تعديل اشاره
Signal modulation -

 تعديل الإشارة

تعديل الإشارة

محمد خالد شاهين

مفاهيم أساسية التعديل الرقمي
الأنواع الرئيسة للتعديل أمثلة وتطبيقات
التعديل التماثلي الآفاق المستقبلية
 

يُقصد بتعديل (ترنيم) الإشارة signal modulation في الإلكترونيات والاتصالات، الإجرائية التي تعتمد على تغيير بعض الخصائص المميزة لموجة حاملة carrier wave تبعاً لإشارة حاملة للمعلومات information-bearing signal، والتي تسمى أيضاً الرسالة.

مفاهيم أساسية

يتمثل الهدف الرئيس من التعديل في منظومة اتصالات في توليد إشارة معدَّلة ملائمة للخواص المميزة لقناة الإرسال. وثمة فوائد أخرى لإجرائية التعديل منها:

- تحقيق إرسال فعال باستخدام هوائيات ذات أبعاد عملية، فبازدياد تردد الموجة الحاملة يقل طول الهوائي اللازم للإرسال.

- خفض الضجيج والتداخل، إذ تتمتع بعض تقنيات التعديل- مثل التعديل الترددي- بأداء أفضل من غيرها من التقنيات بوجود الضجيج.

- التخصيص الترددي frequency assignment، فالتعديل هو الذي يسمح بالفصل بين القنوات الإذاعية والتلفازية بتخصيص كل محطة بتردد إرسال محدد.

- استخدام تقنيات التضميم (التجميع) multiplexing والنفاذ (الولوج) المتعدد multiple access، إذ يسمح التعديل بتنفيذ تقنيات التضميم والنفاذ المتعدد، التي تمكّن من إرسال متآون simultaneous لعدة إشارات حاملة للمعلومات مختلفة على القناة ذاتها.

- تجاوز قيود العتاد الصلب hardware، إذ يسمح التعديل للمصمم بوضع الإشارة في مجال ترددي يتفادى القيود المرتبطة بالعتاديات.

يمكن للموجة الحاملة -تبعاً للتطبيق المعتمد- أخذ أحد الشكلين الأساسيين: إشارة جيبية، أو سلسلة دورية من النبضات. ويُطلق على التعديل في الحالة الأولى تعديل موجة مستمرة Continuous-Wave (CW) modulation، وفي الحالة الثانية تعديل نبضي pulse modulation.

كما يمكن لإجرائية التعديل أن تكون خطية linear، إذا كانت علاقة الدخل بالخرج للمعدِّل تحقق مبدأ التراكب superposition، وإلا فإن الإجرائية غير خطية. ولخطية المعدِل وعدم خطيته أهمية في الجوانب النظرية والعملية على حد سواء.

الأنواع الرئيسة للتعديل

تُصنف تقنيات التعديل في فئتين: التعديل التماثلي analog modulation، والتعديل الرقمي digital modulation.

1- التعديل التماثلي:

يعتمد هذا النوع من التعديل على تعديل الموجة الحاملة (الجيبية) بإشارة تماثلية، ومن ثمَّ يمكن للموسط parameter المعدَل في الإشارة المعدَلة أخذ عدد لا نهائي من القيم ضمن مجال معيّن. وله عدة أشكال متمايزة:

أ- التعديل المطالي Amplitude Modulation (AM):

تُعطى عبارة الإشارة المعدِّلة مطالياً بالعلاقة (1)، وفيها تمثل m(t) الرسالة (الإشارة المعدِلة)، و و مطال الموجة الحاملة الجيبية وترددها على الترتيب، و معامل حساسية المطال للمعدِل.

ويكون لغلاف envelope الإشارة المعدَلة s(t) شكل إشارة الرسالة m(t) ذاته إذا تحقق الشرطان المبيّنان في العلاقة (2).

وتمثل فيها W المركبة الترددية الأعلى في طيف spectrum إشارة الرسالة. ويبيّن الشكل (1) مثالاً على إجرائية التعديل المطالي.

الشكل (1) أشكال الإشارات في التعديل المطالي.

 

يمتاز التعديل المطالي ببساطة بنية المعدِل modulator المكوّن فقط من ضارب وجامع، وبساطة بنية كاشف التعديل demodulator.

