البروتينات (طي)
بروتينات (طي)
Proteins Folding -
عبد الباسط المسلم
طي البروتينات | آليات طي البروتين |
تمسخ البروتينات | حركية طي البروتينات |
محددات طي البروتين | الأمراض الناجمة عن خلل طي البروتين |
مسارات طي البروتينات |
طي البروتين protein folding هو عملية تكوين الشكل الوظيفي الذي يشغله البروتين في الأبعاد الثلاثة في بلاسما (هيولى) الخلية أو في أغشيتها، وهو حدث مهم لتأدية الوظائف المتنوعة التي تقوم بها البروتينات انطلاقاً من شكلها الفراغي النوعي؛ بما في ذلك تنظيم التعبير الجيني gene expression وبناء الهيكل الخلوي cytoskeleton والمناعة وتنفيذ الوظائف الإنزيمية الحفزية enzyme catalysis في الاستقلاب وغيرها.
إن المونوميرات monomers البنائية في تركيب بوليمرات polymers البروتينات؛ هي الحموض الأمينية التي تنتظم في بنية كيميائية خطية متشابهة لكنها تختلف فيما بينها في بقايا الحموض الأمينية التي يرتبط بعضها ببعض بروابط ببتيدية peptide bonds، الأمر الذي يتكرر بشكل سلسلي تبعاً لروامز codons المورثة (الجين) المشرفة من قبل الريبازات ribosomes. يحقق هذا الارتباط تشكل بنية تراتبية hierarchy تُمَيَّزُ فيها أربعة مستويات تكوِّن ما يسمى البنية الأولية primary structure الخطية، والبنية الثانوية
secondary structure التي تتمثل بالشكل الحلزوني أو الصفيحي، والبنية الثالثية tertiary structure التي تتثمل بالشكل الفراغي للبروتين، والبنية الرابعية quaternary structure التي تتم باندماج أكثر من بروتين (تحت وحدات subunits) لتكوين بروتين مركب (الشكل 1).
الشكل (1) بنية البروتينات التراتبية. أ: البنية الأولية ب: البنية الثانوية الصفيحية. ج: البنية الثانوية الحلزونية د: البنية الثالثية هـ: البنية الرابعية. |
اعتقد الباحثون حتى فترة قريبة أن طي البروتينات حدثٌ آنيّ، لكن تبين أن البروتينات تأخذ أشكالاً مختلفة عبر مراحل متسلسلة حتى تصل إلى بنيتها المطوية النهائية الوظيفية في عدة ثوانٍ، فقد تبين أن بدء عملية الطي تعطيه سمة ثبات فراغية على نحو سريع جداً، كما عُرِفَ أن عملية طي البروتينات تساهم فيها بروتينات نوعية متخصصة؛ وأن هذه العملية تُنَفَّذ بآليات جزيئية دقيقة. وقد طُرِحَ سؤالٌ حول معضلة طي البروتينات هو «لماذا ينطوي البروتين ليأخذ شكله الثابت الذي يؤهله لأداء وظيفة أو عدة وظائف محددة، وكيف؟»
كان الجواب أن البروتينات تنطوي لتأخذ شكلها الفراغي في ظروف وظيفية محددة، وأن البنية الأولية للبروتين هي التي تقرر شكل البروتين الفراغي. وتمتاز البنى الأحيائية عامة بكونها ذاتية التجمع self-assembling.
تمسخ البروتينات denaturation of proteins هو فقدانها لبنيتها الفراغية. وقد أثبت كريستيان أنفينسن Ch. Anfinsen عام 1973- الحائز جائزة نوبل في هذا الموضوع- أن إنزيم الريبونوكلياز A (ribonuclease A) مثلاً يمكن أن يتمسخ بمركبي البولة ومركب مركابتوإيتانول mercaptoethanol؛ ومن ثم العودة إلى طبيعته النشطة، والواقع أن تغير هذه البنى يؤثر في وظائف البروتين ويُغيِّرها. كما عُرِفَ أن بنية البروتينات تتأثر بعوامل عديدة، منها:
1- درجة الحموضة (الباهاء) pH التي تغير منظومة تأين الجزيء البروتيني؛ ما يؤدي إلى تغير توزع الشحنات وبالتالي الشحنات، ومن ثم متطلبات الروابط الهدروجينية.
