التعدين
تعدين
metallurgy -
التعدين
مدين صافي
التعدين mining هو استخراج الخامات المعدنية ذات الجدوى الاقتصادية بالطرائق التعدينية المختلفة، ونقلها إلى وحدات المعالجة وتركيزها ثمّ استثمارها. تستخلص المعادن والفلزات الصناعية من سلسلة أو أكثر من عمليات الحفر المنجمي والمعالجة التعدينية، أي استخراجها من المقالع أو المناجم. ويعتمد نوع التعدين وعدد مراحله على طبيعة الخامات، والشكل النهائي المرغوب للمعدن. فمثلاً يحتاج استخلاص النحاس من خاماته الكبريتية إلى استخراج منجمي ثمّ تركيز المعدن وطحنه يتبعه تحميصه وصهره، ثمّ تنقية الناتج. في حين يحتاج استخلاص الميكا إلى استخراج منجمي، ثمّ فرز البلّورات عن الشوائب.
تعرّف هذه الطرائق بأنّها العمليات التي تستخرج فيها الخامات ذات الجدوى الاقتصادية من توضّعاتها ومكامنها، بالاعتماد على طبيعة التوضُّع وحجمه وشكله. وتُصَنَّف هذه الطرائق إلى:
1- التعدين السطحي surface mining: لاستخراج الخامات القريبة من سطح الأرض، وهذه الطرائق ذات تكاليف منخفضة نسبياً. ولها الأنواع الرئيسة الآتية:
أ- الحفر العادي والخندقي pitting and trenching: ويشتمل على حفر تجاويف سطحية قليلة العمق طولية أو دائرية؛ بهدف استثمار التوضُّعات المبعثرة القريبة من السطح، مثل توضعات البغماتيت، وتوضعات التركيز المُهلي. أما أهم الخامات التي تستخرج بهذه الطريقة فهي: الفسفات والبوكسيت والذهب والنحاس (الشكل1).
الشكل (1) مقلع سطحي مدرج. |
ب- الحفر المقلعي quarrying: ويُلجأ إليه عادةً لاستخراج أحجار البناء، وخاصة: الرخام والغرانيت والحجر الكلسي. ويمكن أن يكون المقلع فتحة ذات مصاطب شبه دائرية أو على شكل فتحتين متقابلتين، يجري الحفر بينهما باتجاهين متعاكسين ( الشكل 2).
الشكل (2) مقلع رخام من فتحة ذات مصاطب. |
ج- التعرية stripping: تُطبّق على التوضعات الرسوبية المسطحة، مثل توضعات الفحم الحجري والحديد والغضار والفسفات والبوكسيت. وذلك حين يكون غطاؤها الرسوبي قليل السماكة. حيث يُزال الغطاء بشق أخدود عريض ومتطاول. وترتكز الجرّافات مباشرةً فوق التوضُّع، وتقوم بجرف الخام على طول الأخدود، وبعد استنفاده يُصار إلى حفر أخدود ثانٍ ملاصقٍ أو موازٍ للأول بحيث يطمر بأنقاضه الأخدود الأول، وهكذا (الشكل 3).
الشكل (3) منجم فحم حجري بالتعرية. |
د- القطع المكشوف open cutting: تُطَبَّق هذه الطريقة على التوضعات الفلزية الضخمة الفقيرة أو المنخفضة الدرجة، أو المنخفضة القيمة الاقتصادية والمكشوفة على سطح الأرض. يُلجأ إليها عادةً في استثمار توضعات الحديد والنحاس البورفيري وغيرها من التوضعات السطحية الضخمة. وقد يصل قطر الحفرة إلى أكثر من 1000م، حيث يُستَخرج منها يومياً آلاف الأطنان. يجري استثمار هذه الخامات عادةً في المناطق السهلية وفق مصاطب دائرية، تزداد عمقاً تدريجياً نحو الأسفل، وذلك بعد إزالة الغطاء الرسوبي. تُجْرَف الخامات من الحفرة إمّا مباشرةً بجرافات ضخمة، وإما بعد تفجيرها على هذه المصاطب الموازية لمحيط الحفرة مع منحدرات مناسبة لمسير الشاحنات، في مسارٍ حلزوني. تترافق هذه الطريقة أحياناً مع عمليات حفر تحت سطحية بحيث تتعمّق الحفرة السطحية كثيراً. وكلما ازداد عمق الحفرة ترتفع تكاليف الاستخراج السطحي (الشكل 4).