إلا أن التعديل المطالي يعاني قيدين عمليين أساسيين هما هدر استطاعة الإرسال، وهدر عرض مجال القناة. إذ إن الموجة الحاملة مستقلة كلياً عن إشارة الرسالة، ومن ثمَّ يمثل إرسال الموجة الحاملة هدراً في الاستطاعة يصل إلى ثلثي الاستطاعة في حالة تعديل النغمة tone modulation (أي في حال كون إشارة الرسالة جيبية أيضاً). كما أن التعديل المطالي يتطلب عرض مجال إرسال يساوي ضعف عرض مجال الرسالة، نظراً للتناظر في طيف الإشارة المعدَلة حول تردد الحامل (الشكل 2).

الشكل (2) القسم الموجب من طيف الإشارة المعدَلة مطالياً.

ولتجاوز هذين القيدين جرى إدخال بعض التغييرات التي نجم عنها زيادة في تعقيد المنظومة، وهي:

- التعديل ثنائي المجال الجانبي مكبوت الحامل Double Side Band–Suppressed Carrier (DSB-SC): ويقوم على إرسال المجالين الجانبيين الأعلى والأدنى فقط، وبذلك يتحقق وفر في استطاعة الإرسال نظراً لحذف مركبة الموجة الحاملة، إلا أن عرض المجال يبقى ضعف عرض مجال الرسالة. وتُعطى عبارة الإشارة المعدَلة تعديلاً ثنائي المجال الجانبي مكبوت الحامل بالعلاقة (3).

أي إن المعدل يقتصر على معدل ضارب، يقوم بضرب إشارة الرسالة بإشارة الموجة الحاملة.

- التعديل أحادي المجال الجانبي Single Side Band (SSB): تكون الموجة المرسلة مكوّنة من المجال الجانبي الأعلى (أو الأدنى). ويُعدّ هذا النوع من التعديل ملائماً لإرسال إشارات الصوت، نظراً لفجوة الطاقة energy gap الموجودة في طيف الإشارات الصوتية. وهذا التعديل هو الأمثَل من بين أنواع التعديل بالموجة المستمرة، لكونه يتطلب الحد الأدنى من استطاعة الإرسال والحد الأدنى من عرض مجال الإرسال. إلا أن المساوئ الرئيسية له تتمثل في زيادة تعقيد التطبيق ومحدوديته. وتُعطى عبارة الإشارة المعدَلة تعديلاً أحادي المجال الجانبي بالعلاقة (4).

وفيها تمثل تحويل هيلبرت Hilbert للإشارة m(t). وتوافق إشارة الناقص (-) في العلاقة (4) حالة التعديل بالمجال الجانبي الأعلى، وإشارة الزائد () حالة التعديل بالمجال الجانبي الأدنى.

يمكن توليد الموجة المعدَّلة تعديلاً أحادي المجال الجانبي بطريقة تمييز التردد (الشكل 3)، التي تشتمل فيها دارة التعديل على معدل ضارب product modulator متبوع بمرشح تمرير مجال band-pass filter يحذف المجال الجانبي غير المرغوب.

الشكل (3) المخطط الصندوقي لمعدِل أحادي المجال الجانبي بطريقة تمييز التردد.

 

كما يمكن توليدها بطريقة تمييز الطور التي تشتمل فيها دارة التعديل على مسارين؛ مسار متوافق بالطور in-phase وآخر ترابعي quadrature (الشكل 4).

الشكل (4) المخطط الصندوقي لمعدِل أحادي المجال الجانبي بطريقة تمييز الطور.

 

- التعديل بالمجال الجانبي المتبقي Vestigial Side Band (VSB): ويقوم على تمرير القسم الأعظم من أحد المجالين الجانبيين، إضافةً إلى جزء صغير (المتبقي) من المجال الجانبي الآخر. ومن ثمَّ فإن عرض مجال القناة المطلوب أكبر بقليل من عرض مجال الرسالة بمقدار يعادل عرض المجال الجانبي المتبقي. ويلائم هذا النوع من التعديل إرسال إشارات عريضة المجال مثل إشارات التلفزة، التي تتضمن مركبات مهمّة عند الترددات المنخفضة جداً، ويبيّن الشكل (5) المخطط الصندوقي لهذا المعدِل اعتماداً على تمييز التردد.

الشكل (5) المخطط الصندوقي لمعدِل مجال متبقٍ بطريقة تمييز التردد.

 

وفي البث التلفازي التجاري يجري إرسال مركّبة حامل مهمة مع الموجة المعدَّلة مما يسمح بكشف تعديل الإشارة بوساطة كاشف غلاف في المستقبِل، ومن ثمَّ جعل تصميمه أكثر بساطة.

