logo

logo

logo

logo

logo

التراكم الحيوي

تراكم حيوي

Bioaccumulation -

 التراكم الحيوي

التراكم الحيوي

الملوثات العضوية الدائمة

نماذج من التراكم الحيوي

آثار التراكم الحيوي في البيئة والكائنات الحية

العوامل المؤثرة في التراكم الحيوي

إزالة التراكم الحيوي للملوثات

 

يشير مصطلح التراكم الحيوي bioaccumulation إلى تراكم بعض المواد في جسم الكائن الحي، منها: مبيدات الحشرات pesticides مثل ثنائي كلور ثنائي فينيل ثلاثي كلور إيتان أو Dichlorodiphenyltrichloroethane (DDT)، والملوثات العضوية مثل متيل الزئبق وغيرها، والمعادن الثقيلة. وتشمل عملية التراكم الحيوي المواد التي تدخل إلى المتعضية organism عن طريق التنفس أو الغذاء أو العدوى الجلدية بحدوث تماس مع مادة ما أو بطرائق أخرى، حيث يحوي جسم المتعضية تركيزاً عالياً من المادة يزيد على تركيزها في الوسط المحيط بالمتعضية؛ سواء كانت من وحيدات الخلية أم من متعدداتها.

يعتمد مستوى التركيز الذي تصل إليه مادة ما -نتيجة التراكم الحيوي- على نسبة امتصاص هذه المواد الغذائية المستهلكة وطريقتها، كما يعتمد على السرعة التي تتحلل فيها من قبل الكائن الحي وعلى تحولاتها بعمليات الاستقلاب metabolism؛ وعلى محتوى المتعضية من الشحوم ومدى توفر تلك المركبات في الماء، إضافة إلى الظروف البيئية المحيطة وغيرها من العوامل الفيزيائية والحيوية. عموماً كلما كانت المادة الملوثة كارهة للماء hydrophobic كانت أكثر ميلاً إلى التراكم الحيوي في المتعضية؛ كما في حالة الأسماك (الشكل1). يختلف مصطلح التركيز الحيوي bioconcentration عن التراكم الحيوي كونه يهتم بدخول الماء فقط إلى المتعضية؛ في حين يشمل التراكم الحيوي كل ما يدخل إليها من الماء أو الغذاء أو الهواء أو غير ذلك.

الشكل (1) التراكم الحيوي في الأسماك.

الملوثات العضوية الدائمة

تشمل الملوثات العضوية الدائمة Persistent Organic Pollutants (POPs) مركبات عضوية ثابتة استُعمل بعضها -في الماضي- مبيدات، واستُعمل بعضها الآخر في العمليات الصناعية لإنتاج مجموعة من السلع مثل المذيبات العضوية organic solvents؛ مثل بولي فينيل كلوريد polyvinyl chloride والمستحضرات الصيدلانية. وهناك عدد من المصادر الطبيعية للملوثات العضوية الثابتة مثل النشاط البركاني والحرائق النباتية التي ينتج أغلبها من النشاط البشري على نحو متعمد، ولاسيما في المجال الصناعي أو بوصفها منتجاً ثانوياً.

هناك قلق عام فيما يخص الملوثات العضوية الدائمة نظراً للعديد من الأدلة التي تُظهر الآثار السلبية لتلك الملوثات في صحة الإنسان والبيئة، وقد تم تحديد عدد من هذه المركبات مثل الهرمونات hormones التي تعد مواد ذات وظيفة طبيعية للأنظمة الحية والغدد الصم في البشر والكائنات البرية؛ كما تم ربط أمراض القلب والشرايين والسرطان والسمنة والسكري بالملوثات العضوية الدائمة؛ إضافة إلى الربط بين تعرض النساء الحوامل لهذه الملوثات وظهور التشوهات والعيوب الخلقية في أطفالهن، وهناك العديد من المخاطر والآثار المترتبة على وجود هذه المواد في البيئة، مما يمنحها المقدرة على البقاء في النظم البيئية لعقود طويلة؛ والتسبب بمشاكل صحية خطيرة عند البشر والحيوانات البرية.

