تربه (تميع)
Soil liquefaction -

 التربة

التربة (تميع-)

تميع الغضار نسبة الإجهاد الدوري المقاوم للتميع
العوامل المؤثرة في تميع التربة معامل الأمان ضد التميع
دراسة ظاهرة التميع  طرائق التخفيف من التميع
نسبة الإجهاد الدوري المطبق من تأثير الزلزال   
 

تميع التربة soil liquefaction هو إحدى الظواهر التي تنشأ من الهزات الأرضية، حيث تفقد التربة المفككة والمغمورة بالماء مقاومتها كاملة بسبب زيادة الضغط المسامي تحت تأثير الأحمال الديناميكية وانخفاض الإجهادات الفعالة، لتتحرك كجسم مائع، يرافقه انهيارات مختلفة الأشكال، وتغوص فيه بعض المنشآت، وتطفو أخرى.

فالتميع ظاهرة تفقد خلالها كتلة التربة جزءاً كبيراً من مقاومتها القص بتأثير الأحمال الديناميكية أو الهزات الأرضية، فتتحول من الحالة الصلبة إلى المائعة؛ نتيجة زيادة الضغط المسامي وانخفاض الإجهادات الفعالة.

وأول من أدخل مصطلح التميع هو العالم الفنلندي آرثر كازاغراند Casagrande Arther. ولا بد لفهم تميع التربة من معرفة نوعية التربة وشروط توضعها قبل حدوث الهزات الأرضية. فالتربة المفككة والمخلخلة المغمورة بالماء يعاد توزع حبيباتها خلال الزلازل تحت تأثير الإجهادات الناجمة عن انتشار الأمواج القاصة، فتتكثف مع انخفاض حجم الفراغات فيها؛ مما يدفع الماء إلى الخروج والحركة. ولأن الهزات الأرضية تخمد سريعاً؛ فإنها تُخضع التربة لحالة تحميل من دون تصريف المياه، أي لن يكون هناك إمكان لتصريف الماء مع استمرار دورات قوى القص المتعاكسة في التربة المشبعة؛ مما يزيد في قيمة الضغط المسامي زيادة كبيرة، يرافقه نقص في الإجهادات الفعالة، ومن ثم تنخفض مقاومة التربة للقص مع حدوث تشوه كبير في التربة. وإن زيادة الإجهاد المسامي ونقص الإجهاد الفعال -الذي يصل إلى الصفر- يجعلان التربة تنهار وتبدأ حركتها كمادة مائعة، وهو ما يعرف بتميع التربة.

ثمة عاملان أساسيان يتحكمان في طول المدة التي تتميع فيها التربة: الأول مدة الاهتزاز خلال الزلزلة، والثاني شرط تصريف الماء في التربة. فكلما كان تطبيق إجهادات القص الدورية الناتجة من الهزة الأرضية أكبر كان استمرار تميع التربة أكثر. وإذا كانت التربة المتميعة محصورة بين طبقتين من الغضار تستمر الزيادة في الضغط المسامي مدة أكبر قبل أن يتبدد.

ليس ثمة حتى اليوم تعريف أو نظام تصنيف للتميع يتناول آليات الانهيار المحتملة كافة، فالتميع يُحدث انهيارات وأضراراً يمكن تلخيصها بالآتي:

قد يحدث التميع هبوطاً في سطح الأرض مع أضرار محدودة نسبياً (الشكل1)، أو يحدث هبوطاً ترافقه مع آليات انهيار أخرى، فتفقد المنشآت توازنها (الشكل2). كذلك قد تتحرك التربة المتميعة ضمن قنوات ومسارات في الطبقة التي تعلو طبقة التميع لتصل أحياناً إلى سطح الأرض، حيث تعرف هذه الظاهرة بثوران الرمل، كما أن تميع التربة عند مستوٍ معيّن في العمق يؤدي إلى حركة كتل سليمة؛ مما يسبب تذبذباً في سطح الأرض.

