logo

logo

logo

logo

logo

الأعماق السحيقة

اعماق سحيقه

Abysses - Abysses

الأعماق السحيقة

مي نصير

اكتشاف الأعماق السحيقة

تصنيف أعماق البحار

تضاريس الأعماق السحيقة وبنيتها

أحياء الأعماق السحيقة

 

الأعماق السحيقة abysses مناطق من المحيطات، تراوح أعماقها - اتفاقاً - بين4000  و6000 م، تمثل عالم الظلمة الدائمة في المحيطات، وهي موجودةٌ تحت المنطقة البحرية الوسطى mesopelagic. وهي عالم لا يُعرف عنه الكثير، حيث لا يخترقه الضوء أبداً.

هذه البيئة واسعة بالفعل، وتحوي نحو 75 % من الماء السائل على كوكب الأرض (الشكل 1). يوجد في هذه المناطق العميقة مجموعات حيوانية ونباتية خاصة، وتغيرات ظروف الحياة فيها قليلة جداً، إضافة إلى الظلمة الدائمة، حيث تبقى درجة الحرارة ثابتة تقريباً وتراوح بين 1- إلى 2+ م. أما الملوحة وبقية الصفات الكيميائية للماء فهي متماثلة، وتراوح بين 34 و 35 بالألف.

الشكل (1): التقسيمات الرئيسية المختلفة لأعماق البحار

اكتشاف الأعماق السحيقة

كانت غاية بعثة تشالنجر Challenger Expedition ما بين 1872 – 1876 علميةً بحتة، تم خلالها جمع عينات من المياه العميقة وبحث حركة هذه المياه، كما أُخِذَت قياساتٌ لدرجات الحرارة في الأعماق (الشكل 2). وجُمِعَت آلاف العينات البيولوجية من قاع البحر، وبذلك برهنت هذه البعثة العلمية على وجود الحياة في الأعماق كلِّها.

الشكل (2): باخرة استكشاف الأعماق تشالنجر

وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ازداد الاهتمام بالمحيطات، وانتقل علم المحيطات من علم وصفي إلى علم كمي. وقد مَوَّلَت مؤسسات خاصة عديدة البعثات العلمية، وقام كثير من علماء البحار بتوسيع المعرفة ببيولوجيا أعماق البحار. وفي منتصف القرن العشرين استخدمت آليات متطورة بما فيها الرادار، والمسبار الصوتي، والكاشف الموجي الآلي ومسجل لدرجات حرارة الأعماق.

تتالت الأعمال البحثية في الستينيات من القرن الماضي؛ حيث أُرسِلَت بعثةٌ إلى المحيط الهندي وتم الحصول على معلومات ومعطيات باستخدام الأقمار الصناعية.

وفيما بعد استخدمت الحواسيب الموجودة على البواخر البحثية، وبذلك أصبح من الممكن تحليل المعطيات وتفسيرها في البحر، مما سمح للعلماء بتعديل وملاءمة التجارب في أثناء القيام بها.

جَدَّد الاهتمام بالأبحاث البحرية اكتشاف الفوارات المائية الحرارية في البحر العميق thermal deep sea vents، مما زاد الاهتمام بأبحاث بيولوجيا أعماق البحار، وكذلك بكيميائها وجيولوجيتها. وأصبحت الأدوات أكثر تطوراً مثل؛ مرسى البحار العميقة، وغواصات للأعماق السحيقة، والتحكم عن بعد بوساطة الأقمار الصنعية.

تصنيف أعماق البحار

تقسم أعماق البحار - بحسب العمق - إلى عدة مناطق:

1 - مناطق بحرية سباحية bathypelagic zones التي تمتد بين 1000 إلى 4000 م.

2 - مناطق بحرية سحيقة abyssopelagic zones تمتد بين 4000 إلى 6000 م.

3 - مناطق بحرية غورية hadopelagic zones  توجد في أخاديد المحيطات ocean trenches تحت عمق 6000 م فوق القاع.

4 - قاع البحر ocean floor الذي يصل إلى عمق 11000 م (الشكل 3).

الشكل (3) التنوع الحيوي في أعماق البحار

تضاريس الأعماق السحيقة وبنيتها

يكون قاع المحيط - في العديد من الأماكن - سهلاً واسعاً منبسطاً أكثر من أي سهل على الأرض، ويعرف بالسهل السحيق abyssal plain. ويتكون من رسوبيات سقطت من السطح وتوضعت لتغطي القاع.

تتوزع في قاع البحر الهضبات السحيقة abyssal hills، وهي تحت أقل من 1000 م، وهضاب سحيقة ذات قمة مسطحة guyot، وجزر على السهل السحيق (الشكل 4). وتكون هذه التضاريس بركانية الأصل.

