تربية الحيوان
تربيه حيوان
Animal Breeding -
تربية الحيوان
الزراعة المستدامة والأهداف التربوية
تربية الحيوان animal breeding هي علم يبحث في الطرائق الرامية إلى تحسين صفات الحيوانات الاقتصادية وراثياً وبيئياً؛ بغية تطوير إنتاجها كماً وصنفاً، ونشر التحسين المتحصل عليه على أوسع نطاق ممكن، وقد كان العرب أول من مارسه في حفظ أنساب خيولهم وتحسين صفاتها؛ ما أكسبها على مر القرون سمعة عالمية متميزة. وقد صارت أعمال التربية حديثاً في أيدي العلم والتقانة، ومن اختصاص مؤسسات كبرى وشركات متخصصة بإنتاج الحيوانات المحسَّنة، وذلك بعد أن كانت في القرون الماضية في أيدي مربين ذوي خبرة بهذا الموضوع. استعمل المربون الجدد التقانات الحيوية biotechnologies والتناسلية الحديثة مثل الواسمات الوراثية genetic markers وتجنيس النطاف والأجنة وحفظها والاعتماد المتزايد على تقانات الوراثة الجزيئية المتقدمة والاستنساخ، وكذلك استعمال الطرائق الإحصائية المتقدمة والحواسيب المعقدة المتطورة وتقانات المعلومات وغيرها، واستعمل التلقيح الصنعي منذ منتصف القرن العشرين ومايزال على أوسع نطاق لنشر التحسين المتحصَّل عليه عبر المحيطات؛ ما أدى إلى تطور طرائق التحسين الحيواني على نحو كبير.
ومن جهة أخرى فقد وضعت الطرائق التربوية والتناسلية الحديثة المربين أمام الحاجة الدائمة إلى تحديد التوازن المناسب بين ما هو ممكن تقنياً وما هو مقبول من صانعي القرار ودراسته؛ وصولاً إلى صغار المربِّين وكذلك المستهلكين، الذين سيحتاجون إلى تحديد أفضل التقانات المناسبة لهم ضمن الظروف والمنظومات الفنية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والغذائية والبيئية والتنافسية المرتبطة بطرائق التحسين والإنتاج.
تتماثل القوانين الوراثية وآليات التناسل وفيزيولوجيته في كل من الحيوانات المُدَجَّنة وأسلافها البرية، وإن مما أنتجه التدجين (الاستئناس) domestication خلال آلاف السنين هو زيادة في تربية الأقارب inbreeding وتربية الأباعد outbreeding والتزاوج بحسب المظهر الفردي assortative mating، واكتشاف القوانين الوراثية وتحسين أساليب الرعاية وحديثاً تحديد الجينوم genome واستعمال عدد من التقانات الحيوية في تربية الحيوان. وقد ساعدت التغيرات البيئية العديدة التي رافقت عمليات التدجين على مدى العصور على إظهار كثير من الاختلافات الوراثية بين الأفراد والمجموعات على نحو أكثر وضوحاً عما كانت عليه في الأسلاف البرية، ومن ثم إمكانات التعرف الواضح والدقيق إليها واصطفائها للتزاوج بغية إنتاج أنسال محسَّنة منها.
التباين variation هو الفروق أو الاختلافات بين الكائنات الحية، وهو المادة الخام التي يعتمد المربون عليها في أعمال انتقاء أفضل الحيوانات ومن ثم تزاوجها للحصول على أنسال محسَّنة منها.
- يأتي التباين الوراثي genetic variance في مقدمة أنواع التباين من حيث الأهمية، وينجم عن الفروق بين جينات الأفراد وآثارها، ولا توجد أفراد متماثلة وراثياً مهما كانت درجة القرابة فيما بينها، وذلك باستثناء واحد فقط، هو التوائم المتطابقة (المتماثلة) identical twins، وكذلك لا يعيش أي حيوانين منذ بداية حياتيهما حتى نهايتيهما ضمن ظروف طبيعية متماثلة تماماً.