2- درجة الحرارة التي تغير مزايا عديدة للبروتين مثل الدوران الضوئي optical rotation واللزوجة وامتصاصية الأشعة فوق البنفسجية، ويشذ عن ذلك بروتينات الجراثيم أليفة الحرارة thermophilic.
3- المنظفات detergents التي ترتبط بالحموض الأمينية غير القطبية؛ مما يسبب خللاً في عمل القوى الكارهة للماء المثبتة لطي البروتينات.
4- الملوحة: إضافة إلى العوامل المحبة للماء مثل البولة وإيونات الغوانيديوم guanidium (مركب ثلاثي الأمين) التي تعمل على تخريب البنية المطوية للبروتين، وغير ذلك.
كل هذا يؤدي إلى ترسب البروتين، الأمر غير العكوس؛ وتغير ترتيب سلاسله، مما يفقده وظيفته.
يتدخل في البنية الفراغية الفطرية للبروتينات تفاعل عوامل عدة معاً. لكن السؤال المطروح هو كيفية تفاعل هذه العوامل معاً لتعطي البروتين بنية مطويَّة وظيفية؟ لا بد من الأخذ في الحسبان أنَّ هناك تسلسلاً محدداً للحموض الأمينية، يؤدي دوراً حيوياً في طي البروتين. ولا بد أن التطور قد اصطفى تتاليات بروتينية ذات استخدامات محددة في النظم الحيوية من أجل استدامتها؛ بدليل أن العديد من الطفرات المؤدية إلى تغيير تتالي الحموض الأمينية تكون قاتلة. ويؤدي استبدال الڤالين بالحمض الأميني غلوتاميك في السلسلة- في خضاب الدم – مثلاً- إلى نشوء حالة فقر الدم المنجلي sickle cell anemia لدى الإنسان.
من أهم العوامل المحددة لطيِّ البروتينات:
أ- ملء البنية الحلزونية والصفيحية المطوية للفضاء الثلاثي للبروتينات على نحو فعَّالٍ وسائد. وقد تبيَّن أن البنية الحلزونية والمطوية تؤلف نسبة 60 % من البروتين المطوي. وعلى الرغم من أن القوى الكارهة للماء تعمل على تكوين لب البروتين بشكل مُتَكَتِّل compact وغير قطبيِّ لكنها تفتقر إلى نوعية مقيدة لتحديد بنية فراغية للبروتينات. تبيّن كذلك أن نسبة الروابط الهدروجينية في مناطق الالتفاف ليست أقل مما هو موجود في البنية الحلزونية والمطوية، ولذلك فإن الروابط الهدروجينية ليست مقيدة بقوة لبنية البروتين المطوي. وقد اتضح أن قوى البنية الثانوية- مثل قوى فادرفالس والروابط الهدروجينية والإيونية- قد انسجمت معاً، لينجم عنها أفضل تكوين بنيويٍّ حلزونيٍّ وصفيحة مطوية لتشغل الفضاء الثلاثي بفعَّالية.
ب- توجِّه بقايا الحموض الأمينية الداخلية طي البروتين على نحو رئيس: تبيَّن أن الطفرات المسببة لتغيير بقايا الحموض الأمينية على سطح البروتين غير مؤثرة في شكل البروتين المطوي، وذلك عكس الطفرات المبدلة لبقايا الحموض الأمينية الداخلية.
ج - بنيات البروتينات منسقةٌ بشكل تراتبي: أضحى واضحاً أن تحت الوحدات البروتينية الضخمة مكونة من قطاعات تبدو متجاورة وملتزة ويمكن فصلها فيزيائياً ضمن السلسلة الببتيدية.
