التعليق في المركبات (منظومات-)
تعليق في مركبات (منظومات)
Automotive suspension -
التعليق في المركبات
التعليق في المركبات (منظومات ـ)
محمد زهير مسالخي
منظومات التعليق في المركبات automotive suspension systems هي الآليات الرئيسية التي تفصل حجرة الركاب عن الطريق، وتمنع المركبة من أن تهتز وتتفكك، وتوفر شروط سلامة المركبة وراحة الركاب من الاهتزازات الناجمة عن وعورة الطريق والعوائق المختلفة التي قد توجد عليه، مع الحفاظ على العجلات بتماس دائم وجيد مع الطريق.
تتألف منظومة التعليق من مجموعة من النوابض والأذرع والمفاصل والمخمِّدات التي تعزل الاهتزازات الناجمة عن سير المركبة، وتحول دون انتقالها إلى جسمها وإلى الركاب؛ إذ يستحيل التحكم بجسم صلب يتحرك على عجلات بسرعة عالية من دون منظومة تعزل الاهتزازات عنه مهما كان هذا الطريق أملس.
تطور منظومات التعليق في المركبات
خضعت منظومات التعليق في المركبات ـــــ مثلها مثل المنظومات الأخرى ــــ لتطور كبير بمرور الزمن. فقد كانت بسيطة في بداياتها، وتتألف من قضبان خشبية مرنة في العربات التي تجرها الخيل. ويُعَدُّ الفرنسيون أول من استخدم قضبان الفولاذ لهذه الغاية في القرن الثامن عشر. وكانت في أول أمرها على شكل صفيحة فولاذية وحيدة ترتكز على محور الدواليب، وتحمل جسم العربة، أما أول من استخدم النوابض الصفيحية كما هي اليوم فكان البريطاني أوباديا إليوت Obadiah Elliot عام 1804، فقد ربط عدداً من الصفائح بعضها ببعض، ومن ثم ثبَّت نهايتي المجموعة بالعربة. أما النوابض الحلزونية فقد سُجِّلت براءة اختراعها في بريطانيا من لتردويل R. Tredwell عام 1763، وأهم مميزات تلك النوابض أنها لا تحتاج إلى فك وتزليق دوري لمنع تأكلها والتخلَّص من صريرها، كما هي الحال في النوابض الصفيحية.
يُعدُّ هنري فورد Henry Ford أول من زوَّد سيارته نموذج T عام 1908 بنابض صفيحي عرضي وحيد على المحور الأمامي بدلاً من وضع نابض على كل عجلة (الشكل 1). وقد استلهم فورد فكرته من نابض مصنوع من خليطة فولاذ مع فناديوم رُكِّب على مركبة سباق فرنسية، وقد سمح له هذا النابض بإنقاص الوزن والكلفة من دون التضحية بالمتانة والراحة.
الشكل (1) نابض مركب عرضياً في السيارة فورد نموذج T. |
بقيت النوابض الحلزونية طي النسيان بعد البدء باستخدامها في العربات المكشوفة الخفيفة حتى عام 1934 عندما استخدمتها شركات جنرال موتورز، وكرايزلر، وهدسون، وغيرها على المحاور الأمامية لمركباتها.
أُدخلت شركة ليلاند Leyland البريطانية أيضاً قضبان الفتل أول مرّة في عام 1921، ولكن فرديناند بورش Ferdinand Porsche هو من استخدم قضيب الفتل على نحو قياسي في النماذج الأولية من سيارات فولكس فاكن Volkswagen بدءاً من عام 1933، ووصل عدد الشركات الأوربية التي زودت مركباتها بهذا النوع من التعليق 21 شركة حتى عام 1954، واستمر تطوير هذه المنظومات حتى غدت المركبات بأنواعها تمتلك مستويات عالية من الأمان على الطرق، إضافةً إلى توفير درجات عالية من الراحة للركاب بفضل منظومات التعليق الحديثة التي تعتمد عناصر هوائية أو هدروهوائية على مستوى عالٍ من المرونة. وقد كان أول استخدام للتعليق الهوائي في عام 1933 في مركبة تجريبية سمِّيَت الجعل الصلد Stout-scarab، وحازت الاستحسان؛ لأنها منحت المركبة ثباتاً وراحة للركاب.
