logo

logo

logo

logo

logo

التقطير

تقطير

Distillation -



التقطير

يمن الأتاسي

تطبيقات التقطير التقطير من وجهة نظر ترموديناميكية
أنواع التقطير المزائج الآزيوتروبية
أنواع التقطير بحسب آلية تغذية أجهزته أجهزة التقطير
 

التقطير distillation هو آلية من آليات فصل المواد المكوّنة لمزيجٍ سائل من خلال التبخير والتكثيف اعتماداً على الاختلاف في التطاير volatility بين مكوِّنات المزيج؛ أي الاختلاف في درجات حرارة التبخر vaporization points بين هذه المكونات، إذ يكون البخار أغنى بالمكوِّنات ذات درجات الغليان الأخفض؛ يجري تبريد هذا البخار وتكثيفه، ومن ثمّ تكون الكُثافة condensate أغنى بأعلى المكوِّنات تطايراً، ويصبح المزيج السائل أغنى بأقلّ المركّبات تطايراً. ولهذا يُعدّ التقطير آلية فيزيائية، وليس تفاعلاً كيميائياً، وهو أكثر آليات الفصل شيوعاً إلا أنه يستهلك كميات كبيرة جداً من الطاقة في أثناء عمليات التسخين والتبريد تصل إلى أكثر من 50% من تكاليف عمل المنشأة الصناعية الخاصة به. ولذلك فإنّ أفضل الطرائق لتخفيض تكاليف عمل منشأة تقطير تكون بتحسين كفاءتها من خلال عمليات الأمْثَلة optimization لسيرورة التقطير وعمليات التحكم فيها. ولتحقيق هذا التحسين ينبغي الفهم الدقيق لمبدأ التقطير وكيفية تصميم تجهيزاته.

 تطبيقات التقطير

للتقطير العديد من التطبيقات تجارياً؛ فهو يُستعمل لفصل النفط الخام إلى العديد من القطفات fractions ذات الاستعمالات المحددة والمعروفة كأنواع مختلفة من الوقود، يذكر منها وقود التدفئة ووقود وسائل المواصلات (مثل البنزين) ووقود محطات توليد الطاقة. كما يلجأ أيضاً إلى تقطير الماء لإزالة الشوائب منه - من أملاح وغيرها- في تحلية مياه البحر. ويجري تقطير الهواء السائل لفصل مكوِّناته بعضها عن بعض، ألا وهي الأكسجين والآزوت (النتروجين) والأرغون، وذلك للاستعمالات الصناعية. ويجري تقطير العديد من الكيمياويات السائلة بعد اصطناعها لإزالة الشوائب والمواد غير المتفاعلة منها. ويعطي تقطير المحاليل المتخمرة مشروبات مقطرة ذات محتوى عالٍ من الكحول.

 أنواع التقطير

يمكن تقسيم التقطير تبعاً لتطبيقاته إلى أربع مجموعات:

أ‌ - النطاق المخبري.

ب‌ - النطاق الصناعي.

جـ - تقطير الأعشاب لصناعة العطور والأدوية (التقطير العشبي).

د- معالجة المواد الغذائية (المشروبات).

يختلف التطبيقان الأخيران للتقطير عن التطبيقين الأوّلين في أنّ التقطير فيهما ليس طريقة للتنقية بالمعنى الحرفي للكلمة، وإنما هو لتحويل المواد الطيارة كلها من المادة المنبع إلى القُطارة distillate.

إنّ الفرق الرئيس بين التقطير في المخبر والتقطير الصناعي يكمن في أنّ التقطير في المخبر يجري عادة على دفعات، في حين أنّ التقطير الصناعي يجري غالباً على نحو مستمر. ويقود هذا إلى التصنيف الآتي لأنواع التقطير، وذلك تبعاً لآلية تغذية أجهزته.

