تعدد الأشكال
تعدد اشكال
Polymorphism -
سمير أبو أصبع
التعدد الشكلي polymorphism (من اللاتينية poly تعدد وmorph شكل) -بيولوجياً- هو وجود نمطين ظاهريين أو أكثر في أفراد الجماعة ضمن النوع نفسه، وتعيش الأفراد الحاملة لهذه الأنماط المتباينة في البيئة نفسها، حيث تتزاوج فيما بينها عشوائياً. تبدو التعددية الشكلية شائعة في الطبيعة، وهي المسؤولة عن التنوع الحيوي والتنوع الوراثي وتكيف الأحياء؛ ومن وظائفها تمكين الأحياء من العيش في بيئات متباينة. من أمثلة التعدد الشكلي: الأشكال المتعددة في الفراشات الناجمة عن مقدرتها على التمويه للتخفي عن أعدائها، وفي الحلازين، وأنماط الزمر الدموية، وألوان العيون عند الإنسان.
ينجم التعدد الشكلي عن عمليات التطور وفقاً لنظرية التطور ولاسيما التطور الذي يتناول أي صفة داخل النوع تكون قابلة للتوريث وتُعدّل بالاصطفاء الطبيعي. وتجدر الإشارة إلى وجود ما يعرف بالتعدد الشكلي الظاهري polymorphism phenomenological الذي يَحدث نتيجة لتأثير البيئة، وبالتالي يَعمل التعبير الجيني على تحديد الشكل الأنسب للعيش فيها؛ والتعدد الشكلي الوراثي genetic polymorphism، الذي يحدث نتيجةً للنمط الوراثي genotype. يُبدي نمط التعدد الشكلي الظاهري مرونة بيئية أكبر من نمط التعدد الشكلي الوراثي؛ ويُشاهد كلا النمطين في أفراد النمل العائدة إلى الجماعة نفسها: إذ يتحدد الجنس وراثياً بمعرفة ما إذا كان أحادي الصيغة الصبغية haploid كما في الذكر، أو مضاعف الصيغة الصبغية diploid كما في الأنثى، يُلاحَظ ذلك في النحل والزنابير wasps (الدبابير)، في حين يتم التفريق بين النملات العاملات والحراس بفعلٍ بيئي عن طريق إطعامها اليرقات.
تُضْبَط الأشكال المميزة عادة ببعض الآليات القادرة على أن تعطي شكلاً واحداً أو أكثر من دون وسطاء، كتلك التي تتأثر بالاختلافات البيئية، وينجم هذا الضبط عن تأشيب recombination الجينات؛ الذي يحدث نتيجة لاحتياجات بيئية للتنويع ضمن النوع، كالتمويه في الفراشات الذي يحدث لأغراض حماية نفسها من المفترس بالانتخاب الطبيعي natural selection، الذي يكون بشكلين:
1- تمـويه باتس Batesian mimicry، ويقصد به أن الأنواع اللذيذة الطعم تقوم بتقليد الأنواع السامة وذات الطعم غير المستساغ لتحافظ على نفسها من مفترسيها، وهكذا يتم تقليد النماذج القادرة على حماية نفسها شكلياً، فهي بالتالي متعددة الشكل.
2- تمويه مولر Mullerian mimicry، ويقصد به أن الأنواع المتقاربة تقلد بعضها لتخفيف خطورة الافتراس؛ وذلك بإنتاج نموذج موحد من الأنماط التحذيرية الواضحة، مثل النحل والدبابير.
تُعَدُ النماذج مَثْنَوِيَّةُ الشكل الجنسي sexual dimorphism ضمن تعريف التعدد الشكلي الوراثي، ويُقصد بذلك وجود شكل خاص - ضمن النوع - مميز للذكر وآخر للأنثى مثل الديك والدجاجة.