العناصر المرنة المستخدمة في منظومات التعليق
تستخدم النوابض الحلزونية (الشكل 2) عادةً في المركبات السياحية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة على كل من المحورين الأمامي والخلفي، في حين تستخدم النوابض الصفيحية التي تتألف من عددٍ من الصفائح المربوطة بعضها ببعض (الشكل3) في المركبات السياحية المتوسطة والكبيرة على المحور الخلفي فقط، إما طولياً (الشكل 4)، وإمّا عرضياً (الشكل 5). تعتمد مواصفات النابض الحلزوني أو الصفيحي على وزن المركبة وعلى مستوى الراحة المطلوب للركاب. فكلما قلَّت قساوة النابض مُنح الركاب راحة أكثر. وتتعلَّق قساوة النابض بمواصفات المعدن المصنَّع منه وأبعاده، فكلما كان سلك النابض ثخيناً كانت قساوته stiffness أكبر، وتزداد أيضاً بزيادة خطوة لفاته في حال كان حلزونياً.
الشكل (2) نابض حلزوني. |
الشكل (3) نابض صفيحي في حالة اللاحمل وحالة الحمل. |
الشكل (4) نابض صفيحي مركّب طولياً. |
الشكل (5) نابض صفيحي مركب عرضياً. |
ثمة معادلة تربط بين القوة المؤثرة في النابض والانضغاط الذي تسببه.
حيث:
F = القوة المؤثرة في النابض (نيوتن).
K = ثابت النابض (ويعبر عن قساوته) (نيوتن/م).
x = مسافة انضغاط النابض التي تسببها القوة (م).
يمكن تحديد قساوة نابض منظومة التعليق عند معرفة القوة المؤثرة فيه، ومسافة الانضغاط التي يسمح بها المصمِّم. أي:
حيث تتحدَّد المسافة القصوى لانضغاط النابض بالمسافة الدنيا المسموحة بين جسم المركبة والطريق.
شاع أيضاً استخدام قضبان الفتل بوصفها عناصر مرنة في منظومات التعليق، وهي قضبان فولاذية يثبَّت أحد طرفيها بجسم المركبة ويثبَّت الطرف الآخر بمنظومة التعليق (الشكل 6)، ويطبّق عزم فتل على القضيب كلما اهتزت العجلة. يستخدم قضيب الفتل في المركبات الصغيرة والمتوسطة على المحور الأمامي غالباً، وإن كان هناك حالات استخدم فيها قضيب الفتل على المحور الخلفي في المركبات الصغيرة.
الشكل (6) قضيب الفتل. |
ثمة منظومات أخرى جرى تطويرها تعتمد على أكياس هوائية، وقد استخدمت في البدء في المركبات الفارهة، ثم في الحافلات وفي الشاحنات. يبيِّن الشكل (7) نموذجاً للتعليق الهوائي. كذلك وُجدت أيضاً منظومات تعليق هدروغازية، وهي منظومات تحتوي على دارة هدروليكية وأكياس غازية، اعتمِدت من قبل عددٍ قليل من المصنِّعين ثم أُهملت، باستثناء شركة ستروين Citroën الفرنسية التي ما تزال تستخدمها في العديد من طرازاتها. تتميز تلك المنظومات بمميزات التعليق الهوائي نفسها، ولكنها لا تحتاج إلى مخمدات منفصلة؛ لأنها تحتوي على منظومات تخميد خاصة بها وذات جودة عالية، يبيِّن الشكل (8) مبدأ عمل هذه المنظومات، حيث تعمل كمية غاز الآزوت المعبأة ضمن الكرة المبينة في الشكل كالنابض، في حين تعمل الدارة الهدروليكية على تصحيح ارتفاع المركبة بمساعدة مضخة وحساسات ارتفاع، وتوفر أيضاً التخميد اللازم عند مرور السائل الهدروليكي عبر فتحات معايرة خاصة عند اهتزاز المركبة.
