logo

logo

logo

logo

logo

الإفرازات العصبية

افرازات عصبيه

Neurosecretions - Neurosécrétions

الإفرازات العصبية

زينة مالك

 أهم منظومات الإفرازات العصبية ودور كل منها

 

الإفرازات العصبية neurosecretions، وتعرف أيضاً باسم الحاثات العصبية، مراسيل كيميائية تفرزها الخلايا العصبية وتؤثر في مناطق قد تكون بعيدة نسبياً عن مواقع الإفراز، يتم نقلها بجهاز الدوران. والواقع أن الجهاز العصبي الغدِّي neuroendocrine system  يُعَدّ مسؤولاً عن تنظيم العديد من فعاليات الاستتباب homeostatic processes في الجسم، ويشمل ذلك فعاليات الاستقلاب والتكاثر والنمو، إضافة إلى توازن استهلاك الطاقة واختزانها والاستجابة لظروف الشدّة  (الإجهاد) stress، فتنطلق الإشارات العصبية الناظمة لهذه الفعاليات من الجهاز العصبي المركزي، وبصورة خاصة منطقة الوطاء hypothalamus في الدماغ، وتُرسَل عبر السبيل العصبي والغدّي (أي الدموي). وتساعد هذه المنظومة الكائن الحي على الاستجابة لمتغيرات الوسط الخارجي ضمن الظروف الطبيعية. وتجدر الإشارة إلى أن اضطراب استتباب الجهاز الغدِّي قد يُهدد التكامل الوظيفي للكائن الحي، وخاصة خلال المراحل الحرجة من ال والتطور. ومن خير الأمثلة على ذلك حالات التخلف والتأخر العقلي والتطوري والعضلي الوخيم الناجم عن قصور الدرق في المرحلة الجنينية. وتُعد عصبونات النوى الوطائية hypothalamic nuclei من المراكز الأساسية المسؤولة عن تركيب الهرمونات العصبية وإفرازها؛ التي تكون غالباً ذات طبيعة ببتيدية. من جهة أخرى يعد لب الكظر adrenal medulla من الأمثلة المطروحة فيما يتعلق بالإفراز العصبي، حيث يقوم بإفراز كل من الأدرينالين والنورأدرينالين في إطار الاستجابة الودية للجملة العصبية المستقلة sympathetic division of the autonomic nervous system.

أهم منظومات الإفرازات العصبية ودور كل منها:

أ - المحور الوطائي النخاميhypothalamo -hypophysal axis: إن الخلايا العصبية المُفرِزة في الوِطاء هي صلة الوصل بين الجهاز العصبي المركزي والأجهزة المحيطية في الجسم؛ إذ يتحكم الوطاء في فعالية الغدد الصم بصورة مباشرة عن طريق الحاثات العصبية التي تتحرر من الغدة النخامية الخلفية posterior pituitary عبر جهاز الدوران إلى النسج المختلفة المحيطية. من جهة أخرى هنالك علاقة غير مباشرة بين الوطاء والجهاز الغدِّي، وذلك من خلال مجموعة من الإشارات الكيميائية التي يتم إرسالها إلى الغدة النخامية الأمامية anterior pituitary. إن الاختلاف الوظيفي المشار إليه هنا في العلاقة بين الوطاء وجهاز الغدد الصم ذو منشأ تشريحي، حيث ترسل الخلايا العصبية الكبيرة magnocellular التي توجد في النوى الوطائية المجاورة للبطين paraventricular nuclei والنوى فوق البصرية supraoptic nuclei بأليافها العصبية إلى النخامية العصبية neurohypophysis. إن بعض هذه الخلايا العصبية الكبيرة يفرز الهرمون الببتيدي أوكسيتوسين oxytocin، وبعضها الآخر يفرز الهرمون الببتيدي ڤازوبريسين vasopressin ضمن الدوران الموجود في الفص العصبي (الخلفي) من الغدة النخامية. يقوم الأوكسيتوسين بتحريض تقلصات عضلات جدار الرحم الملساء خلال المخاض، مما يمارس على الجنين دفعاً مُسَرِّعاً لعملية الولادة. وإضافة إلى دوره بتحريض تقلصات عضلات جدار الرحم الملساء، يقوم بتحريض إفراز الحليب من الغدد الثديية، وذلك عن طريق أثره المُقلِّص في الألياف العضلية المحيطة بالحويصلات الإفرازية، ويُحرِّض عمليةَ الإرضاع إفرازُ المزيد من هذا الهرمون من قبل الخلايا العصبية الإفرازية في الغدة النخامية الخلفية. أمّا الڤازوبريسين فهو يعرف باسم الهرمون المضاد للإدرار antidiuretic hormone (ADH) ويعمل على زيادة نفاذية جدار الأنبوب المتعرِج البعيد والأنابيب الجامعة للماء في نفرونات الكلية، مما يؤدي إلى حفظ السوائل في الجسم وطرح بول مُرَكّز وقليل الكمية. وتكمن أهمية هذا الهرمون ودوره الوظيفي في الحفاظ على حجم السوائل في الجسم، وبالتالي يتدخل في تنظيم ضغط الدم من خلال ترميمه للمكوِّن الدموي لدى انخفاض حجم الأخير بصورة يتعرَّض فيها توازن سوائل الجسم للخلل.

