تشعيع
Irradiation -

 التشعيع

التشعيع

محفوظ البشير

مصادر الأشعة تطبيقات الأشعة في الزراعة
وحدات قياس الأشعة تطبيقات الأشعة في الغذاء
تأثيرات الأشعة تطبيقات الأشعة في البيئة
 

لتشعيع irradiation تقانة تُعرَّض فيها المواد المختلفة -مثل اللدائن والأغذية- لأنواع متباينة من الأشعة لتغيير بعض خصائصها. وقد استعمل الإنسان الأشعة radiation منذ القدم، واكتشف بعضاً من خصائصها وآثارها، واستفاد من دفئها، واستثمر بعضاً منها في حفظ منتجاته بالتجفيف وتعزيز صحته بالتعرض لها، وكان المصدر الأول الذي صادفه الإنسان الشمس التي كانت تعدّ عند بعض الحضارات بسبب ذلك آلهة تجسيداً لقوتها واعترافاً بأهميتها، ثم تعرَّف الإنسان مركبات الأشعة الشمسية وأنواعاً أخرى من الأشعة.

الإشعاع هو إصدار طاقة على شكل أمواج wavesأو جسيمات particles من مصادر طبيعية أو صنعية، وتتدرج الأمواج بحسب تزايد أطوال موجاتها من أقصرها؛ وهي أشعة غاما gamma rays إلى الأشعة السينية X-rays فالأشعة فوق البنفسجية ultraviolet rays فالضوء المرئي visible light فالأشعة تحت الحمراء infrared rays فالأشعة المكروية microwave فأمواج الراديو radio. كما تتدرج الجسيمات بحسب كبرها من جسيمات بتا (الإلكترونات) beta فالنترونات neutrons والبروتونات protons إلى جسيمات ألفا alpha.

ازداد الاهتمام بالتشعيع بعد اكتشاف الأشعة السينية X-ray من قبل العالم الألماني رونتجن Roentgen عام 1895، والنشاط الإشعاعي radioactivity من قبل العالم الفرنسي بيكرل Becquerel عام 1896، الذي بيّن وجود أنواع مختلفة من الإشعاعات الجسيمية نتيجة تفكك العناصر المشعة الطبيعية. وترافق ذلك مع ملاحظة التأثيرات الحيوية والفيزيائية والكيميائية لهذه الأشعة جميعها في الكائنات الحية والمواد في بداية القرن العشرين، فكانت أساساً لانطلاق بحوث استخدام الأشعة في مجالات عديدة مثل الزراعة والصناعة والطب والبيئة. وتم البدء بتنفيذ اختبارات السلامة safety ودراسات الجدوى الاقتصادية economic feasibility studies لاستثمار هذه التطبيقات تجارياً في خمسينيات القرن العشرين؛ بعد أن أضحى إمكان إنتاج منابع الأشعة وتجهيزها ممكناً بالكميات المطلوبة والكلف التي تساوي الأرباح والفوائد المحققة أو تقل عنها، لينتشر استثمار تقانة التشعيع في معظم دول العالم التي تتوفر فيها المهارات الفنية والمعرفية اللازمة.

تُستخدم في معظم تطبيقات تقانة الإشعاع الأمواج القصيرة طول الموجة والمتمثلة بأشعة غاما والأشعة السينية، والجسيمات صغيرة الحجم والمتمثلة بالحزم الإلكترونية electron beams نظراً لقدرة اختراقها الكبيرة غير أن أشعة غاما والأشعة السينية أكثر قدرة على اختراق المواد من الحزم الإلكترونية، حيث يمتص 75% من طاقة أشعة غاما بعد عبورها لمسافة 30 سم في الماء، بينما يتم امتصاص نحو 75% من طاقة الإلكترونات عند عبورها لمسافة 3.2 سم في الماء، ومن ثمّ فإن قدرة أشعة غاما على اختراق المواد أكبر بقرابة عشر مرات من قدرة اختراق الحزم الإلكترونية.

