logo

logo

logo

logo

logo

الأمراض الوراثية

امراض وراثيه

Genetic diseases - Maladies génétiques

الأمراض الوراثية

عبد الباسط المسلم

نماذج عن الأمراض الوراثية البشرية

 

 

الوراثة البشرية human genetics هو العلم الذي يهتم بدراسة التباينات variations الوراثية البشرية أكثرَ مما يهتم بدراسةِ الأمراضِ الوراثيةِ genetic diseases، وهو مُسَخَّرٌ اليوم لخدمة كلِّ فرد. ولقد تبوأ مرتبةَ الصدارةِ في العلوم الطبية. ولعلَّ من أهم تطبيقاته العملية:

1. دور الجينات genes: في قابلية الإصابة بمرضٍ وراثي، وفي الصفات الجسمية والوظيفية، والسلوك البشري.

2. التقانات الحيوية biotechnology بما فيها: الاختبارات الوراثية، العلاج الجيني gene therapy، العلاج بالخلايا الجذعية، التعبير الجيني، دراسات ارتباط المجين (الجينوم) genome بالطب الشخصي.

3. الاهتمامات الإنسانية: في التداخل بين خصوصية الفرد والمعلومات الوراثية، اختبارات الأبوة الحقيقية، الاختبارات الوراثية المباشرة للأفراد.

لقد تبوأَ علمُ الوراثةِ genetics مركز الصدارة في مجال دراسة وراثة الصفات وتبايناتها حتى تسعينيات القرن المنصرم، وأضحى علماً سريرياً بامتياز، خاصةً بعد الانتهاء من مشروع الجينوم البشري Human Genome Project، وما تلاه وما هو جارٍ تنفيذه من مشاريع بحثية وراثية أخرى. ويبدو أنَّ الأمر قد أصبح أكثر تعقيداً لكنه أكثر وضوحاً. فالأمراض الوراثية البشرية كانت مقترنةً بأمراضٍ نادرةٍ جداً، وتُورثُها جينات وحيدة، وتتم دراستها بتحليل النَسَب pedigree analysis. وأصبح جليَّاً أنَّ مجال الوراثة البشرية أضحى واسعاً من خلال دراسةِ صفاتٍ واضحةِ المعالم مثل لون الشعر الأحمر والنمش freckles ولون البشرة الفاتحة، وجميعها خاضعٌ لإشراف جين مُرَمِّز لبروتين يُسمى مُسْتَقْبِلُ ميلانوكورتين- 1 melanocortin-1 receptor، المسؤول عن تنظيم توازن الأصبغة في الجلد ولون الشعر معاً (الشكل 1). فالجينات هي وحدات التوريث heredity المسؤولة عن وراثة الصفات عبر الأجيال. والجينات حقيقةً هي أوامرُ كيميائية حيوية تُخْبِرُ الخلية عن كيفية تصنيع بروتينات محددة كمَّاً ونوعاً. وهذه البروتينات تُنظِّمُ الخصائصَ النوعيةَ والكميَّةَ لكل فرد. وهنا انبثق علم البروتينات proteomics الذي يهتم بخصوصيات كلِّ بروتين من أيِّ نوع محدد من خلايا الجسم. وعلى الرغم من معرفة تكرار نوكليوتيدات الجينوم البشري وتعداده والبالغ 3.2 مليارات، فإنَّ الأمر المدهش هو أنَّ 1.5% من إجمالي الجينوم يُرَمِّزُ بروتينات، في حين أنَّ الباقي 98.5% هو تتاليات نوكليوتيدية مكررة بشكلٍ كبيرٍ تؤدي دوراً مساعداً في اصطناع البروتينات، أو أنها تعمل على إيقاف الجينات أو تشغليها. كما أنَّ الكثير من تتاليات الجينوم لا تزال مجهولة الدور. يختلف الجين المرمز لبروتين ما من فردٍ لآخرَ اختلافاً ضئيلاً جداً بتتالي النوكليوتيدات، ويُشارُ إلى ذلكَ بالأليلات alleles. وتنشأُ هذه التباينات التي تميز الأليلات بعضها من بعض بِحَدَثٍ يدعى الطفرة mutation. وعندما تحصلُ الطفرة، فإنه يجري انتقالها من خلية لأخرى ناجمة عنها. فإذا حدثت في نطفة sperm أو بويضة ovum فسوف يجري توريثها إلى الجيل التالي.

الشكل (1) تأثير جين مُسْتَقْبِلِ ميلانوكورتين-1 في تنظيم توازن الأصبغة في الجلد ولون الشعر معاً.

تُسبب بعضُ الطفراتِ أمراضاً وراثيةً، في حين تولِّدُ أخرى صفاتٍ جديدة. وتمنحُ طفراتٌ أخرى مقاومةً للفرد تجاه مرضٍ ما؛ مثل طفرة الجين CCR5 المرمزة لمُسْتَقْبِلٍ مُساعدٍ co-receptor وثيقِ الصلةِ بالمُسْتَقْبِلِ البروتينيِّ CD4 على سطح الخلايا-T المساعدة(HTC) Helper-T Cells . فقد لوحظ خَبْنٌ/حذفٌ deletion لـ 32 نوكليوتيداً في الجين CCR5، مما أعطى الفرد بروتيناً مختلفاً أسهم في تعويق دخول فيروس عوز المناعة

 البشري(HIV) Human Immunodeficiency Virus  إلى الخلايا HTC، فهذا الفرد لديه مقاومة لهذا الفيروس. وتتعدى التباينات بين الأفراد حدوداً أدنى من الصفة أو الحالة المرضية، بحيث لا تظهر أيُّ آثارٍ عن ذلك. فالتباين يحصل على مستوى الاختلاف في نوكليوتيد وحيد ما في الجينوم، ويُعرفُ هذا بتباينات النوكليوتيد المفرد(SNPs) Single Nucleotide Polymorphisms .

