التحفيز الحيوي
تحفيز حيوي
Catalytic antibodies -
أنور الحاج علي
التطبيقات في المجال الطبي والزراعي والصنعي
يُعرّف التحفيز الحيوي biocatalysis بأنه استعمال المحفِّزات الطبيعية (الإنزيمات داخل الخلايا الحية أو خارجها) وسائط لتحويل المركّبات العضوية إلى مركّبات أخرى؛ إذ تستطيع الإنزيمات التفريق بين الركائز العضوية والتحكم بسرعة التفاعلات الاستقلابية مؤدية إلى خفض طاقة التفاعل بكفاية عالية وبصفة تخصصية دقيقة تجاه الركيزة (الشكلان 1و2). وتستخدم هذه الحفازات (المحفزات) الحيوية الآن لأغراض طبية وصناعية وزراعية متعددة.
الشكل (1) منحني طاقة التنشيط بوجود الإنزيم وعدمه. |
الشكل (2) التخصص النوعي لفعل الإنزيم. |
تأتي معظم الإنزيمات من المصادر النباتية والحيوانية والأحياء الدقيقة النامية في المخمرات الصنعية (الشكل 3)، أو صنعياً ضمن ظروف مناسبة تساعد على استخلاصها وتنقيتها.
الشكل (3) مراحل تنمية الأحياء الدقيقة وتنشيطها. |
تُستخلص الإنزيمات، مثل السلولاز cellulase بتكسير الخلايا النباتية بالخلاطات، والليباز lipase بفرم النسج الحيوانية مثل الأمعاء وكبد الأسماك بطريقة التجنيس، أما البروتيناز proteinase فيمكن استخلاصه بالطحن بوجود الرمل لتكسير جدر خلايا الخمائر والفطريات، ويُحصل على الأميلاز amylase بالرج بوجود الزجاج المجروش لتحطيم جدر الخلايا البكترية (الشكل 4)، وفي مجال الأبحاث العلمية المتقدمة يمكن استخدام الاهتزازات فوق الصوتية أو التحلل الذاتي autolysis الذي يفقد الإنزيم جزءاً من كفايته.
الشكل (4) مراحل استخلاص الإنزيمات. |
أ- التنقية على أساس الحجم والكتلة: تستخدم أجهزة الطرد المركزي centrifugation بسرعات عالية وتحت التبريد لفصل إنزيم عن آخر، أو التنقية بالجل المنخلي gel filtration للجزيئات المختلفة في الحجم عن طريق الدخول والتخلل داخل حبيبات الجل (الهلام) لمادة Sephadex، وهي مكلفة، وتحتاج إلى وقت طويل في تحضير الجل، أو التنقية بأغشية السلوفان والمرشحات الدقيقة للتخلص من الأملاح والمذيبات العضوية حيث تعمل أغشية الديلزة dialysis أو الفرز عمل المنخل لحجز الجزيئات الكبيرة ذات الوزن الجزيئي المرتفع؛ مما يفيد في اختزال حجم العينة في أثناء خطوات التنقية التي تستخدم على نطاق واسع.
ب- التنقية بنوع الشحنات النوعية: ومنها التبادل الإيوني للشحنات المختلفة بين الإنزيم ومادة التبادل (السلولوز) المعبأة في عمود الاستشراب أو الكروماتوغرافيا chromatography، واستخدام محاليل ذات قوة إيونية ضعيفة طوراً متحركاً مع وجود درجة حموضة (باهاء pH) مناسبة لإحداث الارتباط والتنقية حتى 10 أضعاف للحكم على النشاط النوعي للإنزيم، أو الهجرة في المجال الكهربائي لحركة شحنات الجزيئات تحت تأثير اختلاف القوة الكهربائية المطبقة بحيث يمكن التحكم في معدل الشحنات المتنقلة ونوعيتها بحسب الحجم والشكل ضمن جل ناقل من البولي أكريلاميد poly acrylamide gel وبوجود محلول كهرلي electrolyte منظم، مما يفيد في توفير كفاية عالية في التنقية، أو الفصل عند نقطة التعادل الكهربائي لتوازن في تدرج باهاء الوسط للمادة الإنزيمية الخام المغمورة في الجل. ويؤدي التدفق الكهربائي إلى توجه الجزيئات ذات الشحنة السالبة نحو المصعد، والعكس صحيح، وباستعمال الجل تحدث هجرة للإنزيم داخل الجل حتى تتساوى درجة الحموضة مع نقطة التعادل الكهربائي Isoelectric Point (PI) (الشكل 5).
