logo

logo

logo

logo

logo

التقانات النووية في الفضاء

تقانات نوويه في فضاء

Space nuclear technology -

التقانة النووية في الفضاء

موفق تقي الدين

دور التقانة النووية في استكشاف الفضاء

الدفع النووي

توليد الطاقة الكهربائية في الفضاء

محطات إنتاج الطاقة في الفضاء الخارجي

الاستخدامات الأخرى للطاقة النووية في الفضاء

 

 

يُقصد بالتقانة النووية في الفضاء space nuclear technology مجموعة الطرائق والأدوات التي تسمح باستخدام الطاقة النووية في الفضاء الخارجي outer space، والتي تهدف إلى تسخير الحرارة الناجمة عن الطاقة النووية في توليد الطاقة الكهربائية والحرارية اللازمة، إما للدفع النووي nuclear propulsion للمركبات الفضائية، وإما لتشغيل التجهيزات على متن السواتل، وإما لتوفير احتياجات المحطات الفضائية المدارية أو الكواكبية المنظورة من الطاقة.

تُنَفذ إجرائية توليد الطاقة الكهربائية والحرارية اعتماداً على طاقة الانشطار النووي nuclear fission، أو طاقة الاندماج النووي nuclear fusion، أو طاقة التفكك الإشعاعي الطبيعي radioactive decay للنظائر المشعة radioisotopes. ويبيّن الشكل (1) المراحل الرئيسة لعملية تحويل الطاقة النووية إلى طاقة كهربائية. 

الشكل (1) مخطط تحويل الطاقة النووية إلى طاقة كهربائية.

 

كما يمكن استخدام التقانة النووية في الفضاء من أجل المراقبة العلمية كما هي الحال مع مطياف موسباورMössbauer spectrometer ، أو لحماية الأرض من حوادث صدم محتملة بفعل الكويكبات القريبة منها، أو في العمليات العسكرية في الفضاء الخارجي.

دور التقانة النووية في استكشاف الفضاء

تنفق الدول المتقدمة الكبيرة أموالاً طائلة بغية استكشاف الفضاء وغزوه واستثمار الموارد النادرة المتوافرة على الكواكب خدمة لأغراضها المدنية والعسكرية. وقد أُطلِقَت لهذه الغاية مئات المهمات غير المأهولة والمأهولة إلى الفضاء الخارجي حاملةً معدات كشف واختبار.

وقد استُعمِل الوقود الكيميائي لتوفير دفع الصواريخ إلى خارج المجال الجوّي الأرضي، إلا أنه ثمة قيود على كمية هذا الوقود التي يمكن للصاروخ حملها، نظراً لحراجة كتلة الصاروخ وانعكاسها على التكلفة وزيادة المخاطر ولاسيما عند الإطلاق. لذا كان لا بد من إيجاد بدائل عن الطاقة الكيميائية ولاسيما في مهمات الفضاء العميق؛ من أجل توفير الطاقة الكهربائية اللازمة لبلوغ هدفها وتشغيل تجهيزاتها ومختبراتها، وكذلك لتوفير البيئة المناسبة لرواد الفضاء على متن المركبات والمحطات الفضائية مدداً زمنية مطوَّلة. فقد أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية المركبة غاليليو Galileo التي تعمل بطاقة المولدات الكهرحرارية من النظائر المشعة Radioisotope Thermal Generator (RTG) إلى كوكب المشتري؛ ولكن أُنهيت هذه المهمة عمداً وحُطمت المركبة غاليليو على كوكب المشتري منعاً لتلوث أحد أقماره بالبلوتونيوم 238  Plutonium-238.

