logo

logo

logo

logo

logo

البيانيات الفلكية المصورة

بيانيات فلكيه مصوره

Astronomical catalogs -

البيانيّات الفلكية المصوّرة

محمد خالد شاهين

البيانيّات الفلكية المصوّرة القديمة

البيانيّات الفلكية المصوّرة الشائعة الاستخدام

البيانيّات الفلكية الحديثة

الأبحاث الراهنة

 

البيانيّات (الفهارس) الفلكية المصوّرة astronomical catalogs هي قوائم مكوّنة من معطيات فلكية ذات صلة بتطبيقات الفلك والملاحة وعلم المساحة التطبيقية (الجيوديزية) وعلوم الفضاء.

جرى وضع عدد كبير من البيانيّات الفلكية المصوّرة الخاصة بالنجوم عبر تاريخ علم الفلك. وتظهر البيانيّات المختلفة اهتمامات مختلفة بالسماء عبر التاريخ. ويمثل إعداد بيان نجمي مصوّر مشروعاً ضخماً ومهمة كبرى، ويحتاج إلى أدلة قوية وكذلك إلى أحدث أجهزة القياس الفلكية المتوفرة.

تختلف البيانيّات الفلكية المصوّرة اختلافاً كبيراً فيما بينها من حيث الشكل والمضمون، تبعاً لنوع المعطيات والأجسام التي تشير إليها هذه المعطيات، فقد تكون هذه المعطيات مواقع الأجسام السماوية celestial objects positions وحركتها، أو قدر magnitude النجوم وأطيافها spectra وسرعاتها الموجهة radial velocities، أو معدلات تدفق الطاقة. ويمكن للأجسام السماوية أن تكون نجوماً أو مجرات أو أجساماً أخرى مجرّية أو خارج المجرات، أو أجسام المجموعة الشمسية، التي تُرتب عادةً تصاعدياً بحسب طالع مستقيمها right ascension (وهو البعد الزاوي لجسم سماوي على الكرة السماوية)، وتُعيّن برقم بيانيّات فلكية. وإما أن تُشتق البيانيّات الفلكية المصوّرة مباشرة من المراقبات (الرصد) observations أو أن تُجمع من مصادر مختلفة.

البيانيّات الفلكية المصوّرة القديمة

نشر بطلميوس Ptolemy أول بيان فلكي مصوّر عن النجوم (الشكل 1) إبان القرن الثاني الميلادي، وظهر في الكتاب الذي عُرف فيما بعد باسم المِجَسطي Almagest، وهو مؤلَّف مشهور في الفلك والرياضيات ترجمه العرب ونقله عنهم الغربيون. اشتمل الكتاب على 1025 مدخلاً، مع مواقع قام بقياسها هيباركس Hipparchs في العام 128 قبل الميلاد، واستكملها بطلميوس حتى العام 138 ميلادي.

الشكل (1) منظومة بطلميوس كما وردت في كتابه المجسطي

 

أُعطيت لغالبية النجوم في المجسطي أسماء أصلية مشتقة من أصول بابلية أو عربية. أما ثاني البيانيّات الفلكية المصوّرة الرئيسة غير المقرابية non-telescopic فقد اشتمل على 788 نجماً مع إحداثيات قام تيخو براهي Tycho Brahe بقياسها، وصنّفها جوهانس باير Johannes Bayer الذي كان أول من أدخل التأشير notation باستخدام أحرف الأبجدية الإغريقية لتعيين هوية النجوم ضمن كوكبة معينة، مرتبة تبعاً للقدر البصري، حيث يدل على النجم الأكثر سطوعاً بالحرف ألفا α متبوعاً بثلاثة أحرف هي اختزال لاسم الكوكبة.

