ترب في طبيعه (دور)
Soil role in nature -

 الترب في الطبيعة

الترب في الطبيعة (دور-)

مفهوم التربة دور التربة في توزع الكائنات الحية
عوامل تكوين التربة وصفاتها دور التربة في إنتاج الغذاء
صفات التربة دور التربة في البيئة
 

تعد التربة مصدراً لغذاء الإنسان والحيوان، وتكمن حاجتهما إلى الغذاء لتوفير الطاقة اللازمة للعيش؛ فهو المصدر الأساسي لهذه الطاقة الذي يتوفر إما من مصدر نباتي (خضراوات، فواكه ....)، وإما حيواني (حليب، لحم، بيض ....)، وهنا يأتي دور الترب في الطبيعة soil role in nature لأنها الحلقة الأساسية لنمو النباتات والحصول على غذائها، أو للحيوانات التي تحصل على ما تحتاج إليه من النباتات الخضراء والعلفية التي توفر لها الغذاء الأولي عن طريق التمثيل الضوئي وعن طريق عناصر التربة. ويمثل الإنسان المرتبة الثالثة في السلسلة الغذائية التي أساسها وعمادها التربة بما توفره من عناصر غذائية ومواد عضوية.

مفهوم التربة

تعرف التربة -من وجهة نظر زراعية- بأنها جسم طبيعي مستقل بذاته، تنمو فيه النباتات وبعض الأحياء الأخرى، تنتهي حدوده السفلى بالصخر الذي تكون منه، وحدوده العليا (سطحه) تلامس الجو الأسفل. والتربة نظام رباعي الأطوار يتألف من حبيبات صلبة (فلزية وعضوية) وطورين مائي وغازي، وآخر حيوي يشمل الأحياء التي تعيش في التربة؛ حيوانية كانت أو نباتية أو أحياء دقيقة. يحتوي مقطع التربة على طبقات متمايزة فيما بينها تدعى آفاقاً horizons. وغالباً ما تتكون التربة من نحو 45% مواد صلبة و25% ماء و 25% هواء و5% مواد عضوية وأحياء، ويبين الشكل ( 1) المكونات الرئيسة للتربة.

الشكل (1) المكونات الرئيسة للتربة.

عوامل تكوين التربة وصفاتها:

- عوامل تكوين التربة:

يمكن تحديد عوامل تكوين التربة بخمسة عوامل رئيسة هي: العامل الجيولوجي والتضاريس والمناخ والنبات الطبيعي والزمن.

أ- العامل الجيولوجي: وهو العامل الأساسي الذي يؤثر في تكوين التربة بجوانبه المختلفة سواء نوع الصخر أم البنية الجيولوجية أم الزمن الجيولوجي.

ب- العامل التضاريسي: تؤثر التضاريس في عمليات تكوين التربة في اتجاهين: الأول تنوع مظاهر السطح وما يرتبط به من اختلافات في تكوين التربة، والثاني ميل الأرض والتجوية وأثرهما في تغير سُمْك التربة.

جـ- عامل المناخ: يؤثر المناخ في تكوين التربة من خلال الأمطار والحرارة والرياح.

د- عامل النبات: في ضوء أثر عامل النبات يمكن تقسيم الترب إلى ثلاثة أنواع: تربة الحشائش و تربة الغابات وتربة الصحراء.

هـــ - الزمن: أي الزمن الذي تمارس العوامل الأربعة السابقة عملها خلال فترة زمنية طويلة. ويبين الشكل (2) مراحل دورة حياة التربة.

الشكل (2) مراحل دورة حياة التربة.

قد تتطور التربة فتصبح هرمة ذات إنتاجية منخفضة بسبب انخفاض خصوبتها واستمرار فقد العناصر المفيدة عن طريق امتصاص النبات لها أو غسلها بالماء الجاري إلى خارج منطقة الجذور (القطاع). وتشاهد في وسط الشكل السابق للتربة بوصفها نظاماً مفتوحاً؛ بما فيه الفقد والإضافة والتحول والانتقال. وتبرز داخل قطاع التربة عمليات تكوين التربة الثلاث (الانتقال، التحول، التراكم) التي تؤدي إلى تميز الآفاق.

صفات التربة

يقصد بصفات التربة خصائصها الفيزيائية والكيميائية، وتتضمن الصفات الفيزيائية للتربة: قوامها (نعومة التربة أو خشونتها)، بناءها (شكل حبيبات التربة أو نظام تجمعات التربة)، مساميتها (نسبة الفراغات)، رطوبتها (سائل التربة)، سعة تشبعها (أقصى كمية ماء تمتصها التربة).