ومثَّلت الطاقة الشمسية حلاً ممتازاً لتزويد السواتل بالطاقة الكهربائية؛ شريطة توافر الإشعاع الشمسي بكثافة ملائمة ومراعاة القيود المفروضة على حجم ألواح الخلايا الشمسية ووزنها تبعاً لنوع صاروخ الإطلاق. وقد أرسلت وكالة الفضاء الأوربية في 2 آذار/مارس عام 2004 المسبار روزيتّا Rosetta، والذي يعمل بالطاقة الشمسية، في أواخر آب/أغسطس 2014؛ للقاء المذنب تشوريوموف - جيراسيمنكو بيّ67 P67/Churyumov-Gerasimenko الذي يبعد عن الشمس نحو 600 مليون كم، برهاناً على فعالية الخلايا الشمسية التي يحملها المسبار روزيتّا المصمم للعمل حتى مسافة 1287 مليون كم عن الشمس حيث ينخفض ضوء الشمس إلى 4% من شدته على سطح الأرض. وقد انتهت المهمة بارتطام متحكم به للمركبة الفضائية روزيتا بسطح المذنب في 30 أيلول/سبتمبر عام 2016.

كما أرسلت إدارة الطيران والفضاء الوطنية الأمريكية (ناسا NASA) National Aeronautics and Space Administration  في الخامس من آب/أغسطس من العام 2011 مسبار الفضاء جونو Juno الذي يعمل بالطاقة الشمسية، وقد وصل إلى مداره حول كوكب المشتري في الرابع من تموز/يوليو عام 2016 في رحلة استغرقت خمسة أعوام؛ وقد أكمل المسبار تحليقه المنخفض التاسع والأربعون في الأول من آذار/مارس 2023. وقد دخل المسبار مرحلة تمديد المهمة، وسيستمر المسبار في تقصي أكبر كواكب المنظومة الشمسية حتى أيلول/سبتمبر 2025 أو حتى انتهاء عمر المركبة الفضائية.

لكن تعرض ألواح خلايا الطاقة الشمسية للأشعة الكونية والظواهر الفضائية الأخرى تتسبب في انخفاض مردودها أو إتلافها. كما أن عدد الفوتونات في المتر المربع ينخفض عند تجاوز نطاق كوكب المشتري دون المستوى المطلوب الذي تمّثل معه الألواح الشمسية خياراً مناسباً للطاقة. ومن جهة أخرى فإن الحجم الضخم لصفيفة الألواح الشمسية اللازمة لتشغيل قاعدة على سطح القمر أو المريخ يطرح صعوبات في التعامل معها، إضافةً إلى خطر إتلافها بفعل صدم النيازك المِكروية micrometeorites لها؛ مما يتطلب إبدال هذه الألواح دورياً؛ ويفرض ذلك عبئاً عملياً ثقيلاً وزيادة كبيرة في التكاليف. وأخيراً يدوم الليل القمري أربعة عشر يوماً مما يفرض تخزين الطاقة بما يغطي احتياجات القاعدة القمرية أو المركبة الجوالة rover المعقدة طوال تلك المدة.

وجهت تلك القيود الأنظار نحو تسخير الطاقة الناتجة من الانشطار النووي أو من الاندماج النووي أو الناتجة من التفكك الطبيعي للنظائر المشعة في خدمة تقانات الفضاء نظراً لصغر كتلتها نسبةً إلى كتلة الوقود الكيميائي وإمكانية الاستفادة منها مدداً طويلة نسبياً. ويبيّن الجدول (1) التمايز المقدّر في حجم التجهيزات اللازمة لتوليد الكهرباء وكتلتها من أجل استطاعة  100كيلو واط  واستطاعة 10  ميغا واط باستخدام مفاعل نووي انشطاري وبالوقود الكيميائي وبألواح الطاقة الشمسية.

الجدول (1) مقارنة بين المتطلبات الكيميائية والنووية لإنتاج 10 ميغا واط  و100 كيلو واط  من الكهرباء.

الطاقة الكهربائية المنتجة

مدة العمل

كتلة المفاعل النووي (كغ)

كتلة الوقود الكيميائي (كغ)

كتلة ألواح الطاقة الشمسية (كغ)

مساحة ألواح الطاقة الشمسية (متر مربع)