الشكل (7) نموذج تعليق هوائي. |
الشكل (8) نموذج تعليق هدروغازي. |
أهمية منظومات التعليق ووظيفتها
تأتي أهمية منظومة التعليق في المركبات من أهمية سلامة السير على الطرق وراحة الركاب؛ فمهما كان الطريق أملس فإن أقل اهتزازٍ ينجم عنه ينتقل إلى جسم المركبة، فيهتز مسبباً تصدعه وتفكك أجزائه، إضافة إلى انزعاج الركاب، والأهم من ذلك أن الاهتزاز يقلل من ثبات المركبة بسبب عدم بقاء الإطارات على تماسٍّ دائم مع الطريق. ومن ثم تمتص منظومة التعليق في المركبات -المؤلفة من النوابض والمخمدات- الصدمات والاهتزازات الناجمة عن الطريق، وتضمن الالتصاق الدائم للإطارات بسطح الطريق، وهذا أمر مهمّ جداً من أجل تحقيق ثبات المركبة في مختلف الظروف.
ويتوقف مستوى عزل الصدمات عن جسم المركبة على النسبة بين كتلة المركبة وكتلة العجلة مع حاملها (الكتلة المهتزة)، فكلما كانت هذه النسبة أكبر كان مستوى عزل الصدمات أفضل، ويعود سبب ذلك إلى مبدأ العطالة؛ لذلك يعمل المصمِّمون والمصنِّعون على زيادة هذه النسبة قدر المستطاع، ولهذا السبب تكون المركبات الكبيرة الفارهة أكثر راحة من تلك المتوسطة والصغيرة.
ويتطلب تحقيق التعليق الجيد تناغماً جيداً بين عمل العناصر المرنة الماصة للصدمة مع العناصر المخمِّدة، وبما أن الحصول على تعليق مريح وثبات مثالي على الطريق مستحيل، يعمل المصممون على تحقيق معايير السلامة الخاصة بالثبات على الطرق بالدرجة الأولى مع الحفاظ على مستوى راحة مقبول للركاب. فكما يعتمد الثبات على الطرقات على تخميد عالٍ تتطلب راحة الركاب تعليقاً طرياً وتخميداً معتدلاً.
أنواع منظومات التعليق وخصائصها وبنيتها
تنوعت منظومات تعليق المركبات بحسب العناصر المرنة الفاعلة فيها، فمنها ما يعتمد على عناصر ميكانيكية، كالنوابض الحلزونية أو الصفيحية، أو قضبان الفتل، ومنها ما يعتمد على عناصر هوائية (أكياس). كما تختلف فيما بينها بحسب تصميم آلية التعليق التي تحمل العنصر المرن، وبحسب طبيعة ارتباط العجلات بعضها ببعض. ومن ثم يمكن تصنيف منظومات التعليق في صنفين رئيسيين: منظومات مستقلة، ومنظومات غير مستقلة.
1- منظومات التعليق التابع (غير المستقل) dependent suspension:
يتميز هذا النوع من التعليق بوجود وصلة صلبة تصل بين كل عجلتين متقابلتين، ومن ثم فإن أي اهتزاز في إحدى العجلات يؤثر في العجلة المقابلة لها. يبيِّن الشكل (9) نموذجاً لهذا النوع من التعليق على محور دفع خلفي، حيث يشكِّل غلاف مجموعة نقل الحركة (المجموعة التفاضلية وملحقاتها) هذه الوصلة. ويبيِّن الشكل (10) نموذجاً له على محور خلفي غير دافع، وتكون الوصلة في هذه الحالة جسراً على شكل قضيب معدني مطرَّق ممتد على كامل عرض المركبة. كما يبيِّن الشكل (11) نموذجاً لتعليق تابع (غير مستقل) باستخدام نابض صفيحي. استخدم هذا النوع من التعليق في البداية في جميع المركبات، ولكنه يستخدم اليوم في الشاحنات فقط لسهولة تصميمه وتصنيعه، إضافة إلى أن صيانته بسيطة وغير مكلفة، وسبب التوقف عن استخدامه في المركبات السياحية والحافلات أنه لا يمنحها الثبات المطلوب على الطريق، وخاصة عند السرعات العالية، وفي المنعطفات، ولا يمنح الركاب الراحة الكافية؛ لذلك استبدل به التعليق المستقل الذي يوفر الراحة للركاب والثبات للمركبة. يمكن تركيب مختلف العناصر المرنة في هذا النوع من التعليق، سواء كانت معدنية أم هوائية. ليس لهذا النوع من التعليق نماذج متعددة، غير أنه يمكن تركيب النوابض الصفيحية تحت المحور أو فوقه بحسب الارتفاع النهائي المراد للمركبة وطبيعة الطريق المصممة له. إذ يحرص المصممون على تركيب النابض تحت المحور في الشاحنات التي تسير على الطرق الممهدة، وعلى تركيبه فوق المحور في الشاحنات المخصصة للأراضي الوعرة من أجل كسب مزيد من الفراغ الآمن (المرورية)، وهي المسافة بين أخفض نقطة في المركبة والطريق.
