logo

logo

logo

logo

logo

الأرصاد الجوية الزراعية

ارصاد جويه زراعيه

Agricultural meteorology - Météorologie agricole

الأرصاد الجوية الزراعية

عبد الله طعمة أبو زخم 

 تسجيل عناصر الطقس وتحليلها الأرض والغلاف الحي
المناخ المحلي دورة الطاقة
  climatologie appliquée المناخ التطبيقي الضغط الجوي والرياح
  agrométéorlogie الأرصاد الزراعية التكثف والهطل
التنبؤ الجوي الأرصاد والمناخ الزراعي
الظواهر الجوية المؤثرة في الزراعة      stations agrométéorologiques محطات الرصد الزراعي  

 

 

 عاش الإنسان خلال تاريخه الطويل تحت غطاء السماء، ونظر إلى الكواكب والنجوم بشيء من الإعجاب والحيرة، فكان يستمطر السماء، ويخشى العواصف، ويهرب من الفيضان، اعتمدت حياته على الرخاء والخير الوافر قبل عصر الزراعة والرعي. وعاشت جماعاته ضمن نظام بيئي عام، وكان ينطبق على سلوكه ومصيره ما يصيب الكائنات النباتية والحيوانية المرافقة.

رُبطت معظم الظواهر الجوية بقوى خارقة فوق الطبيعة، واعتمدت الشعوب القديمة على تكريم النجوم، وتعظيم الشمس والقمر، وسُميت كواكب المجموعة الشمسية بأسماء آلهة الإغريق قديماً، كما ورد في الكتب السماوية أكثر من ظاهرة جوية غير اعتيادية مثل طوفان نوح، وقصة النبي يوسف مع سنوات القحط والرخاء، وبقيت نظرة الحضارات الغابرة إلى ما يدور في الكون الفسيح تسليماً بالقضاء والقدر. اهتم علماء الإغريق بالظواهر الجوية وسعوا جاهدين إلى تقسيم العالم القديم إلى مناطق حارة ومعتدلة وباردة، وأكّد أبوقراط علاقة الظواهر الجوية بالحياة.

وبما أن المناخ وتغير الطقس يُعدَّان من العوامل الطبيعية التي تؤثر في الحياة، فقد سخّر الإنسان جهده لفهمها وفهم ما يدور في الكون الفسيح، وبقيت نظرته سطحية وعابرة عامةً، بحيث يتذكر الحوادث المناخية الطارئة ويروي الأحاديث والقصص عن آثارها المدمِّرة أينما وردت، وبقيت نظرته إلى تغير الطقس وصفِيَّة وسطحية كأن يقال سنة الطوفان أو القحط. وجاء علم الأرصاد ليربط بين هذه الظواهر، ويحاول فهم الطقس وتفسيره وفق نشرة جوية عن حالة الجو خلال فترة زمنية محدودة.

الأرض والغلاف الحي

تحتل الكرة الأرضية موقعا متوسطاً بين كواكب المجموعة الشمسية، وتقدر درجة حرارتها المتوسطة بنحو  15سْ ، وهي بذلك تؤمن شروط استمرار الحياة رغم ارتفاع الحرارة فوق 55 سْ، وانخفاضها دون - 70سْ، وهي تدور حول محورها كل 24 ساعة، وينجم عن ذلك تتالي الليل والنهار، كما تُتِم دورتها حول الشمس خلال 365.25 يوماً فينجم عنها فصول السنة الأربعة في المناطق المعتدلة. ويحيط بالكرة الأرضية بدءاً من الفضاء الخارجي حتى مركز الأرض ستة أغلفة تشكل في مجملها وتداخلها وتكاملها كنفاً يضم أشكال الحياة كافة.

