logo

logo

logo

logo

logo

التدرك الحيوي للكيميائيات في التربة

تدرك حيوي كيمياييات في تربه

Biodegradation of chemicals -

 التدرُّك الحيوي للكيميائيات في ا

التدرُّك الحيوي للكيميائيات في التربة

مصادر المادة العضوية في التربة وطبيعتها

تدرُّك المواد العضوية (الخام) أو تفككها

تدرك المكونات المختلفة للمواد العضوية

طرائق قياس معدل التدرك الحيوي للمادة العضوية

 

يقصد بالتدرك الحيوي biodegradation تفكك جميع المخلفات العضوية النباتية والحيوانية أو الاصطناعية التي تتفسخ حيوياً (بيولوجياً) عند وجودها في وسط محدد، أو إضافتها إلى التربة لتعطي مركبات معدنية ذوَّابة أو غازية ، ومعقَّدات غروية يطلق عليها اسم الدبال humus الذي يؤدي دوراً مهماً في تحسين الخواص الفيزيائية والكيميائية والحيوية للتربة.

مصادر المادة العضوية في التربة وطبيعتها

يعود أصل المادة العضوية في التربة إلى جميع المخلفات العضوية النباتية والحيوانية المختلفة لتعطي بتفكيكها وتحللها -بفعل الأحياء الدقيقة والنشاط الحيوي- عناصر معدنية ذائبة أو غازية، ويُطلق على هذه المرحلة عملية تمعدن المادة العضوية mineralization أو التفكيك الحيوي (التدرك الحيوي)، ولتعطي من جهة أخرى معقدات دبالية (الدبال)، ويطلق على هذه العملية التدبلhumification الذي يرافقه تكوين مركبات دبالية جديدة انطلاقاً من مواد أبسط تركيباً ناتجة من عملية التفكيك الحيوي.

إن الدبال الناتج بدءاً من مادة عضوية مضافة (طازجة) حديثاً هو أكثر ثباتاً ومقاومة لفعل الأحياء الدقيقة التحليلي، وعلى الرغم من ذلك يخضع بدوره لعملية تمعدن ثانوية تُوصف بأنها تدريجية وبطيئة مقارنةً بالتمعدن الأولي السريع، ولذلك فإن الدبال هو نتاج عمليتين حيويتين تحدثان في آن واحد، ومحصلة لهما، وهما تحليل المواد العضوية واصطناع مركبات دبالية جديدة. وفي الأفق السطحي للتربة يمكن بوجه عام تمييز خليط مكون من مركبات معدنية (طور معدني)، ومواد عضوية طازجة خضعت لتحولات جزئية، ومركبات دبالية حديثة التكوين neoformation، ولكن بنسب مختلفة لكل من الترب، وقد صنَّف دوشوفور Duchaufour المكونات الأساسية للمادة العضوية على النحو التالي:

أ- بقايا ومخلفات نباتية، مفككة جزئياً، تبدي بنية خلوية، وتركيبها ليفي متعضٍّ.

ب- مركبات انتقالية (وسطية) مقاومة للتحلل والتفكك الحيوي مثل الليغنين lignin (الخشبين).

ج- معقدات غروية colloidal complexes ناتجة من الاصطناع المكروبي microbial synthesis أو من أصل متبقٍّ من التحولات الحيوية الكيميائية للمادة العضوية الأصل (الخام)، وهذا ما يطلق عليه خاصية الطبيعة الغروية.

د- مركبات عضوية ذائبة hydrosolubles، سريعة التمعدن والتبلمر (التماثر polymerization).

تدرُّك المواد العضوية (الخام) أو تفككها

يمكن إيجاز تحولات المواد العضوية الخام أو تدركها في التربة وما يعقبها من تكوين المركبات الدبالية ذات الطبيعة الغروية في مرحلتين رئيسيتين:

أ- تمعدن سريع يرافقه تفكك المادة العضوية وتحولها إلى مركبات أبسط.

ب- تكوين الدبال أو التدبل، ويشمل مجمل عمليات الاصطناع والتركيب synthesis والبلمرة التي تقود في النهاية إلى تركيب جزيئات المكونات الدبالية ذات الطبيعة الغروية.

يعقب هاتين المرحلتين تمعدنٌ ثانوي بطيء للدبال المتكون من جهة، وإعادة اصطناع لبعض المكونات الدبالية وتركيبها بدءاً من ناتج عمليتي التمعدن الأولية السريعة والثانوية البطيئة من جهة أخرى.