د - امتلاك البروتينات الكروية كثافة عالية شبيهة بكثافة البلورات العضوية، فالبنيات البروتينية شديدة التكيف. ويُرد ذلك إلى تتامٍ شديد لبقايا الحموض الأمينية في لب البروتين، ولذلك فإن طي البروتين الفطري يحدد البنية المُدمَّجة؛ ولا تُحدد البنية المدمجة شكل طي البروتين.
ه - تتأثر بنية البروتين المطوي ببنيته المحيطية ويمكن عدّ البنية الثانوية قرينة تابعية context-dependent. أكدت الدراسات المطبقة على تغيير البنية المحيطية للبروتين GB1 ( - حلزون وحيد وأربع مطويات ومن دون روابط كبريتية) من جراثيم Streptococcus الذي يساعد على تخفِّي الجراثيم من دفاعات الجهاز المناعي البشري عبر الارتباط بالضد IgG؛ أنه يمكن أن تكون بنياته الثانوية غير موضعية؛ بمعنى أنه يمكن أن تكون البنية الثانوية قرينة تابعية مهمة في طي البروتين (الشكل 2).
الشكل (2) شكل فراغي لبنية البروتين GB1: حلزون- مفرد وأربع صفائح مطوية- من دون روابط كبريتية مزدوجة. |
و – اعتماد تعديل طي البروتين على تسلسل الحموض الأمينية إذ تمتاز البروتينات المتشابهة بتسلسل حموضها الأمينية بنسبة تقارب 20 % وهي متجانسة البنية الفراغية. لقد تبيَّن أن تغييراً وصل إلى نسبة 50 % في بروتين GB1، قد غيَّره إلى بروتين كاظم repressor protein لنسخ الجينات.
ح – وجود العديد من البروتينات غير مطوية: اكتُشِفَ مؤخراً أن بروتينات تضم أكثر من 30 حمضاً أمينياً غير مطوية نهائياً توصف بأنها بروتينات غير منتظمة. وتؤلف هذه البروتينات في الكائنات حقيقيات النوى نحو 33 % من بناء البروتينات المطوية. تؤدي هذه البروتينات وظائف عدة، مثل الدخول في بناء الغشاء الخلوي والارتباط بالدنا أو ببروتينات أخرى. مثال: قطاع الفسفرة الكينازي pKID بروتين غير مطوي، ولدى ارتباطه بعامل النسخ المورثي CREB يأخذ شكلاً مطوياً حلزونياً (الشكل 3).
الشكل (3) تحول قطاع الفسفرة الكينازي pKID من بروتين غير مطوي إلى شكل مطوي حلزوني لدى ارتباطه بعامل النسخ المورثي CREB. |
أوحت دراسات تمسخ البروتينات وإعادة طيها أن العملية تمر بخطوات محددة، وأكدت أن البروتين يأخذ شكله المطوي خلال ثوان قليلة عبر مسارات طي مباشرة ومحددة ليست عشوائية. ويزداد ثبات طي البروتين بقوة مع تقدم مسالك طيِّه، مما يجعل عملية الطي وحيدة الاتجاه. وتؤدي العملية إلى نقل البروتين من حالة أنتروبية entropy مرتفعة (احتمالات طي متعددة) إلى حالة استقرار وأنتروبية متدنية (شكل مطوي وحيد). وقد أظهرت الدراسات التجريبية أن عملية طي البروتين هذه تبدأ بخطوة سريعة جداً تتمثل بتكوين البنية الثانوية (حلزونات ألفا وصفائح بتا) خلال 5 ميلي ثانية، ويعود ذلك إلى قوة مصدرها القوى الكارهة للماء في لب البروتين، يشار إليها بانهيار القوى الكارهة للماء hydrophobic collapse. تسمى حالة الانهيار هذه بالمصهور الكروي molten globule وهو شكل بروتين ثانوي البنية وليس ثالثي البنية. وبعد 5 إلى 1000 ميلي ثانية تصبح البنى الثانوية ثابتة وتنحى باتجاه تكوين البنية الثالثية، حيث يلاحظ خلالها بدء تكون تحت قطاعات subdomains. وتتظاهر المرحلة الأخيرة خلال ثوان قليلة بحركات معقدة للبروتين تؤول به إلى تكوين لب مركزي مُدمَج ثابت عبر روابط هدروجينية وطرد جزيئات الماء من اللب. يتبع ذلك تكوين بطيء لروابط كبريتية مضاعفة (الشكل 4).