الشكل (4) اختلاف تضاريس أعماق البحار

أما رسوبيات الأعماق السحيقة فتُمَيَّز بحسب أصلها:

1 - الرسوبيات التي تنشأ من الصخور الموجودة والتي تسمى بالرسوبيات صخرية المنشأ lithogenous sediments، وهي تتضمن أي نمط من المواد الآتية من الأرض، مثل أجزاء الصخور المتفتتة والتي تصل إلى الأعماق السحيقة، مشكلة الطمي السحيق abyssal clay، ويكون هذا غنياً بالحديد الذي يتأكسد في الماء ويتحول إلى لون بني محمر، ويسمى بالطمي الأحمر red clay.

2 - الرسوبيات التي تنشأ من المتعضيات biogenous sediments التي يمكن أن تتضمن قواقع وأجزاء مرجانية وهياكل نباتية وحيوانية وحيدة الخلية. وتُمَيَّز فيها الأنماط التالية:

أ. طمي المُنَخْرَبات Foraminifera: التي يراوح حجمها من (30) مكروناً إلى (1) مم، والمواقع التي توجد فيها كلسية، وتغطي نحو 44 % من قاع الأعماق.

ب. طمي جناحيات الأرجل Pteropods: وهي رخويات صغيرة قواقعها كلسية، وتشغل نحو 2 % من قاع الأعماق.

ج. طمي المشطورات Diatoms: وهي طحالب خضراء وحيدة الخلية قواقعها سيليسية، وتغطي 12 % من قاع الأعماق.

د. طمي الشعاعيات Radiolarites: وهي حيوانات أوالٍ هياكلها سيليسية، تشغل 2 % من قاع الأعماق (الشكل 5).

الشكل (5): نماذج هياكل مُكَوّنات رسوبيات متعضيات الأعماق السحيقة

(أ) هياكل المشطورات (ب) هياكل الشعاعيات (ج) هياكل المنخربات

3- الرسوبيات المشتقة من الماء hydrogenous sediments: وهي الرسوبيات التي تتشكل في الماء نتيجة تفاعلات كيمائية يتكون معظمها بالترسيب البطيء للمعادن على قاع البحر. وتتضمن الرسوبيات المشكلة في الماء بعض الكربونات والفسفات والأملاح وعقد المنغنيز manganese nodules، ويبلغ حجمها كرة التنس وقد يصل إلى حجم كرة القدم، وتتألف من المنغنيز أو أكاسيد الحديد، لكنها تحوي كميات كبيرة من النحاس والكوبالت والنيكل والقصدير.

أحياء الأعماق السحيقة

تفتقر الأعماق السحيقة إلى الضوء، ومن ثم لا تتوفر فيها النباتات التي تقوم بالتركيب الضوئي. لكن توجد بعض البكتريا التي تعيش بالتركيب الكيميائي والتي يقتصر وجودها في مناطق الفوارات المائية الحرارية في البحر العميق، مما سيُبحَث في مدخل خاص. لذا سيُقتَصَر هنا على ملامح الحيوانات التي تعيش في الأعماق السحيقة.

حيوانات الأعماق السحيقة: تعيش حيوانات الأعماق السحيقة في ظلمة دائمة، لذا تتميز العوالق بألوان رمادية طينية أو بيضاء داكنة. وتكون ألوان الأسماك من الأعماق السحيقة - بصورة عامة - سوداء. أما القريدس (الجمبري shrimp) فيكون بلون أحمر فاتح براق؛ حيث لهذا اللون في العمق تأثير اللون الأسود نفسه، كما يمكن أن تكون أسماك الأعماق أيضاً بلون أحمر.

وكما هو الحال بالنسبة إلى حيوانات المنطقة السباحية الوسطى تكون الإضاءة الحيوية شائعة عند الحيوانات التي تعيش في القسم العلوي من الأعماق السحيقة، حيث تقع الحاملات الضوئية photophores على الرأس وجانبي الجسم. وتستخدم الإضاءة الحيوية في الأعماق السحيقة على نحو رئيسي لجذب الفريسة وللتواصل. أما الإضاءة الحيوية فهي أقل شيوعاً في الأجزاء الأعمق لأسباب مجهولة.

لا تحتاج أسماك الأعماق إلى عيون حساسة للضوء، لكن حيث توجد الإضاءة الحيوية يكون للعديد من الأسماك عيوناً صغيرة وظيفية. لذلك فإن الوظيفة الرئيسية للرؤية في الأعماق هي رؤية الإضاءة الحيوية. 

أسماك الأعماق السحيقة صغيرة نسبياً، مثل سمك الشّص anglerfish حيث يبلغ طوله نحو (50) سم، أما بقية الأنواع فهي عموماً أكبر من أسماك متوسطات العمق، والغريب أن تكون هذه الأسماك أكبر حجماً، وذلك لأن الغذاء أقل توفراً في الأعماق السحيقة. ويعتقد أن أسماك الأعماق السحيقة تصرف طاقتها من أجل النمو، أما التكاثر فيتم ببطء وعلى نحو متأخر.

إن التكيفات لادخار الطاقة واضحة عند هذه الكائنات، فهي بطيئة الحركة وعضلاتها ضعيفة، وهياكلها رخوة ولا تغطي أجسامها حراشف. أما الأجهزة الخاصة بالتنفس والدوران والجهاز العصبي فهي قليلة التطور، وأغلبها لا توجد فيها مثانة سباحية swim bladder.