أنواع التقطير بحسب آلية تغذية أجهزته

 1- التقطير على دفعات batch distillation: ويجري خلال هذا النوع من التقطير تزويد جهاز التقطير بمزيج التغذية feed mixture على دفعات. وتبدأ عملية التقطير ليصار إلى فصل هذا المزيج فيما بعد إلى قطفات من مكوناتها التي يجري تجميعها على التتالي من الأكثر تطايراً إلى الأقل تطايراً، مع رواسب ومتبقيات (وهي المكوِّنات الأقلّ تطايراً أو غير المتطايرة)، ويُتخلّص منها عند نهاية التقطير.  يُغذّى جهاز التقطير بعدئذٍ من جديد، وتتكرر الآلية مرات متتالية على دفعات يتغير في أثناء ذلك تركيب المادة الأصل وتركيب الأبخرة للمواد المقطرة وكذلك تركيب القطارة.

2- التقطير المستمر continuous distillation: إنّ التقطير المستمر هو التقطير الذي يجري فيه تغذية المزيج السائل في أثناء عملية التقطير باستمرار، كما يجري فيه عزل القطفات باستمرار على شكل دفق الخرج. يعطي التقطير المستمر على الأقل قطفتي خرج، إحداهما على الأقل تضم قطفة القطارة الطيارة التي وصلت إلى درجة الغليان، وفُصِلَت على شكل بخار جرى تكثيفه إلى سائل. في حين يبقى دائماً قطفة في الأسفل، وهي أقل تطايراً، والتي لم تُفصل على أنها بخار متكثّف. ففي التقطير المستمر يجري إبقاء المواد الأصل والقُطارة والأبخرة بتركيب ثابت حيث يجري تعويض المادة الأصل وإزالة القطفات من كل من البخار والسائل. وينجم عن هذا تحكم أفضل بآلية الفصل.

يختلف التقطير المستمر عن التقطير على دفعات في أنّ التراكيز لا تتغير باستمرار العملية؛ أي يجري التقطير المستمر في الحالة المستقرة (أي المستقلة عن الزمن صراحة).

التقطير من وجهة نظر ترموديناميكية

إنّ نقطة غليان سائل هي درجة الحرارة التي يكون فيها ضغط البخار للسائل مساوياً للضغط المحيط بالسائل؛ ممّا يسمح للفقاعات أن تتشكل وتصل إلى السطح. يذكر حالة خاصة، هي نقطة الغليان النظامية عندما يكون ضغط بخار السائل مساوياً الضغط الجوي المحيط؛ أي ضغط جويّ واحد.

يُظن خطأ أنّه في حالة مزيج سائل عند ضغط معيّن فإنّ كلّ مكوّن في المزيج يغلي عند درجة غليان موافقة للضغط المعطى بحيث يمكن تجميع أبخرة كل مكوِّن على حدة بصورة منفصلة ونقية. إنّ هذا لا يحصل حتى في الجمل المثالية. والنماذج الترموديناميكية التي تحكم التقطير ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقانوني راؤول Raoult&https://mail.arab-ency.com.sy/tech/details/1169/9#39;s law ودالتون Dalton&https://mail.arab-ency.com.sy/tech/details/1169/9#39;s law مع تحقق التوازن بين الطورين سائل- بخار.

ينص قانون راؤول على أنّ ضغط البخار لمزيج سوائل يتعلق:

1.    بضغط البخار لكل مكوِّن في المحلول كما لو كان وحيداً.

2.    بالنسبة المولية لكل مكون في المزيج. يُطبَّق هذا القانون على المحاليل المثالية، أي المحاليل التي يكون فيها التأثر المتبادل بين جزيئات المكونات المختلفة مشابهة جداً لتلك الموجودة بين جزيئات المكون الواحد.

