تسويه في اتصالات
Equalization (in communication) -

 التسوية في الاتصالات

التسوية في الاتصالات

نادر خضرو

التداخل البيني للرموز

أنواع المسوّيات وتقنياتها

 

التسوية في الاتصالات equalization in communications هو شكل من أشكال التكييف يستعمل للتعويض عن تشوهات الإشارات وتأثيرها في قناة الاتصال. المسوّي equalizer هو تجهيزة أو برمجية تُستخدم في الاتصالات بهدف تصحيح التشويه الناتج على الإشارة المرسلة عبر قناة اتصال ما، والهدف من استخدامه في الاتصالات الرقمية هو تخفيض التداخل البيني للرموز المرسلة Intersymbol Interference (ISI) بحيث تستعاد الرموز المرسلة بأقل خطأ ممكن. يرواح تعقيد المسوّي من البسيط، مثل المرشح الخطي linear filter، إلى المعقّد الذي يستخدم خوارزميات معقدة لتحقيق التسوية المطلوبة.

تقنيات أساسية

هناك كثير من التقنيات المستخدمة في تحقيق المسوّيات، ومن أكثر المسوّيات شيوعاً واستخداماً في مجال الاتصالات الرقمية المسوّيات التالية:

  • المسوّي الخطي linear equalizer الذي يقوم بمعالجة الإشارة المستقبلة باستخدام مرشح خطي، وله نوعان:

  • مسوي الإجبار الصفري zero-forcing equalizer الذي يقوم بتمثيل ما يعاكس خصائص قناة الاتصال باستخدام مرشح خطي.

  • المسوّي الخطي بالاعتماد على مبدأ متوسط الخطأ التربيعي الأصغري Minimum Mean Square Error (MMSE) بحيث يُصمّم المرشح الخطي لتقليل القيمة المتوقعة لمربّع إشارة الخطأ، وهذه الإشارة تمثل الفرق بين خرج المرشح والإشارة المستقبلة.

  • مسوّي التغذية الخلفية (الراجعة) للقرار decision feedback equalizer الذي يتحقق بإضافة معلومات مرشحة عن الرموز السابقة لتقدير الرموز الحالية على خرج المسوّي واستنتاجها.

  • المسوّي الأعمى blind equalizer الذي يعتمد على تقدير الإشارة المرسلة من دون سابق معرفة بالخصائص الإحصائية لقناة الاتصال، وإنما فقط بمعرفة الخصائص الإحصائية للإشارة المرسلة.

  • المسوّي المتكيف (الموائم) adaptive equalizer: وهو مسوي تغذية خلفية للقرار مع تعديل لمعاملات مرشح المسوّي خلال استقبال الإشارة المرسلة.

    التداخل البيني للرموز

    برزت الحاجة إلى استخدام المسوّيات لمجابهة التداخل البيني للرموز الذي يطرأ على الإشارة المرسلة، والذي يعرّف على أنه شكل من أشكال التشويه الذي يصيب الإشارة المرسلة، حيث إن الرمز الواحد يمتد على زمن أطول من زمنه الأصلي، فيتداخل مع الرموز اللاحقة، بحيث يمكن عدّ الرموز السابقة لها تأثير الضجيج في الرموز اللاحقة؛ مما يؤثر في الاتصال، ويسبب الأخطاء في تقدير الرموز المستقبلة.

    ينتج التداخل البيني للرموز عادة بتأثير الانتشار المتعدد المسارات multipath propagation أو من الاستجابة الترددية (التواترية) غير الخطية لقناة الاتصال، حيث إن ترددات الإرسال المختلفة لا تعامل على نحو خطي متساوٍ عند مرورها بقناة الاتصال؛ مما يسبب التداخل بين الرموز المرسلة.

    ينتج التداخل البيني للرموز من إحدى الحالتين:

    1- الانتشار المتعدد المسارات: تصل الإشارة اللاسلكية المرسلة إلى المستقبل عبر مسارات مختلفة نتيجة انعكاسها reflection عن العوائق المختلفة، مثل الأبنية، ونتيجة الانكسار refraction وتأثيرات الغلاف الجوي.