ب - التعديل الزاوي:

يعتمد التعديل الزاوي angle modulation على تغيير زاوية الموجة الحاملة (الجيبية) تبعاً للإشارة الحاملة للمعلومات (الرسالة). ثمة طرائق كثيرة تُمكّن من إجراء هذا التغيير، إلا أن الطريقتين الأكثر شيوعاً هما التعديل الطوري Phase Modulation (PM) الذي يعتمد على تغيير الطور الآني للموجة الحاملة الجيبية خطياً بدلالة إشارة الرسالة، والتعديل الترددي Frequency Modulation (FM) الذي يعتمد على تغيير التردد الآني للموجة الحاملة الجيبية خطياً بدلالة إشارة الرسالة. وتجدر الإشارة إلى أن الطريقتين وثيقتا الصلة بحيث يمكن اعتماداً على إحداهما اشتقاق الأخرى، إلا أن استخدام التعديل الترددي أكثر شيوعاً. ويبيّن الشكل (6) مقارنة لأشكال الإشارات بين التعديل المطالي AM والتعديل الترددي FM والتعديل الطوري PM في حالة تعديل نغمة.

الشكل (6) مقارنة أشكال الإشارات بين التعديل المطالي والترددي والطوري.

 

تُعطى عبارة الإشارة المعدَلة تعديلاً طورياً بالعلاقة (5)، وفيها يمثل kp معامل حساسية الطور.

أما عبارة الإشارة المعدَلة تعديلاً ترددياً فتعطى بالعلاقة (6)، وفيها يمثل kf معامل حساسية التردد.

يمتاز التعديل الزاوي بثبات استطاعة الإرسال نظراً لثبات مطال الإشارة المعدَلة، وهنا تكمن السمة الرئيسية له في مقاومة آثار الضجيج والتداخل في طرف الاستقبال، كما أنه يوفر إمكان الموازنة بين زيادة عرض مجال الإرسال وتحسين الأداء بوجود الضجيج. إلا أن إجرائية التعديل الزاوي غير خطية، بخلاف التعديل المطالي؛ مما يجعل التحليل الطيفي أكثر تعقيداً.

ثمة طريقتان رئيسيتان لتوليد موجات التعديل الترددي، وهما الطريقة المباشرة التي تعتمد على استخدام مهتز جيبي، بحيث يمكن التحكم بأحد العناصر التفاعلية - (المفاعلة) reactive (مكثف) في الدارة الخازنة tank circuit للمهتز- مباشرة من قبل إشارة الرسالة (الشكل 7).

الشكل (7) طريقة التوليد المباشر لموجة معدلة ترددياً.

 

أما الثانية فهي الطريقة غير المباشرة (أو معدِل أرمسترونغ Armstrong) التي تعتمد على استخدام إشارة الرسالة لتوليد إشارة تعديل ترددي ضيق المجال أولاً، ثم زيادة الانحراف الترددي إلى المستوى المطلوب باستخدام ضارب ترددي (الشكل 8).

الشكل (8) المخطط الصندوقي لمعدِل أرمسترونغ.

ج - التعديل النبضي التماثلي:

يعتمد التعديل النبضي التماثلي analog pulse modulation على استخدام قطار دوري من النبضات كموجة حاملة، ويجري تغيير إحدى السمات المميزة لكل نبضة (المطال أو المدة أو الموضع) على نحوٍ مستمر بدلالة القيمة الموافقة لعينة إشارة الرسالة. وبذلك تنقل المعلومات في التعديل النبضي التماثلي بشكل تماثلي، إلا أن الإرسال يجري عند لحظات متقطعة. ثمة ثلاثة أنواع رئيسة هي تعديل مطال النبضة Pulse-Amplitude Modulation (PAM)، وتعديل مدة النبضة Pulse-Duration Modulation (PDM)، وتعديل موضع النبضة Pulse-Position Modulation (PPM).

تُعطى عبارة موجة تعديل مطال النبضة بالعلاقة (7)، وفيها تمثل m(nTs) قيمة عينة إشارة الرسالة m(t) عند اللحظة ، وTs دور أخذ العينات (الاعتيان) sampling period، وh(t) تابع النبضة المستطيلة المعياري الذي مطاله واحد وعرضه .

ويفرض إرسال إشارة تعديل مطال النبضة قيوداً صارمة على الاستجابة المطالية والطورية للقناة، نظراً لقصر مدة النبضات المرسلة. كما أن أداء منظومة هذا التعديل بوجود الضجيج ليس أفضل من الإرسال المباشر لإشارة الرسالة. أما في تعديل مدة النبضة فتُستخدم عينات الرسالة في تغيير مدة النبضات الإفرادية، ويُطلق أحياناً على هذا النوع اسم تعديل عرض width النبضة أو تعديل طول length النبضة. وهذا التعديل يسبب هدراً في الاستطاعة، إذ إن النبضات الطويلة تصرف استطاعة هائلة، في حين أنها لا تحمل معلومات إضافية.

