التقسية ب-البرودة (نبات)
تقسيه ببروده (نبات)
Cold hardening (Plant) -
ندى عملة
التغيرات الاستقلابية المتعلقة بالأقلمة والتقسية
تتضمن التقسية بالبرودة في النبات cold hardeningin plants عدداً من استجابات النبات مثل: تعريضه للبرودة لضمان استمرار حياته وحمايته من أذى التبريد والتجمد، والتربيع vernelization؛ وهو تعريض النبات للبرودة من أجل البدء بعملية الإزهار، والتنضيد stratification ويشمل تعريض البذور للبرودة من أجل بدء عملية الإنتاش germination.
تؤثر البرودة في حركة الماء داخل النبات؛ إذ يسبب تجمد الماء تغيرات غير عكوسة داخل الخلايا؛ مما يسبب الأذية، فيسعى النبات إلى التهيؤ ضد أعراض البرد. تبدأ العملية بتغير نفاذية الأغشية الخلوية بحيث تسمح للماء بالارتشاح إلى المسافات البينية، وتبدأ الخلايا بتخزين كميات كبيرة من السُكَّريات في السيتوبلاسما (الهيولى) لخفض درجة التجمد. ويؤدي تدني درجات الحرارة دون الصفر إلى تكوين فقاعات هوائية تفضي إلى انسداد (أو انصمام) embolism الأوعية الخشبية في نسج الساق.
يتجمد الماء داخل الأوعية الخشبية في المجال الحراري بين و 0 ْو2 ْس وقد يستمر انتقال الماء بعد انسداد الأوعية؛ لكن بمعدلات منخفضة لا تتجاوز 3% من النسبة المعتادة، في القصبات trachea الخشبية القديمة أو من خلال نُقَر pits الجُدُر الخلوية. كما لوحظت حالات من تدلي الأوراق التابعة لنباتات دائمة الخضرة مثل جنس Rhododendron؛ بسبب معاناتها من الجفاف الصقيعي frost drought، وهي حالة تجمد التربة أو ماء الأوعية الخشبية بما يمنع وصول الماء إلى الأوراق.
تفقد الأوراق الماء - حتى لو كانت المسام مغلقة - عبر القشيرة (الجُليدة) cuticle فينخفض انتباجها، ويعود السبب الآخر لانخفاض الانتباج المصاحِب لانخفاض درجات الحرارة إلى انسحاب الماء من الخلايا الحية إلى المسافات البينية، وهو نوع من الجفاف المنظم الضروري للسيطرة على التجمد الذي تعانيه الخلية الحية بتشكل بلورات ثلجية، الأمر الذي يُعَدّ مميتاً نتيجة لتخرب الأغشية والعضيّات الخلوية.
يحدث أذى التبريد بين درجتي الحرارة صفر و10 ْس بسبب أذية الأغشية الخلوية والتغيرات الاستقلابية وزيادة تراكم المواد السامة toxic build-up، وتتأذى البنية الخلوية بالتجمد عند الحرارة دون الصفر، ويحدث التجفاف dehydration والنخر أو التنخر (التنكرز necrosis أو الموت الموضعي للنسج)، ويُسبِّب التجمد فقدان النفاذية الخلوية premebility والانكماش البلاسمي (البلسمة) plasmolysis وانفجار الخلايا بعد الانحلال post thaw bursting. تمتلك النباتات دائمة الخضرة التي تعيش في المناطق الباردة صفات النباتات الصحراوية -مثل إغلاق مسامها على نحو تام وثخانة القشيرة- مما يساعد على تحمل الجفاف جزئياً. وقد تتشكل بلورات ثلجية بين الخلايا؛ وعندما تذوب يعود الماء إلى الخلية وقد يحدث الشيء ذاته في أغصان النباتات النفضية. وتختلف قدرة النباتات على مقاومة الجفاف، فقد تتنامى ببطء في الخريف بعملية تسمى التقسية بالبرودة أو التأقلم acclimation.