أما أول بيان فلكي مصوّر اعتمد على قياسات مقرابية باستخدام أداة قياس عبور الزوال meridian transit instrument فقد أعدّه الفلكي البريطاني جون فلامستيد John Flamsteed في القرن السابع عشر الميلادي (الشكل 2)، وأدخل مخطط تسمية جديداً للنجوم التي بلغ عددها ثلاثة آلاف الواردة في بيانه الفلكي المصوّر، حيث دلّ على النجوم بعدد متبوع بالشكل الخاص للكوكبة مثل «61 الدجاجة» "61 Cygni".

الشكل (2) كوكبة الدب الأكبر كما وردت في مصور فلامستيد

تجب الإشارة إلى مساهمات علماء الحضارة العربية الإسلامية الذين لم يكتفوا بترجمة البيانيّات الفلكية المصوّرة القديمة، بل قاموا بتصحيح أخطاء فيها وأضافوا إليها، ثم أصدروا بيانيّات فلكية محدثة. ويُعدّ الصوفي الذي عاش في القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي من أشهر هؤلاء العلماء، ومن مؤلفاته المهمة كتاب «الأرجوزة في الكواكب الثابتة» وكتاب «صور الكواكب الثمانية والأربعين». وكان لعلماء فلك مسلمين آخرين إنجازات كبيرة وعلى الأخص في رصد الكواكب والنجوم ووضع جداول فلكية مهمة، اعتمد عليها علماء الفلك الغربيون لاحقاً في وضع بيانيّاتهم الفلكية المصوّرة، ومنهم ابن الشاطر والبتاني والبديع الأسطرلابي والخليلي وبنو موسى وغيرهم الشكل (3).

الشكل (3) بيان فلكي مصوّر قديم يتضمن أسماء عربية للنجوم

البيانيّات الفلكية المصوّرة الشائعة الاستخدام

اعتمدت أول البيانيّات الفلكية المصوّرة في العصر الحديث على مراقبات من مراصد فلكية أُجريت أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، وتُعرف مجتمعة باسم البيانيّات الفلكية المصورة دورخمسترنغ Durchmusterung (وتعني مسحاً survey باللغة الألمانية)، واختصارها دي إم DM. وقد أُعدت هذه البيانيّات الفلكية المصورة بإشراف فريدريك فلهلم Friedrich Wilhelm وأوغست أرجيلاندر August Argelander، وجُمعت من مسوحات بصرية وتصويرية. تقدم هذه البيانيات الفلكية المصوّرة مواقع غالبية النجوم وسطوعها الذي يزيد على 9.5 قدر بصري، أي ما يقارب خمسمئة ألف نجم. وتضم مسوحات دورخمسترنغ الإفرادية كلاً من مسوحات بونر Bonner ورمزها «بي دي» BD، وتوسعتها الجنوبية southern extension ورمزها «إس دي» SD، ومسوحات كوردوبا Cordoba، ورمزها «سي دي» CD، ومسوحات كاب التصويرية Cape photographic ورمزها «سي بي» CP.

ومسوحات بونر هي بيانيات مصوّرة نجمية star catalog، تظهر مواقع النجوم الشمالية وقدرها الظاهري، ويبلغ عدد تلك النجوم 324188 نجماً. جرى جمع المعطيات وتصنيفها في مدينة بون الألمانية بإشراف أرجيلاندر، وتطلبت 25 عاماً من العمل وجرى نشرها بين الأعوام 1859 و 1862. وعُدّت الخرائط المرفقة بها والتي نشرت في العام 1863 أكثر الخرائط دقة حتى ذلك التاريخ. وقد أعيد نشر هذه البيانيّات المصوّرة دورياً وتحديثها بحيث اشتملت في العام 1989 على 325037 نجماً، مع إجراء مراقبتين على الأقل لكل نجم.

أما التوسعة الجنوبية لدورخمسترنغ فهي مسوحات بصرية للنجوم في المناطق ذات الميل الزاوي declination بين -02 درجة و -23 درجة (وهو بُعْد الجرم عن خط الاستواء السماوي)، أُجريت استكمالاً لمسوحات بونر من قبل شونفلد Schoenfeld في العام 1886، و بيكر Becker في العام 1949، وشميدت Schmidt في العام 1967.

