تشيخ مواد
Agging -

 تشيخ المواد

تشيخ المواد

أحمد هيثم الكاتب

التشيخ نحو الأحسن (التقادم)

تطبيقات التقادم في الصناعة

التشيّخ نحو الأسوأ

الصفات الأساسية للتقادم

 

يقصد بتشيخ المواد aging material التغيرات التي تطرأ على مواصفات المادة بمرور الزمن في شروط مناخية خاصة. يمكن أن يسبب التشيخ تبدلاً في المواصفات الفيزيائية للمادة نحو الأحسن؛ فيسمى تقادماً. ولكن في حال استمرار عملية التقادم لفترات زمنية طويلة؛ فإن مواصفات المادة تتغير نحو الأسوأ فالانهيار، ويسمى تشيخاً. يحدث التشيخ طبيعياً أو صنعياً.

التشيخ نحو الأحسن (التقادم)

1- التقادم الطبيعي:

هو تغير في مواصفات المادة أو المعدن (بنية السطح ولونه) بمرور الزمن، وينجم عن تأثير العوامل المناخية الطبيعية، وفي درجات الحرارة الطبيعية؛ وذلك بتشكل طبقة مؤكسَدة على سطح المعدن في المراحل الأولى تتحول هذه الطبقة بعد فترة من الزمن إلى طبقة هدروكسيدية تتحد مع عناصر أخرى من الجو المحيط بحيث يصل سطح المعدن إلى بنية ثابتة ومقاومة لأي تغير لاحق. ويمكن تلمّس ذلك بوضوح على الألمنيوم الصافي والنحاس وخلائطه و الرصاص والفولاذ والزنك.

2- التقادم الصنعي:

هي عملية مقصودة تنفذ على المعدن لتغيير مواصفاته؛ للحصول على مستوى عالٍ من القساوة ولتحسين حدي المرونة والمتانة (الإجهاد الأعظمي الذي تتحمله المادة قبل أن تتحطم). ويقصد بذلك تسريع عملية التقادم الطبيعي في المعادن بمعالجات حرارية مطوّلة. وهي عملية مهمة للمعادن التي تحتوي على بعض العناصر الخلائطية مثل النحاس والألمنيوم والنيكل والمغنزيوم وغيرها. وقد نفّذ عدد كبير من مراكز الأبحاث والشركات دراسات مكثفة، هدفها تحسين مواصفات السطوح المعدنية بتسريع عملية التقادم وزيادة فاعليتها للحصول على سطح معدن وفق البنية واللون المرغوب فيهما من قبل المستثمر (الشكلان 1 و2 ).

الشكل (1) عمليات تقادم بشروط مختلفة للحصول على اللون المرغوب لسطح المعدن.

الشكل (2) بناء أوبرا ملبس بصفائح معالجة بالتقادم الصنعي.

3- التقسية الترسيبية (إعادة انحلال):

تصنف المعادن بأنها معادن قابلة للتقسية بالترسيب. عندما تُبرد خليطة معدن قابل للتقسية بالترسيب سريعاً، فان عناصر الخليطة تنحصر ضمن المناطق المنحلة من المعدن.

وتجري عملية التقسية الترسيبية تحت شروط محددة ومضبوطة؛ مما يسمح للعناصر الخلائطية المحصورة بالانتشار ضمن التركيب المكروي للمعدن حتى إشباع الانحلالية وتشكيل جزيئات داخلية، هذه الجزيئات تتحد لتشكل نوىً تعمل طوراً داعماً بحيث إن البنية الجزئية الناتجة تولد إجهاد شد في المعدن أكبر من الإجهاد المتولد منها قبل عملية التقسية، وتزداد بذلك متانة المعدن (الخليطة).

4- التقسية الانفعالية:

تعود هذه الطريقة إلى عملية التقادم أو التقسية التي تحصل في أثناء تشغيل الخليطة على البارد، مثل التطريق والسحب وغيره.

وإن التقادم الانفعالي الديناميكي هو تابع للحالة البنيوية الأولية للخليطة؛ إضافة إلى تركيبها الكيميائي. ويميل التقادم الانفعالي الديناميكي إلى التعارض مع ميل الخليطة الطبيعي لتشكيل توضع مصفوفي مميز لخلايا البنية؛ وذلك بتشكيل توضع غير مصفوفي لخلايا البنية (أي غير متجانس)، ويزداد هذا التعارض مع زيادة زمن التقادم الانفعالي الديناميكي الذي يسهم إسهاماً كبيراً في زيادة المتانة الميكانيكية للخلائط القابلة للتطريق.