أنواع الأمراض الوراثية:

1. الأمراض الوراثية وحيدة الجين: يسببها جين واحد، سواءٌ كان على صبغيات جسمية أم جنسية. مثال: طفرات القزم/الوَدَانة achondroplasia وعمى الألوان والمهق albinism.

2. الأمراض الوراثية متعددة العوامل multifactorial: تسببها عدة جينات، وتتآثر فيما بينها ومع العوامل البيئية الداخلية للجسم والخارجية. مثال: وراثة لون الجلد والذكاء وغير ذلك من صفات وراثية كمية.

نماذج عن الأمراض الوراثية البشرية:

1. مرض ألزهايمر Alzheimer’s disease:

هو شكل من الخَرَفِ dementia ناجمٌ عن تلف خلايا الدماغ. ويتظاهر بفقدان متدرج للوظائف المعرفية لدماغ الإنسان. ويعد البروفسور الألماني Alois Alzheimer أول من وصَّف هذا المرض عام 1907م.

التوصيف وتقدم المرض: تُرد 75% من حالات المرض لحالات فردية في الجماعة وليس لها أساسٌ وراثيّ. لكن يدل تكرار المرض في عائلةٍ ما لثلاثة أجيالٍ على وجود أساس وراثي له. ويمثل ذلك نسبة 25%، ويُعرف باسم ألزهايمر العائليّ. ويُصنفُ إلى نوعين: الأول مبكر حيث تظهر أعراض الخرف قبل سن 65، والثاني متأخر وتظهر أعراض الخرف بعد ذلك. يتلوث مركز العاطفة ومركز الذاكرة في المخ بنوعين من البروتينات؛ بيتا-أميلويد β-Amyloid التي تتكدس خارج خلايا الدماغ على شكل لويحات، وبروتين-تاو Tau-protein الذي يتشبع بالفسفات ويتكدس شبكياً داخل خلايا الدماغ مُعطلاً وظائف الخلايا.

المرتسم الوراثي genetic profile: يُورَّثُّ المرضُ بطريقةٍ جسميةٍ سائدة. ويُردُّ مرض ألزهايمر الموروث لحدوث طفرات في أربعة جينات على الأقل:

1) جين طليعة بروتين الأميلويد APP على الصبغي 21.

2) جين بريسنيلين-1 PSEN1 على الصبغي 14.

3) جين بريسنيلين-2 PSEN2 على الصبغي 1.

4) جين أبوليبوبروتين-4 E APOE4 على الصبغي 19.

إذا كان الجين APOE4 متخالف اللواقح heterozygous فيصبح معدل خطورة الإصابة بالمرض ثلاثة أضعاف، أما إذا كان متماثل اللواقح homozygous فإن الخطر يرتفع 15 ضعفاً. وعُرِفَ مؤخراً أنَّ طفرة في الجين CALHM1 تزيد خطورة الإصابة إلى عشر مرات خطورة طفرة الجين APOE4. وتعد طفرة الجينات PSEN1 وPSEN2 وAPP مسؤولة عن ظهور المرض بنسبة 50% من حالات الشكل المبكر للمرض. وترفع جميع الطفرات كمية البيتا-أميلويد.

2. داء غوشر Gaucher disease:

اضطرابٌ استقلابيٌّ وراثيٌّ نادرٌ، ناجم عن تراكم جزيئات مواد شحمية سكرية تسمى سيريبروزيدات cerebrosides في اليَحْلُولاتِ lysosomes، مما يؤدي إلى انتفاخها ثم انفجار الخلية. ويُرَدُّ سبب تراكم هذه المادة إلى نقص إنزيم glucocerebrosidase أو غيابه كليّاً. ويعد الطبيب الفرنسي Philippe Gaucher مكتشف الداء عام 1882م.

التوصيف وتقدم المرض: يصنف هذا المرض إلى ثلاثة أنواع:

1) نوع-I: أكثرها شيوعاً وأقلها أعراضاً ويظهر بعد سن 21.

2) نوع-II: يظهر في مرحلة الرضاعة ويموت المريض قبل إكمال العام الأول.

3) نوع-III: ويظهر في مرحلة الطفولة.

المخطط الوراثي: يُورَّثُ بفعل طفرةٍ جسميةٍ متنحيةٍ، حيث يحصل المريض على أليل متنحٍ من كلا الأبوين متخالفي اللواقح، علماً بأنهما سليمان. ويقع جين الداء على الصبغي 1. وقد اكتشف أكثر من 100 طفرة مختلفة فيها. ويتركز النوع-I في اليهود الشرقيين بمعدل 1 من كل 450. ويتساوى تكرار النوعين الآخرين بين الجماعات البشرية.

3. متلازمة داون Down syndrome:

اضطرابٌ وراثيٌّ صبغيٌّ عدديٌّ أو بنيويٌّ واسعُ الانتشارِ. وجرى توصيفها من قبل الطبيب البريطاني John L.H. Down عام 1866م.

