logo

logo

logo

logo

logo

البروتينات (تطور-)

بروتينات (تطور)

Protin development -

البروتينات (تطور-)

حسن حلمي خاروف

علاقة تطور البروتينات بالحموض النووية

علاقة تطور البروتينات بتطور الكائنات الحية

مُسَبِّبات تطور البروتينات

 

البروتينات هي الوحدات الأساسية في البنية الكيميائية لأجسام الكائنات الحية وفعاليات الخلايا الحية، وتُمَثِّل 50 % من الوزن الجاف للكائن الحي، لذا ليس من الغريب أن تحمل خلايا أسلافنا معظم هذه المواد. فكيف ظهر أول بروتين من هذه البروتينات؟ وكيف يمكن أن يُفهم تصنيف الكائنات الحية وتنوعها من خلال هذه المواد؟

يصف تطور الـبروتينات protein evolution التغيرات التي طرأت على هذه المواد مع الزمن شكلاً وبنيةً ووظيفةً في متعضيات organisms مختلفة تمثل سلالات clades تطورت تماماً. فإذا تشابهت بنية بروتينين وتسلسلاتهما structures and sequences كان معنى ذلك أنهما نشأا من أصل واحد، ويطلق عليهما بروتينين متشابهين homologous proteins. وبتحديد أكثر البروتينات المتشابهة الموجودة في نوعين species مُحَدَّدَين يُطلق عليهما تعبير صحيحين orthologues، في حين أن البروتينات المتشابهة التي يُرَمِّزُهُا مجموع الجينات (المجين) genome في نوع species محدد يُطلَق عليه تعبير متماثلين paralogues.

وقد دُرِسَت العلاقات السلالية phylogenetic relationships للبروتينات بمقارنة المتتاليات sequences المتعددة لها، وبذلك أمكن رسم شجرات سلالات وراثية phylogenetic trees للبروتينات بمقارنة متتاليات وحدات البروتينات؛ أي إن مثل هذه الشجرات تبرز العلاقات بين المتعضيات المختلفة.

وقد حاول العلماء فَهم سرعة هذه التغيرات وأسبابها وتقدير سرعات تطورها من خلال التجارب والتحاليل الكيميائية، واستطاعوا -باستعمال متتاليات الهِيموغلوبين والسيتوكروم C مثلاً في أنواع species مختلفة من الكائنات الحية تمثل مجموعات مختلفة من الكائنات الحية- معرفة سرعة تطور البروتينات، وعرفوا أن هذه السرعات ليست نفسها للـبروتينات المختلفة، إذ إن كل بروتين له سرعته الخاصة؛ وهي ثابتة طوال حياته التطورية، بمعنى أن الهيموغلوبين لا يتطور بسرعة تطور السيتوكروم C ذاتها، لذا فإن هيموغلوبين الإنسان والفئران والحيوانات القريبة منها تتقارب فيها هذه السرعة.

ويبين الجدول (1) متوسط الزمن -بملايين السنين- اللازم لحـدوث اختـلاف قدره 1% في تتالي الحموض الأمينية بين سلسلتين منها، فكل بـروتين له سرعة تَغَيُّرِه الخاصة. كما عُرِفَ أيضاً أن سرعة تطور الغلوبولينات المناعية immunoglobulins وتوكسينات toxins سم الأفاعي والألبومينات قد تغيرت كثيراً، ويبدو أن فعاليتها تتطلب بنيةً أقل نوعية ومن ثَمَّ تكون أكثر استجابة للتغير؛ بخلاف بعض البروتينات- مثل الهيستونات histones- التي لم تتغير كثيراً عبر الزمن، كما عُرِفَ أيضاً أن سرعة تطور الهِيموغلوبين عند الإنسان والفئران وغيرها كانت متقاربة.