وينصّ قانون دالتون على أنّ ضغط البخار الكلي هو مجموع ضغوط البخار لكل مكوِّن في المزيج السائل. وعندما يسخن مزيج سائل فإنّ ضغط البخار لكل مكون سوف يرتفع؛ مما يتسبب برفع ضغط البخار الكلي. وعندما يبلغ الضغط الكلي للبخار قيمة الضغط الكلي المحيط بالسائل؛ يبدأ الغليان، ويبدأ السائل بمجمله بالتحول تدريجياً إلى الطور الغازي. وهنا تجدر الملاحظة أنّ لمزيج سائل ذي تركيب محدد نقطة غليان وحيدة عند ضغط معيّن.

إنّ إحدى نتائج وجود درجة غليان وحيدة هي أنّ المكوِّن الأكثر تطايراً لن يغلي وحيداً في البداية بصورة نقية، بل سوف تغلي المكونات جميعها عند نقطة الغليان، ويكون لكل مكون نسبة مئوية في البخار هي نسبته المئوية ذاتها في الضغط الكلي للبخار. ولما كان لأخف المكوّنات ضغط جزئي أعلى فستكون أعلى تركيزاً في البخار، ولكن أقلّ المكونات تطايراً سيكون لها ضغط جزئي صغير، وستكون بالضرورة متبخرة جزئياً؛ ولكن بتراكيز منخفضة.

المزائج الآزيوتروبية

يكون النموذج المثالي السابق دقيقاً في حالة مزائج من سوائل متشابهة مثل مزيج البنزن والتولوِين. أما في الحالات الأخرى؛ فتلاحظ انحرافات شديدة عن قانوني راؤول ودالتون، كما هي الحال في مزيج الماء والكحول. إذ يشكل هذا المزيج عندما يسخن مزيجاً آزيوتربيّاً azeotrope mixture  وهو مزيج لا يمكن تعديل تركيبه بالتقطير، ومن ثمّ لا يمكن فصل مكوناته بمجرد التقطير، وذلك لأنّ للبخار الناجم عن الغليان التركيب ذاته للمكونات الموجودة في المزيج السائل. عادة ثمّة نوعان من المزائج الآزيوتروبية: المزائج الآزيوتروبية ذات درجات حرارة الغليان الدنيا minimum boiling azeotrope أو الآزيوتروبات الموجبة مثل مزيج الكحول والماء، وهي تغلي عند درجات غليان أخفض من درجات غليان مكوناتها، والآزيوتروبات ذات درجات حرارة الغليان العليا maximum boiling azeotrope أو الآزيوتروبات السالبة، وهي تغلي عند درجات حرارة أعلى من درجات حرارة مكوناتها (مثال ذلك مزيج حمض الآزوت والماء).

عندما يجري تقطير مزيج من سائلين يمكن أن يشكلا آزيوتروباً موجباً؛ فإنّ التقطير سوف يعطي قُطارة ذات تركيب قريب من تركيب الآزيوتروب. وهكذا فإنّ تقطير مزيج من الإتانول والماء أغنى بداية بالإتانول من المزيج الآزيوتروبي يقود إلى قُطارة أفقر بالإتانول من المزيج الابتدائي، وذلك خلاف ما قد يُظن بالحدس.

وكذلك عندما يجري تقطير مزيج من سائلين يمكن أن يشكلا آزيوتروباً سالباً؛ فإنّ التقطير سوف يترك بقايا سائلة ذات تركيب قريب من تركيب الآزيوتروب.

ترموديناميك التقطير على دفعات

يؤدي تسخين مزيج مثالي من مادتين A و B (A أكثر تطايراً من B، أو تتمتّع بنقطة غليان أخفض) في جهاز تقطير على دفعات حتى غليان المزيج إلى الحصول على بخار فوق السائل يحوي مزيجاً من A و B. وتكون النسبة بين A و B في البخار مختلفة عن النسبة بين A و B في السائل؛ إذ تكون هذه النسبة في السائل محددة بكيفية تحضير المزيج الأولي، في حين أنّ النسبة في البخار سوف تكون غنية بالمركّب الأكثر تطايراً أي A (وذلك بحسب قانون راؤول). يدخل المزيج ضمن المكثّف condenser، ويُزال من الجملة. هذا يعني بدوره أنّ نسبة المركّبات في السائل المتبقي أصبحت مختلفة عن النسبة الأولية (أي أصبح السائل أكثر غنى بـ B من السائل الابتدائي).