في حين تتكون مسوحات كوردوبا من بيانيّات مصوّرة تضم مواقع 613959 نجماً وقدرها الظاهري apparent magnitude، والواقعة أكثر من 22 درجة جنوب خط الاستواء السماوي celestial equator، وقد جرى جمع هذه المعطيات وتصنيفها في مرصد كوردوبا الأرجنتيني، وانتهى العمل فيها في العام 1932، ويؤدي هذا الفهرس المصوّر دوراً متمماً لمصور بونر للنجوم الشمالية.

أما مسوحات كاب التصويرية فهي بيانيّات مصوّرة نجمية تضم 454875 نجماً من القدر 11 أو أكثر سطوعاً، وتقع بين 18 درجة ميل زاوي جنوبي والقطب السماوي الجنوبي. وقد أُجريت اللوحات التصويرية photographic plates اللازمة بين العام 1885 و العام 1890 في كيب تاون Cape Town من قبل الفلكي الهولندي جاكوبوس كورنيليوس كابتين Jacobus Cornelius Kapteyn.

رُتِبت النجوم في كل مصوَّر من مصوَّرات دورخمسترنغ في مناطق ميل زاوي قدره 1 درجة، ورُقمت الأجسام تعاقبياً تبعاً لطالع المستقيم ضمن كل منطقة. فعلى سبيل المثال النجم BD+22 1937 هو النجم ذو الترتيب 1937 في المنطقة الواقعة بين ميل زاوي +22 درجة و +23 درجة. وعند خط الاستواء السماوي ثمة منطقتان هما +0 و –0. وقد اعتمد مخطط الترقيم المهيب هذا بأشكال متنوعة في الكثير من المسوحات السماوية الحديثة، والتي أعادت مسح السماء عند أطوال موجية wavelengths مختلفة. وتعطى مواقع جميع نجوم دورخمسترنغ من أجل زمان العام 1855. وقد سُجلت المواقع إلى أقرب 0.1 ثانية كطالع مستقيم RA، و 0.1 دقيقة قوسية arcmin كميل زاوي DEC، ودوّن القدر إلى أقرب 0.1 قدر بصري.

وقد تضمن كتاب ملخص النجوم والمنظومات النجمية المكوّن من تسعة أجزاء، والذي نشرته مطبعة شيكاغو Chicago press في الستينيات من القرن العشرين مصوَّرات دورخمسترنغ. وشاع استخدام خرائط مسوحات بونر BD، ومسوحات كوردوبا CD المرسومة يدوياً، والمرفقة بذاك الكتاب من قبل علماء الفلك من أجل تعيين هوية النجوم في الحقول المكتظة، إلى حين ظهور مخططات مرصد الفيزياء الفلكية السميثوني Smithsonian Astrophysical Observatory (SAO) في العام 1969. ويمكن العثور على خرائط دورخمسترنغ القديمة في معظم المراصد الفلكية الرئيسة في العالم.

يجب قياس مواقع النجوم منسوبة إلى مجموعة من النجوم الشبيهة comparison ذات الإحداثيات المعروفة بدرجة عالية من الدقة. وتنشر إحداثيات هذه النجوم المرجعية القياسية الفلكية astrometric ضمن ما يُعرف باسم البيانيّات المصوّرة الرئيسية. وقد نشر أول هذه البيانيّات المصوّرة الرئيسية Fundamental Katalog (FK1) في ألمانيا في العام 1879، واشتمل على مواقع دقيقة لخمسمئة نجم. وبلغت سلسلة البيانيّات المصوّرة الرئيسية الألمانية FK أوجها مع نشر الإصدار الخامس FK5 في العام 1984، والذي اشتمل على 1535 نجماً رئيسياً. ويبلغ الخطأ الوسطي في الموقع في الإصدار الخامس من البيانيّات المصوّرة الرئيسية الألمانية ±0.0039 ثانية لطالع المستقيم، و ±0.017 ثانية قوسية للميل الزاوي.