 كيلو واط100

7 سنوات

5,000

6´106

10,000

750

ميغا واط10

سنة واحدة

50,000

1´108

1´106

75,000

المخاطر والضوابط الناظمة

درست الجمعية العامة للأمم المتحدة تقرير لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية، عن أعمال دورتها الخامسة والثلاثين، وأجازت في تقريرها A/RES/47/68 الصادر في 23 شباط/فبراير 1993 استخدام مصادر الطاقة النووية في الفضاء الخارجي في الحالات التي لا يمكن الاستعاضة عنها بمصادر أخرى للطاقة، وأن تكون التقانات النووية في الفضاء مدروسة المخاطر بحيث لا تسبب تعرضاً إشعاعياً للبشر يتجاوز حد الجرعة الموصى به من قبل الهيئة الدولية للوقاية من الإشعاع International Commission of Radiological Protection (ICRP) والوكالة الدولية للطاقة الذرية International Atomic Energy Agency (IAEA) وهو 1 ميلي سيفرت/سنة 1 millisievert/year أو لا يتجاوز 5 ميلي سيفرت/سنة ولعدة سنوات بحيث يكون متوسط جرعة الجمهور على كامل العمر 1 ميلي سيفرت/سنة.

يُقسم استهلاك الطاقة الكهربائية في المركبة الفضائية إلى ثلاثة أجزاء: الأول وهو الحمل الأساسي الذي تُستهلك فيه الطاقة الكهربائية على نحو مستمر لأعمال الحياة اليومية لطاقم المركبة والتدفئة أو تبريد التجهيزات، وفي الاتصالات ومعالجة المعطيات، وضبط موقع المركبة. أما الثاني فلحالات التأهب، ويكون معدّل استهلاك الطاقة الكهربائية خلالها أضعاف الجزء الأول، ولكن لفترات يُقارب مجموعها سنة من عمر المركبة الفضائية. وأخيراً الثالث وهي حالة دفع المركبة التي تحتاج إلى طاقة عالية يمكن أن تصل إلى أضعاف الميغاواط ولكن فقط لمئات الثواني للسواتل والمركبات غير المخصصة للإبحار في الفضاء العميق.

تُستخدَم المفاعلات النووية أو النظائر المشعة في الفضاء لتوليد طاقة حرارية يجري تحويلها إلى طاقة كهربائية إمّا بطريقة سكونية؛ إذ يتولد فرق جهد كهربائي باختلاف درجة الحرارة بين طرفي مادة وفق ما يُعرف بأثر سيبِك Seebeck effect، وإما بطريقة حركية كتسخين مادة إلى درجة حرارة مرتفعة نسبياً فتتحول من الحالة السائلة مثلاً إلى الغازية مما يزيد حجمها وضغطها، فإذا سُمِحَ لها بالانفلات يمكنها توليد قوة دافعة محرّكة لجسم المركبة الفضائية أو محرّكةً لتوربينات توليد الكهرباء. ويكون وزن المادة المشعّة، ومدى خطورتها هو العامل الأول للتمييز بين خيار استخدام المفاعل النووي أو التفكك الطبيعي للنظائر المشعة، إذ لا تتناسب الزيادة في كتلة النظير المشع طرداً مع زيادة الطاقة المنتَجة. فيلزم مثلاً 9.4 كغ من البلوتونيوم 238 لإنتاج طاقة كهربائية 4.4 كيلو واط. أما للحصول على 6 كيلو واط من الكهرباء فيلزم 53 كغ من البلوتونيوم 238، ولهذه الكمية نشاط إشعاعي يقارب مرتين ونصف النشاط الإشعاعي لنظائر البلوتونيوم في السقط الإشعاعي الناتج من كلّ اختبارات الأسلحة النووية في الجو. لذلك يُعَد استعمال المفاعل النووي هو الخيار الأفضل للحصول على طاقة كهربائية تتجاوز 10 كيلو واط.

الدفع النووي

تُطلَق مركبات الفضاء من الأرض باستخدام صواريخ تعمل بطاقة الوقود الكيميائي، ولا تُستخدم الطاقة النووية في تقنيات الإطلاق لأسباب تتعلق بسلامة البشر وأمانهم في قاعدة الإطلاق وما يحيط بها، كما تتعلق بسلامة المركبة وأمانها خشية انعكاس نواتج الانشطار النووي الدافع على الأرض وباتجاه المركبة؛ في حين يمكن استخدام الطاقة النووية في دفع مركبات الفضاء أو تشغيلها خارج المجال الجوي الأرضي.

