البرمائيات
برماييات
Amphibia -
حسن حلمي خاروف
البرمائيات Amphibia صف من الفقاريات، رباعيات أرجل tetrapods تقضي جزءًا من حياتها على البر، والجزء الآخر في الماء؛ العذب منه والمالح، يشير إلى ذلك اسمها الذي يعني ذوات الحياتين. يعرفها الإنسان تجاوزاً باسم الضفادع، ويتعرف وجودها من نقيقها في مناطق التجمعات المائية حيث تكثر في فصل الربيع. وهي تُعَدُّ من حيوانات التجربة الأساسية في المخابر. تتميز البرمائيات من باقي الفقاريات بجلدها الرطب بسبب مادة مخاطية تفرزها غدد مخاطية خاصة في جلدها، ويحتوي بعض أنواعها على بعض الذيفانات toxins التي يخفف بعضها الألم، والبعض الآخر يكون ساماً. وتتميز معظم الضفادع السامة بألوان زاهية يبدو أنها تحذر بها مفترسيها (الشكل 1).
الشكل (1) ضفدع سام |
يضم صف الفقاريات نحو 6150 نوعاً حياً منها، لكن ما يشغل بال علماء الحياة في الوقت الحاضر تعرض هذه الحيوانات للانقراض بسبب تقلص مساحات الأراضي الرطبة والتجمعات المائية حيث يحدث تكاثرها، وامتداد الحياة المدنية فيها، إذ يُقدّر العلماء أن ثلث البرمائيات قد انقرض، واختفى من على سطح الكرة الأرضية.
تتميز هذه المجموعة بانتشارها الواسع. لكن وضعها هذا وَضَعَها أمام مشاكل عدة، أهمها تدهور غلاصمها الرقيقة، إذ تجف هذه الغلاصم بسبب حياتها في الهواء. لكنها تمكنت من التنفس الهوائي برئتين وظيفيتين، يدخلهما الهواء بفعالية أرض الفم الذي ينخفض، فيثير دخول الهواء الشهيقي، وإذا ارتفع أجبر خروج الهواء الزفيري. ورغم ذلك تعتمد البرمائيات كثيراً على التنفس عبر جلدها الرطب. كما تتصف هذه الحيوانات بأن لها جهازَ دورانٍ معقّداً وقلباً ذا ثلاث حجرات وهيكلاً كثيفاً يُمَكِّنُها من تحمل الوزن. وهي حيوانات متغيرة الحرارة poikilotherms؛ بمعنى أن درجة حرارة جسمها ليست منتظمة، فدرجة حرارة جسمها تتغير بتغير درجة حرارة الوسط الذي تعيش فيه. كما تمتلك هذه الحيوانات سمعاً جيداً وبصراً حاداً وغُدَد دمع وأجفاناً تحافظ على رطوبة العين. وتمتاز بعض أنواعها بعدم وجود أطراف لها، وهي تسبح في الماء الذي تعيش فيه؛ إضافة إلى أن دماغها أكبر نسبياً من دماغ الأسماك.
ورغم حياة البرمائيات على البر؛ فإنها لم تَتَخَلّ عن الماء من أجل استمرار حياتها، فبيوضها من دون قشرة أو أغشية تحميها، لذا فإنها- أي البيوض- تموت إذا ما جَفَّت. كما اعتمدت يرقاتها (الشراغيف) tadpoles في تنفسها على غلاصم (خياشيم) خارجية، فهي تحتاج إلى الماء؛ لكي تقوم بوظيفتها بالتبادل الأكسجيني. كما أنه، وعلى الرغم من وجود الرئتين لدى الأفراد البالغة؛ بقي الحيوان معتمداً كثيراً على جلده، الذي يجب أن يبقى رطباً من أجل حصوله على الأكسجين المنحل في الماء.
تتوزع البرمائيات عادة في ثلاث رتب هي عديمات الذنب Anura (Salientia )، وتضم الضفادع frogs والعلاجيم toads، ورتبة الذيليات Caudata أو Urodella وتضم السلمندريات salamanders وسمندليات الماء newts، ورتبة عديمات الأرجل Apoda أو المبتورات Caeciliantia؛ وتسمى أيضاً الأفعويات العارية Gymnophiona (الشكل 2).