نُشرت أول بيانيّات فلكية مصوّرة طيفية spectroscopic catalog في مطلع القرن العشرين اعتماداً على لوحات مطياف موشوري العدسة الجسمية (الشيئية) objective prism plates، وقامت آني جامب كانون Annie Jump Cannon وزملاؤها من مرصد كلية هارفرد بتصنيفها ونشرها تحت اسم البيانيّات المصوّرة لهنري درابر Henry Draper (HD)، وتوسعة هنري درابر Henry Draper Extension (HDE)، تكريماً له على تمويل أرملته ذلك البحث. ويتضمن هذان المصوران معاً الأنواع الطيفية لقرابة 391 ألف نجم من القدر المتوسط.

تمثيل النجوم في البيانيّات الفلكية المصوّرة المختلفة

ثمة كثير من البيانيّات التي تشتمل على معلومات عن الأجسام السماوية، وتعطي كل واحدة لأجسامها تسمية مختلفة. وفيما يأتي أشهر طرائق التمثيل (التسمية) في البيانيّات النجمية الرئيسية اعتماداً على الأمثِلة، مع وصف موجز لكل منها:

- ألفا أوريونس (alpha Orionis): تسمى النجوم الساطعة بحرف يوناني وصيغة المضاف إليه genitive case من اسم كوكبتها. وتعود هذه التسميات إلى العام 1603، عندما نشر باير مجلد خرائط (أطلس) أسماه المصور الفلكي Uranometria. وتعيّن الأحرف وفق تسلسل السطوع الظاهري تقريباً، الحرف ألفا للأكثر سطوعاً، والحرف بتا للدرجة الثانية من السطوع وهكذا دواليك.

- 61 الدجاجة (61 Cygni): أصدر الفلكي البريطاني جون فلامستيد في العام 1725 مصوراً فلكياً أسماه المصوّر البريطاني للسماوات Historia Coelestis Britannica، وأُعطيت فيه للنجوم ضمن كل كوكبة أرقام. وتتبع الأرقام موقع كل نجم (طالع مستقيمه) وليس سطوعه. ويغلب استخدام هذه التسميات من أجل النجوم الأكثر خفوتاً من النجوم ذات الأحرف اليونانية، لكنها مع ذلك قابلة للرؤية بالعين المجردة.

- إم 74 (M 74): صرف الفلكي الفرنسي مسييه Messier جُلّ جهده لملاحقة المذنبات comets. ووجد في أثناء مسوحاته للسماء كثيراً من الأجسام غير النجمية التي يمكن الاعتقاد خطأً أنها مذنبات، فوضع لائحة بأبرز تلك الأجسام لضمان عدم الخلط بينها وبين المذنبات الحقيقية. وتتضمن لائحته أكثر من 100 جسم، وهي خليط من المجرات galaxies والسدم nebulae والعناقيد النجمية stellar clusters.

- إن جي سي 2028 (NGC 2028)، أي سي 328
(IC 328): تمثل البيانيّات المصوّرة العامة الجديدة New General Catalogue (NGC) تنسيقاً للكثير من البيانيّات المصوّرة للأجسام غير النجمية، معظمها من أعمال ويليم هرشل William Herschel وابنه. وجرى تشكيل إن جي سي من قبل دراير Dreyer ونشرت في العام 1887. ومداخل هذه البيانيّات مرتبة وفق طالع المستقيم. أما البيانيّات المفهرسة Index Catalogues (IC) فهي ملحقات للبيانيّات المصوّرة العامة الجديدة NGC، جرى نشرها بعد قرابة عشرين عاماً. وتجدر الإشارة إلى أن غالبية الأجسام في البيان المصور NGC والبيان المصور IC تقع خارج المجرة extragalactic.