- يضاف إليه التباين البيئي environmental variation الذي يشير إلى الاختلافات بين البيئات التي تعيش الحيوانات ضمن تأثيرها، وهي بيئات خارجية وأخرى داخلية، يُعرف بعضها، ولا يُعرف بعضها الآخر.
-
والقسم الثالث من مصادر التباين
هو التآثر بين الوراثة والبيئة
genetic-environmental
interaction،
وهو مصدر متغير يُشارك المصدرين الآخرين في تحديد مظاهر الصفات، ولا ينجم
عن أي منهما وحده.
إن شجرة النسب pedigree لا تعني إطلاقاً هوية وراثية واحدة، وهذا الأمر مرتبط بجينات الأفراد المتزاوجة. ولتوضيح ذلك، يُفترض حدوث تزاوجات بين أفراد مختلفين لـ 16 شفعاً من الجينات، ونتائج ذلك مبين في الجدول (1):
الجدول (1) الطابع الوراثي للأب
AABbccDdeeFfGGHhIiJjKKllMMNnooPp
الطابع الوراثي للأم
AABbCcDDeeffGgHhiiJjKkLLmmNNOoPp
الطابع الوراثي في المجموع
AaBbCcDdEeFfGgHhIiJjKkLlMmNnOoPp
أنواع الإخوة الأشقاء
1x3x2x2x1x2x2x3x2x3x2x1x1x2x2x3
أنواع الإخوة غير الأشقاء (من الأب)
2x3x2x3x2x3x2x3x3x3x2x2x2x3x2x3
تزاوج عشوائي
3x3x3x3x3x3x3x3x3x3x3x3x3x3x3xx3
يُلاحظ من هذا المثال أن عدد أنواع الطوابع الوراثية للإخوة الأشقاء ينوف على 20 ألفاً؛ مما يؤكد استحالة كون أي أخوين شقيقين متطابقين وراثياً؛ ولاسيما أن الحيوان يمتلك آلافاً مؤلفة من الجينات؛ وليس 16 شفعاً فحسب.
يتوفر للمربِّي عدد قليل من الخيارات لتغيير التراكيب الوراثية لحيواناته، فهو يمتلك القدرة غالباً على انتقاء الحيوانات التي ستنتج نسلاً جيداً، في حين يمنع الفرصة على مظاهر أفراد أخرى؛ كلياً أو جزئياً، وهذا هو الاصطفاء الذي نفَّذه كثير من المربين منذ القدم، ويمكن أن يعتمد المربِّي لتنفيذه على مظاهر الأفراد ذاتهم، أو على أنسابهم، أو على نسلهم، أو على خليط منها، ويستعين بعدد من الوسائل؛ ليكون حكمه على الحيوانات المنتقاة دقيقاً ما أمكن، ومن ثم تُزاوَج الحيوانات المنتقاة بإحدى طرائق التربية الثلاث، والتي يوضحها المخطط (1):
المخطط (1) ازدادت تربية الأقارب (التربية الداخلية) في الحيوانات المُدَجَّنة؛ لأنها كانت "محصورة" في مناطق متقاربة لتنمو وتتكاثر فيها، ومن ثم فإن حيوانات قرية ستصبح أكثر قرابة؛ بعضها من بعض. ومع مرور الزمن تفهَّم المربون أخطار تربية الأقارب الشديدة، وصاروا يتجنبونها تدريجياً، ولم تكن أنساب الحيوانات معروفة سوى لجيل أو جيلين، عدا الخيول العراب التي كان العرب يفاخرون بها ويحفظون أنسابها، فساعد ذلك على الخلاص من تربية الأقارب الشديدة عند الحيوانات. وقد أدى كل ذلك إلى احتياج تثبيت قدر معيّن من التماثل الوراثي إلى زمن طويل، وساعد ذلك أعمال الاصطفاء selection لاستبعاد الحيوانات الرديئة أو التي لا تتفق مع أهداف المربين، وعلى الرغم من العقبات الكبيرة التي كانت سائدة بين القبائل والمجموعات؛ فإن بعض التبادل الوراثي كان يحدث مسبباً تبادل الجينات، وازدادت شدة هذا التبادل بازدياد قرب القبائل وحيواناتها بعضها من بعض، وكان كثير من الحيوانات المتبادلة ناتجاً من مبادلات سابقة، وأكثر قرابة من الحيوانات التي انتقلت للعيش معها؛ عما لو كانت منتقاة عشوائياً من النوع بأكمله. وبديهي أن شدة تربية الأقارب اختلفت كثيراً من منطقة إلى أخرى بحسب العادات القبلية وأماكن عيشها والمعوقات الجغرافية التي حدَّت من انتشارها. وازدادت شدة تربية الأقارب في مناطق معيّنة بسبب الحد من تنقلات البشر وحيواناتهم، ونقص أعداد ذكور التلقيح، فأدى ذلك إلى ظهور سلالات مختلفة من الحيوانات المُدَجَّنة.