تدل التعددية الشكلية على نمط التنوع الوراثي ضمن الحوض الجيني gene pool للجماعة، ومثال ذلك توجيه اصطناع البروتين بوساطة معلومات مبرمجة في الجينات. وهكذا تُسمى الجينات المالكة لتسلسل مختلف من الدنا بالجينات متعددة الأشكال التي يُطلق عليها اسم الأليلات المتعددة multiple alleles؛ وقد أُثبت ذلك بالأليلات التي تضبط ألوان العيون، والتي تُرمز بروتينات مكوّنَة من تسلسلات مختلفة للحموض الأمينية، وتُعطي بالتالي أشكالاً متماثلة أو متناظرة isomorphs.
كما توجد التعددية الشكلية خارج الجينات في غزارة الدنا التي لا ترمز البروتينات، وبالتالي تتجه هذه المناطق من الدنا إلى إعطاء تعدديات شكلية يمكن أن تُستعمل واسمات جزيئية molecular markers لتحديد مواقع الجينات كتلك التي تسبب الأمراض، وقد تساعد أيضاً على تحديد مصدر عينتين مجهولتين من الدنا لتحديد ما إذا كانت آتية من المصدر ذاته أم لا.
يزداد تواتر ظهور التعدد الشكلي بوجود الطفرات mutations المتمثلة بإعادة ترتيب النوكليوتيدات؛ فقد تتشكل الطفرة نتيجة للتغيّر من نمط نوكليوتيدي لآخر، نتيجةً لإدخال (حشر) insertion أو حذف deletion أو استبدال substitution نوكليوتيد أو أكثر بآخر.
يمكن أن تورَّث مظاهر التعددية الشكلية عبر الأجيال مثلما يحصل لأي تسلسل نوكليوتيدي، الأمر الذي يسمح بتتبع انتقالها من الآباء إلى الأبناء. وقد تؤثر -أو لا تؤثر- التعددية الشكلية في الوظيفة البيولوجية للكائن الحي، مثلاً تبدو البقعة الإضافية الدقيقة على الأجنحة المخفية لعث النمر tiger moth غير مهمة في بقاء الحشرة على قيد الحياة، لكن المورثة التي تضبط هذه البقعة تؤثر في خصوبتها. كما يمكن إزالة المورثة الضارة التي تملك تأثيرات كبيرة وغير متواصلة، والتي غالباً ما تكون من النوع النادر.
يوجد التعدد الشكلي الوراثي بأنماط كثيرة، وتُعرف العملية التي تحدد التعددية الشكلية الوراثية للفرد بالتنميط الوراثي genotyping الذي يُدرس بعدة طرائق بحسب مستوى الدراسة: تعدد شكلي مُشاهد visible polymorphism، وتعدد شكلي صبغي chromosomal polymorphism، وتعدد شكلي بروتيني protein polymorphism (أو إنزيمي)، وتعدد شكلي على مستوى الدنا DNA polymorphism.
1- التعددية الشكلية المُشاهدة:
يُدرس التعدد الشكلي المُشاهد (أو المرئي) بمراقبة تكرارات الأشكال الظاهرية المختلفة في الجماعات وإحصائها، مثال ذلك أنماط الحزم وألوانها في الحلزون الأرضي Cepaea، ولون العيون والشعر عند الإنسان.
2- التعددية الشكلية الصبغية:
تُدرس التعددية الشكلية الصبغية بالتقنيات الخلوية المتنوعة، حيث يتم تلوين الصبغيات بملونات مناسبة كي يسهل تمييزها بالمجهر الضوئي، ومن أكثر النسج المرغوبة لمثل هذه الدراسة الغدد اللعابية في ذبابة الخل Drosophila، ورتبة الحشرات ذوات الجناحين Diptera التي تحتوي على صبغيات عملاقة giant chromosomes (أو عديدة الخيوط polytene). تمتلك هذه الصبغيات أنماطاً معقدة من الحزم التي تسمح بتحديد كل جزء من الصبغي، مثلاً إذا ملكت الجماعة تعدداً شكلياً معكوساً inversion polymorphism فسيكون ترتيب الجينات في بعض الأجزاء من بعض الصبغيات معكوساً (مقلوباً) بالنسبة إلى ترتيب الجين في صبغيات أخرى، وسيكون الانقلاب واضحاً بانقلاب نمط التعصيب في القطعة المعكوسة. ويكثر هذا النمط من التعدد الشكلي المعكوس في أنواع ذبابة الخل.
