logo

logo

logo

logo

logo

التفاعلات الكيميائية المكروية

تفاعلات كيمياييه مكرويه

Chemical micro reactions -



التفاعلات الكيميائية المكروية

سامي كرم

المجالات التي تطبق فيها الكيمياء المكروية

التفاعلات الكيميائية المكروية المخبرية

التفاعلات الكيميائية المكروية في مجال التقانة

 

تُعنى الكيمياء المكروية microchemistry أو ما يُعرف بالكيمياء الصغْريّة microscale chemistry بدراسة المقادير أو الأشياء بالغة الصِّغر من رتبة المكرومتر، في حين تهتم الكيمياء الكبريّة  macrochemistry بمتابعة المشاهدات بالعين المجرّدة.

نشأ هذاالفرع من الكيمياء عند مطلع القرن العشرين؛ إذ يُعد الكيميائي النمساوي فريتز بريغل Fritz Pregl من روادها الأوائل، وهو الحائز جائزة نوبل في الكيمياء عام 1923 عن إسهاماته المهمة في مجال التحاليل الكمية المكروية العضوية.

اتسع بعد ذلك مفهوم الكيمياء المكروية من مجال التحليل والطرائق الآلية للتحليل المكروي ليشمل معظم فروع الكيمياء؛ ولا سيما الكيمياء العضوية التي تشغل الحيز الأكبر حالياً من الاهتمام ضمن هذا المجال.

المجالات التي تطبق فيها الكيمياء المكروية

تجلّت فكرة الكيمياء المكروية في الكيمياء التحليلية بما يُسمى حالياً التحاليل المكروية microanalyses، وهي طريقة توصيف وتحليل كمي لمقادير ضئيلة (كتل من رتبة المكروغرام وأحجام مكروية) تستعمل في فحص المواد الكيميائية والأغذية والعقاقير الطبية؛ إضافة إلى التحاليل البيولوجية والكشف عن الجراثيم والجنائية.

لم تقتصر تطبيقات الكيمياء المكروية على طرائق التحليل فحسب، بل سرعان ما اتجهت أنظار العديد من الباحثين لاستثمار هذه التفاعلات في منهجية تعليم على مستوى الجامعات والمدارس الثانوية؛ وذلك مع الأخذ في الحسبان أهمية العمل المخبري في فهم الكيمياء وتعلمها؛ إذ انتشرت المراكز التعليمية -التي تطبق مبادىء التفاعلات المكروية تجريبياً في خططها التدريسية- في كثير من دول العالم مثل النمسا والصين ومصر وألمانيا وجنوب إفريقيا واليابان والمكسيك والكويت والولايات المتحدة الأمريكية.

ترافق دخول مفهوم الكيمياء المكروية إلى الهندسة الكيميائية وظهور ما يسمى المفاعل المكروي microreactor في بداية تسعينيات القرن العشرين، وهذا المفاعل يتألف من سلسلة قنوات مكروية متصلة بعضها ببعض ومحفورة على سطح صلب مستوٍ يتم فيها التفاعل المدروس. أتاح اختراع المفاعل المكروي تطبيق التفاعلات المكروية في العلوم الطبيعية على اختلافها؛ ولا سيما في الحقول التي تُستعمل فيها المواد المتفجرة والمواد ذات النشاط الإشعاعي نظراً لتحقيقها عاملي الأمان المخبري والسلامة المهنية.

شغلت عمليات الاصطناع في المفاعلات المكروية-ولا سيما العضوية منها- الحيز الأكبر من اهتمام العلماء والباحثين؛ إذ أدى تكامل الكيمياء العضوية مع فروع العلوم الطبيعية الأخرى وأقسام الكيمياء المختلفة -مثل الكيمياء اللاعضوية والضوئية والكهربائية والصيدلانية- إلى إنتاج طيف واسع من المركبات المتنوعة باستخدام تقنية المفاعل المكروي، ولهذه المركبات تطبيقات صناعية كثيرة .

