logo

logo

logo

logo

logo

تقانات الأتمتة في الفضاء

تقانات اتمته في فضاء

Space automation technologies -



تقانات الأتمتة في الفضاء

لؤي صالح

أهمية الأتمتة في الفضاء

أهداف الأتمتة في الفضاء ومتطلباتها

بعض تطبيقات الأتمتة في الفضاء

تفاعل الروبوتات مع البيئة الفضائية ورواد الفضاء

الدراسات والأبحاث الراهنة في تقانات الأتمتة في الفضاء

 

يُقصد بتقانات الأتمتة في الفضاء space automation technologies تطويع تقانات الأتمتة والروبوتية لأجل المركبات والمهمات والمحطات الفضائية. وتشمل هذه التقانات جميع العمليات والعتاديات والبرمجيات التي تسمح للمركبات والمهمات الفضائية على اختلاف أنواعها بالعمل آلياً.

وتُستخدم الأتمتة والروبوتية في الفضاء لإنقاص الحاجة إلى وجود رواد الفضاء. وقد أصبح بمقدور المنظومات المؤتمتة الفضائية إتمام مهام كانت تتطلب التدخل البشري مثل إصلاح السواتل satellites أو نشر الحمولات المفيدة payloads. وكذلك بمقدور هذه المنظومات مراقبة البيئة واتخاذ القرارات في الزمن الحقيقي؛ مما يسمح للمهمات الفضائية بالعمل من دون تدخل بشري أو على الأقل بالحد الأدنى منه.

أهمية الأتمتة في الفضاء

بدأ استكشاف الفضاء منذ خمسينيات القرن العشرين مع إطلاق الاتحاد السوفييتي عام 1957 أول مركبة غير مأهولة دارت حول الأرض، وتلتها أول مركبة مأهولة في عام 1961. وحدث أول هبوط للإنسان على سطح القمر في رحلة أبولو Apollo عام 1969، غادر خلالها رواد الفضاء مركبتهم لجمع العينات وإجراء بعض التجارب، وقد أطلق على أعمالهم تلك مسمى "الأنشطة خارج المركبة" Extravehicular Activities (EVAs). وشاع استخدام هذا المصطلح للتعبير عن المهام التي تتطلب خروج رواد الفضاء من مركباتهم، كإصلاح جزء متضرر أو استعادة جزء منفصل عنها (الشكل 1-أ). ومع مطلع سبعينيات القرن العشرين بدأ بناء المحطات الفضائية، مثل ساليوت Salyut ومير Mir الروسيتين وسكايلاب Skylab الأمريكية. وتمكن الإنسان بواسطتها من البقاء مدداً طويلة في الفضاء والقيام بكثير من الأنشطة خارج المركبة. وقد دفعت خطورة هذه الأنشطة وصعوبتها الباحثين والمهندسين إلى التفكير في تطوير روبوتات تتولى تنفيذ مثل هذه المهام وتجنيب رواد الفضاء العمل في شروط انعدام الضغط والجاذبية والارتفاع الكبير في درجات الحرارة عند بزوغ الشمس وانخفاضها الكبير عند المغيب.

الشكل (1- أ) رائد فضاء يعمل خارج المركبة.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1998 أُطلق إلى الفضاء أول جزء من المحطة الفضائية الدولية International Space Station (ISS) إيذاناً بالشروع في بنائها بالتعاون بين وكالات فضاء عدة دول، وفي طليعتها إدارة الطيران والفضاء الوطنية الأمريكية (ناسا NASA) National Aeronautics and Space Administration. وتعدّ هذه المحطة الكبيرة مسكناً لإقامة رواد الفضاء، ومخبراً علمياً فريداً. وهي مكوّنة من 100 جزء نقلتها مركبات الفضاء في 50 رحلة على مدى 13 سنة، وتولى رواد الفضاء تجميعها في مدارها في الفضاء. وتنتشر المحطة الفضائية الدولية على مساحة تعادل مساحة منزل مكوّن من خمس غرف نوم، أو طائرتي بوينغ 747، أو ملعب كرة قدم، ويبلغ وزنها 454 طناً. وقد كان لأذرع المناولة الآلية manipulator arms دور أساسي في بناء هذه المحطة (الشكل 1- ب)، واعتُمد عليها في أعمال التركيب والصيانة والتجميع. فتعمقت بذلك أهمية استخدام تلك الأذرع لأتمتة الأنشطة خارج المركبة ليقتصر دور الإنسان على أعمال المراقبة والتحكم من بعد.