مصادر الأشعة

تُستخدم أشعة غاما الصادرة عن النظيرين المشعين isotopes الكوبالت 60 والسيزيوم 137 في التطبيقات العامة لتقانة الإشعاع، حيث يتم الحصول على نظير الكوبالت المشع بعملية تنشيط activation النظير المستقر كوبالت 59 في المفاعلات النووية، وذلك بتعديل عدد كتلته mass number من خلال إضافة نترون واحد إلى نواته (المعادلة 1).

يجهز الكوبالت 60 (عمر نصفه half-life 3.5 سنة) عادة بشكل أقلام، ويصدر أشعة غاما بطاقة تقع بين 1.17 و1.33 ميغا إلكترون فولط megaelectron volt (Mev)، ومسافة نصف الاختراق في الماء 30 سم.

ينتج نظير عنصر السيزيوم 137 عن الانشطار النووي لليورانيوم 235. عمر النصف للسيزيوم هو 33 سنة، ويتميز هذا النظير بسهولة استعماله ورخص ثمنه وسهولة الوقاية منه. وإذ يمكن تجهيز المنابع المنخفضة والمتوسطة النشاط الإشعاعي من السيزيوم وضغطها بشكل بلورات، في حين يتم تجهيز المنابع المرتفعة النشاط وحفظها على شكل كبسولات من ملح كلوريد النظير المشع .

يحصل على الحزم الإلكترونية بالمسرعات الإلكترونية electron accelerator، كما تولّد في التلفاز الذي تعمل شاشته بالأنبوب الإلكتروني tube electron، حيث يوجد في نهاية أنبوب المسرِّع شريط ساخن يصدر إلكترونات داخل حجرة chamber مخلاَّة، فتُسرِّع هذه الإلكترونات بتطبيق جهد كهربائي عالٍ موجب على شبكة معدنية أمام الشريط، ويتم تركيزها في حزمة ضيقة بالتحكم بالشكل الهندسي لهذه الشبكة، إضافة إلى تطبيق حقول كهربائية ومغنطيسية بعد الشبكة لتتحرر في النهاية الأخرى بعد تسريعها واكتسابها طاقة تقارب بضعة ملايين إلكترون فولط، (أي بتطبيق جهد كهربائي على الشبكة يقارب بضعة ملايين فولط). تصل سرعتها تقريباً إلى سرعة الضوء، وتكتسب بهذه السرعة طاقة عالية يمكنها اختراق النافذة المصنوعة من صفائح معدنية رقيقة جداً.

تعدّ المسرِّعات الإلكترونية منابع للأشعة السينية أيضاً، حيث يتم توليد هذه الأشعة بصدم الإلكترونات ذات السرعة العالية بدريئة أو هدف، وينتج عن عملية الصدم أشعة سينية تشبه بطبيعتها أشعة غاما الصادرة عن النظائر المشعة.

وحدات قياس الأشعة

استعمل في توصيف الأشعة وشدتها خاصة تأيينها للهواء أو المواد التي تنتشر فيها، لذلك تسمى الأشعة المؤينة ionizing radiation بصورة عامة، وتقاس شدتها كمياً بوحدات من الفيزياء، حيث أوصت الهيئة الدولية للقياسات والوحدات الإشعاعية International Commission on Radiation Units and Measurements (ICRU) عام 1920 باعتماد الراد Radiation absorbed (dose (Rad وحدة لقياس الجرعة الإشعاعية الممتصة absorbed dose، والرونتجن وحدة لقياس جرعة التعرض exposed dose، والكوري curie وحدة لقياس النشاط الإشعاعي.

وبعد اعتماد النظام الدولي لوحدات القياس System International (SI) استبدل بالراد الغراي gray وبالكوري البيكريل becquerel. وعرف الغراي (Gy)، بأنه كمية طاقة الأشعة المؤينة التي يمتصها كيلو غرام من المادة المعرضة مقدرة بالجول، ومن ثمّ فالغراي يعادل جولاً واحداً في الكيلوغرام، و1 كيلو غراي = 1000 غراي، و1 غراي = 100 راد.

