكترونية عامة) لتحديد بعض بنى البروتينات، والبروتينات الغشائية والأغلفة capsids الفيروسية خاصّة.

مراجع للاستزادة:

- A. J. Blake, W. Clegg, J. M. Cole, John S. O. Evans, P. Main, S. Parsons, D. J. Watkin, Crystal Structure Analysis: Principles and Practice, Edited by W. Clegg, Oxford University Press, 2001.

- L. Bragg, The Crystalline State: A General Survey. London: G. Bell and Sons, 1955.

- C. Giacovazzo, H. L. Monaco, D. Viterbo, F. Scordari, G. Gilli, G. Zanotti, M. Catti, Fundamentals of Crystallography, Oxford University Press, 1992.

- J. P. Glusker, K. N. Trueblood, Crystal Structure Analysis: A Primer (Iucr Texts on Crystallography) (International Union of Crystallography Texts on Crystallography), Oxford University Press, 2010.

- W. Massa, R. O. Gould, Crystal Structure Determination, Springer, 2010.


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1039
الكل : 58492872
اليوم : 65386

الآثار الكهرحرارية

أصول المحاكمات   أصول المحاكمات la procédure تعبير يطلق على مختلف القواعد المتعلقة بتحديد الاختصاص القضائي ورفع الدعوى وسيرها أمام المحاكم والطلبات والدفوع التي تقدم في أثنائها، والأحكام التي تصدر بشأنها وطرق الطعن بهذه الأحكام، وتنفيذها. ولهذه القواعد أثرها في زيادة المعاملات وتنشيط الحياة الاجتماعية في المجتمع لأنها من العوامل المهمة في استقرار المعاملات بين الناس وفي اطمئنانهم على حقوقهم، كما أنها تؤدي إلى ضمان وصول الحق إلى صاحبه من غير مشقة ذاتية ولا كبير عناء مما يقوي الائتمان ويزيد الضمان.
المزيد »