الشكل (1- ب) الروبوت ديكستر Dextre الكندي الصنع، وهو روبوت ذو ذراعين على متن محطة الفضاء الدولية.

ومثلت المنظومات الروبوتية أيضاً حلاً عملياً للرحلات الهادفة إلى استكشاف الكواكب الأخرى؛ إذ دفعت مخاطر الرحلات المأهولة البعيدة وتكلفتها العالية - بل تعذُّر تنفيذها أحياناً - الباحثين إلى استغلال مبادئ المنظومات الروبوتية لتطوير متجولات (مركبات جوالة) rovers استكشافية مؤتمتة وذكية يمكن التحكم بها من بعد، ويكون في مقدورها الهبوط على سطح الكوكب أو القمر أو الكويكب المنشود والتجول عليه؛ وجمع المعلومات والعينات وتحليلها وإرسال المعلومات إلى الأرض.

أهداف الأتمتة في الفضاء ومتطلباتها

يمكن تصنيف أهداف الأتمتة في الفضاء في ثلاثة محاور، هي:

·    تخديم المركبات والمحطات الفضائية، مثل تجميع الهياكل وتبديل الأجزاء المتضررة أو الأجهزة المتعطلة. وتناط هذه المهام بالأذرع الروبوتية بإشراف مباشر من رواد الفضاء.

·   مساعدة رواد الفضاء، وهي مهمة منوطة بروبوتات متحركة تؤازرهم في عملهم، كحمل المعدات والأدوات وتوفير الإضاءة، والمساعدة على تركيب الألواح الشمسية وتوصيل الكِبال، ونحو ذلك.

·   القيام بأعمال الاستكشاف بقدر كافٍ من الاستقلالية؛ بما تملكه الروبوتات من القدرة على تجنب العوائق والتحرك ذاتياً باتجاه الموقع المطلوب وجمع المعلومات والعينات.

وإن تحقيق الأهداف السابقة يتطلب تمتع الروبوتات الفضائية بالميزات الآتية:

·    القدرة على إدراك البيئة والتعامل معها، وهو ما يستلزم تزويد الروبوتات بمحسّات sensors متعددة المهام ومنظومات رؤية وتحكم وأذرع وطرفيات.

·    إتقان بعض العمليات الأساسية كالتموضع والتحريك والقبض والمسك والقص واللحام والتدعيم والتوصيل الميكانيكي والكهربائي.

·    القدرة على فهم الوسط المحيط والاستجابة لتغيراته، وهو ما يستلزم تزويد الروبوتات بتقنيات الذكاء الصنعي الذي يمكّنها من تخطيط مسارها والالتفاف حول العوائق والخروج من المطبات التي قد تقع فيها.

بعض تطبيقات الأتمتة في الفضاء

توزعت تطبيقات الأتمتة في الفضاء بين أذرع المناولة والروبوتات المساعدة لرواد الفضاء، والمتجولات على سطح الكواكب، والملاحة المتناسبة مع التضاريس.

 1- أذرع المناولة

تستخدم المحطة الفضائية الدولية أذرع مناولة أسهمت في بناء المحطة ذاتها بنقل المعدات والقطع والتجميع والصيانة، ويتحكم بها رواد الفضاء بواسطة عصا تحكم ولوحة قيادة. ومن هذه الأذرع الذراع الروبوتية الأوربية European Robotic Arm (ERA)، والذراع الروبوتية دكسترا، وذراع كندا Canadarm التي طورتها وكالة الفضاء الكندية (الشكل 2)، وتعدّ من الأذرع المهمّة والشهيرة. ويبلغ طول ذراع كندا 15.2 متراً، ولها ستة مفاصل توفر لحركتها ست درجات من الحرية. ويمكن لهذه الذراع نقل حمولة تزن حتى 3293 كغ. ويستخدم الرواد الذراع لالتقاط الحمولة المرسلة من الأرض بوساطة المركبات الفضائية؛ وفي عمليات تجميع قطع المحطة وبنائها. كما جرى استخدام الذراع عدة مرات لسحب مقراب هبل Hubble  الفضائي بقصد الصيانة وتحديث بعض الأجهزة.

