logo

logo

logo

logo

logo

الأصبغة التنفسية

اصبغه تنفسيه

Respiratory pigments - Pigments respiratoires

الأصبغة التنفسية

 حسن حلمي خاروف

 الهيموغلوبين

 الهيموسيانين

الهيم إيريثرين

 

 

تقوم سوائل البدن بوظائف متعددة في جسم الكائن الحي، ويُعدّ نقل الأكسجين أحدها، وقد وُجِد أن الأكسجين ينحل في الماء بما يعادل 0.46 %من الحجم، أما البلازما (البلاسما) الدموية في جسم الإنسان فإنها تحمل ما مقداره 0.3 % من الحجم فقط. لكن الدم الشرياني للإنسان يحمل من الأكسجين نحو 20 حجماً في المئة. أي إن الكميات المنحلة في البلازما تعادل 1 - 2% من السعة الأكسجينية الكلية، وهي لا تفي طبعاً بحاجة الإنسان لهذا الغاز؛ ما يعني وجود وسيلة أخرى لنقل باقي الأكسجين الضروري، هي بروتينات صباغية chromoproteins توجد في كريات الدم أو في البلازما الدموية أو في سوائل البدن في الإنسان والحيوانات.

لا يعني هذا أن كل الحيوانات تمتلك هذه الأصبغة؛ ولاسيما الحيوانات الخاملة الحركة. مثلاً هنالك ثلاثة أنواع من الأسماك في القطب الجنوبي لا يحتوي دمها على أي صباغ يمكن أن يقوم بنقل الأكسجين، وتقوم سوائل بدنها بنقل كميات قليلة جداً من هذا الغاز بكميات لا تتجاوز 0.54 - 0.90 حجماً في المئة. وإن اليرقة رفيعة الرأس leptocephalus لسمك الحنكليس eel لا تحوي صباغاً تنفسياً ناقلاً للأكسجين.

توجد من الأصبغة الناقلة للأكسجين عدة أنواع، يختلف بعضها عن بعض من الناحية الكيميائية؛ لكنها تتميز كلها بأنها بروتينات صباغية تحتوي في تركيبها على ذرة معدنية. كما تتميز بقدرتها على الارتباط بالأكسجين - وأحياناً بثنائي أكسيد الكربون - ارتباطاً رخواً، وتوجد في مختلف الصفوف الحيوانية. أهم هذه الأصبغة الهيموغلوبين (خضاب الدم) hemoglobin والهيموسيانين hemocyanin والكلوروكروورين chlorocruorin والهيم إيريثرين hemerythrin.

الهيموغلوبين:

الهيموغلوبين بروتين دموي، وهو أكثر الأصبغة التنفسية انتشاراً في العالم الحيواني والأكثر كفاءة في نقل الأكسجين. يوجد في كريات الدم الحمر لدى الفقاريات؛ ماعدا الأسماك القمعية Chanochthyies، وفي نسج بعض اللافقاريات. ويقوم بنقل الأكسجين في الدم من الرئتين أو الغلاصم إلى بقية أنحاء الجسم بشكل هيموغلوبين مُؤَكسَج oxyhemoglobin، حيث يتحرر الأكسجين اللازم للخلية، ومن ثم يجمع ثنائي أكسيد الكربون لينقل جزءاً منه إلى الرئتين.

كما يوجد الهيموغلوبين وأصبغة أخرى شبيهة به في كثير من اللافقاريات والفطريات والنباتات، قد يقوم بنقل الأكسجين فيها أو ينقل مواد أخرى أو ينظمها، مثل ثنائي أكسيد الكربون وحمض الآزوت وكبريت الهدروجين والسلفيدات.

يمثل الهيموغلوبين في الثدييات نحو 97 % من مكونات الكرية الحمراء، وإمكانية ارتباطه بالأكسجين تساوي 1.34 مل من الأكسجين لكل غرام من الهيموغلوبين.

يوجد الهيموغلوبين أيضاً خارج الكريات الحمر. ومن الخلايا الأخرى التي يوجد فيها العصبونات المولدة للدوبامين 9A (A9) dopaminergic neurons التي توجد في عصبونات المادة السوداء substantia nigra، وفي البلاعم macrophages والخلايا السنخية alveolar cells وخلايا مِسراق الكبيبة mesangial cells، حيث لا يقوم بنقل الأكسجين؛ بل بدور مضاد للأكسدة antioxidant ومُنَظِّم لاستقلاب الحديد.

وهناك شكل آخر لجزيئة الهيموغلوبين يسمى لِِغموغلوبين leghemoglobin يُستخدَم لحجز الأكسجين ومنعه من تسميم المنظومات اللاهوائية، كما يحدث في العقد المُثَبِّتَة للآزوت في النباتات البقولية leguminous plants.

بنية الهيموغلوبين وأشكاله: تم اشتقاق كلمة هيموغلوبين من عنصريه heme وglobin.

تتألف مجموعة الهيم من أربع حلقات من البيرول pyrrole التي يشكل بعضها مع بعض البورفين porphin، فإذا ارتبط هذا البورفين بذرة حديد؛ فإنها تشكل ما يسمى البورفيرين porphirine (الشكل 1).