الشكل (4) حفرة تجريف الخامات مع المصاطب الدائرية وطرق سير الشاحنات. |
هـ ــ الاستخراج الهدروليكي hydraulic mining: تُطَبّق هذه الطريقة في بعض حالات التركيز الميكانيكي السطحية، حيث يرسل على التوضُّع تيار مائي جارف، يجرف الخامات إلى قناةٍ منحدرة (الشكل 5)، ذات مصائد مصطنعة، تترسّب عندها الفلزات المرغوب فيها، وتخرج الشوائب من نهاية القناة.
الشكل (5) قناة صنعية للتعدين الهدروليكي. |
و- التجريف dredging: وهي طريقةٌ ميكانيكية لجرف الرواسب تحت المائية، تُطَبَّق من أجل استثمار توضعات التركيز الميكانيكي النهرية. تجهز الجرّافة المزنجرة بمجاريف ميكانيكية دوارة ترفع الرواسب من القاع إلى آلات ضخّ وتصويل، لتفرز المواد المفيدة وتلقي بالنفايات في الطرف المقابل من الحفرة، ويمكن لبعض أنواع الجرّافات أنْ يعمل على عمق تحت سطح الماء يصل إلى 30 متراً. ويمكن أنْ تجرف وتصوّل في الساعة الواحدة ما يراوح بين 300 و 400 متر مكعب من الرمل أو الحصى (الشكل 6).
الشكل (6) التجريف الهدروليكي لتوضعات الخام. |
2- التعدين تحت سطح الأرض underground mining:
تتنوّع طرائق التعدين هذه بحسب طبيعة التوضُّع الفلزي ومكانه، وتشمل فتح بئر منجمية شاقولية أو مائلة أو نفق أفقي رئيسي يصل إلى التوضُّع، ومن ثم فتح أنفاق فرعية أفقية أو شاقولية أو مائلة تخترق الأجزاء المهمّة من التوضع، وتستخرج الخامات بالجرف المباشر، أو بالجرف بعد التفجير (الشكل 7).
الشكل (7) التعدين تحت سطح الأرض. |
3- أخذ العينات في التعدين sampling
بعد تحديد موقع الاستثمار وإعداده يجري تحضير عينة تقنية من الفلز حتى 1 طـن، (لا يزيد حجم حبيباتها على 5 مم) وفق النماذج الآتية:
- تكسير عينة من الصخر وغربلتها إلى حجم حبيبي أقل من 3 مم.
- تكسير عينة من الصخر وطحنها إلى أقل من 3 مم بالأقراص الصلبة.
- طحن العينات بأقراص السيرمت إلى حجم أقل من 100 مكرومتر.
- إعداد القطاعات المجهرية: وهي قطاع رقيق وقطاع مصقول وقطاع حبيبات.
- إعداد العينات للتحليل المخبري بإحدى الطرائق التالية:
أ- إعداد مكعب لا يزيد طول ضلعه على 10 سم.
ب- إعداد عينة أسطوانية بقطر 5 - 10 سم، وطول لا يزيد على 20 سم.
ج- قطع طولي لعينة أسطوانية بطول لا يزيد على 30 سم.
ترتبط عمليات استخلاص المعادن والفلزات بالدِّراسات الجيولوجية لتحديد الجدوى الاقتصادية للتوضعات ومكامن الفلز، والطبيعة المينرالوجية للخامات؛ بغية انتقاء العمليات التعدينية اللازمة، والربح المتوقّع بعد الاستخلاص. ومثالٌ على ذلك: حالة توضُّع فلزي يحوي خامات ذهب منخفضة الدرجة، تشتمل على الذهب الحرّ ضمن شوائب الكوارتز. يتطلب استخلاص الذهب من هذا التوضُّع طحن الخامات، ثم معالجتها بالملْغمة أو السيانيد. يتطلب هذا تكاليف زهيدة تجعل استثمار هذا التوضع ذا جدوى اقتصادية. أمّا إذا كان الذهب موجوداً ضمن خامات تحتوي على البيريت الزرنيخي مع الكالكوبيريت، فحينها لا بدّ من نقل الخامات إلى أماكن الصاهرات الزرنيخية القليلة في العالم، ويتطلب هذا نفقات باهظة قد تجعل التوضّع بلا جدوى اقتصادية.