من جهة أخرى تقوم الخلايا العصبية الصغيرة parvocellular الموجودة في نوى الوطاء والمتوضعة على جدار البطين الثالث periventricular بتنظيم تحرر هرمونات الغدة النخامية الأمامية، حيث تفرز عدداً من الببتيدات ضمن شبكة الأوعية الدموية الموجودة في النتوء الأنسي median eminence، وهو القسم السفلي من الوطاء الذي يتصل بالسويقة النخامية.

هنالك نوعان من هذه الهرمونات الببتيدية: منها ما يحض على الإفراز، ومنها ما يثبطه، ويكون تحررها من الوطاء نبضياً، مما يؤثر في تحرر الهرمونات النخامية الأمامية الذي يبدي دوريةً واضحةً.

تقوم الإشارات الوطائية - بنوعيها التحريضي والتثبيطي - بدور مهم في ضبط مفرزات النخامى الغدِّية، حيث يوجد لكل حاثة نخامية أمامية إشارة وطائية مُطلِقة و/أو مثبطة، ويستثنى من ذلك البرولاكتين الذي يتم ضبط تحرره عبر عوامل وطائية تثبيطية. ومن خير الأمثلة على ذلك ارتفاع إفراز هذا الهرمون لدى قطع السويقة النخامية، في حين تبدي هرمونات قشر الكظر والدرق وهرمون النمو والهرمونات القندية انخفاضاً واضحاً في الإفراز لاحقاً لفصل النخامى وظيفياً عن الوطاء.

وتصنف الهرمونات الوطائية الناظمة لعمل الغدة النخامية الأمامية كما يأتي، علماً أن لهذا التصنيف علاقة وثيقة بمفرزات تلك الغدَّة التي ذُكرت سلفاً:

1 - الهرمون المطلق لهرمون النمو -growth hormone releasing hormone (GHRH) والهرمون المثبط لهرمون النمو growth hormone-inhibiting hormone (GHIH).

2 - الهرمون المطلق للهرمون الحاث لقشر الكظر corticotropin releasing hormone (CRH).

3 - الهرمون المطلق للحاثة الدرقية thyrotropin releasing hormone (TRH).

4 - الهرمون المطلق للحاثات القندية gonadotropin releasing hormone (GnRH).

5 - الهرمون المثبط للبرولاكتين prolactin inhibiting hormone (PIH)

تُرسَل الإشارات الوطائية إلى الغدة النخامية الأمامية عبر مجموعة من الحاثات العصبية التي تفرزها الخلايا العصبية الغديِّة، وذلك من خلال الأوعية الشعرية التي تنتمي إلى الجهاز الدوراني البابي portal system. وتتعامل خلايا الغدة النخامية الأمامية مع الإشارات الوطائية بصورة نوعية، وذلك نتيجة لوجود مستقبِلات نوعية لكل صنف من صنوف الحاثات العصبية التي ترسلها العصبونات الوطائية الإفرازية. وقد اصطُُلِح على تسمية هذه المنظومة بالمحور الوطائي النخامي الذي يمتد فيما بعد إلى الغدد المحيطية التي تخضع لتنظيم الغدة النخامية الأمامية. وبناءً عليه فإن النخامى الغدية تحوي عدَّة أنماط من الخلايا، أمكن عزل خمسة أنواع منها، تصنَّف كالتالي:

1 - الخلايا المحرضة الجسمية التي تفرز هرمون النمو .growth hormone

2 - الخلايا المحرضة القشرية التي تفرز الهرمون الحاث لقشر الكظر  adrenocorticotropic hormone (ACTH).

3 - الخلايا المحرضة الدرقية التي تفرز الهرمون الحاث للدرق thyroid stimulating hormone (TSH).

4 - الخلايا المحرضة القندية المسؤولة عن ضبط عمل الأجهزة التناسلية الذكرية والأنثوية وذلك من خلال إفراز كل من الهرمون الحاث للجريبات follicle stimulating hormone (FSH) والهرمون المُلَوتِن luteinizing hormone (LH).

5 - الخلايا المحرضة اللبنية التي تفرز البرولاكتين .prolactin

يخضع إفراز الحاثات المطلقة والمثبطة من النهايات العصبية للنوى الوطائية لعدة مستويات من التنظيم، وذلك ضمن أجسام الخلايا و/أو النهايات العصبية المحتوية على الحويصلات الإفرازية. مثلاً يمكن أن تؤثر بعض المواد الموجودة ضمن جهاز الدوران في عصبونات الوطاء من خلال الحاجز الدموي الدماغي أو السائل الدماغي الشوكي؛ لأن النوى الوطائية الإفرازية ذات توضع قرب بطيني في الدماغ. من جهة أخرى تتلقى عصبونات الوطاء الإفرازية مشابك محورية  - جسمية و/أو محورية  - تغصنية من العصبونات البينية المجاورة أو قادمة من مراكز دماغية أخرى، بحيث يتم تنظيم عمل العصبونات الوطائية الإفرازية عن طريق المراسيل الكيميائية التي تساهم في ضبط إفرازاتها.

ومن المهم الإشارة إلى حلقات التلقيم الراجع feedback loops التي تعد من الآليات المستخدمة بصورة واسعة لتنظيم إفراز الحاثات العصبية من الخلايا الوطائية. من الأمثلة المهمة على ذلك تنظيم إفراز الهرمونات الدرقية الذي يبدأ من العصبونات الوطائية التي تفرز الهرمون المطلق للحاثة الدرقية TRH المنبه لخلايا الغدة النخامية الأمامية التي تقوم بإفراز الهرمون الحاث للدرق TSH الذي يقوم بتفعيل مستقبِلاته على الخلايا الجريبية للغدة الدرقية، مما يؤدي إلى زيادة معدلات تركيب الهرمونات الدرقية T3  و T4 وإفرازها؛ المسؤولة عن تنظيم العديد من الفعاليات الاستقلابية في مجمل خلايا الجسم. ولدى ارتفاع تركيز الهرمونات الدرقية في جهاز الدوران يتم تثبيط العصبونات المهادية المفرزة للهرمون TRH، ويتوقف تحرر هذا الهرمون، وبالتالي يتم تثبيط جميع الآليات التي سبق ذكرها فيما يخص تفعيل إفراز الـ TSH والـ  T3/T4. من جهة أخرى عندما ينخفض تركيز الهرمونات الدرقية في جهاز الدوران؛ يزول التثبيط عن العصبونات المهادية المفرزة للـ TRH التي تستأنف فعالياتها الإفرازية. تعرف هذه الآلية باسم التلقيم الراجع السلبي negative feedback.

