الترب (تكون -)
ترب (تكون )
Soil formation, development, valuation -
الترب
العوامل المؤثرة في معدلات سرعة التجوية
وحدة دراسـة التربـة (قطاع التربة أو القطاع الأرضي)
يمكن تعريف عملية تكوّن التربة soil formation على نحو مبسط بأنها اۤلية تحول الصخور مختلفة الطبيعة ومتباينة التركيب إلى ترب. أما عوامل تكوّن التربة فهي مجمل القوى الطبيعية natural forces التي تقود ﺇلى تكوّن الأنواع المختلفة من التربة، وتتحول الصخور بهذه العوامل عند تلاقي كل من الأغلفة الثلاثة «الجوي والمائي والصخري» الطبيعية معاً.
تمثل التربة منظومة مفتوحة open system؛ ﺃي إنها قابلة لإضافة المواد ﺇليها أو ﺇزالتها منها، تتألف هذه المنظومة من أربعة أطوار: صلب، سائل، غازي، عضوي.
يعد دوكوتشاييف Dokuchaev ﺃول من ﺃطلق تعريفاً علمياً للتربة عام 1883، حين عرفها بأنها المنتج المتغير التابع لمجموعة من عوامل التكوّن «المناخ، والصخرة الأم، والأحياء (من نباتات وحيوانات وأحياء دقيقة)، والزمن (عمر التربة)»، وصاغ معادلة رياضية لتشكّل التربة تربط بين منظومة التربة وعوامل تكوّنها (المعادلة 1):
حيث يرمز S إلى مميزات منظومة التربة soil system وصفاتها، والذي يُعدُّ كما ذُكر آنفاً منظومة مفتوحة، وF تابع متغير function يتبع مجموعة من المتغيرات يبلغ عددها خمسة وهي عوامل تكوّن التربة الرئيسة، وCl ويرمز إلى المناخ، وO يرمز إلى الأحياء، وP يرمز إلى الصخور الأم وt إلى الزمن.
وقد بُذلت جهود كثيرة في هذا المجال لتطوير هذه العلاقة حيث جرى إدخال عامل آخر جديد وهو عامل التضاريس r أو الطبوغرافيا، وترك المجال مفتوحاً لإضافة أي عوامل أخرى يكون لها تأثير محلي كعامل درجة الحموضة pH أو مستوى الماء الأرضي ﺃو النشاط البشري أو غيره، وأصبحت المعادلة على النحو التالي (المعادلة 2):
مادة الأصل (الصخور الأم) parent material (P)
يقصد بمادة الأصل المادة الخام التي يتكون منها الجسم الصخري الأولي بأنواعه وتركيباته المختلفة قبل حدوث عملية تكوّن التربة منه؛ أي إنه يعبر عن الحالة البدائية (الأولية) لتكوّن التربة؛ أي عندما يكون زمن تكوّن التربة مساوياً للصفر.
تُعدُّ المادة الأصل من أهم عوامل تكوّن التربة، حيث تؤثر نوعية الصخور وطبيعتها وتركيباتها وصفاتها تأثيراً مباشراً في طبيعة التربة وصفاتها وخصائصها الناتجة منها؛ الفيزيائية والكيميائية والخصوبة وكذلك الإنتاجية. يكون هذا التأثير أكثر وضوحاً في المناطق الجافة وشبه الجافة، حيث التربة في المراحل البدائية، وتسيطر عمليات التجوية الفيزيائية مؤدية إلى تفتيت الصخور وتهشيمها وتحطيمها؛ وتشكيل فتات وحطام صخري وترب خشنة تحتفظ بجميع خصائص مادة الأصل.
أما في المناطق الاستوائية ذات المناخ الرطب والحار -حيث تسيطر عمليات التجوية الكيميائية وتكون التفاعلات متنوعة ومتعددة ونشطة- فتبدأ عملية تكوّن التربة وتطورها بحيث تكتسب صفاتاً وخصائص جديدة «تسمى الصفات المكتسبة»، وتختلف عما هي عليه في الصخور الأصل.