الشكل (4) مخطط لسبيل نظريٍّ لطي البروتين. آ- بروتين غير مطوي. ب- تشكيل البنية الثانوية- و -. ج و د وهـ مراحل متسلسلة من تشكيل البنية الثالثية. |
تساهم عدة بروتينات في طي البروتينات وبآليات مختلفة، لكنها متآزرة الهدف. تُصَنَّف هذه الآليات في ثلاث مجموعات:
1- بروتينات إنزيمية مصاوغة ثنائية الكبريت (Protein Disulfide Isomerase (PDI.
2- بروتينات إنزيمية مصاوغة لببتيديل البروبيل المقرون- المفروق Peptidyl-Propyl Cis-Trans (Isomerase (PPIs: وتعرف باسم روتامازات rotamases، مسؤولة عن توضع بقايا الحموض الأمينية الفراغي في حالة المقرون cis أو المفروق trans.
3- الشابيرونات الجزيئية molecular chaperones: تعرف باسم بروتينات الصدمة الحرارية، تُصَنَّعُ البروتينات في فضاء الخلية ضمن تراكيز عالية جداً من الجزيئات العضوية المختلفة، لذلك فهي عرضة للتكدس والالتصاق والطي غير النظامي. تعوق هذه البروتينات التصاق البروتينات وطيها عبر الارتباط بالسطوح الكارهة للماء في البروتينات غير المطوية المصنعة حديثاً ثم تحريرها لاحقاً، وتتم العملية على نحو متكرر للبروتين الواحد. وغالبيتها إنزيمات حفازة مستهلكة للطاقة من مركب الأدينوزين ثلاثي الفسفات Adenosine triphosphate (ATP) . تضم الشابيرونات مجموعة من البروتينات ذات وظائف مختلفة:
أ- بروتينات الصدمة الحرارية Heat shock proteins (Hsp70): هي بروتينات مونوميرية monomeric، تُشاهد في البلاسما والمتقدرات والصانعات والشبكة البلاسمية الباطنة endoplasmic reticulum، وزنها الجزيئيّ 70 كيلو دالتون (kD)، تساهم في دفع تفاعلات إعادة هيئة البروتينات المتمسخة والمتكدسة باستخدام طاقة، بهدف طي البروتينات المصنعة حديثاً في أثناء مغادرتها للريبازات على نحو صحيح. تتآزر هذه البروتينات (Hsp70) مع البروتينات Hsp40 لدى الإشريكية الكولونية E. coli لربط مناطق صغيرة كارهة للماء طُوِيَتْ بشكل غير صحيح؛ ولتحريرها.
ب- عامل القَدْح trigger factor: بروتين مرتبط بالريبازات يعمل على إعاقة التكدس الجزيئي الداخلي أو بين الجزيئات عديدة الببتيدات المصنعة حديثاً في أثناء خروجها من الريبازات؛ وذلك عبر تغليف (ستر) القطع الكارهة للماء من دون استخدام الـ ATP. تتحمل الإشريكية فقدان أيٍّ من عاملي القدح أو Hsp70/40 لكنها تموت بغيابهما معا،ً ويتظاهر ذلك بتكدس هائل للبروتينات المصنعة؛ علماً أن حقيقيات النواة تفتقر إلى عامل القدح.
جـ الشابيرونات: تمثل بروتينات الصدمة الحرارية الضخمة عديدة تحت الوحدات، وتأخذ شكل القفص الأسطواني لدى حقيقيات النواة وبدائياتها. وترتبط بالبروتينات الكروية المطوية بشكل غير نظامي، ثم تعمل على إدخالها إلى داخل القفص ثم طيها باستخدام الـ ATP. وتصنف في مجموعتين من الشابيرونات: الشابيرونات I توجد في المتقدرات والصانعات وفي البكتريا من جنس Eubacteria، والشابيرونات II توجد لدى البدئيات Archaea وحقيقيات النواة.
