logo

logo

logo

logo

logo

البروتون

بروتون

Proton -

البروتون

بيداء الأشقر

 الخصائص الأساسية للبروتون  البروتون والعلوم المختلفة
 استقرار البروتون  البروتونات في الفضاء الكوني
 الكواركات وكتلة البروتون  البروتون المضاد
 

البروتون proton هو أحد مكوّنات نواة الذرّة atomic nucleus، يرمز له ب ـ p، وتحتوي النّواة الذرية لعنصرٍ كيميائي محدّد على العدد نفسه من البروتونات، يسمى العدد الذري atomic number، وهو يحدّد موضع العنصر في الجدول الدوري. كما تحتوي النواة على عدد محدد من المكونات المحايدة الشحنة تدعى النترونات.

إن شحنة البروتون موجبة، وتساوي قيمتها الشحنة العنصريّة للإلكترون أي e، كما أنّ عدد الإلكترونات التي تدور حول النواة الذرّيّة يساوي عدد البروتونات، ما يجعل الذرّة معتدلة الشحنة الكهربائيّة. يظهر الشكل (1) بنية الذرة.

الشكل (1) بنية الذرة، المدارات الإلكترونية بالّلون الأزرق، وفي المركز تظهر النواة الذرّيّة بمكوّناتها: البروتونات والنترونات.

يعود اكتشاف البروتون إلى التجارب المبكّرة التي أجراها في القرنين الماضيين العديد من العلماء لمعرفة بنية الذرّة. ويُنسب اكتشاف البروتون تحديداً إلى التجارب التي قام بها إرنست رذرفورد E. Rutherford وطالباه غايغر Geiger ومارسدن Marsden في الفترة بين عامي 1917 و1920، عندما قذفوا بعض العناصر الغازية الخفيفة مثل الآزوت (النتروجين) بجسيمات ألفا الصادرة عن العناصر المشعّة الثقيلة، فلاحظوا إصدار جسيمات أخفّ من جسيمات ألفا مشحونةً بشحنة موجبة، وتحقّقوا تجريبيّاً من أنّ هذه الجسيمات نوى الهدروجين التي أَطلَق عليها رذرفورد فيما بعد اسم بروتونات (الشكل 2).

الشكل (2) تجربة قذف النتروجين الغازي بجسيمات ألفا واكتشاف البروتون عام 1919

الخصائص الأساسية للبروتون:

تُعدّ البروتونات من الفيرميونات fermions، وهي الجسيمات التي تخضع لإحصاء فيرمي - ديراك
Fermi-Dirac statistics، بلفٍّ ذاتيٍّ (سبين spin) 1/2، وهي مكوّنة من ثلاثة كواركات quarks (علوي up-علوي up - سفلي down)؛ ولهذا تُصنف في فيزياء الجسيمات الأوّليّة particle physics من الباريونات baryons (وهي صنف من الهادرونات hadrons). ترتبط الكواركات الثلاثة فيما بينها بوساطة القوى النووية القوية عبر الغليونات gluons. تتوزع شحنة البروتونات الموجبة وفق توزع متناقصٍ بشكلٍ أسّي، ويقدّر نصف القطر الوسطي لهذا التوزّع ب 0.8 fm (فرمي).

ترتبط البروتونات والنترونات ضمن النواة الذرّيّة بوساطة القوى النووية. يُشكّل البروتون نواة ذرّة الهدروجين، وفي الذرات الأخرى عدا الهدروجين يوجد عدد أكبر من البروتونات في أنويتها.

إن كتلة البروتون أصغر بقليل من كتلة النترون، وهي تساوي ، أو ، والبروتون جسيمٌ مستقرٌّ، يُقدّر عمر حياته الوسطي mean life بـ (سنة). يبيِّن الجدول (1) أهم خصائصه. كما يوضّح الشّكل (3) المكوّنات الأساسية للبروتون وفق فيزياء الجسيمات الأوّليّة.