وفي تعديل موضع النبضة يجري تغيير موضع النبضة منسوباً إلى زمنها غير المعدل تبعاً لإشارة الرسالة. وتُعطى عبارة إشارة تعديل موضع النبضة بالعلاقة (8)، وفيها يمثل  معامل حساسية المعدل،kp
و g(t) النبضة المعيارية المعتمدة.

 

ويبيّن الشكل (9) مثالاً على أشكال موجات تعديل مطال النبضة ومدتها وموضعها في حالة إشارة رسالة جيبية.

الشكل (9) أشكال موجات التعديل النبضي التماثلي.

2- التعديل الرقمي

يعتمد هذا النوع على تعديل إشارة رقمية (متقطعة)، ومن ثمَّ يمكن للموسط المعدّل في الإشارة المعدَلة أخذ عدد منته من القيم.

أ - تقنيات التعديل الرقمي:

إذا كان المطلوب نقل دفق معطيات (إشارة رقمية) على قناة تمرير مجال bandpass، مثل القنوات الساتلية satellite واللاسلكية، يجري تغيير أحد موسطات الموجة الجيبية الحاملة بدلالة دفق المعطيات الحامل للمعلومات. والطرائق الرئيسية في التعديل الرقمي هي التعديل الرقمي بإزاحة المطال Amplitude-Shift Keying (ASK)، والتعديل الرقمي بإزاحة التردد Frequency-Shift Keying (FSK)، والتعديل الرقمي بإزاحة الطور Phase-Shift Keying (PSK). ويبيّن الشكل (10) مثالاً على أشكال موجات التعديل الرقمي بمجال التمرير الرئيسة.

الشكل (10) أشكال موجات التعديل النبضي التماثلي.

 

يقال عن منظومة إنها متماسكة (متّسقة) coherent إذا كان المستقبِل متزامناً مع المرسل فيما يخص طور الحامل، وإلا قيل عنها إنها غير متماسكة. وتمتاز المنظومة غير المتماسكة بكونها أقل تعقيداً، إلا أن ذلك يكون على حساب تدهور الأداء.

تُعطى عبارة الموجة الجيبية في الاتصالات الرقمية بالعلاقة (9)، التي تفترض أن للحامل c(t) طاقة واحدية مقيسة على مدة رمز symbol في حالة الإرسال متعدد المستويات M-ary، أو على مدة بت bit في حالة الإرسال الاثناني binary.

 

حيث:  مدة البت و تردد الحامل و طور الإشارة.

يعتمد التعديل الرقمي بإزاحة المطال الاثناني (BASK) ASK Binary على المحافظة على ثبات تردد الحامل وطوره، في حين يزاح مطال الحامل بين قيمتين ممكنتين مستخدمتين لتمثيل الرمزين 0 و1. وإذا ما كانت إحدى القيمتين معدومة يُطلق على هذه الحالة الخاصة التعديل (التشوير) بالوصل والفصل ON-OFF signalling، ولوصف التعديل الرقمي بإزاحة المطال الاثناني يُستخدم دفق المعطيات data stream الاثناني s(t) المعرّف بالعلاقة (10)، وهو نوع من التشوير بالوصل والفصل.

 

حيث: طاقة البت.

وبذلك تُعطى موجة التعديل الرقمي بإزاحة المطال الاثناني في هذه الحالة الخاصة بالعلاقة (11).

 

تُولَّد إشارة التعديل الرقمي بإزاحة المطال الاثناني بوساطة معدل ضارب له مدخلان؛ أحدهما إشارة الوصل والفصل أي إشارة المعلومات، والثاني إشارة الحامل الجيبية. ويتميز هذا النوع من التعديل بعدم ثبات غلاف الموجة المعدَلة.

ثمة نوع تعديل رقمي آخر يطلق عليه اسم التعديل الترابعي (التعامدي) المطالي Quadrature-Amplitude Modulation (QAM)؛ ويسمح بتحقيق ضعف سرعة التعديل التي يحققها التعديل المطالي بإزاحة المطال الاثناني.

