logo

logo

logo

logo

logo

التخلية (تقنية-)

تخليه (تقنيه)

Vacuum technique -

 التخلية

التخلية (تقنية-)

مضخات التخلية

مقاييس الضغط أو الخلاء

استعمالات الحُجَر المخلاة

 

تبحث تقنية التخلية vacuum technique في وسائل تفريغ الهواء والغازات الأخرى -وبالتالي المادة- من حجرة معيّنة للحصول على خلاء، وهي تتضمن توصيف الخلاء vacuum ومضخات التخلية vacuum pumps بأنواعها المختلفة، ومقاييس الضغط المناسبة والمواد الصالحة لذلك. وقد بدأ هذا الأمر تحت اسم تقنية؛ لكن توسع استعمالاتها وتنوع تطبيقاتها وأهمية التخلية جعلها الآن تقانة technology قائمة بذاتها. فهي تستعمل- على سبيل المثال- في إلباس المعادن والخزفيات، وفي مُسرِّعات الجسيمات، وفي الصناعات الإلكترونية وفي حفظ الغذاء.

صرف الفلاسفة اليونان والرومان والعرب والمسلمون وقتاً طويلاً يتجادلون حول الخلاء والفراغ أو الفضاءspace في الكون وإمكان وجوده. فمنهم من أنكر وجود الفراغ؛ لأنه يتعارض مع وجود المادة في كل مكان، ثم مع تعاليم الكنيسة وقدرة الله؛ إلا أن ابن الهيثم عارض عدم وجود الفراغ، وبرهن -رياضياً واعتماداً على الهندسة ثلاثية الأبعاد على وجود الفراغ بين المكان المحدد لجسم وداخله أو خارجه. وقال بعضهم بعدم تعارض ذلك مع قدرة الله؛ فهو قادر على خلق كل شيء، ومنه الفراغ. وقد ظهرت النظرية الكهرطيسية في البدء بحاجة إلى وجود وسط مادي، هو الأثير؛ كي تنتشر أمواجها؛ لكن ماكسويل J.C. Maxwell نفسه -مبدع النظرية- تخلى عن ضرورة وجود وسط للانتشار، فقال بإمكان انتشار الأمواج الكهرطيسية في الفراغ أو الخلاء مؤيداً وجهة النظر الأخيرة. وقد أعيد النظر حديثاً في الخلاء وفق مفاهيم ميكانيك الكم وعلم الكون وتشكله ليعطى خواص فريدة للخلاء؛ ولا سيّما بعد القبول بتكافؤ الطاقة مع المادة، فقيل بامتلاكه طاقة سميت طاقة الخلاء.

من الناحية التقنية كان العالم الإيطالي توريشيلّي Evangelista Torricelli وكذلك الفرنسي باسكال Blaise Pascal هما أول من بيّنا وجود خلاء جزئي يقلّ عن الضغط الجوي؛ عندما استعملا مقياس الضغط الزئبقي (البارومتر) Barometer عام 1643؛ بملء أنبوب زجاجي بالزئبق ثم قلبه في حوض من الزئبق، فحصلا على جزء مفرغ في الأنبوب.

لعل أولى استعمالات التخلية هو البرهان على وجود ضغط جوي؛ عندما فرَغ العالم الألماني أوتو فون غوريك  Otto von Guerickeنصفي كرة متلاصقين، يسميان نصفي كرة مغديبورغ Magdeburg hemispheres (الشكل 1)؛ نسبة إلى المدينة التي تمّ فيها العرض أول مرّة عام 1656، فلم تستطع مجموعة من الخيل فصل النصفين أحدهما عن الآخر، وكانت التخلية باستعمال مضخة يدوية اخترعها غوريك نفسه تعمل عمل المنفاخ لكن بصورة معكوسة؛ إذ يسحب الهواء أولاً من النصفين إلى حجرة المنفاخ باستعمال صمام وحيد اتجاه الفتح، ثم يدفع الهواء خارج الحجرة، وتعاد الكرّة حتى الحصول على خلاء جيد.

الشكل (1) نصفا كرة مغديبورغ.