نظراً لعدم وجود الصبغيات العملاقة في معظم الأحياء يصبح من الضروري لدراسة التعدد الشكلي الصبغي أن تُدرس هذه الظاهرة في الخلية المنقسمة، سواء الانقسام المنصف meiosis أم الانقسام الخيطي mitosis. ومن الممكن الحصول على النسج المرغوبة بدقة في الطور الصحيح من الانقسام الخيطي باستخدام تقنيات زراعة النسج في الزجاج (المخبر) in-vitro tissue culture. يبدو أن الدراسة لدى الانقسامات المنصّفة في نسج الغدد التناسلية أكثر فائدة من الدراسة في الانقسامات الخيطية، ويمكن من خلالها تحديد الاختلافات البنيوية بين شفع الصبغيات متماثلة اللواقح homologous chromosomes pair . وفي الأفراد متخالفة اللواقح heterozygous يشكل انقلاب التعدد الشكلي عروةً loop في الجزء من الصبغي المتضمن للانقلاب inversion .
لقد عُرف في الصبغيات- إضافة إلى تعددية الشكلية المعكوسة- التعددية الشكلية منقولة الموقع translocation polymorphism التي تنتج من التبادل في مواد الصبغي بين الصبغيات غير المتماثلة، ويشاهد هذا في الكثير من النباتات. لقد شُوهد التعدد الشكلي مختل الصيغة الصبغية aneuploid polymorphism (إضافة كامل الصبغي أو حذفه) في معظم أنواع الثديّيات، ويمكن مشاهدة أنماط الحزم في الصبغيات غير العملاقة، مما يُؤكد إمكان حدوث التعددية الصبغية في معظم الأحياء وفي أي نسيج كان. ونتيجةً لتقدم تقنيات الحزم أو الأشرطة bands تقدماً كبيراً في دراسة التباينات في الصبغيات لم تعد هناك ضرورة -بهدف تحديد التباين- لاستعمال الخلايا لدى الانقسام المنصف، أو وجود الأفراد متخالفة اللواقح، وخاصة عند دراسة صبغيات الإنسان.
3- التعدد الشكلي في البروتينات:
يمكن دراسة التعدد الشكلي في البروتين وفق ثلاثة أنماط هي: الغياب أو النقص deficiency البروتيني، والمضادات المناعية، والرحلان الكهربائي electrophoresis.
يتم تحديد التعددية الشكلية للأفراد بتقصي وجود النشاط الإنزيمي الخاص أو غيابه، ومن الأمثلة عن التعدد الشكلي الكيميائي الحيوي في جماعات البشر نقص إنزيم غلوكوز-6- فسفات ديهدروجيناز، ونقص إنزيم اللاكتوز عند البالغين.
حُددت التعددية الشكلية للمضادات المناعية antigens بتحضير الأجسام المضادة الخاصة للمضادات المناعية المختلفة كما في الزمر الدموية عند الإنسان. فالشخص ذو الزمرة من النمط A يتفاعل مع مصل serum مضاد A، وتتفاعل الزمرة من النمط B مع مصل المضاد B، وتتفاعل الزمرة من النمط AB مع مصل كلا المضادين A وB، ولا تتفاعل الزمرة من النمط O مع أي من تلك المضادات. لقد تبين أن التعدد الشكلي للمضادات المناعية - الواسع الانتشار في الفقاريات - هو السبب ورا عدم نجاح نقل الطعم transplant من فرد إلى آخر من النوع نفسه.