بدأت الولايات المتحدة الأمريكية منذ العام 1955 بتطوير نموذج لمفاعلٍ نووي انشطاريّ يعمل بوقود من اليورانيوم 235 ضمن برنامج منظومة الطاقة المساعدة النووية System for Nuclear Auxiliary Power (SNAP) لاستخدامه في تزويد رحلات الفضاء بالطاقة اللازمة.

واختُبِرَ النموذج TOPAZ-I من المفاعل الحراري الروسي توباز - والاسم مختصر من اللغة الروسية الذي يقابل (تجربة حرارية مع التحويل في المنطقة النشطة) Thermionic Experiment with Conversion in Active Zone (TOPAZ)- على الأرض مدة 1300 ساعة في العام 1971؛ وكان وزن المفاعل 320 كغ ووزن وقوده 12 كغ، وهو قادر على إنتاج طاقة كهربائية بمعدل 5 كيلو واط مدة أربع سنوات. أما النموذج TOPAZ-II الذي يبلغ وزنه 1061 كغ فهو يستخدم أكسيد اليورانيوم UO2 وقوداً نووياً وزنه 31.1 كغ ونسبة إغنائه 96% موزعاً على 37 أسطوانة مزودة بعاكس للنترونات من البيريليوم، واستُخدمت سبيكة صوديوم-بوتاسيوم NaK كسائل معدني للتبريد. وقد نُقلت ستة مفاعلات TOPAZ-II إلى الولايات المتحدة الأمريكية واختبرها عدد من العلماء من دون تحميلها بالوقود النووي، وكان من المتوقع أن تشتري عدداً من هذه المفاعلات لكن قوانينها منعت تحقيق ذلك.

على الرغم من الاعتراضات على استخدام التقانات النووية في الفضاء أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية ما يزيد على ثلاثين مركبة فضائية تستعمل الطاقة النووية لتشغيل تجهيزاتها ومنها المركبة سنابشوتSnapshot  التي أُطلقت في 3 نيسان/إبريل 1965 محمّلةً بالمفاعل النووي SNAP-10A (الشكل 2)، وهو يعمل بانشطار اليورانيوم 235 لتزويدها بالطاقة الكهربائية في أثناء تحليقها في الفضاء الذي استمر 43 يوماً وعلى ارتفاع 1290 كم.

الشكل (2) المفاعل النووي SNAP-10A أثناء اختباره في المختبر

وما زالت الأبحاث والتجارب المخبرية حثيثة في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) لبناء مركبة فضائية تعمل بطاقة مفاعل يعمل بمبدأ الاندماج النووي لنظيري الهدروجين (الدوتريوم والتريتيوم)؛ تمهيداً لإطلاق مركبة مأهولة إلى كوكب المريخ في العام 2033 بسرعة تقارب ضعفي سرعة مركبات الدفع الكيميائي، وهذا يختصر زمن الرحلة، مما يخفف من تعرض رواد المركبة لخطر الإشعاع الكوني وللأخطار الصحية الأخرى الناجمة عن البقاء في الفضاء لمدد طويلة، إضافةً إلى خفض وزن الوقود الكيميائي اللازم للإطلاق، وفي ذلك توفير كبير في تكاليف عملية الإطلاق.

كانت محاولات تحميل المفاعلات النووية على مركبات الفضاء الروسية عديدة، وكانت أول رحلة أُعلن عن حملها مفاعلاً نووياً هي كوسموس 198 Cosmos 198 التي دارت حول الأرض على ارتفاع 920 كم في 27 كانون الأول/ديسمبر 1967.

توالى استخدام الاتحاد السوڤييتي للمفاعلات النووية لتزويد مركباته الفضائية بالطاقة، ومن بينها سواتل استطلاع المحيط الرادارية Radar Ocean Reconnaissance Satellites (ROSTAs) والتي تحلّق على ارتفاع يراوح بين 255 و270 كم عن سطح الأرض لرصد تحركات السفن الأمريكية، وبعد انتهاء مهمة أحد هذه السواتل ينفصل المفاعل عنه ويُقذَف إلى مدار بعيد عن الأرض. ومن هذه السواتل كوسموس 954 الذي كان مجهَّزاً لقذف مفاعله النووي بعد انتهاء مهمته إلى مدار يبعد عن الأرض نحو 950 كم، لكن العملية أخفقت وعاد المفاعل النووي إلى الأرض في العام 1978 وتناثرت أشلاؤه، وانتشرت المواد المشعّة الناجمة عن انشطار اليورانيوم على مساحات واسعة في الأقاليم الشمالية الغربية من كندا.