يتألف الغلاف الجوي من الهواء air، وهو مزيج غازي من 78 % آزوت، و21 % أكسجين، وغازات أخرى أهمها غاز ثنائي أكسيد الكربون CO2، والأوزون O3. ويعد الهواء مادة شديدة القابلية للانضغاط  compressible ، إذ تزداد كثافته بفعل الجاذبية الأرضية، ونتيجة ذلك يتركز نصف وزنه ضمن الطبقة الجوية الأولى حتى ارتفاع  5 كم، ويشكل الغلاف الحقيقي للأرض بعد طبقة الأوزون التي تحجز 80 % من الأشعة فوق البنفسجية، وتمنع وصول الجزء الضار والمخرب منها، وقد جاء ثقب الأوزون ليؤكد تأثير التلوث وخاصة غازات فلور كلور الكربون التي يسعى العالم إلى الحد من آثارها على المدى البعيد واستعادة توازن الطبيعة.

سجل تزايد غاز ثنائي أكسيد الكربون في الجو خلال النصف الثاني من القرن العشرين بنسبة  1.5جزء بالمليون سنوياً، إذ تجاوزت نسبته 0.4 % وتزيد على ذلك شتاءً، وخاصة فوق المدن الكبيرة والمناطق الصناعية، وتشير الدلائل إلى أن نسبته كانت نحو 290 جزءاً بالمليون عام 1980م، ويبقى هذا الغاز مع بخار الماء والميتان وباقي غازات الدفيئة والغبار الجوي المعلق أحد أهم الأسباب المباشرة للاحترار العالمي global warming الذي أنذرت بتزايده معظم المنظمات والهيئات العالمية والعلمية، ودعت دول العالم مجتمعة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من انبعاث تلك الغازات وتخفيف آثارها في تغير المناخ والكوارث التي تسجل هنا وهناك.

دورة الطاقة:

تُعدّ الشمس المصدر الوحيد تقريباً للضوء والطاقة على سطح الأرض، وترسل أشعتها خلال النهار، ويتألف الطيف الشمسي  spectre solaire من الأشعة فوق البنفسجية  ultra violet (UV) ، والأشعة المرئية، والأشعة تحت الحمراء، وتتحول أشعة الشمس فور اصطدامها بالأجسام المادية إلى طاقة حرارية تعمل على تسخين الجو، وتبخير المياه، ورفع حرارة سطح الأرض، وينجم عن الميزان الإشعاعي توزع الحرارة غير المنتظم بحسب خطوط العرض وتوزع اليابسة والمياه، هذا ويكون المدى المريح  zone de confort لمعظم الأحياء بين 15 ْ - 25سْ ، وتصبح الحياة مستحيلة عند تجاوز درجات الحرارة العظمى المناسبة لكل نوع حي. تستند آليات تغير الطقس إلى تبادل الطاقة بين الجو والمحيطات، وقد دلت دراسة المناخ القديم  paléoclimatologie على تتالي حدوث دورات مناخية عالمية، ومرور عصور جليدية منذ ملايين السنين تخللتها فترات دفء، وتبقى المناطق المدارية والاستوائية المصدر الرئيس للطاقة، وهي تتحكم إلى حد بعيد بالدورات الكبرى فوق اليابسة والمحيطات، وعبر الغلاف الجوي، ويدل على ذلك ظاهرتا النينو والنينا فوق المحيطات الحارة، اللتان تسببان الجفاف، والتصحر، والفيضانات المدمرة في القارات الخمس، مثل: فيضانات باكستان، وأستراليا، والصين.

لايمكن الجزم تماماً بتغير الأحوال الجوية تغيراً ملحوظاً ومهماً، خاصةً في هذا العصر الجليدي الأخير، وقد يستفاد من طقس جميل ومعتدل عدة قرون قبل أن تشهد الأرض تقدماً جديداً للجليديات. وقد قدرت منظمة الأبحاث الفضائية الأمريكية NASA أن حرارة الأرض قد تنخفض عدة درجات بحلول منتصف هذا القرن. وبما أن سجلات الطقس لا تتعدى قرناً من عمر الأرض المديد لا يمكن الاعتماد عليها لتأكيد الاحترار العالمي رغم التطور الحديث، وانتشار أدوات القياس، وآلات الرصد، والتسجيل الدقيق. وتنذر الأبحاث الحديثة بتراجع الهطل وتزايد الحرارة في مناطق عديدة من العالم.