مضخات التخلية

تعمل مضخات التخلية الأولية -التي أمكن بوساطتها الوصول إلى ضغط يقارب 10-2 تورّ torr (يعادل التورّ الضغط الناجم عن ثقل عمود زئبق ارتفاعه 1مم وسطح مقطعه 1 سم2؛ إذ كان يقاس الضغط الجوي النظامي بالضغط الناجم عن ثقل عمود من الزئبق ارتفاعه 76سم (760مم) زئبقي وسطح مقطعه 1 سم2؛ وسمي التورّ نسبة إلى توريشيلّي)- وفق ذلك المبدأ؛ ولكنها تعمل دورياً باستمرار؛ يبيّن الشكل (2) أحد هذه الأنواع، ويتكون من أسطوانتين غير متمركزتين، الخارجية ثابتة، والداخلية تدور جاعلة نقطة التماس تدور أيضاً على المحيط الداخلي للأسطوانة الخارجية، فيدخل الهواء

الشكل (2) مضخة أولية دورانية rotary pump


-مثلاً- من الفتحة اليسارية، ويجبره الدوران على الخروج من الفتحة اليمينية بمساعدة أسطوانة تحتوي ما يشبه المكبسين ونابضين. وقد تتم العملية اعتماداً على حركة حلزونية للقلب -الشكل (
3)- بمضخة تسمى مضخة معزّزة booster pump؛ إذ يصل الضغط بوساطتها حتى 10-4تورّ.

الشكل (3) مضخة معزَّزة.

يعمل هذان النوعان بسرعة تخلية عالية حتى الوصول إلى ما يقارب 10-3 تورّ؛ لتصبح سرعة تخليتهما بطيئة جداً بسبب اعتمادهما على تصادمات متتالية عديدة بين الجزيئات، فيما يعبر عنه بقصر المسار الحرّ الوسطي mean free path؛ أما حين يصبح هذا المسار كبيراً من رتبة عشرات السنتيمترات، فيما يعرف بمجال كنودسن Knudsen؛ فتصبحان غير فعالتين، ويجب اللجوء إلى آليات ومضخات أخرى تعتمد السلوك الجزيئي في التصادمات واحدة تلو أخرى. وأشهر نوعين هما المضخة التوربينية turbo pump (الشكل 4) والمضخة الانتثارية diffusion pump (الشكل 5). تتكون الأولى من صفوف من الشفرات المائلة المتتالية تدور بسرعة عالية جداً، يُعيّن ميلانها بحيث إذا اصطدم جزيء بإحدى الشفرات تصادماً مرناً يرتد باتجاه الصف التالي نحو الأسفل، وهكذا تتم العملية بين الصفوف حتى يخرج الجزيء من فوهة الخروج السفلية. يتميز هذا النوع بنظافته فهو لا يستعمل زيوت مزلقة مقارنة بالمضخات الأولية وبالنوع الثاني الانتثاري الذي يعتمد على تسخين زيت حتى يتبخر مندفعاً نحو الأعلى؛ ليصادف أجنحة مائلة تجعله يتجه نحو الأسفل جارَّاً معه الجزيئات المراد تخليتها، وعندما يلاقي بخار الزيت جدران المضخة المبردة بالماء أو الهواء؛ فإنه يتكاثف، ويعود إلى أسفل المضخة حيث السخّان؛ ليتبخر من جديد، في حين تستمر جزيئات الهواء والغازات الأخرى حتى تخرج من الفوهة السفلية التي تتصل بمضخة أولية عادة. وكذلك تحتاج المضخة التوربينية لتحسين سرعة تخليتها إلى مضخة أولية؛ ما يساعد على توجيه الجزيئات نحو الأسفل. يُستعمل النوع التوربيني للوصول إلى خلاء جيد من مرتبة 10-9 تورّ وأفضل من ذلك، في حين يصل الخلاء بوساطة المضخة الانتثارية قرابة 10-6 تورّ، وهذا كافٍ عملياً لإلباس المعادن؛ في حين أنه غير كافٍ للصناعات الإلكترونية.

الشكل (4) مضخة توربينية.

الشكل (5) مضخة انتثارية.

مقاييس الضغط أو الخلاء

تستعمل أدوات كثيرة لقياس الضغط وفروقه بين حجرتين، ويقصد أحياناً بمقاييس الضغط المقاييس التي تتجاوز الضغط الجوي النظامي؛ وهو ما اصطلح على تسميته البار bar، أما مقاييس الضغط في الحجرات المخلاة؛ فتسمى مقاييس الخلاء vacuum gauges.

