logo

logo

logo

logo

logo

البروتينات متعددة الوظائف

بروتينات متعدده وظايف

Multifunctional proteins -

البروتينات متعددة الوظائف

رويدة أبو سمرة

وظائفها

آلية عملها

أهميتها السريرية

 

يستطيع الإنسان أن يؤدي مهام عدة، فيقوم في بعض الأحيان بمهمة واحدة في وقت ما، لكنه يمكن أن يقوم أيضاً بعدة مهام في وقت واحد. فالموسيقار الموهوب مثلاً يستطيع أن يعزف على عدة آلات. ويبدو أن ظاهرة المهام المتعددة أو الأدوار المختلفة ليست مقتصرة على الكائن الحي فقط، إذ أصبح من الواضح، وبشكل متزايد ان عدداً كبيراً من الجزيئات البيولوجية يمكن ان تؤدي عدة مهام. مثلاً، لا تحمل جزيئات الـرناRNA المعلومات الوراثية فقط، لكنها تحفز أيضاً عدداً من التفاعلات الكيميائية الحيوية. ويبدو أن هذا الأمر صحيح أيضاً بالنسبة للبروتينات.

البروتينات هي جزيئات معقدة مع تنوع في الوظائف، من الانزيمات التي تحفز تفاعلات بنوعية فائقة ومعدلات سرعة مختلفة الى بناء الهياكل القاسية التي تعتمد عليها اكثر الخلايا والانظمة الحية. إنها تتألف من ارتباط وحدات هي الحموض الأمينية بعضها ببعض بروابط تساندية (تشاركية) covalent bonds لتكوين عديدات ببتيد polypeptides التي تُشَكِّل البروتينات. لكن يجب أن تتثنى هذه الأخيرة لتصل إلى بنية ثلاثية الأبعاد three dimensional structure وتكوين ما يسمى قِطاعات domains (مناطق) خاصة من السلسلة الببتيدية يُفتَرَض أنها تحتوي على إنزيمات مختلفة يختص كل منها بالقيام بفعالية خاصة (الشكل 1)، وبذلك تصبح قادرة على أن تكون فَعّالَة في المتعضية. لذا تُرَكِّز الدراسات على هذه القطاعات، التي هي الوحدات التي يُعتَقَد أنها ظهرت من اندماج ببتيدات أقصر غير متثنية، تطورت لِتُكَوِّن تمائم إنزيمات cofactors تدعم الحياة. ومن هنا أتت فكرة البروتينات المتعددة الوظائف multifunctional proteins التي تقوم بعدة وظائف وفعاليات حفز مختلفة different catalytic functions.

تعمل جميع البروتينات بالتآثر interaction مع جزيئات أخرى. ويمكن أن يكون لهذه التآثرات آثار عديدة على الخواص الفيزيائية والبنيوية والكيميائية الحيوية والوظيفية. كما لوحظ وجود أنواع أخرى من التآثرات بين بروتين- بروتين و بروتين- البيئة المحيطة، التي تؤدي إلى تكوين معقد أو تقويض بروتين أو تجميع ذاتي أو تغيرات أخرى في بنى البروتينات. وتكون هذه القدرة على إجراء التغيرات حاسمة بالنسبة للوظيفة الفيزيولوجية لعدة بروتينات. ويمكن، من ناحية أخرى، أن تؤثر مثل هذه التغيرات في الخواص الكيميائية والفيزيائية والفيزيولوجية للبروتين معاً، مؤدية بذلك الى نتائج فيزيولوجية ومَرَضية غير محتملة.

إذن يتمتع البروتين المتعدد الوظائف بالظاهرة التي بواسطتها يمكنه أن يقوم بأكثر من وظيفة واحدة. بشكل عام تمتلك أسلاف هذا النوع من البروتينات على وظيفة واحدة لكن عبر التطور تكتسب وظائف إضافية. ويُعرَفُ أن العديد من هذه البروتينات هي عبارة عن إنزيمات، لكن بعضها الآخر اكتسب وظائف أخرى مثل قيامها بعمل مستقبلات receptors وقنوات إيونية ionic channels وشابيرونينات
chaperonines لكن الوظيفة الأولية والأكثر شيوعا لها هو الحفز الإنزيمي، كما أن لهذه الإنزيمات أدواراً أخرى غير إنزيمية. تتضمن هذه الوظائف الإضافية نقل الإشارة والتنبيغ signal transduction وتنظيم التنسخ transcriptional regulation وموت الخلايا المبرمج apoptosis والقدرة على الحركة motility.