يصل إلى الحدود الخارجية للغلاف الجوي نحو حريرتين/دقيقة/سم2، وهي تعادل 1.4كيلوواط/م2، وهكذا يصبح مجموع الطاقة الواصلة 178×315 × 1021 كيلو جول في السنة ، ويمكن تلخيص دورة الطاقة وتبادلها بين الجو والأرض بالآتي:

 -  تنعكس 30 % من الأشعة الواصلة باتجاه الفضاء الخارجي على شكل أشعة قصيرة الموجة.

 - تمتص 17 % من الأشعة الواردة بوساطة الغبار الجوي، وبخار الماء، وغازات الدفيئة، ويتوزع الباقي (%53)  على النحو التالي

 - تنعكس 18 % على شكل أشعة طويلة الموجة، منها 12 % تدفئ الجو، و6 % تعود للفضاء.

 - تنتقل 35 % بالتوصيل conduction عبر المواد الصلبة وبالحمل convection عبر الماء والغاز.  

 - تشكل  29 % منها الطاقة الكامنة، وتعمل على تبخير الماء من الأسطح المائية والتبخر النتحي.

الضغط الجوي والرياح:

تهب الرياح عادة من مناطق الضغط المرتفع باتجاه مناطق الضغط المنخفض، وتزداد الشدة مع تزايد فروق قيم الضغط، وتتأثر بقوة كوريوليس الناجمة عن دوران الأرض والتضاريس. ويمكن تحديد مناطق ضغط مرتفع ومنخفض بحسب خطوط العرض التي تكون مصادر شبه دائمة سواء للرياح الغربية السائدة، والرياح التجارية، والرياح الموسمية، والرياح المحلية (نسيم البحر ونسيم الجبل)، وتختلف آثارها على الأحياء بحسب سرعتها، ودرجة حرارتها، ومدة هبوبها.

التكثف والهطل

يؤدي البخر والتبخر النتحي إلى تشكل الرطوبة الجوية، ويسبب التكاثف  Condensation تشكل الغيوم والندى، وينتهي إلى الهطل المطري  précipitation  والثلج والبرد، وهي تحدد مدى رطوبة التربة والجو، وصلاحية منطقة بعينها لأنواع الزراعات والنشاط الإنساني، وتطور الغلاف الحي النباتي والحيواني، وتراوح كميات الهطل من أقل من 100 مم في المناطق الصحراوية إلى أكثر من 5000 مم في المناطق شديدة الهطل، ولا يخفى أن لكل نوع نباتي احتياجاته المناسبة لاستمرار حياته وإنتاجه، وأن شح المطر لا يقل ضرراً عن زيادة الهطل، وتشكل السيول والفيضانات الجارفة التي سُجلت أضرارها بدقة متناهية في العقد الماضي.

الأرصاد والمناخ الزراعي:

يُعد علما الأرصاد والمناخ التطبيقيان من أهم العلوم، وخاصة بعد الانفجار السكاني الذي شهده القرن العشرون، إذ تزايد عدد سكان العالم أكثر من 600 %، وأصبح المناخ الحيوي   bioclimatologie يهتم بتقصي أثر المناخ والطقس في الحياة، وفي أوجه النشاط الإنساني كافة، وخاصة تغيرات الحرارة، وتقلبات الطقس، وعلاقتها بانتشار الأمراض والأوبئة، والآفات الزراعية والبيطرية، حتى صحة الإنسان والعلاج الطبيعي. ويبقى تحديد المفكرة الزراعية calendrier agricole، وتوزيع العمال والنشاطات الزراعية بحسب المواسم وفصول السنة للاستفادة ما أمكن من الظروف المناسبة وتحاشي الأحوال الجوية الطارئة والمؤثرة في الزراعة والإنتاج الزراعي الشغل الشاغل للمهندسين الزراعيين، هذا وتؤثر تقلبات الطقس في سائر العمليات الحيوية، ونشاط الإنسان، وتطور الأحياء ونموها، كما تحدد المناطق المناخية مجالات انتشار الأحياء سواء على اليابسة أم في مياه المحيطات.