التوصيف وتقدم المرض: تتظاهر المتلازمة بمظاهر شكلية وتشريحية واضحة المعالم، واضطرابات وظيفية وعقلية مختلفة.

المرتسم الوراثي: تنجم المتلازمة بفعل وجود نسخةٍ إضافية من الصبغي 21 (الشكل 2)، أو بفعل التحام الذراع الطويلة للصبغي 21 (q21) مع الذراع الطويلة للصبغي 14 (q14)، فيتشكل صبغي انتقاليٌّ جديد(14q21q) t، وتُفقدُ الذراعان القصيرتان (p21 وp14) لكلا الصبغيين. يُعْرَفُ هذا التبدل البنيوي بالانتقال الروبرتسوني Robertsonian translocation، وينجم عن اندماج الجزيئات المركزية centromeres لصبغيين قرب طرفيّ الجزيء المركزي acrocentric مع فقدان الذراعين القصيرتين لكلا الصبغيين. وهنا تُميز حالتان: فردٌ له النمط الصبغي t21(14q21q) 2n=45  وهو سليم ولا يعاني أعراض المتلازمة، والفرد الآخر له النمط الصبغي t(14q21q) 2n=46 وهو مصاب بأعراض المتلازمة. ويُقدَّرُ بأنَّ 1-2% من هذه المتلازمة عائدةٌ لظاهرة الفسيفسائية mosaicism الصبغية. وهنا تتشكل بيضة لاقحة نظامية2n=46، إلا أنه بعد عدة انقسامات خلوية وفي أثناء التنامي المبكر يحصل خلل في هجرة الصبغي 21، فتتشكل خلية جسمية 2n=47+21. ينشأ منها نسائل clones خلوية تتظاهر بهذه المتلازمة. وتكون أعراض المتلازمة ضئيلة. وشك الباحثون بوجود جين ذي فِعْلٍ جُرَعِيٍّ، حيث إن وجود الجين DYRK1A المُرَمِّز لإنزيم الكيناز بثلاث نسخ نشيطة على ثلاثة صبغيات 21 قد سبَّب تأذي مَقَري الذاكرة والتعلم لدى الفئران، وينسحب الأمر على الإنسان أيضاً.

الشكل (2) متلازمة داون. الطفلة ذاتها بعمر 6 أشهر و7 سنوات. النمط الصبغي على اليمين.

4. متلازمة تيرنر Turner syndrome:

اضطرابٌ وراثيٌّ صبغيٌّ عدديٌّ يصيب الإناث فقط. وتتظاهر المتلازمة بنقصان الصبغي X (2n=44+X). وتتكرر المتلازمة بمعدل 1 لكل 2000 ولادة بشرية. ويعد طبيب الغدد الصم الأمريكي H. Turner أول من وصفها عام 1948م.

التوصيف وتقدم المرض: يقدر بأن 1-2% من حالات الحمل المؤنثة هي من هذه المتلازمة. ويجري إجهاض 99% منها طبيعياً خلال المرحلة الأولى من الحمل. كما يُصابُ العديد منها بالكيسات المائية أو استسقاء/مَوَه الجنين hydrops fetalis. تتظاهر المتلازمة بقصر القامة والرقبة الوتراء إضافة إلى أعراضٍ وظيفيةٍ وتشريحية (الشكل 3).

الشكل (3) متلازمة تيرنر. فتاة بعمر 5 سنوات لاحظ الرقبة الوتراء وانتفاخ المعصمين والركبتين وقصر القامة. النمط الصبغي على اليمين .

المرتسم الوراثي: أظهرت الدراسات أنَّ نقص الصبغي X في هذه المتلازمة قد يكون حاصلاً في البويضة أو النطفة وبالتساوي. كما يقدر أنَّ 35% من هذه المتلازمة عائدٌ لظاهرة الفسيفسائية الصبغية، أو لفقدان جزء من الصبغي X. وتنجم أعراض هذه المتلازمة بسبب غياب جينات معينة محمولة على الصبغي X. فمثلاً يسبب فقدان جين خَلَل تَكَوُّنِ الغُدَدِ التَّناسُلِيَّةِ gonadal dysgenesis فشلاً مبيضياً، كما يسبب فقدان أحد عوامل النسخ قصر قامة هذه المتلازمة.

5. متلازمة كلاينفلتر Klinefelter syndrome:

اضطرابٌ وراثيٌّ صبغيٌّ عدديٌّ يتظاهر بوجود صبغيٍّ X إضافي (أو أكثر) لدى الذكور (2n=44+XXY). ولقد شخَّص الطبيب H. Klinefelter هذه المتلازمة عام 1942م.

التوصيف وتقدم المرض: تعد المتلازمة واسعة الشيوع. ويقدر تكرارها بـ 1 من كل 500 ولادة. كما أنَّ 3% من الذكور العقيمين مصابون بهذه المتلازمة. يبدو صبيان هذه المتلازمة طبيعيين عند الولادة. لكن يتناقص خلال المرحلة الوسطى من مرحلة البلوغ مستوى التستوستيرون testosterone، مما يؤدي إلى تنامي الأثدية وضمور الخصيتين والعضو الذكري وفقدان القدرة على تكوين النطاف. يتصف المصابون بالمتلازمة بخطورةٍ عالية للإصابة بهشاشة العظام osteoporosis واضطرابات جهاز المناعة الذاتي مثل داء الذئبة lupus والتهاب المفاصل وداء السكري 2 وسرطان الثدي والخصى.