توليد الطاقة الكهربائية في الفضاء

يمكن توليد الطاقة الكهربائية بإحدى طريقتين:

أ‌. تحويل طاقة التفكك الطبيعي للنظائر المشعة مباشرة إلى تيار كهربائي كما هي الحال في النظائر المُصدِرة لأشعة بتا – وهي إلكترونات سالبة الشحنة الكهربائية– أو المُصدِرة لأشعة ألفا - وهي جسيمات موجبة الشحنة الكهربائية- وهذه الطريقة ينتج منها تيار كهربائي ترددي.

تركزت الجهود منذ عام 2018 على استعمال بطاريات نووية تعمل بإصدار إشعاع بتا الناتج عن تفكك النيكل 63 Nickel-63 المشع، والتي يمكن تغليفها بالألمنيوم لمنع انتشار الإشعاع لضمان أمن الإنسان.

وقد أعلن عالم الكيمياء الحيوية توم سكوت Tom Scott من جامعة بريستول كابوت Bristol cabot البريطانية في عام 2016؛ أن تغليف بطارية النيكل 63 أو بطارية الكربون 14 بالألماس الصنعي يجعلها آمنة ومناسبة للأجهزة منخفضة استهلاك الطاقة كالسواتل، إذ يمكن الحصول من غرام واحد من الكربون 14 على 15 جول يومياً وباستمرار لمدة تزيد عن خمسة آلاف سنة.

ب‌. تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة كهربائية اعتماداً على مولد كهرحراري من النظائر المشعة Radioisotope Thermal Generator (RTG). وتستعمل هذه الطاقة الكهربائية في دفع المركبة الفضائية أو لتشغيل تجهيزاتها.

استخدم الاتحاد السوفيتي طريقة تحويل الطاقة الحرارية للنظائر المشعة إلى كهربائية لتزويد عدد من مركباته الفضائية بالطاقة الكهربائية باستخدام نظير البولونيوم 210  ذي العمر النصفي الإشعاعي 138 يوماً (الجدول 2)؛ في حين استُخدمت غالبية المولدات الكهرحرارية من النظائر المشعة في تجهيزات الفضاء الأمريكية (الجدول 3) نظير البلوتونيوم 238 ذي العمر النصفي الإشعاعي 87.7 سنة، إضافة إلى مسبار الفضاء كيوريوسيتي Curiosity الذي هبط على سطح كوكب المريخ في آب/أغسطس 2012، وهو مختبر فضائي يحمل عشرة أجهزة قياس مختلفة الوظائف؛ إذ يستطيع التنقل وتفتيت الصخور وأخذ عينات بيئية وتحليلها، وهو مصمم بحيث تكون الطاقة التي تنتج من التفكك الطبيعي لكمية البلوتونيوم المزود بها كافية للعمل مدة سنة مرّيخية، وهي تعادل 687 يوماً أرضياً.

 

الجدول (2) مركبات فضائية روسية تعمل بطاقة المولدات الكهرحرارية من النظائر المشعة

اسم المركبة

تاريخ الإطلاق

متوسط ارتفاع مدارها (كم)

كوسموس 84

3 أيلول/سبتمبر 1965

1500

كوسموس 90

18 أيلول/سبتمبر 1965

1500

كوسموس 300

23 أيلول/سبتمبر 1969

فاشلة

كوسموس 305

22 تشرين أول/أكتوبر 1969

فاشلة

 
الجدول (3) مركبات فضائية أمريكية تعمل بطاقة المولدات الكهرحرارية من النظائر المشعة