تشير الدراسات المناخية إلى بعض التقديرات التي تعود للحضارات القديمة حيث كان الطقس  جيداً نسبياً خلال الفترة الممتدة بين 1000 و1250، واستمر متقلباً حتى القرن الخامس عشر، وصار مستقراً نسبياً ومائلاً للبرودة بين بداية القرن السابع عشر وأواسط القرن التاسع عشر، وسُجل ارتفاع ملحوظ للحرارة وبداية ذوبان الجليديات حتى عام 1950م، تلاه موجات جفاف عالمية في عدة دول إفريقية جنوب الصحراء أشدها زحف التصحر لأكثر من 150 كم.

وتتصف الفترة السابقة بقصور السجلات الموثقة عن أحوال الطقس رغم تسجيل ارتفاع في درجات الحرارة بين عامي 1930 و1950م، أي قبل انتشار الصناعة في معظم دول العالم الثالث؛ لذلك يعزى هذا الارتفاع إلى أسباب طبيعية خارجة عن إرادة الإنسان وتأثيره حتى قبل عصر الصناعة.

محطات الرصد الزراعي      stations agrométéorologiques:

أُنشئت محطات الرصد الجوي المختلفة على نطاق واسع، ويحتل الرصد الزراعي مكانة مهمة ضمن نشاطاتها، إذ تعمل على تسجيل عناصر الطقس وتحليلها لخدمة الخطط الزراعية، ولضمان الإنتاج، والحد من الآثار الضارة لتقلباته، كما توجد محطات رصد آلية تُستخدم في المناطق النائية والجزر والجبال والمناطق القطبية، حيث ترسل المحطات بياناتها بوسائل إلكترونية حديثة. وتهتم المنظمة العالمية للأرصاد World Meteorological  Organisation (WMO) -  التي أنشئت منذ أواسط القرن الماضي في جنيڤ - بمتابعة أحوال الطقس وتغيراته في العالم وتسجيلها، ويتبعها برامج المراقبة العالمية للطقس، وبرنامج البيئة والغلاف الحيوي، وبرنامج الهدرولوجيا وموارد المياه، والنظام العالمي لرصد المناخ، والنظام العالمي لرصد المحيطات، وكذلك الأرصاد الزراعية وعلاقتها باستقرار الغذاء وإنتاجه ونموه.

 تسجيل عناصر الطقس وتحليلها:

رغم التسجيل الدقيق بتفاوت عناصر الطقس في محطات الأرصاد منذ أكثر من قرن، واستخدامها في رسم خرائط الطقس والدراسات المناخية المقارنة، فإن مفهوم الطقس يعتمد أساساً على حالة الجو خلال مدة زمنية معينة، وتبقى الحوادث المناخية المتطرفة والطارئة الشغل الشاغل للمزارعين والمهندسين للحد ما أمكن من آثارها الضارة والمدمرة.

يسعى الباحثون جاهدين لمعالجة المعطيات، ومقارنتها وتمثيلها بيانياً، ورسم خرائط سطحية أو علوية، فصلية أو سنوية، وصولاً إلى توقعات منتظرة لفصول أو سنوات جافة أو مواسم خيرة. ومنها على سبيل المثال: متابعة حركة الرياح العالمية والمحلية ورصد المحيطات، وتتبع مسارات الأعاصير ومصيرها وآثارها المحتملة على السواحل واليابسة، ومراقبة العواصف على سطح الأرض، وهناك الرصد الخاص بالطيران والملاحة البحرية والعمليات الحربية، والرصد في الأعالي وفي المناطق النائية الجبلية والقطبية.

المناخ المحلي

الشكل (1)

الشكل (2)

الشكل (3 - أ)

الشكل (3 - ب)

الشكل (4)

تخضع معظم عناصر الطقس إلى تغيرات متباينة ضمن النظم البيئية في الغابات والمراعي الطبيعية، وفي الحقول والبساتين المزروعة، نتيجة تحور أو تناقص أو تزايد في بعض قيم الطقس ومكوناته، ويمثل هذا الواقع المناخ المحلي  microclimat الذي يفرضه وجود الكائنات النباتية والحيوانية فيسجل تزايد تركيز الأكسجين في جو الغابة والبستان نتيجة التمثيل الضوئي، وتزايد تركيز غاز ثنائي أكسيد الكربون ليلاً نتيجة تنفس الأحياء، وغالباً ما تختلف عناصر المناخات المحلية بعضها عن بعض.