المرتسم الوراثي: تنشأ المتلازمة بحدوث خللٍ في افتراق الصبغيين الجنسيين X عن بعضهما في أثناء الانقسام المنصف -I أو meiosis II لدى الأنثى فتتشكل بويضة n=22+XX. ولدى إخصاب الأخيرة بنطفة n=22+Y، تتشكل بيضةٌ مخصبة هي بداية المتلازمة. ولا تعد هذه المتلازمة موروثة من جيلٍ لآخر. وخطورة حصول حملٍ آخر بالمتلازمة نفسها في الأسرة نفسها مساوية لتلك الحاصلة في البشر. كما تتكون هذه المتلازمة بحالةٍ فسيفسائية خاصة في المراحل المبكرة من تكوين الجنين. حيث يحصل خلل في انفصال الصبغي X في أثناء الانقسامات الخلوية، وتكون الأعراض خفيفة. كما توجد حالات أخرى لهذه المتلازمة، حيث يزداد فيها عدد الصبغيات X، مثل 2n=44+XXXY و2n=44+XXXXY وجميعهم ذكور لكن مع فاقة زائدة في القصور العقلي والتشوهات الجسدية.

6. متلازمة جاكوب Jacob’s syndrome:

اضطرابٌ وراثيٌّ صبغيٌّ عدديٌّ يتظاهر بوجود صبغيٍّ Y إضافي لدى الذكور (2n=44+XYY). وشُخِّصَتْ المتلازمة من قبل الباحثة P. Jacob عام 1965م لدى دراستها 197 سجيناً خطراً في سكوتلندا. وتبيَّن أن 7 من 12 منهم مصاب بالمتلازمة.

التوصيف وتقدم المرض: يمتاز ذكور هذه المتلازمة بالطول المفرط وحب الشباب واضطراب في الكلام وسلوكٍ عدائيٍّ مفرطٍ في كل المراحل العمرية، ولا يعانون عجزاً أو عقماً جنسياً.

المرتسم الوراثي: تنشأ هذه المتلازمة بفعل خلل في افتراق الصبغي Y في أثناء الانقسام المنصف لدى الذكور. وتتكون نطاف تحوي صبغيين n=22+YY) Y). وإخصاب نطفة منها لبويضة نظامية يؤدي إلى تكوين هذه المتلازمة.

7. السرطان Cancer:

مجموعة من الاضطرابات تتظاهر بسمة الانقسام الخلويِّ الفوضويِّ ونموٍّ خلويٍّ يتصف بتكوين ورم neoplasm. يصيب السرطان نحو 1 من كل 4 أفراد، ويُعرف أكثر من 100 جين في المجين البشري تُسببُ طفراتها أوراماً مختلفة، بعضها سائد وبعضها الآخر متنحٍّ في سلوكه الوراثي.

السرطان بوصفه مرضاً وراثياً: تُرَد الخصائص المميزة للخلايا السرطانية على نحو أساسي إلى تبدلات وراثية فيها. ومن المؤكد أن عدم ثبات المجين في الخلية السرطانية هو من أهم هذه الخصائص، ويُضاف إلى ذلك التشوهُ البُنيويُّ والعددي للصبغيات الملاحظُ في نوى الخلايا السرطانية. ولقد أظهر تحليل تسلسل النوكليوتيدات في بعض أنواع السرطانات وجود مئات إلى آلاف الطفرات النقطية. وشُوهِدَ خَلوياً cytologically وجود ما يزيد على 20 تبدلاً صبغيّاً في أيِّ سرطانٍ متقدم. وبناءً على ذلك تُعدّ الأورام أمراضاً وراثية، مع أخذ ما يأتي في الحسبان:

1) إنَّ القليل من الأورام خاضعٌ لفعلِ طفراتٍ وراثية تنتقل من جيلٍ إلى آخر. في حين أن الغالبية العظمى من الأورام ناجمة عن تبدلاتٍ وراثيةٍ في الخلايا الجسمية في أثناء حياة الفرد. ولذلك فإنَّ الغالب في الأورام تبدلاتٌ وراثيةٌ جسمية، حتى إنَّ الطفرة الموروثة لا بد أن يرافقها حدث ثانٍ هو طفرةٌ جسميةٌ في مرحلةٍ ما من عمر الفرد.

2) إنَّ العلاقة بين النمط الوراثي genotype الطافر والنمط الظاهري phenotype للورم غير صريحة. وهذا شأنٌ ليس بالمستغرب لكل حالة مرض وراثي. لكن هذه العلاقة هي شديدة التعقيد. وعموماً تحوي الخلايا السرطانية العديد من الطفرات المختلفة، بحيث إنَّ كلاًّ منها منوطٌ بخصائص ورميةٍ مختلفة.

3) لا تنجم جميع خصائص الخلايا السرطانية عن قصورٍ وراثي. فالعديد من هذه التبدلات الثابتة في الخلايا السرطانية ناجمٌ عن آليات تنظيمية من دون تغيير في المادة الوراثية، ويُعرفُ هذا بالتوريث الجانبي epigenetic.

التبدلات الوراثية في الخلايا السرطانية:

1) الطفرات النقطية.

2) طفرات نزع الإنترونات splice mutations: يُبنى الجين من إكسونات exons (مُرَمِّزَة) وإنترونات entrons (غير مرَمِّزَة). ولذلك يجب استئصال الإنترونات من الرنا المرسال mRNA المنسوخ عن الجين. وتحتاج عملية الاستئصال إلى تكرارٍ محددٍ من النوكليوتيدات في المناطق الفاصلة بين الإنترونات والإكسونات.