- بي دي+17 4708 (BD+17 4708): مثَّلت مسوحات بونر BD خرقاً علمياً مهماً؛ إذ ازداد بفضلها عدد النجوم ذات الخصائص المقيسة جيداً بمعامل عشرة على الأقل. يدل الرقمان الأوليان (إضافةً إلى الإشارة) على منطقة الميل الزاوي (نافذة من 1 درجة)، والأرقام اللاحقة على ترتيب النجم ضمن هذه المنطقة.

- إتش دي 209458 (HD 209458): مثَّلت البيانيّات المصوّرة لهنري درابر التي نشرت في سلسلة من مجلدات حوليات المرصد الفلكي لكلية هارفرد بين العامين 1918 و 1936 نقلة نوعية في الدراسات الفلكية؛ إذ تضمنت مواقع أكثر من 270 ألف نجم وصوراً لها وقياسات قدر بصرية تصويرية photovisual لها، وأنواعها الطيفية. وتضمن أول بيان مصوّر التصنيف الطيفي الذي يدل على حرارة النجم وحجمه. ورُقمت النجوم في البيان المصوّر الأصيل بترتيب تصاعدي وفق طالع المستقيم في عام 1900.

- إس أيه أو 22045 (SAO 22045): في الخمسينيات من القرن العشرين استخدم الفلكيون العاملون في مرصد بالومار Palomar (الواقع شمال سان دييغو في ولاية كاليفورنيا الأمريكية) كاميرا شميدت Schmidt لتصوير كامل السماء في نصف الكرة الشمالية، في مجالي تمرير باستخدام طبقات تصوير حساسة photographic emulsions للأحمر وللأزرق. كما أخذت كاميرا شميدت كبيرة في نصف الكرة الجنوبي صوراً للسماوات الجنوبية. وقام مرصد الفيزياء الفلكية السميثوني SAO بقياس النجوم اعتماداً على تلك اللوحات التصويرية، ووضع البيان المصوّر SAO، الذي تضمن المواقع والحركات الذاتية (استناداً إلى التغيرات في الموقع منذ المسوحات السابقة) والقدر والأنواع الطيفية وتحديد هوية تصالبي مع الكثير من البيانيّات المصوّرة الأخرى للنجوم. تبدأ الأسماء في هذا البيان بالأحرف الثلاثة «إس أيه أو» متبوعة برقم. وتخصص الأرقام وفق 18 مجالاً bands من 10 درجات في السماء، مع ترتيب النجوم وفق طالع المستقيم ضمن كل مجال.

- جي إس سي 00019-00485 (GSC 00019-00485): البيان المصوّر النجمي الموجه (جي إس سي) Guide Star Catalog (GSC)، والذي يُعرف أيضاً باسم البيان النجمي لمقراب الفضاء هبل (إتش إس تي جي سي) Hubble Space Telescope Guide Catalog (HSTGC)، هو بيان مصور نجمي مجمّع لدعم مقراب الفضاء هبل في استهداف targeting النجوم الخارجة عن محوره off-axis (أي لمتابعة نجم خارج حقل الرؤية الطبيعي للمقراب).

يتضمن الإصدار الأول GSC-I - والذي نُشر في العام 1989- قرابة 20 مليون نجم قدرها الظاهري يراوح بين 6 و 15. أما الإصدار الثاني GSC-II - والذي نُشر في العام 2008- فيشتمل على قرابة 950 مليون (945592683) نجم حتى القدر الظاهري 21.

إن مصاغة مداخل البيان هي من الشكل GSC FFFFF-NNNNN حيث تدل السلسلة F على رمز منطقة سماوية لهبل، أما السلسلة N فتدل على الترتيب ضمن تلك المنطقة (أو الحقل).