توجد هذه البروتينات في الطبيعة بشكل واسع، وتختلف من حيث استعمالها لمورثة واحدة (جين واحد) في تركيب بروتين مختلف وذلك عن طريق وسائل عدة؛ منها إعادة ترتيب للـدنا NAD DNA rearrangementوالمعالجة بعد الترجمة post-translational processing.

إضافة إلى ذلك هناك ما يُعرَف بتعدد الوظائف بواسطة تقاسم الجينات (المورثات) moonlighting proteins by gene sharing بأنه يمكن لِجينٍ ان يكتسب وظيفة ثانية ويحافظ عليها دون عملية نسخ للجين duplicating وبدون فقدان للوظيفة الأولى.

يعد بروتين الكريستالين crystallin من أكثر أمثلة هذا التقاسم الجيني دراسةً، وكانت أولى الملاحظات حول هذا البروتين في أواخر عام 1980 من قِبَل جورام بياتيجورسكي Joram Piatigorsky وغرايم ويستو Graeme Wistow من خلال أبحاثهما على إنزيمات الكريستالين. فعندما تكون هذه البروتينات بمستويات منخفضة في العديد من النسج فإنها تعمل كإنزيمات، ولكن عندما تكون بمستويات عالية في نسج العين فإنها تتجمع بشكل كثيف مشكلة العدسات. تجدر الإشارة إلى أنه، لكي تقوم هذه البروتينات بوظيفتها التحفيزية للشفافية، يجب أن تحافظ الجينات المرمزة للكريستالين على تسلسلاتها.

إن البروتينات المتعددة الوظائف غير الملائمة هي عامل يساهم أيضاً في بعض الأمراض الوراثية، كما توفر آلية ممكنة للبكتريا تتمكن بواسطتها من مقاومة الصادات الحيوية.

يعتقد ان هذه البروتينات نشأت عن طريق التطور والتي بواسطتها اكتسبت البروتينات الوحيدة الوظيفة القدرة على القيام بعدة وظائف. حيث يمكن للمساحات غير المستعملة من البروتينات، عن طريق العديد من التعديلات، أن تؤمن وظائف جديدة. إذ إن الكثير من هذه البروتينات هو نتيجة اندماج انصهار جيني gene fusion لاثنين من الجينات وحيدة الوظيفة.

الشكل (1) قطاعات البروتينات المختلفة بألوان مختلفة

وظائفها

تحفز كثيرٌ من البروتينات تفاعلات كيميائية، كما تنجز بروتينات أخرى أدواراً بنيوية أو نقل أو إشارة. علاوة على ذلك، للعديد من البروتينات القدرة على التكتل في تجمعات جزيئية فائقة supramolecular assemblies، مثلاً يتألف الريبوزوم من أكثر من 90 بروتين
ورنا RNA .

اشتق العديد من هذه البروتينات المعروفة حالياً من الإنزيمات المحافَظ عليها والتي تسمى الإنزيمات القديمة. ويعتقد أن هذه الإنزيمات طَوَّرَت بروتينات متعددة الوظائف. وبما أن هذه البروتينات موجودة في الكثير من العضيات المختلفة، فإن هذا يزيد من فرص تطور وظائف ثانوية. مثلاً تُبدي مجموعة كبيرة من الإنزيمات المشاركة في التحلل السكري glycolysis، وهو السبيل الاستقلابي القديم والشامل، سلوكَ بروتيناتٍ متعددة الوظائف. علاوة على ذلك، اقتُرِحَ أن 7 من 10 من إنزيمات التحلل السكري و 7 من 8 من إنزيمات حلقة كريبس تُظهر سلوك بروتينات متعددة الوظائف. وأهم الأمثلة عن ذلك إنزيم كربوكسيلاز البيروفات pyruvate carboxylase حيث يحفز هذا الانزيم كربكسلة carboxylation البيروفات الى الأُوكزالوأسيتات oxaloacetate ومن ثم استكمال دورة كريبس Krebscycle. والغريب أنه في بعض أنواع من الخميرة، مثل H.polymorpha يكون هذا الإنزيم ضروري في توجيه وتجميع بروتين أوكسيداز الكحول Alcohol Oxidase (AO)، وهو الإنزيم الأول في استقلاب الميتانول. ويظهر الجدول (1) أمثلة عن هذه البروتينات ومصادرها.