3) طفرات نزع الإنترونات البديل alternative splicing: تؤكد الدراسات الراهنة أن الرنا المرسال الخام يُعالج بنحو خمس طرائق مختلفة مما ينجم عنه بروتينات مختلفة.

4) طفرات مناطق التنظيم الجيني mutations in regulatory sequences: وهي طفرات ضمن مناطق غير مُرَمِّزَة للبروتينات لكنها تتحكم بنسخ الجينات، ويصل حجمها إلى 10000 من النوكليوتيدات.

5) الجينومات الفيروسية viral genomes: تُدْخِلُ الفيروسات جينوماتها إلى الجينوم البشري، وتسهم في تنامي سرطانات مختلفة عبر التعبير عن بروتينات فيروسية نوعية.

6) تضخيم المورثة gene amplification: فعلٌ جُرَعِيٌّ فائضٌ للجين.

7) الطفرات الصبغية البنيوية والعددية.

فئات جينات السرطان:

تؤدي طفرات طلائع الجينات الورمية proto-oncogenes إلى تحولها إلى جينات ورمية oncogenes، فتُحَفِّزُ انقسامات خلوية غير منضبطة. تسلك هذه الجينات سلوكاً سائداً، وتصنف في أربع مجموعات:

أ- جينات عوامل النمو (HST)، وتسبب سرطان المعدة على الصبغي 11 (11q13).

ب – جينات مستقبلات عوامل النمو (RET)، وتسبب سرطان الغدد الصماء والدرقية على الصبغي10- (10q).

ج – جينات نقل الإشارة داخل الخلية (ABL) وتسبب سرطان نقي العظام المزمن على الصبغي 9 (9q34).

د – جينات عوامل النسخ (NMYC) وتسبب سرطان الرئة والجهاز العصبي على الصبغي (2q24) 2 .

1) جينات تعويق السرطنة tumor suppressor genes: ويحتاج تحفيزها إلى حدوث طفرتين في المورثة في الخلية نفسها. وتسلك هذه الجينات سلوكاً متنحياً.

2) جينات الثبات stability genes: وهي جينات مسؤولة عن ثبات الجينوم. وتسبب طفراتها عدم ثباته بسبب عدم القدرة على ترميم الضرر الذي يُصاب به المجين البشري.

نظرية الضربة المزدوجة في السرطان Double-Hit Theory of Cancer:

درس الباحث Alfred Knudson الوَرَمَ الأَروميَّ الشَبَكِيَّ retinoblastoma، ونشر نظريته الشهيرة القائلة: «يمكن لخلية جسمية أن تبدأ فعلاً سرطانياً إذا حدث فيها ضررٌ مزدوجٌ لكلا أليلي الجين RB1 على الصبغي 13». ولذلك يحتاج الفرد الذي يرث أليلاً طافراً من أحد أبويه إلى حدوث طفرةٍ ثانية في الأليل الآخر. ويتظاهر سرطان الشبكية الموروث في كلتا العينين. ويجري توريث المرض بنسبة 50 % إلى الجيل التالي. في حين يظهر سرطان الشبكية العفوي لدى أفرادٍ لم يرثوا الطفرة عن آبائهم، وهنا لا بد من حدوث طفرتين للجين RB1.

8. سرطان الثدي:

هو تنامي ورم سرطاني خبيث في ظهارية قنوات أو فصوص غدد الحليب في الثدي لدى النساء ونادراً لدى الرجال. وينتشر عادة إلى العقد اللمفاوية المجاورة. ويقدر تكراره 1 من 8 نساء.

المرتسم الوراثي: يُشرف على سرطان الثدي جينان هما BRCA1 على الصبغي 17 (17q21) وBRCA2 على الصبغي 13 (13q12). وهما جينان معوقان للسرطان. ويقدر أنَّ 1-3% من سرطان الثدي عالمياً عائدٌ لطفرات موروثة عائلياً، وما تبقى عفويّ. وترث 20% من السيدات اللائي لهن تاريخ أسري في سرطان الثدي طفرات إحدى هذين الجينين. كما تراوح نسبة الإصابة هنا بين 50 و80% خلال فترة حياتهن. وترفع طفرات الجينين نسبة الإصابة بسرطان المبيض إلى 20-50% للأول و10-20% للثاني، على التوالي. إنَّ حجم الجينين كبير، (إيكسون 24) BRCA1=81 kb و (إيكسون 27) BRCA2=70 kb. ويقدر عدد طفرات الجين BRCA1 بـ 650 طفرة، والجينBRCA2 بـ 400 طفرة. وينحصر دور الجينين الطبيعيين في ترميم ضرر الدنا.