من جهة أخرى، نجمت زيادة تربية الأباعد (التربية الخارجية) عن أعمال التدجين، وتجلى ذلك أساساً بازدياد أعداد ذكور التلقيح وانتقالها من منطقة إلى أخرى، وقد نقل المهاجرون من بلادهم بعض حيواناتهم معهم، ونقل الصليبيون عدداً من الخيول العربية إلى أوربا، وكذلك فعل كثير من المحاربين القدامى بنقل حيوانات من بلادهم معهم. وتُنقل الحيوانات حالياً إلى أقطار بعيدة عن المناطق التي نشأت فيها. أو تُنقل قشات straws سوائلها المنوية أو أجنتها المجمَّدة لتحسين بعض الحيوانات في بلدان أخرى. وقد استعْمِل الخلط الوراثي (التهجين) crossbreeding بين بعض عروق الماشية الأوربية الأصل في أمريكا والزيبو Zebu الهندية لإنتاج عروق جديدة من أبقار اللحم قادرة على تحمل الأحوال القاسية من حرارة وبرودة وحشرات وغيرها في المناطق الجنوبية الحارة من الولايات المتحدة الأمريكية وفي بلدان عديدة أخرى؛ وعلى التكاثر والإنتاج الجيد -كماً وصنفاً- فيها.
تفيد برامج تربية الأقارب المعتدلة والتي تتخللها تربية الأباعد - بحسب الحاجة إليها - في إنتاج عائلات حيوانية ذات صفات شكلية وإنتاجية جيدة، وإن مجموعاً حيوانياً أُنتج بهذه الطريقة هو أفضل للعيش والتكاثر والإنتاج من مجموع آخر تم اصطفاء آبائه عشوائياً، ويكون الاصطفاء بين أفراده أفضل وأسهل. ويعني الاصطفاء فروقاً في المعدلات التناسلية والصفات الإنتاجية والاقتصادية الأخرى ضمن مجموع حيواني؛ ذلك لأن الحيوانات المنتقاة تمتلك جينات أفضل وأكثر انتشاراً من جينات الحيوانات الأخرى، والاصطفاء السائد منذ عدة قرون هو الاصطفاء الصنعي، وقد قلت أهمية الاصطفاء الطبيعي؛ لكنه لم يتوقف نهائياً، ومن ثم فإن آثاره تكاد تكون معدومة بسبب بطئه الشديد وانخفاض معدلات حدوثه.
يجب أن تتضمن برامج التحسين الحيواني أموراً مهمة لضمان نجاحها، من أهمها ما يأتي:
1- تحديد الصفة أو الصفات المراد تحسينها على نحو واضح، وهذا هو هدف التربية، وتحديد استراتيجية التربية المناسبة لتحقيقه (مثلاً: التربية الأصيلة أو الخلط الوراثي). ومن جهة أخرى يجب أن يتوفر قدر كافٍ من التباين في الحيوانات المختبرة لضمان الحصول على التحسين المرغوب؛ وأن يكون جزء منه على الأقل تبايناً وراثياً.
2- تحديد الصفات التي سيتم قياسها لانتقاء الحيوانات التي تمتلكها أو استبعادها، وهذا ما يدعى المعايير الاصطفائية، ويمكن أن تكون هذه المعايير مماثلة للهدف؛ وفي حالات أخرى قد يحتاج المربي إلى استعمال قياسات غير مباشرة، مثلاً عندما لا يمكن قياس الصفة المدروسة سوى في جنس واحد أو بعد ذبح الحيوان الذي يمتلكها.
