logo

logo

logo

logo

logo

تغذية النبات

تغذيه نبات

Plant nutrition -

تغذية النبات

أيمن شحادة العودة

أهمية الماء والعناصر المعدنية في نمو النباتات وتطورها

تمثل الآزوت والفسفور في النبات

طرائق تقدير احتياجات النباتات الغذائية

أنواع مستحدثة في تغذية النبات

 

علم تغذية النبات plant nutrition هو العلم الذي يبحث في العلاقة المتبادلة بين العناصر المعدنية المغذِّية في التربة أو المحاليل المغذِّية وبين نمو النباتات بما يضمن معدل نمو أمثل ضمن بيئةٍ محددة.

تتشكل العناصر المعدنية المغذية في التربة نتيجة عمليات التجوية (التعرية/الحت) weathering للصخرة الأم، أو تحلل المادة العضوية والكائنات الحية الميتة النباتية والحيوانية بفعل الكائنات الحية الدقيقة في التربة. تمتص جذور النباتات العناصر المعدنية على شكل إيونات في محلول التربة، ويمكن أن تكون متاحة على نحو ميسَّر للامتصاص أو مثبتة مع عناصر أخرى أو في التربة نفسها، ويتحدد ذلك – بصورة رئيسة- بـدرجة حموضة (باهاء pH) التربة. يمكن للترب الزراعية أن تزوِّد النباتات بكامل احتياجاتها الغذائية لإكمال دورة حياتها بنجاح؛ ولكن الإنسان يعمل على تغيير خصوبتها بإضافة الأسمدة المعدنية والعضوية لزيادة معدل نمو النباتات وتطورها، وتحسين الإنتاجية من أجل توفير الاحتياجات السكانية المتزايدة إلى الغذاء. يُعدّ الدبال humus مستودعاً طبيعياً للعناصر المعدنية المغذية؛ إذ إنّ نقص العناصر المعدنية المغذية – عموماً- ولو توفرت كميات كافية من المياه وأشعة الضوء يؤثر سلباً في نمو النباتات وتطورها وإنتاجيتها.

تُمتص العناصر المعدنية من التربة بوساطة عملية التبادل الكاتيوني، حيث تضخ الشعيرات الجذرية إيونات الهدروجين (H+) التي تحل محلَّ الشوارد المعدنية الموجبة المدمصة على جزيئات التربة المشحونة سلباً؛ فتصبح قابلة للامتصاص من قبل جذور النبات. وبما أنّ العناصر المعدنية المغذية تنتقل من التربة إلى جذور النباتات عن طريق تيار الماء الواصل إلى الأوعية الخشبية (الزيلم) xylem؛ فإنّ توفر المياه وفرق التدرج في الجهد المائي بين التربة وخلايا المجموعة الجذرية من العوامل المهمة المحددة لمعدل امتصاص المغذيات المعدنية.

تُصنَّف العناصر المعدنية المغذِّية إلى عناصر ضرورية  essential elements وعناصر مفيدة مكملة beneficial elements. ويُعدُّ عنصر ما ضرورياً إذا كان النبات لا يستطيع إكمال دورة حياته في غيابه، ولا يمكن أن يقوم مقامه عنصر آخر، ويدخل مباشرةً في استقلاب النبات.

هناك نحو 20 عنصراً ضرورياً أو مفيداً لنمو النباتات، أهمها الكربون (C) والهدروجين (H)، والأكسجين (O) والتي يتم الحصول عليها من الهواء والماء. وستة عناصر مغذية كبرى macronutrients يحتاج إليها النبات بكمياتٍ كبيرة، وهي: الآزوت (N)، الفسفور (P)، البوتاسيوم (K)، الكلسيوم (Ca)، المغنزيوم (Mg)، الكبريت (S). وتوجد في أنسجة النباتات بكمياتٍ تراوح بين 0.2 - 4.0% على أساس الوزن الجاف؛ في حين تُسمى العناصر المتبقية "العناصر المغذِّية الصغرى" icronutrients، وتحتاج إليها النباتات بكمياتٍ قليلة جداً، مثل البورون (B) والكلور (Cl) والنحاس (Cu) والحديد (Fe) والمنغنيز (Mn) والصوديوم (Na) والتوتياء (Zn) والموليبدنيوم (Mo) والنيكل (Ni) والسليكون (Si) والكوبالت (Co)، وتوجد جميعها في أنسجة النباتات بكمياتٍ ضئيلة جداً تقدر بنحو 200 جزء بالمليون إلى أقل من 0,02%. يُعد الآزوت والفسفور والبوتاسيوم من العناصر القابلة للحركة في النبات، وفي حال نقصها تظهر أعراض النقص على الأوراق القديمة (الشكل 1)، أما العناصر الأقل حركة فعادةً ما تظهر أعراض نقصها على الأوراق الحديثة الفتية، وهذه الظاهرة مهمة جداً في تحديد العناصر التي يفتقر إليها وسط النمو.