تأثيرات الأشعة

يُعرف عن الأشعة تأثيراتها الكيميائية والفيزيائية والحيوية، ويتمثل التأثير الكيميائي للأشعة بقدرته على تجزئة مكونات المادة وتفكيكها وتأيينها لتتحول إلى مكوناتها الأساسية من جذور حرة free radicals وإيونات ions، وقد يعاد تشكيلها لتعطي من جديد مواد مختلفة فيتعدل بذلك بعض خصائصها الفيزيائية والكيميائية. على سبيل المثال لونها وطعمها ورائحتها.

يُعدّ التأثير البيولوجي للأشعة -بشقيه المباشر وغير المباشر- من أهم الخصائص التي لوحظت ودرست، ويتمثل التأثير المباشر direct effect بقدرة الطاقة التي تحملها الأشعة على تحطيم المركبات الحيوية ذات التركيب الجزيئي المعقد أو تجزئتها أو إعادة بنائها؛ مثل الصبغيات (الكروموزومات) chromosomes والأحماض المعنية بالحياة والمسؤولة عن الهوية الوراثية للكائنات الحية كالحمض الريبي النووي المنقوص الأكسجين (الدنا) Deoxyribonucleic Acid (DNA) والحمض الريبي النووي Ribonucleic acid (RNA).

ويكون التأثير غير المباشر indirect effect للأشعة من خلال تأثير الجذور الحرة المتشكلة، وأهمها جذور الهدروجين H والهدروكسيل OH والإلكترونات e. وتختلف نسب مساهمة كل من شكلي التأثير المباشر وغير المباشر في التأثير الحيوي (البيولوجي) الكلي باختلاف نسبة الماء في المادة المعرضة للأشعة، حيث تتناسب مساهمة التأثير غير المباشر للأشعة طرداً مع زيادة محتوى المادة المعالجة من الماء والعكس صحيح، ويساهم التأثير غير المباشر في المنتجات المحتوية على الماء بنسبة تقع بين 70 و90% من مجمل تأثير الأشعة، ويتساوى التأثير المباشر وغير المباشر للأشعة في المواد المجمدة أو المجففة.

تطبيقات الأشعة في الزراعة

تستعمل الأشعة في الزراعة لزيادة الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وذلك من خلال تحفيز البذور والشتلات (البادئات) لتعديل نسب الإنبات وتنشيط نمو النباتات وزيادة الإنتاجية. كذلك عبر إحداث طفرات mutations بهدف إنتاج سلالات جديدة عالية الإنتاج ومتحملة للظروف المناخية السائدة الحرجة وبعض عوامل الإنتاج المتبعة التي قد تكون غير كافية. وتستعمل أيضاً في مكافحة الآفات والحشرات التي تتغذى على المحاصيل الزراعية باستخدام تقانة تعقيم ذكور الحشرات insect sterilization للحد من تكاثرها، وفي معالجة الأوبئة التي تصيب الحيوانات الزراعية، وتخليص الأعلاف من ملوثاتها وتحسين قيمها الغذائية.

