logo

logo

logo

logo

logo

الانعراج في الضوء

انعراج في ضوء

Optical diffraction - Diffraction optique

الانعراج في الضوء

محمد بهاء الصوص

تفسير الانعراج

حسابات الانعراج وتقريباته

تطبيقات الانعراج

 

الانعراج diffraction هو الأثر المميز للموجة، والذي يحدث عندما يتم اعتراض انتشار صدر الموجة بطريقة ما، فلا يتابع انتشارها عند حواف الجسم المعترض كما لو كان مستقيماً. وقد عَرّف الانعراج لأول مرة العالم فرانشيسكو غريمالدي Francesco Grimaldi وبيّن أن الانعراج ظاهرةٌ لا يمكن تفسيرها بمفاهيم الضوء الهندسي، فهي تنشأ من التفاعل المتبادل بين الموجة وحواف الأجسام (الشكل1)، ويمكن أن تنشأ من الأمواج الضوئية أو الصوتية أو غيرها. تتأثر أطراف الصورة وحوافها بظاهرة الانعراج، وهذا يمثل حداً أساسياً لدقة جهاز التصوير والأجهزة الضوئية. وقد تبين عدم وجود فرقٍ فيزيائيٍّ بين ظاهرتي الانعراج والتداخل interference؛ حيث ينتج التداخل من التقاء موجتين ضوئيتين في حين تنتج ظاهرة الانعراج من تراكب عدد كبير من الأمواج.

الشكل (1) صورة يد تحمل قطعة نقدية جرى تصويرها باستخدام حزمة ليزر هليوم-نيون من دون أي عدسات، وتُشاهد ظاهرة الانعراج عند حواف الصورة

تفسير الانعراج

طوّر هويغنز Huygens النظرية الموجية للضوء عام 1600، وينص المبدأ المعروف باسمه على أن كل نقطة من نقاط صدر الموجة الذي هو المحل الهندسي للنقاط التي تفصلها عن المنبع مدةٌ زمنيةٌ واحدةٌ، تمثل منبع تموجات تنتشر وتتداخل فيما بينها لتشكل أشكالاً جديدةً لصدر الموجة (الشكل 2). فالانعراج بحسب هويغنز هو انزلاق هذه التموجات عند الحواف.

الشكل (2) تشكل صدر الموجة بحسب هويغنز وانزلاقه عند الحواف

قام فرينل Fresnel بدراسة مسألة الانعراج عن شقٍ مستطيلٍ مضاءٍ بموجةٍ ضوئيةٍ وحساب مشاركة التموجات التي تعبر الشق وفق مبدأ هويغنز، وعدَّ فرينل أن كل نقطة في الشق هي منبعُ منفصل لموجة كروية. يكتب ذلك رياضياً على الشكل ؛ حيث: R البعد عن المنبع و وفيها λ طول موجة الضوء. وهذه الموجة الكروية حل تقريبي لمعادلات ماكسويل Maxwell من أجل R أكبر بكثير من طول الموجة، وهو المجال الذي يمكن فيه تطبيق علاقة انعراج فرينل. فإذا رُمز إلى الحقل الكهربائي في نقطة معينة (x,y,z) المصاحب للموجة الكهرطيسية ب (E(x,y,z، وأُخذت الفتحة عند z=0 مضاءةً بحقلٍ ضوئيٍّ وحيد اللون، وافتُرِض تَوزّع الحقل ضمن الفتحة على النحو (E(x’,y’,z=0؛ فإن الحقل عند نقطة ما إحداثياتها (x,y,z=d) خلف الفتحة (الشكل 3) هو مجموع الأمواج الكروية الناتجة عند كل نقطة ضمن الفتحة، وتختلف شدة الحقل وطوره لكل موجة كروية بحسب النقطة التي تصدر عنها في الفتحة؛ فيكون الحقل الكلي الناتج وفق علاقة فرينل (العلاقة 1):

الشكل (3)

حيث هو نصف قطر الموجة الكروية عند وصولها إلى النقطة (x,y,z=d)، حيث أشعة الوحدة، وقد أدرج الثابت لموازنة الشدة في التكامل والحفاظ على الطور. في الواقع، وضع فرينل علاقة الانعراج السابقة من دون أن يتطرق إلى ماهية E قبل نصف قرن من صدور معادلات ماكسويل، ثم قام كيرتشوف Kirchoff عام 1887 بتبرير هذه العلاقة وفق معادلات ماكسويل، وحدد صلاحية هذه العلاقة ووجْه التقريب فيها، ثم بيَّن أن هذه العلاقة بحاجة إلى تعديل بإضافة حد الميلان لتصبح كما في العلاقة 2 (التي تدعى علاقة فرينل - كيرتشوف):