    2- القنوات المحدودة الطيف: تعمل هذه القنوات كمرشح للإشارة المرسلة، حيث إن الترددات فوق تردد القطع للقناة لا تمر عبرها إضافة إلى تخميد المركّبات الترددية التي تقع دون تردد القطع. تؤثر عملية الترشيح التي تسببها القناة في شكل النبضات المرسلة على مدخل المستقبل، ويمتد هذا التأثير أيضاً إلى النبضات اللاحقة. توجد القنوات المحدودة الطيف في الاتصالات السلكية وفي الاتصالات اللاسلكية، إذ يمكن أن تنتج المحدودية من الرغبة في استغلال الطيف المتاح لعدة مستثمرين للقناة على نحو مستقل. يدار هذا التخصيص للمستثمرين في الاتصالات اللاسلكية من قبل جهات حكومية. أما في الاتصالات السلكية مثل الاتصالات الضوئية فتكون الإدارة من قبل مالك الكبل الضوئي fiber optic cable. ويمكن أن تنتج هذه المحدودية أيضاً من الخواص الفيزيائية لوسط انتشار الإشارة المرسلة عبر القنوات السلكية أو اللاسلكية.

    أما طرائق التغلب على التداخل البيني للرموز فهي:

    - تصميم نظام اتصال ذي استجابة نبضية قصيرة بحيث تؤثر طاقة ضئيلة فقط من أحد الرموز في الرمز اللاحق.

    - فصل الرموز زمنياً بعضها عن بعض بفواصل الحماية guards periods.

    - تطبيق مبدأ التسوية في طرف الاستقبال، حيث تتم محاولة إزالة أثر قناة الاتصال بتطبيق أثر معاكس لما تسببه القناة. ويمكن استخدام العديد من التقنيات والخوارزميات لتحقيق التسوية المطلوبة في أي قناة اتصال.

    - تطبيق كاشف سلاسل الرموز sequence detection في طرف الاستقبال بحيث يتم تقدير سلاسل الرموز المرسلة عبر تطبيق خوارزمية فيتربي Viterbi algorithm.

    أنواع المسوّيات وتقنياتها

    1- المسوّيات الخطية

    يُعد المسوّي الخطي من أكثر المسوّيات استخداماً من الناحية العملية للتقليل من أثر التداخل البيني للرموز، وهو مرشِّح خطي يمكن التحكم في معاملاته، (الشكل1).

    الشكل (1) مرشح مستو خطي.

    يمكن قياس خصائص قناة الاتصال وضبط معاملات المسوّي في قنوات الاتصال ذات الخصائص الترددية غير المعروفة - لكنها غير متغيرة مع الزمن- تبعاً لذلك. وعندما تتم عملية الضبط تبقى معاملات المسوّي ثابتة خلال إرسال المعطيات. وتدعى مثل هذه المسوّيات بالمسوّيات ذات الضبط المسبّق preset equalizers.

    يبين الشكل (2) المخطط الصندوقي لنظام اتصال يستخدم المرشح الخطي كمسوٍّ لقناة الاتصال.

    الشكل (2) المخطط الصندوقي لنظام اتصالات مع مستوٍ

    يتألف كاشف التعديل من مرشح الاستقبال ذي الاستجابة الترددية على التسلسل مع مرشح مسوي القناة ذي الاستجابة الترددية .

    تتوافق استجابة مرشح الاستقبال مع استجابة المرسل؛ أي إن وحاصل جداء استجابتي المرسل والمستقبل تصمم بحيث يكون التداخل البيني للرموز معدوماً عند لحظات التقطيع؛ أي تكون المعادلة (1) محققة:

    على سبيل المثال فإن يمكن أن تكون الاستجابة الترددية لتابع التجيب المرفوع raised cosine والمعرَّف بالمعادلة (2):

    حيث معامل له علاقة بشكل النبضات المرسلة ذات الطيف من نوع التجيب المرفوع، وقيمته بين الصفر والواحد، معدل إرسال الرموز.