الشكل (9) تعليق تابع (غير مستقل) على محور دافع. |
الشكل (10) نموذج تعليق تابع على محور خلفي غير دافع. |
الشكل (11) نموذج تعليق تابع مع نابض صفيحي. |
2- منظومات التعليق المستقل non- dependent suspension:
لا وجود للجسر الواصل بين كل عجلتين متقابلتين في هذا النوع من منظومات التعليق، ومن ثم فإن اهتزاز إحدى العجلات لا يؤثر في العجلة المقابلة. ويمتاز هذا النوع من التعليق بتوفيره مزيداً من الراحة للركاب، وثباتاً أكبر على الطرق ولاسيما عند المنعطفات والسرعات العالية خاصة. يمكن أيضاً في هذا النوع من التعليق استخدام مختلف العناصر المرنة سواءً كانت معدنية أم هوائية.
تصنَّف منظومات التعليق المستقلة في ثلاث فئات رئيسة، هي:
أ- فئة ماك فرسون McPherson.
ب- فئة المستعرضة المضاعفة double wishbone.
ج- فئة الروابط المتعددة multiــlink.
يبيّن الشكل (12) منظومة تعليق ماك فرسون، وتمتاز ببساطتها وانخفاض كلفتها؛ الأمر الذي يغري مصنِّعي المركبات باعتمادها في المركبات السياحية الصغيرة والمتوسطة الرخيصة. ويبيِّن الشكل (13) نموذجاً لتعليق من فئة المستعرضة المضاعفة الذي يتميز بوجود وصلتين علوية وسفلية متماثلتين، يستند النابض والمخمِّد إلى إحداهما، أما الشكل (14) فيبيِّن التعليق من فئة الروابط المتعددة الذي يشبه كثيراً سابقه بفارق أن الوصلتين ليستا متماثلتين.
الشكل (12) منظومة تعليق ماك فرسون. |
الشكل (13) نموذج منظومة تعليق من الفئة المستعرضة المضاعفة. |
الشكل (14) نموذج تعليق متعدد الوصلات. |
ثمة نماذج أخرى للتعليق يستخدمها المصممون، منها ما يعتمد على الجمع بين مزايا نموذجين، ومنها ما يعتمد على مبادئ أخرى. وفيما يلي نموذجان يعتمد أحدهما على نموذج ماك فرسون، والآخر على نصفي قضيب بدلاً من قضيب واحد (كما في التعليق غير المستقل). ويبيِّن الشكل (15) نموذجاً لمنظومة تعليق تجمع بين ماك فرسون والمستعرضة المضاعفة. أما الشكل (16) فيمثِّل منظومة تعليق تعتمد على نصفي قضيب يرتبطان بجسم المركبة.