الشكل (2 -أ) عديمات الذنب | |
الشكل (2- ب) الذيليات | الشكل (2 - ج) عديمات الأرجل. |
1- عديمات الذنب: تنتمي معظم البرمائيات المعروفة إلى هذه الرتبة، وهي تَبلغ نحو 5420 نوعاً يعرفها معظم الناس باسم الضفادع. وهي مجموعة قديمة عُرفت منذ الزمن الجوراسي منذ نحو 150 مليون سنة، تتمتع أفرادها بأطراف خلفية نامية جداً تساعدها على القفز والسباحة. يفتقر جلدها إلى الحراشف، كما أن جلدها نفوذ يمنعها من الابتعاد كثيراً عن المواقع المائية، فطريقة تكاثرها تعتمد على الماء. كما أن كونها خارجيات الحرارة ectotherms (متغيرات الحرارة) فذلك يمنعها من الانتشار في المناطق القطبية وشبه القطبية؛ ومع ذلك تنتشر في بيئات متنوعة، لكن بعضها يعيش في المناطق الجافة، مثل العلجوم الأمريكي Scaphiops holbrooki من فصيلة Pelobatidae الذي يصل طول أكبرها نحو 30 سم، ويقضي فترات الجفاف في فصل الصيف في حالة تصييف estivation، لكنه يخرج من ذلك بعد سقوط المطر الشديد؛ ليعاود تكاثره وحياته من جديد.
يشير اسم هذه المجموعة إلى ميزتها الواضحة، وهي عدم وجود ذنب لدى أفرادها البالغة، لأن ذيلها اندمج مع الحوض pelvis ومع الفقرات العجزية sacral vertebrae؛ لتشكل جميعاً ما يسمى القلم الذيلي urostyle. وهي تتصف بفم عريض؛ وبكونها من دون عنق؛ إذ يلتحم الرأس بجذع الحيوان. أطرافها الخلفية قوية تساعدها على القفز على اليابسة. يغطي جلدها مادة مخاطية، أما العلاجيم فتمتاز من الضفادع بجلدها المخملي الملمس.
تضع الأنثى بيوضها في الماء، وتعلقها على بعض المرتكزات كالأوراق النباتية (الشكل 3)، ويتسلق الذكر ظهر الأنثى، ويتَمَسَّك بها؛ ليلقي النطاف فوقها من أجل إخصاب البيض في الماء.
الشكل (3) بيوض الضفادع. |
تنقف البيوض المخصبة لتعطي شراغيف تتغذى بالطحالب، وتكون من دون أطراف وذات ذيل زعنفي الشكل يساعدها على السباحة. ثم تطرأ عليها تحولات شكلية metamorphosis عميقة تتمثل بتلاشي الذيل وبظهور الأطراف بالتدريج وبتشكل رئتين من أجل تنفسها؛ لتتحول بعدها إلى ضفادع بالغة، تميل نحو التغذي باللحوم (الشكل 4).
الشكل (4) مراحل تطور الضفادع. |
لقد تكيفت الضفادع والعلاجيم بصورة تتحاشى معها الافتراس من قِبَل الحيوانات الأخرى، فتمتع بعضها بإمكانية التموه camouflage؛ وذلك بتغيير ألوانها وبإمكانية إفراز بعضها ذيفانات سامة تقتل بعض الجراثيم. كما يتجنب بعضُها الافتراس بقدرتها الفائقة على القفز؛ وبتظاهُر بعضها بالموت، ويقوم بعضها بِنَفْخ فمها بحيث يصعب ابتلاعها من قبل من يحاول افتراسها.
تضم هذه الرتبة 21 فصيلة family، أكثرها انتشاراً فصيلة الرانيديات Ranidae، وأهم أجناسها الضفدع رانا Rana الذي ينتشر في المناطق المعتدلة والاستوائية من الكرة الأرضية عدا زيلندا الجديدة وأمريكا الجنوبية. وأكبر أجناس هذه الفصيلة Conraua الذي يزيد طوله على 30 سم، وهو ينتشر في إفريقيا الغربية (الشكل5). أما أصغر الضفادع فينتمي إلى النوع
Elutherodactylus iberia الذي ينتشر في كوبا، والنوع Psyllophryne didactyla المنتشر في غابات البرازيل المطرية؛ والذي لا يتجاوز طول الواحد منهما 1 سم.
الشكل (5) (أ) الضفدع Conraua. (ب) الضفدع Elutherodactylus Iberia |
ومن أهم فصائلها أيضاً فصيلة البوفونيدات Bufonidae ذات الجلد السميك الذي تكثر عليه الثآليل. وأهم أجناسها العلجوم Bufo. وهناك فصيلة الهيليديات Hylidae التي تضم ضفدع الشجر الأخضر من الجنس Hyla المنتشر في مستنقعات جنوب شرقي الولايات المتحدة الأمريكية (الشكل 6).