دور تجوية الصخور والفلزات weathering of rocks and minerals
تعرف عمليات التجوية بأنها جميع العمليات الفيزيائية والكيميائية والحيوية التي تؤثر في فلزات الطبقة السطحية «الخارجية» من القشرة الأرضية وصخورها، مؤدية إلى تهشمها وتفتتها وتحطمها ميكانيكياً «فيزيائياً» وكذلك تحللها كيميائياً. بمعنى آخر تغيّر خصائصها أو صفاتها البنائية أو تراكيبها الفلزية أو الكيميائية؛ مكونة فلزات جديدة تكون حبيباتها دقيقة الأبعاد وأكثر ثباتاً واتزاناً مع درجات الحرارة المنخفضة والضغوط المتدنية السائدة على السطح الخارجي للأرض.
تستمر عوامل التجوية بتأثيرها في فلزات الطبقة السطحية «الخارجية» من القشرة الأرضية وصخورها حتى تصل إلى مرحلة التوازن والثبات، علماً أن الوصول إلى هذه المرحلة يُعدُّ مسألة نسبية. تقسم التجوية تبعاً لطبيعة عواملها إلى تجوية فيزيائية (ميكانيكية)وتجوية كيميائية وتجوية حيوية كيميائية؛ مع العلم أنه لا تأثير لأحد عوامل التجوية بمعزل عن العاملين الآخرين مطلقاً، وإنما يتباين التأثير النسبي لأحدهما تبعاً للظروف المناخية السائدة.
ففي المناطق الاستوائية الحارة والرطبة تكون التجوية الكيميائية والحيوية الكيميائية هي المسيطرة، في حين تسود التجوية الفيزيائية الميكانيكية في المناطق الصحراوية الجافة أو القطبية الباردة أو المناطق الجبلية الشاهقة.
أ- التجوية الفيزيائية physical weathering:
تسمى أيضاً التجوية الميكانيكية، وتشتمل على مجمل العمليات الطبيعية -كالتبدلات والفروقات الحرارية والرياح والأمطار والأنهار والجليديات والجاذبية الأرضية - التي تؤدي إلى تكسر فلزات القشرة الأرضية وصخورها؛ وتحولها إلى حطام وفتات صخري من دون أي تغيّر في تركيبها الكيميائي أو الفلزي.
لذلك يكون للحطام الصخري الناتج من عوامل التجوية الفيزيائية تركيب كيميائي وفلزي مماثل لتركيب الصخر الأصل (الأم). تؤدي عملية تحطم الصخور الأم وتفتتها إلى زيادة المساحة الكلية المتكشفة للصخر «مساحة السطح النوعي» الملامس للغلاف الجوي أو المائي؛ ممهدة بذلك للتجوية الكيميائية في حال توفرت عواملها.
ب- التجوية الكيميائية chemical weathering:
يؤثر كل من الغلاف الجوي والغلاف المائي بمكوناتهما النشطة والفعالة -كالأكسجين وثنائي أكسيد الكربون وبخار الماء إضافة إلى بعض المركبات الكيميائية الأخرى التي توجد بنسب ضئيلة مثل حمض الكبريت وحمض الآزوت وغاز الأمونيا- في الجزء السطحي من الغلاف الصخري مؤدية إلى تجويته كيميائياً ومحدثةً تغيرات جوهرية في التركيب الفلزي والتركيب الكيميائي للصخر. ويؤثر المناخ في شدة عمليات التجوية الكيميائية وسرعتها، ففي المناطق التي يسودها المناخ الجاف البارد تكون عمليات التجوية الكيميائية بطيئة ومحدودة جداً، أما في المناطق الرطبة والحارة كالمناطق الاستوائية -حيث تهطل الأمطار في معظم أيام السنة- فتكون عمليات التجوية الكيميائية نشيطة فعالة وسريعة.
العوامل المؤثرة في معدلات سرعة التجوية
يتباين تأثير عمليات التجوية في الصخور والفلزات، فمنها ما يتأثر بشدة ومنها على خلاف ذلك يتأثر ببطءٍ شديد أو محدود، ويعزى هذا الاختلاف في معدلات سرعة التجوية إلى مجموعة من العوامل:
- المناخ (درجات الحرارة ومعدل الهطل المائي).