أبدى المجتمع الدولي في مؤتمر استوكهولم Stockholm convention لعام 2001 اهتماماً كبيراً بتأثير الملوثات العضوية الدائمة في صحة الإنسان والبيئة بهدف وضع الاستراتيجيات الرامية للحدّ من الملوثات التي تقاوم التفكك في البيئة من خلال العمليات الكيميائية والبيولوجية وعمليات التحلل الضوئي photolytic processes. إذ يسبب ذلك استمرارها في البيئة لفترات طويلة والانتقال عبر التراكم الحيوي في النسج البشرية والحيوانية والمكروبية لتتراكم في السلاسل الغذائية وتؤثر في صحة الإنسان والبيئة.

تتميز الملوثات العضوية الدائمة بانخفاض قابليتها للذوبان في الماء وانحلالها في الشحوم؛ ويعدّ بعضها مركبات طيارة لها كتلة جزيئية كبيرة نسبياً، وتتمتع باستقرار stability يسمح لها بالتراكم الحيوي في النسج الدهنية للكائنات الحية وباستقلاب بطيء، ويعطي ارتباطها بالهالوجينات والكلورينات والبرومينات والفلورينات والمركبات العطرية (الحلقية) مقاومةً للانحلال في الماء. وكلما زاد عدد ذرات الهالوجين مثل الكلوريد بالاستبدال؛ زادت مقاومة المركب للتحلل البيولوجي والضوئي، وهي الصفات المميزة للثبات والاستقرار البيئي. من جهة أخرى يمكن أن تتحول بعض الملوثات العضوية الدائمة إلى غاز في بعض درجات الحرارة، ثم تتطاير من التربة والمسطحات المائية لتصل الى الغلاف الجوي مُقاوِمةً التفكك مع إمكان انتقالها إلى مسافات بعيدة عن مكان استعمالها؛ أو إلى المكان الذي انبثقت منه لتصل إلى أمكنة لم تستعمل فيها من قبل مثل القارة القطبية الجنوبية والدائرة القطبية، حيث تبقى في هذه البيئات فترات طويلة بسبب مقاومتها للتحلل. ويلاحظ تراكم الملوثات العضوية الدائمة حيوياً عن طريق السلاسل الغذائية؛ وزيادة تركيزها في بعض النسج الحية في المتعضية إلى مستويات ذات تأثيرات سمية في الكائنات الحية والبيئة.

نماذج من التراكم الحيوي:

هناك مثال عن التسمم في مكان العمل هو التسمم بالرصاص lead poisoning إذ يتعرض العمال للتلوث بالرصاص ويصطحبونه معهم إلى منازلهم وذلك عندما يعملون في إصلاح السيارات والتعدين وتركيب الأنابيب وتصنيع البطاريات والطلاء والبناء وبعض المجالات الأخرى. فالتسمم بالرصاص هو حالة طبية ناجمة عن التعرض لمستويات مختلفة من الرصاص يرافقها أعراض صحية تتفاوت في شدتها بحسب درجة التعرض، فاستهلاك كمية كبيرة من الرصاص خلال فترة قصيرة يسبب التسمم الحاد acute وهو نادر الحدوث، في حين يسبب تراكم كميات قليلة منه في الجسم خلال فترة طويلة من الزمن التسمم المزمن chronic poisoning، وهو الأكثر انتشاراً.