الشكل (2) ذراع كندا.

وفي عام 1997 اختبرت وكالة تطوير الفضاء الوطنية اليابانية (ناسدا) National Space Development Agency of Japan (NASDA) -التي دمجت في عام  2003مع معهد علوم الفضاء والملاحة الفضائية Institute of Space and Astronautical Science (ISAS) ومع مخبر الفضاء الجوي الوطني الياباني National Aerospace Laboratory of Japan (NAL) لتشكيل وكالة استكشاف الفضاء اليابانية (جاكسا) Japan Aerospace Exploration Agency (JAXA)- القدرة على القيام بمهام التخديم من وضعية الطواف الحر في الفضاء، وذلك باستخدام الساتل المطارد chaser هيكوبوشي Hikoboshi المزود بذراع روبوتية طولها متران، وتتحرك بست درجات من الحرية. وتعمل ذراع الساتل هيكوبوشي بالطاقة الشمسية، وتتحرك بمساعدة منظومة تحديد الموقع الشاملة Global Positioning System (GPS). واستطاع الساتل هيكوبوشي الاقتراب من الساتل الهدف أوريهيم Orihime والدوران حوله والالتحام معه بمساعدة الذراع (الشكل 3)، وكذلك مراقبة سطحه بواسطة كاميرا محمولة في طرف الذراع.

الشكل (3) الساتلان هيكوبوشي وأوريهيم.

 

وأجرت الولايات المتحدة اختبارات مماثلة في عام 2007 باستخدام الساتل آسترو Autonomous Space Transport Robotic Operations (ASTRO) المزود بذراع روبوتية طولها 3 أمتار، ووُضع  الساتل آسترو ASTRO على بعد 7 كم من ساتل هدف نكسسات NexSat. واستطاع آسترو الاقتراب إلى جوار الساتل نكسسات وتنفيذ عملية تحليق استكشافي حوله، ثم الإمساك به والالتحام معه بوساطة الذراع (الشكل 4). كما اختبرت بنجاح عملية تبديل بطارية له، وعملية تزويد الساتل نكسسات بالوقود.

الشكل (4) الساتلان آسترو ونكسسات.

 

وأتمت الصين في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 بناء محطة الفضاء الصينية تيانغونغ Tiangong المكوّنة من ثلاث وحدات modules. وللمحطة حالياً ذراعان روبوتيتان، الأولى - وهي أقدمهما - كبيرة طولها 10.2 أمتار وتتحرك بسبع درجات حرية، وهي مُركّبة على الوحدة الرئيسية تيانهي Tianhe. وقد أنجزت الذراع مهمات متعددة مثل نقل المركبات الفضائية والالتحام معها، ومساعدة رواد الفضاء في أداء الأنشطة خارج المحطة. والثانية - وهي أحدثهما- صغيرة يبلغ طولها نصف طول الذراع الكبيرة، ولها سعة حمولة تبلغ ثُمن سعة الذراع الأولى. ولكن ضبط الموقع position accuracy للذراع الصغيرة الحديثة أكبر بخمس مرات منه للذراع الكبيرة، وضبط التوجه attitude أكبر بمرتين منه في سابقتها.