ينتشر التعدد الشكلي البروتيني الرحلاني electrophoretic polymorphism انتشاراً كبيراً، ويحدث بتكرارات عالية في النباتات والحيوانات والإنسان. ولم يتم بدايةً استعمال هذه الطرائق في التنميط الوراثي على مستوى الجينات، وإنما بدأت الدراسات في هذا المجال على مستوى البروتينات المتعددة شكلياً polymorphic proteins المعروفة بالإنزيمات المتناظرة isoenzymes (أو isozymes)، وهي تمثل الأشكال المختلفة من البروتين مع اختلاف بسيط في تركيبها للحمض الأميني. وبما أن تركيب الحمض الأميني في البروتين مبرمج من الناحية الوراثية- بوساطة تسلسل الدنا الذي يشفرها- فإن تحليلها يسمح بدراسة التعددية الشكلية الوراثية.
يتحقق التباين بين البروتينات في الشحنة الإلكترونية بسبب الاختلافات في تركيب الحموض الأمينية؛ وفعلاً قُيّمت التباينات في الإنزيمات المتناظرة باستخلاص بروتينات الكائن الحي وعزلها ثم ترحيلها باستعمال تقنية الرحلان الكهربائي. كما استُعملت هذه التقنية أيضاً في دراسة التعددية الشكلية للدنا. وهكذا يسمح تطبيق التيار الكهربائي في جهاز الرحلان للجزيئات بالحركة عبر مادة الهلامة gel matrix تحت تأثير الحقل الكهربائي. وتهاجر البروتينات التي تحمل عادة شحنة كهربائية سطحية إلى القطب المعاكس لشحنتها.
دُرست تقريباً نصف بروتينات الجماعات بالرحلان الكهربائي، وبدت متعددة شكلياً، وفي واقع الحال قد تختلف الجماعات المتباينة والأنواع المختلفة بدرجة تباينها في الرحلان الكهربائي. فقد تمت دراسة نحو 30% (من أكثر من 100 بروتين) في الإنسان وتبين أنها متعددة شكلياً في تبايناتها في الرحلان الكهربائي، الأمر الذي له تطبيقات مهمة في وراثة الجماعات والأبحاث المتعلقة بالتطور.
4- التعدد الشكلي في الدنا:
يشير مصطلح الموقع locus من الناحية الوراثية إلى الموقع الفيزيائي للجين أو إلى موقع تسلسل نوكليوتيدي خاص وهو ليس جيناً، وهكذا يكون لكل كائن حي ثنائي الصيغة الصبغية 2n أليلان في الموقع الواحد؛ لمتماثل اللواقح homozygote نسختان من قطعة الدنا بالطول الإجمالي نفسه، ولمتخالف اللواقح heterozygote نسختان من قطعة الدنا، مختلفتان بالتسلسل أو الطول- أو عدة نسخ منها.
تعتمد القدرة في تحديد الأشكال التبادلية أو التسلسل النوكليوتيدي للموقع على الطرائق المستعملة، فبعضها يعتمد على طول القطع وبعضها الآخر على تسلسلها. تتألف أغلب هذه القطع من دنا متكرر repetitive DNA، وتكون في الجينوم البشري على نوعين: دنا ترادفي التكرر tandem repetitive DNA يقدر بـــ 10% من الجينوم، ودنا غير ترادفي يتوزع على طول الجينوم في مناطق متعددة منه يُقدر بنحو 5-20% من الجينوم.
تختلف الوحدات المتكررة repetitive units في طولها، طول الوحدة الصغيرة 2-6 نوكليوتيدات، والوحدة الطويلة 300 نوكليوتيد أو أكثر، وتختلف في عدد مرات تكرارها في القطع الترادفية؛ ولهذا فهي تسمى تكرارات ترادفية متغيرة العددVariable Number of Tandem Repeats (VNTRs) .