- طبيعة الصخور الأم والفلزات المكونة لها.
- النشاط الحيوي وكثافة الغطاء النباتي.
- طبوغرافية السطح الخارجي للأرض.
التضاريس (الطبوغرافيا) :topography (r)
يستخدم مصطلح التضاريس relieves مرادفاً لمصطلح الطبوغرافيا topography مع أنهما كلمتان غير مترادفتين، فالأولى تعني ارتفاع أجزاء اليابسة عن سطح الأرض أو انخفاضها؛ ودرجات ميولها واتجاهاتها، كما تعبر عن توزيع القارات والمحيطات، في حين تعني الثانية معالم منطقة ما كما تظهر في الخريطة الطبوغرافية.
يؤدي عامل التضاريس دوراً مهماً في تكوّن التربة؛ ولاسيما أنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بطبيعة صخور الأصل من جهة؛ وبعناصر المناخ المختلفة التي تتأثر به تأثراً مباشراً من جهة أخرى، فخصائص التربة التي تتكون في المناطق المرتفعة وصفاتها تختلف عن تلك المتكونة في مناطق المنخفضات أو على المنحدرات أو على السفوح الجبلية.
الزمن :time (t)
يقصد بالزمن هنا عمر التربة؛ أي الزمن اللازم لتطور التربة ونشوئها وتكوّنها، بمعنى آخر المدة الزمنية الضرورية والكافية لتحول الصخور الأم (الأصل) ﺇلى ترب ناضجة متزنة مع الظروف البيئية المحيطة بها؛ ولها خصائص وصفات مميزة.
تحتاج غالبية خصائص التربة الرئيسة وصفاتها إلى زمن طويل لتتشكل وتتكون وتتطور، فمثلاً تحتاج تجوية الفلزات الأولية ﺇلى زمن طويل (بطيئة)؛ بيد أن هذا الزمن يتفاوت تبعاً لنوع الفلز، فمثلاً تتم التجوية الكيميائية للصخور والفلزات الكلسية في زمن قصير نسبياً في حال توفرت الظروف الملائمة، وقد تستغرق نحو ثلاثمئة سنة لتتشكل ترباً كلسية، على خلاف ذلك تحتاج تجوية الصخور النارية القاعدية البازلتية إلى آلاف السنين لتشكِّل تجويتها الكيميائية فلزات طين متزنة وثابتة.
المناخ climate (Cl) :
يعرَّف المناخ بأنه محصلة مجموعة العناصر (العوامل) الجوية -حرارة وأمطار ورطوبة- التي تسود في منطقة جغرافية محددة، أما الطقس فيُعرّف بأنه محصلة العناصر الجوية في زمن محدد.
يُعدُّ المناخ -بحسب رأي الكثير من علماء التربة - من أهم عوامل تكوّن التربة وأكثرها تعقيداً ويكون ارتباطه بغالبية خصائص التربة ومواصفاتها ارتباطاً وثيقاً ومباشراً، فهذه الخصائص والصفات هي نتاج مجموعة متتابعة من التفاعلات الكيميائية والكيميائية الحيوية، إضافة إلى بعض التغيّرات الفيزيائية التي ترتبط جميعها ارتباطاً مباشراً بعناصر المناخ من حرارة (مصدرها الأساسي أشعة الشمس) ورطوبة (مصدرها الهطل المطري)؛ والتي من دونها تضمحل أو تنعدم مثل هذه التفاعلات.
فالطاقة الشمسية هي المصدر الرئيس للطاقة الضرورية لأغلب مظاهر الحياة على السطح الخارجي للأرض، والتي تعد على نحو مباشر أو غير مباشر أحد عوامل تكوّن التربة ﺃيضاً. تؤثر الحرارة تأثيراً مباشراً في معدلي التبخر والنتح، كما تؤدي دوراً مهماً في تحديد طبيعة النظام المائي السائد من جهة، وفي سرعة التفاعلات الكيميائية والكيميائية الحيوية وتحديد نمط التجوية من جهة أخرى.