آلية عمل الجينين: تنْتِجُ الجينات بروتينين وظيفيين يساهمان في ترميم المادة الوراثية. وعندما يُكشفُ عن وجود انقطاعٍ مضاعفٍ في شريط الدنا من قبل بروتيني الجينين p53 وBRCA1 يجري فسفرة phosphorylation بروتين BRCA1 من قبل(ATM) Ataxia-Telangiectasia Mutated protein  و(CHEK2) nuclear Checkpoint kinase  و(ATR) ATM-Rad3-related  kinase ، ثم يُربط BRCA1 مع BRCA2، ويرتبط معهما بروتينان RAD51 وBARD1، فيتشكل معقد له القدرة على ترميم الانقطاع المزدوج في الدنا (الشكل 4). كما يعمل الجينان على تثبيط تكوين الأورام وذلك بالتآزر مع جينات P53 وRB1 وMYC. ونظراً لتشارك عمل الجينين مع جينات أخرى، فإنَّ تطفير إحدى هذه الجينات سوف يعوق عمل الجينين، وإن كانا غير طافرين. ولقد تبين أن تطفير الجين PTEN المسبب لمرض كاودن Cowden Disease الذي يتظاهر بأورامٍ حميدةٍ متعددة، يؤدي إلى رفع حالة استعداد الأنثى للإصابة بسرطان الثدي. كما أنَّ الإناث متخالفات اللواقح للجين ATM لديهن خطورة مضاعفة للإصابة بسرطان الثدي. ولقد قُدِّرَ أن 25 % من سرطان الثدي الموروث عائدٌ إلى تطفير الجينات BRCA1 وBRCA2 وPTEN وCHEK2. ولا يزال دور جينات أخرى في سرطان الثدي قيد الدراسة. فمثلاً: إنَّ تطفير محددة في الجين FGFR2 المرمز لمُسْتَقبل عامل نمو الخلايا الليفية 2 ترفع خطورة الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 25 %.

 

الشكل (4) آلية عمل بُروتينيِّ الجينيّن BRCA1 و BRCA2 في ترميم الانقطاع المضاعف في الـ DNA.

9. لمفومة بوركيت Burkitt’s Lymphoma:

هو تنامي ورم سرطاني خبيث يصيب الخلايا اللمفاوية B في منطقة الفك السفلي لدى الأطفال دون العاشرة. ويعد الجراح الإيرلندي بوركيت D. P. Burkitt أول من وصفه في عام 1957م.

التوصيف وتقدم المرض: يعد هذا المرض داءً متوطناً في إفريقيا الوسطى حيث إن 50% من وفيات الأطفال بالسرطان هي بسببه. ويعد داءً عصرياً آخذاً بالتوسع والانتشار عالمياً. يتظاهر المرض بتضخم سريع للفك السفلي للمريض، وظهور ورم بطني في المبيض أو الكلية. ولا يزيد عمر الأطفال المصابين على 11 عاماً.

المرتسم الوراثي: تنجم سرطانة لمفومة بوركيت من تبادل صبغيٍّ عكوسٍreciprocal translocation لقطعتين بين الصبغيين 8 و14. حيث تنتقل MYC وهي طليعة جين مسرطن من الصبغي 8 (8q24) إلى الصبغي 14 (14q32)، وتتوضع بالقرب من جينات السلسلة الثقيلة للأضداد (C، V، D، J) ذات التعبير الجيني السريع (الشكل 5). وهنا تقوم عوامل تنظيم نسخ هذه الجينات بتحفيز الجين MYC الذي أصبح مسرطناً بسبب غياب منظمه الأصلي على الصبغي 8، مما يؤدي إلى تكوّن السرطان الخبيث عبر انقسامات غير منضبطة للخلايا B. وتنشأ لمفومة بوركيت ولكن بنسبة ضئيلة من انتقالات صبغية بين الصبغيين 2 و22 أيضاً. وتبين أيضاً أن الجين MYC يثير الجين HMG-I/Y، وهذا بدوره يُحَرِّضُ على حدوث تبدلاتٍ في الخلايا B الطبيعية، مما يؤدي إلى بدء تضاعفها السريع وتكوين الأورام. كما وترافق لمفومة بوركيت فيروسات مسرطنة مثل فيروس إيبشتاين- بار Epstein-Bar virus البشري وهو المسبب لوبائية هذا السرطان في إفريقيا الوسطى، وفيروس الحلأ-4 البشري human herpes virus-4.

 

الشكل (5) تظاهر وآلية نشوء لمفومة بوركيت بفعل انتقالٍ صبغيٍّ عكوس بين الصبغي-8 و 14.

10. الاضطرابات القلبية الوعائية:

مجموعة أمراض معقدة تصيب القلب، وذات أساس وراثي متعدد الجينات ومتداخلة مع عوامل خارجية وداخلية ونمطية الغذاء والحياة عند الإنسان.

مرض القلب heart disease: هو المسبب الرئيس للموت عالمياً. ويقدر أن 25% من الوفيات في الولايات المتحدة بسببه. ويعد مرض الشريان التاجي(CAD) Coronary Artery Disease  المسبب الرئيس لمرض القلب. ويتظاهر الأخير بتضيق تفرعات الشريان التاجي أو ما يعرف بالتصلب العصيدي atherosclerosis، مما يعوق جريان الدم إلى العضلة القلبية وبالتالي احتشاء عضلة القلب myocardial inforaction. تتداخل عدة عوامل خطورة في مرض الشريان التاجي، ومنها السمنة وارتفاع الضغط والكولسترول والعامل العائلي. وقد تبين أن للجينات دوراً في هذا المرض العائلي الموروث، وقد تركزت الدراسات على دور الشحوم في التصلب العصيدي، وعُزِلَ الجين LDLR المُرَمِّز لمستقبل البروتين الشحمي منخفض الكثافة low-density lipoprotein على الذراع القصيرة للصبغي 19. تسبب الطفرة السائدة فرط كولسترول الدم العائلي familial hypercholesterolemia. ويتضاعف مستوى الكولسترول لدى الأفراد متخالفي اللواقح لهذا الجين، وقد قُدر تكراره بـ1 من كل 500 فرد. كما يؤدي تطفير جين صميم البروتين الشحمي(APOB) B apolipoprotein B  على الصبغي 2 إلى رفع مستوى كولسترول الدم. وعزلت طفرات جسمية سائدة في عائلة من ثمانية جينات أخرى من جينات صميم البروتين الشحمي المبعثرة على الصبغيات 19 و11 و1، وتعد جميعها عامل خطورةٍ في مرضى الشريان التاجي.