 

(أ):  تعفن نهايات ثمار البندورة العنبية بسبب نقص الكلسيوم. (ب وج): اصفرار ما بين عروق الأوراق بسبب نقص المغنيزيوم، (د): نقص البوتاسيوم في أوراق شجرة النخيل.

الشكل (1) أعراض نقص بعض العناصر المعدنية المغذية الضرورية.

   يُعد موضوع التغذية المعدنية للنبات من الموضوعات صعبة الفهم على نحو كامل، بسبب تباين الاحتياجات الغذائية بين الأنواع النباتية، حتى بين الأصناف التابعة للنوع نفسه، وتبعاً لمرحلة النمو. تختلف استجابة النباتات للتغذية المعدنية باختلاف العوامل الجوية والأرضية، كما يمكن أن تظهر أعراض النقص في حال غياب عنصر ما؛ في حين تظهر أعراض السُّمِية عند توفره بكمياتٍ زائدة. ويتحدد معدل امتصاص العناصر المغذِّية بالعديد من العوامل، أهمها: توفر المياه أو شحها، قوام التربة (رملية، طمية، سلتية، طينية ...وغير ذلك)، درجة حموضة التربة، مساحة سطوح الامتصاص (حجم المجموع الجذري).

أهمية الماء والعناصر المعدنية في نمو النباتات وتطورها

-    الماء: يُعد الماء ضرورياً لحياة النبات، إذ تحتاج النباتات لكي تنمو وتتطور إلى الماء والعناصر المعدنية المغذِّية التي تمتص من التربة بوساطة الجذور. ويكوّن الماء نحو 90% من تركيب النبات، بيد أنّ جزءاً صغيراً جداً من الماء الممتص يستعمله النبات في تصنيع المادة الجافة في أثناء عملية التركيب الضوئي، ويفقد الجزء الأكبر عن طريق المسامات الأخرى بفعل عملية النتح transpiration، ويستعمل 1% فقط من كامل الماء الممتص في العمليات البيوكيميائية المختلفة. ويُعد الماء وسطاً ناقلاً  لجميع العناصر المعدنية المغذية من التربة إلى أجزاء النبات المختلفة (النسغ الناقص)، إضافة إلى دوره في نقل المركبات العضوية ضمن اللحاء (النسغ الكامل). كما يُعدّ المعطي الأول للإلكترونات في سلسلة انتقالها خلال تفاعلات الضوء في عملية التركيب الضوئي photosynthesis، ويُسهم في تبريد أجزاء النبات الهوائية cooling effect عندما يُفقد على هيئة بخار ماء بالنتح، ويُستعمل أيضاً وسط نمو في المزارع المائية hydroponics. تمتص النباتات العناصر المعدنية المغذية من التربة بوساطة الشعيرات الجذرية، ومن الهواء (الكربون والآزوت) عن طريق الأوراق؛ إذ تنفتح المسامات خلال النهار لامتصاص غاز ثنائي أكسيد الكربون CO2 اللازم لعملية التمثيل الضوئي وطرح الأكسجين O2 ويفقد النبات بالمقابل الماء، وتسمى هذه العملية اصطلاحاً بعملية التبادل الغازي (الشكل 2).

الشكل (2) احتياجات النمو الجوية (الضوء وثنائي أكسيد الكربون)، والأرضية (الماء والعناصر المعدنية المغذية).

-    الآزوت: يُعدّ ضرورياً لتشكيل الحموض الأمينية التي تُعد الوحدات البنائية لتشكيل البروتينات الضرورية وخلايا نباتية جديدة، ويدخل في تركيب منظمات النمو والأصبغة اليخضورية، والفيتامينات والإنزيمات. وهو مسؤول عن النمو الخضري vegetative growth؛ إذ يُسبب نقصه اصفرار الأوراق وتراجع النمو وتدني الإنتاجية، في حين تؤدي زيادته إلى تأخير الإزهار والإثمار.

-       الفسفور: يُعدّ ضرورياً لإنبات البذور، وعمليتي التركيب الضوئي والتنفس وتخزين الطاقة ونقلها، وفي انقسام الخلايا النباتية واستطالتها، وتصنيع البروتينات، كما يشجِّع التشكل المبكر للجذور وتطورها، وتَشكل الأزهار والثمار وتحسين نوعيتها، ويحسِّن كفاية استعمال المياه، ويزيد مقدرة النباتات على تحمل درجات الحرارة المنخفضة. ويؤدي انخفاض درجة حموضة التربة إلى ما دون 4 إلى تثبيت الفسفور، فيُصبح غير متاح للنبات.