تتنوع النباتات بدرجات التقسية؛ إذ لا تتمكن جميعها من تطوير المقاومة؛ لذلك تموت نباتات الحدائق في الشتاء البارد، كما تتثبط التقسية ببعض العوامل مثل: الأسمدة الغنية بالآزوت (النتروجين) العالي، والتقليم الذي يؤدي إلى تنشيط النمو.
تعد التقسية ذات أهمية خاصة في زراعة الحبوب في الخريف؛ إذ يبلغ إنتاجها نحو 40% مقارنة بالحبوب الربيعية، وبسبب محدودية التقسية فإن الزراعة لا تتم بكميات كبيرة في المناطق الباردة مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية. ويحقق نجاح عمليات التقسية على حبوب الشتاء بالمعالجة الكيميائية أو بإنتاج أصناف جديدة أهمية كبيرة على المستوى العالمي.
تُكسب عملية التقسية النباتَ تحملاً ملحوظاً تجاه تأثير التجمد خلال فترة أسابيع أو أشهر؛ وتتضمن ثلاث مراحل:
· انتقال الكربوهدرات إلى الجذور النباتية من خلال زيادة نفاذية الأغشية الخلوية؛ إذ تمكنّ النبات في نهاية هذه المرحلة من تحمل الحرارة بين 5 ْ – 10 ْس.
· تغير كيميائية الغشاء بما يسمح استمرار حياة النبات تحت - 20 ْس
· استمرار حياة النبات في -50 ْس، وقد يحدث في النبات ما يعرف بظاهرة التزجيج vitrivication.
التغيرات الاستقلابية المتعلقة بالأقلمة والتقسية
تتعرض الأغشية الخلوية لتحولات وتبدلات كمية وكيفية خلال التقسية، إذ يتغير المحتوى الدهني للغشاء البلاسمي وغلاف الصانعات الخضراءchloroplast بطريقة تجعل العتبة الحرارية المحدِثة للأذى الغشائي أخفض من تلك التي تمتلكها النباتات التي لا تحدث بها التقسية؛ بسبب زيادة سيولة (أو انسياب)fluidity الأغشية المُقسَّاة بالبرودة التي تتغير فيها مكونات المواد الدهنية تجاه زيادة نزع الإشباع في الحموض الدسمة fatty acid.
يتغير المكون البروتيني في غشاء الخلية أيضاً بسبب تغير المكونات الدهنية للغشاء، وتزداد نسبة الليبوبروتين lipoprotein لأغشية التيلاكوئيدات thylakoids(حويصلات قرصية في الصانعة)، وكذلك يزداد نشاط إنزيم ATPase للغشاء البلاسمي، كما تتغير إنزيمات أغشية الفجوات خلال المعاملة بالبرودة، فقد أظهرت النتائج ازدياد تركيز الدهن الكلي في أوراق نبات الصنوبر في الشتاء.
تتضمن الآليات المقاومة الأخرى - على الأغلب – آليات لمنع تكوّن البلورات الثلجية الداخلية عن طريق الحد من تجمد العناصر بين الخلوية أو آليات حيوية لتحمل الجفاف. تُنتِج أوراق نبات الجودار Secale cereal مثلاً -خلال التأقلم للبرودة- بروتينات مضادة للتجمدantifreezing proteins في منطقة الجُدُر الخلوية، حيث تتفاعل مع الثلج وتقلل أذى التجمد عن طريق بطء النمو وإعادة تبلور الثلج؛ ولكن من دون نشاط واقٍ خاص من البرد، وتشترك -على المستوى الجزيئي- الاستجابة للبرودة بالعناصر الرئيسة مع الاستجابة للجفاف.
يتنوع المحتوى الكربوهدراتي للنسج بحسب حالة التقسية؛ إذ يتناقص النشاء ويزداد محتوى السكروز المنحل في نسج النباتات الخشبية المعمرة، وترتبط قليلات السكاريد oligosaccharides - مثل الرافينوزraffinose والستاكيوز stachyose - بالتقسية بالبرودة ودرجة الحرارة المنخفضة والكُمون، ويحفز السكّروز التقسية بالبرودة وتحمُّل التجفيف desiccation لبراعم النباتات الخشبية. تقوم النباتات الخشبية بتجميع المواد المنحلة الأخرى إضافة إلى الكربوهدرات - مثل البرولين proline أو حمض الغلوتاميك glutamic acid - عندما تتعرض لدرجات الحرارة المنخفضة أو خلال التقسية الطبيعية، وتحافظ هذه المواد على الضغط الانتباجي للخلية التي تتعرض للجفاف، وقد يكون لها دور في حماية الجزيئات الكبيرة.