التفاعلات الكيميائية المكروية المخبرية

تراوح كميات المواد الأولية والكواشف reagents الرئيسة المستعملة في التفاعلات الكيميائية الكبرِيّة بين 5 و100غ ضمن أدوات زجاجية تحوي قرابة 500 مل سائلاً، في حين تستعمل التفاعلات الكيميائية المكروية كميات صغيرة جداً 50-1000 ملي غرام ضمن أدوات زجاجية مصممة لكي تحوي أقل من 25 مل سائلاً. تتشابه هذه الأدوات بالشكل مع مثيلاتها المستعملة في مخابر الكيمياء العادية مع بعض الاختلافات البسيطة؛ إضافة إلى وجود القليل من التقنيات الخاصة بالكيمياء المكروية. تصنّع الأدوات الزجاجية المخبرية بشكل يتم الربط بينها بوصلات مصنفرة (مستدقة ومصقولة معاً) تبعاً لقياسات عيارية عالمية. يعد القياس الشائع في نماذج الأدوات الزجاجية العادية(22/19)؛ في حين تكون في مثيلاتها المكروية (10/14)، ويشير العدد الأول لقطر الوصلة الزجاجية المصنفرة مقدراً بالملي متر (من الطرف العريض)؛ في حين يمثل العدد الثاني طول هذه الوصلة مقدراً بالملي متر. وتندرج في الشكل (1) نماذج أدوات وزجاجيات تستعمل عادةً في مخابر الكيمياء المكروية.

الشكل (1) نماذج أدوات وزجاجيات تستعمل في الكيمياء المكروية.

* السدادات التفلونية  يستعمل في تصنيعها بولي رباعي فلوروإتلين  polytetra fluoroethylene (PTFE) والصنف التجاري يُسمى  التفلون Teflon، وأول من صنعه شركة دوبونت DuPont.

ميّزات التفاعلات الكيميائية المكروية المخبرية

·    تقلل على نحو ملحوظ من تكلفة المواد الكيميائية والتجهيزات المخبرية.

·    توفر الوقت في عمليات التحضير والتفاعل والتنظيف بعد التجارب.

·   تحد كثيراً من النفايات المتشكلة نتيجة استعمالها مواد أولية بمقادير صغيرة.

·   تُخفض المساحة اللازمة لتخزين المواد الكيميائية.

·   تعزِّز الأمان المخبري على نطاق واسع من خلال تهوية أفضل للمخابر، وتعرض العاملين بالحد الأدنى للمواد الكيميائية مثل المواد السامة والقابلة للاشتعال والمنفجرة والمسرطنة على اختلاف مخاطرها، إضافة إلى كونها تقلل نسبة الحوادث في المخابر (الانفجارات والحرائق).

·    تحقق بيئة منتجة ونظيفة معاً ضمن نطاق الكيمياء الخضراء green chemistry.

يمكن التصور أن تفاعلات الاصطناع العضوي جميعها التي تتم على نطاق الكيمياء التقليدية يمكن إجراؤها على مستوى مكروي؛ إذ يتم إعداد الجهاز المخبري الملائم للتجربة تماماً كما هي الحال في التفاعلات المخبرية العادية؛ وذلك بانتقاء الأدوات والزجاجيات المكروية اللازمة وترتيبها ضمن تنسيق معين؛ مع الأخذ في الحسبان الاختلافات البسيطة الخاصة بالأدوات والزجاجيات المستعملة في الكيمياء المكروية.

يعدّ تفاعل فريدل-كرافت Friedel–Crafts reaction من أكثر تفاعلات الاصطناع العضوي التقليدية استعمالاً والذي يمثل سلسلة من تفاعلات الاستبدال الإلكتروفيلية المستعملة لإدخال مستبدلات مثل زمر الألكيل والأستيل على الحلقات العطرية. يسمى تفاعل إدخال زمرة الأستيل على المركبات العطرية الأسيلة acylation؛ يمكن إجراؤه بوجود حفّاز (وسيط) من كلوريد الألمنيوم اللامائي. يبيِّن الشكل (2) الجهاز المُعدّ من الأدوات والزجاجيات المكروية  والمستعمل لإجراء تفاعل الأسيلة.

الشكل (2).

يتألف جهاز التفاعل من حوجلة سعة 10 مل؛ مزوَّدة بوصلة كلايزن ذات رأسين يُجهّز أحدهما بسدادة مطاطية، ويوصل الآخر بمصيدة لاصطياد الغازات الحمضية الناتجة من التفاعل. يوضع الحفَّاز AlCl3 أولاً مع المذيب المستعمل (ثنائي كلورو الميتان CH2Cl2) ضمن حوجلة التفاعل، ثم يضاف بحذر شديد كلٌ من كلورو حمض الخل CH2ClCOOH والركازة العطرية تباعاً، وتتم الإضافة بحذر شديد بواسطة محقن (1 مل) يمرر خلال السدادة المطاطية؛ لأن التفاعل ناشر للحرارة. تتم العمليات السابقة خلال فترة زمنية لا تتجاوز (40) دقيقة، تتبعها عمليات المعالجة التي تتضمن إضافة الماء حتى تمام انحلال الملح، ومن ثم استخلاص المركب المطلوب بالمذيب المستعمل.