ب - لب الكظر؛ عقدة ودية مُعَدَّلة adrenalmedulla, modified sympathetic ganglion: تنتمي غدة الكظر إلى جهاز الغدد الصم endocrine system، وهي تقع في أعلى الكليتين، وتتألف من منطقة محيطية قشرية adrenal cortex تحتوي على خلايا تفرز الحاثات المعروفة باسم القشرانيات corticoids، ومن منطقة مركزية تسمى اللب adrenal medulla فيها خلايا عصبية إفرازية تخضع لتأثير الجهاز العصبي الودِّي sympathetic nervous system الذي يرسل إلى تلك الخلايا أوامر إفراز من خلال النهايات العصبية التي تحرر الناقل العصبي أسيتيل كولين في لب الكظر. تقوم عصبونات لب الكظر بإفراز كل من الأدرينالين والنورأدرينالين noradrenaline استجابة لظروف الشدّة stress.

تحاكي آلية إفراز هرمونات لب الكظر ضمن جهاز الدوران طبيعة هذه الغدة بوصفها جزءاً من جهاز الغدد الصم، ولكن تعصيبها الودّي من قبل العصبونات ما قبل العقدة pre -ganglionic neurons  التي تقوم بتحرير الأستيل كولين يحاكي تنظيم العقد الودية في الجملة العصبية المستقلة، مما أدى إلى تداول تسميتها بالعقدة الودية المُعَدَلة وذلك لكونها تحرر حاثاتها ضمن جهاز الدوران؛ ولانعدام وجود عصبونات ما بعد العقدة post -ganglionic neurons. يُضبط إفراز لُب الكظر - مثل سائر المراكز التابعة للجملة العصبية المستقلة  - من قبل الوطاء، إضافة إلى عدد من المراكز الحيوية الموجودة في كل من جسر الدماغ والبصلة السيسائية.

أما فيما يخص دور الحاثات العصبية للب الكظر فهي تُحضِّر الجسم بكل أجهزته للاستجابة الودية التي تتمثل بما يسمى بالمقاومة أو الهروب fight or flight response، مما يتجلى بتفعيل الجهاز القلبي الوعائي المتمثل بتسرع النظم القلبي وتزايد قوة التقلص العضلي القلبي إضافة إلى ارتفاع الضغط الشرياني، وبتفعيل الجهاز التنفسي، مما يؤدي إلى تسارع تواتر التنفس وتوسع القصبات الهوائية مما يُفَعِّل التبادلات الغازية واستهلاك الأكسجين إضافة إلى رفع معدلات السكر في الدم بحيث تحصل النسج على حاجتها من الطاقة. من جهة أخرى تقوم الحاثات العصبية للب الكظر بتثبيط السبيل الهضمي وذلك بوظيفتيه الحركية والإفرازية.

إن الرؤية المُجمَلة للإفرازات العصبية تُمَكِّن من عدها جامعة للحاثات العصبية وميزات الجهاز الغدّي، وذلك من حيث أثرها الذي يشمل كل النسج المحيطية المحتوية على مستقبلات نوعية؛ ولمميزات الجهاز العصبي من خلال تحكمها بالعديد من فعاليات الاستتباب في الجسم.

مراجع للاستزادة:

 - E. John, A. Hall, C. Guyton, Guyton and Hall Textbook of Medical Physiology, Saunders/Elsevier, 2010.

 - E. R. Kandel, J. H. Schwartz, T. M. Jessell, Principles of Neural Science, McGraw -Hill, Health Professions Di­vision, 2000.

 


التصنيف : الفيزيولوجيا
النوع : الفيزيولوجيا
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1057
الكل : 58492482
اليوم : 64996

أثر زيمان

إِبيروس   مقاطعة في شمال غربي اليونان تجاور كلاً من تسالية ومقدونية وتراقية وتفصلها عن تسالية سلسلة جبال البندوس الكلسية التي تمتد من الشمال الغربي إِلى الجنوب الشرقي, وتدعى في اليونانية إِبيروس Epiros ومنها اسمها بالإِنكليزية Epirus وبالفرنسية Epire ويذكر هوميروس أن اسمها يعني «الأرض الصلبة» وهي تتصل بجنوبي ألبانية. وتغطي سلاسل الجبال الكلسية الضخمة التي قد ترتفع إِلى 2600م جزءاً كبيراً من سطحها, وتخترقها الوديان الضيقة العميقة الجميلة. بينما تمتد السهول الفسيحة والمروج في المنطقة الشمالية.
المزيد »