في حين يعتمد التعديل الرقمي بإزاحة الطور الاثناني BPSK على إزاحة طور الحامل بين قيمتين ممكنتين (عادة 0° و 180°) لتمثيل الرمزين 0 و1، مع المحافظة على ثبات مطال الحامل وتردده. وتُعطى عبارة الإشارة المعدَلة بالعلاقة (12).

 

 

وتُدعى الإشارتان و المختلفتان بإزاحة طورية نسبية قدرها بالإشارات متقابلة القطب antipodal. يمتاز التعديل الرقمي بإزاحة الطور الاثناني عن التعديل الرقمي بإزاحة المطال الاثناني بثبات غلاف الإشارة المعدَلة، ومن ثمَّ ثبات استطاعة الإرسال. ويبيّن الشكل (11) بنية المعدل الرقمي بإزاحة الطور الاثناني.

الشكل (11) المخطط الصندوقي للمعدِل الرقمي بإزاحة الطور الاثناني.

 

يتمثل أحد أهداف الاتصالات الرقمية في الاستخدام الفعال لعرض مجال القناة. ومن مخططات التعديل التي تحافظ على عرض المجال التعديل الرقمي الترابعي التعامدي بإزاحة الطور QuadriPhase-Shift Keying (QPSK)، وفيه يأخذ طور الموجة الجيبية إحدى القيم الأربع المتماثلة التباعد (π/4 و 3π/4 و 5π/4 و 7π/4على سبيل المثال). وتُعطى عبارة الإشارة المرسلة بالعلاقة (13)، وفيها تمثل E طاقة الإشارة المرسلة بالرمز، و T مدة الرمز (أي 2Tb).

 

ويبيّن الشكل (12) المخطط الصندوقي للمعدل الرقمي التعامدي بإزاحة الطور.

الشكل (12) المخطط الصندوقي للمعدل بإزاحة الطور الترابعي.

 

يُحافَظ على ثبات مطال الحامل في التعديل الرقمي بإزاحة الطور التعامدي، في حين يمكن للطور أن يقفز إما وإما كل مدة بتين (بت ثنائي dibit). إلا أن خضوع الإشارة للترشيح بفعل الإرسال على قناة الاتصال يمكن أن يتسبب بتذبذب مطال الحامل، ومن ثمَّ تذبذب غلاف الإشارة، ومثل هذه التذبذبات غير مرغوبة لأنها تتسبب بتشويه الإشارة المستقبَلة؛ لذا طُورت طريقة مشتقة منها تدعى التعديل الرقمي الترابعي (التعامدي) بإزاحة الطور مع انزياح OQPSK، وتعتمد على إدخال تأخير قدره مدة بت واحد على القناة الترابعية (المتعامدة) quadrature مقارنة مع القناة المتوافقة بالطور in-phase؛ مما يقود إلى قفزة أعظمية بين كل مدة بتين لا تتجاوز .

أما التعديل الرقمي بإزاحة التردد الاثناني BFSK فيُعدّ أحد أبسط أشكال التعديل الرقمي بإزاحة التردد، وفيه يجري التفريق بين الرمزين 0 و 1 بإرسال إحدى الموجتين الجيبيتين مختلفة بالتردد عن الأخرى بمقدار ثابت. وتُعطى العبارة العامة للإشارة المعدَلة بالعلاقة (14).

 

إذا جرى اختيار الترددين و ، بحيث يختلفان عن بعضهما بمقدار يساوي مقلوب مدة البت ، يُطلق على إشارة التعديل الرقمي بإزاحة التردد اسم التعديل الرقمي بإزاحة التردد لساندي Sunde’s BFSK، نسبةً إلى مخترعها. وتكون الإشارة المعدَلة في هذه الحالة إشارة مستمرة بالطور continuous-phase، بمعنى أنه يُحافط على استمرارية الطور حتى في أثناء أزمنة التبديل بين البتات.

ثمة نوع آخر مشتق من التعديل الرقمي بإزاحة التردد الاثناني، تكون فيه الإشارة المعدَلة إشارة مستمرة بالطور، وهو التعديل الرقمي بالإزاحة الصغرى Minimum-Shift Keying (MSK)، ويكون فيه الفرق بين الترددين الموافقين للرمز1 والرمز 0 يساوي نصف معدل البت . وتكمن الميزة الأساسية لهذا النوع من التعديل في استخدامه للتباعد الترددي الأدنى؛ مما يسمح للإشارتين الممثِلتين للرمزين 0 و1 أن تكونا متعامدتين تماسكياً (اتساقياً) coherently orthogonal، ومن ثمَّ لا تتداخلان فيما بينهما في أثناء إجرائية الكشف المتماسك في المستقبِل.