الشكل (15) نموذج تعليق ماك فرسون مع وصلة سفلية. |
الشكل (16) نموذج تعليق بنصفي قضيب. |
تتلخَّص وظيفـة المخمّـِدات في منظـومات تعليـق المركبـات في تخـميد الاهتـزازات الناشـئة من وعورة الطريق، حيث تعمل العناصر المرنة في منظومة التعليق على امتصاص الصدمات، ولكنها تسبب اهتزاز المركبة مدة معيّنة؛ مما يتسبب بسوء ثباتها. يتألف المخمِّد من أسطوانة مملوءة بسائل هدروليكي ومكبس محكم مع الأسطوانة مزود بثقب ذي قطر مناسب، تثبَّت الأسطوانة على منظومة التعليق ويثبَّت المكبس على جسم المركبة، فعندما يهتز جسم المركبة يتحرك المكبس داخل الأسطوانة؛ مما يجبر السائل الهدروليكي على المرور عبر ثقب المكبس (الشكل 17)، وهذا يتطلَّب قوة تناسب سرعة حركة المكبس بحسب المعادلة (3)، وبهذا يحدُّ المخمِّد من حركة منظومة التعليق، ومن ثم يحدُّ من حركة جسم المركبة، ويترجم هذا بزيادة ثبات المركبة على الطريق.
الشكل (17) مكونات المخمد التجاري. |
حيث:
F= القوة اللازمة لتحريك المخمِّد (نيوتن).
C = ثابت التخميد (كغ/ثا)، ويتعلق بمواصفات ثقب المكبس، ومواصفات السائل الهدروليكي.
V= سرعة حركة اهتزاز جسم العربة (م/ثا).
لقد طرأ تطور كبير على المخمِّدات؛ إذ تملأ اليوم بغاز عوضاً من السائل الهدروليكي، ومن ثم فقد تغيرت مواصفات ثقوب المكبس وتقانة إحكام المكبس مع الأسطوانة، ويبيِّن الشكل (18) نموذجاً لمخمِّدٍ تجاري.
الشكل (18) نموذج مخمّد تجاري |
وهو قضيب يركب على كل محاور المركبات، ووظيفته هي منع اهتزاز المركبة حول محورها الطولي، حيث إن مرور إحدى عجلات المركبة فوق عقبة ما يتسبب في انضغاط النابض المرتبط بها، الأمر الذي ينجم عنه اهتزاز المركبة حول محورها الطولي. يربط هذا المحور بين طرفي كل محور من محاور المركبة، وتثبَّت نقطتان منه مع جسم العربة كما يبيِّن الشكل (19)، يعمل هذا المحور على نقل أي حركة يخضع لها أحد طرفيه إلى الطرف الآخر، ويبيِّن الشكل (20) أحد نماذج هذا المحور.
الشكل (19) توضيح قضيب التوازن. |
الشكل (20) نموذج قضيب التوازن. |
التطورات الحديثة في تعليق المركبات
تبحث شركات تصنيع المركبات عن أفضل منظومات التعليق التي تحقِّق الراحة من دون التفريط بالثبات على الطريق إذ إن تحقيق الراحة التي تتطلَّب منظومة تعليق مرنة يتعارض مع الثبات على الطريق الذي يتطلَّب منظومة تعليق أكثر قساوة. مع أن التعليق الهوائي والتعليق الهدروبنوماتيكي hydropneumatic يجمعان بين الراحة والثبات على الطريق على نحو مرضٍ فقد طوَّرت هذه الشركات منظومات تعليق يمكنها تغيير مميزاتها في أثناء القيادة، يُطلق عليها منظومات التعليق النشطة. تنقسم قسمين: التعليق النشط الفعلي، والتعليق التكيُّفي suspension adaptive أو شبه النشط. تستعمل منظومات التعليق النشطة مشغِّلاً للتحكُّم بارتفاع هيكل المركبة عند كل عجلة. ويعمل التعليق شبه التكيُّفي على تعديل مميزات المخمِّد فقط لتوافق ظروف الطريق المختلفة.
1- التعليق النشط الفعلي active suspension
يمتاز هذا النوع من التعليق بوجود مفعِّل actuator على كل عجلة يقوم بتوليد قوة مستقلة على منظومة التعليق لتحسين مميزات الثبات على الطريق بوساطة تغيير ارتفاع المركبة عن الطريق.
