اثر دوبلر
Doppler effect - Effet Doppler

علي محمد طه 

 تطبيقات أثر دوبلر

 

أثر دوبلر Doppler effect هو تغير تردد الموجة المستقبلة نتيجة حركة المنبع بالنسبة إلى المستقبل. يمكن تحسس هذه الظاهرة بالإصغاء إلى صوت صفارة سيارة الإطفاء، إذ يُلاحظ أن صوت الصفارة، عندما تكون السيارة مقتربةً يختلف عنه عندما تكون مبتعدةً (الشكل1)؛ يسمى هذا التغير إزاحة دوبلر. اكتشف العالم الفيزيائي النمساوي كريستيان يوهان دوبلر Christian Johann Doppler هذه الظاهرة أول مرة عام 1842، فسُميت باسمه. وتبيّن وجود هذا الأثر في جميع الأمواج الأخرى، ومنها موجات الطيف الكهرطيسي الواسعة الاستخدام.

الشكل (1 ) ء

تتعلق سرعة انتشار الموجة  wave velocity بنوع الموجة وطبيعة الوسط الذي تنتشر فيه ، ويشار إليها بالرمز العام . ويُميز هنا بين الأمواج الصوتية أو الميكانيكية التي تحتاج إلى وسط كي تنتشر، فتُقاس سرعتها بالنسبة إلى هذا الوسط، مثل الهواء، والأمواج الكهرطيسية أو الضوئية التي لا تحتاج إلى وسط بالضرورة كي تنتشر، لذلك تقاس سرعتها بالنسبة إلى جملة المراقب المرجعية والجملة المرجعية للمصدر.

يُشرح هذا الأثر- كما في المثال - للأمواج الصوتية أولاً، ثم يُوصف في حالة الأمواج الكهرطيسية بحيث تُلاحظ - مع اختلاف سبب الأثر وضمن تقريبات أولى- علاقات متشابهة في الحالتين، وذلك عند دراسة الحركة القطرية؛ أما في حالة الحركة العرضية فلا تتفقان. والسرعة القطريةradial velocity  هي السرعة وفق الخط الواصل بين المراقب ومصدر الموجة، إذ قد تكون السرعة الفعلية للمصدر ليست باتجاه المراقب، كما يبين الشكل (2)، أي ليست بالضرورة اقتراباً منه أو ابتعاداً عنه؛ عندئذٍ تُستعمل العلاقة الشعاعية بينهما لحساب سرعة الاقتراب أو الابتعاد، بمعرفة الزاوية q بينهما. تبلغ سرعة انتشار الأمواج الكهرطيسية قرابة 300000 كم/ثا في الفضاء الحر ويشار إليها بالرمز ( c )، في حين تبلغ سرعة انتشار الصوت 340 م/ثا في الهواء.

الشكل (2) ء

تتصف الموجة أيضاً بترددها (¦)، وهو عدد مرات تكرار الموجة في الثانية الواحدة، (ويُقدَّر بالهرتزHz)، ودورها(T) الذي هو مقلوب ترددها

 ( ¦/T = 1 )، ويُقدَّر بالثانية s. وتوصف أيضاً بطول الموجة (l) الذي يعطى بالعلاقة  ، ويُقدَّر بالمترm

لهذه الموجة (أو الإشارة) من اليسار إلى اليمين بسرعة قدرها  ، ويشار إلى الحافة اللاحقة trailing edge .

الشكل (3) ء

فإن الحافة

ستصل إلى المستقبل عند نقطة ما . إن المسافة الزمن المستغرق للوصول إلى ، ويقطع المسافة إلى النقطة  بالزمن نفسه بمساواة علاقتي أي إن الدور قد تغير من ومن ثمَّ، يصبح تردد الموجة المستقبلة:

(2 )

 

 

عادةً يمكن التعبير عن هذه الحالة بالعلاقة التالية: ، والتردد المرسل ويمكن الحصول على علاقة مشابهة عندما يتحرك المستقبل مبتعداً عن المصدر، وذلك بتغيير إشارة السرعة فقط (الشكل 4)،

الشكل (4 ) ء

أو:

 

(5)

 

 

 

 

لتكون العلاقة العامة التالية:  

 

 

 

(6)

ويمثّل البسط في هذه العلاقة السرعة النسبية بين المرسل والمستقبل.