تتميز مرحلة التدرك الحيوي للمواد العضوية النباتية الخام بأنها نتاج مجموعة عمليات حيوية أساساً بخلاف عملية تكوين الدبال التي تسود خلالها العمليات الكيميائية.

تدرك المكونات المختلفة للمواد العضوية

يحدث للمواد العضوية تغيرات مختلفة ناشئة من بكتريا هوائية يرافقها انتشار كميات كبيرة من الحرارة، وفيما يلي المراحل المختلفة لتدرك مكونات المادة العضوية:

أ- المواد الكربوهدراتية: تتمثل الكربوهدرات بالسلولوز والهيموسلولوز والبنتوزات pentoses واللغنين ومركبات أخرى مقاومة للتدرك الحيوي ناتجة من فضلات الحيوانات. وتتوقف سرعة تحلل المواد الكربوهدراتية وطبيعة المواد الناتجة من التحلل على توفر التهوية الجيدة والحرارة المناسبة والرطوبة الكافية، وعند توفر هذه الشروط يكون التحلل فورياً ما لم تكن هناك ظروف قلوية ناتجة من تحلل البول إلى كربونات أمونيوم ، ثم إلى بيكربونات أمونيوم باتحادها مع لتتأخر عملية التحلل بعض الوقت. ويبدأ التحلل (التدرك) بتحليل المركبات غير المعقدة، وتنطلق كميات كبيرة من الطاقة على شكل حرارة فترتفع درجة حرارة كومة المادة العضوية (السماد) ارتفاعاً كبيراً، وتؤدي عملية التحلل إلى انطلاق غاز ثنائي أكسيد الكربون بسرعة بكميات كبيرة في بادئ الأمر، ويرافق انطلاقَ غاز انخفاضٌ في كتلة المادة الجافة للمواد العضوية المختلفة، ويقل انطلاق غاز وانخفاض كتلة المادة الجافة بعد نفاد المواد الكربوهدراتية السريعة التحلل.

تزداد كمية الآزوت العضوي نتيجة عملية الاصطناع الجرثومي عند إعادة تعضي الدبال وتكوينه، وتزداد نسبة المواد المعدنية وأيضاً اللغنين نتيجة نقصان الوزن الكلي للمادة العضوية. وفي الظروف اللاهوائية يكون التحلل بطيئاً جداً للمواد الكربوهدراتية إذا قورن بالتحلل تحت الظروف الهوائية، ويُعرف التحلل تحت الظروف اللاهوائية بالتخمر الحامض؛ لأنه ينتج جملة من الأحماض العضوية، مثل حمض الخل والبيوتيريك بوصفهما نواتج وسطية، وميتان وثنائي أكسيد الكربون وهدروجين بوصفها نواتج نهائية .

وقد تتحد هذه الأحماض مع الأمونيا فتنخفض درجة حموضة pH (باهاء) الكتلة العضوية، ويقلل ذلك من فقد الأمونيا، وتتحول - في أثناء عملية التحلل - الأجزاء الليفية إلى كتلة من المواد الدبالية بنية اللون أو سوداء، ويتم هذا التحول بفقد الهدروجين والكربون على شكل مركبات غازية، وتنكمش على أثره كتلة المادة العضوية.

ب- المواد الآزوتية: تتعرض المواد الآزوتية في المواد العضوية لفعل الكائنات الحية الدقيقة فتتحول إلى أحماض أمينية وأمينات amines، وتدعى هذه المرحلة بعملية تكوين الأحماض الأمينية، وتتم بتحول البروتينات إلى بروتيوزات ثم إلى ببتونات وأحماض أمينية يرافقها انطلاق غاز ثنائي أكسيد الكربون وطاقة ومواد أخرى، وفي مرحلة تالية تتحول الأحماض الأمينية تحت تأثير الكائنات الحية الدقيقة من النوع المختلط التغذية heterotrophic إلى أمونيا وأمونيوم بعمليات إنزيمية وتسمى العملية تكوين الأمونيوم amonification وفق التفاعلين (1 و2):

تتأثر كربونات الأمونيوم الناتجة بالنشاط البكتري الهوائي وتتحول إلى أمونيا تنتشر رائحتها، كما تنطلق كميات كبيرة من غاز وفق التفاعلين (3 و4):

وإذا كانت الظروف مناسبة (مهواة) تتم عملية النترجة nitrification، ويتكون النتريت والنترات بوساطة الأكسدة الإنزيمية التي تقوم بها أنواع خاصة من البكتريا. وتجري عملية تكوين النترات على مرحلتين: يتكون النتريت في الأولى منهما، وتجري هذه المرحلة بوساطة بكتريا من مجموعة nitrobacter ، وفي الثانية يتحول النتريت إلى نترات بوساطة بكتريا من مجموعة nitrosomonas . ويتبين في التفاعلين (5 و6) مراحل تحول الأمونيوم إلى نترات:

يلاحظ أن التفاعل الأول يحرر كميات كبيرة نسبياً من شوارد الهدروجين الذي يعمل على خفض حموضة الكتلة العضوية، كما أن عدم مقدرة النترات على الادمصاص على الغرويات وسرعة ذوبان أملاحها يجعل احتمال فقدها مع السوائل الراشحة كبيراً، ويؤدي غياب الأكسجين عن كتلة المادة العضوية إلى تحول الظروف إلى لاهوائية فتبطؤ التفاعلات وتنخفض درجة الحرارة، وتظهر أنواع جديدة من الكائنات الحية اللاهوائية، ويؤدي عمل الكائنات الحية اللاهوائية تحت هذه الظروف إلى استمرار انطلاق غاز بكميات كبيرة نسبياً، ويفقد قسم من النترات بعملية عكس النترجة denitrification على شكل آزوت غازي ().

ج- تحرير المواد المعدنية: تتحرر العناصر المعدنية الداخلة في تركيب المادة العضوية في أثناء تدرك المواد الكربوهدراتية والمواد الآزوتية وتصبح بأشكال قابلة لإفادة النبات، فالفسفور والبوتاس الناتجان من تحلل المواد العضوية المهيأة جيداً يكونان بأشكال كيميائية تفوق في جودتها ما هو في الأسمدة الكيميائية.

طرائق قياس معدل التدرك الحيوي للمادة العضوية

ثمة طرائق عديدة لقياس معدل تدرك المادة العضوية الخام بمكوناتها الكربوهدراتية والآزوتية إذا ما أضيفت إلى التربة:

أ- قياس ثنائي أكسيد الكربون المنطلق أو الأكسجين المستهلك.

ب- تعيين الفقد في كمية المادة العضوية أو هدم مركباتها بالطرائق الكيميائية المناسبة.

ج- تتبع اختفاء مادة معينة أو تلاشيها، مثل السلولوز أو الهيموسلولوز أو الليغنين بعد إضافتها إلى التربة.

وتجري طرائق القياس في المختبر تحت ظروف متحكم بها من الرطوبة والحرارة، أو في الظروف الطبيعية للحقل، ولكي يُعرف إذا ما كان ثنائي أكسيد الكربون المنطلق والمتحرر من عملية أكسدة المواد العضوية (تمعدن أولي سريع)، يعود في أصله إلى تدرك المادة العضوية المضافة إلى التربة أو إلى تفكك الدبال الموجود في التربة (تمعدن ثانوي بطيء)، تُستخدم المواد العضوية الموسومة بالكربون (المشع) لكي يتمكن المتتبع من التفريق بين الناتج من كلا المصدرين السابقين في آن واحد.

محمد سعيد الشاطر

مراجع للاستزادة:

- فلاح أبو نقطة و محمد سعيد الشاطر، خصوبة التربة والتسميد، جامعة دمشق، .2011

- محمد سعيد الشاطر وأكرم البلخي، خصوبة التربة وتغذية النبات، جامعة دمشق،2014 .

- E. D. Bidoia, R. N. Montagnolli, Biodegradation, Pollutants and Bioremediation Principles, CRC Press; 2021.

- L. Jouanin, C. Lapierre, Lignins: Biosynthesis, Biodegradation and Bioengineering, Academic Press; 2012.

- A. Rakshit, M. Parihar et al., Bioremediation Science: From Theory to Practice, CRC Press; 2021.

 


التصنيف : علوم البيئة والتنوع الحيوي
النوع : علوم البيئة والتنوع الحيوي
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1047
الكل : 58491520
اليوم : 64034

البستنة في الدفيئات

التنوير (عصر ـ)   التنوير enlightment اتجاه ثقافي ساد أوربة الغربية في القرن الثامن عشر بتأثير طبقة من المثقفين والمفكرين، عُرفوا باسم الفلاسفة philosophers، وكانوا صحفيين وكتاباً ونقاداً ورواد صالونات أدبية أمثال فولتير، ديدرو، كوندورسيه، هولباخ، بيكاريه، ولكن هؤلاء المفكرين أخذوا عن الفلاسفة العقليين ديكارت واسبينوزا وليبتنز ولوك الذين طبعوا القرنين السابع عشر والثامن عشر بطابعهم الثقافي حتى أُطلق على هذه الفترة عصر العقل age of reason، وكان التنوير نتاجه.
المزيد »