وبالنتيجة تصبح النسبة بين المركّبين في السائل متغيرة، وتصبح مع مرور الوقت أكثر فأكثر غنى بالمركّب B. وهذا بدوره يعني أنّ نقطة غليان المزيج ترتفع، مما يرفع أيضاً من درجة حرارة البخار، وهذا يقود أيضاً إلى تغير في نسبة A إلى B في الطور الغازي (ومع تقدم التقطير تزداد نسبة B في الطور الغازي). تؤدي هذه النتيجة إلى تغير بطيء في النسبة A إلى B في القُطارة.

إذا كان الفرق في ضغط البخار بين المركّبين A وB كبيراً (وعادة ما يعبر عنه بالفرق بين درجتي الغليان)؛ فإنّ المزيج في بداية التقطير يكون غنياً بالمركّب A، وعندما يختفي A بالتقطير؛ يزداد غنى السائل بالمركّب B كما يظهر في الشكل (1).

الشكل (1) مخطط الأطوار للتوازن سائل_ بخار في حالة مزيج من مادتين A و B. تزيد كل عملية تكثيف ثمّ إعادة تبخير من تركيز المكوِّن الأكثر تطايراً. تشير الأسهم إلى ما يسمى المصاطب النظرية.

 أجهزة التقطير

·         عمود التقطير

يمكن تحسين كل من التقطير المستمر والتقطير على دفعات باستعمال عمود تجزئة fractionating column في أعلى وعاء التقطير. يسمح هذا العمود بالفصل على نحو أفضل عبر توفيره لسطح أوسع للبخار والكُثافة؛ لتكونا على تماس مع بعضهما البعض. وهذا يسمح لهما أن يبقيا في توازن لأطول مدة ممكنة. يمكن للعمود أن يتكون من جمل جزئية تسمى الصوانيّ trays أو الصحون dishes التي تحوي مزيجاً سائلاً في حالة الغليان وفي وضع توازن بخار- سائل.

هنالك بالطبع فرق بين أعمدة التجزيء على المستوى المخبري وتلك الموافقة لها على المستوى الصناعي، ولكن المبدأ فيهما هو ذاته.

·         التجهيزات في المخبر

تعمل معظم أجهزة التقطير في المخبر بطريقة التقطير على دفعات. يتألف جهاز التقطير من وعاء أو مرجل boiler يجري فيه تسخين المادة ومكثّف يجري فيه تبريد البخار؛ ليعود إلى حالته السائلة ومجمع receiver يجري فيه تجميع السائل المنقّى أو المركّز الذي يحمل اسم القُطارة. وهنالك العديد من التقنيات للتقطير في المخبر.

·         التجهيزات في الصناعة

تشمل تطبيقات التقطير في الصناعة التقطير على دفعات والتقطير المستمر كليهما، وذلك باستعمال تجهيزات مشابهة تستعمل في المخبر من تجهيزات التقطير المجزأ وتحت الخلاء وبالبخار والتقطير الجزيئي.

يجري عادة التقطير في الصناعة ضمن أعمدة شاقولية ضخمة تُعرف باسم أبراج التقطيرdistillation towers أو أعمدة التقطير، وهي ذات أقطار تراوح بين 65 سم و16 م بارتفاع يراوح بين ستة أمتار وتسعين متراً أو أكثر كما يتبين من الشكل (2). وعندما يكون للتغذية عدة مكوِّنات كما هي الحال عند تقطير النفط الخام؛ فإنه يُسمح بخروج السوائل عند مواقع متعددة من عمود التقطير كي يجري فصل القطفات المختلفة؛ بحيث يتدرج خروج القطفات، فتخرج أخف ّالمواد من أعلى العمود، تليها أثقلها فأثقلها، وتبقى أكثرها ثقلاً في الأسفل.