الشكل (1) أضرار طفيفة.

الشكل (2) انقلاب المباني.

يؤدي فقدان قدرة تحمل التربة بسبب التميع إلى انهيار الأساسات؛ مما يجعل الكثير من المنشآت تغوص وتنهار(الشكل3)، كما يمكن أن تطفو الخزانات والأنابيب المدفونة على السطح (الشكل4)، وقد يؤدي التميع إلى تحرك الجدران الاستنادية وركائز الجسور وانهيارها نتيجة زيادة الضغط الجانبي (الشكل5)؛ وإلى حدوث انهيارات وانزلاقات أرضية في السفوح والمنحدرات (الشكل 6).

الشكل (3) المبنى يغوص.

الشكل (4) طفو أنابيب المجاري.

الشكل (5) حركة الجدران الاستنادية وانهيارها نتيجة لزيادة الضغط الجانبي.

الشكل (6) انهيارات وانزلاقات أرضية على المنحدرات.

تميع الغضار

الغضار الطبيعي غير قابل للتميع، ولكن الدراسات والتجارب وتقارير الزلازل التي حدثت في الصين تبين أن هناك نوعاً محدّداً من الغضار قابلاً للتميع عند حدوث الهزات الأرضية؛ إذا تحققت الشروط التالية كاملة:

1– إذا كانت نسبة جزيئات التربة الناعمة -التي لا يزيد مقاسها على 0.005 مم- أقل من %15.

2- إذا كان حد الميوعة أقل من %35.

3- إذا كان المحتوى المائي (الرطوبة) أقل من %90 من حد السيولة.

العوامل المؤثرة في تميع التربة

هناك الكثير من العوامل التي تؤثر في تميع التربة، أهمها:

1- قدر الزلزال ومدة حدوثه: يزداد احتمال حدوث التميع مع ازدياد قدر الزلزال ومدته. وتبين الدراسات والتقارير أن الزلازل التي يقل قدرها عن 5 ريختر ويقل التسارع الأعظمي لحركة الأرض عن 0.1 م/ثا2 لا تُحدث تميعاً في التربة.

2- منسوب المياه الجوفية: الشرط الأساسي لحدوث التميع هو قرب منسوب المياه الجوفية من سطح الأرض، فالتربة غير المشبعة والمتوضعة فوق منسوب المياه الجوفية لا يمكن أن يحدث فيها تميع. لذلك عند دراسة التميع يجب أن يؤخذ في الحسبان أعلى منسوب تصل إليه المياه الجوفية.

3- نوعية التربة وشروط توضعها: إن التربة الرملية الناعمة والمتوسطة النعومة والتي تحتوي على مواد ناعمة (غضار) قليلة اللدونة هي أكثر عرضة للتميع، كما أن التميع قد يحدث في حالات خاصة في التربة المكونة من الحصى؛ أي إن التربة المفككة والمخلخلة هي أكثر عرضة للتميع، حيث تزداد انتقالات القص ازدياداً مفاجئاً وكبيراً بخلاف التربة المتراصة.

4- شكل حبيبات التربة: إن التربة ذات الحبيبات الدائرية تكون أكثر عرضة للتميع من تلك التي ليس لها أشكال منتظمة؛ لأن الأولى تميل إلى الانتقال وإعادة التوضع توضعاً أسهل وأسرع.

5- التدرج الحبيبي: إن التدرج السيئ للتربة -ولاسيما إذا كانت غير لدنة- يعطي توزعاً غير مستقر للحبيبات؛ مما يجعلها أكثر عرضة للتميع من التربة الجيدة التدرج. فالجزيئات الصغرى في التربة الجيدة التدرج تملأ الفراغات بين الجزيئات الكبرى، وهذا ما يقلل من قيمة زيادة الضغط المسامي عند حدوث الهزات الأرضية.