عند الحاجة إلى الحفاظ على عرض مجال القناة لدى إرسال المعطيات الرقمية على قنوات تمرير مجال يفضل استخدام أنماط التشوير متعدد المستويات M-ary signaling. ويكون غلاف الإشارة المرسلة في حالة نمطيّ التشوير بإزاحة الطور متعدد المستويات M-ary PSK وبإزاحة التردد متعدد المستويات M-ary FSK ثابتاً؛ مما يسمح باستخدامهما من أجل القنوات غير الخطية. ويُعدّ التعديل الترابعي (التعامدي) المطالي متعدد المستويات M-ary QAM نوعاً هجيناً من التعديل متعدد المستويات، إذ إنه يجمع بين التعديل الرقمي بإزاحة المطال والتعديل الرقمي بإزاحة الطور، إلا أن غلاف الإشارة الناتجة يكون متغيراً؛ مما يَقصِر استخدامه على قنوات تمرير المجال الخطية. وتستخدم مخططات فضاء الإشارات signal-space diagram التي تُمَثل فيها الإشارات بنقاط لإظهار هذا النوع من التعديل. ويبيّن الشكل (13) مثالاً على هذا المخطط لتعديل ترابعي (تعامدي) مطالي ذي 16 مستوى.

الشكل (13) مثال على مخطط فضاء الإشارات لتعديل ترابعي (تعامدي) مطالي ذي 16 مستوى.

 

ب - التعديل النبضي الرقمي:

وهو مجموعة من تقنيات التعـديل تسـمح بإرسـال إشارات الرسائل التماثلية على قنوات الاتصالات على شكل سلسلة من النبضات المرمَّزة، ومن أبرز هذه التقنيات التعديل النبضي المرمّز Pulse-Code Modulation (PCM)، وتعديل دلتا Delta Modulation (DM)، والتعديل التفاضلي النبضي المرمّز Differential Pulse Code Modulation (DPCM).

- التعديل النبضي المرمّز: يمتاز التعديل النبضي المرمّز PCM بمزايا فريدة، منها المناعة حيال الضجيج والتداخل، وإعادة توليد فعالة للنبضات المرمَّزة على طول مسار الإرسال، ومصاغة format نظامية لمختلف أنواع إشارات الرسائل. وقد جعلت تلك السمات منه طريقة الترميز المفضلة لإرسال الإشارات التماثلية، مثل إشارات الصوت والفيديو. ويقوم المعدِل (الشكل 14) بتنفيذ ثلاث عمليات أساسية، هي أخذ العينات sampling والتكمية quantization والترميز encoding. ويُستخدم عادة مرشح تمرير منخفض قبل أخذ العينات من أجل الوقاية من المزايفة (الانثلام) aliasing، كما تُجرى عادة عمليتا التكمية والترميز في دارة واحدة تسمى مبدلاً تماثلياً رقمياً Analog-to-Digital Converter (ADC).

الشكل (14) المخطط الصندوقي لمعدل نبضي مرمّز.

 

 

يجري في مرسل التعديل النبضي المرمّز أخذ عينات من إشارة الرسالة الواردة (بالمجال القاعدي) بوساطة قطار من النبضات المستطيلة الضيقة بما فيه الكفاية لتكون تقريباً جيداً لإجرائية أخذ العينات الآنية. ومن أجل ضمان إعادة بناء إشارة الرسالة بصورة صحيحة في طرف الاستقبال يجب أن يفوق معدل أخذ العينات ضعف المركّبة الترددية العظمى لإشارة الرسالة طبقاً لنظرية الاعتيان. ثم يجري تكمية النسخة المعتانة من الرسالة للحصول على تمثيل متقطع في الزمن والمطال معاً. ويمكن لعملية التكمية أن تكون منتظمة uniform، بمعنى أن المسافة بين مستويات التمثيل متساوية (الشكل 15)، أو غير منتظمة، أي باستخدام فاصل متغير بين تلك المستويات. ويكافئ استخدام مكمٍّ غير منتظم تمرير إشارة الرسالة في ضاغط compressor ثم تطبيق الإشارة المضغوطة على مكمٍّ منتظم. ومن أشهر قوانين الضغط قانون إيه A-law وقانون ميو µ-law. ويجري في المرحلة اللاحقة والأخيرة استخدام إجرائية ترميز لتحويل المجموعة المتقطعة من القيم المعتانة إلى شكل إشارة ملائم يكون أكثر مناعة للضجيج والتداخل وغيرها من العوامل السلبية.