د- بروتينات Hsp90: هي بروتينات ثنائية التماثل homodimeric تعتمد على الـ ATP لدى حقيقيات النواة، وتتركب من نحو 730 بقية حمضٍ أميني. وتمثل 1-2 % من بروتينات الخلية في الظروف العادية، وتصل إلى 4-6 % في ظروف الإجهاد الحرارية. وتعمل على تهيئة طيِّ البروتينات في المرحلة الأخيرة وخاصة بروتينات نقل الإشارة، مثل مستقبِلات هرمون الستيروئيدات ومستقبِلات الكينازات التيروزينية tyrosine kinase. وتؤدي دورها عبر الارتباط بالأجزاء الخارجية الكارهة للماء في البروتينات منعاً من تكدسها، كما تؤدي دوراً تنظيمياً للبروتينات الفطرية عبر تنشيطها أو تثبيتها؛ وذلك بالتآزر مع شابيرونات عديدة.
هـ- البلازمينات النووية nucleoplasmins: بروتينات عشارية التماثل decameric حامضية توجد في النواة، وهي ضرورية لتُهيِّئ الجسيمات النووية nucleosomes من دنا وهستونات.
دُرست الأشريكية القولونية لتحري حركية طي البروتينات فتبين أن شابيروناتها تتركب من نوعين من تحت الوحدات subunits المعقدة تدعيان:
أ- .GroEL: تتركب من 14 تحت وحدة متماثلة من بروتين مؤلف من 549 حمضاً أمينياً مرتبة على شكل حلقتين متراكبتين (علوية مقرونة «سيس» وسفلية مفروقة «ترانس») كل واحدة مؤلفة من 7 تحت وحدات في كل منها جيب خاص بالـ ATP، تأخذ شكل البرميل. تحصر الحلقتان فضاءين نصف قطرهما نحو 45° A يتوضع فيه البروتين المطوي جزئياً. ويوجد حاجز بين الحلقتين يمنع الحركة العشوائية للبروتين المراد طيه من العبور بين الفضاءين.
ب- .GroES: غطاء بروتيني قبعي سباعي حلقي مركب من 97 حمضاً أمينياً يؤدي دورَ غطاءٍ لـ GroEL (الشكل 5).
الشكل (5) الغطاء البروتيني القبعي في دورة عمل الشابيرونات GroEL في طي البروتين. |
يمر طيِّ البروتين عادة بالخطوات التالية (الشكل 6):
الشكل (6) دورة عمل الشابيرونات GroEL/ES في طي البروتين. |
أ- يُدْخَلُ البروتينُ المطويُّ جُزْئياً إلى حجرة الحلقة المقرونة سيس العلوية مع ربط 7 جزيئات؛ ثم يرتبط الغطاء GroES، مما يُحدث تغيراً شكلياً في الحجرة العلوية فيسبب دفن الأجزاء الكارهة للماء في البروتين نحو لب البروتين، ثم يتحرر البروتين المنطوي إلى جوف الحجرة الذي أصبح أكثر اتساعاً.
ب- تعمد الحلقة المقرونة سيس لإماهة 7 جزيئات الـ ATP لتوليد الطاقة اللازمة لعملية الطي التي تستغرق 13 ثانية.
ج - يرتبط جزيء بروتيني جديد مطوي جزئياً مع الحلقة المفروقة (ترانس) السفلية، ترتبط معها 7 جزيئات ATP، وهنا يتحرر GroES ويُفتَح الغطاء فيتحرر البروتين المطوي.
د - يدور معقد الطي 180° ليتابع عمله مع جزيء بروتيني جديد. وقد تبين أن عملية الطي ليست مرحلة آنية مفردة، بل يحتاج البروتين إلى نحو 24 معالجة طي، حيث يدخل من الشابيرون ويخرج ويُصرَف عليه 168 جزيئاً من الـ ATP ، حتى يأخذ شكله المطوي الفطري النهائي.