تُسمى التكرارات الترادفية التي تكون في موقع واحد تكرارات لموقع واحد single locus repeats، في حين تُسمى تلك التي تكون في مواقع كثيرة على طول الصبغي تكرارات المواقع المتعددة multi locus repeats. ولتحديد درجة التعددية الشكلية لمناطق التكرارات VNTRs يمكن استعمال مسابر probes (وهي قطع معينة من الدنا ذات تسلسل تكاملي لمناطق VNTRs) وذلك بطريقة تشرب ساوذرن Southern blotting، حيث يُستخلص بداية الدنا ثم يُقطّع بإنزيمات قطع الدنا restriction enzymes، على الحدود خارج مناطق VNTRs، ثم تُفصل على هلامة الرحلان الكهربائي ومن بعدها تُحمّل (تُنقل) إلى أغشية النايلون المحتوية على المسابر، وهنا يحدث التزاوج بين المسابر وقطع VNTRs المكمّلة لها، ثم تصور بالأشعة السينية X-ray ومن بعدها تناقش الصورة الناتجة (الشكل 1).
الشكل (1) |
يبين الشكل (1) إمكان فصل القطع ذات الأطوال المتعددة شكلياً Restriction Fragment Length Polymorphism (RFLP) وتحديدها بوساطة الرحلان الكهربائي. يشكّل التعدد الشكلي وحيد الأساس الآزوتي SNP باستبدال السينوزين C بالأدنين A وبالتالي فقدان موقع القطع restriction site.
إن دراسة التكرار الطويل لتسلسل الدنا -عند الأفراد غير المتقاربة- بوساطة إنزيمات القطع تُظهر القطع وكأنها فريدة ومميزة للنوع، تسمى هذه التقنية البصمة الوراثية للدنا DNA fingerprinting، وقد أدت دوراً مهماً في بعض القضايا القانونية legal cases، كما يمكن دراسة هذه التكرارات بوساطة التقانات المعتمِدة على تفاعل البوليمراز المتسلسل Polymerase Chain Reaction (PCR) ، إضافة إلى جهاز تحديد تسلسلات الدنا sequencer.
يمثل تسلسل الدنا جميع أنماط التعددية الشكلية، لكنه مُكلف ويحتاج إلى عمل مخبري مكثف، سُمّي الاختلاف في شفع القواعد المفردة (الوحيدة) بالتعدد الشكلي وحيد النوكليوتيد (سنيبس) Single Nucleotide Polymorphisms (SNPs)، يوجد المئات من مواقع سنيبس SNPs على طول الجينوم البشري، وهذا ما يجعلها مفيدة لاسيما لتحديد مواقع مورثات الأمراض البشرية.
إضافة إلى الاختلافات في القواعد الآزوتية ثمة ظاهرتا حذف (أطوال متنوعة من هذه القواعد) أو إضافتها، إذ تتكون من عدد قليل من أشفاع القواعد قد تصل إلى 1000 قاعدة، وقد تنتج القواعد المضافة أو المحذوفة من عناصر قابلة للنقل transposable elements قادرة على التحرك على طول الجينوم.
هناك عدة استعمالات لدراسة التعددية الشكلية في المجال الطبي والبيولوجي ولتطبيق القانون. مثلاً قد تنتج الأمراض الوراثية من تعددية شكلية معينة؛ لذا يبحث علما البيولوجيا عن حالات من التعدد الشكلي ليحددوا فيما إذا تطور المرض المدروس عند الشخص نفسه، أو أنه سينقل خطورته لأولاده. إضافة إلى ذلك هناك فائدة تتجلى في تحديد الأشخاص المعرضين للخطر والمهددين بوجود الأمراض الوراثية؛ وبذلك تعطي دراسة التعددية الشكلية المسببة للمرض صورة واضحة عن كيفية تطور هذا المرض.