اسم المركبة

تاريخ الإطلاق

الارتفاع (كم) أو الهدف

ترانزيت 5 بي إن-1Transit 5BN-1

28 أيلول/سبتمبر 1963

1095

أبولو 12

14 تشرين ثاني/نوفمبر 1969

سطح القمر

أبولو 14

31 كانون الثاني/يناير1971

سطح القمر

أبولو 15

26 تموز/يوليو 1971

سطح القمر

بيونير 10 Pioneer 10

2 آذار/مارس 1972

إلى بلوتوPluto

أبولو 16

16 نيسان/إبريل 1972

سطح القمر

ترانزيت 01-1 إكس Transit -01-1X

2 أيلول/سبتمبر 1972

770

أبولو 17

7 كانون الأول/ديسمبر 1972

سطح القمر

بيونير 11 Pioneer 11

5 نيسان/إبريل 1973

إلى زحل Saturn

فايكنغ 1 Viking 1

20 آب/أغسطس 1975

إلى المريخ

فايكنغ 2 Viking 2

9 أيلول/سبتمبر 1975

إلى المريخ

لس 8 Les 8

14 آذار/مارس 1976

35785

لس 9 Les 9

14 آذار/مارس 1976

35785

فوايجر 2 Voyager 2

20 آب/أغسطس  1977

إلى أورانوس Uranus

فوايجر 1 Voyager 1

5 أيلول/سبتمبر 1977

إلى زحل

غاليليو Galileo

18 تشرين أول/أكتوبر 1989

إلى المشتريJupiter

كاسيني Cassini

14 كانون الثاني/يناير 2005

زحل، تيتان Titan

نيوهورايزن New Horizons

19 كانون الثاني/يناير 2006

إلى بلوتو

محطات إنتاج الطاقة في الفضاء الخارجي

تعمل وكالة ناسا على تطوير محطة نووية تعمل بمفاعل نووي انشطاري لتوليد الطاقة الكهربائية على سطح القمر أو سطح المريخ، تهدف هذه الخطوة إلى تزويد قاعدة يسكنها الإنسان على سطح القمر في عام 2030 بالطاقة الكهربائية اللازمة، ولتكون هذه القاعدة موقعاً دائماً لاستكشاف سطح القمر وللانطلاق منه نحو المريخ والمواقع الفضائية الأخرى.

الاستخدامات الأخرى للطاقة النووية في الفضاء

أ- حرب النجوم: تعتمد برامج حرب النجوم على التقانة النووية، وتُطلَق تسمية حرب النجوم على الحرب التي تشارك فيها السواتل بأعمال حربية مباشرة كمهاجمة السواتل المعادية بما تحمله من رؤوس نووية؛ إما بتفجير نووي قريب من الهدف فيخرّبه وإما بالتصادم المباشر معه ثم يحدث التفجير النووي الذي يسبب تدمير الساتلين معاً، إضافةً إلى أعمال المراقبة والتوجيه والتجسس والاتصالات. كما يمكن أن تكون الرؤوس النووية مزودة بمحركات دفع ومحمولة على صاروخ يستطيع حملها إلى الفضاء الخارجي ثم تنطلق من الصاروخ الحامل باتجاه أهدافها في الفضاء الخارجي، أو أن تكون الرؤوس النووية محمولة على طائرة مثل الطائرة الأمريكية (ف-15-إيغل)  F-15-Eagle  التي ترتفع في جو الأرض إلى مسافة تزيد على 20 كم ثم تطلق قذائفها النووية باتجاه الأهداف المعادية في الفضاء الخارجي.