الشكل(1): بنية البورفيرين 

أما الغلوبين فيتألف من وحدة من البورفيرين، ترتبط بشريطٍ بروتينيٍّ كروي globular protein. وارتباط الغلوبين بالبورفيرين يشكل وحدة، إذا ارتبطت أربعٌ منها تتشكل جزيئة الهيموغلوبين (الشكل 2). والواقع أن أكثر أنماط الهيموغلوبين شيوعاً تكون فيه وحدتان من الوحدات الأربع متشابهتين، تسمى كل منهما هيموغلوبين ألفا (α)، واثنتان متشابهتان لكنهما تختلفان عن الأوليين، تسمى كل منهما الهيموغلوبين بيتا (β).

الشكل(2): بنية جزيئة الهيموغلوبين

ترتبط جزيئة الهيموغلوبين بالأكسجين على نحو قابل للانفكاك. وبما أنه توجد أربع ذرات من الحديد؛ فإن كل جزيئة هيموغلوبين تستطيع أن تحمل أربع جزيئات من الأكسجين.

هذا وتختلف جزيئات الهيموغلوبين أيضاً بحسب أنواع الحموض الأمينية التي تدخل في تركيبها وترتيبها، وذلك بحسب التطور النوعي للحيوانات التي توجد فيها. فتسلسل الحموض الأمينية في هيموغلوبين البشر والشمبانزي مثلاً متشابه تقريباً، مع وجود اختلاف حمض أميني واحد فقط بينهما في سلسلتي ألفا وبيتا. وتزداد هذه الفروق كلما ابتعدت الأنواع بعضها عن بعض من الناحية التطورية.

حتى ضمن النوع الواحد تلاحظ إمكانية وجود تغير في تسلسل الحموض الأمينية فيها. والطفرات التي تحدث في جينات بروتينات الهيموغلوبين في نوع ما تُظهِر هيموغلوبيناً مُغايِراً variant. وتجدر الإشارة إلى أن كثيراً من هذه الطفرات لا تسبب الأمراض، لكن بعضها يمكن أن يسبب أمراضاً وراثية، مثل فقر الدم المنجلي sickle-cell anemia، الذي تسببه طفرة تُغَيِّر الحمض الأميني السادس في سلسلة الهيموغلوبين - هو حمض الغلوتامين glutamine- إلى الڤالين valine، الأمر الذي يغير من شكل الجزيئة، فيجعلها منجلية الشكل، ومن ثَم يُفْقِدها وظيفتها في نقل الأكسجين، ويفسح المجال لتشكل الخثرات الدموية (الشكل 3).

(الشكل 3): تغير الحموض الأمينية في جزيئة الهيموغلوبين يغير شكل الجزيئة ومن ثَم وظيفتها.

الهيموسيانين:

هو بروتين دموي يميز دم الرخويات معديات الأرجل Gastropoda والقشريات والعنكبيات. وهو لا يوجد في خلايا السوائل بل يبقى معلقاً في البلازما. لونه أزرق في حالة كونه مُؤَكسَداً، ومن دون لون في حالة كونه مُرجَعاً، وذلك بسبب النحاس الموجود في جزيئته بدلاً من الحديد.

يتألف الهيموسيانين أيضاً من وحدات بروتينية كثيرة، تزن الواحدة منها نحو 75 كيلو دالتون، قد تكون في ثنائيات dimers أو سداسيات hexamers بحسب النوع الحيواني، تترتب عادة في سلاسل أو عناقيد، تزيد كتلتها على 1500 كيلو دالتون. فقد وُجِد أن الوزن الجزيئي للهيموسيانين في الكركند ذي الأشواك spiny lobster (الجنس Panulirus) مثلاً 447000، وفي الأخطبوط (النوع Octopus vulgaris) 2785000، وفي الحلزون (النوع Helix pomatia) 6650000. وبسبب حجمها الكبير تبقى جزيئات الهيموسيانين معلقة في البلازما، كما ذُكِرَ سابقاً؛ ما يمنعها من الدخول إلى الكريات الدموية، بعكس الهيموغلوبين الصغير الحجم الذي تستطيع الكريات أن تحتويه.

يشبه هذا الصباغ الهيموغلوبين في نقله للأكسجين؛ لكنه يختلف عنه من ناحية بنيته وآلية عمله. فبينما ترتبط ذرات الحديد في الهيموغلوبين بحلقات الهيم في البورفيرين؛ فإن ذرات النحاس في الهيموسيانين ترتبط على أنها مجموعات ضميمة prosthetic groups.

الهيموسيانين أقل كفاءة في نقل الأكسجين من الهيموغلوبين، فهو ينقل ربع الأكسجين الذي ينقله الهيموغلوبين. لكن - من ناحية أخرى - وجد أن الهيموسيانين المستخلَص من دم الرخوي أذن البحر Concolepas concholepas له دور مضاد لسرطان المثانة والبروستات. كما بينت التجارب التي أجريت على الفئران وجود تأثيراتٍ مناعيةٍ له؛ من حيث ضمور الأورام وإطالة حياة المتعضيات وانخفاض تأثرها بالمواد السامة.