الجدول (1)

الخاصيّة

القيمة - الوحدة

نصف قطر شحنة البروتون charge radius

عزم ثنائي القطب الكهربائي electric dipole moment

قابلية الاستقطاب الكهربائي electric polarisability

العزم المغنطيسي magnetic moment

قابلية الاستقطاب المغنطيسي magnetic polarisability

الزوجية parity

+1

الشكل (3) يتألّف البروتون من ثلاثة كواركات: علوي– علوي – سفلي

 

استقرار البروتون:

يُعَد البروتون جسيماً مستقرّاً، إذ لم يلاحظ انحلال البروتون الحرّ تجريبيّاً أبداً. على الرّغم من ذلك تتوقع نظريات التوحيد الكبرى Grand Unification Theories (GUTs) في فيزياء الجسيمات الأوّليّة انحلال هذا الجسيم بعمر حياةٍ وسطي من مرتبة عام. أمّا تجريبيّاً فقد وصلت بعض التجارب إلى وضع حدودٍ دنيا للعمر الوسطي للبروتون من أجل نواتج انحلالٍ مختلفة، فعلى سبيل المثال بينت دراسات يابانية أن الحدود الدنيا لعمر الحياة الوسطي لانحلال البروتون إلى ميون مضاد وبيون عديم الشحنة هي عام، وفي تجربة أخرى أُجريت لقياس فوتونات غاما الصادرة عن نوىً متبقية بعد انحلال بروتون ابتداءً من الأكسجين 16، وذلك في مرصد سادبيري Sudbury للنترينو في كندا ، كانت الحدود الدنيا للعمر الوسطي للبروتون تساوي عام من أجل أي ناتجٍ للانحلال.

تتحوّل البروتونات إلى نترونات عبر تفاعل يدعى الأسر الإلكتروني electronic capture. ولا يمكن لهذا التفاعل أن يتمّ بحالة البروتونات الحرّة من دون تزويدها بالطاقة اللازمة، ويُكتب التفاعل على الشكل:.

هذه العملية عكوسة، أي إن النترونات بإمكانها التحوّل إلى بروتونات وذلك بانحلال بيتا المعروف، ويتم هذا الانحلال من دون تزويد النترون الحر بأي طاقة لكونه جسيماً غير مستقر عمر حياته الوسطي قرابة 15 دقيقة.

الكواركات وكتلة البروتون:

تشرح النسبية الخاصة special relativity كتلة البروتون والنترون وفق نظرية الكم الكروموديناميكي (الدينامي اللوني) الحديثة Quantum Chromodynamics (QCD). في هذه النظرية تكون كتلة البروتون أكبر بثماني مرات من مجموع الكتل السكونية للكواركات المكوّنة له، وتمتلك الغليونات المسؤولة عن ارتباط الكواركات في البروتون كتلة سكونية معدومة. وتقدّر الطاقة الفائضة للكواركات والغليونات ضمن البروتون بنحو99 % من الكتلة الكلّية، أي إن الكتلة السكونية للبروتون في نظرية الكم الكروموديناميكي هي الكتلة الثابتة للجملة المتحركة من الكواركات والغليونات المشكّلة للبروتون.

البروتون والعلوم المختلفة:

يُشير البروتون في علم الكيمياء إلى إيون (شاردة) الهدروجين ،(H+) hydrogen ion أو نواة ذرة الهدروجين . وهذا الإيون نشط جداً من الناحية الكيميائية؛ ما يجعل عمر حياته في المنظومات الكيميائية المختلفة قصيراً جداً، فهو يتفاعل مباشرةً مع الغمامة الإلكترونية في أي جزيء. تشكّل شاردة الهدروجين في المحاليل المائية إيون الهدرونيوم الذي ينحلّ بدوره في الماء لِيعطي عناقيد clusters مختلفة مثل و .