-       البوتاسيوم: يُعد ضرورياً لتشكيل السكريات والنشاء وتصنيع البروتينات والانقسام الخلوي، ويُساعد على المحافظة على الميزان المائي داخل الخلايا النباتية من خلال آلية التعديل الحلولي، ويزيد صلابة السوق وتحمل البرد القارس، ويزيد محتوى الثمار من الزيت، ويمنحها لوناً ومذاقاً أفضل، ويزيد مقاومة النباتات للأمراض. وهو مهم جداً للمحاصيل الورقية والجذرية، مثل الشوندر السكري، لأنّه مهم في عملية استقلاب النشاء وتحطيمه ونقله من الأوراق إلى الجذور.

تمثل الآزوت والفسفور في النبات

يُمتص معظم الآزوت عن طريق جذور النباتات على شكل نترات -NO3 ، أو أمونيوم +NH4؛ إذ تنتقل مع تيار الماء ضمن الأوعية الخشبية (النسغ الناقص)، لأنّ تمثله يتم – على نحو رئيس - في الأوراق، وجزء بسيط جداً في الجذور (الشكل3). ويساهم في تشكيل المركبات الآزوتية العضوية - مثل الحموض الأمينية - من مركبات الآزوت المعدنية المتاحة في الوسط المحيط. وتقوم بعملية تمثيل الآزوت جميع الكائنات الحية التي لا تستطيع تثبيت غاز الآزوت N2، مثل النباتات والفطريات والبكتريا. أما الحيوانات فتعتمد على المركبات الآزوتية العضوية الموجودة في الأعلاف.  وتتم عملية تمثيل الآزوت المعدني والتي تختلف باختلاف النوع النباتي وفق المراحل الآتية:

1-  تتحول النترات في النبات إلى أمونيا في خطوتين: الأولى يتم فيها إرجاع النترات إلى نتريت NO2، والثانية يتحول فيها النتريت إلى أمونيا، وفق التفاعلين (1 و2):

 

حيث NAD هو اختصار لنيكوتيناميد الأدينين ثنائي النوكليوتيد  Nicotinamide Adenine Dinucleotide  وH للهدروجين.

 

2- تتحول الأمونيا إلى حموض أمينية، وفق التفاعل (3):

حيث ATP  هو اختصار لأدينوزين ثلاثي الفسفات Adenosine Triphosphate، وADP اختصار لأدينوزين ثنائي الفسفات Adenosine Diphosphate.

 يتم تمثيل الفسفور في الجذور بعملية الفسفرة التأكسدية، وفي الأوراق بعملية الفسفرة الضوئية باستعمال الطاقة الناجمة عن التنفس، وفق التفاعل (4):

حيث Pi عنصر الفسفور الموجود في الفسفات اللاعضوية.

وتستعمل المركبات الغنية بالطاقة في تصنيع السكريات بعملية التركيب الضوئي، وتصنيع الدهون المفسفرة والنيكليوتيدات.

الشكل (3)  تمثل الآزوت في النبات.

طرائق تقدير احتياجات النباتات الغذائية

إذا لم يجر تعويض العناصر المعدنية المغذية المستخلصة من جذور النباتات، فإنَّ ذلك  يؤدي إلى استنفاذ محتوى التربة من العناصر المغذية وتراجع خصوبتها، وتظهر على النباتات أعراض نقص العناصر. ومن أهم الاختبارات لتقدير الحاجة إلى إضافة الأسمدة المعدنية الآتي:

1- اختبار أنسجة النبات tissue test: تفحص عينات من الأوراق أو الجذور أو الجذع بالمجهر الضوئي أو وسائط أخرى لتحري أعراض النقص المعروفة وفق جداول مساعدة. وتسمح هذه الطريقة بتحديد الاحتياجات الغذائية قبل أن تصير أعراض النقص مرئية على أجزاء النبات، وتختلف العينة النباتية تبعاً لحركية العناصر المغذية في النبات. تتمثل المشاكل المرتبطة بهذا الاختبار بإمكان حدوث إجهاد نقص العناصر قبل إضافة الأسمدة المعدنية، ومن الصعب تحديد كمية الأسمدة المعدنية الواجب إضافتها، ويمكن أن تتأثر على نحو كبير بالعوامل الجوية. وتعبّر هذه الطريقة عن احتياجات النباتات إلى العناصر المغذية لحظة القياس فقط، وخلال مرحلة محددة من حياة النبات.

  -2أعراض النقص المرئية visual deficiency symptoms : تساعد على معرفة حدوث النقص؛ ولكن من الصعب الاعتماد على هذه الطريقة لتحديد العنصر الناقص على نحو قاطع، بسبب تشابه الأعراض لأكثر من عنصر، وتبدو بعض الأعراض كأنها إصابة مرضية أو حشرية، وعندما تُلاحظ أعراض النقص يكون قد فات الأوان على إضافة الأسمدة لتصحيح الخلل المعدني.