يرتكز التعدين على المبادئ العامّة الآتية:
- معرفة الخواص الفيزيائية للمعادن والصخور لتحقيق المعالجة المثلى للخامات المعدنية، ويتطلّب ذلك أحياناً تحديد خواصها الكيميائية.
- يجب أنْ تكون منتجات التركيز المعدني عالية النّقاوة نسبياً، من حيث تركيبها الكيميائي، ويجب فرزها حبيبياً بحجومٍ تناسب الاستخدام الصناعي اللاحق لها؛ فمثلاً يجب ألا يحتوي الفحم على أي مخلفات، وأن يكون تركيز خامس أكسيد الفسفور P2O5 في الفسفات بين 30 - 34% ليناسب التطبيقات الصناعية.
- مراعاة النسبة الاقتصادية المطلوبة في الخام قبل معالجته ؛ مثلاً لا جدوى من معالجة الخام النحاسي إذا كانت نسبة النحاس أقل من 5%.
- يجب أن تحافظ عمليات التركيز المختلفة على الخواص الفيزيائية والكيميائية المطلوبة للعمليات الصناعية اللاحقة، مثلاً: إنّ عملية التحميص العادية calcination للفسفات في الدرجة º1050س، ربما ترفع درجة P2O5 إلى الدرجة المطلوبة في معامل الأسمدة الفسفاتية، ولكنّها تجعل حبيباته إبرية الشكل مما يسبب انسداد وحدات الفلترة في معمل حمض الفسفات؛ الأمر الذي دفع الباحثين في اتجاهين: الأول التغلب على المشكلة بكواسح رطبة، والثاني إضافة مواد في أثناء عملية التحميص لتصنع منها مباشرة أسمدة تناسب التربة في المناطق الغزيرة الأمطار.
- يجب ألا تؤدي المعالجة الحمضية أو الكيميائية التي تهدف إلى تحسين مواصفات الخام المعدني إلى تخريب بنية الخام كما هي الحال عند معالجة الزيوليت بالتبادل الإيوني.
- دراسة معمّقة للخواص الكيميائية والفيزيو- كيميائية والفلزية والحرارية للخامات، التي من شأنها وضع تصوّر واضح لخطوات التركيز الواجب اتباعها. فمثلاً يعالج الفنّاديوم الموجود في الماغنيتيت والهيماتيت بالتحميص roasting والغسل الكيميائي leaching والفصل المغنطيسي المنخفض الشدة low intensity magnetic separation. ويعالج البوكسيت بعمليات التكسير والطحن والتعويم والفصل المغنطيسي والطاولة الهزازة والغسل الكيميائي والتحميص التي من شأنها إنقاص محتواه من السيليكا والحديد.
- يجب أن تكون نسبة الرطوبة في المركَّز الناتج ضمن الحدود الدنيا المطلوبة.
- الحفر: تستخرج بعض الخامات، مثل السجيل الزيتي، بحفر ثغرة في المكمن، ثم حفر ثقوب فوقه لتفجيرها لاحقاً، بحيث تتكون مدخنة تحت الأرض ارتفاعها 150م، فيُحصل على فرن لتقطير السجيل واستخلاص الزيت منه. وتستخدم القواحط أيضاً في عمليات الحفر.
- التنقيب: يجري التنقيب عن بعض الخامات، مثل الفسفات، بحفر خنادق وآبار يدوية ذات مقاطع 1.2x1م بالحفر الآلي. ويستخدم في الاستكشاف إشعاعات غاما لتحديد سماكة الطبقات وموقعها، حيث إنّ هناك علاقة بين نسبة الفسفات وكمية الإشعاع. كما أن قياسات الإشعاع تشير إلى نسبة اليورانيوم، ويمكن بالتحليل الطيفي تحديد نسبة الفنّاديوم والسترنسيوم والبور.
- حساب الكميات: يجري حساب الاحتياطي في المناطق ذات التراكيز الاقتصادية، بحساب حجم الكميات المكتشفة، ويجري حساب الحجم من المقاطع المتوازية التي يجري رسمها لطبقات الخام.
- التحميل: يجري التحميل في المناجم بالطرائق الهدروليكية، لأحمال حتى 100 طن، وتقاس الأحمال بدينامو هدروليكي.