يعبّر الحد عن تجب (جيب تمام) الزاوية بين r و أو عن زاوية ميلان الورود. يقترب هذا الحد من 1 عندما تكون النقطة (x; y; z=d) بعيدة نسبياً، ويكون الورود مقارباً للمحور البصري paraxial، وهي الحالة التي تتم دراستها عادة. يساوي حد الميلان قيمة 0 عندما ينتشر الحقل في الاتجاه المعاكس للورود، وهي النقطة المهمة التي أضافها كيرتشوف إلى تصحيح علاقة فرينل الأولى، وليبين أن انعراج الضوء عند الحواف يحدث فقط وفق اتجاه انتشار الضوء ولا يحدث في الاتجاه المعاكس، وقد أُطلق على العلاقة الأخيرة المعدّلة اسم علاقة انعراج فرينل-كيرتشوف.

حسابات الانعراج وتقريباته

يمكن الانطلاق من معادلات ماكسويل الكهرطيسية للوصول إلى المعادلة التي يخضع لها الحقل الكهربائي عند انتشاره فيكتب شعاع الحقل الكهربائي المتغير مع الزمن t والمكان r لضوء وحيد التواتر ω بالصورة، ليلاحظ أنه يخضع لمعادلة هلمهولتز Helmholtz التالية (المعادلة 3):

حيث k هي طويلة شعاع الموجة وتساوي و n قرينة انكسار الوسط، و c سرعة انتشار الضوء.

1- التقريب السلّمي: لحل هذه المعادلة يتم القيام بإجراء تقريب مهم وهو إهمال الطبيعة الشعاعية للحقل والتركيز على طويلته فقط، فتنقلب معادلة هلمهولتز العامة إلى معادلة هلمهولتز السلّمية، فيما يسمى الانعراج السلّمي scalar diffraction (المعادلة 4):

إن هذا التقريب صالحٌ تماماً في حالة الموجة المستوية، إلا أنه يعطي حلولاً غير صحيحة في حالة الموجة الكروية. ويمكن حل هذه المعادلة في الحالة الأخيرة ضمن شرطين هما وكون الورود شبه ناظمي أو قريب من المحور البصري ليتبين (العلاقة 5):

وهي تتفق مع معادلة فرينل - كيرتشوف عندما يكون وعندما ، وهما الشرطان السابقان. يمكن إعادة كتابة العلاقة السابقة وتهذيبها لتصبح على الشكل التالي الذي يمكن برمجته وحسابه عددياً (العلاقة 6):

2- مبدأ بابنيه Babinet: يعتمد مبدأ بابنيه على الخصائص الخطية للتكاملات السابقة، وينص على أن طيف الانعراج الناتج من مصدّ (حاجز) معين هو مكمّل طيف الانعراج الناتج عن فتحة بنفس أبعاده ،الشكل (4).

الشكل (4)

يفيد مبدأ بابنيه كثيراً في حساب الانعراج، فبدلاً من حساب التكامل على مساحة لا منتهية (حول الحاجز) في الحالة أ يمكن حساب الانعراج بإجراء التكامل على مساحة محدودة هي الفتحة التي تملك أبعاد الحاجز نفسها في الحالة ج، ثم تُؤخذ مكمّلة الشدة الضوئية.

3- انعراج فراونهوفر Fraunhofer: أدخل فراونهوفر تقريباً جديداً على تكامل الانعراج وأصبح مشهوراً باسمه، ويتفق هذا التقريب مع انعراج فرينل بشرط مراقبة شكل الانعراج من مسافة بعيدة عن الفتحة تدعى بمسافة الحقل البعيد far field. اعتمد فراونهوفر ضمن علاقته التقريب التالي: فتصبح علاقة التكامل كالتالي (العلاقة 7):

ويُطلق على هذه العلاقة الأخيرة اسم علاقة انعراج فراونهوفر، ويُلاحظ وجه التشابه الكبير بين تكامل فراونهوفر وبين تحويل فورييه الذي سيرد ذكره لاحقاً.

يلخص الشكل (5) كيفية حساب الانعراج في كل حالة والتقريب المعتمد لها، وذلك بالاعتماد على المسافة التي يُشاهد عندها شكل الانعراج.