6- قيمة معامل النفاذية: التربة عالية النفاذية -كالتربة الحصوية- يتبدد فيها الضغط المسامي المتزايد تبدداً سريعاً مع تصريف الماء؛ مما يخفض من احتمال حدوث التميع بخلاف التربة منخفضة النفاذية.

7- الضغط الجانبي العالي: التربة المغمورة على أعماق تزيد على حدّ معيّن تكون معرضة لضغط جانبي كبير؛ مما يخفف من احتمال حدوث التميع. وقد بينت التقارير والدراسات أن التربة التي يحدث فيها التميع تمتد إلى عمق ما بين 15-20م، لكن هذا لا يعني أبداً أن دراسة التميع لا تشمل التربة الموجودة على عمق أكبر.

دراسة ظاهرة التميع

يمكن تلخيص هذه الدراسة بالخطوات التالية :

1- تحديد قـابلية التربة للتميع في أثنـاء الهزات الأرضية.

2- تحديد نسبة الإجهاد الدوري المطبق اعتماداً على المعطيات الزلزالية وخصائص التربة في الموقع.

3- تحديد نسبة الإجهاد الدوري المقاوم للتربة التي يحدث فيها التميع بتأثير الزلزال.

4- تحديد معامل الأمان ضد التميع؛ بدراسة النسبة بين نسبة الإجهاد المقاوم إلى نسبة الإجهاد الدوري المطبق (CSR) Cyclic Stress Ratio.

نسبة الإجهاد الدوري المطبق من تأثير الزلزال

هو نسبة الإجهاد الوسطي الدوري لزلزال ما إلى قيمة الإجهاد الفعال للتربة عند العمق المدروس. تحدد هذه النسبة بدراسة عمود من التربة مقطعه العرضي يساوي واحدة المساحة، وعمقه Z من سطح الأرض، يتحرك كجسم صلب نتيجة التسارع الأفقي الأعظمي لسطح الأرض والناجم عن الزلزال (الشكل7).

الشكل (7) عينة عمود التربة لدراسة نسبة الإجهاد الدوري المطبق.

(واحدة المساحة)

إذاً يمكن كتابة القوة الزلزالية الأفقية التي تؤثر في عمود التربة كما في المعادلة (3):

 (واحدة المساحة)

حيث:

F القوة الزلزالية المطبقة على عمود التربة.

M الكتلة الكلية لعمود التربة.

W الوزن الكلي لعمود التربة.

الإجهادات الكلية الناجمة عن الوزن الذاتي للتربة.

الوزن الحجمي للتربة ( وزن واحدة الحجوم).

z عمق عمود التربة ابتداءً من سطح الأرض.

القيمة العظمى لتسارع حركة الأرض الناجم عن الزلزال في المنطقة المدروسة.

ويمكن استخدام العلاقة (4) لتحديد القيمة العظمى لتسارع حركة الأرض:

 

حيث:

D بعد الموقع المدروس عن المركز السطحي للزلزال مقدراً بالكيلومتر.

g تسارع الجاذبية الأرضية ().

M قدر الزلزال.

شرط التوازن أن تكون محصلة الإجهاد المماسي (إجهاد القص) الناجم عن الزلزال عند عمق معيّن مساويةً للقوة الزلزالية الأفقية؛ أي المعادلتين (5 و6):

 
 

يقدر الإجهاد المتوسط المكافئ الدوري بـ 65% من إجهاد القص الأعظمي (المعادلة 7):

 

وعليه يمكن أن تُكتب العلاقة (8) التي تعطي نسبة الإجهادات الدورية المطبقة والمسببة للتميع:

 

حيث:

الإجهادات الفعالة الناجمة عن الوزن الذاتي للتربة، وتحسب بدلالة الوزن الحجمي الفعال، وتحدد بالعلاقة (9):

 

الوزن الحجمي الفعال (المغمور) للطبقة ذات السماكة

معامل يدرس تخفيض الإجهادات، كون عمود التربة عملياً قابلاً للتشوه، وليس صلباً، ويحدد كما في المعادلة (10):

 

z مقدرة بالمتر ومقيسة من سطح الأرض إلى العمق المدروس.