الجدول (1)

أمثلة عن البروتينات المتعددة الوظائف

المملكة

البروتين

المتعضية

الوظيفة

الأصلية

تعدد الوظائف

الحيوان

أكونيتاز

H. sapiens

إنزيم دورة الحمض ثلاثي الكربوكسيل (TCA)

استتباب الحديد

ATF2

H. sapiens

عامل نسخ

استجابة لتخرب الدنا

متبلورة (كريستالين)

متنوعة

بروتين بلوري البنية

إنزيمات متنوعة

سيتوكرومات c

متنوعة

استقلاب طاقة

التقام خلوي

النباتات

هكزوكيناز

A. thaliana

استقلاب غلوكوز

تأشير غلوكوز لتنظيم موت الخلية

بري سينيلين

P. patens

غاما سيكريتاز

عمل الهيكل الخلوي

بدائيات النوى

أكونيتاز

M. tuberculosis

إنزيم دورة الحمض الثلاثي الكربون

بروتين مستجيب للحديد

CYP170A1

S. coelicolor

تركيب ألبا فلافون

سانتيناز التيربين

إينولاز

S. pneumoniae

إنزيم حلمهة السكر

رابط مولد البلاسمين

GroEL

E. aerogenes

شابيرون

توكسين حشرات

راسيماز الغلوتامات

E. coli

تركيب جدار الخلية

تثبيط الجيراز

ثيوريدوكسين

E. coli

مضاد أكسدة

وحيدة بوليمراز T7

الحيوانات الأوالي

أندولاز

P. vivax

إنزيم محلل للسكر

اجتياح خلايا ضيفة

آلية عملها

لا تعتمد وظيفة البروتين، في الكثير من الحالات، على بنيته فقط، لكن على توضعه أيضاً. مثلاً، يمكن أن يكون لبروتين واحد وظيفة واحدة عندما يوجد في سيتوبلاسما الخلية، ووظيفة أخرى مختلفة عندما يوجد على الغشاء، وثالثة اذا أُفْرِزَ من الخلية. تعرف هذه الخاصة للبروتينات المتعددة الوظائف بالتوضع المتباين differential localization. علاوة على ذلك، يمكن أن تُبدي هذه البروتينات سلوكيات مختلفة ليس نتيجة موقعها داخل الخلية فقط; بل على نوع الخلية التي يقوم البروتين فيها بالتعبير.

أهميتها السريرية

تُعَقد الأدوار المختلفة للبروتينات المتعددة الوظائف تحديدَ النمط الظاهري للنمط الجيني، الأمر الذي يعرقل دراسة الاضطرابات الاستقلابية الوراثية. مثلاً يحتوي الإنزيم غليسر الدهيد 3- فسفات ديهدروجيناز Glyceraldehyde 3-phosphate dehydrogenase (GAPDH) على 11 وظيفة موثقة على الأقل. تتدخل واحدة منها في عملية الموت المبرمج وهي العملية المرتبطة بالكثير من الأمراض العصبية مثل الباركنسون والألزهايمر والإقفار الدماغي Cerebral ischemia.

كما أظهرت دراسات أخرى تورط مثل هذه البروتينات في مرض السل tuberculosis. كما أن أحد البروتينات المتعددة الوظيفة في البكتريا Mucobacteriyum
tuberculosis له وظيفة تتعارض مع تأثير الصادّ الحيوي. وعلى وجه التحديد تكتسب هذه البكتريا مقاومه ضد دواء السيبروفلاكسين ciprofloxacin بسبب التعبير الزائد لإنزيم الغلوتامات راسيماز في الحي.

مراجع للاستزادة:

- B. Henderson, M. A. Fares, A. C. R. Martin, Protein Moonlighting in Biology and Medicine, Wiley-Blackwell 2016.

- D. Kihara, Protein Function Prediction: Methods and Protocols (Methods in Molecular Biology, Humana Press 2017.


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1049
الكل : 58491496
اليوم : 64010

البستنة في الدفيئات

التنوير (عصر ـ)   التنوير enlightment اتجاه ثقافي ساد أوربة الغربية في القرن الثامن عشر بتأثير طبقة من المثقفين والمفكرين، عُرفوا باسم الفلاسفة philosophers، وكانوا صحفيين وكتاباً ونقاداً ورواد صالونات أدبية أمثال فولتير، ديدرو، كوندورسيه، هولباخ، بيكاريه، ولكن هؤلاء المفكرين أخذوا عن الفلاسفة العقليين ديكارت واسبينوزا وليبتنز ولوك الذين طبعوا القرنين السابع عشر والثامن عشر بطابعهم الثقافي حتى أُطلق على هذه الفترة عصر العقل age of reason، وكان التنوير نتاجه.
المزيد »