تطبيقات الأشعة في الغذاء

يعدّ استعمال الأشعة في معالجة الغذاء من التطبيقات الفريدة التي يمكن أن تسهم في تحقيق الأمن الغذائي عبر خفض التلف spoilage، وتعزيز الأمن الصحي من خلال تزويد المستهلك بغذاء آمن وسليم وخالٍ من مسببات المرض، وتسهيل التبادل التجاري للغذاء بعد تخليصه من الآفات المدرجة في لوائح الحجر الزراعي؛ إذ تسهم معالجة الأغذية بالأشعة في خفض الفقد الناتج من الفساد والتحلل، والسيطرة على الكائنات الحية الدقيقة والأحياء الأخرى التي تؤدي إلى تلف هذه المنتجات، والتي يمكن أن ينتج من وجودها ومفرزاتها انتقال الأمراض وانتشارها بين مستهلكيها، فالتشعيع يعطل عمل الأحياء المسببة للفساد التي تشمل البكتريا bacteria والفطور molds والخمائر yeasts والعناكب والحشرات insects، وذلك عند استخدام جرعات متوسطة middle doses أو منخفضة، بينما يقضي عليها عند استخدام جرعات إشعاعية مرتفعة نسبياً، فهو فعال في إطالة فترة عرض shelf-life extension الفاكهة والخضر الطازجة والفطر الزراعي mushroom من خلال السيطرة على التغيرات الفيزيولوجية التي ترافق نضج ripening الثمار وشيخوختها senescence، وإنبات sprouting الدرنات tubers والأبصال onions. وقد تحدث بعض التغيرات المفيدة في المنتجات الزراعية، تتمثل في زيادة ظاهرة الحلولية، وتحويل المركبات المعقدة في الحبوب والثمار إلى مركبات أقل تعقيداً، وتحويل المركبات غير القابلة للذوبان في الماء إلى مركبات أكثر قابلية للذوبان التي ينتج منها زيادة في إنتاج العصير وتقصّر من فترة الطهي.

الوضع الدولي لتشعيع الغذاء

شهد موضوع تشعيع الأغذية food irradiation نقلة نوعية بعد عام 1980، بصدور توصية من قبل اللجنة المشتركة المنبثقة عن ثلاث منظمات دولية (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة Food and Agriculture Organization (FAO) والوكالة الدولية للطاقة الذرية International Atomic Energy Agency (IAEA) ومنظمة الصحة العالمية World Health Organization (WHO)، تضمنت إمكان معالجة الأغذية بجرع إشعاعية تصل حتى 10 كيلو غراي من دون الحاجة إلى تنفيذ اختبارات السلامة المعهودة على هذه الأغذية، وتبنَّى هذه التوصية العديد من الدول في العالم، واعتمدتها عام 1987 هيئة تجمعات الغذاء Codex Alimentarius Commission (التي تضم 178 دولة)، وأجازت اللجنة عام 2003 تجاوز هذا الحد في حال وجود ضرورة تقنية للوصول إلى الهدف التقني المطلوب (لتصل إلى 30 كيلو غراي)، وازداد عدد الدول التي سمحت بتشعيع الأغذية في بداية القرن العشرين على 56 دولة. وتحتل معالجة النباتات الطبية والبهارات بالأشعة مركز الصدارة بين المواد الغذائية المصرح بمعالجتها في العالم.

سلامة الأغذية المشعَّعة

يجب التمييز بين المواد الغذائية المعاملة بالأشعة والمواد الغذائية الملوثة إشعاعياً، فالمواد الغذائية الملوثة إشعاعياً هي المواد التي تحتوي على نظائر مشعة صنعية المنشأ وناتجة من حوادث نووية. أما المواد الغذائية المشعَّعة فهي المواد التي سبق أن عُرِّضت لجرعات محددة من الأشعة المؤينة؛ وفق نماذج الأشعة المعتمدة عالمياً والمتمثلة بأشعة غاما الصادرة عن النظير المشع كوبالت 60، وأشعة غاما الصادرة عن النظير المشع للسيزيوم 137، والحزم الإلكترونية بطاقة لا تزيد على 10 ميغا إلكترون فولط، والأشعة السينية بطاقة لا تزيد على 5 ميغا إلكترون فولط، إذ لا تحدث فاعلية إشعاعية في المادة الغذائية المعالجة بها، حتى عند استخدام جرعات مرتفعة تصل إلى 50 كيلو غراي. واعتُمدت هذه الحدود من الطاقة للحزم الإلكترونية والأشعة السينية من قبل لجنة الخبراء المنبثقة عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية للطاقة الذرية وإدارة الأغذية والدواء في الولايات المتحدة الأمريكية واللجنة الاستشارية للأغذية المشععة والجديدة في بريطانيا وهيئة تجمعات الغذاء.