    في نظام الاتصال المبين في الشكل (2) والذي يتصف بأن ليس له استجابة ترددية مثالية فإن الشرط الأمثل لتحقيق تداخل بيني للرموز يساوي الصفر هو أن تتحقق المعادلة (3):

    بما أن من خلال التصميم؛ تعطى الاستجابة الترددية للمسوي بحيث تعوض التشوهات الطارئة على الرموز المرسلة بسبب قناة الاتصال بالعلاقة (4):

    بحيث إن الاستجابة المطالية amplitude response للمسوي ، والاستجابة الطورية phase response له ، وبذلك تُعدّ استجابة المرشح المسوّي الخطي معكوساً لاستجابة القناة.

    بما أن معكوس استجابة القناة يحذف تماماً أثر التداخل البيني للرموز الذي تسببه القناة، ويجبر هذا التداخل ليأخذ قيمة الصفر في لحظات التقطيع sampling instants؛ يسمى المسوّي في هذه الحالة مسوي الإجبار الصفري. عملياً يتم تحقيق مسوّي القناة على أنه مرشحٌ ذو استجابة نبضية محدودة Finite Impulse Response (FIR) بمعاملات متحكم بها كما هو موضح في الشكل (1).

    توجد سيئة لمسويات الإجبار الصفري، وهي إهمالها للضجيج الجمعي additive noise؛ مما يؤدي إلى زيادة هذا الضجيج في طرف الاستقبال، وهذا يظهر على نحو ملحوظ عندما تكون الاستجابة الترددية للقناة صغيرة عند مجال ترددي ما، وبما أن الاستجابة الترددية للمسوّي هي مقلوب الاستجابة الترددية للقناة، مما يجعل المسوّي يعوض ذلك بإضافة ربح كبير في هذا المجال الترددي؛ فمن ثم َّيؤدي إلى زيادة ملحوظة في مستوى الضجيج.

    لمعالجة هذه المشكلة يتم التساهل في جعل التداخل البيني للرموز معدوماً عند لحظات التقطيع واختيار خواص المرشح المسوّي الخطي بحيث يكون مجموع الاستطاعات فيما تبقى من التداخل البيني والضجيج الجمعي على مخرج المسوّي أصغر ما يمكن. لتحقيق ذلك يتم بناء مسوّي القناة بالاعتماد على مبدأ متوسط الخطأ التربيعي الأصغري.

    2- المسوّيات الخطية المتكيفة:

    يبين الشكل (3) المخطط الصندوقي لمسوٍّ خطي متكيف مبني على معيار متوسط الخطأ التربيعي (MSE) Mean Square Error. تُعدل ثوابت المرشِّح عند كل رمز مُستقبَل، وذلك بناءً على إشارة الخطأ بين خرج المسوّي وخرج الكاشف ، ويضرب هذا الخطأ بعامل ، وتضرب الإشارة الناتجة بالإشارة المستقبلة عند كل نقطة تفرع للمرشِّح .يجمع ناتج عملية الضرب إلى القيمة السابقة لمعاملات المرشِّح للحصول على المعاملات المعدَّلة للمرشِّح، وتكرر هذه العملية عند استقبال رمز جديد، وبذلك يكون معدل تعديل الثوابت للمرشّح هو نفسه معدل إرسال الرموز.

    الشكل (3) مستو خطي متكيف يعتمد على معيار متوسط الخطأ التربيعي.

    في بداية العمل يجري تدريب training المسوّي المتكيف على قطار من الرموز المعروفة مسبّقاً وذات طبيعة شبه عشوائية pseudo random sequence بإرسالها عبر قناة الاتصال. ويقوم المسوّي في طرف الاستقبال باستخدام هذا القطار من الرموز المعروف مسبّقاً لضبط معاملات المرشّح. وبناءً على عملية الضبط الأولية يقوم المسوّي بالانتقال من نمط التدريب training mode إلى نمط القرار المباشر decision-directed mode، وبهذه الحالة تكون القرارات على خرج الكاشف موثوقة بقدر كافٍ بحيث إن إشارة الخطأ تحسب من الفرق بين خرج الكاشف وخرج المسوّي.