- النقل: تبلغ طاقة وحدة معالجة الخام 4000 طن/يوم، وهذا يعادل 28 طن صلباً/دقيقة. ينقل الخام الجاف في أنابيب مائلة مصنوعة من الفولاذ تميل 45-º55، وتنقل على سير ناقل conveyor belt بطاقة 20000 طن/ساعة، وبسرعة 10م/ثا. يمرُّ السير على بكرة، وتوضَع حواجز في مجاري نقل الخام لتوجيهه بأسطوانات هدروليكية. ويتم النقل الهدروليكي لتيار الخام عبر الأنابيب بمضخات تعمل بالقوة النابذة. وتستخدم الشاحنات والقطارات لنقل الخامات إلى أماكن الصناعة أو مرافئ التصدير مثل السجيل الزيتي والفسفات.
- التدعيم: تدعم الصخور داخل المناجم، وتثبت الثقوب. وعندما يصل الحفر والاستكشاف إلى طبقة المياه الجوفية، ينبغي أنْ تُعْزَل كل طبقات المياه بأنبوب فولاذي مثبّت بغطاء ٍ إسمنتي، وعندها فقط يمكن لعملية الحفر أن تستمر. ويجب ألا يُسمح للمياه الجوفية أنْ تمتزج مع الموائع والطبقات العليا الأخرى أو طبقات المياه الملوثة الدنيا.
7- المعالجات الفيزيائية والكيميائية في عملية التعدين
المعالجة الفيزيائية: ومن أهم طرقها:
أ - التكسير crushing والطحن grinding: الهدف الرئيس منها هو فصل الفلزات المفيدة عن الشوائب المختلطة بها. تصنف الكسارات إلى: الكسّارة الفكية للتكسير الخشن jaw-crusher وهي الأكثر استخداماً لتحطيم الخامات الصخرية المعدنية إلى أقل من 20 سم، والكسارة الدوامية gyratory-crusher ذات الغربال الهزّاز vibrating screen للوصول بالخام إلى ما دون 5 سم ومنها ما هو للتكسير المتوسط مثل: الكسارات المخروطية cone والقرصية disk والنابضية spring. وأما المطاحن فهي على أنواع: منها المطاحن الفكية، ومنها الدرافيل لتهشيم العينات إلى ما يقارب 1 مم، ومنها المطاحن الدقيقة جداً للحصول على درجة نعومة 100 مكرومتر. تستخدم هذه الكسارات والمطاحن جميعها جافةً باستثناء المطاحن المرضَّة المثفِّلة gravity stamp mills فهي تعتمد الطريقة الرطبة.
ب- الفرز اليدوي hand sorting: لفصل المكونات اعتماداً على مظهرها وثقلها، وتُسْتَخدم في البلدان التي تكثر فيها الأيدي العاملة الرخيصة.
ج- الفرز الحبيبي sizing: بالغربلة الجافة أو الرطبة dry or wet screening، وتعتمد على الوزن النوعي للحبيبات، وعادةً ما تُعد الأجزاء الخشنة منها مخلفات. وتستعمل في هذه الطريقة مناخل ثابتة stationary screens أو متحركة moving screens أو مناخل هزازة shaking screens، ويرسل الجزء الناعم منها إلى عمليات غربلة لاحقة كالطاولات الهزازة والمصنفات الحلزونية.
د- الفرز الثقالي بالطاولة الهزازة gravity separation and table: تهدف عملية الفرز الثقالي إلى فصل الخامات اعتماداً على حجمها الحبيبي، أو اختلاف كثافتها، وقد شاع هذا النوع من الفصل لفرز الذهب من خاماته. أما الطاولات الهزازة فهي الأفضل في فصل الخام بالطريقة الرطبة الشكل (8)، وتكون أكثر فعاليةً للحبيبات الخشنة التي تراوح أحجامها بين 5 سم و150 مكرومتر. وتستخدم لفصل خام الفحم وإغناء المنغنيز (البيرونيت) وخامات الذهب المشوبة بالسولفيد والكوارتز.
الشكل (8) طاولة هزازة لفصل الذهب بكفاءة عالية للتعدين. |
هـ- الفصل بالقوة النابذة centrifuging: ويستخدم للحبيبات الناعمة بين 0.05 إلى 2 مكرومتر. حيث تعمل القوة النابذة على زيادة سرعة ترسيب الذرات، ومن أجهزة الفصل بالقوة النابذة: الدوامات cyclones والدوامات المائية. والمُركِّز الحلزوني spiral concentrator الذي يفصل الخامات بين 3مم و75 مكرومتر بفعل الجاذبية، كما تفصل المواد الثقيلة بالقوة النابذة أيضاً أما المخلفات فتتثفل في الأسفل.