تُعدّ تقنيّة الرنين (التجاوب) المغنطيسي النووي (NMR) Nuclear Magnetic Resonance من التقنيّات الطيفيّة المهمة جداً التي تستخدم لدراسة بنية الجزيئات العضوية في علم الكيمياء والعلوم الطبيّة على حدٍّ سواء. وتسمّى تقنية الرنين النووي المغنطيسي البروتوني تلك التي تعتمد على رصد نواة الهدروجين (أو البروتون) في الجزيئات العضوية بالاعتماد على تفاعل سبين البروتون مع الحقل المغنطيسي الخارجي المطبّق على المادة قيد الدراسة؛ ما يسمح بمعرفة البنية الجزيئيّة للمركّب المدروس. وهذه التقنيّة مستخدمةٌ أيضاً في المجال الطبيّ، حيث تُعرف باسم التصوير بالرنين النووي المغنطيسي nuclear magnetic
resonance imaging، وتسمح بتشخيص بعض أنواع الأورام، كما تستخدم حزم البروتونات عالية الطاقة في علاج بعض أورام العين، حيث تخرّب البروتونات بفضل طاقتها الخلايا السرطانية عن طريق تفاعلات التأين التي تُحدثها. وتُضبط الجرعة ضبطاً دقيقاً لتخفيف خطر البروتونات على الخلايا السليمة. يبيّن الشكل (4) نموذجاً لعلاج بعض أورام العين باستخدام حزمة من البروتونات.

الشكل (4) تُضبط حزمة البروتونات لعلاج ورم في عين مريض، ويستخدم القناع لتثبيت رأس المريض بهدف الحصول على أفضل نتيجة علاجية مع حماية النسج السليمة. تخرج حزمة البروتونات من المسدّد النحاسي في الجهاز.

يستخدم العلماء الحزم ذات السرعة العالية من البروتونات للكشف عن الجسيمات الأولية وسبر البنية الداخلية للمادة. وهنا يظهر المصادم الهادروني الضخم (Large Hadron Collider (LHC في المركز الأوربي للبحوث في سويسرا المعروف باسم Conseil Européen pour la Recherche Nucléaire (CERN) (الشكل 5)، يبلغ طول هذا المسرع 27 كيلومتراً، ويَستخدم مغانط الناقلية الفائقة superconducting magnets للتحكم في حزمتين دوارتين من البروتونات تتحرّكان باتجاهين متعاكسين عند تسريعهما، وتصل الطاقة العظمى لبروتونات كل حزمة إلى 7 تيرا إلكترون فولط (TeV). تُجبر الحزمتان فيما بعد على التصادم بشكلٍ جبهي، ويتم رصد الجسيمات الناجمة عن التصادم بوساطة كواشف معدّة لهذا الغرض، ومن أهمها ATLAS وCMS. تسمح التجارب العديدة التي تجري في هذا المصادم باختبار جسيماتٍ جديدة، ويمكن أن تفسّر بعض الخواص الأساسية للمادة مثل بوزون هيغز Higgs boson، المسؤول عن امتلاك الجسيمات لكتلها السكونية، وتم اكتشافه تجريبيّاً عام 2012 في الـCERN، وكذلك فهم ولادة الكون وفق نظرية الانفجار العظيم big bang، وتشكّل المادة والمادّة المضادة.

الشكل (5) المصادم الهادروني الضخم LHC في المركز الأوربي للبحوث في فيزياء الجسيمات في سويسرا (CERN)

البروتونات في الفضاء الكوني:

أثبتت التجارب أنّ أكثر من %95من الرياح الشمسيّةsolar wind مكوّنٌ من إلكترونات وبروتونات بنسبٍ متساوية تقريباً. وتُقدّر كثافة البروتونات في الرياح الشمسيّة بنحو 10 إلى 20 بروتوناً في السنتيمتر المكعّب، وتُقدّر سرعاتها بنحو 400 إلى 650 كيلومتراً في الثانية. ولحسن الحظ فإن الحقل المغنطيسي الأرضي يحمي الأرض من الرياح الشمسيّة حماية شبه تامة.

يبيّن الشكل (6) ثوران الشمس الذي رُصد بتاريخ 20 حزيران/ يونيو 2013، والذي أعقبه قذف كتلي تاجيّ coronal mass ejection لملايين الأطنان من الجسيمات في الفضاء. تصل هذه الجسيمات - وهي مكوّنة على نحو أساسي من إلكترونات وبروتونات - إلى الأرض خلال ثلاثة أيام، ويتكفّل الغلاف الجوي المحيط بالأرض بإيقاف معظمها، إلا أن هذه الرياح الشمسية قد تؤثّر سلباً في المنظومات الإلكترونية على الأرض وفي السواتل satellites.