يختلف التغير الملحوظ في الأشعة عبر طبقات الغابة بحسب نوع الأشجار وكثافتها، ويصل إلى حد منع نمو أي أعشاب تحت الغابات الكثيفة وتثبيطه بما فيها بادرات النوع نفسه التي تنبت وتنمو بعد سقوط بعض الأشجار وموتها، ما يفسح المجال لها بالنمو وتجديد الغابة خاصة بعد القطع التجديدي الذي يتبع في معظم الغابات، أو بعد الحرائق لإنتاج الخشب، كما تشكل الحقول والمزارع والمداجن والزراعات المحمية مناخات محلية تعطي إنتاجاً وافراً.

المناخ التطبيقي  climatologie appliquée:

يهتم المناخ الزراعي بحاجة المحاصيل، والأنواع الحيوانية، ومتطلباتها البيئية، وخاصة متوسطات عناصر الطقس، وقيمها المتطرفة، والحوادث المناخية الطارئة، ويمكن دراسة المناخ عن طريق المعادلات المناخية والتمثيل البياني، كما يبحث المناخ الحيوي في توزع الأنواع البرية والمزروعة وإنتاجها والعوامل المساعدة على نموها وسلامة الحيوان والإنسان ومردود عمله.

الأرصاد الزراعية  agrométéorlogie :

يمكن دراسة الطقس بالطريقة التحليلية الساكنة لتحديد القيم البيئية، والطريقة التركيبية التي تدل على تتابع حالات الطقس وتعديلها للحد من أثرها الضار في انتشار الزراعة وتربية الحيوان. وتستخدم أجهزة خاصة لرصد درجات الحرارة (الشكل 1) وكمية المطر ونسب الرطوبة (الشكل 2)، وقياس سرعة الرياح واتجاهها (الشكل 3 - أ و3- ب)، والضغط الجوي، إضافة إلى متابعة تأين الهواء ونسب الأوزون خاصة بعد اكتشاف ثقب الأوزون الناجم عن التلوث، وكذلك الإشعاع، والحقل المغنطيسي والكهربائي، وغيرها من العناصر الأخرى.   

التنبؤ الجوي

تذاع النشرات الجوية وتدل على أحوال الطقس دورياً بوساطة وسائل الإعلام المختلفة لخدمة الزراعة والمواصلات والسياحة والنقل، وغيرها من النشاطات البشرية. وقد اعتمدت طرائق التنبؤ الإجمالي وتوقع حالة الطقس المعتادة والمعروفة منذ عقود، وتطور التنبؤ الرقمي بحسب قوانين الحركة وتغير حالة المادة، واستمرت الجهود والتجارب العالمية وصولاً إلى التنبؤ طويل الأجل مدة 3-5 أيام الذي يذاع بالنشرات الجوية العادية، وتذاع نشرات الطقس كل 3 ساعات في المرافئ والمطارات على الهاتف بحسب الطلب، وكل 6 ساعات أو 12 أو 24 ساعة للعموم ، أما النشرات الزراعية فتكون عشرية عادة أو فصلية.

يستخدم سلم بوفورت لرصد سرعة الرياح واتجاهها الذي يقسمها إلى 12 شدة بدءاً من الهواء الساكن حتى الأعاصير المدمرة، وتسجل نتائج كل شدة الآثار الظاهرية على الأرض.

ويقاس التغييم بالأكتا، ويدل على نسبة تغطية الغيوم للقبة السماوية، كما يمكن الرصد العلوي، وتوقع قيم الطقس على خرائط تمثل الحرارة والهطل والضغط الجوي والرياح ومدى الرؤية.

الظواهر الجوية المؤثرة في الزراعة:

 يتحكم العديد من الظواهر الجوية إلى حد بعيد بالعمليات الزراعية والنشاطات الحيوية كافة، بحيث تتأرجح معدلات الغلة وتستقر حسب تغير الطقس، ومنها:

- الصقيع: يبقى العامل الأخطر في الجبال والمناطق الشمالية والقارية، وكذلك أطراف الصحارى، ويساعد على تشكله: سماء صافية، وريح باردة هادئة، وجفاف نسبي، والانقلاب الحراري. ومع ذلك أثبتت التجارب نجاح مكافحته إلى حد بعيد، ورفع حرارة الجو عدة درجات سواء بالتدفئة أم بتحريك الهواء أم بالرذاذ، وتعد الزراعات المحمية خير مثال لتخفيف أضراره.