3- رسم برنامج التربية (مثلاً: تحديد أعداد الذكور والإناث التي سيتم انتقاؤها سنوياً، أو العمر عند إجراء القياس أو عند التلقيح، وغيرها)، وهل ستكون هنالك حاجة إلى استعمال تقنيات تناسلية مثل التلقيح الصنعي ونقل الأجنة.
4- تنفيذ البرنامج بدقة، أي إجراء القياسات والتسجيل في مواعيدها، وتقويم الحيوانات وتلقيح المنتقى منها معاً.
5- مراقبة التقدم الناتج أو إعادة تصميم البرنامج كلياً أو جزئياً في حال الضرورة.
يتطلب الاصطفـاء الموضوعـي تسـجيل البيانات المحددة من كل من الحيوانات المدروسة وأقاربها؛ ليصار إلى استخدامها بوساطة طرائق التقويم الحديثة. ويرتبط نجاح أي برنامج تربوي -قبل أي شيء آخر- بالقدرة على تعرّف الحيوانات الممتلكة للجينات المرغوبة الجيدة، ما يحتِّم كون الطرائق والوسائل المستخدمة لتقويمها متقدمة وبالغة الدقة؛ لأن أي خطأ في هذا الصدد سيؤدي إلى نتائج سيئة واسعة الانتشار.
يجري تحويل القياسات الإنتاجية المظهرية (مثل إنتاج اللبن والصوف واللحم وغيرها) إلى ما يدعى القيم التربوية المقدَّرة (أو المخمَّنة) Estimated Breeding Values (EBVs)؛ ليكون الحكم على الحيوانات الممتلكة لها دقيقاً. ومن المعلوم أن الاعتماد على القيم المظهرية قد يعطي نتائج جيدة في حال كون نسبة الاختلافات الوراثية heritabilities (h2) مرتفعة، وهذا غير متوفر في معظم الصفات الإنتاجية والتناسلية بسبب تأثرها بالعوامل البيئية التي تحيط بها. ومن ثم لا بد من الاهتمام بكل من الوراثة والبيئة معاً؛ وليس بأحدهما فحسب. وقد اختبرت طرائق كثيرة لتنفيذ ذلك كان من أفضلها وأدقها ما يعرف حالياً باسم التخمين العشوائي الخطي غير المنحاز Best Linear Unbiased Prediction (BLUP) لتحديد القيم التربوية الفضلى. ويستخدم هذا الاختبار جميع البيانات المتوفرة عن مظاهر الحيوانات المختبرة وأنسابها وأسلافها وأقاربها الجانبية، إلى جانب المقارنة مع حيوانات قطعان مختلفة وفق شروط معيّنة.
في معظم البلدان لا يُترك موضوع تسجيل المعطيات للمربي، بل يقوم به موظف من هيئات وطنية مثل جمعية تحسين قطعان اللبن Dairy Herd Improvement Association (DHIA) في الولايات المتحدة الأمريكية التي يشترك المربي فيها لقاء رسوم معقولة، فيقوم بزيارة المزرعة وفي أوقات محددة؛ ليسجل إنتاج كل من الأبقار المدروسة ويأخذ عينات من ألبانها للفحص المخبري (نسبتا الدسم والبروتين وغيرهما) والنظام الغذائي والصحي المتبعين في المزرعة، ومن ثم تحليل النتائج إلكترونياً وإرسالها إلى المربين المشتركين في المشروع. ولهذه الطريقة فوائد معيّنة، هي:
1- تسجيل البيانات المحددة في أوقات منظمة.
2- التأكد من وقوع البيانات في مجالات معيّنة تضمن عدم حدوث غش فيها.
3- توفر لهيئات التسجيل وسائل متقدمة لتخزين البيانات وتحليلها وتقويمها؛ ما لا يتوفر لدى المربي العادي.
4- تمكن من مقارنة البيانات ببيانات العرق أو ببيانات حيوانات مربين آخرين.