البيانيّات الفلكية الحديثة

تتوفر البيانيّات الحديثة للنجوم كقواعد معطيات مزودة بأدوات بحث على الشابكة (الإنترنت). فعلى سبيل المثال ثمة أكثر من عشرة آلاف من البيانيّات الفلكية المتاحة مجاناً بوساطة صفحة الوب لمركز المعطيات الفلكية في ستراسبورغ Centre de Données astronomiques de Strasbourg (CDS). ويمكن من ذلك الموقع على الإنترنت الحصول على ملفات معطيات كاملة، أو الحصول على مختارات بوساطة التطبيقات على الخط سمباد Simbad وفيزييه VizieR.

وسمباد هو قاعدة معطيات فلكية شائعة الاستخدام توفر المعطيات الأساسية عن الأجسام الفلكية خارج المنظومة (المجموعة) الشمسية، وتسمح بتحديد تصالبي لهويتها cross-identification وفهارسها وقياساتها ويمثل الشكل (4) الجسم NGC 2808 من هذه القاعدة. وهي تشتمل على توصيف لمسوحات بونر BD. كما تتضمن قاعدة المعطيات تلك توصيفاً لبيانيّات هنري درابر HD وتوسعاتها؛ وتتضمن كذلك توصيفاً لبيانيّات مرصد الفيزياء الفلكية السميثوني SAO.

الشكل (4) الجسم NGC 2808 من قاعدة معطيات سمباد

أما فيزييه فيؤمن النفاذ إلى أكثر مكتبات البيانيّات الفلكية المنشورة وجداول المعطيات المتاحة على الخط اكتمالاً (11822 بياناً مصوراً)، والمنظمة كقاعدة معطيات ذاتية التوثيق self-documented.

ومن البيانيّات النجمية المهمة، ومن هذه المواقع صفحة الوب الفلكية سميث Smith، وبيان نجوم يال الساطعة Yale Bright Star Ctalog، وبيان مرصد الفيزياء الفلكية السميثوني، وبيان النجوم الدليلي Guide Star Catalog، وبيان هيباركوس Hipparcos، وبيان تيكو Tycho.

يُعدّ مسح السماء الرقمي Sloan Digital Sky Survey (SDSS) أحد أكثر المسوحات طموحاً وتأثيراً في تاريخ علم الفلك؛ إذ تمكن الفلكيون العاملون في ذلك المرصد الواقع في نيومكسيكو في الولايات المتحدة الأمريكية - طوال ثمانية أعوام من العمل (المرحلة الأولى SDSS-I من العام 2000 إلى العام 2005، والمرحلة الثانية SDSS-II من العام 2005 إلى العام 2008)- من الحصول على صور عميقة ومتعددة الألوان تغطي أكثر من ربع السماء، وصنعوا خرائط ثلاثية الأبعاد تشتمل على أكثر من 930 ألف مجرة وأكثر من 120 ألف كوازار quasar. وقد وُضعت المعطيات تحت تصرف الجالية العلمية بإصدارات متلاحقة، كان الإصدار العام الأخير للمرحلة الثانية في العام 2008 تحت اسم إصدار المعطيات السابع Data Release 7. واستمر العمل في المرحلة الثالثة من المشروع SDSS-III حتى نهاية العام 2014. وجرى آخر إصدار، وهو الإصدار الثاني عشر DR12، من العام 2014. ويشتمل على أربعة أنواع من المعطيات هي الصور والأطياف البصرية والأطياف تحت الحمراء، وبيانيّات مصورة. وتوفر مواقع الوب المختلفة لمسح السماء الرقمي أدوات نفاذ إلى المعطيات على الخط مختلفة، يلائم كل منها متطلباً معيناً.

تسمح عدة مواقع وب أخرى بمراكبة overlay المواقع النجمية من البيانيّات على صور فلكية مستحضرة retrieved من أرشيف المعطيات، اعتماداً على تطبيقات خاصة مثل التطبيق دي إس 9 DS9، وهو تطبيق إظهار معطيات وصور فلكية، وإصداره الأخير هو النسخة التي يمكن الإتيان بها من موقع هارفرد 8.0.1 لعام 2019.