تؤدي تغيرات مركبات الجدار الخلوي أحياناً دوراً أساسياً في منع تشكل الجليد، ويقلل ترسب البكتين pectin من حجم الفراغات الشعرية في الجدار الخلوي، ما يؤدي إلى نشوء جهد مائي أكثر سلبية، كما ويغلق البكتين النُقَر بين الخشب وبرنشيم الخشب بما يضمن بقاء الماء داخل الخلايا. يُستبعد تشكل البكتين إنزيمياً في الربيع، متزامناً مع نقصان القدرة على مقاومة البرودة الزائدة.
تُفضي درجة الحرارة المنخفضة أيضاً إلى الإجهاد التأكسدي oxidative stress عن طريق تكوين أنواع الأكسجين النشيط؛ مما يؤدي إلى ازدياد نشاط الإنزيمات المضادة للتأكسد مثل أسقربوط بيروكسيداز ascorbate peroxidase وغلوتاتيون ريدوكتاز glutathione Reductase وسوبرأكسيد ديسميوتاز superoxide dismutase التي تأخذ دور "كنس" الجذور الحرة free radicals الضارة. وتؤدي المركبات المضادة للتأكسد antioxidants في أثناء التقسية دوراً مهماً في الشفاء من الأذية الناجمة عن التجميد.
تسبب عمليات التكَّيف مع درجات الحرارة المنخفضة أيضاً تغيرات في وظيفة الجينات (المورثات) والبروتينات، وقد يتضمن التكيف تعديلاً لبروتينات كانت موجودة مسبقاً؛ وتنظيمَ التعبير الجيني زيادةً أو انخفاضاً في تركيب البروتينات. ولوحظ تعبيرٌ جيني جديدٌ وتركيبٌ للبروتينات خلال التكيف للبرودة. واقتُرِح أن البرودة تحرض النشاط الجيني الذي يساعد على التعديلات الاستقلابية للنبات تجاه درجة الحرارة المنخفضة أو تهيئة النسج النباتية لتحمل التجمد. تسهم الجينات المحفِّزة بإجهاد البرودة في نقل إشارة الاستجابة للإجهاد؛ وقد عُرِفَت عدة بروتينات وجينات مُحفِّزة بإجهاد البرودة في عدد من الأنواع النباتية، منها البروتينات الجدارية apoproteins ذات النشاط المضاد للتجميد، والبروتينات الواقية من البرد cryoprotective، والشابِرونات الجزيئية molecular chaperone؛ لكن لم تعرف حتى الآن وظيفة البروتينات المحرَّضة بالبرودة. يرتبط العديد من الجينات والبروتينات ذات العلاقة بالتقسية في النباتات الخشبية بحالات كمون النبات.
تُقسم البروتينات المُحفَّزة بالبرودة في النباتات الخشبية المعمرة عامة إلى مجموعتين:
1- بروتينات تحمل التجفيف desiccation tolerance proteins: تتضمن الديهدرينات dehydrins وهي مجموعة من البروتينات المتعلقة بالتجفيف، ترمِّزها جينات مميزة اكتشفت في البذور النامية، وصُنِّفت بأنها بروتينات إضافية متأخرة في التشكل الجنيني Late Embryogenesis Abundant (LEA)، وهي تُصنَّف في مجموعات اعتماداً على تتالي حموض أمينية معينة، وتتمركز الديهدرينات في السيتوبلاسما أو النواة بحسب نمط الخلية.