5- توفر للمربي أثماناً أفضل عند بيع حيواناتهم لتوفر الثقة بدقة البيانات المستقاة عنها.
تتحكم جينات كثيرة ذات تباين متصل continuous variation في مظاهر الصفات الاقتصادية في حيوانات المزرعة، ومن ثم يتوقف مقدار التحسين الناجم عن برنامج التربية على عدة عوامل، من أهمها ما يأتي:
1- شدة الانتخاب selection intensity: الفرق الانتخابي selection differential هو الفرق؛ بين متوسط إنتاج الحيوانات المنتقاة ومتوسط إنتاج القطيع الذي انتقيت منه، وكلما ازداد هذا الفرق فإن التقدم المتحصل عليه يكون أكبر، ويزداد الفرق الانتخابي مع انخفاض عدد الحيوانات المنتقاة للتربية؛ لأن ذلك يعني عادة انتقاء أفضل الحيوانات واستبعاد الحيوانات الرديئة.
2- التباين الوراثي المضاف additive genetic variation: يزداد الفرق الانتخابي مع زيادة التباين الوراثي -وخاصة المُضاف منه- للصفات الاقتصادية المدروسة، فمثلاً يزداد هذا التباين في دراسات كمية لبن الأبقار في حين يقل في تلك الخاصة بتركيز البروتين فيه. وبديهي أنه لن يكون هنالك أي تقدم مهم من برنامج التربية إذا كان التباين المذكور منخفضاً.
3- فترة الجيل generation interval: وهي المدة الزمنية الفاصلة بين مرحلتين متماثلتين من حياة الحيوان في الأجيال المتتابعة، ويقدِّرها كثير من المربين بمتوسط عمر الآباء عند ولادة أبنائهم الذين سيُدخلون في برنامج التربية. وهذا المعيار مؤشر على سرعة مساهمة الحيوانات المنتقاة بتوفير جيناتها المحسَّنة إلى نسلها.
4- الدقة accuracy: ويقصد بذلك الدقة التي تم تقدير القيم التربوية breeding values للحيوانات بوساطتها، وتتطلب توفير قدر كبير من البيانات الصحيحة والخاصة بالحيوانات وأقاربها واستعمالها جميعها في التحاليل الإحصائية. وتزداد دقة النتائج في حال الصفات المتأثرة بالجينات على نحو يفوق تأثرها بالعوامل البيئية.
5- اتساق أعمال التربية: إن عدم اتساق أعمال التربية أو ثباتها يمكن أن يؤدي إلى إخفاقها. وقد ينخدع المربي ببعض الأفكار التي تبدو جذابة في حينها؛ ولكنها عديمة الأهمية على المدى البعيد، فيقومون بتغيير أهداف التربية؛ ليكتشفوا لاحقاً أنهم كانوا على خطأ أثر تأثيراً سيئاً في سير برامجهم الاصطفائية والتربوية، وعلى هذا ينبغي أن يكون المربون قادرين على تحديد أهدافهم وتقويم حيواناتهم تقويماً دقيقاً والثبات في تنفيذ برامجهم الاصطفائية والتربوية، وعدم إحداث أي تغيير فيها ما لم يكن هنالك داعٍ سليم لذلك مثل تغيرات الأسواق ومتطلباتها أو اكتشاف معلومات جديدة يفيد الاهتمام بها في تحسين العمل.
6- سهولة البرامج التناسلية والتربوية: تؤدي سهولة هذه البرامج إلى حسن سير العمل في تنفيذها، لكن ذلك لا يعني أن تكون برامج ضعيفة يصعب الحصول على أي تقدم من تنفيذها. ومن المفيد في هذا الصدد تحديد عدد الصفات التي تتضمنها البرامج على نحو مناسب وبحيث تقتصر على الصفات المهمة دون سواها؛ علماً بأن البرامج المعقدة تكون صعبة التنفيذ، وتحتاج إلى إمكانات كبيرة قد لا يسهل توفيرها والمحافظة عليها.