أما الهطل المطري فيُعدُّ من أهم مصادر المياه الضرورية لمعظم الظواهر التي تجري على السطح الخارجي للأرض؛ والتي تعد أيضاً عملية تكوّن التربة إحداها. فالماء يمثل العنصر الفعال لكل التفاعلات؛ كتفاعلات الإذابة والتحلل المائي والإماهة والأكسدة والإرجاع التي تساهم في سير التجوية الكيميائية للصخور والفلزات.
الأحياء (organisms (O:
تؤدي الأحياء دوراً مهماً ورئيساً في تكوّن التربة، ولاسيما أنها تعدّ إحدى مكونات التربة الرئيسة. يقصد بالأحياء كل ما هو حي سواء فوق الأرض أو في باطنها، وتشتمل على جميع الرتب والدرجات والأنواع المختلفة للأحياء مثل النباتات أو ما يعبر عنها بالغطاء النباتي بدرجاته المختلفة، وكذلك الحيوانات بدرجات تطورها المختلفة؛ ثم الأحياء الدقيقة بأنواعها ورتبها وأطوارها المتباينة.
كما يعدّ الإنسان أحد هذه المكونات الرئيسة، ويكون له دور فعال ورئيس في التأثير في عوامل تكوّن التربة، من خلال ما يقوم به من نشاط زراعي؛ أو من خلال إقامته للسدود؛ أو إزالته للغابات؛ أو تغييره لتضاريس منطقة ما بإزالته بعض التلال والهضاب بهدف بناء منشآت هندسية عمرانية ذات مساحات كبيرة.
أ- دور النباتات في تكوّن التربة:
تُعدُّ النباتات من أهم عناصر الأحياء التي تساهم في تكوّن ترب مختلفة الأنواع والخصائص؛ وتمايز آفاقها، كما أن الغطاء النباتي والتربة يتطوران بوقت متزامن، وكل منهما يتأثر ويؤثر في الآخر.
تعمل النباتات على تثبيت سطح التربة من الحت والانجراف والتعرية وحمايتها، كما يؤثر الغطاء النباتي تأثيراً مباشراً في عناصر المناخ كالحرارة والرطوبة، فهو يعمل على خفض درجة الحرارة وتلطيفها، كما يؤدي دوراً مهماً في توزيع الهطل المطري. وتساعد النباتات على تكون التربة من خلال دورها حيث تتغلغل ضمن الطبقات الصخرية، وتطلق غاز ثنائي أكسيد الكربون الذي يتحول بوجود الماء إلى حمض الكربون الذي يتفاعل مع الفلزات والصخور، فضلاً عن دور الجذور في تشكيل شبكة من القنوات التي يستطيع الماء المرور خلالها.
كذلك وفي أثناء تحلل النباتات يتكون الدبال، ذلك المركب العضوي المعقد التركيب الذي يشكل حموضاً عضوية تتفاعل مع الفلزات والصخور محررة العناصر الكيميائية في صورة أملاح ذائبة سهلة الامتصاص يحتاج إليها النبات في تغذيه. كما يساعد وجود الدبال في التربة على خفض درجة حموضتها (الباهاء pH)، وتشكيل معقدات غروية يكون لها دورٌ فعَّالٌ في عملية ﺇدمصاص العناصر الغذائية وفي عملية التبادل الإيوني على سطوحه.
ب- دور الحيوانات في تكوّن التربة:
تشتمل الحيوانات عامة على جميع أنواع الزواحف والطيور والحشرات والديدان بمختلف أطوارها، ومنها ما يعيش فوق سطح الأرض أو في باطنها.
يتشابه الدور الذي تقوم به بعض الحيوانات -ولاسيما الحفارة منها كالنمل والديدان- بالدور الذي تؤديه جذور النباتات، فهي تعمل على حفر شبكة من القنوات تسهل مرور الماء الأرضي، وترفع من نفاذية التربة للماء والهواء وتهويتها ومعدلات الصرف بها، كما تعمل على زيادة محتوى المادة العضوية والعناصر الفلزية، كما أنها تغني التربة بعد موتها بالعديد من الحموض العضوية.