تبين مؤخراً وجود بروتينات شبيهة بالديهدرينات في أجسام التخزين البروتينية والصانعات النشوية amyloplasts لنبات البتولا Betula pubescene، وصانعات قلف نبات الأجاص Prunus persica المقساة بالبرودة، كما تبين وجود بعضها (محرضاتٍ للتقسية) في المتقدرات (الميتوكوندريا) mitochondria.
2- بروتينات التخزين storage proteins: تؤدي دور المادة المخزنة للآزوت خلال فترة الشتاء، وتسمى في النسج غير البذرة بروتينات التخزين الخضريةVegetative Storage Proteins (VSP) ، أو بروتينات القلف التخزينية (BSP) Bark Storage Proteins، وتزداد عادة في قلف النبات وخَشَبِه خلال سكون الأشجار ولاسيما النفضية والمخروطيات في الخريف، وتستعمل خلال النمو الجديد الذي يُستأنف في الربيع.
أظهرت نباتات المناطق الباردة حاجتها إلى البرودة أي التربيع vernelization قبل أن تبدأ عملية الإزهار فيها، فتتعرض لبرودة الشتاء ويتوقف إزهارها المبكر في الخريف، حيث يتأذى الإزهار وتشكل الثمار بفعل صقيع الشتاء، في حين لا تُزهر النباتات التي تحتاج إلى البرودة عندما تنمو في مناخ معتدل. وتختلف متطلبات البرودة بين النباتات، فنبات البنج Hyscymus ثنائي الحول يتطلب المعاملة بالبرودة على نحو مُطلق، وتتطلب نباتات أخرى البرودة من أجل تسريع الإزهار فقط، فحاجة الجودار الشتوي مثلاً إلى البرودة ليست مطلقة، لكن تربيعه يؤدي إلى إزهار الأصناف الشتوية مثلما تتطلبه الأصناف الربيعية، ويعد نبات الجودار والبنج من نباتات النهار الطويل؛ لكن نباتات النهار القصير تتطلب أيضاً البرودة. وتكون درجة الحرارة الأكثر فاعلية هي 6 ْس أو قريبة منها، وتختلف مدة التعرض لها بحسب الأنواع النباتية, من 4 أيام إلى 3 أشهر. تُتبع عملية التربيع بالتعريض لحرارة أعلى مباشرة، تبلغ درجة الحرارة الحيادية أو المعتدلة نحو 20 ْس في نبات البنج.
يكون موقع التحسس للبرودة في القمة النامية للساق؛ والتي يجب أن تصل إلى مرحلة بلوغ معين كي تصبح فاعلة أو قابلة للتأثر بها؛ مثل البنج الأسود H. niger ثنائي الحول، في حين يكون موقع التحسس في الأنواع الأخرى - مثل الحبوب الشتوية - في جنين البذرة غير الناضجة أو البذرة الناضجة الرطبة.
تؤيد النظريات الحديثة في التربيع حدوث انقسامات خيطية نشيطة مكان استقبال البرودة؛ وتشير النتائج التجريبية على نباتي Lunaria annua و Thlaspa arvenseإلى أن عدم تعريض القطع الورقية المسبق للبرودة يؤدي إلى استمرار النمو الخضري فيه، كما يؤدي التعرض المسبق للبرودة إلى النمو التكاثري. تحوي القطع الورقية خلايا انقسامية، ولا تحوي قمماً نامية خلال المعاملة، لذلك تم افتراض أن المعاملة بالبرودة تعتمد على نزع زمرة المتيل demethylation من الدنا في خلايا الانقسام الخيطي.
وقد ثبت ضرورة تنشيط الجين (أو الجينات) لعملية الإزهار بناءً على عدد من البراهين:
1- يُسبب تعريضُ الخلايا المنقسمة للبرودة في أثناء التربيع نزعَ زمرة المتيل من جزيء الدنا، حيث تنتقل عملية نزع المتيل إلى خلايا البنات التي تعمل كخلايا ذاكرة للمعالجة المسبقة بالبرودة، وتسمى هذه العملية بالاصطناع الوراثي epigeneticsما لم يتغير تتالي النكليوتيدات في الدنا.