يخضع اعتلال عضلة القلب الضُّخَامِي العائلي familial hypertrophic cardiomyopathy لطفرات جينات جسمية سائدة منها: طفرة الجين MYH7 المرمِزة للسلسلة الثقيلة لبيتا-ميوسن القلبي cardiac β-myosin heavy chain، وهي مسؤولة عن 35 % من الحالات الموروثة لهذا الاضطراب، وطفرة الجين MYBPC المرمِزة لبروتين C الرابط للميوسين myosin-binding protein-C ومسؤولة عن 20 % من الحالات، وطفرة الجين TNT2 المرمزة للتروبونين T القلبي cardiac troponin-T والمسؤولة عن 15 % من الحالات. كما يخضع تمدد اعتلال عضلة القلب dilated cardiomyopathy لإشراف جينات سائدة جسمية أو مرتبطة بالصبغي X أو موجودة داخل المتقدرات mitochondria. كما تخضع متلازمة LQT - التي تتظاهر بتأخر عودة الاستقطاب repolarization في العضلة القلبية- لإشراف طفرة جسمية سائدة تعمل على تعويق مضخات البوتاسيوم، وبالتالي ظهور أعراض اضطراب النظم arrhythmia القاتل، ويمكن أن يُرَد الاضطراب لفعل دوائي. ويمكن لطفرات جسمية متنحية مثل: KCNQ1 - KCNH2 - KCNE1 - أو KCNJ2 أن يعوق مضخات البوتاسيوم في متلازمة رومانو-وارد Romano-Ward syndrome، وجميعها تؤخر عودة الاستقطاب في عضلة القلب. كما اكتشفت طفراتٌ جسمية سائدة تتحكم بمضخات الصوديوم (SCN5A) أو الكلسيوم (CACNA1C) في متلازمة رومانو. وتخضع متلازمة جيرفل-لانغ-نيلسن Jervell-Lange-Nielsen syndrome لطفرات جسمية متنحية (KCNQ1 أو KCNE1) تؤدي إلى تأخير النظم المديد، وتسبب الموت الفجائي.

ارتفاع الضغط hypertension: يمثل ارتفاع الضغط الجهازي أحد أهم عوامل خطورة أمراض القلب. حيث إن 27 % من الجماعة البشرية متأثرة بهذا الاضطراب. إن تنظيم الضغط الدموي معقدٌ جداً ويتأثر بالعديد من الأنظمة الوظيفية في الجسم، وتعود نسبة ضئيلة من حالات فرط الضغط إلى اضطرابات في جينات مفردة. تعود متلازمة ليدل Liddle syndrome- التي تتظاهر بفرط ضغط الدم وانخفاض مستوى المصل من هرمون ألدوستيرون aldosterone - إلى طفرات تؤثر في قنوات الصوديوم الظهارية epithelial sodium channel. وتتظاهر متلازمة غوردون Gordon syndrome بارتفاع الضغط وارتفاع مستوى البوتاسيوم في المصل وارتفاع معدل امتصاص الملح في الكلية. وتخضع هذه المتلازمة لإشراف جينين طافرين في إنزيم الكينازWNK1 وWNK4. وقد تم مؤخراً تعرف طفراتٍ في أكثر من عشرين جين وثيقة الصلة بارتفاع ضغط الدم.

11. داء السكري:

مجموعة اضطرابات معقدة تتظاهر بارتفاع مستويات سكر الغلوكوز في الدم. ويتأتى عن ذلك أعراضٌ خطرة قد تؤدي إلى الموت بسبب تأذي الأوعية الدموية.

تصنيف داء السكري وأساسه الوراثي:

1) داء السكري (1) Type-1 Diabetes: ويُعرفُ بداءِ السكريِّ المعتمد على الإنسولين(IDDM) insulin- dependent diabetes mellitus . وينجم عن اضطرابٍ مناعي ذاتي autoimmune disease يؤدي إلى تدمير الخلايا البنكرياسية (المعثكلية) β المنتجة للإنسولين. تعمد الخلايا المناعية T إلى اختراق البنكرياس وتدمير الخلايا β فيه. ويحدث ذلك قبل سن الأربعين من العمر، وتتشكل أضدادٌ ذاتيةٌ autoantibodies ضد خلايا البنكرياس. ويرافق هذا الداء أليلات نوعية من أضداد الكريات البيضاء البشرية- II human leukocyte antigen (HLAII). يتلازم السكري1 بنسبة 95 % مع الأفراد ذوي النمط الوراثي HLADR3 و/أو HLADR4. ويؤدي حدوثُ طفرةٍ خاطئةٍ في جين HLA-DQ - حيث يُحذف حمض /إسبارتيك/aspartic acid من الموقع 57 من بروتين DQ- إلى الإصابة بسكري 1. وإذا احتوى البروتين DQ حمضاً أمينياً مختلفاً وكان الجين HLA-DQ متماثل اللواقح لهذه الطفرة فهناك فرصة تقدر بـ 100 ضعف الحالة السابقة لأن يتنامى داء السكري 1. وتُحفِّزُ هذه الطفرة جهاز المناعة الذاتي لتدمير الخلايا البنكرياسية.