و- الصهر melting: تتطلب العملية معرفة حرارة الانصهار وهي كمية الحرارة اللازمة لتحطيم البنية البلورية للفلزات، وكذلك درجة الحرارة عند "نقطة الانصهار"، والأطوار البينية التي تتشكل عند الانصهار مثل السليكا والأملاح، والتي لها تراكيب معقدة.
ز - التنقية بالتحميص calcination: تزيل عملية تكليس أو تحميص الخامات المعدنية معظم المواد العضوية والكربونات والفلور والشوائب الأخرى. ويمكن معالجة الفسفات المشوبة بأكاسيد الحديد والألمنيوم بنسبة > 5% بالتكليس لإنتاج سماد مباشر.
ح - الغسل washing: وهي طريقة تستخدم لفصل الذرور الناعم slims عن الحبيبات الخشنة sandy grains.
ط - الفصل المغنطيسي magnetic separation: يُلجأ إلى هذه الطريقة لفصل الفلزات ذات الخواص المغنطيسية عن بقية المواد المختلطة مع الخامات اعتماداً على اختلاف خواصها المغنطيسية. فلاستخلاص فلزات الحديد المركزة المطابقة لمواصفات الفرن العالي والتخلص من النفايات، يجري تركيز خام الإلمينيت ilmenite (FeTiO3) لإنتاج الذرور الأبيض. كذلك يجري بهذه الطريقة تركيز خامات الكولومبيوم والتنتاليوم والتنغستن والهيماتيت والبوكسيت والسربنتين serpentine (سليكات المغنزيوم المميهة)، ومجالها المغنطيسي في حدود 12000 أورستد Oersted (Oe).
ي - التعويم floatation: يرتكز التعويم على تقبل قسم من الخام للماء (القسم المترسب) وقسم آخر للهواء (القسم الطافي) بحسب نوع الكواشف المستخدمة، وهذا ما يُسمّى اختلاف الخصائص السّطحيّة. وللتعويم أنواع متعددة حسب نوع الفلزات الموجودة في الخام، ويتم تحديد نوع التعويم حسب المكونات المرغوبة وغير المرغوبة. فمثلاً عند معالجة الفسفات بالتعويم ثمة ثلاثة أنواع منها، وهي: التعويم السليكاتي، والتعويم الكربوناتي، وتعويم الفسفات المباشر. ففي التعويم الكربوناتي (أو الدولوميتي) يجري إنقاص محتوى أكسيد الكلسيوم CaO وأكسيد المغنزيوم MgO في الخام بغية تركيز الكربونات بالتعويم ويكون المركَّز المترسب هو الفسفات (الشكل 9)، ويوضح الشكل (10) آلية عمل المواد المعومة للخامات، والشكل (11) عمل المادة المجمعة في تعويم الخامات المعدنية (عملية الزبد).
الشكل (9) آلية تعويم الخامات. |
الشكل (10) آلية عمل المواد المعومة للخامات. |
الشكل (11) عمل المادة المجمعة في تعويم الخامات المعدنية. |
ك - وحدات الفصل الكهرساكن: وهي تفصل إلى أقل من 1 مم بجهد حتى 40 كيلو فولط.
المعالجة الكيميائية: ومن طرقها:
أ- الملغمة amalgamation: باستخدام الزئبق السائل لاستخلاص الذهب ومعادن أخرى، حيث يمتزج الزئبق مع الذهب السطحي، ليشكل ذرة مغطاة بالزئبق. ولهذه الخليطة خواص سطحية مشابهة للزئبق النقي، فتتشكل كتلة لدنة رمادية يتقطر الزئبق منها عندما تسخن مخلفاً معدن الذهب.
ب- النضّ أو الغسل leaching بالأمونيا أو بالحموض: تستخدم هذه الطريقة لفصل المعادن الثقيلة من الخام على شكل هدروكسيدات. تجري إذابة الخامات بعد سلسلة من العمليات الفيزيائية المناسبة. ولهذه الطريقة غايتان صناعيتان: الأولى: إزالة الملوثات المعدنية وخاصةً الثقيلة منها، والثانية: الحصول على منتجات مضافة. وبهذه الطريقة يمكن التوصل إلى إنتاج الهدروكسيل أباتيت والكالسيت والكوارتز من الفسفات السوري الخام ومخلفاته، بتحويل الخام إلى محلول عالي الإشباع.