ويتضمن موقع الوب المسمى «طلاب من أجل استكشاف الفضاء وتطويره» Students for the Exploration and Development of Space (SEDS) البيانيّات الفلكية المصوّرة لمسييه مع صور جميع الأجسام وتوصيفها. كما يتضمن موقع الوب SEDS أيضاً البيانيّات المصوّرة العامة الجديدة NGC وبصيغة تفاعلية مع صور لبعض الأجسام إن جي سي وتوصيفها، وهو يوفر أيضاً نفاذاً سريعاً إلى نسخ ممسوحة scanned من مسح السماء المرقمن digitized sky survey (المأخوذ من SDSS) عند موقع كل جسم.

كما يوفر موقع الوب لقاعدة معطيات الأجسام خارج المجرة «نِد» NASA/IPAC Extragalactic Database (NED)، التابع لكل من إدارة الفضاء والطيران الوطنية (ناسا) (NASA) الأمريكية، ومركز التحليل والمعالجة بالأشعة تحت الحمراء (أيباك) Infrared Processing and Analysis Center (IPAC) التابع لمعهد كاليفورنيا التقاني California Institute of Technology (CALTECH)، معلومات وصوراً وافية عن الأجسام خارج المجرة. إذ تتضمن قاعدة معطياته مواقع ومعطيات شاملة وأكثر من مليون تحديد هوية تصالبي لأكثر من 592 ألف جسم خارج المجرة من مجرات، وكوازارات، ومنابع راديوية. وتُعد قاعدة المعطيات «نِد» حالياً الدمج الفريد لقرابة 40 بياناً مصوّراً catalog رئيسياً والكثير من القوائم الأقصر shorter lists. وتجري مكاملة البيانيّات والقوائم ضمن "الند" بصورة مستمرة بعد إجرائية تحديد هوية تصالبي مفصلة.

لعل أفضل طريقة حالياً للنفاذ إلى كم هائل من المعطيات الفلكية هي بوساطة أستروغريد AstroGrid، وهو ثمرة تعاون دولي بين الفلكيين المحترفين، لكنه متاح أيضاً للهواة. ويشتمل أستروغريد على الإتيان ببعض تطبيقات جافا Java (وهي لغة برمجة حاسوبية غرضية التوجه) وإرسائها installing بطريقة سهلة، مع توفر كل الإرشادات على موقع الوب لأستروغريد. وبإرساء المرصد الافتراضي Virtual Observatory (VO)يمكن البحث عن المعطيات الفلكية من كل الأنواع على مستوى العالم، كما يمكن المساهمة في جهد تحليل المعطيات وتقديم النتائج أو في تطوير البرمجية أيضاً. إذ جرى جمع معظم المعطيات من قبل الفلكيين المحترفين، لكن تحليل تلك المعطيات كان موجهاً إلى الجوانب الخاصة ذات الصلة بمشاريعهم؛ لذا ثمة فرص للهواة لاكتشاف أشياء مهمة جديدة.

ثمة تطبيق عرض مرئي visualisation للمعطيات مفيد جداً ومرتبط بأستروغريد، هو أداة عمليات على البيانيّات المصورة والجداول «توبكات» Tool for OPerations on CAtalogues and Tables (TOPCAT). يُسهل هذا التطبيق إيساق load ملفات معطيات بمصاغات format مختلفة ورسم المخططات البيانية (النسيجية) histograms، والرسوم البيانية (مبيان) graphs ثنائية البعد أو ثلاثية البعد قابلة للتدوير rotatable. وهو يشبه وريقة جدولة spreadsheet، لكنه مصمم لتحليل المعطيات الفلكية، ومزود بتوابع أكثر صلة بالمعطيات الفلكية مقارنة مع وريقة جدولة عامة. ويتميز هذا التطبيق أيضاً بسهولة الإتيان به.