بينت نتائج اختبار سلامة الأغذية المعالجة بالأشعة -التي تضمنت تجارب تغذية الحيوان، والاختبارات المنفذة خارج الكائن الحي in vitro، والدراسات الكيميائية المنفذة في مخابر الدول الأكثر تطوراً- عدم وجود أي آثار سامة أو مُطفِّرة، ولم تُسجل انعكاسات صحية سلبية عند الحيوانات التي قُدمت لها أغذية مشعّعة، وبينت نتائج الاختبارات الكيميائية عدم وجود أي دافع للشك بتكون مواد ضارة أو جذور حرة جديدة لم تكن موجودة أصلاً في الغذاء المعالج بالأشعة.

يؤكد سلامة الغذاء المشعّع ما يجري في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من تقديم مواد غذائية معقمة بالأشعة في بعض المشافي للمرضى المحتاجين إلى ظروف بيئية معقمة تعقيماً كاملاً، وذلك لحساسيتهم المفرطة للإصابة بالجراثيم والفيروسات، مثل مرضى اللوكيميا والمرضى الخاضعين لنقل أعضاء وزرعها الذين يحتاجون إلى أغذية معقمة تعقيماً كاملاً لبضعة أسابيع وأحياناً لبضعة أشهر.

تطبيقات الأشعة في البيئة

تسهم الأشعة في حماية النظم البيئية من خلال تطبيقات عدة؛ ربما يكون من أهمها تخليص مياه الصرف الصحي ومخلفاتها من الملوثات الكيميائية والبيولوجية، لتصبح آمنة وسليمة صحياً وقابلة لإعادة الاستخدام recycling في ري المحاصيل الزراعية وتسميدها؛ وكذلك لتعقيم الترب و الأسمدة العضوية organic fertilizers تمهيداً لإعادة استخدامها في الزراعة.

تُستعمل المسرِّعات الإلكترونية لتخليص غازات احتراق الوقود fuel من أكاسيد الكبريت والآزوت التي ينتج منها المطر الحامضي acid rain ذو الأخطار الجسيمة على البيئة، وتحويل هذه الأكاسيد إلى أملاح يمكن استعمالها أسمدة كيميائية. ويسهم استعمال التقانة الإشعاعية في حماية البيئة عند استعمالها في مكافحة حشرات التخزين بدلاً من استخدام غازات التبخير fumigation التي صدر فيها قرارات دولية تتضمن الحد من استعمالها أو وقفها بسبب الآثار الضارة التي تسببها للبيئة لمساهمتها في تخريب طبقة الأوزون الجوي ozone depletion، وما يمكن أن يحمله استعمالها من آثار سلبية في الصحة العامة.

التطبيقات الصناعية

يذكر العديد من التطبيقات الصناعية الممكنة لتقانة الإشعاع على سبيل المثال لا الحصر: معالجة البوليمرات polymers لتحسين خصائصها التصنيعية، تطوير نماذج من الألياف المقاومة جداً للحرارة؛ وقابلة للانكماش shrinkable الحراري، استخدام المتقفيات المشعة لدراسة ميكانيكية عمل أي نظام مغلق، تقفي انتشار الملوثات الصناعية في البيئة، إضافة إلى استخدام الأشعة أسلوباً لقياس سماكة الألواح الصناعية وضبط جودتها، وإمكان استخدامها أسلوب مراقبة واختبار غير تخريبي nondestructive.

تم إنتاج البولي إتلين ذي الروابط المتصالبة cross-linked polyethylene والمستخدمة في عزل الأسلاك والكابلات بالمعالجة الإشعاعية أول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1950، وبدءاً من ذلك التاريخ تطورت الأبحاث التي حملت للإنسانية تطبيقات صناعية مفيدة شملت إضافة إلى معالجة البوليمرات ذات الروابط المتصالبة كل من البولي إتلين الرغوي foamed polyethylene وطلاءات السطوح والورق وقرميد الأسطح والصواني الفولاذية وآجر الجبصين وأقراص الحاسوب اللينة floppy disks والأشرطة اللاصقة adhesive tapes والخلائط التي تدخل بتركيبها اللدائن والخشب wood-plastic composites والصوف الصناعي polymer flocculants وعجلات السيارات.