يهدف الغسل بالحموض كذلك: كما هي الحال في الزيوليت -إلى تحسين مواصفات الخام الحامل للزيوليت شريطة أن تكون درجة الحموضة (pH>4) حتى لا تتخرب بنيته. ترفع هذه المعالجة درجة الزيوليت بتخفيض محتواه من الكالسيت، وتساعد على فتح مسام داخل بنيته البلورية، فيزداد سطحه النوعي.
ج-الحرق المباشر: تعالج بعض الخامات بالحرق المباشر في درجة حرارة بين 800°س إلى 850°س مثل السجيل الزيتي، حيث يكتسب خواصَّ هدروليكية أو بوزولانية تجعله مادة للبناء، ويستفاد من هذه العملية في إنتاج الكهرباء، كما تحوّل الهدرجة السجيل إلى غاز، وتجري تنقية غازات الاحتراق في وحدة كهرساكنة.
المعالجة الفيزيوكيميائية للخامات المعدنية:
هناك بعض الخامات التي تعالج بطرائقٍ فيزيوكيميائية؛ كالزيوليت الذي يعالج معالجةً حمضية-أساسية، وبالتبادل الإيوني والتعديل السطحي؛ مما يكسبه قدرةً على امتزاز المركبات العضوية والأنيونات.
إجراءات السلامة والأمان في التعدين
1- استخدام وسائل الوقاية الفردية للعاملين في المناجم والمخابر (واقيات رأس، كاتمات ضجيج، نظارات وقفازات واقية، أحذية مقاومة للصدمات والشحوم والزيوت، مشمعات مطرية، كمامات وغيرها) وحقائب إسعافية ووسائل اتصال لاسلكية للعاملين.
2- تزويد المناجم بأجهزة إنذار مبكر والتحكم بدرجة الحرارة ودرجة الـحموضة pH.
3- تطبيق أنظمة إدارة بيئية صارمة باستخدام تقنيات الاستشعار من بعد، ووضع مواصفات قياسية للنسب المسموحة للملوثات في التربة والماء والهواء.
4- عزل الترب الملوثة، وتستبدل بها ترب مغذّاة بالمكونات الضرورية لنمو النبات والعمل على زيادة تركيز الكربون العضوي.
5- إغناء المناجم بالتجهيزات الضرورية لعمليات التعدين المختلفة.
6- ولعلّ من أفضل الحلول الهادفة للتخفيف من التلوث وإغناء المعادن هي التنقية الحيوية bioleaching بوصفها بديلاً من المعالجات الكيميائية والفيزيائية، وقد لاقت هذه الطرائق رواجاً اقتصادياً أكثر أماناً للبيئة عند استخلاص الرصاص واليورانيوم والذهب باستخدام الأكسدة الحيوية bio-oxidation بوجود مؤكسدات حديدية حمضية.
7- إعادة غرس الأشجار لإنقاص الحت والتأكّل والغبار والملوثات واستخدام الأرض والموقع المنجمي.
8- تهوية المناجم باستخدام المراوح وساحبات الهواء الفاسد.
9- المحافظة على صحة الأيدي العاملة في المناجم، عند استخدام حمض كلور الماء لنزع الرصاص من مياه الصرف الناجمة عن المناجم، ووحدات تركيز الخام.
تصريف المياه الملوثة والإنارة والتهوية
مياه المناجم ملوّثة إلى حدودٍ يجعلها غير صالحة للشرب أو الري، وفي أغلب وحدات التعدين يجب أن تُضَخّ الملوثات إلى مناطق مفتوحة (الشكل 12). وتستخدم عدة طرائق لمعالجتها وتدويرها بغرض إعادة استخدامها للشرب مثل: الترشيح والترسيب الكيميائي والتخثير والتبادل الإيوني والامتزاز والتحلل الكهربائي والضغط الحلولي (الأسموزي)، واستخلاص المذيب والمعالجة البيولوجية. ولا بدّ من شق منظومات تصريف شبه سطحية للتخلص من المياه الملوثة، وبناء خزانات لتجميع المواد المنصرفة، وأحواض لتخزين المياه الملوثة. أما المياه الناتجة من عمليات الإذابة فيمكن أن تصل مكوناتها الملوثة إلى 2%، وتُعدّ خطراً كبيراً على نظام البيئة المائي وعلى الأحياء من أسماك وغيرها. ولا بدّ من معالجتها بالقوة النابذة أو إعادة تدويرها للاستخدام اللاحق بعد أن يتم فصل مائها بمرشحات دوّارة تحت الضغط المخلخل، ويمكن إعادة استخدام الماء المنقّى لاستخلاص الغبار المنجمي.
