انقراض انواع (حيوان)
Extinction of animal species - Extinction des espèces animales

انقراض الأنواع واسترجاعها

حسن حلمي خاروف

انقراض الأنواع (الحيوان)

صعوبة تحديد زمن الانقراض
أسباب الانقراض
أهم الأنواع الحيوانية المنقرضة

 

 

انقراض الأنواع extinction of species هو اختفاء كائنات حية- نباتية أو حيوانية- كانت تعيش على سطح الكرة الأرضية. والحقيقة أن مستندات المستحاثات تبين أن أنواعاً من الكائنات الحية تختفي بين فترة وأخرى بأعداد كبيرة. ويتجلى هذا الانقراض عادة بنمطين اثنين: انقراض سُلالي phyletic وآخر نهائي terminal. يحدث النمط الأول بتطور النوع وتحوله إلى نوع آخر، وهكذا يُعدّ النوع السلف منقرضاً. ومع ذلك؛ وبسبب استمرار سلالة هذا النوع يُعدّ هذا انقراضاً كاذباً pseudoextinction، في حين أن الانقراض النهائي يشير إلى اختفاء النوع تماماً وانتهاء سلالته نهائياً وعدم بقاء أنسال له.

يصعب التأكد من الانقراض الكاذب ما لم يتم التحقق من ارتباط أنواع حية حالياً بأنواع كان تأكد وجودها سابقاً. فانقراض الجنس Hyracotherium- وهو الحصان الأول- يُعدّ كاذباً؛ لأنه يشترك مع الحصان الحالي- الجنس Equus- بصفات كثيرة؛ ولأن أنواعاً كثيرة من هذا الجنس- Equus- قد انقرضت واختفت.

يميَّز نوع آخر من الانقراض؛ هو الانقراض المترافق coextinction، ينقرض فيه كائن بسبب اختفاء كائن آخر يسمى النوع الأساسي keystone species. فقد تختفي حشرة طفيلية مثلاً بسبب اختفاء الكائن الذي تتطفل عليه. وقد يحدث الانطفاء suppression بسبب اختفاء الكائن الذي يستعمله كائن آخر طعاماً. فعقاب هاست Haast’s eagle مثلاً انقرض بسبب انقراض الـ Mao- الطائر غير الطيار- الذي يُعدّ طعاماً له.

صعوبة تحديد زمن الانقراض:

يُعتقد أن نحو 99% من الأنواع التي كانت تعيش سابقاً قد انقرضت. ولكن صعوبة حفظ المستحاثات وطرائق الحصول عليها؛ تجعل تقدير مدى الانقراض صعباً. يضاف إلى ذلك عدم توفر الظروف المناسبة لحفظ المستحاثات في بعض الطبقات الصخرية؛ مما يؤدي إلى عدم وجود مستحاثات لبعض الأنواع فيها. هناك صعوبة أخرى تتجلى في صعوبة تقدير الفترة الزمنية التي حدث فيها الانقراض. ورغم دقة التقديرات التي يقدمها الكربون المشع لفترة الـ 30000 سنة السابقة؛ لم يُسْتَطَع تقدير عمر صخور ومستحاثات أقدم من ذلك. فانقراض نوع أو جنس أو فصيلة تُحَدَّد بعمر الطبقة الصخرية التي وجدت فيها آخر مرّة، والتي يمكن تحديد عمرها بدقة بعدد قليل من ملايين السنين. وبصورة عامة، كلما تقدم عمر الصخور ازدادت صعوبة تقدير زمن الانقراض.

إن أكثر ما يعرف عن المستحاثات المنقرضة ينتمي إلى الكائنات البحرية، التي يُقَدَّر ما يختفي منها خلال الـ 570 مليون سنة السابقة ما بين فصيلة family واحدة وسبع فصائل تقريباً كل مليون سنة، ويعرف أيضاً أنه لم يصل معدل الانقراض فيها إلى الصفر؛ مما يشير إلى أن الانقراض هو ظاهرة طبيعية في حياة الكائنات الحية. ويعدّ بعض الباحثين هذا القَدَر المنخفض من الانقراض مرجعياً background extinction وأنه يحدث عادة نتيجة للتغيرات البيئية العادية أو الكوارث المحلية المحدودة.