نسبة الإجهاد الدوري المقاوم للتميع Cyclic Resistance Ratio (CRR)

هي نسبة الإجهادات اللازمة لمقاومة التميع، ويمكن تحديدها اعتماداً على تجربة الاختراق النظامي، والتي تتلخص بعدد الضربات اللازمة لاختراق أسطوانة معدنية طولها 450مم، تحت تأثير ثقل 63.5كغ يسقط سقوطاً حراً من ارتفاع 750مم، يهمل في الحساب عدد الضربات اللازمة لاختراق الـ 150مم الأولى، ثم تعدل قيمة عدد الضربات للحصول على . إذا كانت التربة مكونة من رمل صافٍ؛ فيجب تعديل قيم كما في المعادلة (11):

 

حيث:

و معاملان يتم تحديدهما اعتماداً على نسبة المواد الناعمة من الجدول (1):

الجدول (1)

نسبة المواد الناعمة

FC

α

β

0

1

0.5

1.2

وباستخدام المخطط المبين في الشكل (8) تُحدد نسبة الإجهاد الدوري المقاوم للتميع لزلزال قدره 7,5على مقياس ريختر.

الشكل (8) مخطط تحديد قيمة نسبة الإجهاد المقاوم للتميع اعتماداً على تجربة الاختراق النظامي لزلزال قدره 7.5

كما يمكن في التربة الرملية استخدام العلاقة (12) لتحديد نسبة الإجهاد المقاوم للتميع لزلزال قدره 7.5:

تصحح نسبة الإجهاد المقاوم بحسب قدر الزلزال باستخدام المعامل في المعادلة (13) :

معامل الأمان ضد التميع:

يحدّد معامل الأمان ضد التميع من العلاقة (14):

وتُعدّ التربة غير قابلة للتميع عندما يكون عامل الأمان أكبر من الواحد.

طرائق التخفيف من التميع

بينت الدراسات أنه يمكن تحسين مقاومة التربة للتميع بالطرائق التالية:

1- رصُّ التربة: إن التربة المخلخلة هي أكثر عرضة للتميع، لذا فإن رصها يزيد من كثافتها النسبية، ويقلل من احتمال حدوث التميع. هناك طرائق هندسية عديدة مستخدمة في رص التربة، كالرص بالاهتزاز أو الدحل، أو زرع أوتاد في التربة، أو غير ذلك من الطرائق المتبعة في تحسين خصائص التربة المخلخلة.

2- الحقن والتثبيت الكيميائي: وتتلخص في حقن مادة مثبتة في التربة تحت ضغط معيّن، وذلك بوساطة أنابيب حقن خاصة تغرس في التربة حتى العمق المدروس، كما يمكن تثبيتها كيميائياً بالإسمنت أو الكلس (الجير) أو الحمر (البيتومين) المصهور أو السليكات أو غيرها من الطرائق المستخدمة في التثبيت.

3- التصريف باستخدام مواد خشنة: تستخدم مواد خشنة ذات نفاذية عالية تجعل عملية تصريف المياه سريعة؛ مما يقلل من احتمال حدوث التميع.

عبد المنان عبد الرزاق عرابي

مراجع للاستزادة:

- W.F. Chen, C. Scawthorn, Earthquake Engineering Handbook, CRC Press LLC 2003.

- G. P. Cimellaro, S. Marasco, Introduction to Dynamics of Structures and Earthquake Engineering (Geotechnical, Geological and Earthquake Engineering), Springer 2018.

- R.W. Day, Geotechnical Engineering Handbook, McGraw-Hill 2002.

 

   
- التصنيف : العلوم الهندسية وتقاناتها - النوع : العلوم الهندسية وتقاناتها - المجلد : المجلد السابع مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1