- الثلج: الثلج خميرة الأرض ولحاف الزرع - مثل عربي ريفي جبلي - يحمي التربة والنبات رغم انخفاض الحرارة دون الصفر، وتتناقص الأنواع النباتية فوق خط الغابات في أعالي الجبال، وتغيب تماماً في مناطق الثلوج الدائمة، كذلك تسبب العواصف الثلجية كوارث مدمرة.

يمكن قياس الثلج ومعادله المائي بحسب نوع الهطل الثلجي: حبيبي، جليدي، إبري، ندف الثلج، حبيبات بَرَد بأقطار مختلفة. ويُعد أن كل10سم ثلج =1 سم مطر، وكل1 كغ ثلج =1 مم مطر/م2، وأنّ معامل الثلج = كمية الثلج السنوية/كمية الهطل المطري السنوي.

- العواصف والأعاصير: تقوم شبكات وطنية وإقليمية وعالمية بتتبع نشوء العواصف ومساراتها ومصيرها فوق اليابسة، وخاصة الأعاصير التي تنشأ فوق البحار المدارية في مواسم بعينها، حيث يتم رصدها وتقدير سرعاتها واتجاهاتها، ويُسمى بعضها بأسماء مؤنثة، وإذاعة الإنذار المبكر حول اتجاهاتها والأضرار التي قد تسببها، وتستدعي إجلاء السكان قبل وصولها.

- الجفاف: يأتي الجفاف في مقدمة الظواهر المدمرة التي قد تؤدي إلى التصحر والقحولة، وزحف الرمال، وتبذل جهود جبارة للحد منه في المناطق المدارية وحول الصحارى الشاسعة، وقد سُجل في محطة أرصاد دمشق خلال القرن الماضي أكثر من 40 سنة جافة كانت كمية المطر السنوية خلالها تقل عن المتوسط العام (212 مم)، وكانت في العشرينيات، والثلاثينيات، والستينيات، والثمانينيات، وفي نهاية القرن، وكانت أشد السنوات جفافاً هي: 1933، و1960، و1973، و1979، و1985، و1999، و2008، و2009.

- التلوث: يعد تلوث الهواء من أخطر نتائج الحضارة والعصر الصناعي، وقد ينجم التغير في تركيب الهواء الجوي عن ثورة البراكين وقذف الغازات بكميات هائلة، كما حدث في إيسلندا صيف 2010م وأدى إلى توقف الطيران في معظم أوربا عدة أشهر، كما تساهم العواصف الغبارية والرملية في تعكير صفاء الجو، حيث تحمل الرياح الرمال والغبار مسافات بعيدة، وتسبب مشاكل بيئية وصحية، ويزداد التلوث بغاز الكربون نتيجة حرق الوقود الأحفوري، وحرائق الغابات، والتدفئة، والغازات الأخرى التي تطلقها المعامل، والمدن، وحرق النفايات. وتراقب أشكال التلوث كافة، ومصادرها، وتحديد النسب المسموح بها من الملوثات للحد من هذه الظاهرة، وتخفيف شدة التلوث وآثاره على الطقس والمناخ.

- الطقس وصحة الإنسان: لا بد من متابعة تأثير عناصر الطقس في صحة الإنسان ونشاطاته، ومعرفة مدى انتشار أمراض الحساسية والربو والرشوحات، والشحوب نتيجة قلة التعرض للشمس، والسرطانات المختلفة، واختيار المصحات، ومراكز الترفيه، والاصطياف في الأماكن ذات الطقس المعتدل والهواء العليل والمناظر الخلابة التي توحي بالهدوء والشاعرية والسكينة خلال فترات  النقاهة، وصولاً إلى الشفاء من الأمراض المختلفة.