ج- دور الأحياء الدقيقة في تكوّن التربة:
تمثل الأحياء الدقيقة عاملاً مهماً في تكوّن التربة، وهي تشتمل على البكتريا والفطور والأشنيات. تساهم هذه الأحياء الدقيقة على نحو فعال ونشيط في تحلل المخلفات العضوية وتفسخ المخلفات النباتية والحيوانية في التربة وتحويلها إلى مواد دبالية، كما تسهم بعض أنواعها في تثبيت الآزوت الجوي، وتفرز المواد العضوية الضرورية لتركيب الخمائر والفيتامينات والهرمونات وغيرها من المواد التي تساهم جميعها في الدورة الحيوية للمواد.
تقوم الأحياء بعمل المحفز والمنشط لأغلب التفاعلات الكيميائية والكيميائية الحيوية، حيث تعد المصدر الرئيس للنشاط الحيوي في تكوّن التربة ولاسيما في المناطق الجافة وشبه الجافة مع ندرة الغطاء النباتي، وهذا النشاط يبقى مستمراً مع انخفاض محتوى الرطوبة وصولاً إلى بداية المحتوى من الرطوبة. أما في المناطق التي يسودها المناخ البارد، فينخفض نشاط الأحياء الدقيقة، ويكون لذلك أثر كبير بتكوّن أنواع جديدة مختلفة من التربة.
د- دور المادة العضوية والدبال في تكوّن التربة:
تحتوي جميع أنواع الترب على نسبة من المادة العضوية والدبال، كبرت هذه النسبة أم صغرت، فهي مكون دائم من مكونات الطور الصلب في التربة. تختلف خصائص المادة العضوية بحسب المصدر الذي جاءت منه، فهي نباتية من جذور النباتات وأوراق الأشجار أو من الأجزاء النباتية التي تترك في التربة أو تطمر فيها؛ أو حيوانية من مخلفات الحيوانات المختلفة، وكذلك الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في التربة. أما المادة الدبالية التي تعد ناتج تحلل المادة العضوية النهائي - وتتكون بصورة رئيسة من الحموض الفولفية والهيومية- فهي مقاومة للتحلل المكروبي، مما يساعد على تراكمها في التربة.
عمليات تكوّن التربة soil formation processes تشتمل عمليات تكون التربة على جميع العمليات الطبيعية الفيزيائية والكيميائية والحيوية التي تؤثر في الصخور وفلزاتها مؤدية إلى تحولها من مواد غير عضوية خالية من أي مظهر من مظاهر الحياة إلى تربة زراعية زاخرة بجميع أنواع الحياة. وتشمل هذه العمليات:
1-الغسل leaching:
تنشط هذه العملية وتنتشر ضمن قطاعات التربة في المناطق الرطبة، في حين تكون محدودة في المناطق الجافة. وهي تعد مهمة؛ تساهم في إذابة الصخور الكربوناتية كلها وكذلك الأملاح القابلة للذوبان؛ وإزالتها خارج قطاع التربة، كما تعمل أيضاً على نقل حبيبات الطين من الآفاق السطحية الى الآفاق تحت السطحية ضمن قطاعات التربة.
2- الإزالة eluviation :
تتم هذه العملية «الإزالة» في المناطق التي يزيد معدل الهطل المطري على معدل البخر، وتتمثل بحركة مكونات التربة على هيئة محاليل أو معلقات غروية ضمن قطاع التربة، وهي تختلف عن عملية الغسل التي تؤدي إلى فقد كامل للعناصر المغسولة من قطاع التربة، في حين تساهم عملية الإزالة في انتقال بعض المواد خلال قطاع التربة ولاسيما الغرويات.