الشكل (5)

تطبيقات الانعراج

1-انعراج الحزمة الغوصية Gaussiam: قد يكون تغيٌّر شكل الحزمة الليزرية خلال انتشارها التطبيق الأهم للانعراج؛ إذ من الخطأ الظن أن حزمة الليزر “المحدودة الأبعاد” هي حزمة مستوية، وأنها تنتشر في الفضاء محافظةً على شكلها وأبعادها من دون أي تباعد، وتنص قوانين الانعراج على أنَّ كلَّ حزمة منتهية الأبعاد ستكون متباعدةً عند انتشارها. تكون حزمة النمط الأساسي لليزر غوصيّة الشكل (الشكل 6).

الشكل (6)

ويعتمد تباعدها على مقدار خصر الحزمة . فيعطى التوزع المكاني لشدة الحقل الغوصي عند النقطة z=0 كالتالي (العلاقة 8):

حيث ، ويعطى انتشار الحزمة الغوصية بحسب تقريب فرينل بالعلاقة (9):

يمكن تهذيب هذه العلاقة بالنسبة إلى حزمة الليزر الغوصية (في ليزر وحيد النمط) لتصبح على الشكل التالي (العلاقة 10):

حيث:

وبالتالي يمكن تتبّع شكل الحزمة مع انتشارها. تشير علاقة الانتشار السابقة إلى أن قطر الحزمة الغوصية يأخذ أدنى قيمة له عند ثم يزداد على طول الانتشار، ويمكن لقيم z أن تكون سالبة أيضاً وهذا يعني أن علاقة الانعراج السابقة قادرة على توصيف انعراج الحزمة قبل خصر الحزمة وبعدها. ويلاحظ أن هذا الحل لنمط وحيد،أما إذا كانت الحزمة متعددة الأنماط وليست غوصية فلا يمكن تطبيق علاقة الانتشار السابقة عليها.

2- انعراج فراونهوفر وتحويل فورييه Fourier transform: هي طريقة رياضية للحصول على أنماط الانعراج في حالات مختلفة. فعند ورود حزمة ضوئية مستوية وحيدة اللون على فتحة دائرية أو مستطيلة الشكل سيتم الحصول عند مسافة بعيدة (الحقل البعيد) على شكل انعراج فراونهوفر الموافق للفتحة كما في الشكل(7).

الشكل (7)

يوافق انعراج فراونهوفر لشق أو فتحة مستطيلة شكل التابع،   ويوافق انعراج فتحة دائرية الشكل التابع  حيث J1 هو تابع بيسل Bessel من المرتبة الأولى. وهذان التابعان هما في الواقع تحويل فورييه لشكل الفتحة.

يمكن البرهان على أن شكل انعراج فراونهوفر لنقطة مضيئة عبر نظام بصري هو تحويل فورييه لفتحة الخرج exit pupil (الفتحة التي تحد الحزمة عند خرج النظام). ويمكن البرهان أيضاً على أنه يمكن الحصول على شكل انعراج فراونهوفر (الحقل البعيد) عند محرق عدسة موضوعة على خرج الجهاز.

وهكذا يمكن حساب شكل انعراج فراونهوفر لأي فتحة بحساب تحويل فورييه لها، ويمكن رؤية هذا الانعراج عند محرق عدسة موضوعة بعد الفتحة (الشكل 8).

الشكل (8)

3- قدرة مَيْز جهاز بصري: يؤثر انعراج فراونهوفر الناتج من فتحة محددة الأبعاد عند محرق العدسة فيوسّعها، وهذا له تأثير بالغ في الأجهزة البصرية كالعين والمقاريب والمصورات. في الواقع تملك الأجهزة البصرية المختلفة التي تحوي عدسات ومرايا فتحة داخلية تحدد مرور الضوء. يمكن أن تتمثل الفتحة بحظار المصورة أو بقطر العدسة وغيرها، وكل ذلك سوف يسبب انعراجاً لحزمة الضوء وبالتالي سيؤثر في جودة الصورة وفي ميز الجهاز الضوئي. ويعد المقراب الضوئي من الأمثلة البسيطة والمهمة على الأجهزة البصرية. يفترض أن النجم المراد رؤيته هو منبع نقطي، وأن الأشعة الضوئية الواردة على المقراب (التلسكوب) تمثل موجة مستوية. إن الصورة التي يشكلها المقراب للنجم في محرق العدسة المقربة هي انعراج فرانهوفر لفتحة دائرية تمثل العدسة، وبالتالي لن تكون الصورة المتشكلة نقطية على أي حال. إن قدرة المقراب على رؤية نجمين وإمكان التمييز بينهما تفرض أن تكون الزاوية بينهما كبيرة بحيث يمكن التمييز بين شكلي الانعراج الخاصين بهما، ويمكن هنا اعتماد معيار ريليه Rayleigh الذي ينص أنه لا يمكن التمييز بين شكلي انعراج إلا إذا كانت قمة الشكل الأول أبعد من النهاية الصغرى الأولى (ذات الشدة صفر) للثاني (الشكل 9).