يبدو أن الانقراض الجماعي للكائنات البحرية حصل 5 مرات: في أواخر العصر الأوردوفيشي وأواخر الديفوني وأواخر البرمي وأواخر الترياسي وأواخر الكريتاسي، وكان أعظمها ما حصل في أواخر البرمي عندما انقرض نحو 52% من الفصائل البحرية، وقد يكون 96% من الأنواع قد اختفت في أثنائها، ويبين الشكل (1) معدل الانقراض في كل مرة.

الشكل (1) المراحل الكبرى لانقراض فصائل الكائنات البحرية؛

حيث تشير القمم إلى أزمنة الانقراض.

يشير الشكل (2) إلى تأثير الانقراض في تنوع diversity الحياة البحرية منذ أواخر الدور ما قبل الكمبري؛ ويؤكد كل انخفاض في التنوع يتطابق مع الانقراض الجماعي. وكان أشد انخفاض ما يتطابق مع أواخر البرمي، عندما اختفى- بحسب الوثائق المستحاثة- نحو 52% من الفصائل البحرية. ويقدر أن نحو 96% من كل الأنواع قد اختفت في ذلك الحين.

الشكل (2) المراحل الكبرى لانقراض فصائل الكائنات البحرية بحسب السجلات المستحاثة،

تشير الأرقام إلى أزمنة الانقراض، حيث يشير الرقم 1 إلى أواخر الأوردوفيشي (12%)

والرقم 2 إلى أواخر الديفوني (14%) والرقم 3 إلى أواخر البرمي (52%)

والرقم 4 إلى أواخر الترياسي (12%) والرقم 5 إلى أواخر الكريتاسي (11%)

وقد لاحظ العلماء دورية في حدوث انقراض الكائنات البحرية خلال الـ 250 مليون السنة السابقة؛ إذ يبدو حدوث زيادة في معدل انقراض الفصائل والأجناس مرّة كل 26 مليون سنة، وكان آخر انقراض قد حدث في أواسط الميوسين، منذ نحو 13 مليون سنة تقريباً. ويبدو أن الانقراض الدوري يشير إلى احتمال حدوث تغير في الظروف البيئية آنذاك.

أما عن انقراض الأنواع الحيوانية والنباتية البرية؛ فهو أقل مما هو معروف عن الأنواع البحرية؛ بسبب عدم إمكانية حفظها جيداً كما في الأنواع البحرية. وينجم عن ذلك صعوبة أكبر في تحديد زمن انقراض الأنواع البرية وشدته. لكن يبدو أن انقراض الأنواع البرية والبحرية حصل في الوقت ذاته. كما يبدو أن انقراض الفقاريات البرية قد حدث في أواخر البرمي وأواخر الترياسي وأواخر الكريتاسي، ويبدو أن أشد الانقراضات بالنسبة إلى الفقاريات كان ما حدث في الكريتاسي عندما اختفت الديناصورات؛ علماً أن الربط بين انقراضات الكائنات البرية والبحرية صعب إلى حدّ ما، لكن يبدو أن انقراضاً حصل في الوقت نفسه لمجموعتين بحرية وبرية في أواخر الكريتاسي.

إن أحسن سجل لاختفاء فقاريات اليابسة كان في البليستوسين، ففي أواخر هذا العصر اختفى من أمريكا الشمالية مثلاً 33 جنساً من الثدييات خلال السنوات الـ 100000 الأخيرة تركزت بين الثدييات الكبيرة الحجم التي يزيد وزنها على 44 كغ، وقد حدث معظمها في فترة قصيرة منذ نحو 11000 سنة.