وتسمح طريقة تنفيذ العملية الحرارية والميكانيكية التي تحكم هذه الظاهرة بتطوير مواصفات ميكانيكية غير مألوفة.

5- الاستقرار:

تعود هذه العملية إلى شكل آخر من عمليات التقادم التي تعمل على تجميد التغيرات الداخلية التي تحصل عادة في الخلائط عند درجة حرارة الغرفة أو توقيفها.

فوائد التقادم

إن عملية التقادم لا تساعد على زيادة قساوة الخلائط فحسب وإنما تمنحها مواصفات أخرى قيّمة مثل المتانة العالية أيضاً. فالتقادم يميل إلى استرجاع التوازن في المعدن والتخلص من شروط أي حالة عدم استقرار يمكن أن تحصل من عمليات سابقة عليه.

تطبيقات التقادم في الصناعة

تقادم المسكوبات

التقادم الصنعي للمسكوبات (الناجمة عن عملية السكب) هو معالجة حرارية لخليطة المعدن عند درجات حرارة مرتفعة من أجل تسريع التغيرات في مواصفات الخليطة الناتجة من عمليتي السكب والتطريق، وتجري عملية معالجة المسكوبات بطريقة التقادم الصنعي بتسخينها إلى درجات حرارة مرتفعة لتسريع التغيرات في المواصفات الكيميائية لها، والتي يمكن أن تتغير وتستقر طبيعياً عند درجة حرارة الغرفة؛ ولكن على نحوٍ بطيء جداً، ويحتاج ذلك إلى فترة زمنية طويلة تصل حتى ستة أشهر من التخزين؛ لتستقر عند تركيبها الدائم قبل التشغيل.

وتَستخدم عملية التقادم الصنعي أفراناً حرارية خاصة، يُسخن فيها الهواء، ويُحرّك بحرية على نحو متساوٍ فوق القطع المسكوبة لتوفير درجة حرارة متساوية على جميع السطوح.

وتُراقب درجة حرارة الفرن والقطع كل على حدة مراقبة دائمة في أثناء العملية لضمان درجة حرارة ثابتة ومناسبة لتقادم الخلائط، فباستخدام عملية التقادم الصنعي يستطيع المشغلون تشغيل المسكوبات بجودة عالية ودقة في الأبعاد خلال فترة أقل بكثير مما لو تركت تتقادم طبيعياً وتحت شروط غير مسيطر عليها يمكن أن تسبب تغيرات غير مرغوب بها في لون المعدن أو لمعانه. وعلى سبيل المثال يعتمد المصنعون على نوعيات خاصة من الفولاذ الموثوق، ويعالج بطريقة التقادم في الفراغ للحصول على جميع فوائد التقادم وفي مدة قصيرة من الزمن.

التقادم في عملية الإنتاج

ثمة حاجة غالباً خلال التصنيع إلى أن يكون المعدن مطاوعاً جداً ليسهل تشكيله، لذلك تظهر الحاجة إلى تخمير خامات القطع المشغّلة، وعندما تنتهي عملية التصنيع، يجب إعادة تقسية المعدن لتوفير أداء المنتج على نحو جيد ولمدة طويلة بفضل عملية التقادم الصنعي أو عملية التعتيق.

وتتعرض أجزاء العنفات (التوربينات) في بعض الصناعات -مثل محطات توليد الطاقة- لدرجات حرارة عالية ومركزة؛ مما يتطلب طبقة حماية سطحية خاصة لهذه الأجزاء تحميها من الاهتراء والصدأ، ويجب أن تقسّى طبقة الحماية هذه بعملية تعتيق بغية ضمان الأداء الوظيفي لهذه الأجزاء ولمدد زمنية طويلة. وكذلك تطبق عمليات التخمير والتعتيق في توفير طبقات الحماية للصفائح المستخدمة في صناعة السيارات.