الشكل (9)

شبكات الانعراج: تُعدُّ شبكات الانعراج من التطبيقات المهمة لظاهرة الانعراج، وهي أدوات تستخدم لتحليل الطيف الضوئي كالمواشير، وتملك مزايا عديدة تجعلها أساسية في تركيب أجهزة موحدات اللون ومحللات الطيف. تتكون شبكة الانعراج من مجموعة من الحزوز المتوازية المحفورة على سطح معدن صقيل، وتعمل في وضع الانعكاس (الشكل 10،أ)، وكذلك يمكن أن تتكون من مجموعة من الشقوق “الفتحات” المتوازية وتعمل حينها في وضع النفوذ (الشكل 10،ب).

الشكل (10)

تقوم شبكات الانعراج بتبديد الضوء الوارد ناظمياً عليها وفق عدة اتجاهات (زوايا) تتوافق مع مراتب الانعراج، وتعطى زاوية الانعراج لكل مرتبة m بالعلاقة (11): ، حيث m هو عدد صحيح يوافق مرتبة الانعراج (..، -1، 0، 1، 2، ..) وh هي المسافة بين الحزوز المتجاورة في الشبكة.

فبفرض شبكة انعراج نافذة فيها N شق عرض كل منها (الشكل 11).

الشكل (11)

سيكون لشكل طيف الانعراج الذي تشكله الشبكة لضوء وارد وحيد اللون (منعرج وفق مرتبة محددة) عرضاً محدداً يعطى بعلاقة توزع شدة الانعراج (العلاقة 12)

يُشار إلى أن

يؤثر شكل الانعراج هذا الذي لا يمكن تفاديه في ميز الأجهزة البصرية التي تستخدم فيها الشبكات، كأجهزة التحليل الطيفي وموحدات اللون، وتُعد البقعة الناتجة من الانعراج، والتي تحددها العلاقة السابقة هي الحد الأدنى الذي لا يمكن تجاوزه في تحسين ميز هذه الأجهزة.

مراجع للاستزادة:

- Pyotr Ya. Ufimtsev, Fundamentals of the Physical Theory of Diffraction, Wiley-Blackwell, 2014.

- O. K. Ersoy, Diffraction, Fourier Optics, and Imaging, A John Wiley & Sons, Inc., 2007.

- A. Fresnel, Mémoire sur la diffraction de la lumière… , Annales de la Chimie et de Physique, 2nd series, vol. 1, pages 239-281, Presented before l’Académie des sciences on 15 October 1815.

- J. Gaskill, Linear Systems, Fourier Transforms ,and Optics, John Wiley & Sons, Inc.,1978

- E. Hecht and A. Zajac, Optics, Reading, MA: Addison-Wesley, 1997.

- F. A. Jenkins and H. E. White, Fundamentals of Optics, New York: McGraw-Hill, 2001.


التصنيف : الضوء والأطياف
النوع : الضوء والأطياف
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1042
الكل : 58491975
اليوم : 64489

البستنة في الدفيئات

التنوير (عصر ـ)   التنوير enlightment اتجاه ثقافي ساد أوربة الغربية في القرن الثامن عشر بتأثير طبقة من المثقفين والمفكرين، عُرفوا باسم الفلاسفة philosophers، وكانوا صحفيين وكتاباً ونقاداً ورواد صالونات أدبية أمثال فولتير، ديدرو، كوندورسيه، هولباخ، بيكاريه، ولكن هؤلاء المفكرين أخذوا عن الفلاسفة العقليين ديكارت واسبينوزا وليبتنز ولوك الذين طبعوا القرنين السابع عشر والثامن عشر بطابعهم الثقافي حتى أُطلق على هذه الفترة عصر العقل age of reason، وكان التنوير نتاجه.
المزيد »