أسباب الانقراض:

اهتم الوسط العلمي، وكذلك الرأي العام، كثيراً بمعرفة الأسباب الحقيقية لانقراض الكائنات الحية خلال الأزمان السابقة. لقد رَجَّح جورج كوفييه G. Cuvier مثلاً الكوارث الطبيعية الفجائية، في حين عدّ مُعاصِروه أن الحوادث التي حدثت بالتدريج هي التي سببت حدوث الانطفاء. وأكثر حوادث الانقراض التي استأثرت بالدراسة انقراض الديناصورات في نهاية الكريتاسي. ففي عام 1980 تم العثور على تراكيز عالية من الإيريديوم في الصخور الفاصلة بين طبقات الكريتاسي والعصر الرباعي، معروف أن الإيريديوم نادر في معظم الصخور؛ لكنه غزير في النيازك، لذلك تم الاعتقاد حينها أن نيزكاً اصطدم بالأرض، منذ 65 مليون سنة؛ مما أدى إلى تشكل غيمة كثيفة من الغبار، أدت إلى انتشار ظلام سبب تبرداً كارثياً، نجم عنه انقراض الديناصورات وكثير من الأنواع الأخرى التي كانت قد عاشت في الزمن الكريتاسي. ومعروف لدى الجيولوجيين أن الطبقات الصخرية الغنية بالإريديوم تحدد نهاية عصر الكريتاسي. وقد أكدت هذه الفرضية البحوث التي جرت بعد ذلك، فقد اكتُشِف سخام soots- وهو الذي ينطلق عادة لدى اشتعال الحرائق- في هذه الطبقات الصخرية الحدودية.

وقد وضعت أيضاً فرضيات لهذا الانقراض، وكذلك لدورية حدوث الانقراض كل 26 مليون سنة. تقول إحدى النظريات: إن نجماً بعيداً مرافقاً للشمس يمر قرب غيمة مذنبات المجموعة الشمسية كل 26 مليون سنة؛ مما يسبب تشكل كثير من المذنبات، ينطلق بعضها نحو الأرض؛ الأمر الذي يؤدي إلى التأثيرات التي ذُكِرَت سابقاً. ورغم أن هذا النجم لم يكتشف بعد؛ فإنه تمت تسميته نيميسيس Nemesis، وبدأ التفتيش عنه.

هناك تفسيرات أخرى قُدِّمَت للانقراض الجماعي للكائنات الحية، منها انخفاض مستوى البحر والتبرد المناخي وتغير التيارات البحرية في المحيطات. وقد جرت الإشارة على نحو خاص إلى الانقراض الذي حدث في أواخر العصر الأوردوفيشي الذي تطابق مع التبرد العام وانخفاض مستوى البحار اللذين حدثا في تلك الفترة، ونجم عن ذلك تزايد جليد قبة الأرض.

لكن يرى بعض العلماء أن نشاطاً أرضياً- مثل ثورة بركانية- يمكن أن يكون قد سبب الانقراض الكريتاسي، وأدى إلى انخفاض مستوى سطح البحر وتغيير المناخ حينها. إنهم يرون أن الانقراض في أواخر الكريتاسي حدث خلال عدة ملايين من السنين، ولم يكن كارثياً.

لكن يبقى للإنسان الحديث دور مهم في انقراض الكائنات الحية من خلال تخريبه الكَنَف الحيواني؛ بقَطْعِهِ الغابات وحرقها وتحويلها إلى أراضٍ زراعية أو سهوب رعوية وبتجفيف المستنقعات لاستصلاحها؛ الأمر الذي يحرم الحيوانات من مسكنها الطبيعي.

هناك عامل آخر يسهم الإنسان به في تدهور أعداد الحيوانات وانقراضها، هو الثورة الصناعية الحديثة وما نجم عنها من ملوِّثات، وأشدها ضرراً المبيدات الكيميائية السامة التي استُخدِمَت للتخلص من الآفات الزراعية، والتي تنتقل إلى الحيوانات عن طريق السلسلة الغذائية. فلقد أدت هذه المبيدات إلى انخفاض أعداد الكائنات الحية انخفاضاً ملحوظاً، ولا سيما الطيور والأسماك وبعض الحشرات النافعة.