الشكل (15) مثال على إجراء تعديل نبضي مرمّز.

 

- التعديل دلتا: يقوم التعديل دلتا عمداً بأخذ عينات مفرط (زائد) oversampling، (أي بمعدل أعلى بكثير من معدل نايكوست Nyquist rate) لإشارة الرسالة الواردة من أجل زيادة الترابط بين العينات المتجاورة للإشارة، ويقوم بتوليد تقريب سُلّمي (درجي) staircase للنسخة المعتانة من إشارة الرسالة (الشكل 16). وبخلاف طريقة التعديل النبضي المرمّز يجري تكمية الفرق في إشارة الدخل وتقريبها في مستويين اثنين فقط هما . فإذا جاء التقريب أدنى من إشارة الدخل عند أي فترة اعتيان sampling epoch تجري زيادة التقريب بمقدار ، وإذا تجاوز التقريب الإشارة يجري إنقاصه بالمقدار ذاته.

الشكل (16) مثال على إجراء تعديل دلتا.

 

تتمثل الميّزة الرئيسية للتعديل دلتا في بساطة الدارات (الشكل 17)، إلا أن مشاكل الإرسال كالضجيج تتسبب بخطأ تراكمي في الإشارة المكشوف تعديلها.

الشكل (17) بنية المرسل في منظومة تعديل دلتا.

 

يمكن تجاوز مشكلة الخطأ التراكمي في تعديل دلتا بمكاملة إشارة الرسالة قبل إجراء التعديل دلتا (الشكل 18)، ويُطلق على هذه الطريقة اسم التعديل دلتا-سيغما (سيغما دلتاوي) Delta-Sigma Modulation (D-ΣM). ولاستخدام المكاملة فوائد أخرى، منها: تعزيز pre-emphasize المحتوى المنخفض التردد لإشارة الدخل، وزيادة الترابط correlation بين العينات المتجاورة لدخل المعدل دلتا؛ مما يسهم في خفض الاستطاعة المتوسطة لإشارة الخطأ عند دخل المكمي، وتبسيط تصميم المستقبل.

الشكل (18) بنية المرسل في منظومة التعديل دلتا-سيغما.

من ناحية أخرى يتطلب استيعاب مدىً دينامي dynamic range واسع في التعديل دلتا أن يكون قياس الخطوة كبيراً، في حين أن التمثيل الدقيق للإشارات ذات المطالات المنخفضة نسبياً يتطلب قياس خطوة صغيراً. ومن ثمَّ يتطلب اختيار قياس خطوة أمثلي، بحيث تكون الاستطاعة الوسطية لخطأ التكمية في الحد الأدنى، جعل منظومة التعديل دلتا متكيّفة، أي أن يتغير قياس الخطوة بما يناسب إشارة الرسالة، وهو مبدأ التعديل دلتا المتكيّف Adaptive Delta Modulation (ADM).

- التعديل النبضي المرمّز التفاضلي (DPCM): ويعتمد على فكرة التنبؤ prediction لحذف الرموز التكرارية (الفائضة) redundant من دفق المعطيات الوارد؛ مما يسمح باستخدام عرض مجال قناة أخفض مقارنة مع التعديل النبضي المرمّز، ويكون ذلك على حساب زيادة في تعقيد الدارات (الشكل 19).

الشكل (19) بنية المرسل في منظومة تعديل نبضي مرمّز تفاضلي.

 

ويمكن تحسين الأداء أيضاً باستخدام طريقة التعديل النبضي المرمّز التفاضلي المتكيّف Adaptive Differential Pulse Code Modulation (ADPCM)، التي تعتمد على التحكم بعملية التكمية أو بعملية التنبؤ أو بهما معاً.

أمثلة وتطبيقات

ثمة عدد كبير جداً من الأمثلة على تقنيات التعديل وتطبيقاتها. وفيما يأتي بعض منها.

- التجميع (التضميم) باقتسام التردد Frequency Division Multiplexing (FDM): التجميع هو عملية معالجة إشارة مهمة في الاتصالات التماثلية، تقوم على دمج عدد من الإشارات المستقلة في إشارة مركَّبة ملائمة للإرسال على قناة مشتركة. ويجب الحفاظ على استقلالية الإشارات لمنع التداخل فيما بينها، ومن ثمَّ القدرة على فصلها بعضها عن بعض في طرف الاستقبال. والتقنية التي تسمح بفصل الإشارات في التردد هي التجميع باقتسام التردد. وتقوم هذه التقنية بإجراء عمليات تعديل لتحقيق الإزاحة الترددية المطلوبة (المجمّع) التي تسمح بوضع إشارة كل قناة في مكانها المخصص. وتُستخدم هذه التقنية على سبيل المثال في المنظومات الهاتفية لنقل عدد من الإشارات الهاتفية على القناة ذاتها بصورة متواقتة. ويبيّن الشكل (20) المخطط الصندوقي لمنظومة تجميع باقتسام التردد.