التفاعلات الكيميائية المكروية في مجال التقانة

تستعمل تقانة التفاعلات المكروية microreaction technology على نحو واسع لتصف إجراء التفاعلات بصورة مستمرة؛ وذلك ضمن قنوات تفاعل محددة ودقيقة تراوح أبعادها النموذجية بين 10 و300 مكرومتر، وحجم يراوح بين مكرو إلى ميلي لتر. ترتبط هذه القنوات بسلسلة خزانات صغيرة تحتوي الكواشف والمنتجات لتشكل بمجموعها المفاعل المكروي بأبعاد إجمالية تقارب بضعة سنتيمترات. يتم تصنيع هذا النوع من المفاعلات باستخدام طيف واسع من المواد (سليكون، كوارتز، معادن، بوليمرات)، تعد المفاعلات المكروية الزجاجية أكثرها شيوعاً وانتشاراً.

تُبنى المفاعلات المكروية من مكونات أحادية تؤدي على نحو رئيسي عملية وحيدة مثل: المزج أو التبادل الحراري أو الفصل، حيث تنتمي غالبية الأجهزة التي تعتمد على التدفق المكروي إلى هذه المجموعة، لكن تطبيقات المفاعل المكروي المتنوعة تتطلب عادةً وجود أكثر من عملية، ممّا يفرض إيجاد نظم أعقد تُعرف بالنظم المدمجة compact. يمكن تلخيص أهم مكوّنات المفاعلات المكروية بما يلي:

1- الخلاطات المكروية micromixers: تعد تقنية المزج عملية فيزيائية تهدف إلى توزيع منتظم لمكونات خليط ما خلال فترة زمنية قصيرة. يهيمن مبدأ الانتشار diffusion على معظم الخلاطات المكروية نظراً لأن الأبعاد المتاحة صغيرة جداً، لكن يمكن من حيث المبدأ تطبيق آليات أخرى تعتمد على الطاقة الميكانيكية أو الحرارية أو الاهتزازية أو الكهربائية.

     هناك العديد من نظم التدفق العامة التي تعتمد على مبادىء المزج المختلفة لإنتاج تصاميم متنوعة لخلاطات مكروية وتطويرها. تقوم نظم التدفق عموماً على مايلي: (أ) تماس تيارين جزئيين، (ب) اصطدام تيارين جزئيين بطاقة عالية، (جـ) حقن تيارات جزئية صغيرة عديدة لمكون ما على هيئة تيار رئيسي لمكوِّن آخر، (د) حقن تيارات جزئية صغيرة عديدة لمكونين اثنين، (هـ) تناقص مسار الانتشار عمودياً على منحى التدفق بزيادة سرعة التدفق، (و) تقسيم متشعب ثم إعادة المزج، (ز) انتقال كتلة قسري بمؤثر خارجي مثل التحريك أو الأمواج فوق الصوتية أو الطاقة الكهربائية، (ح) حقن دوري لأجزاء صغيرة من المائع. ويبين الشكل(3) مخططات توضيحية لهذه النظم:

الشكل (3) نظم التدفق العامة المستعملة في الخلاطات المكروية.

 

2- المبادلات الحرارية المكروية micro heat exchangers: تستعمل لنقل الحرارة بكفاءة من تيار متدفق flow أول إلى تيار ثانٍ يفصله عنه جدار صلب أو قد يكون مماساً له، وقد يكون التيار المتدفق سائلاً أو غازاً أو مزيجاً منهما، وهذا يتطلب وجود قوى محركة لتدفق الحرارة تتمثل بسطوح تماس كبيرة ملائمة؛ وتدرجٍ حراري عالٍ توفرها المبادلات الحرارية الصفائحية على نحو ملائم. ثمة ثلاثة أنواع للمبادلات الحرارية الصفائحية المستعملة في المفاعلات المكروية؛ والتي يختلف بعضها عن بعض بهندسة القنوات فيها مقارنة بمحور الصفائح، وهي على الترتيب:

 أ‌- مبادلات حرارية ذات قنوات مسطحة وعريضة: تتألف من مجموعة من الصفائح الدقيقة بقنوات مسطحة وعريضة؛ تشكل بمجموعها قنوات موائع متعددة تُملأ بالتناوب بمائعين مختلفين.