الميزان المائي  :bilan hydrique  يبقى الماء أساس الحياة، ويمكن حساب الميزان المائي، وتحديد مصير مياه الري سواء عن طرق التبخر أم التسرب، وعودة الماء بالخاصية الشعرية نحو سطح التربة، ومن ثم تحديد الماء المتاح الذي يمكن للنبات الاستفادة منه مباشرة

الرصد الفينولوجي  contrôle phénologique:  ويجري في محطات الأرصاد والحقول المجاورة، وذلك بتسجيل دورة حياة المحاصيل المهمة وملاحظتها، وتحديد أطوار نموها، وعلاقة حياتها بعناصر الطقس وصولاً إلى مرحلتي النضج والحصاد.

الاستمطار: هو عملية فيزيائية تتلخص بزرع الغيوم الممطرة بمواد دقيقة تشكل نويات التكاثف التي تسرع تشكل القطرات والهطل، وتستخدم لهذه الغاية طائرات تنثر يود الفضة أو غاز الفحم الثلجي (الشكل 4).

مراقبة الآفات: توضع برامج دقيقة لملاحظة ظهور الأمراض والحشرات الضارة والأوبئة، ومتابعة تطورها للحد من أضرارها، والتدخل في الوقت المناسب لمكافحتها لضمان أفضل النتائج بأقل التكاليف، وتسجيل درجات الحرارة ونسب الرطوبة الحقلية للإنذار المبكر حول انتشار بعض الآفات.

العوامل المحدّة: تنتشر الحياة أينما توفرت الشروط المناسبة لاستمرارها، وتؤدي شدة الإضاءة ومدتها دوراً أساسياً في انتشار النبات، وإتمام دورة حياته بحسب فصول السنة، وخطوط العرض والارتفاع. وتقسم النباتات إلى أليفة الضوء وأليفة الظل، وكذلك نباتات النهار القصير، ونباتات النهار الطويل، وتساهم الأرصاد الزراعية في دراسة أثر الضوء والحرارة والرطوبة في النبات

الاستقرار والاضطراب الجويان: تحدث هاتان الظاهرتان بالتناوب عادة، وذلك بحسب تغير قيم الضغط التدريجي أو المفاجئ فوق مناطق مناخية كبرى. ويمكن تقسيم العالم بحسب مناطق الاستقرار والاضطراب كالآتي:

  - مرتفع جوي قطبي وهدوء شبه تام يليه تيار قطبي غربي المنشأ يستمر على ارتفاع  6كم.

  - منخفض جوي تحت قطبي مع سيادة هدوء وجو مطير وبارد باستمرار يتلقى ريحاً قطبية.

  - تيارات نفاثة jet-stream غربية المنشأ تهب عادة فوق مناطق معينة لمسافات بعيدة.

  - مرتفعات جوية مدارية واستقرار جوي شبه دائم فوق الصحارى مع رياح معتدلة وحارة.

  - منخفضات جوية استوائية دائمة ورياح استوائية حارة مع عواصف وهطولات مستمرة.

مراجع للاستزادة:

- عبد الله أبو زخم، رجاء الصالح، سمر ضميرية، المناخ والأرصاد الجوية، الجزء العملي، منشورات جامعة دمشق، 2010.

- B. Abouzakhem, Climatic Factors Controlling Characteristics of Precipitation in Syria - Hydrological Processes,Wiley Sciences, 2010.

 


التصنيف : الإنتاج النباتي
النوع : الإنتاج النباتي
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 554
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1055
الكل : 58492580
اليوم : 65094

أثر شتارك

الإشعاع بالتألق   الإشعاع بالتألق radiation by luminescence هو الضوء الذي يصدره جسم درجة حرارته عادية، وهو في صدوره عند درجة الحرارة العادية يختلف عن الضوء المرئي الذي يصدره جسم متوهج في درجة حرارة عالية مثل الخشب المحترق أو الحديد المصهور أو سلك المصباح المتوهج [ر. الإشعاع الحراري]. وقد لوحظ إشعاع التألق منذ القدم فجاء ذكره في القصص والأغاني وبهرت الإنسان ألوانه الزاهية التي تصدرها أرومات الأشجار الرطبة وبعض الحشرات مثل اليراعة والدودة المضيئة.
المزيد »