يمكن أن يكون هذا المفعِّل هدروليكياً، أو كهربائياً، أو قضيباً مضاداً للأرجحة نشط، أو إلكترو مغنطيسياً.
أ- المفعِّل الهدروليكي: ظهر هذا النوع من المفعلات أول مرة عام 1954 مع التعليق الهدروبنوماتيكي الذي طوَّره بول مايس Paul Maés في شركة ستروين الفرنسية. تقوم مضخة بتزويد المنظومة بسائل هدروليكي تحت ضغطٍ عالٍ، ويجري تصحيح ارتفاع كل طرف من أطراف المركبة الأربعة عن الطريق بمساعدة حساسات مستوى مركَّبة على كل عجلة، وذلك بضخ كمية من السائل الهدروليكي أو إنقاصه خلال زمنٍ قصيرٍ «عدة أجزاء من الألف من الثانية». يمنح الآزوت المعبأ في بالونات مطاطية ضمن كرات فولاذية انضغاطية أكبر من تلك للفولاذ (المستعمل في نوابض العربات) بست مرات، وبالتالي تمنح هذه المنظومات راحة أكبر للركاب، أيضاً يمنح هذا النوع من التعليق ميزة تخفيض ارتفاع العربة مع زيادة سرعتها لتحسين الثبات، وتقليل مقاومة الهواء، ولكن تكمن سيئتها في كلفتها الباهظة، وحاجتها المتكررة للصيانة. جرى تطبيق هذا النوع من التعليق مع بعض الاختلافات على ملايين العربات، (الشكل 21).
الشكل (21) منظومة تعليق هدروبنوماتيكية. |
ظهر عام 1980 منظومة تعليق هدروليكي تدار بوساطة حاسوب ركبت على سيارة سباق عام 1985، ولم تسوَّق تجارياً. تمتاز هذه التقنية بسرعة استجابتها «3000 عملية تصحيح في الثانية».
ب- قضيب توازن شبه نشِط، ونشِط: هو بالأصل قضيب توازن أضيفت إليه في منتصفه منظومة تفصل جزأيه بعضهما عن بعض، تستخدم هذه التقنية في السيارات الرياضية. تُطلق تسمية شبه النشط إذا كان تشغيله يدوياً، وتسمية النشط في حال كان تشغيله آلياً، كما يبيّن الشكل (22).
الشكل (22) قضيب توازن نشط. |
2- التعليق التكيّفي
تُطلق هذه التسمية على ثلاثة أنواع من منظومات التعليق.
أ- تعليق تكُّيفي بتفعيل صمامات: تستخدم في هذه المنظومات سلسلة من الصمامات تتحكَّم بحركة المكبس ضمن المخمِّد.
ب- تخميد هدرومغنطيسي: يستخدم هذا النوع من التخميد سائلاً يحوي ذرات معدنية تعمل على تغيير خصائصه عند تطبيق حقل كهربائي عليه.
ج- تعليق هوائي تكيُّفي: يستخدم هذا النوع من التعليق بالونات مصنوعة من المطاط أو البولي يوريثان بدلاً من النوابض الفولاذية كما يبيّن الشكل (23).
الشكل (23) منظومة تعليق هوائي. |
تعمل المنظومات شبه النشطة بأمر من
قائد المركبة من حيث مستوى قساوتها أي ضغط السائل داخل المنظومة (زيت أو هواء)،
ومن حيث ثابت التخميد (سواء قطر الثقوب التي يمر عبرها سائل التخميد، أم مستوى
الحقل الكهربائي حول المخمِّدات التي تحتوي على ذرات معدنية). وتعمل المنظومات
النشطة منها بأوامر من الحاسوب المحمول على المركبة الذي يستقي معطياته من
حمولة المركبة، وسرعتها، وتضاريس الطريق الذي تسير عليه والتي يمكن الحصول
عليها سواء بوساطة كاميرا مثبتة في مقدمة المركبة، أم بوساطة الليدار
LiDAR
التي تنفَّذ مسحاً للطريق أمام المركبة.
- التصنيف : التقانات الصناعية - النوع : التقانات الصناعية - المجلد : المجلد التاسع مشاركة :