الشكل (20) المخطط الصندوقي للمرسل في منظومة تجميع باقتسام التردد.

 

- التجميع الصوتي المجسم اعتماداً على التعديل الترددي FM stereo multiplexing: وهو نوع من التجميع باقتسام التردد، شائع الاستخدام في البث الإذاعي بالتعديل الترددي، يسمح بإرسال عنصرين مختلفين من برنامج لإعطاء بُعد فضائي (مكاني) spatial dimension للإدراك الحسي له من قبل مستمع في طرف الاستقبال. ويبيّن الشكل (21) المخطط الصندوقي للمرسل في منظومة تجميع صوتي مجسم بالتعديل الترددي.

الشكل (21) المخطط الصندوقي لمرسل منظومة تجميع صوتي مجسم بالتعديل الترددي.

 

- التجميع باقتسام الزمن Time-Division Multiplexing (TDM): يسمح التجميع باقتسام الزمن بالاستخدام المشترك لقناة اتصال من قبل عدة مصادر رسائل مستقلة من دون التسبب بتداخل متبادل فيما بينها. وتُعدّ المزامنة الدقيقة متطلباً رئيساً لحسن عمل هذا المنظومة. ويبيّن الشكل (22) المخطط الصندوقي لمنظومة تجميع باقتسام الزمن وتعديل نبضي مرمّز لقناتين.

الشكل (22) المخطط الصندوقي لمنظومة تجميع باقتسام الزمن وتعديل نبضي مرمّز لقناتين.

 

- التجميع المتعامد باقتسام التردد Orthogonal Frequency-Division Multiplexing (OFDM): وهو مثال على المنظومات متعددة الحوامل multi-carrier system والتي يستخدم فيها المرسل الواحد حوامل متعددة متعامدة، كل منها مسؤول عن جزء من معدل المعطيات الإجمالي. ويكون للوسط medium في الإرسال متعدد الحوامل آثار على مجمل الطيف، إلا أن طيف الحوامل الإفرادية يكون غير مشوه نسبياً باستثناء التغيرات المحتملة في الربح ودوران الطور. ويبيّن الشكل (23) المخطط الصندوقي لمنظومة تجميع باقتسام التردد المتعامد مع سابقة (بادئة) دورية (CP) Cyclic Prefix.

الشكل (23) المخطط الصندوقي لمنظومة تجميع باقتسام التردد المتعامد.

 

الآفاق المستقبلية

تُعدّ تقنيات التعديل ولاسيما الرقمية كتلة بناء أساسية في الرابط (واجهة التواصل) interface الفيزيائي (أو الراديوي) في جميع منظومات الاتصالات. وتشكِّل تقنيات التعديل مثل التجميع المتعامد باقتسام التردد OFDM، وتعدد النغمات المنفصلة Discrete Multitone (DMT)، وتعدد المداخل وتعدد المخارج Multiple-Input and Multiple-Output (MIMO)، والتعديل مستمر الطور Continuous Phase Modulation (CPM)، والتعديل بالترميز التشابكي Trellis Coded Modulation (TCM)، والتعديل المتكيّف أجزاء أساسية في تنفيذ منظومات الاتصالات الحديثة.

وتتركز الدراسات والأبحاث الراهنة على تطوير تقنيات تعديل وترميز جديدة، مثل التعديل المرمّز لمنظومات الزمكان coded modulation for space-time systems من أجل تحسين فاعلية عرض المجال وفاعلية الاستطاعة على حد سواء.

مراجع للاستزادة:

- A. Bhowal, R. S. Kshetrimayum, Advanced Spatial Modulation Systems (Signals and Communication Technology), Springer, 2020.

- A. B. Carlson, P. B. Crilly, Communications Systems, McGraw-Hill, 2010.

- D. Pu A.M. Wyglinski, Digital Communication Systems Engineering with Software-Defined Radio, Artech House, 2013.

- M. Viswanathan, V. Srinivasan, Digital Modulations using Python, Independently published, 2019.

 


- التصنيف : كهرباء وحاسوب - النوع : كهرباء وحاسوب - المجلد : المجلد التاسع مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1