الشكل (6) ضفدع الشجر الأخضر Hyla. |
2- الذيليات (السلمندريات أو سمندليات الماء): تضم حيوانات لكل فرد منها ذنب وأربعة أطراف؛ بما يشبه العظايا lizards (الشكل 2 -ب)، ولها أطراف ذات حجم كبير تساعدها على المشي، وترتكز على الجسم بزاوية قائمة، لكن أطراف بعض الأنواع المائية والحفارة بقيت آثارها. وهي تختلف عن العظايا بافتقار جلدها إلى الحراشف، وبأن أصابعها من دون مخالب. يعرف من هذه الرتبة نحو 550 نوعاً، تنتشر في المناطق المعتدلة من شماليّ الكرة الأرضية، كما تكثر في أمريكا الشمالية وفي المناطق الاستوائية من أمريكا الوسطى والجنوبية. وهي حيوانات صغيرة لا يتجاوز طول ما يوجد منها في أمريكا الشمالية 15 سم. لكن يمكن أن يزيد طول بعضها على ذلك بحيث يصل طول بعض السمادل الموجودة في اليابان 1.5 م. بعضها يعيش دوماً في الماء، لكن بعضها الآخر يعيش على اليابسة سواء بحالته اليرقية أم البالغة. ومعظم الأنواع التي تعيش على اليابسة تسير بتثني جسمها جانبياً.
حالة استثنائية تتمثل في سمندل الماء ذي البقع الحمر من النوع Notophthalmus viridescens الذي يعيش في شرقي أمريكا الشمالية، تتجول أفراده اليافعة في الأوساط البرية الرطبة عدة سنين قبل عودتها إلى الماء؛ لتتابع حياتها البالغة المائية.
سمندليات الماء والسلمندريات- سواء كانت في مراحلها اليرقية أم البالغة- لاحمة تقتات بالديدان ومفصليات الأرجل الصغيرة والرخويات الصغيرة والحلازين والأسماك والسمادل الأخرى، ومعظمها يأكل العناصر المتحركة فقط.
يضع الكثير من هذه المجموعة بيضه في الماء حيث تفقس؛ لتعطي شراغيف سابحة لها ذيل يشبه الزعانف، تفقد في أثناء ذلك غلاصمها، لكن بعض السمادل المائية يحتفظ- حتى في مراحله البالغة- بمظهره الشرغوفي من حيث احتفاظه بالغلاصم الخارجية؛ في حالة تميز هذه المجموعة تسمى الاحتفاظ بالفتوة paedomorphosis.
3- عديمات الأرجل (المبتورات أو الأفعويات العارية): هي برمائيات من دون أطراف، تشبه ديدان الأرض، تراوح أطوالها بين 15 سم و 1.5 م. لها عيون صغيرة؛ إذ إن معظم أنواعها البالغة عمياء، لكن توجد في نهاية خطمها لوامس خاصة تساعدها في اكتشاف بيئتها. تضم هذه المجموعة نحو 160 نوعاً معظمها حفّارة تعيش في أنفاق تحفرها في الغابات الاستوائية من أمريكا الجنوبية وإفريقيا وجنوب شرقي آسيا، ويعيش بعض الأنواع الأمريكية في المياه العذبة.
يتألف غذاؤها بصورة رئيسية من الديدان واللافقاريات الصغيرة التي تجدها تحت الطبقة السطحية للأرض. وهي البرمائيات الوحيدة التي يتم فيها إخصاب داخلي internal fertilization حيث يستخدم الذكر عضو اقتران قابلاً للانطلاق لإدخال نطافه إلى جسم الأنثى. تقوم بعض الأنواع بالعناية ببيضها، فتلتف حولها إلى أن تنقف (الشكل 7).
الشكل (7) إناث بعض المبتورات مع بيوضها |
مراجع للاستزادة: - Cl. P. Hickman, L. S. Roberts and A. Larson, Integrated Principles of Zoology. McGraw- Hill, 2001. - M. Hoefnagels, Biology: Concepts and Investigations,McGraw-Hill, 2009. |
- التصنيف : علم الحياة (البيولوجيا) - النوع : علم الحياة (البيولوجيا) - المجلد : المجلد الرابع مشاركة :