أما الصفات الكيميائية للتربة فتشمل: درجة حموضة التربة أو قلويتها وملوحتها (نسبة الأملاح الذائبة)، ومحتواها من الكربونات الكلية (غالباً كربونات الكلسيوم)، والمادة العضوية (الدبال)، إضافة إلى محتواها من العناصر المخصبة المغذية من آزوت وفسفور وبوتاسيوم .... وغيرها.

تتميز التربة الطينية بتماسك حبيباتها وتراصها، وسوء تهويتها، وقلة نفاذيتها للماء، وزيادة سعتها التبادلية الكاتيونية؛ في حين تمتاز التربة الرملية بتفككها وعدم احتفاظها بالماء والعناصر المخصبة، وانخفاض سعتها التبادلية الكاتيونية.

دور التربة في توزع الكائنات الحية

تعيش في التربة إضافة إلى بقايا النبات وجذوره كائنات حية متنوعة منها ما هو كبير الحجم مثل ديدان الأرض والقوارض والحشرات ويرقاناتها والنيماتودا، ومنها ما هو دقيق (مجهري) مثل الطحالب والبكتريا والفطريات والأكتينومايسيت. ويبين الشكل (3) أهم الكائنات الحية في التربة.

الشكل (3) أهم الكائنات الحية في التربة.

يختلف دور الكائنات الحية في التربة وتكوينها تبعاً لنوع هذه الكائنات؛ إذ إن عمل الكائنات الحية الكبيرة الحجم يختلف كلية عن عمل الكائنات الحية الدقيقة، حيث تساهم أحياء التربة كبيرة الحجم في تنعيم التربة وتجميع كميات كبيرة منها ونقلها. كما تساهم في تزويد التربة بكميات كبيرة من المادة العضوية، إضافة إلى أن وجود الأنفاق التي تتركها القوارض أو التي تُحْدِثها ديدان الأرض يسهم في زيادة التهوية بين حبيبات التربة وإعطاء الفرصة لجذور النباتات لتمتد وتتعمق؛ فتتسع دائرة امتصاصها الماء والأملاح الذائبة فيها، كما أن تلك الأنفاق تزيد نفاذيتها وتُحَسِّن صرفها للماء. كما أن زيادة نشاط هذه الكائنات في نقل التربة من الأسفل إلى الأعلى وبالعكس؛ يؤدي إلى خلط آفاق (طبقات) التربة بعضها ببعض.

أما الكائنات الحية الدقيقة فتؤثر في صفات التربة وخصوبتها من خلال ما تقوم به من تحليل المخلفات العضوية (نباتية وحيوانية) وتفكيكها وتحويلها إلى مركبات معدنية بسيطة وإلى دبال (مادة عضوية) يُغني التربة بالعناصر المخصبة المغذية كالآزوت والفسفور والبوتاسيوم والعناصر الصغرى، كما تعمل على توفيرها في التربة عن طريق تشكيل معقدات عضوية ذوابة مع هذه العناصر. يحسن الدبال من صفات التربة الفيزيائية والكيميائية ودرجة الخصوبة، إضافة إلى أن بعض الكائنات الحية الدقيقة (البكتريا) تعمل على تثبيت الآزوت الجوي في التربة، وهو العنصر الضروري لنمو النباتات.

دور التربة في إنتاج الغذاء

يمكن أن تصنف العناصر الخصوبية المغذية للنبات في التربة إلى مجموعتين:

أ-عناصر كبرى يحتاج إليها النبات بكميات كبيرة وتشمل: الآزوت والفسفور والبوتاسيوم والكلسيوم والمغنزيوم والكبريت.

ب-عناصر صغرى يحتاج إليها النبات بكميات قليلة، إلا أن دورها أساسي في تغذية النبات، وتشمل الحديد والمنغنيز والزنك والنحاس والبورن والمولبدنيوم، إضافة إلى بعض العناصر الثانوية الأخرى كالكلور والصوديوم والكوبالت.

دور التربة في البيئة

تعد التربة مورداً طبيعياً متجدداً من موارد البيئة، كما تعد من المتطلبات الأساسية اللازمة للحياة على الأرض وتعادل في أهميتها الماء والهواء، ونتيجة للزيادة السكانية السريعة في العالم، وما واكب ذلك من الحاجة إلى المزيد من الغذاء والطاقة، إلى جانب الإسراف الشديد في استنزاف التربة ومواردها من العناصر المغذية، وكذلك تلوث التربة وإجهادها نتيجة الإفراط في استعمال الأسمدة الكيميائية والمبيدات الزراعية؛ تتعرض التربة للتدهور والتصحر.