إن واحدة الضغط في جملة الواحدات الدولية هي نيوتن على متر مربع، وسميت عام 1971 الباسكال Pa ؛ تقديراً لأعمال العالم الفرنسي باسكال (والباسكال يساوي 10-5 بار)، لكن توجد واحدات شائعة أخرى، أبرزها تلك المعتمدة على قياسات الضغط الجوي الأولى باستعمال ارتفاع عمود من الزئبق (البارومتر)، ويساوي الضغط الجوي النظامي 101325 باسكال، ويقارب التورّ 133 باسكال. وتستعمل أيضاً واحدة الباوند على الإنش المربّعpounds per square inch (psi) واحدة لقياس الضغط في الجملة البريطانية.

تُصنّف مقاييس الضغط في صنفين رئيسين:

1- مقاييس الضغط المطلقة التي تعطي الضغط مباشرة.

2- مقاييس الضغط النسبية التي تعطي الضغط في حجرة مقارنة بالضغط في حجرة أخرى أو الضغط الخارجي.

كما تُصنّف مقاييس الخلاء وفق المبدأ الذي تعتمده في قياس الضغط وتغيراته، فيطوَّر مقياس الضغط الزئبقي مثلاً؛ ليقيس فروقاً في الضغط بين حجرتين باستعمال أنبوب على شكل حرف U مملوء بسائل تكون كثافته أصغر من كثافة الزئبق عادة، يوصل أحد طرفيه بالحجرة المراد قياس ضغطها والطرف الآخر بحجرة معروفة الضغط، فيقرأ الفرق بين ارتفاعي العمودين في الطرفين؛ ليحسب الضغط في الداخل، ويعرف بالمانومتر Manometer؛ ويستعمل سائل منخفض الكثافة لرفع حساسية المقياس، فهو يصلح لقياس ضغط من مرتبة التورّ وأعشاره بسهولة. وهناك أيضاً مقاييس تعتمد تغيّر الإزاحة الميكانيكية لمؤشر مرتبط بصفيحة مرنة تفصل بين حجرة مغلقة معروفة الضغط والوسط المراد قياس ضغطه، فيعاير المقياس ليؤشر إلى الصفر عند تساوي الضغط على طرفي الصفيحة؛ وإلى قيم أخرى عند اختلاف ذلك الضغط. كذلك توجد مقاييس تعتمد خواص الغازات المتبقية في الحجرة المخلاة لحساب الضغط، مثل ناقلية الغاز الحرارية؛ إذ تعتمد درجة حرارة سلك مسخّن يصل إليها على ناقلية الغاز بين السلك ومحيطه؛ وبالتالي مقاومة السلك، فبقياس تغير المقاومة ومعايرتها يقرأ الضغط. يُعرف هذا النوع بمقياس بيراني Pirani gauge الذي يصلح لقياس الخلاء حتى قرابة 10-3 تورّ. وتستعمل خاصة أخرى للغاز أيضاً هي درجة تأينه التي تتأثر بدورها بالمسار الحر الوسطي لجزيئات الغاز؛ وبالتالي بضغط الغاز، ومن قياس تيار التأيين الذي يجري بين مصعد ومهبط يمكن تعيين هذا الضغط، يسمى هذا النوع مقاييس إيونية Ion gauges وأحياناً يسمى مقياس بيننغ Penning gauge، ويصلح لقياس خلاء يقلّ عن 10 -3 تورّ.

استعمالات الحُجَر المخلاة

استعملت الحجر المخلاة في البدء لدراسة خواص الغازات في الضغوط المنخفضة، فدرست تبعيتها لدرجة الحرارة، وكان لها مساهمة في اختبار قوانين التحريك الحراري (الترموديناميك)، ثم درس إمكان تأيين الغازات وشروطه وتصادماتها التي تؤدي إلى إصدار ضوء، فاستعملت في تخلية المصابيح من الهواء؛ كيلا يحترق السلك المتوهج، كما استعملت في دراسة أطياف الغازات المؤينة المختلفة وإصداراتها، فكان لذلك تأثير في فهم البنية الذرية، وامتدت الدراسة بعدئذٍ إلى دراسة خواص البلازما. ومازالت تستعمل اليوم أنابيب إضاءة مخلاة ومعبأة بغازات مختلفة لإصدار ألوان مختلفة.