ومثال آخر عن التسمم في أماكن العمل هو تعرض صانعي القبعات لأبخرة الزئبق الناتجة من عملية تلبيد الصوف باستخدام نترات الزئبق أو متيل الزئبق؛ فقد يعاني العمال من فرط التهيج بسبب تراكم مركبات الزئبق في الدماغ. ويعد التعرض لفترة طويلة لأبخرة الزئبق من الحالات الخطيرة لأن ذلك يؤدي إلى الهذيان وتغيرات في الشخصية وفقدان الذاكرة. وقد يكون التعرض للزئبق ناتجاً من أبخرة المصانع ومخلفاتها وانتقال هذه المركبات إلى الأحياء عن طريق دورة الزئبق في الطبيعة (الشكل 2)

الشكل (2) دورة الزئبق في الطبيعة.

أما مبيد الحشرات المعروف عالمياً باسم DDT (الشكل 3- أ) -الذي تم تصنيعه عام 1874 واستعمل بكثرة في منتصف القرن العشرين للقضاء على مسببات الملاريا في أغلب دول العالم؛ وبكميات وصلت إلى ما يقارب 600000 طن في الولايات المتحدة الأمريكية حتى عام 1972- فقد منع استعماله -إلا في بعض المناطق الزراعية- نظراً لكونه مسرطناً للبشر ويخرِّب الكبد ويؤثر في الجهازين العصبي والتناسلي. ونظراً لكونه من المركبات العضوية الكلورية صعبة التفكك فقد وصل إلى السلاسل الغذائية في أغلب النظم البيئية المائية بما في ذلك المناطق القطبية، ويسبِّب تراكمه في بعض الطيور البحرية تشوه قشرة بيوضها ويجعلها قابلة للكسر مما يهدد بانقراض النوع (الشكل 3- ب).

الشكل (3)

يتمثل النموذج الثاني من التلوث بنظير السترونسيوم المشع *Sr 90؛ الذي يتصف بنصف عمر half-life طويل نسبياً ( 28.8 سنة)، ويمثل أحد تداعيات انفجار القنابل الذرية. إن السترونسيوم عنصر شديد الشبه بعنصر الكلسيوم، فكلاهما من العناصر القلوية الترابية، يمكن لهذا العنصر المشع أن يتراكم حيوياً في السلسلة الغذائية وتتناوله الثدييات عن طريق الغذاء، فيتثبت على العظام مثل الكلسيوم تماماً ويسبب تشعيع نقي العظام؛ ممّا يسمح باستمرار نشاطه الإشعاعي لما يزيد على 100 سنة نظراً لطول نصف عمره.

يمكن أن يتحقق التراكم الحيوي لبعض السموم من قبل بعض الطحالب البحرية المجهرية مثل دوَّاميات السياط Dinoflagellates، وبعض العوالق النباتية التي تسبب ظاهرة المد الأحمر red tides في المياه الساحلية (الشكل 4)، كما حدث في إمارة رأس الخيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة يوم 31/12/2013؛ مؤدياً إلى أضرار كبيرة. ويرى المهتمون بالحياة البحرية أن هذه الظاهرة- المعروفة في عدد من سواحل العالم- تهدد الحياة البحرية وصحة الإنسان والحيوان (الشكل 5)، كما تهدد النظم البيئية ومصائد الأسماك. ويمكن للأسماك المرجانية أن تسبب التسمم المعروف باسم سيغواتيرا cyguatera الناجم عن تجمع مادة ciguatoxinالسامة من الطحالب المرجانية.

الشكل (4) المد الأحمر.

الشكل (5) الآثار السامة للمد الأحمر على الأسماك.