الشكل (2) أعمدة تقطير صناعية أو أبراج التقطير.

تستعمل أبراج التقطير الصناعي مفهوم التقطير المرتد reflux distillation، وذلك لتحقيق فصل أفضل للمكونات. ويُقصَد بالمرتدات ذلك الجزء من السائل المتكثّف في أعلى برج التقطير والذي تجري إعادته إلى الجزء العلوي من البرج. تقوم المرتدات في أثناء هبوطها في البرج بتبريد الأبخرة الصاعدة وتكثيفها؛ ممّا يزيد من كفاية عمل البرج، وتتحسن قدرته على الفصل.

التقطير البسيط

في التقطير البسيط simple distillation يُقاد البخار مباشرة إلى المكثّف كما هو مبين في الشكل (3). ومن ثمّ فإنّ القطارة لا تكون نقية، ولكن على الأرجح يكون تركيبها مطابقاً لتركيب الأبخرة عند درجة الحرارة والضغط الموافقين. ويتبع تركيز القطارة قانون راؤول.

وبالنتيجة فإنّ التقطير البسيط يكون فعالاً فقط عندما تكون نقاط غليان مكونات السائل مختلفة كثيراً (وكقاعدة بسيطة بفوارق تصل إلى 25 سº) أو عندما يرغب بفصل سوائل عن مواد صلبة أو زيوت غير طيارة. ففي حالات كهذه تكون ضغوط الأبخرة للمكونات متباينة بما يكفي لعدّ القطارة نقية كفاية للهدف المطلوب منها.

الشكل (3) تقطير بسيط  من دون عمود تجزئة: .1 منبع حراري (حراق بنزن) .2 حوجلة تقطير.3 رأس تقطير
 
.4 ميزان حرارة .5 مبرد مائي.6 مدخل ماء التبريد .7 مخرج ماء التبريد .8 حوجلة تلقي قطيرات الكُثافة .9 نحو مضخة التفريغ إن لزم الأمر .10 وصلة لمضخة التفريغ.

 

التقطير المجزأ

في الكثير من الحالات تكون نقاط الغليان للمركّبات في المزيج متقاربة فيما بينها. ولهذا يجب استعمال التقطير المجزأ fractional distillation بغية فصل المكونات وفق حلقات متكررة من التبخير والتكثيف داخل عمود تجزئة محشو packed fractionating column. ويُعرَف هذا الفصل وفق تقطيرات متتابعة بالتصحيح rectification كما يظهر في الشكل (4).

الشكل (4) جهاز تقطير مع عمود تجزئة ذي حشوات.

فعندما يجري تسخين المحلول المراد تنقيته تصعد الأبخرة إلى عمود التجزئة وبصعودها تبرد، وتتكاثف على جدران المكثف وعلى سطوح مادة الحشو. ومن جديد تسخن هذه الكثافة بفعل الأبخرة الحارة الصاعدة، وتتبخر مرّة ثانية. غير أنّ تركيب البخار الجديد يتحدد ثانية وفق قانون راؤول. إنّ كل حلقة تبخير- تكثيف (تسمى المصطبة النظرية theoretical plate) سوف تعطي محلولاً أغنى بأكثر مركباته تطايراً.

وقد يتكون عمود التقطير من جمل جزئية تسمى الصوانيّ أو الصحون التي تحوي مزيجاً سائلاً في حالة الغليان وفي وضع توازن بخار - سائل. يبيِّن الشكل (5) جهاز تقطير مع عمود تجزئة ذي صوانيّ للاستعمال المخبري.