الشكل (5) تنقية الإنزيمات عند نقطة التعادل الكهربائي. |
ج- التنقية بحسب الاختلاف في ذوبان الإنزيم بتغيرات درجة حموضة الوسط أو تغير القوة الإيونية باستخدام ملح كبريتات الأمونيوم، أو خفض الثابت الكهربائي بإضافة المذيبات العضوية القابلة للذوبان في الماء مثل الإيثانول والأسيتون مع حصول ترسيبات للجزيئات الكبيرة للإنزيم.
د- التنقية بالاعتماد على الروابط الجانبية للإنزيم نتيجة تخصصها العالي بحدوث ارتباط بين مادة التفاعل أو المثبط التنافسي (ارتباط تساهمي مع الحامل) يمنع مروره من العمود، في حين يسمح للإنزيمات الأخرى والبروتينات بالخروج. ويستخلص الإنزيم المرتبط بإحداث تغيرات في درجة الحموضة والقوة الإيونية في المحلول، وهذه الطريقة بسيطة مع تنقيته بخطوة واحدة مثل تنقية إنزيم ستافيلوكوكال نوكلياز staphylococcal nuclease.
هـ- التنقية باستخدام الحرارة لإحداث تغير في طبيعة البروتينات المصاحبة للإنزيم للتخلص منها، ولحماية الإنزيم تضاف مادة التفاعل قبل المعاملة الحرارية من أجل إحداث فرق حراري قدره عشر درجات سلزية بين الإنزيم والبروتينات المرافقة، فيكون التغير فقط في طبيعة البروتينات المرافقة، وليس بالإنزيم المستخلص؛ ومن ثم يُفصَل كل منهما على حدة بعملية الطرد المركزي.
و- الترسيب والفصل باستخدام المواد المدمصة (هلام كلسيوم فسفات أو هلام ألمنيوم) حيث تقوم بادمصاص الإنزيم من وسط الاستخلاص، وإخراج المواد الشائبة المرافقة له، وذلك بضبط درجة الحموضة ( 5-6)، واستخدام المحاليل المنظمة بحسب نوع الإنزيم وطبيعته.
ز- الترسيب والفصل بوساطة أملاح سلفات الأمونيوم، وهي من أشهر الطرائق في تنقية الإنزيمات بسبب سرعة ذوبانها في الماء وانخفاض درجة حرارة مستخلص الإنزيم في أثناء الإذابة.
التطبيقات في المجال الطبي والزراعي والصنعي
تستخدم الإنزيمات النقية في المجالات الطبية باستخدام مصل الدم لتشخيص الحالات المرضية في الكبد مثل الترانسفيراز غلوتاميك أوكسالواسيتات Serum Glutamaic Oxaloacetate Transferase (SGOT)، والترانسفيراز غلوتاميك بيروفات Serum Glutamic Pyruvate Transferase (SGPT)، وتشخيص أمراض القلب، مثل كيناز الكرياتين creatine kinase ونازعة هدروجين اللاكتات lactate dehydrogenase وغلوكوز الدم وحمض اليوريك (البول) والكولسترول والشحوم الثلاثية ولمعالجة أمراض السرطان والجلطات الدموية وفي صناعة الأدوية. وتستخدم إنزيمات الكائنات الحية الدقيقة في التخمرات الصناعية، مثل المشروبات الكحولية (خميرة الخبز والكحول)، وصناعة الخل والخبز والبسكويت والنشاء ومواد التحلية (القطر)، وتصنيع اللحوم وتطريتها وإنتاج عصائر الفاكهة واستخلاص الزيوت من البذور الزيتية وزيوت الأسماك، وإنتاج مواد النكهة والألوان، وإنتاج المنظفات الصنعية، وصناعة الورق والألياف (الجدول1).
الجدول (1) التطبيقات الصنعية للإنزيمات النقية والأحياء الدقيقة. | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
مراجع للاستزادة: -G. Animesh, J. D. Stewart, Organic Synthesis Using Biocatalysis. Academic Press, 2015. - G. De Gonzalo, P. D. de María, Biocatalysis: An Industrial Perspective, Royal Society of Chemistry, 2017. -H. Qayyum, M. F. Ullah, Biocatalysis: Enzymatic Basics and Applications. Springer Nature, 2019. |
- التصنيف : علم الحياة (البيولوجيا) - النوع : علم الحياة (البيولوجيا) - المجلد : المجلد السادس مشاركة :