الكلوروكروورين:

الكلوروكروورين بروتين دموي يرتبط أيضاً بالأكسجين، يوجد في دم كثير من الحلقيات Annelida، خصوصاً منها كثيرات الأهلاب (الأشعار) Polychaeta. لونه أخضر في المحاليل الممددة، ويأخذ اللون الأحمر الفاتح في المحاليل المركزة.

يقارب ارتباطه بالأكسجين ارتباط الهيموغلوبين به، ولا عجب في ذلك إذ إن صيغتيهما الكيميائيتين متشابهتان، سوى أن الكلوروكروورين يحمل زمرة الفورميل (CHO) بدلاً من زمرة الفنيل (CH=CH2) في حلقة البيرول رقم I (الشكل 1). وقد تكون هذه القرابة الكيميائية هي السبب في أن بعض الأنواع الحيوانية في الفصيلة نفسها تحتوي على صباغ الهيموغلوبين، وبعضها الآخر على صباغ الكلوروكروورين، حتى إنه لوحظ وجود كلا الصباغين في الجنس Serpula، كما لوحظ - في هذا الجنس - اختلاف الكميات النسبية من هذين الصباغين بحسب عمر الحيوان، ففي الأفراد الفتية كان الهيموغلوبين أغزر من الكلوروكروورين.

الهيم إيريثرين:

الهيم إيريثرين بروتين دموي يرتبط بالأكسجين؛ لكنه قليل الوحدات oligomeric. يوجد في خلايا الجوف العام والكريات في اللافقاريات البحرية التي تنتمي إلى شعب السيبونكوليات Sipunculida والبرِيابوليدات Priapulida وعضديات الأرجل Brachiopoda وفي دودة واحدة من الحلقيات تنتمي إلى الجنس Magelona. وقد اكتُشِفَ حديثاً وجود هذا الصباغ في البكتريا Methylococcus capsulatus التي تتغذى بالميتان.

يوجد الهيم إيريثرين عادة بشكل ثُماني وحدات متجانسة homooctamer، أو غير متجانسة heterooctamer. تتألف جزيئته من نمطين من الوحدات α و β، الكتلة الجزيئية لكل منهما بين 13 و 14 كيلو دالتون، رغم وجود بعض الأنواع الحيوانية التي تحمل جزيئات ثنائية الوحدات أو ثلاثيتها أو رباعيتها. وكل وحدة من الشكل α ذات أربع حلازين α ذات مركزين لربط الحديد.

الهيم إيريثرين قليل الكفاءة في نقل الأكسجين؛ إذ يَنقُل فقط رُبْع ما ينقله الهيموغلوبين. كما أن ارتباط جزيئة واحدة من الأكسجين في الهيم إيريثرين يتطلب وجود ثلاث ذرات من الحديد، تكون في الشكل المؤَكسَج بشكل الحديد Fe+++ ، تتحول ذرتان منها إلى الشكل الحديدي Fe++ في الهيم إيريثرين المُرجَع، وتبقى الذرة الثالثة بحالة الحديد.

ثمة صباغ آخر قريب من الهيم إيريثرين هو الهيم إيريثرين العضلي myohemerythrin، إنه بروتين وحيد الوحدات monomeric، يوجد في عضلات اللافقاريات البحرية.

هذا، ويكون كلا صباغي الهيم إيريثرين والهيم إيريثرين العضلي من دون لون في حالة الإرجاع، ويتحول إلى اللون البنفسجي في حالة الأكسدة.

مراجع للاستزادة:

- T. Audesirk and G. Audesirk. Biology, Life on Earth, Prentice Hall, 2005.

- R. J. Brooker, E. R. Widmaier, L. E. Graham and P. D. Stiling. Biology, McGraw Hill, 2009.

- S. S. Mader, S. S. Longenbaker, K. Lyle-Ippolito and L. D. Smith- Staton, Human Biology, McGraw Hill, 2010.

- J. B. Reece, L. A. Urry, M. L. Cain, S. A. Wasserman, P. V. Minorsky and R. B. Jackson, Campbell Biology, Benjamin Cummings, 2011.


التصنيف : الفيزيولوجيا
النوع : الفيزيولوجيا
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1040
الكل : 58492676
اليوم : 65190

أثر زيمان

إِبيروس   مقاطعة في شمال غربي اليونان تجاور كلاً من تسالية ومقدونية وتراقية وتفصلها عن تسالية سلسلة جبال البندوس الكلسية التي تمتد من الشمال الغربي إِلى الجنوب الشرقي, وتدعى في اليونانية إِبيروس Epiros ومنها اسمها بالإِنكليزية Epirus وبالفرنسية Epire ويذكر هوميروس أن اسمها يعني «الأرض الصلبة» وهي تتصل بجنوبي ألبانية. وتغطي سلاسل الجبال الكلسية الضخمة التي قد ترتفع إِلى 2600م جزءاً كبيراً من سطحها, وتخترقها الوديان الضيقة العميقة الجميلة. بينما تمتد السهول الفسيحة والمروج في المنطقة الشمالية.
المزيد »