التقادم الصنعي للألمنيوم

هي عملية معالجة حرارية لبعض خلائط الألمنيوم (المعالجة الحرارية الترسيبية)؛ تُسخن القطعة فيها، ثم تُبرّد تبريداً سريعاً، ثم تُعاد بعدها إلى الفرن؛ لتسخَّن حتى درجة حرارة أقل من تلك المطبّقة في المعالجة الحرارية الأولية. وتبقى عند درجة الحرارة هذه مدة محددة من الزمن، ومن ثم تُخرج من الفرن، وتُترك لتبرد ببطء، فيكتسب المعدن قساوة إضافية. وفي حال استمرار عملية التقادم لفترة أطول من الزمن المحدد تنخفض القساوة، وهذا ما يُسمى غلواً في التقادم Overaging.

التشيّخ نحو الأسوأ

تشيُّخ اللدائن

بينت الأبحاث أن المواد غير المتبلورة مثل اللدائن والزجاج العضوي لا تكون في حالة توازن ديناميكي حراري عند درجات حرارة أخفض من درجة التحول الزجاجي (وتُقاس من اختبار المادة وفق المعيارية الدولية ASTM E1640-99). وتُعرف درجة التحول الزجاجي بأنها درجة الحرارة التي تتحول عندها المادة (غير البلورية) من مادة صلبة وهشة إلى مادة لدنة؛ أي عندما تكون درجة الحرارة أعلى من تتحول المادة إلى حالة مطاطية ومن ثم إلى حالة لزجة كما يظهر في الشكل (3). ويبين الجدول (1) درجة التحول لبعض المواد.

الشكل (3) مخطط يبين درجة حرارة التحول الزجاجي لمادة وقساوتها.

الجدول (1) درجة التحول الزجاجي لبعض المواد.

Material

Tire rubber

70-

Polyvinylidene fluoride (PVDF)

35-

Polypropylene (PP atactic)

20-

Polyvinyl fluoride (PVF)

20-

Polypropylene (PP isotactic)

0

Poly-3-hydroxybutyrate (PHB)

15

Poly(vinyl acetate) (PVAc)

30

Polychlorotrifluoroethylene (PCTFE)

45

Polylactic acid (PLA)

60–65

Polyethylene terephthalate (PET)

70

Poly(vinyl chloride) (PVC)

80

Poly(vinyl alcohol) (PVA)

85

Polystyrene (PS)

95

Acrylonitrile butadiene styrene (ABS)

105

Polysulfone

185

Polynorbornene

215

Poly(carbonate) (PC) (Lexan)

145

Polyamide (PA) (Nylon-6,x)

47–60

Poly(methyl methacrylate) (PMMA atactic) (Plexiglas, Perspex)

105

Polytetrafluoroethylene (PTFE) (Teflon)

115

فالسوائل المجمدة بالتبريد القسري لها حجم أكبر ودرجة حرارة أعلى مما تملكه لو كانت في حالة التوازن الحراري. وقد بينت الدراسات أن حركة الجزيئات ليست صفرية عند درجة حرارة أقل من ، ولكنها تسعى لتقترب اقتراباً متدرجاً وبطيئاً نحو درجة حرارة التوازن، وتدعى هذه العملية التقادم الفيزيائي، وتتغير فيها بعض الخواص الميكانيكية للمادة. فالتقادم (التشيّخ) هنا هو استمرار التحول الزجاجي المتدرج حول درجة الحرارة ، وهو يؤثر في جميع خواص المادة التي تعتمد على درجة الحرارة، فتتغيّر نحو الأسوأ. وفي أثناء عملية التقادم تصبح المادة أقرب إلى الزجاج في خواصها منها للمطاط، فتزداد قساوتها وإجهاد الخضوع لديها، وكثافتها ولزوجتها وينخفض امتصاصها للاهتزاز ومرونتها ومعدل تخلصها من الإجهاد وثابت عازليتها.

ويحصل التشيّخ في مجال درجة حرارة واسع تحت الدرجة ؛ أي ضمن مجال التقادم من حتى بداية التحول الثانوي ( الشكل 4)، فعلى سبيل المثال يراوح مجال تقادم البوليفينيل كلوريدPolyvinyl Chloride) ( PVC) بين +70 ْس حتى -50 ْس.

الشكل (4) بداية التقادم حيث: درجة حرارة التحول الزجاجي، درجة حرارة أعلى تحول ثانوي، v الحجم النوعي.

وفي مجال التقادم المعرّف أعلاه يُعد التقادم ظاهرة مهمة جداً، لذلك يجب تقدير الانفعال الميكانيكي الصغير للمادة بعامل زمن التقادم. ويجب أخذ التقادم في الحسبان في اختبارات اللدائن، ولا سيّما في تقدير سلوكها على المدى الطويل.