الجدول (1)

الهيستونات

مليون سنة

H4

400

H3

330

H2A

60

H2B

60

H1

8

البروتينات الليفية

 

الكولاجين

36

الكريستالين

22

الإنزيمات خارج الخلايا

 

نازع هدروجين الغلوتامات

55

نازع هدروجين ثلاثي الفسفات

20

نازع هدروجين اللاكتات H4

19

نازع هدروجين اللاكتات M4

13

كربوني غير مهدرج B

4

كربوني غير مهدرج C

2.1

الهرمونات

 

غلوكاغون

43

كورتيكوتروبين

24

الإنسولين

14

البرولاكتين

5

هرمون النمو

4

الإنزيمات المُفرَزة

 

مولد التربسين

6

الليزوزيم

2.5

الريبونوكلاز

2.3

سموم سم الأفعى

 

السيتوتوكسين

0.9

النوروتوكسينات القصيرة

0.8

إضافة إلى ذلك لا يتم التغير ومن ثم حدوث الطَفرات mutations في المناطق المختلفة من الــبروتين، بالسرعة نفسها، فالمناطق المهمة من حيث الوظيفة تتطفر ببطء، لذلك فإن استبدال الحموض الأمينية المتشابهة في جزيء البروتين في هذه المناطق يتم بسرعة أكبر من استبدال الحموض غير المتشابهة، لكن، بصورة عامة تبدو تعددات الشكل polymorphisms في الـبـروتينات ثابتة تقريباً؛ لذا فإن تعددات الشكل لهذه المركبات عند عدة أنواع -بما في ذلك البشر وذبابات الفواكه والفئران- كانت متشابهة.

ويُبدي الهيستون -4 (4-Histone)- وهو أحد البروتينات التي تدخل في بنية الجسيمات النووية nucleosomes في المورثات (الجينات)- تَحَفُّظاً شديداً؛ لذا فإنه يحمل التسلسلات نفسها في جميع الكائنات حقيقيات النواة Eukaryotes التي تمت دراستها، وقد فُسِّرَ تَحَفُّظ هذه التسلسلات بأن وظائف الهيستون 4 تعتمد كثيراً على بنيته العامة، وهكذا فإنه لا يُسمح بأي تَغَيُّر فيها مهما كان ضئيلاً. لذا يُعتَقَد أن سرعة تطور البروتينات المختلفة سببه اختلاف الإجهادات stresses على بنية جزيئاتها، بحيث إنه كلما اشتدت الظروف التي تَحكُم وظيفة جزيء البروتين يصبح حدوث التغير العشوائي في بنيته ممكناً؛ ومن ثم تطفره غير ممكن. وهكذا فإن كل بروتين تكون له عادة سرعة تطور ثابتة تقريباً. وقد حاول العلماء كثيراً معرفة ما إذا كان سبب هذه المقاومة للتغير حقيقياً، فوجدوا أن سبب بعض الشذوذات هو عدم تماثل nonhomology البروتينات؛ وبعضها بسبب أخطاء في تسلسلاتها، ولكن تبقى هناك ضرورة تفسير بعض الانحرافات عن تغير سرعة تطور التسلسل لبعضها الآخر، فإذا عُرِفَ ذلك أمكن الحصول على معلومات مؤكدة عن تطور أي جزيء على المستوى الجزيئي.

علاقة تطور البروتينات بالحموض النووية

يرتبط تطور البروتينات بشدة بالشكل المعقد لبنية الدنا DNA؛ لأن ترتيب الحموض الأمينية في البروتينات ما هو إلا انعكاس لتسلسلات الدنا. لذا فإن دراسة تطور الجزيئات ومبادئ بيولوجية التطور ووراثة الجماعات أساسها ارتباط التسلسلات بعضها ببعض، لكن ترتيب الحموض الأمينية في البروتينات وسلاسل الحموض النووية لا تتطفر بالسرعة نفسها. لكن بسبب طبيعة تَرَدّي الدنا DNA degeneration فإن الأسس النتروجينية فيها يمكن أن تتغير من دون أن يؤثر ذلك في ترتيب الحموض النووية، فمثلاً هناك 6 شيفرات codons تُرَمِّز حمض اللوسين، لذا -وبسبب اختلاف سرعة التطفر- فإنه من الضروري أخذ تطور الحموض النووية في الحسبان عند مناقشة تطور البروتينات. وفي نهاية الستينيات من القرن الماضي اقترحت مجموعتان من الباحثين: مجموعة كيمورا Kimura (1968) ومجموعة كينغ King وجوكس Jukes (1969) -منفصلتين بعضهما عن بعض- أن معظم التغيرات التطورية التي تَمَّت ملاحظتها كانت طبيعية. ومنذ ذلك الحين انتشرت «نظرية الطبيعية Naturalism» وتوسعت ويتم مناقشتها ودراستها، لكن مع ذلك يُلاحظ أحياناً عدم التطابق discordances بين تغير الجزيئات ومن ثم التطور الشكلي مما يؤثر في الدراسات المتعلقة بتصنيف الكائنات الحية ولاسيما بين البكتيريا Bacteria من البدئيات Archaea والحيوانات الأوالي من حقيقيات النوى Eukaryotic Protozoa. يمكن جمع عدم التطابقات هذه في مجموعتين:

1- شكلية واحدة one morphology في سلالات نَسَب متعددة multiple lineages (مثل تطابق الشكلية morphological convergence في أنواع غير معروفة cryptic species)،

2- خط واحد متعدد الأشكال one lineage multiple morphologies (مثل مرونة النمط الشكلي phenotypic plasticity في مراحل متعددات دورات الحياة multiple life-cycle stages.

ويستطيع التطور المحايد neutral evolution في بعض الحالات تفسير التناقضات incongruences، التي تَنتُج عادة من أخطاء تحدث في تكررات الدنا DNA replications في أثناء انقسام الخلايا وبسبب التعرض للإشعاعات والمواد الكيميائية والإجهادات والضغوط البيئية المختلفة. إن أكثر الطفرات حدوثاً يشمل نوكليوتيداً واحداً بتَغَيُّر أساس نتروجيني واحد في الدنا؛ مما ينجم عنه طفرات نقطية point mutations وإدخال insertion أو حذف deletion أو انقلابات inversions وتغيير مواقع translocations، لكن الطفرات قليلة جداً لذا فإنها تتراكم ببطء عبر الأجيال. وبسبب اختلاف عدد الطفرات التي تظهر في أي جيل فإن هذه الطفرات تتجمع بفترات منظمة. لذا فإن سرعة المُكَرَّرات تُستخدَم لحساب مدى فعاليتها عبر ما يسمى الساعة الجزيئية molecular clock.

علاقة تطور البروتينات بتطور الكائنات الحية

تمت دراسة الأمر من خلال السيتوكروم C الكوندري chondrial cytochrome C. إنه بروتين يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتنفس الخلوي ويوجد في متقدرات mitochondria خلايا الحيوانات والنباتات، وقد تمت دراسة متتاليات مورثاته (جيناته) في عدد كبير من الكائنات الحية بما في ذلك الحيوانات الأوالي والفطريات وفقاريات ولا فقاريات متنوعة -إضافة إلى بعض النباتات الراقية- وتبين أن هذا السيتوكروم نوعِيٌّ بالنسبة إلى بعض النسج، ويكون فيها في مرحلة من تناميها الجنيني، لذا ُيعَدُّ وسيلة جيدة لمعرفة العلاقات التطورية بين المجموعات المختلفة من الكائنات الحية، ومن ثم يُعَدُّ دليلاً جيداً على التطور السلالي phylogenetic relationships بدلاً من أعداد الحموض الأمينية في هذه المتعضيات لبيان علاقاتها التطورية؛ ومع ما تشير إليه مستحاثات الكائنات الحية وأشكالها؛ كما يشير الشكل (1) الذي يمثل التطور السلالي phylogeny لعشرين متعضية اعتماداً على اختلاف تتالي الحمض الأميني في السيتوكروم C؛ حيث تشير الأرقام إلى أقل عدد من النوكليوتيدات الذي يتطلبه التغيير.