تحتاج مسرّعات الجسيمات أيضاً إلى أن تكون مسارات الجسيمات في حجر مخلاة من جميع الغازات؛ كي تسمح لتيار الجسيمات بالسير من دون فقدٍ أو إعاقة في أثناء التسريع أو بعد تصادم الجسيمات المعروفة مع جسيمات هدفٍ أخرى؛ وتتبّع نواتج التصادم. وبالمثل يجب أن تكون حجر إلباس المعادن مخلاة؛ كي تنتقل ذرات المادة المبخرة وجزيئاتها مباشرة إلى الركازة المراد إلباسها. كما تفيد التخلية في تنظيف حجرة الإلباس من شوائب ممتزة ضمن سطوح الحجرة المختلفة؛ إذ تساعد التخلية على اقتلاع ذرات الغازات من هذه السطوح، ويكون هذا أكثر فاعلية كلما كان ضغط الخلاء أكثر انخفاضاً.

تحتاج صناعة الإلكترونيات والعناصر الإلكترونية إلى نظافة شديدة، ولا سيّما صناعة الدارات المدمجة الحديثة؛ إذ تتطلب مهمة التصغير عدم وجود ذرات أو جزيئات يمكن أن تسبب دارة قصر بين مجريين متقاربين قرباً يؤثر تأثيراً كبيراً في أداء الدارة المدمجة أو المعالج الإلكتروني.

وفي الكيمياء، يسمح التحكم بعدد الذرات أو الجزيئات عن طريق التخلية والصمامات الإبرية بتتبع التفاعلات الكيميائية على المستوى المجهري، كما يمكن أن يكتشف تأثير بعض الوسطاء والمحفّزات في مجريات هذه التفاعلات وسرعاتها. وقد تستعمل التخلية للحصول على بعض المركّبات التي لا يمكن الحصول عليها في الضغط الجوي، أو إنها تحسّن من مردود التفاعل.

تتطلب عملية التعدين أحياناً درجات حرارة عالية، وفي هذه الدرجات يمكن أن يكون تأكسد بعض المركّبات عاليا؛ً مما يعوق الحصول على مواد نقية، فيُلجأ إلى إتمام العملية في الخلاء، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تحضير بعض السبائك والمزائج.

استعملت التخلية مؤخراً عند تغليف المواد الغذائية، فهي تفيد النظافة أولاً، ثم تخفيف الهواء الذي يساعد عادة على نمو بعض البكتريا والطفيليات، فيطيل في عمر التخزين، ويساعد على عدم الحاجة إلى تبريد عميق.

إن الفضاء بين النجوم والمجرات ذو ضغوط منخفضة جداً تقارب 10-10 تورّ، ولم يتمكن الإنسان على الأرض من بلوغها إلا حديثاً، فأصبح بإمكانه اختبار نماذجه الممثلة لتطور الكون وتشكله مختبرياً؛ وبالتالي تحسين النماذج التي تفيد أيضاً في نمذجة حركة الرياح والغيوم. وقد كانت إحدى مهمات الاختبار الفضائية تنمية البلورات وتوصيفها في خلاء عالٍ وفي حالة الجاذبية الأرضية الضعيفة كليهما، وهذا لا يتحقق بسهولة إلا في الفضاء.

فوزي عوض

مراجع للاستزادة:

C. Benns, Introduction to Nanoscience and Nanotechnology,  Wiley-Blackwell, 2010, .

- K. Jousten, C. B. Nakhosteen, Handbook of Vacuum Technology,Wiley 2016.

- D. M. Mattox, The Foundations of Vacuum Coating Technology,William Andrew 2018.

- N. Yoshimura, A Review: Ultrahigh-Vacuum Technology for Electron Microscopes, Academic Press; 2020.

 


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1040
الكل : 58491855
اليوم : 64369

أثر شتارك

الإشعاع بالتألق   الإشعاع بالتألق radiation by luminescence هو الضوء الذي يصدره جسم درجة حرارته عادية، وهو في صدوره عند درجة الحرارة العادية يختلف عن الضوء المرئي الذي يصدره جسم متوهج في درجة حرارة عالية مثل الخشب المحترق أو الحديد المصهور أو سلك المصباح المتوهج [ر. الإشعاع الحراري]. وقد لوحظ إشعاع التألق منذ القدم فجاء ذكره في القصص والأغاني وبهرت الإنسان ألوانه الزاهية التي تصدرها أرومات الأشجار الرطبة وبعض الحشرات مثل اليراعة والدودة المضيئة.
المزيد »