تبدي بعض الأنواع الحيوانية تراكماً حيوياً تستخدمه طريقة للدفاع عن نفسها ضد الكائنات المفترسة؛ مثل دودة التبغ التي تُراكم النيكوتين حيوياً إلى مستوى سمّي -نتيجة التغذي على أوراق نبات التبغ- بحيث تردع أي مفترس محتمل. وهناك نموذج آخر للتراكم الحيوي يتعلق بمركبات غير سامة عادة؛ لكنها قادرة على أن تتراكم حيوياً في بعض الأعضاء الحيوانية أو النباتية بحيث تصبح سامة، والمثال التقليدي (الكلاسيكي) في هذا المجال هو الفيتامين آ Vitamin A الذي يتراكم في كبد الحيوانات اللاحمة مثل الدب القطبي الذي يتغذى على حيوانات لاحمة أيضاً مثل الفقمة seals، مما يؤدي إلى زيادة تركيز هذا الفيتامين في أكباد تلك الحيوانات (الشكل 6)، ويَعرف سكان المناطق القطبية أن أكل أكباد تلك الحيوانات يؤدي إلى الموت، وقد عانى مستكشفو القطب الشمالي فرط الفيتامين آ hypervitaminosis A نتيجة أكل كبد دب أو كلب، وهذا ما حدث لبعثة السير دوغلاس ماوسون Sir Douglas Mawson حيث مات رفيقه في البعثة نتيجة تناوله كبد أحد كلابهم.

الشكل (6) التراكم الحيوي للفيتامين آ في الدب القطبي.

ويمكن الإشارة أخيراً إلى نموذج من التراكم الحيوي لبعض المعادن الثقيلة شغل الرأي العام في إيطاليا بسبب الزيادة غير الطبيعية للأمراض السرطانية بين سكان منطقة بانيولي Bagnoli الساحلية بالقرب من نابولي Napoli. وقد تبين أن زيادة المنشآت الصناعية ومكبّات النفايات والمطامر وحرق النباتات أدت إلى تلوث الماء والهواء والتربة وانتقال بعض المعادن الثقيلة كالرصاص والزنك وغيرها، حيث تراكمت حيوياً عبر السلاسل الغذائية وسببت تلك الحالات المرضية الخطرة.

آثار التراكم الحيوي في البيئة والكائنات الحية

يسبب التراكم الحيوي -على المدى الطويل- أضراراً واسعة النطاق على الكائنات الحية؛ وإنقاصاً لأعداد الحيوانات البرية؛ إذ يؤدي التراكم الحيوي للمعادن الثقيلة -ولاسيما الزئبق العضوي المرتبط حيوياً بالمِتيل (مِتيل الزئبق أو مِتيل الرصاص أو الكادميوم أو مركبات القصدير العضوية)- إلى أضرار كبيرة على البيئة والحياة البرية، ولعل التراكم الحيوي للمركبات العضوية الكلورية الثابتة هي الأكثر انتشاراً. وقد أجريت دراسات حديثة على شبكة غذائية بحرية في المنطقة القطبية قدمت معلومات مهمة جداً ومفصلة عن العوامل البيولوجية والكيميائية المؤثرة في التراكم الحيوي لبعض مركبات الكلور العضوية الدائمة Persistent Organo Chlorine (POC) التي تُعدّ الملوث الأكبر في الأوساط البحرية.

يتميز النظام البيئي القطبي بصفات فريدة -بما في ذلك طول السلاسل الغذائية وقلة التنوع الحيوي biodiversity والشبكة الغذائية food web المتشابهة- على امتداد المنطقة ومحدودية نقاط مصادر التلوث. تعود العوامل البيئية المؤثرة في تبدلات تراكيز المذيبات العضوية الثابتة Persistent Organic Solvents (POS) والتراكم الحيوي في الأحياء البحرية القطبية؛ والأهمية النسبية لكل عامل إلى محتوى الكائن الحي من الشحوم وحجم الكائن وعمره وجنسه وتكاثره والموئل البيئي والهجرة والتحولات البيولوجية والتبدلات الفصلية لشروط الحياة وغيرها، فقد بينت الدراسات أن جميع تلك العوامل تؤثر في تراكيز POS وتراكمها الحيوي في الأحياء المائية القطبية؛ ويبقى المستوى الغذائي هو العامل المسيطر والمؤثر في هذه التراكيز؛ غير أن حركية الطيور والثدييات البحرية تمكنها -من خلال التحولات الكيميائية- أن تؤثر معنوياً في تراكيز POS سهلة التعامل معها non calcitrants كما في حالة إيزومير سداسي كلورو سيكلوهكسان hexachlorocyclohexane. وقد توصل الباحثون إلى وضع نماذج رياضية لفهم آلية انتقال POS عبر الشبكات الغذائية البحرية في القطب الشمالي مع الأخذ في الحسبان جملة من المتغيرات البيولوحية؛ مثل محتوى الدهون ومعدل النظام الغذائي ومكوناته ومعدل النمو. ومع ذلك تبقى هذه النماذج غير كافية ولا تُعتمد إلا لبيئة موسمية للغاية كالمحيط المتجمد الشمالي.