قد تُستعمل التعددية الشكلية المتوضعة بالقرب من جين المرض أيضاً لتحديد الجين الممرض ذاته من خلال تحديد موقعه، لذلك يحاول الباحثون تحديد التعددية الشكلية المشتركة في توريث المرض.
يوظّف الاستعمال المرافق للتعددية الشكلية على نحو واسع في الزراعة، فإذا تم تحديد التعددية الشكلية المرافقة للصفات المرغوبة في النباتات أو الحيوانات المهمة زراعياً فإنها يمكن أن تُستعمل علّامات وراثية لتحديد الكائنات التي تملك الصفات المرغوبة. وقد عُرف استعمال هذه التقنية بالانتخاب المساعد بالعلّامات marker assisted selection، ولهذا تستفيد برامج التربية في تحسين النباتات والحيوانات المهمة، وذلك من الأفراد الحاملة للصفات المرغوبة، والتي يمكن أن تُحدّد قبل أن تظهر الصفة.
يمكن أن تُستعمل التعددية الشكلية أيضاً لإظهار الأنماط والعمليات البيولوجية الأساسية، وعن طريقها يتم تحديد علاقات القرابة في مجموعات الحيوانات البرية والعلاقات العائلية بين أفرادها (الإخوة والأخوات والأب والأم... وغير ذلك). كما يمكن تقييم حجم التربية الداخلية بين المجموعات من النوع نفسه (تدفق المورثات gene flow)، وذلك بدراسة التعددية الشكلية التي تحملها. ويمكن استعمال هذه المعلومات لتحديد الجماعات المميزة (الفريدة) unique populations، والتي قد تكون مهمة لبقاء النوع على قيد الحياة، أو لتصنيف نوع جديد من مجموعتين مختلفتين غير ملاحظتين للمُشاهد.
تساعد مقارنة التعددية الشكلية الوراثية بين مجموعتين على الحكم (القضا ) حكماً مؤكداً، فيما إذا كانت ذات أنواع مختلفة عن بعضها؛ فإذا تم تحليل تعدديات شكلية كافية فإنه من الممكن التفريق بين أفراد البشر وبدرجة عالية من المصداقية، وقد عُرفت هذه الطريقة بتوصيف الدنا DNA profiling أو بالبصمة الوراثية، وبالتالي تُمثل أداة مهمة في تطبيق القانون law enforcement في الحالات الجنائية كالسرقة والاغتصاب، إذ يمكن تحديد النمط الوراثي أو البصمة الوراثية للمجرمين بدءاً من عينات صغيرة كتلك التي تُترك في ساحة الجريمة من الشعر أو الدم أو خلايا الجلد، ثم تقارن مع النمط الوراثي للشخص المشتبه به (صاحب الأسبقيات في مثل هذه الجرائم) فيما إذا كان موجوداً في مكان الجريمة. مثلاً يُستعمل في هذه الأيام نحو 13 موقعاً متعددة شكلياً، وبطريقة مشابهة يمكن إجراء اختبار الأبوة paternity بتحليل التعددية الشكلية لاكتشاف الآباء غير الشرعيين.
مراجع للاستزادة: - S. S. Aga, M. Z. Banday, S. Nissar, Genetic Polymorphism and Disease, CRC Press, 2022. - M. Çalışkan, The Molecular Basis of Plant Genetic Dversity, InTech, 2012. - A. J. Hannan, Tandem Repeat Polymorphisms: Genetic Plasticity, Neural Diversity and Disease (Advances in Experimental Medicine and Biology), Springer, 2012. - Z. E. Sauna, C. Kimchi-Sarfaty, Single Nucleotide Polymorphisms: Human Variation and a Coming Revolution in Biology and Medicine, Springer, 2022. |
- التصنيف : علم الحياة (البيولوجيا) - النوع : علم الحياة (البيولوجيا) - المجلد : المجلد التاسع مشاركة :