الأبحاث الراهنة

تتطلب المسوحات الفلكية الواسعة النطاق الراهنة طرائق جديدة في معالجة المعطيات التي تنتجها. فعلى سبيل المثال ستغطي المسوحات ذات الكيلو درجة (كيدز) Kilo-Degree Survey (KiDS) التي ينفذها مقراب المسح في إل تي VLT Survey Telescope (VST) Very Large Telescope (VLT)، ومسوحات فيستا للمجرة بالأشعة تحت الحمراء ذات الكيلو درجة (فايكينغ) VISTA Kilo-degree INfrared Galaxy (VIKING)، التي يقوم بها مقراب المسح بالأشعة تحت الحمراء والمرئية (فيستا) Visible and Infrared Survey Telescope for Astronomy (VISTA)، 1500 درجة مربعة في الأطوال الموجية البصرية optical وتحت الحمراء، كما ستغطي المهمة إقليدس Euclid، التي من المفترض إرسالها في العام 2020، قرابة 20 ألف درجة مربعة. ويتوقع أن تكتشف هذه المسوحات مليارات المجرات التي ستكمم quantified من أجلها مئات الموسطات parameters، وهذا ما سيقود إلى حجوم معطيات من رتبة التيرابايت terabytes، بل ربما البتابايت petabytes التي يجب سبرها.

لذا ثمة أبحاث عديدة جارية من أجل تطوير أدوات برمجية متقدمة وآليات لتنقيب المعطيات data mining واستحضارها pulling ومعالجتها وعرضها المرئي التفاعلي، وهي ضرورية لإنشاء البيانيّات الفلكية المصوّرة، نظراً للحجوم الهائلة للمعطيات الفلكية الحديثة والقادمة.

مراجع للاستزادة:

- T. Aranda, 3000 Deep-Sky Objects: An Annotated Catalogue, Springer, 2011.

- E.E. Barnard, A Photographic Atlas of Selected Regions of the Milky Way, Cambridge University Press, 2011.

- M. T. Soumagnac, E. O. Ofek, catsHTM: A Tool for Fast Accessing and Cross-Matching Large Astronomical Catalogs, Astronomical Society of the Pacific, 2018.

- A. M. Mickaelian, Astronomical Surveys and Big Data, De Gruyter, 2017.

- W. Steinicke, Observing and Cataloguing Nebulae and Star Clusters: From Herschel to Dreyer&https://mail.arab-ency.com.sy/tech/details/1019/5#39;s New General Catalogue, Cambridge University Press, 2010.


التصنيف : تقانات الفضاء والفلك
النوع : تقانات الفضاء والفلك
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1022
الكل : 58506010
اليوم : 78524

البروج (دائرة-)

آلان (إميل كارتييه ـ) (1868 ـ 1951)   إميل كارتييه Emil Chartier المعروف باسم آلان Alain فيلسوف فرنسي ولد في مورتاني أوبرش (مقاطعة أورن) وتوفي في الفيزينيه Le Vésinet (من ضواحي باريس). كان ابن طبيب بيطري، قضى طفولة عادية، رأى أنها كانت ضرباً من الحماقة. فقد إيمانه بالدين وهو بعد طالب في الثانوية من غير أزمة روحية، لمع في دراسته الثانوية في الرياضيات، حتى إنه كان يحلم بدخول مدرسة البوليتكنيك لكن حلمه لم يتحقق، إذ إن إخفاقه في امتحانات الشهادة الثانوية بفرعها العلمي جعله يستعد لدخول المعهد العالي للمعلمين سنة 1889، إذ انصرف إلى قراءة أعمال كبار الفلاسفة، مثل أفلاطون وأرسطو وأوغست كونت، ولكنه أولى الفيلسوف الألماني كَنت اهتماماً خاصاً طبع تفكيره بطابع دائم.
المزيد »