7- الصبر: يعد الفصل الجيني gene segregation عمل عشوائي إلى حد كبير؛ لكنه قد يعطي فرصاً جيدة في تكوين حيوانات ممتازة الصفات التي يسعى المربون إلى الحصول عليها. وعلى هذا فإن مشاريع تربية الحيوان طويلة الأمد تحتاج إلى وقت طويل لتحقيق أهدافها، ولا بد للقائمين على تنفيذها من التحلي بالصبر والقدرة على انتظار نتائجها التي ستكون مثمرة ومفيدة.
الزراعة المستدامة والأهداف التربوية
احتـل مصطلـح الـزراعة المســتدامة sustainable agriculture اهتماماً متزايداً منذ الربع الأخير من القرن العشرين، ويبني بعض المهتمين بهذا الموضوع تعريف الاستدامة sustainability على فلسفة كلية، هي مجموعة من القيم والمبادئ، تضم مجموعة أو مجموعات من الممارسات، وعندما يرغب المرء في وضع تعريف حديث لتربية الحيوان؛ فإنه يجب عليه أن يضيف حيوانات المزرعة كجزء أساس متكامل من المنظومات الإنتاجية المستدامة؛ وليس كموضوع منفصل عنها.
اقترح بعض الباحثين أن المنظومات الزراعية الحيوانية المستدامة؛ تتكون من تآثر أمور مهمة:
- ما يرغب مربو الجيل الحالي في الحصول عليه لذاتهم وللأجيال القادمة.
- ما هو ممكن تحقيقه حيوياً (بيولوجياً) وفيزيائياً على المدى الطويل.
-
الحفاظ على إنتاج كميات متزايدة
من الغذاء الحيواني المصدر والألياف لمدة غير محدودة من الأراضي المتوفرة
ضمن منظومات زراعية مستدامة.
واتجه آخرون إلى دراسة مختلف المعايير المستعملة لوصف الإنتاج الحيواني المستدام، وطرائق التربية المؤدية إلى تحسينه، والاهتمام بدراسة العوامل البيئية والاقتصادية والأخلاقية وأمور التنوع الحيوي biodiversity. وصارت الفكرة السائدة الآن هي أن الاستدامة يجب أن تأخذ التنوع الحيوي والعوامل الوراثية والبيئية وتآثراتها والاقتصادية (العاجلة والآجلة) والأخلاقية والاجتماعية في الحسبان؛ وبحيث يستمر الاهتمام بما يأتي:
1- كفاية الموارد: ويطلب ذلك الاستعمال الجيد والكفؤ للموارد غير المتجددة، والاستبدال بها ما أمكن موارد محلية متجددة.
2- الربحية: تحقيق الكفاية الاقتصادية والربحية الممكنتين على المدى العاجل والآجل.
3- الإنتاجية: تحسين إنتاجية جميع الموارد الأساسية بدلاً من إتلافها في ممارسات رديئة أو هادفة إلى تحقيق أرباح عاجلة من دون الاهتمام بآثارها الضارة.
4- البيئة: الاهتمام بأمور البيئة والإقلال من الممارسات الضارة بها وبالمربين.
5- النمو الاجتماعي: تنفيذ منظومات رامية إلى تشجيع تكوين مزارع مناسبة، جيدة الإعداد والتنفيذ، وذات إدارة حكيمة، تساهم في تطوير النشاط الاجتماعي في منطقتها.
6- توفير أفضل الظروف التي تحتاج إليها الأجيال القادمة واستقصاء البدائل الممكنة للتحديات الغذائية والمعيشية.
أسامة عارف العوا
مراجــع للاستزادة:
-23rd Association for The Advancement of Animal Breeding and Genetics Conference.. Australia, ASSN for ADV of Animal BR, 2019.
-B. G. Brackett, New Technologies in Animal Breeding. United Kingdom, Elsevier Science, 2012.
- R. Bourdon, Understanding Animal Breeding, Pearson, 2013.
- J. Holland, et al. Genetic Data Analysis for Plant and Animal Breeding. Germany, Springer International Publishing, 2017.
- J. Turner, Animal Breeding, Welfare and Society, Routledge, 2010.
- التصنيف : العلوم والتقانات الزراعية والغذائية - النوع : العلوم والتقانات الزراعية والغذائية - المجلد : المجلد السابع مشاركة :