3- الانسياب أو التراكم illuviation:
تحدث عملية انسياب الغرويات والأملاح الذائبة وكذلك حبيبات الطين الناعمة غالباً ضمن أفق التربة B والتي تكون أصلاً مغسولة من آفاق سطحية تعرضت لعمليات الغسل، وتنشأ عملية الانسياب نتيجة ترسب مواد التربة المنقولة ضمن المحاليل أو المعلقات ضمن قطاع التربة، وتساهم مساهمة رئيسية بتكوّن الأفق الطيني argillic horizon.
4- التكلس calcification:
تعدّ عملية التكلس - أو بمعنى آخر عملية ترسيب كربونات الكلسيوم ضمن الآفاق تحت السطحية B و C من قطاع التربة وعلى أعماق متباينة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بكمية الهطولات المطرية - من أهم عمليات تكوّن ترب المناطق قليلة الأمطار الجافة وشبه الجافة والتي تزيد بها معدلات التبخر على معدلات الهطولات المطرية.
5- التملح salinization:
وهي تحدث في المناطق شبه الرطبة وشبه الجافة والجافة وبعض المناطق المنخفضة القريبة من المناطق الساحلية، وكذلك المناطق المنخفضة ذات التربة الطينية الثقيلة ذات النفاذية المنخفضة حيث ترتفع معدلات التبخر عن الغسل. تؤدي هذه العملية إلى تراكم أملاح الكبريتات والكلوريدات الذائبة مثل كبريتات وكلوريدات الكلسيوم والمغنزيوم والبوتاسيوم.
6- عملية اللترتة laterization:
وتتم نتيجة الهجرة الكيميائية للسليكا خارج طبقة الاستزراع في ترب المناطق الحارة والرطبة ذات الهطل المطري العالي كالمناطق الاستوائية وخصوصاً الترب القديمة، مما يؤدي إلى إزالة تامة أو شبه تامة للإيونات الموجبة والسليكا. أما السليكا المتبقية فتكون على هيئة حبيبات ناعمة من الكوارتز أولي النشأة؛ أو تكون مرتبطة بفلزات الطين ثانوي النشأة، وتتكون أكاسيد وهدروكسيدات الحديد والألمنيوم.
7- عملية البدزلة podzolization:
تحدث نتيجة الانتفال أو إزالة الفلزات الأكسيدية وكذلك المادة العضوية من الآفاق السطحية للتربة نتيجة الهطل المطري المرتفع وارتفاع مستوى الماء الأرضي وتذبذبه من دون أي تأثير مهم للحرارة. تتميز مناطق البودزول بغطاء نباتي كثيف وغالباً ما يكون غابات، حيث تنتج من تحلل المواد العضوية المتراكمة والناتجة من تجمع أوراق الأشجار أو الأجزاء النباتية؛ حموض عضوية تجعل الوسط أكثر حموضة فتتهدم فلزات الطين وتحرر إيونات السليكا والحديد والألمنيوم، ويكون انتقال هذه الأخيرة باتجاه آفاق التربة السفلى أسرع من السليكا التي تتركز في الطبقات السطحية.
8- عمليات تجمع الطين lessivage:
وتحدث هذه العملية في الترب المتوسطة إلى جيدة التطور؛ حيث يلاحظ تجمع الطين وارتفاع نسبته في الجزء العلوي من الأفق تحت السطحي B مقارنة بالأفق A وC، تساهم المياه الراشحة بنقل حبيبات الطين الناعمة من الأفق السطحي A لتتجمع في الأفق B.
9- الاختزال وألوانه gleying:
تحدث هذه الظاهرة في ترب المستنقعات والترب التي يتذبذب فيها مستوى الماء الأرضي حيث تنخفض نسبة الأكسجين الذائب في الماء الأرضي ويصبح الحديد والمنغنيز بالتربة في الحالة المختزلة، ويتحول لون التربة إلى الرمادي المائل إلى الزرقة أو الرمادي القاتم مكوناً أفق الاختزال. كما ينتج من انخفاض نسبة الأكسجين تحلل المادة العضوية لاهوائياً؛ وانطلاق غاز كبريتد الهدروجين ؛ الذي يتحد مع مركبات الحديد مكوناً كبريتيدات الحديد والتي تكسب التربة ألوان الاختزال.