تشبه التفجيرات النووية الدفاعية أو الهجومية في الفضاء الخارجي القريب من الأرض في تأثيراتها الضارّة في الأرض؛ التأثيرات التي سببتها تجارب التفجيرات النووية التي أجرتها روسيا وأمريكا على ارتفاعات عالية في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين؛ كالقذيفة النووية التي أطلقتها أمريكا من جزيرة جونستون المرجانية في المحيط الهادىء لتنفجر في 29 تموز/ يوليو 1962 على ارتفاع 400 كم عن سطح الأرض؛ أي على ارتفاع يزيد على ارتفاع عدد من السواتل. وانتشرت في السماء ألوان الإشعاع الخطير الناجم عن الانفجار (الشكل 3)، وقد عطّل هذا الإشعاع عدداً من السواتل التي تعمل على مدارات منخفضة وتسبب في تعطّل الاتصالات والبث الإذاعي والخدمات الهاتفية في منطقة واسعة من المحيط الهادىء بسبب الموجة الكهرطيسية الناجمة عن الانفجار النووي، هذا إضافةً إلى الجسيمات المشحونة والنظائر المشعة الناجمة عن الانفجار النووي، والتي ضربت الغلاف الجوي مسببةً زيادة في معدل الإشعاع الطبيعي قدّرتها وكالة الدفاع الأمريكية بآلاف الأضعاف. ويمكن ان تستمر الزيادة عن المعدل الطبيعي على هذا الارتفاع مدة سنتين.

 

الشكل (3) منظر السماء إثر تجربة تفجير نووي أمريكية في الفضاء على ارتفاع 400 كم.

ب- الدفاع ضد الأجسام الفضائية الخطرة

أنشأت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي فريقاً خاصاً لجمع المعطيات حول الكويكبات asteroids والأجسام القريبة من الأرض Near-Earth Objects (NEOs)، والخطر الذي يمكن أن ينتج عن اصطدامها بكوكب الأرض. ويعتقد علماء الفضاء أن تصادم أي كويكب يزيد قطره على ثمانمئة متر مع الأرض سيسبب نهاية الحياة عليها، ويعمل العلماء في لوس ألاموس على تطوير خطة دفاع سريعة الاستجابة لكشف أي كويكب يقترب من الأرض، وتدميره بتفجير نووي.

لن تكون التأثيرات السلبية في الحياة على سطح الأرض لهذه العملية الدفاعية أقل سوءاً من تجارب التفجيرات النووية في الفضاء أو تأثيرات حرب النجوم، وربما كانت أشد تأثيراً لأن قوة التفجير النووي المفترض ستكون كبيرة بقدرٍ كافٍ لتدمير الكويكب المتجه نحو الأرض، ولكن هذه التأثيرات الضارة ستكون حتماً أقل خطراً على الحياة من تصادم كويكب مع الأرض.

وقد تعرضت التقانة النووية في الفضاء لنكسات مهمّة بفعل الجهات المناوئة لاستخدام الطاقة النووية، وتوقفت برامج تطوير استعمال الطاقة النووية وأبحاثها في الفضاء الخارجي في العام 1970، وذلك بعد إخفاق الساتل الأمريكي المحمل بنحو كيلوغرام واحد من البلوتونيوم 238؛ في الوصول إلى مداره وسقوطه على سطح الأرض في 24 نيسان/أبريل 1964، مما أدى إلى تلوث كل قارات الكرة الأرضية بالبلوتونيوم المشع ذي العمر النصفي الإشعاعي 87.7 سنة. لكن ووفقاً لمبادئ الدفاع الاستراتيجي وُضِعَت في العام 1983 برامج جديدة لتطوير تطبيقات التقانة النووية في الفضاء الخارجي، وزاد من دعمها مبادرة إحياء أعمال استكشاف الفضاء في العام 1990، ولكن الكونغرس الأمريكي أرجأ إقرار هذه البرامج لأسباب تتعلق بالأمور المالية وعدم إعطاء الأولوية إلى أبحاث استكشاف الفضاء العميق مع التزام وكالة ناسا بكلّ شروط إطار الأمان والاستعداد والاستجابة لحالات الطوارئ لوقاية البشرية من أخطار استخدامات الطاقة النووية كافة التي تنص عليها الوثيقتان A/AC.105/C.1/L.313 و A/AC.105/934 المتطابقتان مع تعليمات لجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة.

الأبحاث والدراسات الراهنة

استمرت الأبحاث العلمية لاستخدام التقانة النووية في الفضاء الخارجي تأييداً توقع العالم روبرت إتش غودارد Robert H. Goddard؛ الذي بنى بنجاح أولَ صاروخٍ يعمل بالوقود السائل، واختبره.  وقد أعلن غودارد في 3 تشرين الأول/أكتوبر 1907 -أي قبل نحو نصف قرن من بداية استخدام الطاقة النووية في الفضاء- أن حل مشكلة الطاقة في الفضاء سيكون باستخدام طاقة التفكك النووي.