وللمحافظة على التربة بصفتها مورداً طبيعياً ولمنع تلوث البيئة ينبغي الاهتمام بصحة التربة والحد من تصحر الأراضي وعدم تلوثها:

أ- مكافحة التصحر: يؤدي تدهور الترب الزراعية والرعوية إلى تصحرها نتيجة عوامل مناخية مختلفة كالجفاف وقلة الأمطار، وانجراف التربة بسبب المياه والرياح أو ازدياد نسبة الملوحة، أو زحف الرمال، أو تدخل البشر كالرعي الجائر أو تحويل الأراضي الزراعية إلى عمرانية أو صناعية.

يمكن الحد من التصحر بالتوقف عن قطع الأشجار والحفاظ على المراعي الطبيعية وتنظيم الرعي فيها حتى تستعيد النباتات قدرتها على التكاثر، وكذلك تثبيت الكثبان الرملية ببقايا النباتات أو رشها بمواد لدنة للحد من تحركها وانتقالها، وحماية التربة من الانجراف بإقامة الجدران الاستنادية وخاصة في المنحدرات وإقامة السدود للتخفيف من قوة جريان السيول والتخفيف من انجراف التربة، وحماية الغابات ولاسيما من الرعي الجائر والتحطيب والحرائق. إضافة إلى حصر الموارد المائية وتقييمها باستمرار للمحافظة على مستوى الأحواض المائية، ووضع الخطط الزراعية على نحو يتناسب مع الموارد المائية المتاحة، ولاسيما للزراعات الصيفية، واعتماد أسلوب الري التكميلي للزراعات المطرية، ومتابعة تطوير شبكات الرصد المائي السطحي والجوفي واستثمارها بهدف تحديث التوازن المائي للأحواض. وكذلك تحديث شبكات الري والشرب وصيانتها بهدف رفع مقدرتها، والعمل على توفير مستلزمات مشروعات الري والصرف والآبار جميعها، والاستفادة القصوى من الموارد المائية المتاحة، واتباع الطرائق الحديثة التي تحفظ المياه -سواء في التربة أم في الخزانات المائية- أو تخفّف فقد الماء من الناحية الاقتصادية، كما يلزم تعميم استعمال أساليب الري الحديثة (تنقيط - رش - رشح)، وتنفيذ الإجراءات التي تحقق مبدأ ترشيد استهلاك الموارد المائية.

ب- الحد من تلوث التربة: ينجم تلوث التربة عن دخول مواد غريبة في التربة أو زيادة تركيز أحد مكوناتها الطبيعية، الأمر الذي يؤدي إلى تغير التركيب الكيميائي والفيزيائي للتربة. ويطلق على هذه المواد ملوثات التربة التي قد تكون مبيدات أو أسمدة كيميائية أو أمطاراً حمضية أو نفايات (صناعية - منزلية - مشعة .....) وغيرها.

ويمكن الحد من تلوث التربة عن طريق التخلص من النفايات الصلبة بالطرائق السليمة، وعدم استخدام مياه الصرف الصحي ومياه صرف المصانع في ري النباتات إلا بعد معالجتها، وكذلك تنظيم استعمال الأسمدة الكيميائية وترشيدها، وإدخال الأسمدة العضوية في حساب المقننات السمادية للمحاصيل الزراعية، والحد من استعمال المبيدات الكيميائية حتى إيجاد البديل المثالي. واتباع أسلوب المكافحة الحيوية باستعمال الكائنات الحية في سبيل خفض نسبة الأضرار التي تسببها أحياء أخرى ضارة بالإنسان والحيوان والمزروعات، وسن القوانين والتشريعات التي تحد من التلوث عامة - سواء في الهواء أم الماء أم التربة - وتقييد أصحاب المصانع في اتباعها، وتشجيع البحوث العلمية المتعلقة بمكافحة التلوث على المستويات جميعها.

أكرم محمد البلخي

مراجع للاستزادة:

- عبد الرحيم لولو، مراقبة تدهور الأراضي الجبلية وإعادة تأهيلها، ندوة تطور الترب الجبلية، كلية الزراعة جامعة دمشق، 2015 .

- محمد غسان سلوم وعدنان نظام، البيئة التطبيقية والتلوث (الجزء النظري)، منشورات جامعة دمشق، 2010 .

- محمد الوابل ، أسس علوم التربة، جامعة الملك سعود، 2007.

- R. Lal, Soil and Fertilizers: Managing the Environmental Footprint (Advances in Soil Science), CRC Press 2020.

- M. N. V. Prasad, M. Pietrzykowski, Climate Change and Soil Interactions, Elsevier 2020.

 


- التصنيف : علوم البيئة والتنوع الحيوي - النوع : علوم البيئة والتنوع الحيوي - المجلد : المجلد السابع مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1