لهذه الأسماك فم واسع، ويمكنها أن تستهلك فرائس أكبر منها (الشكل 6)، ولدى العديد من الأنواع معدة يمكن أن تتوسع لاحتواء الفريسة.

الشكل (6) الخصائص النموذجية لأسماك البحار العميقة

يقوم سمك الشِّص باستخدام طريقة خاصة لالتقاط الغذاء، حيث تتحور الشوكة الأولى من زعنفته الظهرية إلى عمود طويل متحرك، يتحرك أمام الفم متدلياً من نهاية العمود الطعم، وهو عبارة عن قطعة من النسيج الذي يشبه وجبة شهية.

أما بالنسبة إلى الجنس في الأعماق السحيقة - في هذا العالم الواسع حيث لا يوجد العديد من الأفراد - يصعب وجود قرين من النوع نفسه، ولقد حُلَّت هذه المشكلة بأن كثيراً من الأسماك  أصبحت خنثوية hermaphrodites، أو أوجدت متعضيات الأعماق طرائق مختلفة لجذب القرين، فالإضاءة الحيوية - مثلاً - يمكنها أن ترسل إشارةً تجذب أفراداً أخرى من النوع نفسه.

يمكن أن يكون الجذب الكيميائي مهماً أيضاً، فذكور أسماك الشّص - مثلاً - تملك حس شم متميز يستخدم لمعرفة موضع الإناث، كما يمكن للإناث أن تحرر مواد كيمائية يكشفها الذكر ويتبعها هي “الفيرومونات pheromones”. كما يمكن لهذه الأسماك أن تجد حلاً آخر وهو ارتباط الذكر بالأنثى، وهي ذات حجم أكبر منه، ويبقى الذكر مرتبطاً بالأنثى طوال حياته، فيما يسمى بتطفل الذكر male parasitism.

أما في قاع البحر فتوجد القاعيات benthos التي تتغذى بالجزئيات الغذائية التي تصل إلى القاع وتتفرق بسرعة، مما يُضعِف إمكانية استهلاكها عند نزولها. إضافة إلى ذلك فإن العديد من المواد التي تصل إلى القاع - مثل البقايا الكيتينية لعوالق القشريات Crustacea - لا يتم هضمها مباشرة، ولكن توجد في القاع جراثيم تفكك الكيتين؛ وبالتالي يصبح غذاءً للمتعضيات الأخرى.

يغطي معظم قاع البحر السحيق رواسب دقيقة طينية، يُعد المجموع الحيواني المتوسط الحجم meiofauna - وهي حيوانات صغيرة - الأكثر غزارة، وتعيش أفرادها بين جزئيات الرواسب وتتغذى بالجراثيم وبالمواد العضوية المنحلة في الماء الموجودة بين حبيبات الرواسب. أما الحيونات الأكبر macrofauna فتتغذى بها.

تُعد الديدان كثيرات الأشعارPolychaeta  الأغزر في قاع البحر، تتبعها القشريات والرخويات ذوات المصراعين Bivalvia.

يوجد في الأعماق السحيقة أيضاً حيوانات مفترسة، لكنها نادرة، أما أفراد الحيوانات السابحة nekton - مثل الأسماك والحبار - فهي أيضاً مفترسة.

وهنالك الأسماك ثلاثية الأرجل tripod (الشكل 7)، وهي مجموعة مهمة من المفترسات في الأعماق، إنها تقريباً عمياء، وترتكز على القاع بوساطة زعانفها المتطاولة، وبالتالي تلتقط العوالق.

الشكل (7) الأسماك ثلاثية الأرجل

أما طبيعة الحياة في قاعيات الأعماق فتتميز بالنمو البطيء بسبب فقدان الغذاء، ولكنها، من جهة أخرى، تعيش لفترة طويلة، من 50 إلى 100 عام، ويعود ذلك إلى الحرارة المنخفضة والضغط العالي، مما يؤدي إلى إبطاء آليات الحياة في الأعماق السحيقة. كما يمكن أن يكون طول العمر من أجل خزن الطاقة للتكاثر.

مراجع للاستزادة:

- P. Castro and M. E. Huber, Marine Biology, McGraw- Hill, 2005.

- K. Sverdrup , A. Duxbury and A. Duxbury, An Introduction to the World’s Oceans, McGraw-Hill,2005.


التصنيف : البيئة
النوع : البيئة
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1053
الكل : 58517290
اليوم : 89804

آثار الحقول المغناطيسية والكهربايئة في الخطوط الطيفية

 تتأثر أطياف الذرات أو الجزيئات المصدرة للضوء أو التي تمتصه بالحقول الكهربائية أو المغنطيسية المطبقة عليها، فتنزاح الخطوط الطيفية عن مواقعها التي كانت عليها قبل تطبيق الحقول، أو تنفصم لتظهر خطوط طيفية جديدة وفق أنواع الذرات أو الجزيئات وشدة الحقول المطبقة، وتسمى هذه الانزياحات...

المزيد »