ويُعدّ الصيد من أهم الأسباب التي أدت إلى انقراض الكثير من الحيوانات. فقد اعتمد الإنسان على الصيد منذ زمن طويل لتوفير حاجاته الغذائية والبروتينية خاصة. كما اعتُمِدَ عليه- من ناحية أخرى- للتخلص من أخطار الحيوانات. وتحول إلى عامل انقراض واضح بعد أن تسلح الإنسان بأدوات التخريب الفعالة كالبارود وغيره؛ وبعد أن تزايد عدد الصيادين زيادة كبيرة. وهكذا تحول الصيد إلى «هواية» تستمتع بتعقب الحيوان وقتله.

وهكذا اختلفت الآراء حول أسباب انطفاء الأنواع، وإن كانت تُجْمِع تقريباً على الكوارث الطبيعية التي طرأت على الكرة الأرضية.

أهم الأنواع الحيوانية المنقرضة:

مهما كانت أسباب الانقراض؛ فقد أجمع دارسو العصر الحديث على أن الإنسان العاقل Homo sapiens- الذي انطلق على هذه الأرض منذ بضع مئات الآلاف من السنين- هو المسؤول الأول عن الإخلال بالتوازن البيئي وعن انقراض عدد من الحيوانات. وهكذا قضى صيادو العصر الحجري في المغرب- منذ نحو 12000 سنة- على 60% من الثدييات الكثيرة التي عاشت في تلك الرقعة. وكذلك قضى الهنود الحمر في أمريكا الشمالية على قطعان كبيرة من الماموث والبيزون القديم Bison antiquus عن طريق تخويفها بالنار وقيادتها إلى حفر أو خنادق حُفرت لهذا الغرض.

وفي سورية؛ تشير الدراسات إلى انقراض عدد من الأنواع الحيوانية البرية. إذ يُعْتقد أن الفيل السوري Elephas syriaca اختفى قبل الميلاد. أما الدب السوري البني Ursus syriaca؛ فقد بقي موجوداً في سورية ولبنان حتى عام 1954، وكذلك اليحمور وأيّل الرافدين Dama mesopotamica. في حين أن الغزال العربي Gazella arabica هو اليوم في طور الانقراض؛ إذ لم تبق منه إلا أعداد محدودة. وهو يتعرض للإبادة بأحدث وسائل الصيد، إضافة إلى إبادة حمار الوحش السوري (الشكل 3).

الشكل (4) الأُرخُص.

أما ما يتعلق بالطيور في سورية؛ فمع عدم وجود إحصائيات عن الأنواع التي انقرضت فيها أو المهددة بالانقراض؛ يلاحظ انخفاض أنواعها وأعدادها انخفاضاً واضحاً.

كما يُعدّ نمر الثلج الذي يعيش في المنحدرات السفلى لجبال الألب من ضحايا الصيادين؛ وكذلك نمر صنعاء في شبه الجزيرة العربية ونمر الجنوب العربي من المملكة العربية السعودية.

ومن أهم الثدييات التي انقرضت في آسيا البقرة البحرية sea cow من رتبة الخَيْلانِيات Sirenia من الثدييات التي كانت تعيش في الجزء الشمالي من المحيط الهادئ في قطعان كبيرة في المياه القليلة العمق، وتتغذى بالطحالب البحرية. وقد انقرضت عام 1768 بسبب بطء حركتها وطيب مذاق لحمها.

وفي فرنسا انقرض الأرخص aurochs (الشكل 4)- وهو ثور بري ضخم يشبه البيزون- منذ أواخر القرن السادس بعد أن قاوم طويلاً في غابات الفوج، وكان سبب اختفائه الصيد المفرط من قبل الغاليين. وقد طاردته الشعوب الأوربية الأخرى، ويتفق المختصون على أن آخر أُرخُص تم قتله عام 1927 في بولندا. وانقرض الذئب من فرنسا عام 1930.

الشكل (3) صور لبعض الحيوانات المنقرضة.

ولكن لا شك في أن أهم ما لفت نظر العلماء هو قطعاً انقراض الديناصورات في العصر الكريتاسي؛ بعد أن عاشت نحو 100 مليون سنة في العصر الجوراسي الذي يُعدّ عصر سيادتها.

 

- التصنيف : التطور - النوع : التطور - المجلد : المجلد الرابع مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1