الشكل (12) تصريف المياه الملوثة من المنجم إلى مناطق مكشوفة تمهيدا ًلمعالجتها. |
للتعدين آثار بيئية في الهواء والتربة والمياه السطحية والجوفية، كما أنّ للضجيج المصاحب لعمليات التعدين أثراً بيئياً سيئاً، ويسبب التعدين العديد من أمراض الكبد والرئتين، إذ يؤثر في الهواء بما يصدر عنه من غبار ودخان، ويمكن تخفيض كمية الغبار برش مركَّب كلوريد المغنزيوم في أكوام الأتربة ومخلفات مناجم الرصاص والفضة والذهب. وينتج من وحدة التجفيف الموجودة في المناجم غازات احتراق ضارة إضافة إلى جزيئات ناعمة من الغبار كما تصدر وحدة الغسل الكيميائي في المناجم ملوثات مختلفة لها أثرها الكبير في البيئة.
تحتوي معظم الرسوبيات الناجمة عن المناجم على موادَّ ذات نشاطٍ إشعاعيّ بمستويات غير مقبولة. كما تؤدي الملوثات إلى ملوحة التربة المجاورة.
وتنحل في الملوثات الحمضية معادن مختلفة مثل: الحديد والألمنيوم والمنغنيز وغيرها؛ فأكسدة بيريت الحديد يولّد حموضة عالية جداً في التربة مما يسبب تأكّل التجهيزات المعدنية. تعالج الحموضة المرتفعة بإضافة الكلس إلى التربة، مما يضعف التأثير الفعّال للمادة العضوية في التربة.
تعوق ملوحة التربة الملوثة حصول النبات على الماء اللازم لنموه. تفرز وحدات الغسل إلى المناجم عوالقَ من الطين وبعض المخلفات الرملية. مع أنه من الممكن إعادة استخدام بعض الملوثات مثل الفسفوجيبسوم - الناتج الثانوي من الصناعات القائمة على الفسفات، في صناعة الإسمنت.
تتعرض المياه السطحية والجوفية القريبة من المناجم للتلوث، وأكثر المعادن الثقيلة ضرراً على مياه الشرب والري -من أصل 30 معدناً ساماً- هي: الكروم والزرنيخ والكوبالت والزنك والنحاس والسيلينيوم. ولهذه المعادن الثقيلة وزن ذري مرتفع، وهي سامّة للكائنات الحية جميعها، وللتسمم آثار نفسية وفيزيولوجية وسلوكية مختلفة. وقد تكون المعادن الثقيلة على شكل معلّقات أو غرويات أو مواد منحلة، كما أن المواد المشعة الملوثة للمياه تؤين مكونات الخلايا، وتحولها إلى جذورٍ حرة مسببة تفاعلات مضرة بها.
كذلك تعدّ مستويات الصوت العالية جدّاً في مواقع التعدين ملوثاً بسبب ضجيج المحركات وعمليات التفجير ومحطات خدمة المناجم والشاحنات والقواحط، قد تراوح بين 95 و150 ديسبلاً dB مقابل الحد المسموح به، وهو 75 dB؛ مما يؤثر في الصحة العامة ومعنويات العمال.
مراجع للاستزادة: - مهند أبو ثليث ومهران إبراهيم، استخدام الزيوليت السوري في إنتاج الكلينكر والإسمنت البورتلندي، مطبوعات جامعة البعث، 2010. - C. Hutton, Mining Economics Explained: A Guide for Boards, Executives, Managers and Investors, Independently published, 2022. - M. A Olade, INTRODUCTION TO MINERAL DEPOSITS GEOLOGY: (Including Exploration, Mining and Mineral Economics), Moses OLADE, 2022. - D. W. Podowski, J. Poirier, Mining and Minerals: A Practical Guide to the Life Cycle of a Mining Project, Globe Law and Business, 2018. - I. C. Runge, Mining Economics and Strategy, Society for Mining, Metallurgy, and Exploration, 2003. |
- التصنيف : التقانات الصناعية - النوع : التقانات الصناعية - المجلد : المجلد التاسع مشاركة :