2- الروبوتات المساعدة لرواد الفضاء

تعكف وكالات الفضاء والكثير من الشركات والجامعات على تطوير روبوتات لمساعدة رواد المحطة الفضائية الدولية على تأدية أعمالهم. ومن هذه الروبوتات رائد الفضاء الآلي روبونوت Robonaut الذي طورته ناسا بالتعاون مع شركة جنرال موتورز General Motors، وأرسلته إلى المحطة الفضائية الدولية عام 2011 (الشكل 5). وكان الهدف من روبونوت بدايةً مساعدة رواد الفضاء، ثم جرى تطويره لاحقاً للقيام بمهامهم. ولروبونوت ذراعان ويدان شبيهتان بذراعي الإنسان ويديه؛ مما يمكنه من ضغط الأزرار والإمساك بالأشياء، وهو مزود بأكثر من 150 محسّاً في كل ذراع من ذراعيه، منها محسّات حرارة وموضع ولمس وقوة، كما زُود ببزة حرارية لحمايته من التبدلات الحرارية الكبيرة في الفضاء. وأظهر روبونوت براعة في إنجاز بعض المهمات، مثل توصيل الكِبال ورفع الألواح. ويعتقد العلماء أن بإمكانهم استخدامه في المعالجة الطبية لإجراء عمليات جراحية يقوم بها بإشراف أطباء من الأرض.

الشكل (5) روبونوت على متن محطة الفضاء الدولية.

واختبرت ناسا أيضاً الروبوت الكاميرا أي إي آر كام سبرينت Autonomous Extravehicular Activity Robotic Camera Sprint (AERCam Sprint) (الشكل 6)، وهو النموذج الأول من سلسلة كاميرات روبوتية للنشاطات خارج المركبة مستقلة ذاتياً Autonomous Extravehicular Activity Robotic Camera Sprint  وحرة الطيران free-flying، واستخدم في أثناء المهمة STS-87 للمكوك الفضائي عام 1997، وهو روبوت كروي بقطر 36 سم ووزن 16 كغ، يحمل كاميرتي تصوير، ومصمم للدوران حول المركبة بهدف المراقبة والتفتيش عن الأعطال. ويُشغل الروبوت سبرينت ببطارية تسمح له بالعمل مدة 7 ساعات متواصلة، ويحلّق بفضل منظومة ملاحية ومنظومة دفع مكوّنة من 12 فوهة غازية موزعة لتمنحه ست درجات من حرية الحركة، وقد استخدمته ناسا في مراقبة المحطة الفضائية الدولية من الخارج، وفي مساعدة رواد الفضاء في تنفيذ الأعمال خارج المركبة.

الشكل (6) الروبوت أي إي آر كام سبرينت في اختبار الطيران الحر.

 3- المتجولات الكواكبية

المتجولات الكواكبية planetary rovers هي عربات فضائية ذاتية الحركة، صُممت لاستكشاف الكواكب الأخرى. وأطلقت ناسا مجموعة من المتجولات الفضائية مثل سوجورنر Sojourner الذي حط على سطح المريخ عام 1997 وعمل عدة أشهر (الشكل 7)، أرسل في أثنائها 550 صورة و15 تحليلاً كيميائياً لتربة المريخ ومعلومات عن الرياح والعوامل الجوية. كما أرسلت ناسا عام 2004 توأمين من متجولات استكشاف المريخ، هما سبِريت Spirit وأبورتشونيتي Opportunity للبحث عن الماء في المريخ ودراسة صخوره وتربته.

وتسير المتجولات على عدة عجلات، وتعمل بالطاقة الشمسية، ولديها القدرة على الملاحة ذاتياً وتجنب العوائق. ويجري التواصل معها كلما سمح دوران المريخ بالنسبة إلى الأرض بإنشاء قناة اتصال؛ حيث تُرسل سلسلة من الأوامر تحدد الأعمال التي يجب أن يقوم بها المتجول في دورة انقطاع الاتصال اللاحقة. وتحمل المتجولات كاميرات تلفازية، وتقوم بإرسال الصور التي التقطتها إلى الأرض كلما أمكن ذلك.      

الشكل (7) المتجولة سوجورنر.

أطلقت ناسا عام 2012 المتجولة كيوريوسيتي Curiosity إلى سطح المريخ، وتعمل هذه المتجولة بالطاقة النووية، وتتمتع بتقنيات حركة متقدمة، ومزودة بعشر كاميرات واثنتي عشرة أداة قياس وتحسس مختلفة تسمح لها بالحصول على بيانات مهمّة عن بنية المريخ وتربته.