أما في حالة الأمواج الكهرطيسية التي يمكن أن تنتشر من دون وسط تُنسب له السرعة فلا يتعلق تعيين السرعة في الخلاء بالجملة المرجعية المستعملة، إذ تكون سرعة الضوء هي نفسها في جميع الجمل التي يتحرك بعضها بالنسبة إلى بعض بسرعة ثابتة وفق إحدى فرضيات النسبية الخاصة، تختلف فقط المدد الزمنية المقيسة في كل منها من جملة إلى أخرى.

يمكن اعتماداً على ذلك - وبملاحظة أن البسط في العلاقة (6) يمثل السرعة النسبية بين المستقبل والمصدر- كتابة علاقة مشابهة بتقريب جيد على البسط :

 

(7)

 

حيث  ، وc سرعة الضوء في الخلاء.

 

 تطبيقات أثر دوبلر:

تختلف مُحسَّات دوبلر وفقاً لطبيعة الموجة المستخدمة ومواصفاتها ووسط انتشارها والتطبيق المراد لها. على أي حال تجدر الإشارة  إلى أنه في حالة عدم إصدار الجسم لإشارة معروفة قابلة للاستعمال، يجب توليد هذه الإشارة، كما هو الحال في الأنظمة الرادارية. يمكن التفريق بين ثلاثة أنواع من محسَّات دوبلر:

x

1- الرادار: هناك العديد من التطبيقات المهمة في مجال الرادار، منها مثال مألوف للجميع هو رادار مراقبة المرور (الشكل 5). حيث يقترب الهدف (في هذه الحالة السيارة، إلا أنه يمكن أن يكون أيّ هدف أرضي أو جوي أو بحري) بسرعة قطرية قدرها  باتجاه الرادار، يقوم المرسل الراداري بإضاءة الهدف بحزمة إشعاع كهرطيسية، في هذه الحالة تسلك الموجة مسار ذهاب إلى الهدف وآخر في حالة الإياب. في مسار الذهاب يتصرف الهدف كمستقبل، وتعاني الموجة المرسلة إزاحة دوبلر عند وصولها إليه. في مسار الإياب يتصرف الهدف (السيارة) كمرسل، إذ يرسل الإشارة المنعكسة عنه

(ترددها ) إلى المستقبل الراداري، حيث تعاني هذه الإشارة إزاحة دوبلر مرة أخرى عند وصولها إلى المستقبل ، أي يصبح التردد المستقبل للهدف المقبل، وإذا كان الهدف مدبراً يكون . لذلك يمكن حساب إزاحة دوبلر للرادار من العلاقة

ففي حالة سيارة تسير بسرعة 180 كم/سا (أي 50 م/ثا)، يراقبها رادار قياس سرعة يعمل على التردد 3GHz، ويكون تردد دوبلر المقيس هو:

                               

 

الشكل (5 ) ء

 