ولهذا الداء علاقة بمناطق جينية مجاورة لجين الإنسولين على الصبغي 11 (11p) وخاصةً في الجهة 5’. فقد لوحظت تبايناتٌ في عدد المكررات المترادفة للتوابع الصغيرة(VNTRs) variable number of tandem repeats ، ذات صلةٍ قوية بتعويق نسخ جين الإنسولين. وتمَّ مؤخراً تعرف 20 موقعاً جينياً طافراً في الجينوم البشري ذا صلةٍ بقابلية الإصابة بالسكري1. يُثَبِّطُ الجين CTLA4 على الصبغي 2 (2q33) مُسْتَقْبِلَ الخلية T، مما يسبب نشوء المرض المناعي الذاتي. ويؤدي الجين ذاته دوراً في تنامي داء التهاب المفاصل الموروث rheumatoid arthritis والداء الزلاقي celiac disease. ويؤدي الجين PTPN22 دوراً تنظيمياً للخلايا T وتتداخل مع داء السكري 1.

2) داء السكري (2) Type-2 Diabetes: ويُعرَفُ بداء السكري غير المعتمد على الإنسولين(NIDDM) non-insulin dependent diabetes mellitus . وينجم هذا الداء بفعل مقاومة وظيفة هرمون الإنسولين. وهنا توجد كفايةٌ من هرمون الإنسولين، إلاّ أنَّ الخلايا الخازنة للغلوكوز لا تستجيب لفعل الإنسولين. يُقدر السكري 2 بنحو 90% من حالات السكري عالمياً. ويرى الباحثون أنَّ الأساسَ الوراثيَّ الأُسريَّ والسمنةَ obesity هما عاملا خطورة رئيسان بظهور هذا الداء. ومن أهم الجينات ذات الصلة بالسكري 2 الجين TCF7LC الذي يرمّز عامل نسخٍ له دورٌ في إفراز الإنسولين. وتبيَّنَ أن تطفير هذا الجين تولد عامل خطورة يصل إلى نحو 50% لإحداث سكري 2. هذا ويوجد تلازمٌ قويٌّ بين السكري 2 والجين PPAR-γ المرمز لعامل نسخٍ له دورٌ في تمايز الخلايا الشحمية واستقلاب الغلوكوز. هذا ويوجد تلازمٌ بين السكري 2 والجين KCNJ11 المرمِّز لقناة البوتاسيوم الضرورية لتحفيز إفراز الإنسولين.

3) اعتلال تحمل الغلوكوز(IGT) impaired glucose tolerance : وهو استمرار ارتفاع مستوى الغلوكوز فترة طويلة بعد الوجبات. ويُعتمدُ اختباراً تشخيصياً مبكراً لداء السكري 2.

4) السكري البادئ عند النضج(MODY) Maturity-onset diabetes of the youth : داءٌ سكريٌّ نادرٌ يُورَّثُ بطريقةٍ سائدةٍ. وتظهر أعراضه أبكر من NIDDM. يتلازم هذا الداء مع السمنة. وقد لوحظ أنَّ 40 % منه عائدٌ لطفرات في خمسة جينات تُرَمِّزُ عوامل نسخٍ لها دورٌ في تنامي البنكرياس أو تنظيم الإنسولين:- ثلاثة منها مرمّزة للعامل النووي في الخلايا الكبديةα HNF1 وβ HNF1 وαHNF4 ، وجين عامل تحفيز الإنسولين-1 IPF1، وجين تمايز تكوين الأعصاب1 NEUROD1. يجري التعبير عن هذه الجينات في خلايا البنكرياس، وتؤدي تطفيرها إلى اضطراب الخلايا البنكرياسية β.

مراجع للاستزادة:

- S.E. Antonarakis and C. J. Epstein, The Challenge of Down syndrome, Trends Mol. Med, 2006.

- A.W. Jr Cowley, The genetic dissection of essential hypertension, Nat. Rev. Genet, 2006.

- R. J. Epstein , Human Molecular Biology: An Introduction to the Molecular Basis of Health and Disease, Cambridge UK 2003.

- M. Estller, Epigenetics in cancer, Engl. J. Med 2008.

- L. B. Jorde, J. C. Carey, and M. J. Bamshad, Medical Genetics, Mosby Elsevier, USA, 2010.

- Ra. King et al. The Genetic Basis of Common Diseases, New York, Oxford University Press, 2002.

- R. Lewis, Human Genetics Concepts and Applications, McGraw-Hill, USA, 2010.

- H. Morita et al. Genetic Causes of Human Heart Failure, J. Clin Invest, 2005.

- M. Robson and K. Offit, Management of an inherited predisposition to breast cancer, N. Engl. J. Med, 2007.


التصنيف : الأمراض الوراثية
النوع : الأمراض الوراثية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1060
الكل : 58492248
اليوم : 64762

أثر باشن ـ باخ

تقع المدرسة الأحمدية في حي الجلوم الكبرى في زقاق بني الجلبي، "جادة عبد الله سلام" حالياً أمام باب جامع البهرمية الشرقي في حلب، منطقة عقارية (7) محضر (3064). أنشأها أحمد أفندي بن طه زادة الشهير بالجلبي سنة 1165هـ/1751م وفقاً للكتابات الموجودة فوق بابيها (الخارجي والداخلي) وفوق باب القبلية.

المزيد »