ويعتمد تنقل المتجولات على خريطة طبوغرافية للمنطقة حولها، وهي تعتمد في ذلك على كاميراتها المحمولة وعلى منظومة التصوير المجسم stereo imaging system التي تقوم ببناء خريطة ثلاثية الأبعاد بالاعتماد على الصور الملتقطة. وما زالت هذه المنظومات موضع بحث وتطوير في مجال الروبوتية.

4- الملاحة المتناسبة مع التضاريس

الملاحة المتناسبة مع التضاريس Terrain Relative Navigation (TRN) تقانة طورتها إدارة الطيران والفضاء الوطنية (ناسا) الأمريكية تتيح ضبطاً أكثر دقة للهبوط، كما تساعد المركبة الفضائية على تفادي مخاطر السطوح التي تهبط فوقها.

وتستخدم منظومات الملاحة المتناسبة مع التضاريس كاميرا لإجراء الترابط correlation بين سمات السطح المرئي والخرائط المتنية onboard؛ مما يسمح بحساب المواقع والارتفاعات النسبية في أثناء الهبوط في ثوانٍ فقط. وإضافة إلى ذلك يمكن لمنظومات الملاحة المتناسبة مع التضاريس جعل المركبة الفضائية تتحاشى آلياً المخاطر المتوسطة والكبيرة ضمن منطقة هبوط مستهدفة لضمان هبوط آمن ونجاح المهمة. وبعد إثبات قدرات الهبوط الدقيق لهذه المنظومات يعمل الباحثون على ضم منظومات الملاحة المتناسبة مع التضاريس مع تقانات الدخول والنزول والهبوط الأخرى ومع تقانات كشف المخاطر من أجل المهمات الفضائية إلى القمر وما وراءه.

ويطلق مسمى الهبوط عالي الدقة على الهبوط الذي يسمح للمركبة الفضائية بملامسة السطح ضمن مسافة 50 متراً عن هدفه. ولم يكن تنفيذ ذلك متاحاً قبل تطوير منظومات الملاحة المتناسبة مع التضاريس وتنفيذها. وقد كانت المهمة المريخ 2020 Mars2020 –التي تشتمل على المتجولة برسفيرنس Perseverance والحوَّامة الروبوتية الصغيرة إنجينويتي Ingenuity ومنظومات التسليم المرتبطة بهما- أول مهمة روبوتية إلى المريخ تستخدم الملاحقة المعتمدة على الرؤية من أجل تحقيق هبوط آمن ودقيق. في حين أنه كان يجري تقدير الموضع في مهمات التجوال السابقة اعتماداً على المعطيات التي تقدمها شبكة الفضاء العميق؛ بخطأ يصل إلى 2 كم.

تفاعل الروبوتات مع البيئة الفضائية ورواد الفضاء

تكون الروبوتات الفضائية إما ذاتية الحركة كالمتجولات، وإما مرتبطة برواد الفضاء كروبوتات المساعدة والأذرع الآلية. ويتحكم الإنسان بالروبوتات الذاتية الحركة من بعد بوساطة سلسلة أوامر متباعدة، ويمثل التأخير الزمني في الاتصال أحد أكبر التحديات؛ إذ يستغرق تنفيذ عملية بسيطة كوضع مجس على حجر عدة أيام، في حين يتحكم الرواد بالروبوتات المساعدة لهم محلياً من داخل المركبة. وفي كلتا الحالتين ينبغي أن يتابع الروبوت إنجاز المهمة الموكلة إليه على الرغم من حالات الانقطاع في الاتصال أو حدوث ضرر جزئي أو غير ذلك من الأحداث غير المتوقعة والتي لا تتطلب إيقاف تنفيذ المهمة. وقد أظهرت الروبوتات حتى الآن قدرة تكيّف أضعف بكثير من قدرة التكيف عند الإنسان. ويجري حالياً زيادة جهود الاستثمار في الذكاء الصنعي لتحسين قدرة الروبوتات على التكيّف مع البيئة الفضائية.