   -3اختبار التربة soil test: يعطي هذا الاختبار فكرة دقيقة عن كمية العناصر المعدنية المغذِية المتاحة للنبات، والعناصر غير المتاحة. وتحدّد كمية العناصر المعدنية المغذية الموجودة في التربة نوعية الأسمدة المعدنية وكميتها الواجب إضافتها إلى التربة لتوفير احتياجات النبات المزروع كافة خلال مختلف مراحل النمو. حتى يكون الاختبار دقيقاً لابد من أن تكون عينة التربة ممثلة بدقة للحقل، وأن تكون الاختبارات المخبرية جيدة وكافية لتقدير كمية العناصر المغذية التي يمكن أن يستخلصها النبات من التربة، وتنفيذ العديد من التحاليل لتحديد المعادلة السمادية للحصول على أعلى غلة اقتصادية. ويمكن أخذ عينات التربة في أي وقت مادامت رطوبة التربة تسمح بذلك، وعادة يكتفى بها مرة واحدة كل 5 سنوات.

أنواع مستحدثة في تغذية النبات

أ - المزارع المائية hydroponics: هي طريقة زراعة النباتات ضمن محاليل مائية مغذية؛ أي من دون تربة، بحيث تكون جذور النباتات مغمورة كاملة في المحلول المغذي. وتسمح للباحثين بمتابعة سلوك النباتات استجابة لمعاملة ما (الإجهاد الملحي) ضمن ظروف بيئية متحكم فيها. ومن أهم المحاليل المستعملة في مثل هذه الزراعات محلول هوغلاند Hoagland solution الذي طوّره العالم الأمريكي دينيس هوغلاندD. R. Hoagland  عام 1933. ويحتوي على جميع العناصر المعدنية الضرورية بنسبٍ دقيقة، تضمن النمو الأمثل للنباتات. ولابد في مثل هذه المزارع المائية من تهوية المحلول المغذي لتجنب إجهاد نقص الأكسجين hypoxia  الذي يؤثر سلباً في نمو الجذور ومن ثمّ امتصاص الماء والعناصر المعدنية المغذية.

ب - التغذية المعدنية المائية ذاتية التهوية nutrient film technique: في هذه الحالة لا تكون الجذور مغمورة في المحلول المغذي؛ وإنما تكون منتشرة ضمن طبقتين من مادة شرهة للمياه، تمر عبرها طبقة رقيقة من المياه الغنية بالعناصر المعدنية الضرورية.

ج - التعايش البكتري symbiosis: ترتبط معظم النباتات بعلاقة تعايشية مع بعض الكائنات الحية الدقيقة؛ فعلى سبيل المثال تتعايش جذور البقوليات مع بكتريا الرايزوبيوم Rhizobia  القادرة على تثبيت الآزوت الجوي حيوياً biological nitrogen fixation، فيتحول الآزوت الجوي N2  إلى أمونيوم NH4. وتتعايش بعض النباتات مع فطريات الميكوريزا Mycorrhizal fungi؛ إذ تعمل على زيادة المسطح الجذري الفعّال في امتصاص الماء والعناصر المعدنية المغذية، ولاسيما في الترب الجافة.

مراجع للاستزادة:

-      A. V. Barker, D. J. Pilbeam, Handbook of Plant Nutrition, ‎ CRC Press 2021.

-      J. B. Jones Jr., Plant Nutrition and Soil Fertility Manual, CRC Press 2012.

-      R. R. Weil, N. C. Brady, Nature and Properties of Soils, Pearson 2016.


التصنيف : العلوم والتقانات الزراعية والغذائية
النوع : العلوم والتقانات الزراعية والغذائية
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1039
الكل : 58492917
اليوم : 65431

أثر زيمان

إِبيروس   مقاطعة في شمال غربي اليونان تجاور كلاً من تسالية ومقدونية وتراقية وتفصلها عن تسالية سلسلة جبال البندوس الكلسية التي تمتد من الشمال الغربي إِلى الجنوب الشرقي, وتدعى في اليونانية إِبيروس Epiros ومنها اسمها بالإِنكليزية Epirus وبالفرنسية Epire ويذكر هوميروس أن اسمها يعني «الأرض الصلبة» وهي تتصل بجنوبي ألبانية. وتغطي سلاسل الجبال الكلسية الضخمة التي قد ترتفع إِلى 2600م جزءاً كبيراً من سطحها, وتخترقها الوديان الضيقة العميقة الجميلة. بينما تمتد السهول الفسيحة والمروج في المنطقة الشمالية.
المزيد »