وتتقادم البوليمرات كلها بالطريقة نفسها ضمن مجال التقادم، حتى إن سلوكها الميكانيكي متشابه عند الانفعالات الصغيرة، ولجميع البوليمرات اللابلّورية والبلّورات العضوية -مثل البيتومين والسكر اللابلّوري وذرور الجبنة المضغوطة، وكذلك بعض المعادن متعددة البلّورات مثل الرصاص والزنك- السلوك الميكانيكي والتقادم نفسه كما هو في اللدائن. وهذا يعني أن التقادم الفيزيائي هو خاصية أساسية للحالة الصلبة للمواد عموماً.

الصفات الأساسية للتقادم

1- يؤثر التقادم في المواصفات الأولية للمادة من خلال التغير في زمن الارتخاء أو الاستراحة.

2- التقادم عكوس حرارياً؛ ولكنه لا يؤثر في الارتخاء الثانوي.

3- التقادم هو ظاهرة عامة في المواد كلها.

4- يتدرج مجال التقادم من حتى ( الشكل 4).

5- خلال مجال التقادم يقترب معدل الانزياح (معامل الزحف: التشوه الحاصل من تطبيق واحدة الإجهاد على العينة) من القيمة /1/ لكافة البوليمرات، ويُحسب باستخدام جهاز اختبار الزحف على الثني Creep Bending Test (CBT) وفق المواصفة الأمريكية: ASTM D 6272-98.

6- زمن التقادم هو أهم عامل في مواصفات المادة خلال مجال التقادم.

7- سلوكية الانفعال الأصغري لجميع البوليمرات متطابقة تقريباً خلال مجال التقادم.

8- تدوم عملية التقادم لفترات طويلة من الزمن.

تقادم البطاريات

تتمتع البطاريات القابلة للشحن بعمر مديد (غير نهائي نظرياً)؛ إن استطاع المستخدم تعويض كامل الطاقة المستجرة منها باستمرار. ولكن كما هو معروف تموت البطاريات بعد فترة من الاستخدام.

وثمة آليتان عامّتان لانهيار البطاريات، فهي إما أن تصبح البطارية غير قادرة على توفير الطاقة المطلوبة لتنفيذ عملية ما في الزمن المحدد، وتعرف بضياع السعة capacity loss؛ وإما أن تصبح غير قادرة على تقديم الاستطاعة المطلوبة لتنفيذ عملية ما في الزمن المحدد، وتعرف بضياع الاستطاعة power loss.

ومع تكرار عمليتي الشحن والتفريغ في البطارية يحدث فيها تخريب ضئيل، ولكنه مستمر ومتراكم، ويفقدها القدرة على استعادة كامل الطاقة المستجرة منها لإعادتها إلى سعتها الأصلية. وتدعى هذه العملية تقادم البطاريات. وتتركز معظم الأبحاث العلمية على ربط مواصفات تقادم البطاريات بآليات الانهيار الحقيقية داخل كيميائية البطارية، مثل تأكسد شبكة الرصاص في البطاريات الحمضية، وهنالك احتمالات كثيرة تحد من أداء البطارية بناءً على كيميائيتها، لذا من الصعب تقدير حالة الانهيار المسؤولة عن ضياع السعة أو ضياع الاستطاعة تقديراً دقيقاً. وثمة ارتباط شديد بين تقادم البطاريات ودرجات الحرارة التي تعمل فيها وفق قانون أرينيوس Arrhenius الذي ينص على أن التفاعلات الكيميائية تحصل بمعدل أسرع مع ارتفاع درجات الحرارة. وبذلك تؤدي الحرارة دوراً كبيراً في مواصفات عمليتي الشحن والتفريغ في البطاريات.

مراجع للاستزادة:

- Composite Overwrapped Pressure Vessels (COPV) Materials Aging, Nasa Technical Reports Server (NTRS), BiblioGov 2013.

- R. L. Crane, et al. Nondestructive Characterization of Materials in AgingSystems; Cambridge University Press 2014.

- E. Klodzinska, Functional Materials: Properties, Performance and Evaluation, Apple Academic Press 2015.

 


- التصنيف : التقانات الصناعية - النوع : التقانات الصناعية - المجلد : المجلد الثامن مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1