ومن ناحية أخرى ما يزال تفاعل الروبوتات مع رواد الفضاء محدوداً بأوامر التحكم المرسلة بوسائل إلكترونية، وهنا أيضاً تنصب الجهود العلمية في استثمار الذكاء الصنعي لتحسين هذا التفاعل. ويعدّ الروبوت الياباني كيروبو Kirobo الذي دخل في الخدمة على متن المحطة الفضائية الدولية منذ عام 2013 النموذج الأكثر تطوراً؛ إذ يستطيع كيروبو معالجة الأسئلة واختيار كلمات من قاموسه اللغوي لبناء إجابة بدلاً من إعطاء ردود مبرمجة سلفاً على أسئلة محددة، وهو ما يفتح المجال مستقبلاً أمام تبادل لغوي للأوامر مع الرواد؛ وربما تفاعل متكافئ لإنجاز المهام.

الدراسات والأبحاث الراهنة في تقانات الأتمتة في الفضاء

تعمل وكالات الفضاء وكثير من الشركات على حل مجموعة من المشكلات التقنية، منها:

-    مواجهة مخاطر اصطدام النفايات السابحة في الفضاء (وأهمها السواتل التي خرجت من الخدمة) بالمحطات الفضائية والسواتل العاملة. ففي عام 2009 حدث اصطدام بين ساتل خارج عن الخدمة وآخر عامل بسرعة نسبية قدرها  10كم/ثا، نجم عنه تدمير الساتلين بالكامل، وتبعثرت كمية كبيرة من الحطام. ودفع هذا الحادث العاملين في المحطة الفضائية الدولية إلى زيادة منظومات التحذير وتدريع المحطة لتخفيف الضرر الناجم عن ارتطام القطع الصغيرة، في حين يجري تفادي الاصطدام بالقطع الكبيرة. وتنصب الجهود العلمية حالياً على تطوير روبوت يستطيع السير في المدارات الفضائية وإصلاح أعطال السواتل أو سحب بقاياها. وقد مثل الروبوتان هيكوبوشي Hikoboshi وآسترو أولى الخطوات في هذا الاتجاه.

-    ما يزال التأخير الزمني في الاتصال يمثل تحدياً كبيراً؛ إضافةً إلى تحديات أخرى تتعلق بالقدرة على التنقل والملاحة وتجنب العوائق. وتتجه بعض الجهود إلى تطوير متجولات أكثر ذكاء واستقلالية ويمكنها العمل عدة أيام من دون تلقي أوامر، بمعنىً آخر أن بمقدورها التوجه إلى مكان محدد ومعاينته بأمر واحد فقط.

-    تطوير الذكاء الصنعي للروبوتات وطريقة تفاعلها مع البيئة الفضائية.

 

مراجع للاستزادة

- A. Ellery, Planetary Rovers, Springer, 2016.

- Y. Gao, Space Robotics and Autonomous Systems, IET, 2021.

- Y. Wang, Space Robotics, Springer, 2021.


التصنيف : تقانات الفضاء والفلك
النوع : تقانات الفضاء والفلك
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1038
الكل : 58492876
اليوم : 65390

التقانات النانوية في الهندسة المدنية والبناء

باختين (ميخائيل ـ) (1895 ـ 1975م)   ميخائيل باختين  Mikhail Bakhtin فيلسوف ولغوي ومنظر أدبي روسي (سوفييتي). ولد في مدينة أريول. درس فقه اللغة Philology  وتخرج عام 1918. وعمل في سلك التعليم وأسس «حلقة باختين» النقدية عام1921. اعتقل عام 1929 بسبب ارتباطه بالمسيحية الأرثوذكسية، ونفي إلى سيبيرية مدة ست سنوات. بدأ عام 1936 التدريس في كليّة المعلمين في سارانسك. ثم أصيب بالتهاب  أدّى إلى بتر ساقه اليسرى عام 1938. عاد باختين بعدها إلى مدينة ليننغراد (بطرسبرغ)، وعمل هناك في معهد تاريخ الفن، الذي كان أحد معاقل «الشكلانيين» الروس، ثم عاد إلى سارانسك حيث عمل أستاذاً في جامعتها. استقر منذ عام 1969في كليموفسك (إحدى ضواحي موسكو) بعد أن تدهورت صحته وراح يكتب في مجلاتها وخاصة «قضايا الأدب» Voprosy Literatury و«السياق» Kontekst.
المزيد »