    3- المسوّيات ذات التغذية الخلفية للقرار:

    تتصف المسوّيات الخطية المشروحة سابقاً بأنها فعالة جيّداً في القنوات ذات التداخل البيني للرموز غير الشديد أو العميق مثل القناة الهاتفية، حيث إن شدة التداخل البيني للرموز تتعلق مباشرة بالخصائص الطيفية لهذا التداخل. لذلك تتمثل المحدودية الأساسية للمسوّيات الخطية بالأداء الضعيف في القنوات ذوات التداخل البيني الشديد، مثل القنوات ذوات ترددات العمل أقل من 30 ميغاهرتزاً، والتي تعتمد على الطبقة الإيونية (الإيونوسفير) في الغلاف الجوي، والاتصالات اللاسلكية النقالة مثل الاتصالات الخلوية. المسوّي ذو التغذية الخلفية للقرار هو مسوٍ غير خطي يستخدم للتقليل من أثر التداخل البيني للرموز أو حذفه.

    يبين الشكل (4) مخططاً لهذا المسوّي حيث يتألف من مرشّحين: الأول مرشّح التغذية الأمامية feedforward filter، وهو مرشّح ذو استجابة نبضية محدودة بمعاملات قابلة للضبط، ودخل المرشّح هو الإشارة المستقبلة مقطَّعة بمعدل تقطيع ذي قيمة من مضاعفات معدل إرسال الرموز. والمرشّح الآخر هو مرشّح التغذية الخلفية feedback filter، ويتم تحقيقه بمرشّح ذي استجابة نبضية محدودة بنقاط تفرع متساوية البعد بمقدار زمن الرمز الواحد، وله معاملات قابلة للضبط. إن دخل هذا المرشّح هو مجموعة من الرموز المستقبلة سابقاً، وخرجه يُطرح من خرج مرشّح التغذية الأمامية، حيث إن ناتج عملية الطرح تشكل إشارة دخل الكاشف. وبهدف التبسيط الرياضي يطبق معيار متوسط الخطأ التربيعي MSE وخوارزمية التدرج العشوائي لتحقيق مسوّي التغذية الخلفية للقرار.

    الشكل (4) المخطط الصندوقي لمستو ذي تغذية خلفية للقرار.

    4- المسوّي الأعمى:

    في المسوّيات الخطية المتكيفة يتم إرسال مجموعة من رموز التدريب المعروفة مسبّقاً إلى المستقبل بهدف الضبط الأولي لمعاملات مرشّح المسوّي، لكن في بعض التطبيقات مثل شبكات الاتصالات متعددة الأطراف من المفضل للمستقبل المزامنة على الإشارة المستقبلة لضبط المسوّي من دون الحاجة إلى مجموعة رموز التدريب. وتدعى تقنيات التسوية التي تعتمد على الضبط الأولي لمعاملات مرشّح المسوّي من دون الاستفادة من مجموعة رموز التدريب باسم تقنيات الاستعادة الذاتية recovering self أو العمياء blind.

    تم خلال العقدين المنصرمين تطوير ثلاثة أصناف مختلفة لخوارزميات التسوية المتكيفة العمياء. يعتمد الصنف الأول على مبدأ الانخفاض الحاد steepest descent لتحقيق التكيف للمسوي، بينما يعتمد الصنف الثاني على استخدام الإحصائيات من المرتبة الثانية أو أعلى (عادة من المرتبة الرابعة) لتخمين خصائص قناة الاتصال أو تقديرها، وحديثاً تم البحث في الصنف الثالث من الخوارزميات التي تعتمد مبدأ الأرجحية العظمى maximum likelihood.

    آفاق مستقبلية

    تُعدّ تقنيات تحقيق المسوّيات والخوارزميات من المواضيع المعقدة في الاتصالات الرقمية، وهي في تطور مستمر مع تطور تقنيات الاتصال، وخاصة اللاسلكية منها، مثل الاتصالات النقالة والاتصالات الفضائية.

    مراجع للاستزادة:

    - E. Hassan, Multi-Carrier Communication Systems with Examples in MATLAB®: A New Perspective, Routledge, 2019.

    - M. Satar, Virtual exchange: towards digital equity in internationalisation, Research-publishing.net 2021.

    - T. F. Wong, T. M. Lok, Theory of Digital Communications, University of Florida, 2004.

     


- التصنيف : كهرباء وحاسوب - النوع : كهرباء وحاسوب - المجلد : المجلد الثامن مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1