وأعلنت اللجنة الفرعية العلمية والتقنية التابعة للجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية في هيئة الأمم المتحدة البيان المشترك لممثلي وكالة الفضاء الاتحادية الروسية والمؤسسة الحكومية للطاقة الذرية الروسية الصادر في شباط/فبراير 2013؛ عن فعاليات الحلقة الدراسية بشأن إطار الأمان الخاص بتطبيقات مصادر الطاقة النووية في الفضاء الخارجي، وذكرت فيه أن روسيا بصدد تطوير مفاعل نووي من فئة الميغاواط لأغراض الاستعمال في الفضاء الخارجي وأن هذا التصميم يتمتع بمستوى أمان عالٍ. ويُتوقع -لأسباب تتعلق بالسلامة- استعماله للسواتل على مدارات بعيدة عن الأرض بحيث لا يقل بُعدُها عن الأرض عن 1200 كم، أو للتنقل بين الكواكب أو استكشاف الفضاء العميق. كما أُعْلِنَ أنه بهدف حماية البشر على الأرض، أن هذه المفاعلات مصممة بحيث لا تبدأ عملها إلا بعد وصولها إلى نقطة بعيدة عن الأرض بحيث لا يؤثر أي خلل في مراحل الإطلاق في السلامة الإشعاعية على سطح الأرض.

وعلى الرغم من إعلان الدول عن سعيها لتصنيع مفاعل يستعمل طاقة الاندماج النووي (النظيفة) لإنتاج  الطاقة اللازمة لمحطة بشرية على سطح القمر أو سطح المريخ، فقد موّلت وكالة الفضاء البريطانية شركة رولز رويس Rolls-Royce لإنتاج مفاعل نووي انشطاري سيُنجز في عام 2028 تمهيداً لإرساله إلى الفضاء في عام 2030. كما أعلنت ناسا، التي تسعى لامتلاك قاعدة على سطح القمر في عام 2028؛ تعمل بالطاقة النووية الانشطارية، أن المفاعلات النووية الانشطارية سوف تُستخدم لإنتاج 40 كيلو واط من الطاقة لتزويد 30 منزلاً على سطح القمر لمدة 10 سنوات.

وينص إطار الأمان الخاص بتطبيقات مصادر الطاقة النووية في الفضاء الخارجي أنه "استناداً إلى المعارف والقدرات الحالية، تُعَدّ مصادر الطاقة النووية الخيار الوحيد المجدي لتزويد بعض البعثات الفضائية بالطاقة، وسوف يتعذّر القيام بعدّة بعثات مرتقبة من دون استخدام مصادر الطاقة النووية في الفضاء".

مراجع للاستزادة:

- W. J. Emrich Jr., Principles of Nuclear Rocket Propulsion, Elsevier, 2023.

- U. Guven, Nuclear Propulsion Techniques for Spacecraft, Amazon Digital Services, 2019.

- C. O. Maidana, Thermo-Magnetic Systems for Space Nuclear Reactors, Springer, 2014.

 


التصنيف : تقانات الفضاء والفلك
النوع : تقانات الفضاء والفلك
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1045
الكل : 58492792
اليوم : 65306

أثر زيمان

إِبيروس   مقاطعة في شمال غربي اليونان تجاور كلاً من تسالية ومقدونية وتراقية وتفصلها عن تسالية سلسلة جبال البندوس الكلسية التي تمتد من الشمال الغربي إِلى الجنوب الشرقي, وتدعى في اليونانية إِبيروس Epiros ومنها اسمها بالإِنكليزية Epirus وبالفرنسية Epire ويذكر هوميروس أن اسمها يعني «الأرض الصلبة» وهي تتصل بجنوبي ألبانية. وتغطي سلاسل الجبال الكلسية الضخمة التي قد ترتفع إِلى 2600م جزءاً كبيراً من سطحها, وتخترقها الوديان الضيقة العميقة الجميلة. بينما تمتد السهول الفسيحة والمروج في المنطقة الشمالية.
المزيد »