2- معاملة النباتات التي لا تقبل التربيع بمضادات المَتْيلة، مثل 5- آزاسيتيدين 5- Azacytidine (مضاد للأورام)، حيث يؤدي ذلك إلى الإزهار المبكر.
3- التحوير الوراثي transgenic أو الطفرات mutation، حيث تُزهر النباتات الطافرة ذات إنزيم المتيلة الداخلي منخفض النشاط باكراً من دون الحاجة إلى التربيع.
افترضت الدراسات المبكرة وجود مواد كيميائية منتقلة تسمى الڤيرنالين vernalin، لكنها لم تُعزل، لذا لم تلقَ الاهتمام، في حين بقيت النماذج المشار إليها هي الأفضل لتفسير حالات التربيع.
يتطلب العديد من بذور النباتات المعمّرة perennial التعرض للبرودة والرطوبة قبل إنتاشها أي التنضيد stratification، على خلاف بذور النباتات السنوية annuals، ويحدث ذلك في الطبيعة عندما تسقط البذور على التربة وتمر بظروف الصقيع، ولكن قد يسبب التنضيد بالبرودة موت العديد من البذور، لذلك تُنتج النباتات التي تعتمد في تكاثرها على البذور العديد منها وسيلةً لاستمرارها.
طَوَّرَ الإنسان عدداً من وسائل تنضيد البذور منها:
1- النقع بالماء البارد cold water soaking.
2- التبريد refrigeration.
3- الزراعة الخريفية fall planting.
4- البذار في أثناء الانقلاب الشتوي winter solstice sowing.
5- المعاملة الخارجية بالهواء الطلق في أثناء الشتاء outdoor treatment.
6- الزراعة الثلجية snow planting.
يحوي العديد من البذور النباتية مثبِّطات تتفكك لدى معاملتها بالبرودة؛ مما يؤدي إلى الإنتاش، فمثلاً تتميز البذور الحديثة لنبات القيقب Acer truncatum - ذي الأهمية في إنتاج الوقود الحيوي – بالكمون؛ لكن المعاملة بالبرودة تؤدي إلى رفع نسبة الإنتاش، وكذلك تُحَسِّن المعاملة بعوامل النمو - مثل الإتلين ethylene والكينتين kinetin - نسبة الإنتاش، لكن هذه النسبة لم تتأثر بالضوء وحمض الجبريليك (الجبريلين) Gibberelic Acid (GA). ازدادت نسبة الإنتاش في بذور نبات التفاح Malus domestica بتعريضها لدرجة الحرارة 5 ْس مدة 63 يوماً، ويتناقص هذا الزمن مباشرة بتعريض الجنين المستأصل للبرودة، لذلك يُعد هذا كموناً فيزيولوجياً physiological dormancy؛ لأن كسر الكمون تحقق بتعريض الجنين المستأصل من البذرة إلى البرودة, كما أظهر العنب Vitis sp. نتائج مشابهة.
تتنوع درجة الحرارة اللازمة للتنضيد والفترة الزمنية اللازمة بين الأنواع النباتية، وربما يعود ذلك إلى اختلافات داخل الأنواع، أو نقص نماذج تفاصيل تأثير درجة الحرارة والمحتوى المائي في كسر الكمون؛ إذ يرتبط كسر الكمون بعاملَي درجة الحرارة والمحتوى المائي، كما يعتمد النموذج الحسابي mathematical model. وقد أوضحت معظم النماذج أن كسر الكمون لا يزداد فقط بنسبة البذور المنتِشة ولكن بحدوث بعض المتغيرات الفيزيولوجية. يستمر الكمون في الحرارة 25 ْ س، وينكسر عند الحرارة 0 – 10 ْس، وينكسر جزئياً عند الحرارة 15 ْس.