الشكل (5) جهاز تقطير مع عمود تجزئة ذي صوانيّ للاستعمال المخبري.

 

في حين يبيِّن الشكل (6) جهاز تقطير مع عمود تجزئة ذي صوانيّ للاستعمال الصناعي.

الشكل (6) مخطط هندسي للصوانيّ ضمن برج التقطير.

التقطير تحت الخلاء

تتمتع بعض المركّبات بنقاط غليان مرتفعة جداً. لغلي مركّبات كهذه من الأفضل تخفيض الضغط الذي تغلي عنده هذه المركّبات بدلاً من رفع درجة حرارتها. فعندما يجري تخفيض الضغط إلى ضغط البخار للمركّب (عند درجة حرارة معيّنة) تبدأ عملية الغليان، وتبدأ معها آلية التقطير. هذه التقنية يُشار إليها عادة باسم التقطير تحت الخلاء vacuum distillation، وهي أساس عمل المبخِّر الدوار rotary evaporator المستعمل في المخابر.

إنّ هذه التقنية مفيدة أيضاً في حالة المركَّبات التي تغلي فوق درجة حرارة تفككها decomposition temperature عند الضغط الجوي، ويمكن أن تتفكك عند أي محاولة لجعلها تغلي تحت الضغط الجوي.

التقطير بالبخار

يجري استعمال التقطير بالبخار steam distillation تماماً كما هي الحال في التقطير تحت الخلاء (بالتفريغ) لتقطير المركَّبات الحساسة حرارياً heat-sensitive. إنّ ضبط درجة حرارة البخار أسهل من ضبط سطح عنصر التسخين، وتسمح بمعدل عالٍ من الانتقال الحراري عند درجات حرارة عالية جداً. تقوم هذه الآلية على ضخّ (قرقرة) بخار ماء ضمن مزيج مسخَّن من المواد الأولية. وبحسب قانون راؤول سيتبخر بعض المكوِّنات (وفقاً لقيم الضغط الجزئي). يجري تبريد المزيج البخاري وتكثيفه ليعطي طبقة من الزيت وأخرى من الماء مثلاً.

وهكذا يعطي التقطير بجرف البخار للعديد من الأزهار والأعشاب العطرية منتجات الزيت الأساس essential oil وقُطارة سائلة. يُستعمل زيت الأساس في صناعة العطور والمعالجة بالعطور aromatherapy. وتُستعمل القطارة السائلة في العديد من التطبيقات مثل معالجة الأطعمة والعناية بالبشرة.

التقطير الجزيئي

التقطير الجزيئي molecular distillation هو تقطير تحت الخلاء؛ ولكن عند ضغوط أصغر من0.01  تور (التورtorr واحدة لقياس الضغط تساوي نحو 133.3 باسكال). ويُعدّ الضغط 0.01  تور أكبر بعشر مرات من الخلاء العالي high vacuum، حيث تكون الموائع في نظام التدفق الجزيئي الحر free molecular flow regime. ومن ثمّ يكون متوسط المسار الحر mean free path للجزيئات من رتبة أبعاد التجهيزات. لا يطبِّق الطور الغازي أي ضغط يُذكَر على المادة المراد تبخيرها، ومن ثمّ لا يعود معدل التبخير متعلقاً بالضغط.  ذلك لأنّ الافتراضات الاستمرارية لديناميك الموائع لا تعود مطبقة هنا، وما يقود انتقال المادة mass transport هو الديناميك الجزيئي أكثر منه ديناميك الموائع. وبذلك يكون المسار قصيراً بين السطح الحار والسطح البارد. يُستعمل التقطير الجزيئي صناعياً لتنقية الزيوت.