 2- في علم الفلك ومراقبة النجوم: يجب تصحيح ما يصل من ضوء من مصدر متحرك بسرعة كافية إلى عين المشاهد، وفق إزاحة في تردده تتجلى عبر تغير لونه المشاهد. على سبيل المثال، إذا كان المصدر يتحرك باتجاه المراقب يزداد عدد الأمواج الواصلة إليه في كل ثانية، ويزاح تردد الضوء المستقبل نحو التردد الأعلى (أي نحو اللون البنفسجي من الطيف المرئي). أما إذا تحرك المصدر مبتعداً عنه فإن عدد الأمواج تصل إليه أقل في الثانية، ويُزاح تردد الضوء المستقبل نحو التردد الأدنى من الطيف الترددي (أي باتجاه اللون الأحمر). أبرز من أفاد من هذه الظاهرة هو العالم الأمريكي هابل Hubble الذي رصد السماء واكتشف أن معظم المجرات البعيدة عن مجرتنا (درب التبانة)  تبتعد بسرعات كبيرة في جميع الاتجاهات، لأن أطياف تلك المجرات مزاحة بدرجات متفاوتة نحو اللون الأحمر (أي إن الكون يتسع باستمرار).  وتغيرت نظرة العلماء من صورة الكون الثابت الذي لا يتغير إلى كون يتوسع، وعلى هذا الأساس بُنيت نظرية الانفجار العظيم  Big Bang الشهيرة. وهنا يمكن التفريق بين السرعة العرضية والسرعة الطولية، ففي حين لا تؤثر السرعة العرضية في تردد الأمواج الصوتية، فإنها تسبب إزاحة في تردد الأمواج الكهرطيسية. يعطى تغيرها بالعلاقة:

 (8)  

ويلاحظ ظهور   في هذه العلاقة - في حالة السرعة العرضية - مكان  β في حالة السرعة الطولية، لذا فإن الإزاحة أصغر بكثير من الحالة الطولية لأن β أقل من الواحد.

3- في الطب: تعد أجهزة الصدى الدوبلري (التي تستخدم موجات فوق صوتية) من أهم الأجهزة المتوفرة لتقييم جريان الدم وأمراض جدران الأوعية الدموية، بالاعتماد على أثر دوبلر. وتستطيع هذه الأجهزة كشف أيّ انسداد أو تضيق محتمل في أيّ من الأوردة والشرايين، حيث يبدو تدفق الدم عندها غير طبيعي. ومنها مثلاً جهاز إيكو القلب الدوبلري الشائع الاستخدام، حيث يُظهر بنية القلب كشريحة (صورة) ثنائية البعد. يجري الحصول على الشرائح بتشغيل الجهاز الذي يقوم بإرسال الأمواج إلى داخل الجسم واستقبال المنعكس منها بوساطة محسّ الأمواج فوق الصوتية الذي يوضع على صدر المريض. تعتمد هذه التقنية على حقيقة أن الأمواج المنعكسة عن الأشياء المتحركة كخلايا الدم داخل القلب تخضع لتغير في التردد، يعتمد على سرعة حركة الدم واتجاهه في أجواف القلب والأوعية الدموية. يلتقط محسّ موجات دوبلر فوق الصوتية تلك التغيرات وتجري معالجتها وإظهارها على شكل صورة للدم وهو يتحرك. وتتيح هذه الصور مشاهدة تقلص بطينات القلب في الزمن الحقيقي على شاشة إظهار الجهاز، وهي أسهل تقنية متوفرة لتقييم البطينات والصمامات، وإظهار أيّ شذوذ في بنيتها ووظيفتها. كما تُمكِّن من تحرّي أيّ كتل غير طبيعية داخل القلب، مثل الأورام أو الخثرات الدموية، كما يمكن استخدامها في تشخيص الشذوذ البنيوي في أمراض القلب الخلقية.

يتضح من الحالات المدروسة توافق النتائج المحصول عليها والعلاقات الرياضية لحساب أثر دوبلر. ولابد من التفريق بين حالة المحسّ الوحيد الاتجاه (المبينة في الحالات الأربع المدروسة)، والمحسّ الثنائي الاتجاه (كما في حالة الرادار)، إضافة إلى التفريق بين حالتي الاقتراب/أو الابتعاد بين المرسل والمستقبل

مراجع للاستزادة

- S. Bhargava, Color Doppler Imaging, JAYPEE, 2010.

- V. Chen , the micro – Doppler in Radar, Artech  House, 2011.

- J. Kinsella, M.Perloff, Doppler effect,Salt Pub, 2004.


- التصنيف : هندسة الاتصالات - النوع : هندسة الاتصالات - المجلد : المجلد الأول - رقم الصفحة ضمن المجلد : 220 مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق 1