تصبح التغيرات الشكلية محدودة نسبياً خلال المراحل النهائية لبلوغ البذور، وتصبح التغيرات الفيزيولوجية والحيوية الكيميائية واضحة؛ لا بل تحدد بقاء النبات. ويمكن كسر كمون البذرة في الظروف الطبيعية بعمليات ما بعد النضج أو التنضيد الذي يحدث متتالياً خلال حفظ البذور الجافة في حرارة عالية إلى معتدلة، وخلال تعرض البذور المتشربة لحرارة منخفضة. ويعتمد الوقت اللازم لعمليات ما بعد النضج في كسر الكمون على الأنواع النباتية؛ إذ تكون مدته عدة أسابيع في الشعير، ويصل ذلك إلى 60 شهراً في الحمّاض Rumex crispus، كما يصل إلى خمسة أشهر في جنس أرابيدوبسيس Arapidopsis ضمن ظروف التخزين الجاف.
لا يُعرف مدى استطاعة عمليات ما بعد النضج لتحرير البذور من الكمون، فقد تتضمن الآلية تعديلاً حرارياً على خصائص الأغشية الخلوية والبروتينات، أو على إمكان ارتباط المستقبلات بجزيئات ارتباطية (لَجيناً) ligands ( جزيئات تلتحم بجزيئات أخرى) مثل الفيتوكروم phytochrome، النترات وغير ذلك.
يزداد كسر كمون البذور مع زيادة وجود الماء ويقل بنقصه؛ أي بظروف الجفاف، وقد تبين أن كسر الكمون بالتبريد لا يتحفز إلا بوجود عامل أو أكثر من عوامل التحفيز -مثل الضوء أو تغيير الحرارة أو وجود النترات- الذي يجب أن يلي عملية التبريد، وهكذا فإن بذور أرابيدوبسيس المعرضة للتنضيد في الظلام فترة 4 أيام لن تنتش إلا إذا نُقِلَت إلى الضوء في الظروف القياسية.
تأثير بعض المركبات في كسر الكمون
أظهرت النترات تأثيراً إيجابياً في كسر كمون العديد من الأنواع النباتية مثل الشوفان Avena fatua والسمارة المخزنية Sisymbrium officinale ورشاد أذن الفأر Arabidopsis thaliana وغير ذلك، فقد تم كسر بذور نبات أرابيدوبسيس المزروعة على نترات البوتاسيوم. وأمكن عكس عمل الضوء والنترات بمركب tetcyclasis، وهو مركب مثبط للتركيب الحيوي لهرمون حمض الجيبرليك (GA)، وربما يشير هذا إلى اشتراك عاملين في تحرير الكمون، لكن الدراسات الأخرى أشارت إلى أن النترات أكثر فاعلية في كسر كمون البذور من حمض الجيبيريليك الخارجي؛ مما يعني أن وساطته في كسر الكمون لا تحصل مباشرة. يُعَدّ الفلوريدون fluridone من أكثر المركبات فعالية في كسر الكمون، مهما كان وقت تطبيقه في العديد من بذور الأنواع النباتية مثل التبغ Nicotiana plumbaginfolia، كما يكسر الكمون الأولي أو الكمون الضوئي photodormancy أو الكمون الحراري thermodormancy في الخس، وقد أعطى استعمال كل من حمض الجيبرليك والفلوريدين معاً تأثيراً إضافياً لكسر الكمون. تزداد فعالية المركبات التي تكسر الكمون في البذور كالآتي:
GA3 < NO-3 < GA3+ fluridone < fluridone < الزراعة في درجة حرارة 13 ْس < 4 أيام تبريد. وتبين عموماً أن أفضل الظروف المشار إليها لا يمكن أن تضاهي فاعلية كسر الكمون بعمليات ما بعد النضج البذري.
مراجع للاستزادة: - P. H. Li, Plant Cold Hardiness and Freezing Stress: Mechanisms and Crop Implications, Academic Press, 2012. - J. M. Lyons, Low Temperature Stress In Crop Plants (The Role of The Membrane), Elsevier Science, 2012. - R. Margesin, F. Schinner, Cold-Adapted Organisms: Ecology, Physiology, Enzymology and Molecular Biology, Springer Berlin Heidelberg, 2013. - P. S. Nobel, Physicochemical and Environmental Plant Physiology, Academic Press, Elsevier Inc, 2009.
|
- التصنيف : علم الحياة (البيولوجيا) - النوع : علم الحياة (البيولوجيا) - المجلد : المجلد التاسع مشاركة :