التقطير الغشائي

التقطير الغشائي membrane distillation هو تقنية فصل جديدة وواعدة نسبيًا تمثِّل بديلاً لأساليب التقنيات الأخرى التي تستهلك طاقةً أكثر مثل التناضح العكسي وهي عملية مدفوعة حرارياً حيث تنتقل جزيئات البخار فقط من خلال غشاء صغير مصنوع من مادة كارهة في جوهرها للماء، كالبولي بروبلينPolypropylene (PP) ، وبولي تترافلورو إتيلين Polytetrafluoroethylene (PTFE) ، وفلوريد البولي فينلدين  Polyvinylidene Fluoride (PVDF). أو أن سطحه معدَّل ليكون كارهًا للماء. إنها تقنية معروفة منذ عددٍ من السنين، ولكن جرى عليها تطورات تقنية عديدة حديثاً، واهتم بها الباحثون الذين طوروا أغشية جديدة مصنوعة من هذه المواد الجديدة تعالج فيها المواد تحت درجة حرارة منخفضة (بحدود º88 س)، تمتاز هذه الطريقة بغشاء منخفض التكلفة، وتجري العملية تحت ضغوط منخفضة (بحدود 6.9 بار) قياساً لعملية التناضح العكسي. إضافةً لإمكانية استخدام الطاقة الضائعة، أو الطاقة الشمسية. وأصبحت حديثاً تعتمد على تغيير الطور للمواد المعالجة. يكون الغشاء محصوراً بين محلول بارد من جانب ومحلول ساخن على الجانب الآخر. تتولَّد القوة الدافعة لعملية التقطير نتيجة الاختلاف في الضغط الجزئي للبخار الناجم عن اختلاف درجة الحرارة عبر الغشاء الطارد للماء. يتكثف البخار على الجانب البارد لينتج ناتج التقطير. 

يناسب التقطير بالأغشية التطبيقات التي يكون فيها الماء هو المكون الرئيسي، بما في ذلك تحلية وتنقية ومعالجة مياه العمليات، أو للمنتجات الصناعية الحساسة لدرجة الحرارة مثل:

-       تركيز المحاليل المائية في الصناعات الغذائية.

-       تركيز مجموعة من منتجات الألبان، مثل الحليب كامل الدسم والحليب الخالي من الدسم ومصل اللبن.

-       تركيز المحاليل الحمضية أو تجديد الأحماض أو فصل الأحماض.

-       إزالة المواد العضوية المتطايرة.

مراجع للاستزادة:

- P.W. Atkins, J.de Paula, Physical Chemistry, Oxford University Press, 2014.

- J. G. Stichlmair et al., Distillation: Principles and Practice, Wiley-AIChE 2021.

- A. Vogelpohl, Distillation: The Theory, De Gruyter 2021.

 

 


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1050
الكل : 58491619
اليوم : 64133

التقانات النانوية في الهندسة المدنية والبناء

باختين (ميخائيل ـ) (1895 ـ 1975م)   ميخائيل باختين  Mikhail Bakhtin فيلسوف ولغوي ومنظر أدبي روسي (سوفييتي). ولد في مدينة أريول. درس فقه اللغة Philology  وتخرج عام 1918. وعمل في سلك التعليم وأسس «حلقة باختين» النقدية عام1921. اعتقل عام 1929 بسبب ارتباطه بالمسيحية الأرثوذكسية، ونفي إلى سيبيرية مدة ست سنوات. بدأ عام 1936 التدريس في كليّة المعلمين في سارانسك. ثم أصيب بالتهاب  أدّى إلى بتر ساقه اليسرى عام 1938. عاد باختين بعدها إلى مدينة ليننغراد (بطرسبرغ)، وعمل هناك في معهد تاريخ الفن، الذي كان أحد معاقل «الشكلانيين» الروس، ثم عاد إلى سارانسك حيث عمل أستاذاً في جامعتها. استقر منذ عام 1969في كليموفسك (إحدى ضواحي موسكو) بعد أن تدهورت صحته وراح يكتب في مجلاتها وخاصة «قضايا الأدب» Voprosy Literatury و«السياق» Kontekst.
المزيد »