الأمراض الناجمة عن خلل طي البروتين
تُحافظ البروتينات المطوية على شكلها الفراغي الفطري لتؤدي الوظيفة المنوطة بها. وحالما تفقد بنيتها الفطرية تصبح عرضة إما لإعادة هيئتها عبر طيها من جديد؛ وإما عرضة لعملية تدرك degradation بإنزيمات البروتياز أو الجسيمات البروتينية التدركيَّة degradative proteasomes. ويعد تكدس البروتينات خارج الخلية أمراً غير طبيعي من وجهة النظر البنيوية، وتعد هذه البروتينات طافرة بسبب اطفرار مورثاتها ولا يتم تفكيكها لسبب ما، مما يؤدي إلى ظهور أمراض بشرية قاتلة، قُدِّرَ عددها بـ 20 مرضاً، منها:
1- داء ألزهايمر Alzheimer: يُعَد تكدس النشوانيات amyloids (شبيهة بحبات النشاء، لكنها بروتينات من نوع amyloid-β) السبب في تلف عصبونات الجهاز العصبي المركزي البشري، مسبباً الموت (الشكل 7).
الشكل (7) نسيج عصبي دماغي لشخص مصاب بداء ألزهايمر. تدل الحلقتان على تكدس الأميلويد-β البروتيني. |
2- داء باركنسون Parkinson: يتظاهر بتكدس بروتين ألفا سينكولين synuclein-، مما يسبب تلف العصبونات.
3- الدَّاءُ النَّشَوانِي الكلوي الموروث hereditary renal amyloidosis: سببه تكدس الشكل الطافر لبروتين الفبرينوجين fibrinogen في خلايا الكلية، مما يسبب قصوراً ثم فشلاً كلوياً.
4- أمراض البريونات prion diseases: هي أمراض تُرَدُّ إلى تكدس بروتينات معدية لييفية عَصَوية المظهر في خلايا الجملة العصبية المركزية مثل PrP المركب من 208 حمض أميني (الشكل 8).
الشكل (8) صورة بالمجهر الإلكتروني لتجمع من عصيات البريون المتحللة جزئياً. النقط الداكنة كريات ذهب مرتبطة بمستضدات ضد الـ PrP. |
ومن أمثلة ذلك داء الراعوش scrapie لدى الغنم والماعز، وداء جنون البقر mad cow disease لدى البقر والبشر، ومرض الكورو kuru وهو مَرَضٌ عَصَبِيٌّ مُميت معدٍ لدى قبيلة الفوري Fore في غينيا الجديدة؛ إذ يقوم أفراد هذه القبيلة بطقوس أكل دماغ الموتى نيِّئاً، فتظهر عليهم أعراض الرجفان والموت بسبب العدوى، وكاد الداء أن يؤدي إلى انقراض هذه القبيلة (الشكل 9).
الشكل (9) رجل من قبيلة الفوري يحمل ابنه المصاب بداء الكورو kuru |
مراجع للاستزادة: -C. B. Anfinsen, Principles that govern the folding of protein chains. Science 181:223–230. 1973. -J. N. Buxbaum & C. E. Tagoe, The genetics of amyloidoses. Annu. Rev. Med. 51:543–569. 2000. -K. A. Dill, S. B. Ozkan, M.S. Shell & T.R. Weikl. The protein folding problem. Annu. Rev. Biophys. 37:289–316. 2008. -H. R. Saibil, Chaperone machines in action, Curr. Opin. Struct. Biol. 18:35–42. 2008. -H. A. Scheraga, M. Khalili & A. Liwo, Protein folding dynamics: Overview of molecular simulation techniques. Annu. Rev. Phys. Chem. 58:57–83. 2007. |
- التصنيف : علم الحياة (البيولوجيا) - النوع : علم الحياة (البيولوجيا) - المجلد : المجلد الرابع مشاركة :