10- عمليات أخرى:
إضافة إلى العمليات السابقة هناك العديد من العمليات الأخرى التي تسهم في تشكل التربة؛ أو تكسبها مظاهر بيدولوجية مميزة مثل عمليات التمعدن mineralization أو عمليات تحلل المخلفات العضوية decomposition أو عمليات تكوّن الدبال humification أو خفض درجة حموضة المحلول الأرضي بالحموض العضوية، وتعمل كل هذه العمليات منفردة أو مجتمعة في تكوّن قطاع تربة ناضجة ومتمايزة الآفاق.
وحدة دراسـة التربـة (قطاع التربة أو القطاع الأرضي)
تعرّف وحدة دراسة التربة pedon بأنها أصغر وحدة حجمية يمكن أن يطلق عليها تربة، ومساحتها من 1- 10م 2، وتمثل التربة تمثيلاً كاملاً في الاتجاهات الثلاثة (الطول والعرض والعمق)، إذا كانت المساحة كبيرة تقسم إلى عدة وحدات، وأساس دراسة التربة أو الآلية التي يتم من خلالها تعرف درجة نضج التربة وتطورها.
تذيب حركة الماء إلى الأسفل الكثير من العناصر وتنقلها من طبقة إلى أخرى على شكل محاليل؛ مما يحدث اختلافاً في صفات طبقات التربة رأسياً، ويكون للتربة قطاع أرضي، حيث تتميز الطبقات الأفقية بالتماثل وتتباين رأسياً؛ وهذا ما يطلق عليه قطاع التربة، ويختلف هذا القطاع عن الطبقات الجيولوجية حيث يعتمد في تكوّنه على عوامل تكوّن التربة وعملياته؛ بخلاف القطاع الجيولوجي الذي يعتمد على الترسيب والأزمنة الجيولوجية المختلفة. كما يتميز قطاع التربة بآفاق مختلفة وهي:
1- الآفاق الرئيسة: أفق (A) ويطلق عليه أفق الغسيل، أفق (B) ويطلق عليه أفق الترسيب، أفق (C) ويطلق عليه أفق مادة الأصل.
2- آفاق التشخيص: وهي مهمة جداً لتقسيم التربة حيث يمكن بها معرفة أثر عوامل تكوّن التربة في صفات وخصائص محددة في القطاع ويسهل تمييزها فيه، مثل: Ah ويعني أفق الغسيل A وبه مادة عضوية.
أبرز الخصائص التي يمكن خلال دراستها تعرّف مدى نضج القطاع الأرضي وتطوره:
1- الخصائص الشكلية: تضم لون التربة وبنيتها.
2- الخصائص الميكانيكية: تضم قوام التربة والتماسك.
3- الخصائص الفيزيائية والكيميائية: تضم السطح النوعي، كثافة التربة بنوعيها الحقيقية والظاهرية، المسامية، درجة الحرارة والرطوبة، درجة حموضة التربة والمادة العضوية... وغيرها من الخصائص الأخرى التي يمكن أن تمايز درجة نضج قطاع تربة من غيره؛ وتطوره.
حسن المجو
مراجع للاستزادة: - فلاح أبو نقطة، أساسيات في علم التربة، منشورات جامعة دمشق، 2004. - W. P. Brooks, Agriculture: Soils, Formation, Physical and Chemical Characteristics and Methods of Improvement, Including Tillage, Drainage & Irrigation,Franklin Classics 2018. - H. D. Foth, Fundamentals of Soil Scienc. John Wiley, USA. 1998. - A. Hunt, M. Egli, B. Faybishenko, Hydrogeology, Chemical Weathering, and Soil Formation,American Geophysical Union, 2020. - S. Shrivastava, Soil Formation Occurs by Weathering of Rocks,Book Rivers 2018.
|
- التصنيف : علوم البيئة والتنوع الحيوي - النوع : علوم البيئة والتنوع الحيوي - المجلد : المجلد السابع مشاركة :