التطبيقات الطبية والصيدلانية

تستعمل الأشعة في تعقيم المنتجات الصيدلانية والأدوات الطبية وتجهيزاتها، وقد ورد في دليل الولايات المتحدة الأمريكية للمستحضرات الطبية: "إن الأشعة أسلوب مناسب لتعقيم المواد الطبية الأولية، والمستحضرات الصيدلانية في شكلها النهائي". ويذكر دليل المستحضرات الصيدلانية البريطاني British Pharmacopoeia ملاءمة هذا الأسلوب لمعالجة بعض المواد الطبية والصيدلانية، وأشار الدليل إلى بعض المواد، كما أشار إلى أن المواد والمستحضرات الصيدلانية المعقمة بالأشعة هي منتجات مطابقة للمواصفات القياسية الأساسية وآمنة الاستخدام ومحافظة على خصائصها الحيوية. وتذكر المقاييس الصيدلانية العالمية أن التعقيم بالأشعة وسيلة مناسبة لكل من الأدوات الزجاجية والمعدنية والأدوات والقطع المطاطية والبوليمرية وحاويات الأدوية وعبواتها والمواد الأولية المستعملة في صناعة الأدوية، مثل المحاليل والمعلقات suspensions المائية والمراهم والمساحيق والمضادات الحيوية والضمادات، والمنتجات الطبية التي تستخدم مرة واحدة ويتخلص منها بعد الاستعمال.

تستخدم الأشعة أيضاً في تجهيز الضماد الطبي الرطب (الهدروجيل) hydrogel وتصنيعه وتعقيمه وكذلك نسج التطعيم tissue allograft، وإحداث بنوك النسج tissue bank الممكن استخدامها في تضميد الحروق والجروح لحمايتها من التلوث والأكسدة والمساهمة في إعادة ترميم النسج المتضررة.

يعبِّر مفهوم ضمان مستوى العقامة Sterility Assurance Level (SAL) عن احتمال عدم تعقيم منتج ما، ويعدّ مستوى العقامة مقبولاً عند الوصول إلى حمولة جرثومية (مكروبية) من السوية 10-6 للمستحضرات الصيدلانية والمنتجات الطبية المختلفة مثل القثاطر والمعدات الطبية التي تعدّ للزراعة في أجسام المرضى، والخيوط الجراحية والأنابيب التي تستخدم في مجموعات التغذية الوريدية للمرضى، والمحاقن، ومن ثمّ فقد عدّت الجرعة 25 كيلوغراي كافية لتحقيق مستوى العقامة المطلوب للمنتجات الطبية، وتم قبولها واعتمادها من قبل منظمة الصحة العالمية؛ وإدراجها في المواصفات القياسية الناظمة لتعقيم منتجات الرعاية الصحية وتداولها في العديد من دول العالم.

مراجع للاستزادة:

- A. Hebatalrahman, Composite and Irradiation Techniques, Discovery Publishing House Pvt Ltd, 2020.

- X. Fan, Ch.R H. Sommers, Food Irradiation Research and Technology, Wiley-Blackwell, 2012.

- C. Nieder, J. Langendijk, Re-Irradiation: New Frontiers,Springer, 2018.

- P. M. Parker , The 2021-2026 World Outlook for Food Irradiation Products and Technology, ICON Group International, Inc. 2020.

- G. S. Was, Fundamentals of Radiation Materials Science Metals and Alloys, Springer, Berlin, 2007.

 


- التصنيف : الكيمياء والفيزياء - النوع : الكيمياء والفيزياء - المجلد : المجلد الثامن مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1