الشكل (6) الضوء الساطع إلى يسار الصورة ناجم عن ثوران الشمس، أعقبه قذف كمية هائلة من الجسيمات في الفضاء «القذف الكتلي التاجي»

تبلغ البروتونات قرابة 90% من الأشعة الكونية خارج النظام الشمسي. وطاقة هذه البروتونات عادةً أعلى من بروتونات الرياح الشمسية، إلا أنها أكثر منها استقراراً وتجانساً في الشدّة.

يقوم العلماء بدراسة أثر التعرّض للبروتونات في صحّة الإنسان، ويتمّ ذلك بتحديد الأذية التي تطرأ على بعض المورّثات لدى روّاد الفضاء بعد عودتهم إلى الأرض، وتتبّع تطوّر بعض هذه الآثار وصولاً إلى الأورام السرطانية في بعض الحالات. كما تُجرى العديد من التجارب في أثناء الرحلات الفضائية لتحديد تأثير الجسيمات الكونية عالية الطاقة المشحونة في المواد عموماً والأحياء الدقيقة خصوصاً.

البروتون المضاد:

أمكن التنبؤ نظرياً بوجود البروتون المضاد antiproton، واكتُشف تجريبيّاً في مسرّع البيفاترون Bevatron accelerator في مخبر بركلي Berkeley Laboratory في كاليفورنيا عام 1955 (الشكل 7).

الشكل (7) مسرّع البيفاترون، مخبر بيركلي، كاليفورنيا، الولايات المتّحدة الأمريكية

تضع النظريات الحديثة في فيزياء الجسيمات كنظرية تناظر الشحنة - الزوجية - charge-parity symmetry قيوداً قاسيةً على خواص الجسيمات والجسيمات المضادّة، فعلى سبيل المثال ينبغي أن يكون مجموع شحنتي الجسيم وجسيمه المضاد مساوياً الصفر؛ ممّا يجعل التحقّق التجريبي من ذلك صعباً للغاية. وفيما يخص البروتون المضاد استطاع العلماء في التجربة المعروفة باسم مصيدة بينينغ Penning trap التحقّق من المساواة بين نسبة الشحنة إلى الكتلة بين البروتون والبروتون المضاد بدقّةٍ عالية جدّاً (حتّى جزء من). وقد قيس العزم المغنطيسي للبروتون المضاد بخطأٍ تجريبيٍّ من مرتبة مغنيتون نووي، وثبت أنّه مساوٍ ومعاكس للعزم المغنطيسي للبروتون.

مراجع للاستزادة:

-T. F. DeLaney, M. D. Hanne, M. Kooy, Proton and Charged Particle Radiotherapy, Ph.D. Lippincott Williams and Wilkins, Philadelphia, 2007.

-R. K. Ellis, W. J. Stirling, B. R. Webber, QCD and Collider Physics, Cambridge University Press, 1996.

-M. Goitein, Radiation Oncology: A Physicist’s-Eye View, Springer, New York, 2007.


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1048
الكل : 58491522
اليوم : 64036

البروج (دائرة-)

آلان (إميل كارتييه ـ) (1868 ـ 1951)   إميل كارتييه Emil Chartier المعروف باسم آلان Alain فيلسوف فرنسي ولد في مورتاني أوبرش (مقاطعة أورن) وتوفي في الفيزينيه Le Vésinet (من ضواحي باريس). كان ابن طبيب بيطري، قضى طفولة عادية، رأى أنها كانت ضرباً من الحماقة. فقد إيمانه بالدين وهو بعد طالب في الثانوية من غير أزمة روحية، لمع في دراسته الثانوية في الرياضيات، حتى إنه كان يحلم بدخول مدرسة البوليتكنيك لكن حلمه لم يتحقق، إذ إن إخفاقه في امتحانات الشهادة الثانوية بفرعها العلمي جعله يستعد لدخول المعهد العالي للمعلمين سنة 1889، إذ انصرف إلى قراءة أعمال كبار الفلاسفة، مثل أفلاطون وأرسطو وأوغست كونت، ولكنه أولى الفيلسوف الألماني كَنت اهتماماً خاصاً طبع تفكيره بطابع دائم.
المزيد »