 ب‌-  مبادلات حرارية ذات قنوات عميقة وضيقة: يوجّه المائعان كلاهما في هذا النوع من المبادلات للمرور من خلال العديد من القنوات الضيقة العميقة ضمن الصفيحة الواحدة.

  ج - مبادلات حرارية ذات قنوات فاصلة: يشبه هذا النوع مبادلات النوع الأول لكن يوجد في هذا النوع قنوات فاصلة.

     يوضح الشكل(4) الأنواع الثلاثة للمبادلات الحرارية المستعملة في المفاعلات المكروية.

الشكل (4) أنواع المبادلات الحرارية المستعملة في المفاعلات المكروية.

3- وسائل الفصل المكروي microseparators: تزخر المراجع العلمية بأمثلة متعددة تتعلق بعمليات الفصل المختلفة؛ والتي يأتي في مقدمتها أدوات الاستخلاص المكروي والترشيح المكروية micro filtration devices.

    أ. أدوات الاستخلاص المكروية: تستعمل هذه الأنواع من الأدوات بحالة التماس بين مائعين غير ممتزجين وانتقال المادة المذابة بينهما، ومن أهم هذه الأدوات (أ) القنوات المتداخلة جزئياً، (ب) القنوات المكروية المنفصلة بأغشية مكروية، ويبين الشكل(5) المخطط التوضيحي لهذين النوعين.

الشكل (5) أنواع أدوات الاستخلاص المستعملة في المفاعلات المكروية.

     ب. المرشحات المكروية: تنبع أهميتها من حالات الانسداد الشائعة التي تعانيها المفاعلات المكروية جميعها لوجود جسيمات دقيقة مختلفة مرافقة للمحاليل، لذلك لابد من إجراء هذه العملية خطوة أولية لإطالة العمر التشغيلي للمفاعلات المكروية. تختلف المرشحات المكروية من حيث الشكل والأبعاد. ويبين الشكل (6) أهم أنواع المرشحات المكروية.

الشكل (6) أهم أنواع المرشحات المستعملة في المفاعلات المكروية.

ميّزات التفاعلات الكيميائية المكروية التقنية

أ‌-  زيادة التحكم في التفاعل من حيث:

·    مزج فعّال للمواد المتفاعلة.

·    ضبط دقيق لزمن ودرجة حرارة وضغط التفاعل.

·    رفع المردود وزيادة انتقائية المنتج ونقاوته.

·    زيادة عمر الحفَّاز والزمن اللازم لإعادة تنشيطه.

ب‌- تعزيز الأمان في أثناء مراحل التفاعل:

·    سرعة تبديد حرارة التفاعل.

·    تقليل عرقلة تفاعل المواد الأولية.

·    إمكان ربط عمليات التحليل مباشرة بالمفاعل.

جـ- انخفاض التكلفة وتقليص دورات التطور:

·    انتقائية كيميائية عالية تؤدي إلى مردود مرتفع.

·    تقليل كمية الكواشف والحفَّازات.

·    تقليل حجم التجهيزات.

·    سرعة الانتقال من المستوى المخبري إلى المستوى الإنتاجي.

 

مراجع للاستزادة:

R. Bhatia, B. Kumar, Modern Approaches in Fluid Chromatography: Impact and Applications, Nova Science publishers, 2023.

P. C. Dam, Hydrides: Types, Bonds and Applications (Analytical Chemistry and Microchemistry),  Nova Science publishers Inc, 2018.

- D. L. Pavia, G. S. Kriz, G. M. Lampman, R. G. Engel, A Microscale Approach to Organic Laboratory Techniques, Cengage Learning, 2012.

- P. Zarshenas, Microchemistry: The beginning of the Nano storm in the world, LAP LAMBERT Academic publishing, 2022.


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1037
الكل : 58491943
اليوم : 64457

أثر شتارك

الإشعاع بالتألق   الإشعاع بالتألق radiation by luminescence هو الضوء الذي يصدره جسم درجة حرارته عادية، وهو في صدوره عند درجة الحرارة العادية يختلف عن الضوء المرئي الذي يصدره جسم متوهج في درجة حرارة عالية مثل الخشب المحترق أو الحديد المصهور أو سلك المصباح المتوهج [ر. الإشعاع الحراري]. وقد لوحظ إشعاع التألق منذ القدم فجاء ذكره في القصص والأغاني وبهرت الإنسان ألوانه الزاهية التي تصدرها أرومات الأشجار الرطبة وبعض الحشرات مثل اليراعة والدودة المضيئة.
المزيد »