العوامل المؤثرة في التراكم الحيوي

ينتج التراكم الحيوي – عموماً – من توازن ديناميكي بين مكونات الوسط المحيط بالكائنات الحية وبين عمليات امتصاص تلك المكونات وإفرازها وتخزينها وتفكيكها داخل الكائن الحي. ويرتبط مدى التراكم الحيوي بتركيز المركب الكيميائي في الوسط، وكمية المواد الكيميائية الداخلة مع الغذاء أو الماء أو الهواء، والزمن الذي يستغرقه الكائن الحي للحصول على المادة الكيميائية ومن ثم إفرازها أو تخزينها و/ أو تفكيكها. كما يتعلق الأمر بطبيعة المادة الكيميائية نفسها من حيث مقدرتها على الذوبان في الماء أو في الشحوم، وتأثير ذلك في امتصاص تلك المواد وتخزينها؛ إضافة إلى مقدرة الكائن الحي -بالقدر ذاته من الأهمية- على تفكيك تلك المادة أو التخلص منها وطرحها في الوسط الخارجي. وقد أظهرت دراسة عن التراكم الحيوي لبعض المبيدات العشبية مثل التربوترين terbutryn والمبيد الانتقائي تِربوتيلازين terbuthylazine من قِبل سمك الترويت المرقط rainbow trout في مياه ذات درجات حرارة متفاوتة (4 و10 و17 درجة سلزية) زيادة التراكم الحيوي للتِربوترين على نحو ملحوظ مع زيادة درجة حرارة الماء، في حين لم يتأثر التراكم الحيوي للتربوتيلازين بتغير درجة حرارة المياه. وفي دراسة لبعض بحيرات المياه العذبة في فنلندا -التي تراوح درجات حموضتها (pH) ما بين 4,8 و7,0- لوحظ زيادة تركيز التراكم الحيوي لبعض عناصر الندرة trace metals؛ مثل الرصاص Pb والكادميوم Cd في بعض النباتات المائية كالنيلوفر Nuphar luteum وبعض الحيوانات المائية مثل سمك الكراكي Esox lucius؛ وذلك بازدياد درجة الحموضة وتناقص سعة تحييد الحمض acid neutralizing capacity في الماء. وعموماً يتفاوت التراكم الحيوي بين الكائنات الحية على المستوى الفردي؛ وكذلك بين الأنواع ومع ما تحويه الأفراد من الشحوم وشدة أفعال الاستقلاب وغيرها، ويفوق التراكم الحيوي الملاحظ في أسماك السلمون المعمرة لدى مقارنتها بأسماك السلمون الفتية والفقيرة بالشحوم.

إزالة التراكم الحيوي للملوثات:

نظراً للتأثيرات السلبية للملوثات العضوية الدائمة في البيئة والكائنات الحية وضرورة وضع سياسات للحدّ منها أو إزالتها؛ تم تشكيل «الشبكة الدولية للقضاء على الملوثات العضوية الدائمة» the International POPs Elimination Network (IPEN)، وهي مكونة من منظمات غير حكومية سخرت نفسها لهدف هو القضاء على الملوثات العضوية الدائمة وفق توصيات مؤتمر استوكهولم المشترك لعام 2001 تعمل مع هذه الشبكة أكثر من 600 مصلحة عامة، حيث تبقى على اتصال فيما بينها لتبادل المعلومات والاطلاع على الأنشطة اللازمة للقضاء على الـ POPs، وتشدد هذه الشبكة على أن تكون المواد الكيميائية مصنعة ومستعملة بطريقة تسمح بالتخلص من آثارها الضارة وعدم السماح بتلويث البيئة والغذاء وتحرص على سلامة الأجيال القادمة، كما تنصح باستعمال النباتات للحد من ضرر الملوثات ومعالجة مشكلات التلوث بطرائق بيولوجية؛ وذلك باستعمال النباتات التي تخفف مشكلات البيئة دونما حاجة إلى حفر الترب الملوثة وإلقائها في مكان آخر. تعتمد المعالجة بالنباتات -للحدّ من تراكيز الملوثات في التربة والماء والهواء- على نباتات لديها المقدرة على امتصاص المعادن والمبيدات والمذيبات والمتفجرات والنفط الخام ومشتقاته وبعض الملوثات الأخرى من الأوساط التي تنتشر فيها؛ وكذلك على تفكيكها أو إزالتها بها.

ويمكن تطبيق المعالجة بالنباتات في أي مكان؛ فقد استعملت النباتات بنجاح لإعادة تأهيل مقالع وورشات ومناجم معدنية مهجورة وتخليصها جزئياً أو كلياً من الملوثات المعدنية والمبيدات والمذيبات والنفط ومشتقاته. كما استعملت نباتات الخردل mustard والقنب hemp وعرف الديك amaranth وغيرها عبر العالم نظراً لدورها في الحدّ من التلوث وقابليتها لتحمل التراكم الفائق hyperaccumulation في مواقع النفايات السامة. وقد أصبحت هذه التقانة -خلال السنوات العشرين الأخيرة- أكثر استعمالاً في المواقع الملوثة بالرصاص أو اليورانيوم أو الزرنيخ (الشكل 7). وعلى الرغم من ميزة المعالجة في موقع التلوث نفسه فإن هناك نقطة ضعف للعلاج بالنباتات تتمثل بالاستمرار بالمعالجة لسنوات؛ ولاسيما أن العملية مرتبطة بمقدرة النبات على النمو والتنامي growth and development في أوساط غير مثالية للنمو الطبيعي.

الشكل (7) علاج بعض الملوثات كالمعادن الثقيلة عن طريق النباتات.

عبد الجبار الضحاك

مراجع للاستزادة:

- M.S. El-Shahawi, A. Hamza , A.S. Bashammakhb, W.T Alsaggaf, An Overview on The Accumulation, Distribution, Transformations, Toxicity, and Analytical Methods for The Monitoring of Persistent Organic Pollutants. Talenta 2010 .

- M. Rose, A. Fernandes, Persistent Organic Pollutants and Toxic Metals in Foods,Woodhead Publishing, 2013.

- L. R. Solomon, K.R. Forget, J. M. Stemeroff, C. O’leary. Persistent Organic Pollutants, United Nations Environment Programme. Retrieved 2007.

-United States Environmental Protection Agency EPA, Persistent Organic Pollutants A Global Issue A Global Response, 2019.

- E.Y. Zeng, Persistent Organic Pollutants (POPs): Analytical Techniques, Environmental Fate and Biological Effects,Elsevier, 2015.

 


التصنيف : الوراثة والتقانات الحيوية
النوع : الوراثة والتقانات الحيوية
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1056
الكل : 58492300
اليوم : 64814

أثر باشن ـ باخ

تقع المدرسة الأحمدية في حي الجلوم الكبرى في زقاق بني الجلبي، "جادة عبد الله سلام" حالياً أمام باب جامع البهرمية الشرقي في حلب، منطقة عقارية (7) محضر (3064). أنشأها أحمد أفندي بن طه زادة الشهير بالجلبي سنة 1165هـ/1751م وفقاً للكتابات الموجودة فوق بابيها (الخارجي والداخلي) وفوق باب القبلية.

المزيد »