الشكل (1)

تجدر الإشارة إلى وجود طرائق أخرى يمكن تطبيقها لدراسة الاختلافات الوراثية بين الأنواع المختلفة، منها دراسة اختلاف تشكيلات سلاسل الدنا من مصادر مختلفة؛ وقياس التفاعلات المناعية بين البروتينات في أنواع مختلفة، وقياس مدى تَحَمُلِها الحراري واستخدام التصوير بالأشعة السينية لمعرفة شكلها الفراغي والدراسة المباشرة لتسلسلات الدنا وغيرها.

مُسَبِّبات تطور البروتينات

يعود سبب تطور البروتينات إلى عوامل تتعلق بِتَغَيُّر بنية الحموض الأمينية خاصة، مما يشير -كما ذُكِرَ سابقاً- إلى دور الحموض النووية (الدنا DNA والرنا RNA) في تغيير بنية الحموض الأمينية بفعاليات تشير إلى عمليات تَطَفُّر mutation وتَأشُّب recombination وتغير وراثي genetic drift والانتقاء selection.

التطفر: يشير هذا إلى تغير بُنيَةِ المورثة (الجين) التي تتألف من سلاسل الدنا والرنا، وهو ما يحدث عادة في أثناء انقسام الخلايا ولدى التعرض للأشعة السينية أو بعض المواد الكيميائية أو تَغَيُّراتٍ في الظروف البيئية المحيطة بالكائن الحي أو ببعض الفيروسات. تتمثل أكثر الطفرات حدوثاً بتغير شكل نوكليوتيد واحد single nucleotide polymorphism أو تعدده، ممّا يغير الأسس النتروجينية (الآزوتية) في متتالية دنا؛ ومن ثمّ يؤدي إلى طفرات نُقَطِيَّة point mutations. وهناك أنماط أخرى من الطفرات تُغَيِّر أجزاء كبيرة من الدنا تؤدي إلى تضاعفات duplications وإقحامات insertions وحذف deletions وتغيير مواقع translocations. ويبين الشكل (2) قنفذاً تعرض للتطفر فتغيرت بنيته الخارجية من حيث تَحَوُّل الأشواك التي تغطي جلده إلى أوبار ناعمة، كما تَحَوَّل لونه من القريب من السواد إلى اللون الأبيض الناصع ولون العيون إلى اللون الأحمر.

الشكل (2)

التأشب: يحدث عادة بتبادل صبغيين (كروموزومين) متجاورين أو بعض أجزائهما كما يبدو في الشكل (3) الذي يبين تبادل الصبغيين M وF: ثلاثة أسس نتروجينِية هي الـسايتوزين cytosine والـغوانين guanine في الصبغي M بالثايمين thymine والأدينين adenine في الصبغي F، المُشار إليه بالتصالب بين الصبغيات:

الشكل (3)

التغير الوراثي: ينتج من تغير تواتر الأليلات alleles من جماعات populations إلى جماعات أخرى بسبب موت بعض الأفراد أو عدم تكاثرها.

الانتقاء: يحدث عادة عندما يتكيف الفرد للعيش والتكاثر في البيئة، وينتقل ذلك إلى الأجيال التالية.

مراجع للاستزادة:

- L. Patthy, Protein Evolution, John Wiley & Sons, 2009.

- J. N. Volff, Gene and Protein Evolution (Genome Dynamics S.), S. Karger AG; 2007.


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1056
الكل : 58492573
اليوم : 65087

أثر زيمان

إِبيروس   مقاطعة في شمال غربي اليونان تجاور كلاً من تسالية ومقدونية وتراقية وتفصلها عن تسالية سلسلة جبال البندوس الكلسية التي تمتد من الشمال الغربي إِلى الجنوب الشرقي, وتدعى في اليونانية إِبيروس Epiros ومنها اسمها بالإِنكليزية Epirus وبالفرنسية Epire ويذكر هوميروس أن اسمها يعني «الأرض الصلبة» وهي تتصل بجنوبي ألبانية. وتغطي سلاسل الجبال الكلسية الضخمة التي قد ترتفع إِلى 2600م جزءاً كبيراً من سطحها, وتخترقها الوديان الضيقة العميقة الجميلة. بينما تمتد السهول الفسيحة والمروج في المنطقة الشمالية.
المزيد »